كنز القناعة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4588 - عددالزوار : 1296094 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4134 - عددالزوار : 824640 )           »          هل نفقة الأبناء تصبح دينًا على الأب تؤخذ من تركته؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 68 )           »          {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ}ا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 253 - عددالزوار : 42732 )           »          انفعالات المراهق- عندما ننظر للمراهق على أنه إنسان.. عندها فقط نعرف ما يريد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 1025 )           »          الرجولة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 680 )           »          السبيل إلى معرفة التوحيد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 108 )           »          حكم حجز الأماكن في المسجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 97 )           »          التأخر في أداء واجب العزاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 93 )           »          النبي القدوة معلما ومربيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 114 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-10-2020, 04:34 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,045
الدولة : Egypt
افتراضي كنز القناعة

كنز القناعة


د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم




الحمد لله ذي المنن الضافية، والآلاء الوافية، عمَّ خيرُهُ كل ناحية، وحاط علمه كل خافية. أحمده على البلاء كما أحمده على العافية. وأشهد ألا إله إلا الله ذو الأسماء الحسنى والأوصاف العالية، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه ذوي المكارم السامية.

أما بعد، فاتقوا الله - عباد الله - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ.... ﴾ [البقرة: 278].



أيها المؤمنون!

تفاوت الأرزاق واختلاف المعايش فتنة تُبلى بها المخابرُ ويُمحَّص بها الإيمان؛ نجَمَ عن ترك امتثال الهدى فيها آفاتٌ تودي لمهالك الهم والحزن والحسد والبغي واستباحة الحُرَم والدماء وسوء الظن بالله. هذا وإن من أنجح سبل النجاة التي أبانها الشرع المطهر من تلك المهالك لزومَ القناعة والرضا بما قسم الله - سبحانه -، مما لا يعارض بذلَ الأسباب المشروعة التي يرام من خلالها إصلاح الحال وتحسينه.



إن القناعة رضاً يحل في القلب، وسكينة يزيد بها الإيمان، ورحمة توسِّع فضاء القلب، وبصيرة تجلو النظر عن سراب المظاهر، وشجرة تخرج يانع الثمر. فالقناعة من سبل الفلاح المؤكَّد الذي به حيازة الخير والسلامة من الشر في الدنيا والآخرة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «قد أفلح من أسلم، ورُزِقَ كفافا، وقنّعه الله بما آتاه» رواه مسلم. وعيش القنوع هانئ طيب، وحاله حال سعيد، يقول الله - تعالى -: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ [النحل: 97]، وفسر علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - الحياة الطيبة بالقناعة. قال حكيم: " وجدت أطول الناس هماً الحسود، وأهنأهم عيشاً القنوع ". قال شعبة بن الحجاج: " إذا كان عندي دقيق وقصب، ما أبالي ما فاتني من الدنيا ".



إن القناعة من يحلل بساحتها ♦♦♦ لم يلق في ظلها هماً يؤرقهُ



أيها المسلمون!

والقناعة مرآة صقيلة تُري صاحبها عظيم منن الله عليه؛ فتلفاه لهجاً بشكرها، والثناء على مسديها بها؛ إذ تبصّر الموجود عزاء عن تحسر المفقود. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " كن قنعاً؛ تكن أشكر الناس " رواه ابن ماجه وحسنه البوصيري. جاء رجل إلى يونس بن عبيد فشكا إليه ضيقا من حاله ومعاشه واغتماما بذلك، فقال: أيسرك ببصرك مائة ألف؟ قال: لا، قال: فبسمعك؟ قال: لا، قال: فبلسانك؟ قال: لا، قال: فبعقلك؟ قال: لا - في خلال، وذكّره نعم الله عليه - ثم قال يونس: أرى لك مئين ألوفا, وأنت تشكو الحاجة ?! وقلب القنوع سليم من داء الحسد؛ إذ رضاه بحاله حاجز عن تطلعه إلى ما عند غيره؛ فضلاً أن يحسده! كان سويد بن غفلة إذا قيل له: أعطي فلان، وولي فلان، قال: حسبي كسرتي وملحي! قال النضر: أقام الخليل بن أحمد في خص ( بيت من قصب ) له بالبصرة، لا يقدر على فلسين، وتلامذته يكسبون بعلمه الأموال، وكان كثيرا ما ينشد:

وإذا افتقرت إلى الذخائر لم تجد ♦♦♦ ذخراً يكون كصالح الأعمالِ



وشجرة القناعة الوارفة تثمر جنى العز والحرية؛ فالقنوع حرُّ من حرص يذله، وجزعٍ يستعبده. قال إبراهيم بن شيبان: " الشرف في التواضع، والعز في التقوى، والحرية في القناعة ". سئل بشر بن الحارث عن القناعة، فقال: لو لم يكن في القناعة شيء إلا التمتع بعز الغناء لكان ذلك يجزئ، ثم أنشأ يقول:

أفادتني القناعة أيَّ عزٍّ ♦♦♦ ولا عزٌّ أعَزُّ مِن القناعهْ



كتب الخليفة سليمان بن عبدالملك إلى الإمام أبي حازم: ارفع إلي حاجتك، قال: " هيهات! رفعت حاجتي إلى من لا يختزن الحوائج، فما أعطاني منها قنعت، وما أمسك عني منها رضيت ". وقال عيسى بن يونس: " لم نر مثل الأعمش؛ ما رُئي الأغنياء عند أحد أحقر منهم عنده مع فقره وحاجته! ". والقناعة هي الغنى الحقيقي؛ إذ هي غنى النفس الذي جعل النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة الغنى فيه إذ يقول: «ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس» رواه البخاري ومسلم. قيل لأبي حازم: ما مالك؟ قال: مالان: القناعة بما في يدي، واليأس مما في أيدي الناس.

طلبت غنى يدوم بلا افتقارٍ ♦♦♦ فما ألفيت إلا في القناعهْ



والقناعة من أسباب بركة الرزق وتناميه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن هذا المال خضر حلو، فمن أخذه بسخاوة نفس، بورك له فيه ومن أخذه بإشراف نفس، لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع ". قال سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - لابنه: "يا بني! إذا طلبت الغنى فاطلبه بالقناعة؛ فإنه من لم يكن له قناعة لم يغنه مال ". والقناعة سبب جالب لمحبة الناس لصاحبها؛ لسموّه عما في أيديهم، سيما إن كان باذلاً نفعه لهم. قدم البصرة أعرابيٌ فقال لخالد بن صفوان: أخبرني عن سيد هذا المصر، قال: هو الحسن بن أبي الحسن ( البصري ): قال: عربي أم مولى؟ قال: مولى، قال: وبم سادهم؟ قال: احتاجوا إليه في دينهم، واستغنى عن دنياهم، فقال الأعرابي: كفى بهذا سؤدداً!



الخطبة الثانية

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

وبعد، فاعلموا أن أحسن الحديث كتاب الله...

أيها المؤمنون!

إنّ تشرُّبَ النفس بأهمية اكتساب خلق القناعة حامل لها على المجاهدة في سبيل تحصيلها والأخذ بأسباب كسبها. وأهم تلك الأسباب اليقين الجازم الذي لا يعتريه ريب بحكمة الله - تعالى - البالغة ورحمته السابغة؛ فيدرك أن المنع والعطاء والضراء والسراء والصحة واللأواء كلها أقدار ربانية جرت وفق حكمة ربانية في فلك رحمته الواسعة، وأن الذي قدّر الضر بحكمته قادر على رفعه برحمته. ونظرة القناعة إلى من هو دونه في النعمة حامل على قناعة القلب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «انظروا إلى من أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم؛ فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم » رواه مسلم. والإياس عما في أيدي الناس من سبل تحصيل القناعة، قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: " إن الطمع فقر، وإن اليأس غنى؛ إنه من ييأس عما في أيدي الناس يستغنِ عنهم ". يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: " العبد إنما يمنعه من الرضا والقناعة طلب نفسه لفضول شهواتها، فاذا لم يحصل سخط، فإذا سلا عن شهوات نفسه رضي بما قسم الله له من الرزق ".


والنفس راغبةٌ إذا رغَّبتها ♦♦♦ وإذا تُردُّ إلى قليلٍ تَقْنَعُ



والعيش مع سير أهل القناعة حادٍ للحاق بركابهم. فقائدهم صلى الله عليه وسلم كان يمضي على بيته الشهران وليس لهم طعام إلا الماء والتمر، وكان ينام على الليف، ويفترش الحصير، ويسكّن جوعه بالحجر المربوط على بطنه، وكان من دعائه المأثور: " «رب قنّعني بما رزقتني، وبارك لي فيه، واخلف على كل غائبة لي بخير» رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 53.47 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 51.80 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.13%)]