مملكة للبيع - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         سلسلة ‘أمراض على طريق الدعوة‘ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12 - عددالزوار : 4651 )           »          الإمام الدارقطني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الإمام الترمذي (صاحب السنن) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          الإمام النووي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الدين الكامل حاجة الإنسان في كل زمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          تصحيح شيخ الإسلام لبعض أخطاء الفقهاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          تحقيق التوحيد في باب التوكل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          الكفاية في تلخيص أحكام صلاة المسافرين والجمع بين الصلاتين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          الخير مختبئ خلف كل ما لا نفهمه الآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          ما الفقر أخشى عليكم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي
التسجيل التعليمـــات التقويم

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27-09-2020, 02:37 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,024
الدولة : Egypt
افتراضي مملكة للبيع

مملكة للبيع


د. بن يحيى الطاهر ناعوس





كنت ذات يوم أمشي وأنا أتأمَّل في ملكوت الله تعالى، أُمتِّع النظرَ في هذا الكون الفسيح الجميل، ثم جلست أمام البحر أنظر في أمواجه الذاهبة الآتية، والآتياتُ أكثر من الذاهبات، وتيقَّنت بأن نِعم الله علينا كثيرة ومتعددة، وما هي إلا جند من جنود الله التي تَمتثِل أمْرَه - سبحانه.



وقلتُ في نفسي: لو أن الله أمر جندًا من جنوده ﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ﴾ [المدثر: 31]، أن يتوقَّف عن العمل ماذا سيحدث في هذا العالم؟ وماذا سيحدث لهذا الإنسان؟ أسئلة كثيرة تَبادرت إلى ذهني، وجعلتْني أفكِّر في الأمر بجدية وتمعُّن.



فلو أمر الله الماء - الذي هو من أكبر النِّعم التي أنعم الله بها على الإنسان؛ بل وجميع المخلوقات - أن يغور، فجفت البحار والمحيطات والسدود، وغيض الماء، وجفَّت الينابيع والأنهار، وبدأت المخلوقات تُحِس بالعطش الشديد!



وقلت في نفسي: ماذا سيَحُل بذلك الإنسان الذي كان يتفاخر بقوَّتِه ويظلم الناس؟ هل سيُواصِل فيما هو فيه أم أنَّه سيُصبِح كالحَمَل الوديع؟ بل ستتحطَّم تلك الغطرسة، وقد يصير ذليلاً من أجل أن يَحصُل على قطرة ماء.



وماذا سيَحل بالمليحة الحسناء التي كانت تتباهى بجمالها على الشاشات والمعارض، وتُسوِّل لها نفسها أشياء وأشياء؟ هل ستبقى في جمالها أو أن الحسن يَندثِر ويمَّحي ولا يبقى له أثر؟!



وماذا سيحدث للطيار الذي يسوق طائرتَه ذات التقنيات العالية إذا أصابه العطش الشديد؟ طبعًا سيُنزل طائرتَه، ويبحث عن الماء ولا يتذكر شيئًا، وقل نفس الشيء عن الربان وعن قائد السيارة الفاخرة التي يتباهى بها أمام الناس، ليته صنَعها فتكون مُباهاته في محلها! ولن يلومه أحد، كلهم سيتركون ما يَملِكون كما كانوا يعتقدون، ويبحثون عن الماء هذا الذي جعل الله منه كل شيء حي.



وإذا دخلنا قصرَ مَلِك من الملوك أو غني من الأغنياء، الذي كان يمشي مشية المتعجرِف ظنًّا منه أن المُلْك ملكه، والمال ماله، والرزق رزقه، يَظلِم خادمه، ماذا سيحدث له إذا استيقظ ذات يوم فلم يجد الماء في جميع قصره ولا في بلدته ولا في محيطه؟ فينادي على خادمه: الماء الماء، فيقول له الخادم: يا سيدي، إني أشكو مما تشكو منه، ثم يَنصرِف ويتركه، فيترجَّاه المَلِك قائلاً: سأعطيك كلَّ ما أملك، فقط أجلِب لي جرعة ماء؛ بل سأبيع لك مملكتي مقابل تلك الجرعة من الماء، فيقول له الخادم بلسان المتهكِّم: وماذا يساوي مُلْكك ورزقك؟ أرأيت إلى مملكة للبيع؟ مملكة لا تساوي حتى جَرعة ماء؟



وانظر إلى أولئك الذين يتصارعون من أجل المنصب والكرسي، ويَكيد بعضهم إلى بعض ويتربَّصون ببعضهم الدوائر، ماذا سيحدث لهم لو حَلَّ بهم العطش الشديد، وبحثوا عن الماء وليس عن المناصب الزائلة؟ طبعًا سيتناسون كل تلكم المناصب، ويتنازلون عنها من أجل جرعة ماء، كل هذا سيحدث وغيره أكبر وأشنع وأفظع، إذا أمر الله الماء أن يغور، ومن هنا.




فإننا نلاحِظ من خلال ما سبق أن:

القوة من عند الله؛ فلو كانت القوة بأيدينا لاستطعنا أن نجلب الماء.


الجمال ليس بأيدينا، بل هو هبة من الله، فهو "زينة خصَّ الله بها بعض الصور عن بعض، وهي من زيادة الخَلْق التي قال الله تعالى فيها: ﴿ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ﴾ [فاطر: 1]، قالوا: هو الصوت الحسن، والصورة الحسنة"[1].



الصحة والعافية وغيرهما من الله وحده.



فهذه النِّعم التي تُحيط بنا وتَغمُرنا ﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الذاريات: 21]، هذه النعم لا تستأهِل إلا شكر المنعِم الجليل الذي أصبغها علينا.


فهذا الماء الذي نُسرِف في صبِّه أثناء الاغتسال، وفي كل مكان، تُصبِح عند غوره جرعةٌ واحدة منه تساوي الدنيا وما فيها، فالماء هبة عظيمة من الله.


يقول الماء عن نفسه:




وأَهْلَك اللهُ قومَ نوحٍ لما

طغوا بي لهم شقاء



وليس لي صورةٌ ولون

لوني كما لون الإناء



وقال عني الإلهُ رجسُ الشي

طان بي ذاهبٌ هَباء



والخَلْق يرجونني إذا ما

مسكت عنهم لهم دعاء



والأرض تهتزُّ بي وتربو


فيخرج النبت والدواءُ





هذا الماء هو الحياة بكل معانيها ومدلولاتها، فما علينا إلا أن نشكر ربنا، الذي أمدَّنا به من غير حول لنا ولا قوة.


﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ ﴾ [الملك: 30].






[1] روضة المحبين؛ ابن قيم الجوزية.










__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 52.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.71 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.19%)]