الإشاعات سبب الأزمات - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4952 - عددالزوار : 2055665 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4527 - عددالزوار : 1323475 )           »          احمى أسرتك وميزانيتك.. دليلك الشامل لشراء أفضل اللحوم الطازجة والمجمدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          4 خطوات تقلل من شيب الشعر وتجعله صحيا وحيويا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          4 وصفات سموزي مناسبة للرجيم.. نكهات لذيذة لحر الصيف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          طريقة عمل الفراخ في المقلاة الهوائية بطعم حكاية.. السر في العسل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          وصفات طبيعية لتفتيح الأندر أرم.. تقشير آمن وترطيب للبشرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          4 أفكار مختلفة لتصميمات مطبخ عصري.. موضة 2025 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          خلصي بيتك من السموم في 5 خطوات.. أهمها تغيير أدوات الطهي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          7 خضراوات تحتوي على فيتامين سي أكثر من البرتقال.. هتنور وشك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 12-08-2020, 03:19 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,481
الدولة : Egypt
افتراضي الإشاعات سبب الأزمات

الإشاعات سبب الأزمات


د. علاء شعبان الزعفراني



في وقت الفتن تنشط الدعاية وتكثر الإِثارة وهنا يأتي دور الإشاعة. ومن المعلوم أن التثبت مطلب شرعي قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِ [الحجرات: 6].


حذر الشارع أشد التحذير من نقل الشخص لكل ما يسمعه، فعَنْ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ سبحانه وتعالى: "كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ"[1].


قَالَ النَّوَوِيّ: "فَإِنَّهُ يَسْمَع فِي الْعَادَة الصِّدْق وَالْكَذِب فَإِذَا حَدَّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ فَقَدْ كَذَبَ لإِخْبَارِهِ بِمَا لَمْ يَكُنْ، وَالْكَذِب الإِخْبَار عَنْ الشَّيْء بِخِلَافِ مَا هُوَ وَلا يُشْتَرَط فِيهِ التَّعَمُّد"[2].


وعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ سبحانه وتعالى قَالَ: « إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ وَوَأْدَ الْبَنَاتِ وَمَنَعَ وَهَاتِ[3] وَكَرِهَ لَكُمْ ثَلاَثًا قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ»[4].


ومعناه - أي: قيل وقال-: أَنَّ ذَلِكَ فِي حِكَايَة الاخْتِلاف فِي أُمُور الدِّين كَقَوْلِهِ: قَالَ فُلان كَذَا وَقَالَ فُلان كَذَا، وَمَحَلّ كَرَاهَة ذَلِكَ أَنْ يُكْثِر مِنْ ذَلِكَ بِحَيْثُ لا يُؤْمَن مَعَ الإِكْثَار مِنْ الزَّلَل، وَهُوَ مَخْصُوص بِمَنْ يَنْقُل ذَلِكَ مِنْ غَيْر تَثَبُّت، وَلَكِنْ يُقَلِّد مَنْ سَمِعَهُ وَلا يَحْتَاط لَهُ، ويؤيد هذا المعنى قوله سبحانه وتعالى: "كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ"[5].


وعَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِاللهِ لِأَبِي مَسْعُودٍ، أَوْ قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ لِأَبِي عَبْدِاللهِ -يَعْنِي حُذَيْفَةَ- مَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ سبحانه وتعالى يَقُولُ فِيَّ زَعَمُوا؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ"[6].


قال العظيم آبادي: "(بِئْسَ مَطِيَّة الرَّجُل): الْمَطِيَّة بِمَعْنَى الْمَرْكُوب (زَعَمُوا): الزَّعْم قَرِيب مِنْ الظَّنّ أَيْ أَسْوَأ عَادَة لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَّخِذ لَفْظ زَعَمُوا مَرْكَبًا إِلَى مَقَاصِده فَيُخْبِر عَنْ أَمْر تَقْلِيدًا مِنْ غَيْر تَثَبُّت فَيُخْطِئ وَيُجَرَّب عَلَيْهِ الْكَذِب قَالَهُ الْمَنَاوِيُّ.

أولاً: خطر الإِشاعة:
المثال الأول: الهجرة إلى الحبشة:
لما هاجر الصحابة من مكة إلى الحبشة وكانوا في أمان، أُشيع أن كفار قريش في مكة أسلموا فخرج بعض الصحابة من الحبشة وتكبدوا عناء الطريق حتى وصلوا إلى مكة ووجدوا الخبر غير صحيح، وعرفوا أن نار العداوة مازالت مشتعلة. فرجع منهم من رجع إلى الحبشة، ومن دخل منهم مكة دخلها مستخفيًا أو في جوار رجل من قريش[7]. وكل ذلك بسبب الإشاعة.

المثال الثاني: غزوة أحد:
في غزوة أحد غاب الرسول سبحانه وتعالى عن أعين الصحابة، وشاع أنه قتل[8]، وفر جمع من المسلمين الميدان. وجلس بعضهم دون قتال، وتصدى آخرون للمشركين وحضروا المؤمنين على القتال حتى نالوا الشهادة[9]. فتأمل ما تحدثه الإشاعات في الصف.

المثال الثالث: حادثة الإفك:
إشاعة حادثة الإِفك التي اتهمت فيها عائشة البريئة الطاهرة بالفاحشة وما حصل لرسول الله سبحانه وتعالى والمسلمين معه من البلاء، فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ سبحانه وتعالى فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِاللهِ بْنِ أُبَيٍّ فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَ أَذَاهُ فِي أَهْلِي؟ وَاللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ مِنْهُ إلَّا خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إلَّا مَعِي".


قَالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ أَخُو بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْذِرُكَ، فَإِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ، قَالَتْ: فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الخَزْرَجِ، ... وَهُوَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَهُوَ سَيِّدُ الخَزْرَجِ، قَالَتْ: وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا، وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ، فَقَالَ لِسَعْدٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لاَ تَقْتُلُهُ، وَلاَ تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ رَهْطِكَ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ يُقْتَلَ. فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدٍ، فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ، قَالَتْ: فَثَارَ الحَيَّانِ الأَوْسُ، وَالخَزْرَجُ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا، وَرَسُولُ اللَّهِ سبحانه وتعالى قَائِمٌ عَلَى المِنْبَرِ، قَالَتْ: فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ سبحانه وتعالى يُخَفِّضُهُمْ، حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ، قَالَتْ: فَبَكَيْتُ يَوْمِي ذَلِكَ كُلَّهُ لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ.


قَالَتْ: وَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا، لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، حَتَّى إِنِّي لَأَظُنُّ أَنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، فَبَيْنَا أَبَوَايَ جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي، فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، قَالَتْ: فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ سبحانه وتعالى عَلَيْنَا فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، قَالَتْ: وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ قَبْلَهَا، وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لاَ يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي بِشَيْءٍ، قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ سبحانه وتعالى حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، يَا عَائِشَةُ، إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً، فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ العَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ ثُمَّ تَابَ، تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ»، قَالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ سبحانه وتعالى مَقَالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً، فَقُلْتُ لِأَبِي: أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ سبحانه وتعالى عَنِّي فِيمَا قَالَ: فَقَالَ أَبِي: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ سبحانه وتعالى، فَقُلْتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي رَسُولَ اللَّهِ سبحانه وتعالى فِيمَا قَالَ: قَالَتْ أُمِّي: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ سبحانه وتعالى، فَقُلْتُ: وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ: لاَ أَقْرَأُ مِنَ القُرْآنِ كَثِيرًا: إِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ: لَقَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا الحَدِيثَ حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي بَرِيئَةٌ، لاَ تُصَدِّقُونِي، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ، لَتُصَدِّقُنِّي، فَوَاللَّهِ لاَ أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا أَبَا يُوسُفَ حِينَ قَالَ: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ [يوسف: 18] ثُمَّ تَحَوَّلْتُ وَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي حِينَئِذٍ بَرِيئَةٌ، وَأَنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي بِبَرَاءَتِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ مُنْزِلٌ فِي شَأْنِي وَحْيًا يُتْلَى، لَشَأْنِي فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بِأَمْرٍ، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ سبحانه وتعالى فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بِهَا، فَوَاللَّهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللَّهِ سبحانه وتعالى مَجْلِسَهُ، وَلاَ خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ البَيْتِ، حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِنَ العَرَقِ مِثْلُ الجُمَانِ، وَهُوَ فِي يَوْمٍ شَاتٍ مِنْ ثِقَلِ القَوْلِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ، قَالَتْ: فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ سبحانه وتعالى وَهُوَ يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ: «يَا عَائِشَةُ، أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ». قَالَتْ: فَقَالَتْ لِي أُمِّي: قُومِي إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لاَ أَقُومُ إِلَيْهِ، فَإِنِّي لاَ أَحْمَدُ إِلَّا اللَّهَ عز وجل [10]. وكل ذلك بسبب الإِشاعة.

ثانيًا: المنهج الشرعي في التعامل مع الأخبار:
[1] التثبت في الأخبار.
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِ ﴾ [الحجرات: 6].


سبب نزول الآية:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ سبحانه وتعالى بَعَثَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ لِيَأْخُذَ مِنْهُمُ الصَّدَقَاتِ، وَأَنَّهُ لَمَّا أَتَاهُمُ الْخَبَرُ فَرِحُوا وَخَرَجُوا لِيَتَلَقَّوْا رَسُولَ رَسُولِ اللهِ سبحانه وتعالى، وَأَنَّهُ لَمَّا حُدِّثَ الْوَلِيدُ أَنَّهُمْ خَرَجُوا يَتَلَقَّوْنَهُ رَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللهِ سبحانه وتعالى، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ بَنِي الْمُصْطَلِقِ قَدْ مَنَعُوا الصَّدَقَةَ. فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ سبحانه وتعالى مِنْ ذَلِكَ غَضَبًا شَدِيدًا، فَبَيْنَمَا هُوَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ أَنْ يَغْزُوَهُمْ إِذْ أَتَاهُ الْوَفْدُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا حُدِّثْنَا أَنَّ رَسُولَكَ رَجَعَ مِنْ نِصْفِ الطَّرِيقِ، وَإِنَّا خَشِينَا أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا رَدَّهُ كِتَابٌ جَاءَهُ مِنْكَ لِغَضَبٍ غَضِبْتَهُ عَلَيْنَا، وَإِنَّا نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ غَضَبِ اللهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ سبحانه وتعالى اسْتَعْتَبَهُمْ وَهَمَّ بِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عُذْرَهُمْ فِي الْكِتَابِ، فقال: .... الآية[11].


معنى التثبت: تفريغ الوسع والجهد لمعرفة حقيقة الحال ليعرف أيثبت هذا الأمر أم لا.


والتبين: التأكد من حقيقة الخبر وظروفه وملاباساته.


وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ سبحانه وتعالى قَالَ: « التَّأَنِّى مِنَ اللَّهِ وَالْعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ »[12].

[2] حسن الظن.
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 12].


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ سبحانه وتعالى قَالَ: " إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، لَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَنَافَسُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا "[13].


[3] سلامة الصدر.
الإسلام دين المحبة والألفة والإخاء والمودة؛ ولهذا كان من صفات أهل الجنة حين يدخلونها سلامة الصدر وخلوه من الأحقاد، قال تعالى: ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ ﴾ [الحجر: 47].


وفي حديث النبي سبحانه وتعالى الذي قال فيه "يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة، ... كان سبب ذلك ما ذكره الرجل بقوله: "لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا، وَلَا أَحْسُدُ أَحَدًا عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ". فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بن عمرو: هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ، وَهِيَ الَّتِي لَا نُطِيقُ[14].

أسأل الله تعالى أن يوحد بين أهل الإسلام، ويؤلف بين قلوبنا على الخير، ويُعيذنا من نزغات الشيطان، ويثبتنا على القول الثابت في الدنيا والآخرة.


كما أسأله عز وجل أن يعيذنا من فتنة القول كما يعيذنا من فتنة العمل.


وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم


[1]أخرجه مسلم (6).

[2] المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (1/ 75).

[3] الْحَاصِل مِنْ النَّهْي مَنْع مَا أُمِرَ بِإِعْطَائِهِ وَطَلَب مَا لَا يَسْتَحِقّ أَخْذه، وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون النَّهْي عَنْ السُّؤَال مُطْلَقًا كَمَا سَيَأْتِي بَسْط الْقَوْل فِيهِ قَرِيبًا، وَيَكُون ذِكْره هُنَا مَعَ ضِدّه ثُمَّ أُعِيدَ تَأْكِيدًا لِلنَّهْيِ عَنْهُ، ثُمَّ هُوَ مُحْتَمَل أَنْ يَدْخُل فِي النَّهْي مَا يَكُون خِطَابًا لِاثْنَيْنِ كَمَا يُنْهَى الطَّالِب عَنْ طَلَب مَا لَا يَسْتَحِقّهُ وَيُنْهَى الْمَطْلُوب مِنْهُ عَنْ إِعْطَاء مَا لَا يَسْتَحِقّهُ الطَّالِب لِئَلَّا يُعِينهُ عَلَى الْإِثْم. انظر: الفتح (5518).

[4] أخرجه البخاري (2231).

[5]أخرجه مسلم (6).

[6]أخرجه أحمد في المسند (23403)، وأبو داود (4974)، وقال النووي في الأذكار (470): إسناده صحيح. وقال ابن حجر في الإصابة (4/ 126): إسناده صحيح. وقال الألباني في الصحيحة (866): إسناده صحيح رجاله ثقات.

[7]انظر: الطبقات (1/ 206) من طريق الواقدي، وابن إسحاق بدون إسناد ابن هشام (2/ 5).

[8]انظر: الفتح (15/ 226) وعزاه إلى الطبري من رواية السدي. وأخرجه ابن إسحاق بإسناد حسن، كما عند ابن هشام (3/ 112).

[9]انظر: ابن إسحاق بإسناد صحيح مرسل، كما في ابن هشام (3/ 120)، والواقدي (1/ 280)، وتاريخ الطبري (2/ 517)، وتفسير الطبري (7/ 256).

[10]متفق عليه: أخرجه البخاري (2467)، ومسلم (4477).

[11]أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (18434) وضعفه الألباني في الصحيحة (3088) ثم ذكر له شواهد.

[12]أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (20767) وحسنه الألباني في الصحيحة (1795).

[13]متفق عليه: أخرجه البخاري (4747)، ومسلم (2532).

[14]أخرجه أحمد (12697)، وقال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء (3/ 231): إسناده صحيح على شرط الشيخين، ورواه البزار وسمى الرجل في رواية له سعدا وفيها ابن لهيعة. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 81): رجال أحمد رجال الصحيح. وقال البوصيري في إنحاف الخيرة المهرة (6/ 78): إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 98.90 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 97.18 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.74%)]