حضرت العشر فشمروا - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تعملها إزاي؟.. كيف تجهز iPhone الخاص بك لنظام التشغيل iOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          ما الذي يساهم فى إطالة عمر الكمبيوتر المحمول؟.. تقرير يجيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          هكذا يمكنك الوصول إلى قائمة "البلوك" على حسابك بفيس بوك.. خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          كيفية توفير مساحة تخزين الهاتف الذكي دون حذف الصور؟.. تفاصيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          كيفية قفل الخلايا فى Excel.. وما معناها فى خطوات؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          جوجل تستخدم الذكاء الاصطناعى لتحويل ملاحظاتك النصية إلى بودكاست: وإليك الطريقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          تعرف على طرق استعادة جهات الاتصال المحذوفة على جهاز آيفون الخاص بك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          كيفية العثور على التكرارات فى Excel وإزالتها فى خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          كيفية إعادة ضبط وحدة جهاز ps5 فى 6 خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          بضغطة واحدة.. Chrome يتيح الآن للمستخدمين "إلغاء الاشتراك" من تنبيهات المواقع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-05-2020, 02:14 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,240
الدولة : Egypt
افتراضي حضرت العشر فشمروا

حضرت العشر فشمروا
الشيخ عبدالله بن محمد البصري





أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].



أَيُّهَا المُسلِمُونَ، بِغُرُوبِ الشَمسِ لَيلَةَ البَارِحَةِ، دَخَلَتِ العَشرُ الأَوَاخِرُ مِن رَمَضَانَ، وَبَلَغنَا جَمِيعًا بِذَلِكَ مَوسِمًا مِن أَعظَمِ المَوَاسِمِ لِزِيَادَةِ الإِيمَانِ، إِنَّهَا أَفضَلُ لَيَالي العَامِ كُلِّهِ عَلَى الإِطلاقِ، وَالَّتي مَا غَابَت شَمسُ العَامِ عَلَى لَيَالٍ هِيَ أَفضَلُ مِنهَا وَلا أَجَلُّ وَلا أَعظَمُ، إِنَّهَا العَشرُ الَّتي جَعَلَ اللهُ فِيهَا دُرَّةَ اللَّيالي وَتَاجَهَا وَشَامَتَهَا، لَيلَةُ القَدرِ الَّتي هِيَ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ، وَالَّتي مَن أَدرَكَهَا فَقَد فَازَ بِعَظِيمِ الثَّوَابِ وَمُضَاعَفِ الأَجرِ، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ إِدرَاكَ العَشرِ - أَيُّهَا الصَّائِمُونَ - يُعَدُّ نِعمَةً وَأَيَّ نِعمَةٍ؟! وَمَن كَانَ مِن ذَلِكَ في شَكٍّ أَو رَيبٍ فَلْيَتَذَكَّرْ كَم مِن نَفسٍ في المَقَابِرِ لم تُدرِكْ رَمَضَانَ، وَأُخرَى أَدرَكَت أَوَّلَهُ ثم لم تُدرِكْ آخِرَهُ، وَلْيَتَأَمَّلْ قَولَ رَبِّ العَالَمِينَ: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ [المؤمنون: 99، 100] وَقَولَهُ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [المنافقون: 10] أَمَّا وَقَد نَسَأَ اللهُ في أَعمَارِنَا، وَمَدَّ لَنَا في آجَالِنَا، وَفَسَحَ لَنَا فَبَلَغنَا خَوَاتِيمَ رَمَضَانَ وَأَكمَلَ لَيَالِيهِ وَأَفضَلَهَا، فَلْنَحمَدِ اللهَ عَلَى هَذِهِ النِّعمَةِ الجَلِيلَةِ، وَلْنَعلَمْ أَنَّ اللهَ - تَعَالى - لم يَجعَلْ لَيلَةَ القَدرِ في العَشرِ الأَوَاخِر مِن رَمَضَانَ إِلاَّ لِشَرَفِهَا وَعِظَمِ قَدرِهَا وَعُلُوِّ مَكَانِهَا، إِذْ إِنَّهَا لا تَأتي إِلاَّ بَعدَ أَن تَكُونَ نُفُوسُ المُستَعجِلِينَ قَد كَلَّت وَمَلَّت، وَعَزَائِمُ الخَائِرِينَ قَد ضَعُفَت وَفَتَرت، وَرَوَاحِلُ المُتَبَاطِئِينَ قَد هَزُلت وَتَقَاصَرَ سَيرُهَا، وَلم يَبقَ إِلاَّ الصَّابِرُونَ المُجِدُّونَ المُخلِصُونَ، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَد أَخَفَاهَا - سُبحَانَهُ - في لَيَالٍ عَشرٍ؛ لِيَبلُوَنَا أَيُّنَا أَحسَنُ عَمَلاً، وَيَختَبِرَنَا أَيُّنَا أَعظَمُ صَبرًا، وَيَمتَحِنَ إِيمَانَنَا وَيَقِينَنَا، وَيَرَى أَصدَقَنَا وَأَثبَتَنَا في طَلَبِ أَكبَرِ الجَوَائِزِ وَأَعظَمِهَا.







أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَقَد كَانَ خَيرُ الوَرَى وَأَفضَلُ البَرِيَّةِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - يَنَامُ في العِشرِينَ الأُولى وَيُصَلِّي، وَيَقُومُ وَيَرقُدُ، وَأَمَّا العَشرُ الأَوَاخِرُ فَلَم يَكُنْ يَقضِيهَا في بَيتِهِ أَبَدًا، وَلا يَضَعُ فِيهَا جَنبَهُ مُتَمَدِّدًا، وَلا يُغمِضُ طَرفَهُ رَاقِدًا، لَقَد كَانَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - يُطَلِّقُ الدُّنيَا بِرُمَّتِهَا، وَيُلقي بِهَا خَلفَ ظَهرِهِ بِأَجمَعِهَا، وَيَتَخَفَّفُ مِن سَائِرِ أَعمَالِهَا، بَل وَيَتَفَرَّغُ مِن جَمِيعِ أَشغَالِهَا، يَشُدُّ مِئزَرَهُ، وَيَترُكُ نِسَاءَهُ، وَيَضرِبُ قُبَّتَهُ وَيَعتَكِفُ في مَسجِدِهِ، وَيُحيِي لَيلَهُ لِيَخلُوَ بِرَبِّهِ. يَخلُو بِهِ فَيُنَادِيهِ وَيُنَاجِيهِ، وَيَدعُوهُ وَيَرغَبُ إِلَيهِ، وَيَقُومُ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ شُكرًا للهِ، وَيُوَاصِلُ صِيَامَهُ اليَومَينِ وَالثَّلاثَةَ؛ لِعِظَمِ مَا كَانَ يَمتَلِئُ بِهِ قَلبُهُ مِنَ المَعَارِفِ وَالفُتُوحَاتِ الرَّبَّانِيَّةِ، وَحُلوِ مَا يَجِدُهُ وَيَستَطعِمُهُ مِنَ الهِبَاتِ السَّمَاوِيَّةِ، كَانَ يَعِيشُ وَقتَهُ كُلَّهُ لِرَبِّهِ، وَيَبذُلُ قُصَارَى جُهدِهِ لِمَولاهُ، هَذَا وَهُوَ أَكثَرُ الأُمَّةِ أَعمَالاً، وَأَعظَمُهَا أَمَانَةً وَأَشغَالاً، وَيَحمِلُ مُسؤُولِيَّاتٍ ثِقَالاً، وَقَد غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، لَكِنَّهُ مَعَ كُلِّ هَذَا لم يَكُنْ في العَشرِ يُلوِي عَلَى شَيءٍ غَيرِ عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَلا يَهتَمُّ بِشَيءٍ سِوَى مَا يُقَرِّبُهُ مِن مَولاهُ، يَفعَلُ كُلَّ هَذَا تَحَرِّيًا لِلَيلَةِ القَدرِ، وَأَمَلاً في إِدرَاكِهَا وَالفَوزِ بِجَزِيلِ الأَجرِ، وَقَد حَثَّ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - أُمَّتَهُ عَلَى التَّزَوُّدِ مِن بَرَكَاتِ هَذِهِ العَشرِ وَنَدَبَهُم لِتَحَرِّي لَيلَةِ القَدرِ، عَن عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهَا - قَالَت: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - إِذَا دَخَلَ العَشرُ شَدَّ مِئزَرَهُ وَأَحيَا لَيلَهُ، وَأَيقَظَ أَهلَهُ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَعَنهَا قَالَت: كَانَ رَسُولُ اللهِ يَجتَهِدُ في العَشرِ الأَوَاخِرِ مَا لا يَجتَهِدُ في غَيرِهِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " تَحَرَّوا لَيلَةَ القَدرِ في العَشرِ الأَوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ.







أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ العَشرَ غَنِيمَةٌ عَظِيمَةٌ، إِذَا ذَهَبَت وَمَضَت فَلَن تَعُودَ إِلاَّ عَلَى الأَحيَاءِ، وَهَل لَدَى أَحَدٍ مِنَّا ضَمَانٌ بِأَن يَعِيشَ حَتَّى يُدرِكَهَا مِن قَابِلٍ؟! أَلا فَلْنَغتَنِمْهَا بِهِمَّةٍ وَنشَاطٍ، وَلْنَختِمِ الشَّهرَ المُبَارَكَ بِخَيرِ أَعمَالِنَا؛ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَوَاللهِ لَو ضَيَّعَ أَحَدُنَا العِشرِينَ الأُوَلَ، ثُمَّ بَلَّغَهُ اللهُ خَيرَ اللَّيَالي وَأَفضَلَهَا، فَعَادَ فِيهَا إِلى رَبِّهِ وَتَابَ مِن ذَنبِهِ، وَقَامَ مُنَاجِيًا خَالِقَهُ طَالِبًا عَفوَهُ، لَكَانَ حَرِيًّا بِالخَيرِ الكَثِيرِ وَالرِّبحِ الوَفِيرِ، كَيفَ لا وَالحَبِيبُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - يَقُولُ في الحَدِيثِ المُتَّفِقِ عَلَيهِ: " مَن قَامَ لَيلَةَ القَدرِ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ " فَلْيُدرِكِ العَاقِلُ نَفسَهُ، وَلْيَنتَبِهِ الحَصِيفُ لِذَاتِهِ، وَلْيَغتَنِمَ لَيلَةً شَرِيفَةً مُنِيفَةً، عِبَادَةُ الرَّبِّ فِيهَا تَعدِلُ عِبَادَةَ ثَلاثَةٍ وَثَمَانِينَ عَامًا. إِنَّ التَّعَبَ مَخلُوفٌ، وَالنَّومَ مُدرَكٌ، وَقَد خَالَطنَا الدُّنيَا وَاشتَغَلنَا بِهَا حَتَّى أَمرَضَت قُلُوبَنَا وَأَشقَت أَروَاحَنَا، وَالمَحرُومُ - أَيُّهَا الإِخوَةُ - مَن تَمُرُّ عَلَيهِ لَيلَةُ القَدرِ وَهُوَ في لَهوٍ وَسَمَرٍ، النَّاسُ مِن حَولِهِ يُصَلُّونَ، وَيَركَعُونَ وَيَسجُدُونَ، وَيَذكُرُونَ اللهَ وَيَدعُونَ وَيَبتَهِلُونَ، وَهُوَ مَشغُولٌ بِمَلءِ بَطنِهِ، أَو إِسعَادِ عَينَيهِ بِمُشَاهَدَةِ القَنَوَاتِ، أَو إِمتَاعِ أُذُنَيهِ بِالغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالاستِهزَاءِ، أَو عَاكِفٌ عَلَى سَمَاعِ مَا حَرَّمَهُ اللهُ، أَو نَائِمٌ في فِرَاشِهِ يَغُطُّ في غَفلَتِهِ وَيَتَقَلَّبُ في أَحلامِهِ، أَو يَتَمَشَّى في الأَسوَاقِ يَجمَعُ أَغرَاضِ عِيدِهِ وَيُجَهِّزُ مَلابِسَهُ.







أَجَل - أَيُّهَا الإِخوَةُ - إِنَّ مَن حُرِمَ الخَيرَ في لَيلَةِ القَدرِ لَهُوَ المَحرُومُ حَقًّا، وَالَّذِي قَرَّرَ ذَلِكَ هُوَ الصَّادِقُ المَصدُوقُ الَّذِي لا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى، حَيثُ قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " إِنَّ هَذَا الشَّهرَ قَد حَضَرَكُم، وَفِيهِ لَيلَةٌ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ، مَن حُرِمَهَا فَقَد حُرِمَ الخَيرَ كُلَّهُ، وَلا يُحرَمُ خَيرَهَا إِلاَّ مَحرُومٌ " رَوَاهُ ابنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.







أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ للهِ في كُلِّ لَيلَةٍ عُتَقَاءَ مِنَ النَّارِ، فَهَل تُرَونَهُم يَكُونُونَ مِن أَهلِ الشَّوَارِعِ اللاَّهِينَ السَّامِدِينَ، أَم مِن أَحلاسِ المَجَالِسِ الفَارِغِينَ، أَم مِنَ العَاكِفِينَ الرَّاكِعِينَ السَّاجِدِينَ؟! لَيسَ أَسعَدُ النَّاسِ بِالعِيدِ بَعدَ رَمَضَانَ، مَن ضَيَّعَ وَقتَهُ في لَيَالِ العَشرِ بِتَجهِيزِ الجَدِيدِ، وَلَكِنَّ أَسعَدَهُم بِالعِيدِ وَأَحرَاهُم بِالفَرَحِ فِيهِ وَالسُّرُورِ وَالحُبُورِ، هُم أَهلُ العَمَلِ الصَّالحِ وَالقُرُبَاتِ، وَالصَّلَوَاتِ وَالخَلَوَاتِ وَالدَّعَوَاتِ، أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - إِخوَةَ الإِيمَانِ - وَلْنُودِعْ خَيرَ اللَّيالي أَفضَلَ مَا نَقدِرُ عَلَيهِ مِن طَاعَاتٍ وَقُرُبَاتٍ، وَلٍنَستَثمِرْ دَقَائِقَهَا وَالسَّاعَاتِ، وَلْنُصَوِّمِ العُيُونَ وَالأَلسِنَةَ وَالآذَانَ وَالقُلُوبَ، وَلْيَكُنْ لأَحَدِنَا مِنَ الاعتِكَافِ حَظٌّ وَلَو لَيلَةً وَاحِدَةً، فَمَا زَالَت أَبوَابُ الجَنَّةِ مُفَتَّحَةً، وَأَبوَابُ النَّارِ مُغَلَّقَةً، وَمَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ مُصَفَّدَةً، وَمَا زِلنَا نَعِيشُ أَجوَاءَ النِّدَاءِ الرَّبَّانيِّ العَظِيمِ: " يَا بِاغِيَ الخَيرِ أَقبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقصِرْ " وَكَم بَينَ أَيدِينَا مِنَ الفُرَصِ وَالغَنَائِمِ، صَدَقَةً وَبِرًّا وَإِحسَانًا، وَصَلاةً وَتَنَفُّلاً وَقِيَامًا، وَقِرَاءَةً لِلقُرآنِ وَذِكرًا، وَلُزُومًا لِلمَسَاجِدِ وَاعتِكَافًا، وَتَفَرُّغًا لِلعِبَادَةِ وَدُعَاءً، وَتَحَرِّيًا لِلَيلَةِ القَدرِ وَاصطِبَارًا ﴿ يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُم وَيَهدِيَكُم سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبلِكُم وَيَتُوبَ عَلَيكُم وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 26، 28].



♦ ♦ ♦







أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - حَقَّ التَّقوَى، وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى * وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى ﴾ [الليل: 5، 11].







أَيُّهَا المُسلِمُونَ، قَبلَ أَيَّامٍ قَلِيلَةٍ، مَلأَ الفَرَحُ قُلُوبَنَا وَخَالَجَ السُّرُورُ أَفئِدَتَنَا، وَتَبَادَلنَا التَّهَانِيَ بِحُلُولِ شَهرِ الخَيرِ وَالطَّاعَةِ وَالإحسَانِ، وَهَا نَحنُ اليَومَ في العَشرِ الأَخِيرَةِ، فَيَا مَن قَصَّرَ في العِشرِينَ وَكُلُّنَا مُقَصِّرُونَ، هَا أَنتَ قَد وُفِّقتَ لإِدرَاكِ العَشرِ الأَخِيرَةِ، فَانتَبِهْ وَاستَأنِفِ العَمَلَ الصَّالِحَ وَبَادِرْ بِالطَّاعَةِ، وَضَاعِفِ الجُهدَ وَسَابِقْ وَنَافِسْ، عَجِّلْ بِالمَعرُوفِ وَسَارِعْ بِالإحسَانِ، فَـ " التُّؤَدَةُ في كُلِّ شَيءٍ خَيرٌ إِلاَّ في عَمَلِ الآخِرَةِ " عِبَادَ اللهِ، كَم في هَذِهِ اللَّيَالي النَّيِّرَةِ مِن جِبَاهٍ سَاجِدَةٍ، وَقُلُوبٍ خَاشِعَةٍ وَعُيُونٍ دَامِعَةٍ، وَأَكُفٍّ مَرفُوعَةٍ وَأَفئِدَةٍ ضَارِعَةٍ، وَأَقدَامٍ مُنتَصِبَةٍ في مَحَارِيبِهَا، وَصُفُوفٍ مُنتَظِمَةٍ في مَسَاجِدِهَا. خُشُوعٌ وَدُمُوعٌ، وَتَضَرُّعٌ وَدُعَاءٌ، وَنَشِيجٌ وَبُكَاءٌ، وَقُلُوبٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالسَّمَاءِ، وَجُنُوبٌ مُتَجَافِيَةٌ عَنِ الأَرضِ، عَظُمَت في اللهِ المَطَامِعُ، فَهُجِرَتِ المَجَالِسُ وَالمَضَاجِعُ، يَتَلَذَّذُونَ بِمُنَاجَاةِ مَولاهُم وَخَالِقِهِم، وَيَأنَسُونَ بِالخَلوَةِ بِهِ وَتَطِيبُ قُلُوبُهُم بِالقُربِ مِنهُ، قَد أَنسَتْهُم لَذَّةُ الطَّاعَةِ كُلَّ لَذَائِذِ الدُّنيَا، وَأَطَارَ ذِكرُ المَرجِعِ وَالمَعَادِ النَّومَ مِن عُيُونِهِم، فَقَامُوا خَاشِعِينَ مُتَبَتِّلِينَ، يَدعُونَ رَبَّهُم خَوفًا وَطَمَعًا، وَيَخِرُّونَ لِلأَذقَانِ سُجَّدًا، لِسَانُ الوَاحِدِ مِنهُم: اللَّهُمُّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفوَ فَاعْفُ عَنِّي، أُولَئِكَ هُمُ الأَخيَارُ الأَبرَارُ، قَد عَرَفُوا هَولَ المَطلِعِ وَعَظَمَةَ الجَبَّارِ، فَأَعَدُّوا لِلمَوقِفِ عُدَّتَهُ، وَاتَّخَذُوا لِلرَّحِيلِ أُهبَتَهُ، فَلا تَعلَمُ نَفسٌ مَا أُخفِيَ لَهُم مِن قُرَّةِ أَعيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعمَلُونَ.








أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا الصَّائِمُونَ - وَلْنُشَارِكِ الصَّالِحِينَ وَلْنَتَشَبَّهْ بِالمُفلِحِينَ، وَلْنَسْتَعِنْ بِاللهِ وَلْنَحْذَرِ الكَسَلَ ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200].
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 56.41 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 54.74 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.97%)]