|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() المغرورون والمجاهرون بالمعاصي حامد شاكر العاني وما أكثرهم، والمقصود بهم الذين يجاهرون بفسقهم وفحشهم، فلا يبالي أحدهم من أن يفعل الفاحشة عياناً جهاراً، فهم لا يستحيون من الله عز وجل ولا من الناس، وأما الذين يستترون بفحشهم، فهؤلاء أمرهم يرجع إلى الله، فلا ينبغي للمسلم أن يفضحهم ويكشف سترهم، ونسأل الله لهم الهداية والتوبة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((كل أمتى معافى إلاَّ المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً، ثم يُصبحَ وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه))[1]. قال ابن بطال (رحمه الله): (في الجهر بالمعصية استخفاف بحق الله ورسوله وبصالحي المؤمنين، وفيـه ضرب من العنــاد لهم، وفي التستر بها السلامة من الاستخفاف، لأن المعاصي تذل فاعلها، ومن إقامة الحد عليه إن كان فيه حد، ومن التعزير إن لم توجب حداً، وإذا تمحض حق الله، فهو أكرم الأكرمين، ورحمته سبقت غضبه، فلذلك إذا ستره في الدنيا لم يفضحه في الآخرة، والذي يجاهر يفوته جميع ذلك) [2]. وقال المقدسي (رحمه الله): (فمنهم من اقتصر على علم الفتاوى في الحكومات والخصومات، وتفاصيل المعاملات الدنيوية الجارية بين الخلق لصلاح المعايش، وربما ضيّعوا الأعمال الظاهرة وارتكبوا بعض المعاصي من الغيبة والنظر إلى ما لايحل، والمشي إلى ما لا يجوز، ولم يحرسوا قلوبهم عن الكبر والحسد والرياء، وجميع المهلكات، فهولاء مغرورون من وجهين: أحدهما: من حيث العمل، والآخر: من حيث العلم، ومثالهم مثال المريض إذا تعلم نسخة الدواء واشتغل بتكراره وتعليمه، لا بل مثلهم مثل من به علة البرسام – هو التهاب في الغشاء المحيط بالرئة – وهو مشرف على الهلاك، فاشتغل بتعلّم دواء الاستحاضة وجعل يكرر، وذلك غاية الغرور) [3]. وهناك من العلماء من اقتصر علمه على مجادلة الآخرين، لغرض إفحاهم والانتصار عليهم، وأكثر علمه يرتكز على المسائل الخلافية، ليقال عنه: إن هذا العالم قد أفحم الآخرين بعلمه وبآرائه وقد قيل، ومن هذا النوع الكثير في أيامنا هذه، لهذا جاء الحديث النبوي الشريف، فعن أبي أمامة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((ما ضلَّ قومٌ بعد هُدى إلاَّ أُوتوا الجدل)) [4]. قال المقدسي (رحمه الله): (ومن هؤلاء من اقتصر على علم الخلاف، ولم يهمه إلاَّ طريق المجادلة، والإلزام، والإفحام، ودفع الحق لأجل الغلبة، فهو أسوأُ حالاً ممن ذكر قبلهم، وجميع الجدل في الفقه بِدعة لم يعرفها السلف)[5]. خلاصة القول: نخلص من خلال هذه الموازين الثلاثة إلى أن العلماء على مختلف اختصاصاتهم ولاسيما علماء الشريعة أنهم المقدمون على غيرهم في تصنيف الناس إذا ابتغوا وجه الله عز وجل، ثم أهل الفضل ممن لهم دور بارز في نصرة الدين ورقي أوطانهم نحو محاسن الأمور، ثم يأتي طلبة العلم في الدرجة الثانية، وتشمل أيضاً كل من كان ماهراً مبدعاً منتجاً في مجالات تصب في مصلحة دينه ووطنه وأخلص لله غاية الإخلاص، وبهذا نستطيع بعد هذا التصنيف إنزال الناس منازلهم. [1] رواه البخاري: 10 /405، 406، ومسلم برقم (2990). [2] انظر: فتح الباري: 10 /406. [3] مختصر منهاج القاصدين ص 307. [4] رواه أحمد: 5/552، والترمذي برقم (3306)، وابن ماجه برقم (48)، والحاكم: 2 /447، وآخرين بإسناد صحيح. [5] مختصر منهاج القاصدين ص 307.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |