درس القناعة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         توكل على الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          علِّم طفلك الإيمان قبل أن تعلمه القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          كعب بن مالك رضي الله عنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          عندما تكون الزوجة فنانة في النكد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          قصص القرآن الكريم ـ أصحاب الكهف ـ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          أسباب سقوط الأندلس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          علم أصول الفقه وأثره في تشكيل العقل المسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          القواعد العشر لمن يتعامل مع الواتساب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          سادة إبليس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          صناعة النجاح وصناعة الفشل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-12-2019, 10:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,735
الدولة : Egypt
افتراضي درس القناعة

درس القناعة
حميد بن خيبش



يجهد الخطاب الإسلامي المعاصر في الدعوة إلى استعادة وتثبيت قيم إسلامية أوشك وميضها أن يخبو بفعل نزعة مادية بغيضة.
إلا أن هذا الجهد، ومهما حسنت نوايا القائمين عليه، تشوبه تعثرات عديدة تحد من تمثله على مستوى السلوك والممارسة، أو إدماجه في البناء التربوي للأسرة المسلمة.
ولعل أهم هذه العثرات ما ألمح إليه الأستاذ محمد قطب في كتابه " كيف ندعو الناس؟ " بشأن الظرفية الخاصة التي تمر بها الأمة الإسلامية اليوم، والتي تلقي على كاهل الدعاة عبئاً إضافياً يفرض تجديد الأساس، فالفساد الذي ألم بالأمة اليوم ليس فساد سلوك يُجدي معه الترميم والإصلاح، بل هو فساد في المفاهيم ذاتها، وانحراف خطير يتخفى تحت قشرة التقاليد الخادعة!
تندرج القناعة ضمن هذه القيم المتخلى عنها تحت ضغط اللهاث العالمي لإشباع الرغبات وتكديس المنتجات، فالإنسان عموماً يتوق إلى نوع أرقى من المعيشة وحظ أوفر من الرفاهية، غير أنه اليوم وقع فريسة عادات استهلاكية موجهة، تتضافر قوى عديدة لتثبيتها وإكسابها بعداً رمزياً يوحي بوثوق صلتها بالهوية والمكانة الاجتماعية، ولم يعد الأمر وقفا على التلبية المفرطة للرغبات، بل انقاد الفرد طوعاً أو كرهاً للإنفاق التنافسي الذي يغذيه التفاخر والتباهي، والإيهام باختراق نادي الأثرياء! وضع كهذا يقود، برأي الباحثة الأمريكية "جوليت شور" إلى تنامي آفات اجتماعية خطيرة كارتفاع معدل جرائم السرقة والعنف، وشيوع مظاهر الاستياء والتشاؤم خصوصاً لدى أفراد الطبقة المتوسطة.
وإذا كانت الباحثة تخلص إلى صعوبة التحكم في نزعة الاستهلاك الجبري لأسباب من بينها: تآكل القيود الدينية والأخلاقية على الاستهلاك، والجهد الكبير الذي يبذله دهاقنة الإنتاج والإعلان والتسويق لجعل بيئة الإنفاق أكثر إغراء وجاذبية (1)، إلا أن في منظومة القيم الإسلامية ما يسمح بهذا التحكم، ويعيد المسلم المعاصر إلى جادة القناعة إذا ما تحقق التمرير الفاعل للمفاهيم والسلوكيات البديلة.
يرسم أبو حامد الغزالي في "الإحياء" خارطة طريق لترسيخ القناعة كأسلوب للحياة وتدبير المعاش. فمن أراد عز القناعة برأيه لا بد له من خمسة أمور أولها أن يوطن نفسه وعياله على الإجمال في الطلب والاقتصاد في المعيشة، وأن يستحضر الرفق في الإنفاق كما يستحضره في بقية الأمور.
وثانيها ألا يتطلع للمستقبل بخوف واضطراب إذا تيسر له في الحال ما يكفيه، وهذا يعينه على قصر الأمل والتحقق بأن رزقه الذي قُدر له لا تجلبه شدة الحرص بل اليقين بوعد الله - تعالى-، ورد كيد الشيطان الذي يعده بالفقر ويحمله على بذل عمره في غير طاعة الله.
وثالثها أن يؤثر عز النفس والاستغناء عن الخلق على شهوة البطن، ففي القناعة حرية تصونه من ذل الاحتياج للناس، وتكسبه قدرة على متابعة الحق دون خوف أو مداهنة.
أما رابعها أن مما يعينه على القناعة والرضى بقسمة المعاش أن يتأمل أحوال المتنعمين من اليهود والنصارى والحمقى ممن لا دين لهم، ثم ينظر في أحوال الأنبياء والأولياء ويخير عقله بين مشابهة الأراذل أو الاقتداء بأعز أصناف الخلق.
وينهض خامسها على التحذير من مغبة الولاء للمال، وانشغال البال بالآفات التي تلحقه من سرقة ونهب وضياع، فالشيطان حريص على أن يصرف نظر المسلم في الدنيا إلى من فوقه، وفي الدين إلى من دونه حتى تتعلق نفسه بالتنعم، وتفتر عن طلب الآخرة (2).
وفي سياق حديثه عن العدالة الاقتصادية وتوزيع الثروة في الإسلام، يضيف الشيخ البهي الخولي - رحمه الله - قاعدة سادسة توفر، إلى جانب ما أورده الغزالي، إطاراً تربوياً يُمكن الداعية والمربي من تثبيت درس القناعة فهما وممارسة وفق صياغة تلاءم روح العصر؛ إذ ينطلق من التأكيد على أن كلا من الفطرة والشرع أقرا بالحد الوسط الذي يضبط النزعة الاستهلاكية للمسلم، فالفطرة السليمة تحمل صاحبها على الوقوف عند الكفاية الضرورية، أي الحد الذي يطلبه البدن بلا زيادة أو نقص، فما نقص عن تلك الكفاية فهو تفريط يسلم البدن للوهن والضعف، وما زاد عنها فهو إخلال بطبيعة الجسم الذي يطلب ما يحفظ توازنه، أما الشرع فيعتبر الحد الوسط هو أقصى حد تحتفظ فيه الذات العليا بمقوماتها، فإذا جاوزه الإنسان جاوزه إلى الشهوات التي تعصف بإنسانيته، فيتصرف في الأمور بتقويم شيطاني لا بتقويم إنساني(3).
وبهذا تصبح القناعة ثمرة لزوم الإنسان للحد الوسط في علاقته بما يملك وما ينفق.
إن الواقع الاقتصادي المرعب الذي نعيشه يدفع بالرغبات والنزوات لتصبح الموجه الأساسي لسلوك الإنسان في العصر الحديث، بل ويجعلها في الدرجة الأولى من سلم القيم، أمام وضع كهذا نخشى بالفعل أن ينطبق علينا توصيف إيريك فروم للإنسان المستهلك Homo Consumens، ذاك الإنسان الخامل، قليل القيمة، الذي يقاوم شعوره بالفراغ والقلق والإحباط بمزيد من الاستهلاك والتبضع.
إن الأمة الإسلامية أحوج ما تكون اليوم إلى استعادة قيمها الإيمانية العليا، والتصدي لمبررات الضآلة والانحلال التي تغذي نزوع النفس البشرية لمغريات الهبوط، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال صياغة جادة ومتكاملة لقوالب التهذيب الأخلاقي، وحفز متواصل على اقتحام العقبة! أولى أولى أولى
ــــــــــــــــ
(1) روجر روزنبلات: ثقافة الاستهلاك.ط 1 القاهرة 2012
(2) أبو حامد الغزالي:إحياء علوم الدين ج3.سماراغ أندونيسيا.د. ت
البهي الخولي: الثروة في الإسلام. دار القلم ط4. الكويت 1982

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 50.49 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.79 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.38%)]