من أوجه الفساد المالي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الاحتياط وقطع الذرائع والمشتبه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          القياس ​ بين النفى و الإثبات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          بين معاملة الخلق ومعاملة الخالق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          استشراف الفتن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          ( قُرّة العين) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          ( حسبنا الله ونعم الوكيل) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          وصية رجل كبير فـي السن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          (كنوز صلاة الجماعة في المساجد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          طبْ نفسًا يا طالبَ العلم! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          شكرُ النّعم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 04-09-2019, 10:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,114
الدولة : Egypt
افتراضي من أوجه الفساد المالي

من أوجه الفساد المالي (1)

الرشوة


د. محمد ويلالي
الخطبة الأولى
كنا تناولنا سلسلة الدفاع عن الصحابة الكرام، في وجه هذه الموجة الشرسة ضدهم، التي تغذيها جهات انسلخت عن مبادئ الشرع الحنيف، وتاهت وراء دوافع فكرية شاذة، ونوازع طائفية مقيتة، وربما حسابات سياسية ضيقة.

ووقف بنا المطاف عند الخليفة الراشد الثاني: عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، الذي كان مضرب الأمثال - عند المؤيدين وعند المخالفين - في حسن سياسة الرعية، وتحقيق آمالها بكل ما استطاع منعدل، وحزم، وصرامة، وبخاصة في الجانب المالي، الذي اعتنى به أيما اعتناء، مركزا على كثير من المبادئ التي فطنت لها بعض الحكومات والأنظمة اليوم، كمبدأ: "من أين لك هذا؟"، ومبدأ: "ابدأ بنفسك، وكن موضع القدوة من غيرك"، ومبدأ: "تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة"، ومبدأ الكفاءة في تولي المهمة"، ومبدأ: "ربط المسؤولية بالمحاسبة"، ومبدأ: "المواجهة المباشِرة في مراقبة المسؤولين"، وغير ذلك من الضوابط التي ضمنت للدولة حسن التسيير، وسلامة التدبير، وهيأتها لِتُوَسِّع رقعتها الجغرافية، وتنشرَ الإسلام في نواحي الكرة الأرضية، بما في ذلك الإمبراطوريتان: الفارسيةُ، والرومانية. فكان شعار العامل ما قاله عياض بن غَنْم - رضي الله عنه، وكان واليا لعمر بن الخطاب على حمص -:"فوالله، لَأَن أُشَقَّ بالمنشار، أَحبُّ إليَّ من أن أخون فلساً أو أتعدَّى".

فما الأسباب - إذن - التي نخرت في المجتمعات المالية المعاصرة، حتى أهدرت الملايير، واختلست الملايير، ونهبت الملايير؟ حتى رأينا بعض صغار اللصصة تبلغ بهم الجراءة أن يعرضوا مسروقاتهم، ومنهوباتهم، وغنائمهم على بعض المواقع التواصلية، متبجحين بفعلتهم، مفتخرين بشناءة تصرفاتهم.

لا شك أن مثل هؤلاء لا يعرفون مراقبة الله تعالى في أفعالهم، وأنهم محاسبون يوم القيامة على كل صغيرة وكبيرة. قال تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281]. وقال محمد البلخي: "ما خطوت - منذ أربعين سنة - لغير الله عز وجل". وقال الحسن: "ما نظرت ببصري، ولا نطقت بلساني، ولا بَطَشت بيدي، ولا نهضت على قدمي، حتى أنظر على طاعة أو على معصية، فإن كانت طاعة تقدمت، وإن كانت معصية تأخرت".

إن غياب هذا الفهم السليم للمسؤولية، هو الذي جعل العالم - اليوم - يتحدث عن 1500 مليار دولار قيمة ما يسمى بالأموال المغسولة، وهي الأموال المجتناة بالطرق الحرام، كالمخدرات التي بلغ حجم مداخيلها السنوي قرابة 700 مليار دولار، ومداخيل الدعارة، والتربح من الوظيفة واستغلال المناصب، والاختلاس، والابتزاز، والسرقات، والاتجار في السلع الفاسدة، والمقامرات في أسواق البضاعة، والتزوير في النقود والمستندات.. وغيرها.

ونود اليوم أن نشرع في الحديث عن أولى حلقات سلسلة الفساد، المدمرة للأخلاق، وهي "الرشوة"، التي أهلكت اقتصاد المجتمعات، وأرقت العالم الذي جعل لها مؤتمرا دوليا ينعقد مرة كل سنتين، ينخرط فيه 150 دولة، وجعلوا لها يوما عالميا، وأياما وطنية، دون أن يستطيعوا الحد من سلطانها، أو يوقفوا زحفها. الرشوة - التي يعاني منها اقتصاد بلدنا أ أيضا - على الرغم من إنشاء رقم أخضر للتبليغ عن المفسدين - كانت أحد الأسباب القوية، التي جعلتنا نحتل في السنة الماضية المرتبة 88 ضمن مؤشر الشفافية العالمي من بين 174 دولة، ويكفي أن نعلم أن حجم أموال قضايا الفساد الرائجة أمام المحاكم اليوم عندنا، تقارب 216 مليار درهم.

وعرفت الرشوة بأنها: مبلغ من المال، يتقاضاه الموظف العام نظير تسهيلات غير مشروعة، للاستفادة من الخدمة العامة، أو الأموال العامة، بوجه غير قانوني. وقال الجرجانيّ: "الرّشوة: ما يعطى لإبطال حقّ أو إحقاق باطل". وهذه خيانة للأمانة، وأكل للمال بالباطل، الذي سماه الله تعالى سحتا. قال تعالى: "وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ ﴿ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ... ﴾ [المائدة: 41- 42]. وقال تعالى: ﴿ وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 62]، والرشوة من أعظم أنواع السحت. قال عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه -: "الرشوة في الحكم كفر، وهي بين الناس سحت" صحيح الترغيب. وقال ابن سيرين: "السحت: الرشوة في الحكم" البخاري. واستوجب صاحبها اللعنة من الله تعالى، سواء كان صاحبها معطيا، أم قابضا، أم وسيطا. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:"لعنة الله على الراشي والمرتشي" صحيح سنن ابن ماجة. وحتى الساكت عن واقع الرشوة، الذي يستطيع التغيير بقلمه، أو نصحه، أو تذكيره داخل في هذا الوعيد الخطير. يقول تعالى: ﴿ لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [المائدة: 63].

الرشوة تحيل الحق باطلا، والباطل حقا، بها يصير المظلوم ظالما، والظالم مظلوما، بها يبرأ المجرم، ويجرم البريء، وبها تضيع الحقوق، وتنقض العهود، وتخترم الأمانات، وبها يعتلي المناصب الجهال، ويحرم أصحاب الكفاءات، فتوسد الأمور إلى غير أهلها، وبها يغتني البطالون الخاملون، ويفتقر النزهاء النشطاء المتدينون، وبها تفقد الثقة بين الناس، ويقل الأمن والأمان، ويفسد ميزان العدل الذي قامت به السموات والأرض، وقام عليه عمران المجتمع، ثم هي بعد ذلك هدم للدين والخلق.

كم من حقوق طمست، وكم من مظالم انتهكت، وكم من دماء أريقت، كانت وراءها الأيادي الآثمة للراشين والمرتشين والساعين بينهم.

جعلوا لها أسماء لتسهيل ارتكابها، وتمنية النفس بمقارفتها، وما علموا أن الحكم لا يتغير وإن تغيرت الأسماء، فتارة يجعلونها هدية، وتارة يسمونها إكرامية، وتارة يرونها حلاوة، وتارة يجعلونها مقابلا لعمل إضافي. والنبي - صلى الله عليه وسلم - قطع كل لَبس في التعامل مع الرشوة، وجعل صورتها واضحة لا غموض فيها إلا عند أصحاب الشبه المكشوفة، والتأويلات الزائغة. فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعمل رجلا على صدقات (زكوات) بني سليم، يدعى ابن اللتبية، فلما جاء حَاسَبَهُ، قال: هذا مالكم، وهذا هدية. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقا". ثم خطبنا، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "أما بعد، فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولَّانِيَ الله، فيأتي فيقول: هذا مالكم وهذا هدية أهديت لي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته، والله لا يأخذ أحدٌ منكم شيئا بغير حقه، إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه: بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر"، ثم رفع يده حتى رُئي بياض إبطه يقول: اللهم هل بلغت ثلاثا". ويقول - صلى الله عليه وسلم -: "مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقْنَاهُ رِزْقًا، فَمَا أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ غُلُولٌ" صحيح سنن أبي داود.

الخطبة الثانية

إن شرعنا الحنيف حذرنا من أن يعامل بعضنا بعضا معاملة العدو لعدوه، فلا أقضي له حاجة إلا بمقابل، ولا أعينه على خير إلا بهدية، فاشتراط ذلك تحقير له وخذلان، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ، وَلاَ يُسْلِمُهُ، ولا يخذله. وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ. وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ" متفق عليه.

وحذرنا شرعنا أن نقتات على الحرام، أو ندخل جوفنا حراما. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ أوَّل ما ينتن من الإنسان بطنه، فمَن استطاع أن لا يأكل إلاَّ طيباً فليفعل" البخاري.

قال بعض السلف: "لو قمت (أي لصلاة الليل) قيام السارية، ما نفعك حتى تعلم ما يدخل بطنك، أحلال أم حرام؟".

ويقول يوسف بن أسباط: "إن الرجل إذا تعبد قال الشيطان لأعوانه: انظروا من أين مطعمه؟ فإن كان مطعمَ سوء قال: دعوه يتعب ويجتهد، فقد كفاكم نفسه".

ولقد حاول اليهود رَشْوَ عبدالله بن رواحة، حين بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى خيبر لِيَخْرِصَ (يقدر) نخلهم. فجمعوا له حُليا من حُلي نسائهم فقالوا له: "هذا لك وخفف عنا، وتجاوز في القسم". فقال عبدالله بن رواحة: "يا معشر اليهود، والله إنكم لمن أبغض خلق الله إلي، وما ذاك بحاملي على أن أحيف (أجور) عليكم؛ فأما ما عرضتم من الرشوة، فإنها سحت، وإنا لا نأكلها". فقالوا: "بهذا قامت السماوات والأرض" رواه مالك في الموطأ، وصححه في غاية المرام.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 85.28 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 83.56 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.02%)]