|
الملتقى العام ملتقى عام يهتم بكافة المواضيع |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
![]() بسم الله الرحمن الرحيم -------------------- المقدّمة -------------------- الحمد و كفى و الصلاة و السلام على عباده الّذين اصطفى أمّا بعد : قبل البدأ في كتابة قصّتي اُلفت انتباه القارئ الكريم إلى أنّني أعلم أنّ محتواها يمكن أن يشوّه شخصيتي أمام النّاس و يفتح في نفوسهم أبواب الشكّ في سلامة عقلي و نفسي و ديني, و يعلم الله كم أنا خجول من كتابتها فهي ليست منطقيّة و لا عقلانيّة, و أحداثها ظاهرها خيال و أوهام أو كذب و افتراء, أعلم كلّ هذا يا قارئ كلماتي و لست شخص تملكه وساوسه و خيالات نفسه و يؤمن بما يدور في ذهنه من أوهام و يضعها في قلبه موضع اليقين, قبل الإحتكام إلى الدّلائل و البراهين, و أنا مطلع على خباي النّفس و أسرارها, و لا يلبسني جهل بعلم النفس و مكامنه كي ينحرف فهمي نحوى الوهم و الخيال, و ما دفعني إلى كتابة قصّتي سوى شدائد مقزّزة لا تخطر على بال إنسان, سبّبت لي ألم فضيع لا مثيل له في قواميس الألم و الأوجاع كلّها, هذا وصف ظاهره مبالغة و تضخيما, و باطنه يخبّئ من المفاجآت ما يدهش العقول, و يزلزل القلوب, و يعكّر صفو النّفوس. و هذا الآلم الفضيع المقزّز قد استمرّ معي ما يزيد عن سنتين كاملتين حتّى بلغ مبلغا لا يكون بعده إلاّ الموت أو الّشّفاء, و قد عشت هذا الألم وحيدا منعزلا لا يعلم بما اُعانيه من قسوته و فضاعته إلاّ الله سبحانه, حتى شَعُرَت نفسي بعظيم الخطب و دنوّ الخطر, فقرّرت الخروج من عزلتي و البوح بما اُعاني و لم أجد في من هم حولي و أقربائي من يمكن أن يفهم بلائي, فكلّ من حولي يغلب عليه الجهل و لا يفقه من الدّين شيئأ سوى ما تلقّاه تقليدا لا تعليما و تأصيلا. إنّ حالة ابتلائي لها علاقة بعوالم غيبيّة غريبة لا يمكن الحكم على حقيقة إنتمائها, إلاّ أنّ تفاصيل محنتي تنفي نفيا قاطعا إنتماء تلك العوالم إلى الجنّ و الشياطين, اُنبّهك يا أيّها القارئ الكريم أنّ هذه الكلمات توحي بالجهل و سوء الفهم و تخبّط في المقاصد و معاني الكلمات, و لكنّني اُدرك فهم كلّ كلمة أكتبها و مطلع على معاني الإصطلاحات الشّرعيّة التّي أختارها في تعبيري و كتاباتي, فلا تستعجل الفهم قبل اكتمال الغيايات و المقاصد, و لا تقدم الحُكم قبل إتمام الشّرح و انتهاء التّفاصيل. كما اُنبّه أيظا أنّ في قصّتي مصطلحات تصادم العقول المتعلّمة, و لكنّ نهايتها تفسّر كلّ الغموض و تكشف الحُجُبَ عن كلّ الغرائب, و تثبت حقيقة تلك العوالم الغيبيّة المجهولة بشهود في محطّات مختلفة, و أدلّة لا يمكن نفيها إلاّ بتكذيب ما سمعته الأذن و رأته عيون الشّهود, فاحفظ كلاماتي هذه قبل البدأ في قرائة قصّة بلائي كي لا تصادمك غرائبها فتشوّش عليك فهم مقصدي و تحكم على جهلي قبل بلوغ المنتهى و إدراك غايتي منها, و لست أقصد من قصّة ابتلائاتي سوى ما يأتي في أخرها, و لا قيمة عندي لما يأتي قبل ذلك إلاّ أنّي أرى فيه مفاتيح فهم حالة ابتلائاتي المرعبة المقزّزة. و أوّل خيط يربط بين ابتلائاتي و العوالم الغيبيّة المجهولة هو مستوى اللّغة الّتي أكتب بها, فأنا لم أدرس قط في حياتي في مدرسة عربيّة أو معهد للعلوم الشرعيّة إلاّ المدرسة الإبتدائيّة في بلدي الأصل قبل رحيلي مع أهلي إلى بلد إقامتي, و كانت لي قصّة في تلك المدرسة و هي أنّني اُصبت في أوّل سنة بثقل في لساني صعّب عنّي النطق و الكلام, و اُصبت بخمول في ذهني قطع عنّي الحفظ و أعجزني عن إكمال التّعليم, و ظلّت تحاصرني تلك العوالم الغيبيّة بخمول ذهني حتّى توقفت عن التعليم و أنا مازلت في سنّ الطّفولة, فحوصرت عن التعلّم و التّعليم إلى يومنا هذا إلاّ ممّا يأتيني عن طريق تلك العوالم الغيبيّة المجهولة بالكشف و الإلهام و كأنّني مُحرّم عليّ تلقّي العلوم عن طريق المعلّمين من بني البشر, هذا أوّل خيط يربط بين ابتلائاتي و علاقتها بالعوالم الغيبيّة, و لم أكن أعلم بحقيقتها و لا اُدرك سرّ فهمي و تعلّمي, و كنت أعتقد أنّ سرّ تفوّقي و علمي يكمن في ذكائي و عبقريّتي رغم فشلي في دراستي منذ طفولتي, حتّى بلغت الأربعين عاما ثمّ انكشف لي هذا العالم الغريب انكشافا لا يمكن أن يستوعبه عقل بشر, فظهرت لي عجائب يستحيل وصفها و لو بحثت في قواميس العربيّة كلّها عن كلمات يمكن أن أصف بها ما تراه عيني و تسمعه اُذني لعجزت تلك القواميس و فشلت, أقول كلّ هذا و أنا أعي ما أقول و مدرك منتهى الإدراك لمعاني كلماتي فلا تصادمك أوّل قصّتي ففي نهايتها براهين تنسف كلّ الشّكوك و تزيل كامل الغموض. قبل البداية اُأكّد لك أيّها القارئ الكريم أنّك لم تسمع بمثلها, و هي أغرب من الخيال, لا يفهمها و يدرك ما ورائها إلاّ من قرأها بتركيز و انتباه لكلّ أحداثها و مراحلها دون إهمال أيّ جزء منها, قد تبدو لك في أوّلها و وسطها مجرّد قصّة لإنسان غلبت عليه شكوكه و وساوسه, و سبّبت له حالة مرضيّة نفسيّة و تخيّلات و أوهام, و لكن إن صبرت على قرائتها إلى أخر كلمة فيها ستصيبك الدّهشة و ستجدها كلغز يصعب حلّه و فهمه, و ستجد فيها عالم ملائكيّ و تصرّفات شيطانيّة تحت سقف واحد كالنّار و الماء في وعاء واحد ينكرها عقل إنسان و لو شوهدت في أماكن مختلفة حول العالم, و تبدو كغموض لا يمكن فهمه و لا إدراك ما ورائه, و ستنتهي قصّتي بفتنة أعظم من فتنة المسيح الدّجّال حسب ظاهر الأحاديث الّتي جأت فيه. إنّ الأسباب الّتي دفعتني إلى كتابتها لن تترك في نفسك أيّ شكّ على صدقي, إنّها أسباب مزلزلة تقشعرّ لها جلود و أبدان المؤمنين, لا يبوح بها إلاّ الصادقون. -------------------- القصّة -------------------- أقول و بالله التّوفيق : تبدأ قصّتي منذ أن كنت طفلا صغيرا في الخامسة من عمري بمحن و ابتلائات ليست كأيّ محن أو ابتلائات عاديّة يمرّ بها الإنسان في حياته, و لكن كلّ ابتلائاتي ليست إلاّ نقطا متسلسلة ترسم فتنة عظيمة يكتمل رسمها عند بلوغي 40 عاما, ثمّ تولد كولادة طفل و لكن ينمو نموّ الثّلاثين سنة في ثلاث سنين فقط. في يوم عرس اُختي الكبرى كنت ألعب مع ابن عمّتي و كان أكبر منّي سنّا, ضربني و أنا على غفلة بحبّة بطاطس كبيرة الحجم على عيني اليمنى من مسافة متوسّطة بقوّة شديدة فدخلت عيني إلى مستوًى لم أقدر على فتحها و لو بيدي, صرخت صرخة شديدة و لم ينتبه أحد لصراخي رغم أنّي كنت أصرخ صراخ من تقطع يده بالمنشار, و العجيب أنّني كنت قريبا من كلّ أفراد عائلتي و ضيوف العرس و لم ينتبه لي أحد إلاّ اُختي الوسطى فجأت إليّ مسرعة و صعقت بهول ما رأت في عيني المختفية, أدخلتني إلى غرفة صغيرة و حاولت فتح عيني و لم تستطع, ثم ذهبت مسرعة و أغلقت الباب ورائها و تركتني اُعاني وحيدا حتّى غلبني النّوم من شدّة الإرهاق و الألم, و كان وراء ذهابها ونسيانها لما حدث لي تأثير غيبيّ سيتّضح في نهاية قصّتي, و لم أستيقظ إلاّ في اليوم التّالي بعد انتهاء العرس, حينها فقط علم أهلي بما حدث لي و صعقوا بهول ما شاهدوا, كانت عيني قد طمست و لم أعد أرى منها سوى ضبابا فظنّ الجميع أنّي قد فقدتها و لكن شأت إرادة الله سبحانه أن تتعافى و تعود كما كانت و الحمد لله. و في نفس السّنة و نفس الفترة حدثت معي حالة غريبة آلمتني كثيرا و هي : فجأة ثقل لساني عن الكلام و كنت أجد صعوبة في نطق معظم الحروف و يتعثّر كلامي بالخروج حتّى خشي عليّ أهلي البكم, و كنت أتألّم كثيرا عندما اُحاول النطق و لا أستطيع فيتملكني الإضطراب و أنهار بالدّموع, و بعد مرور فترة من الزّمن بدأ لساني يخفّ و ينطق و لكن بقي عليه ثقل إلى يومنا هذا, و هذه الحادثتين كانت أوّل رسم لتلك الفتنة العظيمة الّتي بنيت عليها قصّتي كلّها. قد تتسائل الأن ما المقصود من هذه الحادثتين, و قد تتسائل أيظا بعد قرائتك لباقي أجزاء قصّتي و لن تجد أيّ إشارة فيها إلى عنوان الفتنة العظيمة, و لكن إن صبرت على قرائتها إلى أخرها سيبدأ فهمك و إدراكك لما ورائها, عندئذ ستنشغل بها بكلّ تركيزك, فإن قلت لما لا تلخّص أحداث القصّة و تختصرها أو تختصر في شرحها, أقول : كلّ أحداثها و فصولها محطّات ترسم وجه الفتنة العظيمة الّتي ستأتي في ختام قصّتي و مذكّراتي هذه, و بدون هذه المحطّات و الحوادث يصعب فهمها إن لم يستحيل. و بعد تلك الحادثتين بدأت الحياة تصعب في نفسي, إبتلاءات متتالية, اُصبت بالخوف فصار رفيقي يهاجمني كثيرا بأسباب مختلفة و أشكال متنوّعة, و بعد مرور فترة من الزّمن و كنت في الثّامنة من عمري حدثت معي صدفة هي لغز قصّتي كلّها و هذه الصّدفة : بعد عودتي من المدرسة ذهبت لألعب مع أصدقائي و أصابني العطش و عدت إلى البيت مسرعا, فذهبت إلى المطبخ و فتحت المبرّد و أخرجت الماء و شربت, و كنت في الطّابق الثّاني من بيتنا و لم يكن هناك في ذلك الوقت أحد غيري, فوالدتي و أخواتي كانوا في الطّابق الأوّل, و عندما أنهيت شربي و هممت بالذّهاب رأيت شيخا غريبا واقفا عند باب الطابق الثّاني بهيئة غريبة و لا يبدو عليه أنّه رجل من عصرنا, بل مظهره كان يوحي إلى أنّه من عصور قديمة, مرتديا قميصا أبيض و عمامة جميلة بيضاء و لحيته طويلة جدا و بيضاء بياضا كاملا لا سواد يختلطه, و كان ذلك الشّيخ طويل و ضخم الهيئة, و كان واقفا عند الباب متعمّدا مصادفتي و رؤيتي له, و الغريب في الأمر هو قبل مروري على ذلك الباب و رؤيتي لذلك الشّيخ انتزع الخوف من قلبي, فرأيته و كأنّي كنت أعرفه و متعوّد على رؤيته و نظرت في وجهه و كانت تبدو عليه الهيبة و الوقار, و مررت بهدوء بجانبه و خرجت من الباب دون أن يصيبني أيّ خوف أو هلع و كانت نفسي هادئة مطمئنّة إلى أن خرجت من البيت, و بعدها أحسست بالخوف بدأ يعود في نفسي و يتحرّك و هممت أن اُخبر والدتي و لكن شعور غريب في قلبي منعني, و كلّما هممت أن اُخبر أحدا بتلك الصّدفة العجيبة يعاودني ذلك الشّعور مرّة اُخرى فأكتم ما رأيت. و ذات يوم زارنا جدّي والد اُمّي في بيتنا و جلس مع والدتي في غرفة و كنت ثالثهما أسمع ما يدور بينهما, و بعد حديث طويل بدأ يحدّثها عن حوادث الجّن في قريتنا و أخبرها أنّ شخصا صادفه الجّن و ضربه في عينه و اُصيب بعدها بالعمى, فامتلكني خوف شديد من حديثه و ذكّرني بتلك الحادثة الّتي أسلفت ذكرها, و ظلّ هذا الخوف يرافقني طيلة حياتي إلى العام الماضي الّذي توقّف فيه نهائيّا بعد ولادة الفتنة العيظمة, و بعد حديث الجّن و العمى بدأ يحدّث والدتي عن شجرة نسبنا و أجدادنا إلى أن انتهى إلى الحسين رضي الله عنه, لم أكن اُدرك وقتها معنى أن ينتهي نسبنا إلى الحسين رضي الله عنه و أنّنا من ال البيت كي تهمّني هذه المعلومة فأحفظها في قلبي, و لكنّ الحديث عن الجن و العمى أفزعني و أدخل خوفا عظيما في نفسي كان سببا لتذكّر ما بعده من الحديث و كأنّ حديث جدّي عن الجنّ و العمى يريد به أن يلفت انتباهي إلى نسب اُمّي فأحفظه في ذاكرتي و أنا مازلت طفلا صغيرا تحكم عليه طبيعته بالنّسيان, و لكنّ الخوف و الفزع كان سببا لغرس تلك المعلومة في ذاكرتي. و عند بلوغي سنّ 12 رحلت مع عائلتي إلى بلد أخر قضيت فيه فترة لم أدخل فيها مسجدا إلى أن جاء يوم قرّر والدي أن يصتحبني معه إلى المسجد, و كانت أوّل خطبة أسمعها في مسجد مدينتنا الجديدة بعنوان : أشراط السّاعة و أخر الزّمان؟ و كان عمري وقتها 12 سنة, و كانت تلك المحاضرة محطّة إكمال رسم وجه الفتنة القادمة بعد 28 سنة. و بعد تلك الخطبة عن أحداث أخر الزّمان, تذكّرت الشّيخ الغريب و بدأ في نفسي فضول يشدّني إلى معرفة من يكون, و لازمني هذا الفضول فترة حتّى استدرجت أخي بحديث و سألته : هل سبق و أن رأيت شيئا غريبا في بيتنا في بلدنا الأصل فأجابني نعم أتذكّر أنّي رأيت شيخا غريبا و وصفه لي و كيف رآه فوجدت أنّه رأى مثل الّذي رأيت تماما, لم أكسر كتماني لأخبر أخي إنمّا استدرجته بغير البوح و ما كان استدراجي له إلاّ بتأثير غيبيّ ليكون محطّة تذكير فتبقى تلك الحادثة محفوظة في ذاكرتي إلى أن يكتمل رسم الفتنة الّتي حُدّد موعدها عند اكتمالي 40 عاما سنة 2017, فيكون قد مرّ على هذه المحطّة التذكيريّة و على انتقالي من بلدي الأصل إلى هذا البلد الّذي اُقيم فيه 28 عاما و هو رقم البيت الّذي أسكن فيه والّذي اكتمل فيه رسم تلك الفتنة العظيمة إنّه رقم 28. أمضيت فترة من الزّمن في هدوء و استقرار راحة بال إلى أن وقعت حرب الخليج الأولى فبدأت الإبتلائات و المحن تشتدّ و كأنّها تربطها علاقة بما يحدث في بلاد المسلمين من حروبٍ و خرابٍ و سفكٍ لِدماء الأبرياء, و كلّما حدثت حرب جديدة زادت معها ابتلائاتي و محني, و كانت تصيبني أمراض مختلفة غريبة لا يظهر أثرها في الفحوصات الطّبيّة, و كان الخوف الّذي تسبّبه لي أشدّ من ألمها, و كأنّها تأتي فقط لتبقيني في حالة خوف و ترقّب مستمرّ, و بسبب حبّي الشّديد لوالدتي كنت أخشى أن اُخبرها بما اُعاني فتتألّم بسببي, كنت أخشى أن أراها حزينة و متؤلّمة و لذلك أكتم عنها كلّ ما يؤلمني و يعذّبني كي لا تتقاسم ألامه معي, و كتماني لأوجاعي و مصائبي كانت تؤثّر فيه عوالم غيبيّة تمنعني من البوح كما منعتني من بوح رؤيتي لذلك الشّيخ الغريب لأعيش ألامي الفضيعة وأحداث حياتي الرّهيبة وحدي إلى أن يكتمل رسم الفتنة فاُواجهها منفردا بفطرتي وعلمي اليسير المجرّد, لا أستعين بأهل العلم و لا أستشير من هم حولي, و بعد حرب الخليج و بلوغي سنّ 17 و هو رقم سنة اكتمال رسم الفتنة القادمة, أصابني أوّل بلاء عظيم يعجز لساني عن وصفه بالكلمات, إنّه بلاء و آلام أنستني كلّ ما مرّ عليّ من الألام و المواجع قبله, إنّه بلاء جعلني أشمّ رائحة الموت و لا أراه, حطّم الأمال و لذّة الحياة في نفسي, و تفاصيل هذا البلاء اُفضّل أن أتركها مخبّئة في قلبي و لا أذكر منها سوى عنوانها و هو أنّي شربت سمّا دون قصد مع شخصين فأصابنا بعذابه إلاّ أنّ عذابي أنا كان له لون أخر و طعم مرعب مهما حاولت وصفه ستعجز كلاماتي و تأبى, و استمرّت معي ألام تلك المحنة لعدّة سنوات, و حدث في نفس سنة ذلك البلاء زواج اُختي و كان لهذا الزّواج علامة تتعلق ببلائي و بالفتنة القادمة سيأتي ذكر تلك العلامات في الجزأ الثّاني و الثالث الأخير, و كان ذلك البلاء أوّل ابتلائات عظيمة مزلزلة اُصبت بها في حياتي عندما بلغت 17 عاما, و كانت الأشدّ الحوادث مزلزلة لم اُصب بمثلها إلى أن بلغت 40 سنة في العام الماضي 2017. و في يوم من الأيّام عدت للبيت متأخّرا و كنت جائعا, أكلت في منتصف اللّيل ثمّ نمت و قبل الفجر صحوت على اختناق و ألم شديد في معدتي و ظلّ يزداد حتّى اضطررت للإستفراغ و عندما حاولت القيء أحسست بإنسداد في أعلى معدتي, و بقيت طوال اليومين اُحاول القيء و لا أستطيع, كانت محنة عظيمة و بعدها بدأ أعلى معدتي ينفتح و بدأت أستفرغ قطعا صغيرة وجدتها كما أكلتها لم تهضمها معدتي, ثمّ بدأت أرتاح قليلا و لكن دون أكل شيء بتاتا إلاّ تناول اللحليب فقط, ذهبت للطّبيب فأخبرني أنّ لي مشكلة في الهضم و أعطاني دواء و لكن دون جدوى, كلّ يوم تزداد حالتي سوءا, كنت لا آكل شيئا سوى شرب الحليب الدافئ و كان يتحوّل بسرعة في معدتي إلى حموضة رهيبة لا توصف, كلّما تقيّأت أسقطت جلد حنجرتي و فمي, كانت تلك الحموضة شديدة عظيمة, و عدت إلى الطّبيب مرارا وأبدلني الدّواء و لكن دون جدوى, و ظلّت حالتي تزداد سوءا إلى أن بدأ عضمي بالظهور من جلدي, و في يوم أحسست بضعف شديد و عرق بارد على جبيني, هرعت للوضوء و ذهبت لصلاة ركعتين علّها تخفّف عنّي ما بي من الألم و الخوف, و في السّجود سمعت صوت في اُذني يقول : تثبّت فإنّك تحتضر فأسرعت نبضات قلبي و أحسست بإحساس لا أستطيع وصفه و تيقّن قلبي أنّني فعلا اُحتضر, و لكن بعد التّسليم بدأت اُحسّ بهدوء تدريجيّا إلاّ أنّني بقيت خائفا طوال اليوم و لم أنم تلك اللّيلة حتّى شروق الشّمس بعد التعب و الارهاق, و في اليوم التّالي بدأت اُحسّ أنّ ما حدث كان مجرّد وهم لا أكثر ثمّ عاودني ذلك الهاتف ليأكّد لي أنّه ليس وهما فقال : إرجع إلى الطّبيب مرّة اُخرى, فرجعت إلى الطّبيب و وصف لي دواء جديد و عدت للبيت و بمجرّد أن أخذت الحبّة الأولى منه أحسست مباشرة بتوقّف الحموضة و ألمها, فتحسّنت حالتي بسرعة إلاّ أنّني لم أعد أستطيع العيش بدون ذلك الدّواء إلى يومنا هذا. و بسبب ذلك الدّواء عادت الرّاحة مرّة اُخرى لنفسي لفترة من الزّمن ليست بالطّويلة ثمّ بدأ الخوف يلاحقني من جديد عندما لاحظت في يوم أنّ عيني اليمنى الّتي ضُربت فيها بالبطاطس عندما كنت طفلا صغيرا كما أسلفت, بدأت اُلاحظ فيها ظهور خيوط سوداء عند رؤيتي و خصوصا تحت ضوء الشّمس, و بدأت تلك الخيوط تُفزعني و تأرّقني و فقدت الطّمأنينة و الرّاحة من جديد, و كانت تأتيني وساوس لا أستطيع وقفها توحي في نفسي أنّني سأفقد بصري, و ظلّت تعذّبني فترة حتّى اختفت و اختفت معها أيظا تلك الخيوط السّوداء في عيني إلاّ أنّها تركت أثر خفيف أكاد لا اُلاحظه في رؤيتي, و كأنّ تلك الخيوط في عيني جأت لتذكّرني فقط بما حدث لي حينما كنت طفلا صغيرا و بحديث جدّي مع والدتي عن العمى و النّسب بعد أن غفلت عن تلك الحوادث و بدأت أنساها. و عندما بلغت سنّ 23 بدأت اُفكّر في الزّواج و كلّما حاولت خطبة فتاة ما تهاجمني ظروف و مشاكل و أسباب منطقيّة و غير منطقيّة فأبوء بالفشل, حتّى أجمع كلّ أهلي و من حولي أنّ سحرا ما قد أصابني, و بعد هذا السّن بدأت أميل للإلتزام و مصاحبة الصّالحين دون غيرهم, و أمضيت فترة من الزّمن في وسط من ذكرت, و لم تنتهي تلك الإبتلائات و المخاوف بل ظلّت تلاحقني, كلّما انتهت محنة أصابتني اُخرى بشيء جديد فيعكّر صفو نفسي و راحة بالي, مصائب متتالية و أمراض مختلفة ذقتها و ذقت ألمها كلّما انتهى مرض أو خفّ ظهر أخر و أخذ مكانه في التّخويف و التّأليم, و عشت طيلة حياتي الماضية بين مهموم حزين, و خائف مترقّب لا يأمن ما ينتظره في غده. و بعد فترة من الزّمن توقّفت معانتي و ألامي قليلا و أمضيت فترة هادئة شيئا ما, و كأنَ القدر كان يهيّئني لمرحلة جديدة و طريق وعر أخر في الإبتلاء ظلّ يلاحقني 14 سنة حتّى ولادة الفتنة, هنا فقط تبدأ قصّتي المثيرة الّتي تحمل كثيرا من الألغاز يصعب حلّها و فهمها, و كلّ هذا الّذي ذكرته و ما يليه في هذا الجزأ من قصّتي له علاقة بالشّيخ الغريب الّذي أكّد لي أنّه لم يكن وهما ولا خيالا بظهوره لغيري من أقربائي. قد تبدو لك قصّتي حتّى الأن كما أسلفت في مقدّمتها, أو هي كلام لشخص أراد إشهار نفسه أو في نفسه حاجة و أراد تحقيقها بكتابة قصّته أو تأليفها, و لكن إن صبرت و ركّزت في كلّ ما تحتويه و خصوصا الأسباب الّتي دفعتني إلى كتابتها ستدرك يقينا أنّ كاتبها صادق, فالأسباب الّتي دفعتني لكتابة قصّتي ستصدمك و سيقشعرّ لها جلدك و بدنك, فاصبر في قرائتها و افهمها بارك الله فيك و هدانا جميعا إلى الحقّ و الصّواب. و قبل بلوغي سنّ 25 بيومين حدث ذلك الهجوم على مركزي التّجاريّ العالميّ في نيويورك, فبدأت حياتي تتّخذ مسار أخر في الإبتلائات و المحن, قبل ذلك الحدث أمضيت فترة في هدوء شيئا ما كما أسلفت, و بعد الحدث بدأ ميولي يشتدّ للجهاد, و كان قد بدأ في حرب الشّيشان الثّانية و لكن بعد 11 سبتمبر أحسست بدافع رهيب في نفسي لم أفهم حتّى أسبابه و لم تكن قناعتي بتنظيم القاعدة واضحة, و هل هو تنظيم شرعيّ يوافق نهج الرّسول صلّى الله عليه و أله وسلّم في الجهاد أم لا, كلّ ما في الأمر هو أنّني دُفعت دفعا دون فهم و لا قناعة للتعاطف مع التّنظيم و حبّ الإنضمام إليه و لم يكن هذا إلاّ سببا لإدخالي في مرحلة جديدة من الإبتلائات و المحن كانت تمهيدا للفتنة القادمة, و بدأت أبحث عن أسرار هذا التّنظيم و من يكون و لم أجد سُبل البحث إلاّ في شبكة الإنترنت, و دخلت أتصفّح فيها المواقع الّتي تتحدّث عن التّنظيم حتّى وصلت إلى مواقعه و مواقع تنظيمات اُخرى للجهاد, و وجدت فيها دروسا عسكريّة في الأمن و مكافحة التجسّس, و دروسا في استعمال الأسلحة و التّدرّب عليها و اُخرى في حرب العصابات و الشّوارع, و قمت بإنزالها على جهازي و كذلك حصلت على ملفّات كثيرة تحتوي على كيفيّة صنع المتفجّرات و القنابل و غيرها, و في يوم من الأيّام كنت أتصفّح موقعا إلكترونيّا فصادفني موضوع في غاية الحساسيّة و هو : عالم نوويّ أمريكيّ قام بتحميل ملفّ خطير على شبكة الإنترنت, و هذا الملفّ بعنوان : الخريطة المختصرة لتركيب القنبلة الذّريّة المصغّرة, و أسرعت بتحميله على جهازي و لم تكن مجرّد صدفة إنّما كانت سببا من أسباب جديدة في رسم خريطة مرحلة جديدة من حياتي في الإبتلائات, و استمرّ بحثي عن تنظيم القاعدة و دروس الجهاد من سنة 2001 إلى سنة 2003, و ذات يوم وصلتني رسالة على بريدي الإلكترونيّ تعرض عليّ عمليّة غسيل أموال بمبلغ قيمته 17 مليون دولار أمريكي, يتمّ تحويلها إلى حساباتي بعد تزوير أوراق تجاريّة تثبت مصدرها الشرعيّ دون أيّ مشاكل مقابل عمولة قدرها 3 مليون دولار أمريكي أخصمها من كامل المبلغ و اُعيد 14 مليون إلى مصدر الأموال, رغم عدم قناعتي و خوفي قبلت العرض دون تفكير, و بدأت في إجراءات التّحويل بالإستعانة ببعض أصدقائي و كنّا نتحدّث كثيرا عن العمليّة على الهاتف, و من سوء حظّي كنت وقتها تحت مراقبة المخابرات بسبب شبهة اُخرى وهي : كان لي صديق تمّ اعتقاله في أوّل حملة اعتقالات للمخابرات في البلد الّذي اُقيم فيه بعد 11 سبتمبر بتهمة جمع الأموال من المساجد و إرسالها إلى منظّمات إرهابيّة, و اتّهم بإرسال شابّين إلى كشمير و قتلا هناك, و أمضى ما يقارب السّنة في السّجن ثمّ تمكّن من الفرار قبل محاكمته, و بسبب فراره من السّجن و ضعوا كلّ الأرقام الّتي وجدت في هاتفه تحت المراقبة و من بينها رقم هاتفي, و ذات يوم فاجأني باتّصاله و أخبرني أنّه انتقل إلى بلد أخر, و بعد يومين من اتّصاله بي فاجأتني صورته على شاشة التّلفاز مع خبرٍ أنّ شخصا مشتبها تمّ اعتقاله مرّة اُخرى بعد فراره من السّجن, و كان سبب انكشاف مكان تواجده للمخابرات هو اتّصاله بي و لكنّي لم أنتبه لهذا وقتها, فإذا نزل القدر عمي البصر, فتمّ تشديد المراقبة على كلّ اتّصالاتي و تحرّكاتي و أنا على غفلة من أمري, و رغم ذلك لم يفهموا حقيقة الموضوع الّذي كنت مشغولا فيه, فقد اعتقدوا أنّني تاجر مخدّرات كبير يقوم بتصنيعها و إعدادها ثمّ تصديرها إلى عدّة دول, إعتقدوا هذا بسبب استعمالنا لألغاز و إشارات على الهاتف, فأصدروا مذكّرة اعتقال بحقّنا و قاموا على الفور بمداهمة منازلنا و اعتقالنا ليلا, و ظلّوا يبحثون طيلة اللّيل في منازلنا عن المخدّرات أو أثارها و الأموال الّتي كنّا نتحدّث عنها و لم يجدوا شيئا, و في الصّباح أخبروني أنّهم لم يجدوا أيّ مخدّرات أو أثارها في منازلنا, و لكن تلك المكالمات المشبوهة تلزمهم تركنا عندهم عدّة أسابيع للتأكد من معانيها. و ما هذه الأحداث و الوقائع إلاّ تكملة لرسم وجه الفتنة القادمة, و بعد اُسبوع من التّحقيق و البحث تأكّدت الشّرطة أن لا علاقة لي بتجارة المخدّرات و اعترفت لهم أنّني كنت اُنفّذ عمليّة غسيل أموال و لم أكن متورّطا أبدا في المخدّرات, فضحكوا و سخروا منّي و أخبروني أنّ الجهة الّتي كنت أتواصل معها بخصوص موضوع غسيل الأموال لسيت إلاّ شبكة عالميّة للنّصب و الإحتيال, و ما تلك الإجراءات الّتي كنت أتّبعها معهم إلاّ استدراج منهم ليوقعوني في فخّ النّصب و الإحتيال, ففرحت كثيرا بهذا الخبر لأنّه يثبت برائتي من أيّ تهمة تلزم القضاء سجني فترة اُخرى ثمّ أخبروني أنّه لابدّ من فحص كلّ ما اُخذ من بيتي قبل إطلاق سراحي و هذا الفحص يحتاج إلى بعض الوقت, و تمّ ترحيلي من معتقل الشّرطة إلى سجن شديد الحراسة مخصوص لأعتى المجرمين و المهرّبين, و تمّ وضعي في غرفة منفردة منعزلة لا يصل إليها أيّ صوت مسّجون أخر و لا يحقّ لي رؤية و محادثة باقي المساجين و لا الإختلاط معهم, كما مُنعت أيظا من التواصل عبر الهاتف مع أيّ إنسان أخر سوى الطّبيب و المحامي منعا لتسريب أيّ معلومات خارج السّجن قبل إكمال التّحقيق. و يتكوّن مبنى ذلك السّجن من عدّة طوابق و كان رقم الطابق الّذي كنت فيه 11, و اُريدك أن تنتبه لكلّ الأرقام الّتي و ردت في ما أسفلت في قصّتي هذه و ما سيأتي ِلمَا لها من إشارات و ألغاز محيّرة, و في اللّيلة الأولى الّتي قضيتها في السّجن حدث معي أمر غريب جدا و هو بعد إطفائي للضّوء و وضع رأسي على وسادتي أسمع مباشرة صوت شخير إنسان معي في الغرفة, فإن أشعلت الضّوء ينقطع معه و إن أطفأته يعود من جديد فاُحسّ بخوف خفيف و كأنّ ذلك الخوف ما أراد إلاّ أن أنتبه إلى أنّي لست وحدي, و بعد أن انتبهت و تيقّنت أنّه صوت حقيقيّ معي في الغرفة و ليس وهما نزع الخوف من نفسي كما نزع منّي حينما رأيت ذلك الشّيخ الغريب الّذي أسلفت قصّته, فنمت دون خوف أو اضطراب ممّا أسمعه بجانبي من صوت شخير إنسان ليس موجودا معي, و في الصّباح الباكر أحسست بشخص يهزّني كي أستفيق, و ظلّ هذا يحدث معي طيلة الفترة الّتي قضيتها في السّجن إلاّ أنّ ذلك الصّوت تغيّرت مدّته و صار يسمعني ذلك الشّخير في أوّل لحظة اُطفئ فيها ضّوء الغرفة فاُحسّ أنّه معي ثم ينقطع بسرعة كأنّه لا يريد إزعاجي إنّما غرضه أن أنتبه لوجود شيء غريب معي في الغرفة و اُخبر به غيري كي يعتقد غيري أنّ صدمة السّجن أثّرت في أعصابي فساءت حالتي النفسيّة. رغم هذه الملاحظة لم أعتقد في نفسي وقتها أنّه فعلا شيئ غريب من عالم أخر يلاحقني بل اعتبرت ملاحظتي مجرّد وهم بسبب صدمة السّجن لا أكثر, و بعد اُسبوع من دخولي ذلك السّجن بدأت تحدث معي أحيانا حالة غريبة و هي أنّني أستيقظ في اللّيل أو في الصّباح الباكر مع إحساس غريب و فضيع في عيناي يصحبه رُهاب شديد يجعلني أقفز واقفا على رجلاي و أهرع إلى الماء كي أغسل وجهي و أكبّ الماء على رأسي, و سبب ذلك الرّهاب هو هاتف أسمعه في اُذني بعد إحساسي بما ذكرت, يقول : إنّك ستفقد بصرك فأقوم فزعا من فراشي كما ذكرت, و عندما أهدء و يذهب عنّي ذلك الإحساس في عيناي و الرّهاب الّذي يصحبه أقول ليس هذا إلاّ اضطراب نفسيّ بسبب صدمتي و لكنّ الرّهاب و الفزع يوقذ في نفسي تلك الحادثة الّتي وقعت لي و أنا طفل صغير فأسترجع ذكراها الأليم, و يذكّرني أيظا بذلك الحديث بين جدّي و اُمّي عن الجنّ و العمى و عن نسب والدتي, فيحدث لي هذا الأمر الغريب في السّجن لأنّي أمرّ بمرحلة جديدة من الإبتلاء طريقها مليئ بالصّعاب و الفزع, و مثل هذه الظّروف تُنسي الإنسان ما مرّ عليه سابقا من المحن و الألام بسبب ما يمرّ فيه من محن و آلام أكثر قسوة ممّا سبقها, و ذات يوم أصابني الإرهاق و التّعب فغلبني النّوم و في الصّباح صحوت من نّومي على صوتٍ مرتفع جدا لذلك الشّخير الّذي كان يأتيني في اللّيل فقمت خائفا و جلست على سريري فإذا بي أسمع هاتفا في اُذني يقول إستعدّ إنّ أحَدهم قادم, فبدأت أرتعد و فقدت السّيطرة على أسناني و صارت تُحدث صوتا لا أستطيع إخفائه, و بعد لحظات قصيرة سمعت باب غرفتي ينفتح و أدخلوا طبيب السّجن إلى غرفتي من دون سابق موعد معه, أخبرني أنّه أراد رؤيتي و التعرّف عليّ, حاولت التّظهار بحالة عاديّة و لكنّه لاحظ أنّني مضطرب و أرتعد فسألني لماذا ترتعد ما الّذي تعاني منه, فأخبرته أنّني أسمع صوت شخير معي في الغرفة و أصوات تكلّمني فقال : أرى ذلك واضحا عليك و ظاهرك يأكّد ما تقول, و قال : سأكتب على الفور تقريرا اُأكّد فيه أنّ حالتك سيّئة و أنّك تحتاج إلى طبيب نفسيّ على وجه السّرعة, ثمّ غادر غرفتي فبدأت حالتي تعود إلى طبيعتها. و بعد أيّام قليلة زارني المحامي في السّجن و أكّد لي أنّ الإفراج عنّي سيكون بعد جلسة المحكمة القادمة لإنعدام الأدلّة و الحجج الّتي تبرّر تمديد مدّة الحجز, فقد مرّ على اعتقالي عدّة أشهر و لم تثبت أيّ شبهة تُشير إلى أنّني يمكن أن أكون متورّطا في التّهمة الّتي صدرت عنها مذكّرة إيقافٍ بحقّي, و عند حضوري في المحكمة طالب المحامي بالإفراج عنّي فورا لإنعدام الأدلّة المتعلّقة بالتّهمة فقاطعه وكيل النّيابة أنّ التّحقيقات أسفرت عن اكتشاف اُمور أعظم من التّهمة الّتي تمّ إيقافي بسببها, و ذكر وكيل النّيابة للقاضي أنّ التّحقيقات أسفرت عن تورّط المتّهم بالإنتماء لتنظيم القاعدة و أنّ الموادّ الّتي تمّ ضبطها معي مليئة بأسرار إرهابيّة و معلومات عسكريّة و ملفّات تصنيع القنابل الشّديدة الإنفجار, و طالب وكيل النّيابة بتأجيل النّظر في القضيّة الجديدة إلى جلسة مقبلة لإكتمال وصول الموادّ المضبوطة عندي من مركز البحث و الفحص فوافق القاضي على طلب وكيل النّيابة و تمّ تأجيل النّظر في قضيّتي إلى جلسة اُخرى. و بهذا أصابني الإحباط من جديد و عاد اليأس إلى قلبي أشدّ من سابقه, فبقيت في السّجن اُسبوعا جديدا أكثر قسوة من الأسابيع الأخرى الّتي مرّت حتّى اقترب موعد الجلسة الأكثر توتّرا و خوفا, و زارني المحامي في السّجن قبل موعد الجلسة بيومين و أخبرني أنّ القضيّة أصبحت صعبة و مدّة التّحقيق فيها سيطول إلى أجل بعيد غير معلوم قد يصل إلى سنتين أو ثلاثة لعلاقة القضيّة بالإرهاب, فزادني إحباطا و يأسا و مرّ عليّ اليوم الّذي بقي لموعد الجلسة كسنة و في الصّباح الباكر ليوم الجلسة في المحكمة حدث ما لم يكن في الحسبان و لا حتّى في الأحلام, ناداني مسؤلٌ في السّجن على ميكرفون الغرفة : هل مازلت نائما فصحوت على ندائه و قلت له لقد صحوت للتّو فقال : إجمع أمتعتك و أشيائك من الغرفة و لا تترك فيها أثرا, فقد جاء أمر بالإفراج عنك من وزارة العدل مباشرة, لم اُصدّق ما سمعت و ظننت ذلك مُزحة أو سُخريّة فأنا على موعد للمثول أمام القاضي في المحكمة فكيف يُفرج عنّي هكذا, فقلت في نفسي هذا مستحيل, و إذا بالمنادي يعاودني : هل انتهيت من جمع أشيائك من الغرفة فقلت لم أنتهي بعد, فقال إذن أسرع بجمع أشيائك و أخلي الغرفة بسرعة, هناك مسجون جديد قادم ليحلّ مكانك و أنت ستذهب للبيت حالا, هل نجهّز لك سيّارة اُجرة أم تتّصل بأحد أقربائك كي يحضر لأخذك, فقلت له بل سأتّصل بصديقي و لم اُصدّق ما أسمع و يحدث أمامي حتّى وجدت نفسي وحيدا خارج السّجن أنتظر وصول صديقي ليأخذني. كان ذلك الشّخير سببا في الإفراج عنّي بسرعة دون انتظار إكمال التّحقيق في قضيّتي, و حدث ذلك الإفراج بطريقة غريبة محيّرة, فقد قام الطّبيب الّذي زارني بإستشارة طبيبٍ نفسيّ في ما لاحظه عنّي, و قاموا بإرسال تقرير يأكّدون فيه سوء حالتي إلى وزارة العدل و لم يكن هذا إلاّ قدر إلاهيّ في وضع سبب الإفراج في أمر بسيط لم يكن ليخطر على بالي و لم يكن في حُسبان خصومي المخابرات و وكيل النّيابة. و بعد وصولي للبيت تفاجأت والدتي بعودتي و فرحت فرحا شديدا, و بعد لحظات اتّصل المحامي و ردّ عليه أخي و أخبره أنّ أمرا غريبا قد حدث و لم يفهم سببه, أخبره أنّه قد حضر في الموعد المحدّد في المحكمة و أنّه فوجئ بإعلان القاضي أنّ الجلسة تمّ إلغائها دون ذكر أسبابٍ لذلك, فأخبره أخي أنّه قد تمّ الإفراج عنّي فقال المحامي هذا مستحيل, لا يمكن أن اُصدّق هذا فأنا أوّل من سيعلم بخبر الإفراج قبل تنفيذه و أكّد له أخي ذلك. كانت تلك المحنة و ذلك الإفراج سببا في أعظم و ألذّ و أجمل فرحة مرّت عليّ في حياتي وقتها, و لكن لم أكن أعلم أنّ تلك المحنة و ذلك الإفراج لم يكن سوى سبب لمحن جديدة أعظم من كلّ سابقاتها, و إبتلاء لا يستطيع إنسان أن يصفه بالكلمات ليشاهده فرد أخر كما هو, بل لا يمكن وصفه إلاّ تمثيلا لحدث و ليس التّمثيل كالحقيقة. و كانت تلك المحنة مقدّمة لما بعدها, فهي محطّة إقناع و تبرير منطق, و هذا من قواعد تلك الفتنة القادمة, فاحفظ هذه القاعدة جيّدا كي تفهم الجزأ الأخير من قصّتي و بها ينكشف ألغازها و ما تخفيه من أسرار و غموض, إنّ هذه القاعدة لا تشرح الأن شيئا ممّا مضى من أحداثٍ و لا ما بقي منها قبل الجزأ الأخير, و لا يمكن شرحها إلاّ مع بداية الفتنة العظيمة, أمّا الأن فسأكمل ما تبقّى من هذا الجزأ و لم أجد له عنوان يناسبه سوى هذا العنوان : الهروب و التّصدي لمكائد أجهزة الإستخبارات و يتنهي الهروب عند اكتمالي 40 عاما باللّقاء مع الشّيخ الغريب الّذي شاهدته و أنا طفل في سنّ الثّامنة من عمري. و عند هذا العنوان تبدأ قصّة أشدّ فترة مرّت عليّ في حياتي, إنّها قصّة تبدو و كأنّها عصيّة على أن يقبلها عقل إنسان أو يوافقها منطق و لكنّها مليئة بالشّهود و الأدلّة القاطعة و الحجج الدامغة الّتي تنفي أيّ علاقة بين قصّتي و الإضطرابات النفسيّة و الأوهام الذهنيّة, لقد حاولت مرارا أن أفهم ما يحدث أمامي على أنّه مجرّد أوهام و خيالات نفسيّة لأنّي أجد راحة في الهروب إلى ذلك العالم المرضيّ, و لكنّ الأحداث الرّهيبة و الوقائع المفزعة تثبت أنّي أعيش حالة ابتلاء عظيمة بدأت منذ طفولتي متسلسلة لا تهدأ إلاّ لتشتعل من جديد و بشكل أفضع و أشدّ, كلّ محطّة في قصّتي لها دلالات و إشارات لِمَا سيأتي في أخرها, قد توحي لك حتّى الأن أنّني أستفرغ مواجعي من قلبي و نفسي بكتابتها, و لكن إن صبرت على قرائتها إلى أخرها ستجد العجب العجاب الّذي لا يمكن فهمه و حلّ ألغازه إلاّ بتفاصيل ما مضى من محطّات محن مرّت عليّ في حياتي كلّها, و هي ليست كلّ ما كتبت إنّما أوجزتها بأهمّها و الأكثر علاقة بأخرها الّتي هي بعنوان اللّقاء بالشّيخ الغريب عند إكتمالي 40 عاما, أمّا الأن فسأكمل الجزأ الّذي قبله و هو الهروب من أجهزة الأمن. بعد خروجي من السّجن باُسبوع واحد بدأت قصّتي الأكثر إثارة و غموض عندما لاحظت اُناس و سيّارات تلاحقني في كلّ مكان, فأدركت أنّني تحت مراقبة أمن الدّولة و أنّ ملفّ قضيّتي لم ينتهي بعد عند جهاز المخابرات و إن انتهى في المحكمة و عند القاضي, فاستيقظت همومي و أحزاني من جديد, و عاد الخوف مرّة اُخرى ليسكن قلبي و يحطّم أحلامي و أمالي, و لكن هذه المرّة عاد ككابوس أسود, فبدأت مرحلة جديدة من قصّتي عندما ذهبت إلى المسجد و فاجأني شخص مجهول كان يحدّق فيّ طوال الوقت, و عند انتهاء صلاة العصر قام واقفا و عرّف عن نفسه و قال : أنّه جاء من بلدٍ عربيّ ليكمل دراسته في هذا البلد, و أنّه يحتاج مساعدة في البحث عن سكن في مدينتنا, فأصابني الشّك فيه و غادرت المسجد و في طريق عودتي للبيت تفاجأت أنّه لحق بي مسرعا و ناداني قبل وصوله إليّ بعدّة أمتار فتوقّفت ثمّ قال : هل يمكنني التّعرّف عليك فقلت له بالتّأكيد, و أخبرني أنّه طالب جاء من بلد عربيّ قاصدا إكمال دراسته في هذا البلد, و طلب منّي أن اُساعده في البحث عن سكن و أن اُعطيه رقم هاتفي ليتواصل معي فأعطيته رقم هاتفٍ ليس لي بعد أن شككت في هويّته فقد نطق بعدّة كلمات من لغة البلد الّذي اُقيم فيه, و هذا يدّل على أنّه مقيم قديم معي في نفس البلد, و لسانه متعوّد على التحدّث بلغة بلد إقامتي, و كان نطقه بتلك الكلمات متقنا و زاد عليها أن أخبرني أن عمره 40 عاما فدّل هذا على كذبه فزاد حذري, كانت هذه البداية لمحنة المخبارات بهذا الرّجل المشبوه, و كأنّ مجيئه إليّ ليس لينذرني ببداية المحنة الجديدة و إنّما ليخبرني بأنّها ستنتهي عند اكتمالي 40 عاما, وتكرّر معي مثل هذا الموقف مرارا بأشكال مختلفة, و كلّها تُنذر بخطر و تحمل إشارات رقميّة محيّرة تقتحم الإنتباه عنوة, وتتكرّر تكرارا ينكر الصّدفة. سألت نفسي هل هذه الملاحظات دليل على أنّني تحت مراقبة أعين الشّرطة فكان الجواب في نفسي : بالطبع ليست دليلا على أنّني تحت المراقبة, فأنا شخص لا تغلب ظنونه على اعتقاداته و لا يحكم بما تمليه عليه وساوسه, و سألت المنطق في نفسي هل بعد تلك الملاحظات تكون الحيطة و الحذر مجرّد جهد ذهنيّ في اُمور لا تستحقّ فتتحوّل وسواسا في النفس قد يتضاعف حتى يخرج عن السّيطرة, أم أنّ تلك الملاحظات تقتضي الحيطة و الحذر, فأجابني منطق نفسي : أنسيت ما قد ضبط بحوزتك من موادّ خطيرة وملفّات عسكريّة و أمنيّة و غير هذا كثير مع صورة لجواز سفر لصديق تمّ اعتقاله قبلي و تمكّن بالهروب من السّجن و تمّ اعتقاله مرّة اُخرى في بلد أخر, أبعد كلّ هذا يُعقل أن يقتنع رجال الشّرطة بأنّني فعلا شخص مريض نفسيّا يرى أشباحا و يسمع أصواتا تملي عليه أفعاله, فقلت لمنطق نفسي هذا لا يعقل, و قال : إذن خذ حذرك و لا يضرّك إذا من حولك ظنّوا فيك الوسوسة ورأوها فيك عيبا, فأن يروا فيك عيبا و نقصا خير من أن تكون كاملا و مهدّدا, فاتّخذت القرار بأن أكون صارما و حاسما في حذري, و أصّلت القواعد في الحذر و قلت إذا تمّ وضع شخص ما تحت المراقبة فهذا يعني إصدار ترخيص لذلك من القاضي و هذا يكون محدّد الأجل حسب نوع الشّبهة, و لا يمكن أن يُصدر القاضي ترخيصٌ للمتابعه غير محدود الأجل أو طويل الأمد إلاّ في حالات نادرة تستدعي ذلك. فاتّخذت قرارا بعدم الذّهاب إلى المسجد و عدم اللّقاء و التواصل إلاّ مع من أثق فيهم, و أن لا اُكثر الخروج من البيت فبهاذا مهما طالت مراقبة الشّرطة لي لابدّ من انتهاء صلاحيّة ترخيصها دون تسجيل أيّ حركات أو شبهات يمكن أن تفيدهم في طلب إصدار مذكّرة استدعائي من القاضي لفتح التّحقيق في ما ضبط عندي, فأنا كما اقتنعت وزارة العدل مريض نفسيّ يرى أشباح ويسمع أصوات تملي عليه أفعاله و لكن من النّوع الهادء الّذي لا يشكّل خطرا على المجتمع, و بهذا فشل المراقبون من تسجيل أيّ ثغرة أو شبهة يمكن استغلالها في إصدار مذكّرة إيقافٍ أو استدعاء, و انتهت صلاحيّة ترخيص المتابعة بعد ما يزيد عن عدّة أشهر تقارب السّنة, فاضطرّوا إلى إعلان التّشكيك في نوع حالة المرض الّتي بسببها تمّ الإفراج عنّي, و وافق القاضي و تمّ تعيين طبيب نفسيّ تابع للمحكمة لفحص نوع الحالة المرضيّة النفسيّة و التّحقيق معي في ما ضُبط عندي من موادّ و أسرار جهاديّة ليرى المحقّق النفسيّ إن كنت في كامل المسؤليّة و اُشكّل خطرا ما أم لا, فتمّ استدعائي من طرف المحقّق النفسيّ إلى جلسة خاصّة, إمتلكني الخوف و أحسست في نفسي أنّ المحقّق لابدّ أن يكتشف أنّني مسؤول فيوافق بالسّماح للشّرطة بالتّحقيق معي فيما ضبط بحوزتي عند اعتقالي في منزلي, ففوضت أمري لربّي و توكّلت عليه و ذهبت في الموعد المحدّد إلى المحقّق و هناك عند دخولي عليه أحسست بشيء غريب في جسمي و نفسي يمتلكني, و ثقل لساني وتوقّفت أفكاري و تشتّتَ تركيزي فاُصبت بهلع و كأنّني أحضر امتحانا لم أكن مستعدّا له, و لكن حدث عجب على لساني كلّما سألني المحقّق أجبته بجواب دون سابق تفكير فيه و كأنّي كنت اُخرّف, و بعد فترة من الوقت بدأت اُحسّ بعرق على وجهي حتّى لاحظه المحقّق فسألني لما أرى العرق على وجهك, هل تخيفك أسألتي فأحسست بشعر يديّ و كتفاي قد وقف بسبب سؤاله المحرج, ثمّ قلت له دون تفكير مُسبق في ما سأقوله : إنّني اُحسّ بشبح يقترب منّي فنظر إلى يديّ و كتفاي و رأى شعري واقفا و قال : هدّء من روعك و لا تخف, و سألني : هل تشعر بألم ما, فقلت له لا أشعر بشيئ سوى ريق فمي قد نشف و ثقل عليّ الكلام, ثمّ قال لابأس عليك, و قام و أتى بالماء و ناولني إيّاه فشربت و قال : اُعذرني إن شددت عليك بالسّؤال ثمّ قال يمكنك الأن الذّهاب و سنكمل جلستنا في لقاء أخر, فانصرفت و في الخارج أحسست و كأنّي خرجت من القبر. و بعد اُسبوع و صلني من المحقّق استدعاء أخر فذهبت متوكّلا على الله, جلست و أخبرني مباشرة بأنّه قام بالإستشارة مع مجلس المحقّقين النّفسيّين حول حالتي و ما استنتجه من أجوبتي و ما لاحظه في شخصيّتي, فأجمعوا أنّه لا حاجة لإكمال التّحقيق معي بعد التّقرير الاوّل, و أنّهم حكموا بنفي المسؤليّة عنّي بخصوص ما ضبط بحوزتي أثناء الإعتقال, و طلب منّي إمضاء التّقرير ثمّ ودّعني و خرجت فرحا أرى الدّنيا كما لم أرها من قبل, و بعد أسابيع وصلني حكم المحكمة بإغلاق القضيّة نهائيّا. فانتهى هذا الكابوس, و اقتنعت الشّرطة أنّني فعلا غير مسؤول و أغلقوا ملفّ قضيّتي, و هنا تنتهي قصّتي مع المخابرات نهائيّا, و لكن انتهت وبدأت من جديد بعنف و قسوة. ستقول الأن كيف تقول يا صاحب القصّة انتهت نهائيّا ثمّ تقول أيظا و بدأت من جديدٍ بعنف و قسوة ؟؟ أقول نعم لقد انتهت نهائيّا و لكنّها بدأت من جديد, وبدايتها الجديدة لغز ستكشفه أخر قصّتي حينما ستعلم كيف بدأت و هي قد انتهت, الصبر وحده على القرائة إلى أخرها هو من سيحلّ هذا اللّغز و ستفهم كيف بدأت وهي قد انتهت. إلى هنا ينتهي الجزأ الأوّل و يليه الجزأ الثّاني. |
#2
|
|||
|
|||
![]() القسم الاوّل من الجزأ الثّاني. أبتدأ هذا الجزأ بالتّنبيه إلى استعمالي في كتابة مذكّراتي لبعض المصطلحات كأن أقول : أدركت أنّ أخي هو من كان وراء اختفاء مفاتحي ثمّ أقول أيظا في فصل أخر و أخبرني صديقي أنّه هو من أخذ مفاتحي, فعندما أقول أدركت فأنا أتحدّث عن فترة الحدث و أكتب عن فهمي و قناعاتي حسب حدود تلك الفترات و لا اُعبّر عمّا وصلت إليه الأن, كي يعيشها قارئ قصّتي كما عشتها و يفهمها كما فهمتها عبر فصولها و مراحلها. يبدأ هذا القسم الأوّل من الجزأ الثّاني بعودة كابوس المخابرات من جديد؟. و هو لغز سينكشف عند إكتمالي 40 عاما و اللّقاء بالشّيخ الغريب في القسم الثّاني من هذا الجزأ و يكتمل إنكشاف اللّغز في الجزأ الثّالث و الأخير. و بعد انتهاء كابوس المخابرات الأوّل أمضيت فترة شهر في راحة و طمأنينة لا اُلاحظ أيّ مراقبة أو ملاحقة فظننت أنّ المحنة قد انتهت, و لكن فضّلت البقاء على حذر لفترة اُخرى و كنت أقضي معظم أوقاتي بين المسجد و البيت, و في البيت كنت أصرف أوقاتي على جهاز الكمبيوتر, و كان من هواياتي في البيت دراسة علوم البرمجة و انحرفت منها إلى البحث في ثغرات نظام التّشغيل و عيوبه, و كنت اُحبّ تجربة استغلال تلك الثّغرات في اختراق أجهزة عشوائيّة على شبكة الإنترنت, و نجحت تجربتي و تمكّنت من اختراق أجهزة لأناس حول العالم, و كنت أتصفّح أجهزتهم و أتحكّم فيها تحكّم كامل و كأنّها لي, و كان يدفعني التمويه إلى اختراق أجهزة النّاس لإظهار شخصية منحرفة لا تحكمها أحكام الشّريعة و لا تلتزم بمبادئ الإسلام و أخلاقه, و ذات يوم كعادتي في أوقات فراغي قمت باختراق جهاز لشخص فتبيّن لي من محتوياته أنّه عربيّ مسلم, و كنت اُلاحظ من خلال مراقبتي لشاشته أنّه يتعمّد التّحدّث و التعارف مع النّساء فقط رغم أنّه يبدو عليه شخص ملتح و ملتزم, فغاضني هذا الفعل منه و قرّرت تجربته باستدراجه باسم امرأة مستعار على برنامج البال تاك للمحادثة, و قام على الفور بمراسلتي و طلب منّي التعارف و بدأت أتحدّث معه و نجحت خطّتي في استدراجه إلى الفخّ كي أكشف له حقيقتي و اُواجهه بعيبه, و أثناء الحديث أخبرني أنّه مقيم في دولة الدّنمارك و أنّه يبلغ 53 عاما و أنّه يبحث عن امرأة للزّواج من خلال شبكة الإنترنت لأنّه مطلوبٌ أمنيّا خارج الدّنمارك و لا يستطيع مغادرتها و هو لاجئ فيها و له حصانة داخل الدّولة فقط, فأشفقت على حالته و أنهيت الحديث معه دون الكشف عن حقيقتي, و بعدها شدّني فضول شديد على معرفة سرّ ذلك الرّجل و اخترقت جهازه مرّة اُخرى و قمت بفحص كلّ محتوياته إلى أن دخلت على اُلبوم لصوره و صدمت بما رأيت, لقد و جدت صورا يظهر فيها صاحب الجهاز بصحبة الشّيخ الكفيف عمر عبد الرحمن المصري المتّهم في تفجيرات منهاتن, و تبدو تلك الصّور أنّها صُوّرت في بيت صاحب الجهاز, و أدركت أنّها ليست مجرّد صدفة بل هي محطّة جديدة لإنزلاق في قعر المحن, و الصّور تحمل علامة العمى, و العمى لغز في قصّة حياتي كلّها, تختلف هذه العلامة باختلاف المواقف و الأحداث, و دائما تذكّرني بقصّة طفولتي و حديث جدّي مع اُمّي عن الجنّ و العمى و النّسب, و دون شعور منّي تواصلت معه مرّة اُخرى و استدرجته بحديثٍ حتّى أخبرني أنّه كان بعلاقة مع الشّيخ عمرعبد الرّحمن المصري قبل أن يُعتقل, و كان الشّيخ عمر يزوره في الدّنمارك و أخبرني أنّه شارك في حرب البوسنة و بسبب ذلك أصبح مطلوبا أمنيّا في بلده فأنهيت الحديث معه و تناسيت هذه الصّدفة كي لا تعكّر صفو نفسي من جديد, لأنّي كنت أتوقّع أن يكون جهازي و شاشته تحت مراقبة أجهزة الأمن, فإن كان الأمر كذلك كيف سيكون فهمهم لما شاهدوه على شاشتي, هل سيعتبروا ذلك مجرّد صدفة غير مقصودة, أم سيعتبروه من الطرق التّمويهيّة للتواصل المشفّر. و بعد فترة قرّرت الخروج من حذري و العيش بشكل طبيعيّ فبدأت ألتقي بأصدقائي و أخرج دون خوف و لا حذر إلاّ أنّني غيّرت من هيئتي و حلقت لحيتي فأحسست بحياة طبيعيّة و قرّرت أن أبقى على تلك الحال فترة من الزّمن تمويها لأيّ مراقبة جديدة إذا حصلت, فالموادّ الّتي ضُبطت معي تكمن خطورتها في معتقد الشّخص و انتمائاته و درجة تديّنه, لذا قرّرت تغيير هيئتي و تحديد علاقتي. و ذات يوم كنت اُشاهد قناة الجزيزة ففاجأني فيلم وثائقيّ عن امرأة أمركيّة أنشأت شبكة خاصّة إستخبارتيّة تابعة لمركز الإستخبارات السي أي ئي الأمريكيّ, و جنّدت عربا في مساعدتها لصيد ضحاياها, و من أساليبها وضع ملفّات إلكترونيّة بعناوين تجذب الجهاديّين و غيرهم إلى تحميلها على أجهزتهم لقرائتها, و تلك الملفّات تمّ دمجها بسيرفرات لا تكشفها أنظمة الحماية تمكّنُ تلك المرأة و فريقها من اختراق كلّ جهاز يتمّ فتح تلك الملفّات عليه و فحص ما بداخله و تحديد مكان الضّحيّة و التّبليغ عنه في بلده إذا تبيّن أنّه يمكن أن يشكّل خطرا ما, و من الملفّات الّتي اُشير إليها في الفيلم الوثائقيّ أحد الملفّات الّتي قمت بتحميلها على جهازي. و ذات يوم وصلني طلب إضافة من شخص على الماسنجر فقبلت الطّلب و بدأت التّحدّث معه و أخبرني أنّه من اليمن و يحبّ التعارف على العرب المقيمين في البلد الّذي اُقيم فيه و منطقته, و بدأ يسألني أسألة عاديّة و استمرّ التواصل بيننا لعدّة أيّام ثمّ فاجأني يوما بسؤال و قال : أوّد أن تعمل معي فسألته في أيّ شيء فأجابني في الذّهب, و أخبرني أنّ لديه كميّة كبيرة من الذّهب المختلط بالرّمل و يبحث لها عن زبائن, و سألته كيف الحصول عليه فقال : لدينا طرق مختلفة لإيصاله إلى زبائننا من الإيمارات إلى أيّ بلد عربيّ أخر, أعجبتني الفكرة رغم أنّي لا أعلم عن تفاصيلها شيء و وافقت و قلت سأفعل كلّ ما في وسعي للبحث عن زبائن ثمّ اُخبرك, و كان يسألني باستمرار هل وجدت شيئا فأردّ عليه ليس بعد, و ذات يوم سألني و قال : هل وصلت إلى شيء فقلت أمهلني مزيدا من الوقت فالموضوع يحتاج إلى أكثر من سفر و أنا كما تعلم مقيم في بلد خارج المنطقة الّتي يصلح فيها بيع بضاعتك, و فاجأني بعرض جديد و قال : ما رأيك في تجارة اُخرى تصلح أيظا في بلد إقامتك, فسألته في ماذا و أجابني بجواب صاعق و قال : في مادّة البلوتنيوم, قلت له و ما هذه ؟ فقال : الزّئبق الأحمر !, و قال عندي منه 30 غراما, فضربني الشّك في قلبي مباشرة أنّ موضوع الذّهب لم يكن سوى استدراج إلى هذا الّذي يتحدّث عنه, فأنهيت المحادثة معه دون استأذان و حذفت حسابه مع حضره, و بدأ الخوف يصحو من جديد في نفسي و أحسست أنّ خطبا ما قادم لا محالة, و لكن مرّت فترة لم يحدث فيها شيء فبدأت نفسي تهدأ من فزعها إلاّ أنّ هذا الهدوء كان الهدوء الّذي يسبق العاصفة. و ذات يوم كان أحد ما يتّصل بي على الماسنجر و أنا أرفض الردّ عليه فكتب لي جملة كانت بداية الكابوس الجديد, كتب لي : هل تريد أن تُترك على راحتك, هذا ليس جميلا, أحسست بضيق في نفسي و حاولت أن أتناسى ملاحظاتي و لكنّها كانت تتكرّر دون توقّف. و ذات يوم حدث معي أمر غريب, سافرت مع صديقي في سيّارته إلى بلد مجاور و أثناء الطّريق و الوقت كان وقت الغروب بينما كنّا نسير بسرعة تصل إلى 120 كيلو في السّاعة لاحظنا شيئا عجيبا على الطّريق, لاحظنا غرابا أسودا بحجم إنسان بالغ يطير فوق سيّارتنا مباشرة و بارتفاع منخفض لا يتعدّى 9 أمتار منّا, صرخت عند رُأيته و قلت لصديقي هل ترى هذا ؟ إنّه يطير فوقنا فقال يا إلاهي إنّه غُراب ضخم ثمّ انحرف إلى يمين السيّارة و كأنّها علامة أنّني أنا المقصود بظهوره, و كان يطير بنفس سرعتنا ثمّ انحرف إلى جهة اُخرى و اختفى, و كانت لهذه الحادثة علاقة بولادة الفتنة القادمة سيأتي ذكرها في الجزأ الثّالث. و بعد تلك الحادثة بدأت محنتي تشتعل من جديد, و كأنّ ذلك الغراب كان نذير بلاء عظيم, و أثناء عودتنا بدأت اُلاحظ أنّني مُلاحق في كلّ مكان, صدف مع أشخاص و سيّارات تتكرّر بشكل رهيب ففتحت عليّ أبواب تسائلات أدّت إلى خلق وساوس في نفسي لا تتوقّف, لا أجد منطقا يساعدني على وقف تلك الوساوس و المخاوف بل كلّ الأحداث و الوقائع تؤيّدها و تغذّيها, و ذات يوم جلست في خلوة و قلت لابدّ أن أجد في نفسي منطق أحسم به الفصل بين وساوسي الكاذبة و الحقائق الّتي تستحقّ أن تجعلني في حالة حذر و ترقّب مستمرّ, و بحثت في مذكّراتي فوجدت أنّ قضيّتي تُثبت أنّه من الطبيعيّ أن تبقى أجهزة الأمن حذرة من شخصي, فالموادّ الّتي ضبطت عندي أثناء اعتقالي تفرض على المنطق الأمنيّ مراقبتي و لو كنت مريضا نفسيّا, و لكن ليس من المنطق في بلد إقامتي مواصلة المراقبة لسنين طوال دون إيقافٍ و تحقيق, فالمراقبة لابدّ أن تنتهي بتركي و إغلاق ملفّي أو إيقافي للتأكّد من شبهتي, و بينما أنا غارق في وساوسي و تساؤلاتي إذا بهاتفي يرنّ دون إظهارٍ لرقم المتّصل, ففتحت المكالمة و إذا بشخص يقول أنا أمريكا و يغلق المكالمة و كأنّه كان يتابع معي وساوسي فأراد أن يزيد في بعدها و يوسّع حدودها, و بدأت نفسي توسوس لي أنّ أجهزة الأمن المحليّة ليس من المستبعد أن تشارك جهة خارجيّة في ملفّ قضيّتي, فالقانون في بلد إقامتي لا يسمح بمراقبتي إلى أجل غير معلوم دون إيقافي و التّحقيق معي و خصوصا إذا ثبت للقاضي أنّ المتّهم مريض نفسيّ, لذا وجدت من المنطقيّ جدّا تحويل ملفّ قضيّتي إلى بلدي الأصل أو إلى أمريكا, هذا إن لم يكن ذلك الملفّ الّذي قمت بتحميله من شبكة الإنترنت على جهازي و تبيّن لاحقا أنّه طعم وضعته أجهزة الإستخبارات الأمريكيّة, أيّا يكن السبب فهو كابوس جديد و خطر وشيك. قبل اعتقالي بفترة كنت أهتمّ كثيرا بدراسة التّشفير و التّمويه, و قمت باختراع أكواد تشفير خاصّة بي, و كتبتها في دفاتر و احتفظت بها في خزانة كتبي, و عند اعتقالي و مداهمة منزلي تمّ أخذ كلّ الدفاتر و الكتب و الأقراص, من بينها الدفتار الّذي يحتوي على الأكواد و التّشفير, و بها بدأت تصلني رسائل مشفّرة بأكواد تشفير أنا من وضعها و اخترعها, و كانت تحتوي تلك الرّسائل على تهديدي بالسّجن و من تلك التّهديدات : لا يمكنك الفرار من عدالة القضاء مهما طال الزّمن و إنّ يوم تحقيق العدالة فيك لقريب, بلغة بلد الإقامة و بالإنجليزيّة و العربيّة, و قلت في نفسي أوّل الأمر يجب أن اُبلّغ المحامي أو جهة حقوقيّة بهذه الرّسائل التّهديديّة و لكن ماذا سأقول لهم ؟ لابدّ أن يطلبوا رؤيتها بأعينهم في أماكنها و ليس نقلا, فإن كشفت لهم عن تلك الرّسائل و كيف وصلت سيسألونني عن تشفيرها و مفتاحه, هل أقول لهم أنّ التّشفير أنا من قام بوضعه بخطّي يدي و ضبط عندي و به وصلتني رسائل التّهديد, فأنا أنكرت أمام المحقّق النّفسيّ أنّ الدفاتر الّتي كتبت فيها تلك الأشياء ليست لي إنّما هي لشخص أخر, و المحقّق النّفسيّ صدّقني بسهولة و كذلك القاضي, و ذلك لسببين اثنين أوّلهما أنّ تلك الدفاتر كتبت باللّغة العربيّة الفصحى و يظهر فيها أنّ كاتبها لابدّ أن يكون قد درس اللّغة العربيّة في بلدٍ عربيّ ليحصّل ذلك المستوى الّذي كتبت به الدفاتر, و لم يثبت قطعا أنّني غادرت البلد أو منطقة سكني لمدّة طويلة فدّل هذا عند القاضي و المحقّق النّفسيّ أنّ الكاتب شخص أخر, و السّبب الثّاني هو عمليّة غسيل الأموال فقد تبيّن أنّني كنت واثقا تماما أنّها صحيحة و أنّني سأكسب منها أموالا طائلة و هي لم تكن سوى خدعة لشبكة نصب و احتيال و أنا صدّقتها فدّلت هذه القصّة لدى القاضي أنّني شخص ساذج و مريض نفسيّ يُمكن أن يستغّل من قبل النّاس إن لم يكن معه من ينبّهه و يرشده. أدركت أنّ المهدّد ليس قصده التّهديد فقط إنّما الإستدراج إلى فخّ الإعتراف بمفتاح شفرة الرّسالة, فإن أبلغت جهة حقوقيّة أو قضائيّة و سيكون الغرض من ذلك تقديم شكوى و طلب فتح تحقيق في جهة المهدّد هل هو فعلا تابع لجهة أمنيّة أم لا, فإن حدث هذا التّحقيق سيكون كافيا لإصدار مذكّرة من القاضي لإيقافي, و لا يمكن إيقافي إلاّ بمذكّرة و المذكّرة لا يمكن أن تُبنى إلاّ على تهمة أو شبهة مقنعة, و أنا كما أسلفت كنت حذرا و متجنّبا لكلّ الشّبهات الّتي يمكن استغلالها من طرف الشّرطة لإصدار مذكّرة أو استدعاءٍ للتّحقيق معي في ما ضبط عندي سابقا, فالقضاء قد ألغى التّحقيق في ذلك بسبب مرضي النفسيّ حسب رؤية القاضي للقضيّة, و هذا هو السّبب المنطقيّ لرسائل التّهديد الّتي وصلتني فتجاهلتها, و لكنّها استمرّت فترة طويلة و استمرّ معها حذري و عزلتي في البيت حتّى بدأت نفسي تضيق من وضعي و تعبت أعصابي و بدأت اُحسّ بالغضب و برغبة في الإنتقام و خصوصا عندما تصلني رسائل تهديدٍ واستفزاز جديدة, و قلت في نفسي لا يدفع رجال الشّرطة إلى تهديدي و استفزازي إلاّ فشلهم في إيجاد شبهة تمكّنهم من اعتقالي, فوثقت أنّني عصيّ عليهم إمساك شيء عنّي بسبب عزلتي و حذري, و بما أنّني مُرغم على البقاء في هذا الوضع لا يمكنهم الوصول إليّ أبدا, و سأردّ على تهديداتهم واستفزازاتهم بالمثل, لعلّها تتعبهم و تغيضهم كما تغيضني رسائلهم. و ذات يوم فتحت مواقع الأخبار و بدأت اُشاهد صور قتلى و دبّابات و عربات مدمّرة للأمريكان في العراق, فكتبت فوق المتصفّح : مُوتوا بغضيكم. و يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين. و لعباده : الله خير حافظا و هو أرحم الراحمين. و بعد هذه الكتابات توقّفت تلك الرّسائل و الحركات الإختراقيّة على جهازي مرّة واحدة, فهدئت نفسي و ضيقي و بدأت أخرج من عزلتي مرّة اُخرى و ألتقي بأصدقائي و أخرج معهم, ثمّ بدأت اُلاحظ أشخاص يلاحقونني في كلّ مكان إلاّ أنّ تلك الرّسائل الإستفزازيّة لم تعد. و ذات يوم خرجت مع أحد من اعتقلوا معي فأخبرني أنّه تمّ استدعائه من المخابرات و سألوه عدّة أسألة عاديّة ثمّ طلبوا منه أن يبلّغهم بالأماكن الّتي أرتدي عليها و بالأشخاص الّذين ألتقي بهم و أكّدوا له أنّهم على قناعة بمرضي النفسيّ و يريدون البحث في الأسماء الّتي يمكن أن تكون سبب في ما حدث لي, فهم يخشون أن يكون أحد ما يستغّل مرضي و يستعملني, فزاد يقيني أنّ الأمر لم ينتهي بعد و أنّ هذا الخبر محطّة جديدة لخريطة محنتي. و بعد فترة ليست بالطّويلة زارني صديق قديم انقطع لقائي به منذ وقت بعيد و أخبرته ببعض ما اُعاني فطلب منّي أن أصحبه إلى مدينته و أمكث عنده عدّة أيّام كي أرتاح هناك و ينتبه معي إن كانت تلك الملاحظات الّتي أخبرته بها صحيحة أم لا, فذهبت معه و هناك لم اُلاحظ شيئا بتاتا و ارتاحت نفسي قليلا من كابوسي, و قبل عودتي إلى مدينتي بيوم واحد طلب منّي صديقي أن أصحبه إلى بلدنا الأصل كي أرتاح أكثر هناك من وساوسي, و لكنّي رفضت و كان يصرّ و يلحّ و حاول معي عدّة مرّات و كنت اُخبره أنّ نفسي ليست مطمأنّة لذلك السّفر, و أعادني بسيّارته إلى مدينتي و في الطّريق نصحني بتغيير هاتفي المحمول و رقمه ثمّ أخبرني أنّه يُتاجر في الهواتف المحمولة و أنّ لديه عدّة قطع منها وراء سيّارته, توقّف في الطريق وأراني بعضا منها و قال خذ واحدًا واعتبره هديّة منّي لك, رفضت و لكنّه أصرّ على ذلك فأخذت واحدا من تلك المجموعة و طلب منّي أن لا اُخبر أحدا. و عند وصولي للبيت بدأت تهاجمني وساوس لا أقوى على إيقافها أينما كنت تلاحقني حتّى في الصّلاة لا أسلم منها, و بدأت أستسلم للإسترسال معها ثمّ بدأت التّسائلات في نفسي : قد تجرّأت الشّرطة على محاولة تجنيد أحد أصدقائي ففشلت في تجنيده, ألاَ يعني هذا أنّهم قد حاولوا مع غيره أو بالأحرى مع صديقي الأخر الّذي كنت في ضيافته, وإذا فعلوا؟, أيعقل أن يقبل و هو كأخي من أبي و اُمّي, و لم أعد اُميّز بين المنطق و الوساوس فقد جمعتهم المحن في خط واحد لا يمكن تعطيل الوساوس إلاّ بتعطيل المنطق و صاروا في نفسي صوتا واحدا, فاستسلمت لأفكاري و قلت في نفسي : للمخابرات ألف سبب إقناع من لا يقتنع, أنا على يقين أنّ صديقي سيرفض كما رفض صديقي الأوّل, و لكن لنفرض جدلا أنّ أجهزة الأمن المحليّة أخبروه أنّهم ليسوا وحدهم من يلاحقونني و أنّ المخابرات الأمريكيّة هي أيظا تريد التّحقيق معي بسبب ما ضبظ عندي من موادّ خطيرة, فإمّا أن يختلقوا سببا يسمح لهم بإصدار مذكّرة اعتقالٍ أو استدعاءٍ و إمّا أن يعلنوا فشلهم و يتصرّف الأمريكان بطرقهم الخاصّة باعتقالي في بلدان اُخرى إذا غادرت البلد الّذي اُقيم فيه أو بتصفيتي جسديّا إذا لم اُغادر و فشلوا في اختلاق شبهة ما, فهذه حجّة مقنعة يمكن أن تقنع أخي من أبي و اُمّي و ليس صديقا فقط, فحتما سيوافق و في نيّته مساعدتي بدفع مصيبة كبرى عنّي بمصيبة أصغر, فبدأت وساوسي تزيد و تفتح أبواب تساؤلات في نفسي : لِمَا طلب منّي صديقي أن أصحبه إلى بلدنا الأصل؟ أيكون تمّ تجنيده و طلِبَ منه ذلك كي يُسهّل اعتقالي في بلد لا يتقيّد بقوانين حقوق الإنسان, ألا يكون ذلك الهاتف المحمول الّذي أهداني إيّاه يحتوي بداخله على موادّ تكفي لإصدار مذكرة اعتقال بحقي إذا قمت بتشغيله و اسعماله. و زادتني هذه الوساوس حذرا و عزلة, و تكرّرت معي مثل هذه المواقف كثيرا بأشكال مختلفة حتّى فقدت الثّقة في كلّ النّاس و اعتكفت في البيت و امتنعت عن الخروج فحكم عليّ أهلي بأنّي مصاب بوساوس قهريّة, و أنا لم أكن اُنكر ذلك و لكن لم تكن وساوسي إلاّ نتيجة لما يحدث أمامي من حقائق كإنسان حُكم بالإعدام و جلس ينتظر ساعة التّنفيذ الغير المحدّدة أو غير المُعلنة, فهل يكون هذا الإنسان في حالة نفسيّة طبيعيّة ؟ هكذا كانت حالتي, لا حُكم الإعدام أستطيع إنكار صدوره بحقّي, و لا تلك الوساوس الّتي تتحرّك مع كلّ حركات السّجّان و أصوات مفاتحه. قرّرت يوما أن اُسجّل كلّ أرقام لوحات السّيّارات الّتي أشكّ فيها تلاحقني فقضيت فترة و أنا اُسجّل تلك الأرقام حتّى أحسست بأنّ أصحابها بدأوا يلاحظون عليّ ذلك, و بعدها بدأت تختفي تلك السيّارات و لا اُلاحظ إلاّ ملاحقة مشيا, و بعدها بأيّام قليلة حدثت معي حادثتين في فترة واحدة أكدّت لي أنّ بعضا من تلك السيّارات إن لم تكن كلّها ممّن كنت اُسجّل أرقام لوحاتها فعلا تابعة للشّرطة, و تلك الحادثتين هي : قمت بتسجيل تلك الأرقام على قرص و احتفظت به في البيت, و ذات يوم أصرّ عليّ والدي أن أخرج معهم فخرجت مع والديّ و لم نخلّف أحدا ورائنا, و تمّ اقتحام بيتنا و كُسرِ بابه تمويها و تلميحا إلى أنّ الفاعل سارق و ليس شرطيّ, و سُرق ذلك القرص مع جهاز الكمبيوتر و لكنّي كنت أحتفظ بتلك الأرقام في مذكّرتي و قمت بتسجيلها على قرص أخر و ذهبت إلى أحد أقاربنا و طلبت منه الإحتفاظ بذلك القرص في بيته, و بعد مرور بضعة أيّام فاجأني قريبي بأنّ بيته تعرّض للسّرقة, و كان قرصي أيظا من الأشياء الّتي اختفت, فأكّدت لي هذه الحادثتين صحّة التّهديدات الّتي تصلني على جهازي و بقيت مسجونا في بيتي إلى سنة 2007 و في أواخر سنة 2007 حدث معي أمر غريب أرغمني على السّفر رغم حذري و خوفي, لي اُخت عادت إلى بلدنا الأصل لتدرّس أطفالها هناك, لديها خمس بنات و ولد واحدٍ و تحمل في بطنها طفلها السّابع, و ذات يوم اتّصل بي أحد أقربائي و سألني : هل اتصلت باُختك فأجبته بلا, ثمّ أحسست بقشعريرة في جلدي كأنّ مصيبة ما حدثت هناك, و سألته ما اّلذي تعلمه ؟ هل حدث شيء في بيت اُختي فأجابني : إتّصل و ستعرف بنفسك, فأكّد لي اُسلوبه هذا أنّ أمر جلل قد حدث, و أسرعت بالإتّصال و ردّت عليّ اُختي و سألتها : هل أنت بخير, أجابتني نعم أنا و كلّ الأولاد بخير و الحمد لله, فهدأت نفسي و اتّصلت بقريبي و سألته لِمَا سألتني بذلك الأسلوب و أجابني : لا أدري فقط أحببت الإطمئنان على اُختك و هل وضعت طفلها أم ليس بعد, و بعد يومين كنت مضطجعا على ظهري مرتخيا بين اليقظة و النّوم فجأتني رؤية عجيبة رأيت فيها اُختي واقفة عند رأسي و كنت أشعر في نومي أنّه حلما, و العجيب أنّ إحساس في قلبي يقول : اُختك لم تعد على قيد الحياة, فسألتها هل أنتي بخير, إبتسمت و قالت : نعم ثمّ قالت أبنائي ينتظرونك إذهب إليهم بسرعة, و سألتها : هل سأراك إذا أسرعت ثمّ تغيّر وجهها و هزّت رأسها و كأنّها تلمّحُ : أنّك لن تراني, ثمّ جلست بجانبي و أنا أنظر في وجهها ثمّ بدأ يتغيّر تدريجيّا إلى وجه طفلها الّذي ما يزال في بطنها و انتهت الرؤية, منعني خوفي من الإتّصال باُختي مرّة اُخرى و ركبت أوّل طائرة إلى بلدي ليلة عيد الأضحى المبارك و كانت متجهة مباشرة إلى مطار مدينة إقامة اُختي, و قبل وصولها إلى وجهتها وصل تنبيه لطاقم الطائرة أنّ أجواء مدينة اُختي تسيطر عليها رياح شديدة تهدّد سلامة الهبوط لذا قرّرت قيادة الطائرة الهبوط في مطار يقرب لقرية صغيرة إسمها (رقم 7). و عندما وصلت و دخلت بيت اُختي لم أجدها و نظرت في وجوه أطفالها و لاحظت عليها حُزنا و دموعا, فاتّضح لي معنى تلك الرؤية الّتي رأيتها, لقد فارقت اُختي الحياة بعد يوم واحدٍ من اتّصالي بها و تركت ورائها 7 أطفال, بعد أن تعسّرت عليها ولادت طفلها قرّر الطّبيب إجراء عمليّة قيصريّة للاستخراج الطّفل من بطنها, و لكن تمّ حقنها بحقنة تخدير أكثر ممّا يتحمّل قبلها فسبّبت لها سكتة قلبيّة و فارقت الحياة دون أن ترى طفلها و تمّ استخراجه بعد وفاتها مباشرة و دفنت في نفس القرية الّتي تقرب المطار الّذي اضطرّت طائرة رحلتي الهبوط فيه إنّها قرية (رقم 7) فيالها من صدفة من حيث العقول البشريّة لا من حيث التدابير الإهيّة, و زوجها اُصيب بصدمة زعزعت عقله و لم يعد بعدها قادرٌ على تحمّل مسؤوليّة أطفاله وحده, فاكتمل لي معنى الرؤية كاملا. أمضيت في بلدي مع أطفال اُختي ما يقارب السّتة أشهر, و في الشّهر الأوّل كان الوضع طبيعيّا لم اُلاحظ أيّ حركات مشبوهة, و لكن بعد الشّهر الاوّل بدأت اُلاحظ نفس الحركات و سيّارات تقترب منّي كأنّ من فيها يريدون خطفي فأفرّ كمجنون و كنت دائما أحمل معي سلاحا إستعدادا لأيّ مواجهة إذا لاحظت أنّ القصد خطفي و ليس اعتقال قانونيّ, فقد سمعت عن حالات خطف كثيرة دون محاكمة, عشت حالة رعب هناك لا يستطيع تصوّرها إلاّ من ذاقها و جرّبها, و بقيت وسط أبناء اُختي في بيتها عالقا لا أستطيع الخروج و لا العودة إلى بلد إقامتي خوفا من الإعتقال بتهمة ما أثناء مغادرتي للبلد, فقرّرت كتابة مذكّراتي و سلّمتها لبعض المحامين و الصّحافيّين و طلبت منهم إذا تمّ اعتقالي أن يظهروا سرّ قضيّتي قبل جلسة المحكمة الأولى, و في الشّهر الخامس وقف رجل عند باب البيت و أخذ يدقّ على الباب, أرسلت ابن اُختي البكر لفتح الباب و حذّرته أن لا يخبره أنّي موجود إن كان يسأل عنّي فأنا لا أعرفه و قد ظهر لي وجهه من النّافذة, و عندما فتح له ابن اُختي الباب سلّم عليه و عرّف على نفسه و قال : أنا ضابط مخابرات جأت لمقابلة خالك, لديّ رسالة يجب أن اُسلّمها له, و ردّ عليه ابن اُختي : خالي ليس موجودا, فقال : بل هو موجود و أنا لم أأتي إلا ّو أنا أعلم أنّه في البيت أخبره أنّي اُريد رؤيته, فصعد ابن اُختي و كان مرعوبا و قال لي : إنّه يعرف أنّك في البيت إنزل إليه إنّه ضابط مخابرات و يريد أن يسلّمك رسالة, ففهمت أنّه عرّف عن نفسه كي يكسر الحذر في نفسي و يكسب ثقتي, فنزلت إليه وسلّمت عليه ثمّ أقسم لي أنّه لم يفعلها في حياته إلاّ معي, أيّ شخص يحتاج التحدّث معه يرسل له استدعاء أو يرسل له من يحضره و قال : وأنت جأتك بنفسي و تركتني عند بابك أنتظر, و أقسم أنّه ما جأني إلاّ في خير و لا يريد أذيّتي و طلب منّي الخروج معه إلى مقهى قريب لنشرب هناك فنجان قهوة ثمّ يسلّم لي الرّسالة و يذهب, فأخبرته أنّ اُختي قد توفّيت و أنّي لا أستطيع ترك البيت في ذلك الوقت فلديّ صبيّ أرعاه, و ألحّ أن يُسلّمني الرّسالة في المقهى و لكنّني أصررت أن يدخل هو معي للبيت فدخل مكرها وعندما جلس سألته : ما الرّسالة الّتي تريد تسليمها لي شخصيّا, و بدأ يتلعثم في الكلام ثمّ قال : لقد وصلتني رسالة من العاصمة تطلب منّي التّأكد من وجودك في هذه المدينة أم لا, لقد نزلت في مطار عند دخولك البلد و كتبت في استمارة الدّخول عنوانا لم نجدك هناك و بحثنا عنك فترة حتّى وصلنا لأحد أقربائك فدلّنا على مكانك هنا و جأت لأطمئنّ إن كنت فعلا هنا أم لا و نحن نخشى أن يكون قد حدث لك مكروه و وصلت وثائقك الثّبوتيّة إلى أحد 9 مجرمين سبعة منهم حكموا بالإعدام و قد فرّوا من السّجن و لم نعثرعليهم بعد فيستعملوها في الشّر, ثمّ قال قبل أن ينصرف : هل تحسّ بأحد ما يلاحقك و يضايقك, إذا كنت تعاني من أيّ مشكلة فأنا في خدمتك و أتمنّى أن تزورنا في مركز الشّرطة و تشرب معي هناك فنجان قهوة ونتحدّث قليلا, فقلت له سأفعل إن وجدت وقتا لذلك ثمّ انصرف, و بعد يومين عاد مرّة اُخرى و قال : أحسست في زيارتي السّابقة أنّك تتألّم بسبب مشكلة غير مشكلة أطفال اُختك, فقلت له صحيح و طلب منّي أن نخرج و نذهب إلى مقهًى و نتحدّث هناك أفضل من البيت, فقلت له اُفضّل أن نتحدّث هنا فكما ترى لديّ هنا من اُساعد, فقال لي لابأس وبدأ يسألني و اُجيب فقال : هل تلاحظ أحدا ما يلاحقك, فأجبته نعم و قال : أشخاص أم سيّارات فقلت له كلاهما و قال : هل سجّلت أرقام لوحات تلك السيّارات فقلت له نعم و سألني أسألة اُخرى و أنا كنت اُجيبه فقط بما يجعلني الأقوى في عينه, فهذا الرّجل ظاهره كاذب و غلب على ظني أنّه جاء فقط ليتحقّق من دفاعاتي إذا تجرّأوا على اعتقالي, و كانت من أسألته المريبة : هل اتّصلت بأيّ جهات حقوقيّة أو قضائيّة, هل كتبت أيّ مذكّرات و قمت بتسليمها إلى أيّ جهة كالصّحافة و المحامي, و في نهاية حديثه طلب منّي كتابة تقرير شامل بكلّ ملاحظاتي في عدّة صفحات و أنّه سيمرّ عليّ بعد خمسة أيّام و اُسلّمه التّقرير, ففهمت أنّهم على حذر و خوف من اعتقالي و أرادوا البحث في نقاط ضعفي و ثغراتها و استدراجي إلى الكتابة بخطي يدي كي يثبتوا أنّ كاتب الدفاتير الّتي ضبطت عندي أثناء اعتقالي أنا من كتبها و ليس غيري كما أنكرت ذلك أمام القاضي و المحقّق النّفسيّ, ثمّ عاد بعد خمسة أيّام و سألني إن كنت قد أتممت كتابة التّقرير فأجبته بأنّي قرّرت زيارة طبيب نفسيّ أوّلا لإستشارته في ملاحظاتي قبل كتابتها و تسليمها لأيّ جهات قانونيّة أو قضائيّة, و طلب منّي مرّة اُخرى أن أخرج معه إلى مقهى لنشرب فنجان قهوة فتعجّبت في نفسي من هذا الإلحاح منه على شرب القهوة في المقهى, و كأنّ الرّجل له غاية خفيّة في فنجان القهوة, فأوحت لي و ساوسي أنّ مخابرات بلدي هدفها محاولة اعتقالي بتهمة مزوّرة أو تسميمي إذا فشلوا قبل مغادرتي للبلد, و كانت هذه محطّة تحوّلٍ في مسار التّهديد, فتحوّل التّهديد بالإعتقال إلى تهديد بالإغتيال. |
#3
|
|||
|
|||
![]() و عدت إلى بلد الإقامة سالما, و بعد مرور سنة إلتحق بي أطفال اُختي بعد أن فشل والدهم في رعايتهم و تربيتهم فتحمّلتها أنا رغم صعوبتها, و وجدت فيها اُنسا و تخفيفا لأحزاني و مخاوفي و أمضيت فترة وسطهم في هدوء ثمّ بدأت رسائل التّهديد بالإغتيال تصلني فحسبتها كسابقاتها ليست إلاّ استفزازا واستدراجا للتّبليغ عنها. و قضيت فترة وسط أبناء اُختي على حذر و ترقّب مستمرّ لا يتوقّف, و تغيّرت قواعد الحذر عندي فصارت أصعب تنفيذا ممّا كانت عليه قبل تَغَيّرِ التّهديد إلى الإغتيال, و كان من تلك القواعد أن لا أترك دواءا أو أيّ أشياءٍ خاصّة بي عند خروجي من البيت, و كانت فترة عصيبة شديدة لا يهدأ لي فيها بال و لا راحة نفس, قضيت أيّامها بيوم كشهر و شهر كسنة إلى أواخر سنة 2009, و في رمضان و بالتّحديد يوم 29 منه اضطررت للخروج مع ابن اُختي لقضاء بعض الأمور و في الطّريق توقّفت سيّارة سوداء بداخلها شخصين خرج أحدهم بدا عليه لابسا لباس جلد أسود و قفّازات سوداء جلديّة أيظا, فاتجه نحوي ببطئ ثم توقّف و كأنّ أحدا يتّصل به و أخرج هاتفه ليكلّمه و أكملت طريقي و بعد لحظات أحسست بأحد ورائي فالتفت إليه بسرعة فرأيت شخصا بيده شيء غريب كأنّه يرشّ منه سائلا على وراء فخذي ثمّ أكمل طريقه بسرعة و لحقت به السيّارة الّتي نزل منها و أخذته, لم أفهم معنى تلك الحركة و حسبتها مزحة ما و أكملت طريقي إلى وجهتي ثمّ عدت إلى البيت. و بعد الفطور و صلاة العشاء مالت نفسي لقرائة القرأن, و أثناء قرائتي لسورة الكهف بدأت اُحسّ بتسارع نبضات قلبي و عرق على جبيني فخلوت بنفسي لعلّى حالتي تهدأ و لكنّها ظلّت تتضاعف حتّى بدأت اُحسّ كصعق كهربائيّ يضرب قلبي و بدأت أتذكّر ذلك الشّخص الّذي شككت في أمره فاعتقدت أنّي قد تعرّضت للإغتيال و أنّ سمّا ما بدأ مفعوله في جسمي, و شدّني شيئ في نفسي إلى فتح جهاز الكمبيوتر ففتحته و ظهرت لي رسالة على الشاشة تقول : ها قد جأتك العدالة يا تافه ثمّ اختفت الرّسالة, و كانت رسالة اختراق فتيقّنت أنّني مسموم و قد أموت لا محالة, و خفت أن يغشى عليّ وسط أطفال اُختي فلم يمرّ على وفاة اُمّهم سوى سنة و نصف و لم يجدوا من يعطيهم من الحنان المفقود غيري, و قلت إن كان الموت هو الّذي يقترب منّي بهذه الأعراض فإنّي اُفضّل أن أموت في المسجد وحيدا بعيدا عن أحبابي, و انطلقت مسرعا إلى المسجد و في الطّريق كنت اُحسّ بصعقات كهربائيّة تضرب قلبي فتنقطع أنفاسي و لكنّي قاومت إلى أن وصلت المسجد و بقيت فيه اُعاني و أترقّب بداية الإحتضار إلى أن دخل وقت الضّحى و بدأت حالتي تتحسّن و نبضي يعتدل و لكن بقي الألم في قلبي, و عدت إلى البيت و بعد ساعة اُغمي عليّ, و قبل استقاضي رأيت رؤية و كأنّي في مكان مجهول تائه و خائف أبحث عمّن يدلّني لطريق العودة إلى بيتي, و إذا بي أرى مسجدا و كأنّه مسجد رسول لله صلّى الله عليه وأله و سلّم يحيطون به اُناس و إذا بي أسمع مناديا يقول : تقدّم فإنّ فيهم رجل لا يبيع دينه و إنّ رسول الله صلّى الله عليه و أله و سلّم في الداخل يطلبك, فتقدّمت برويّة و كلّي خشوع و في الدّاخل جأني رجل لا أعرفه و أخذني إلى حجرة صغيرة ثمّ وقف عند بابها و قال : لبّي نداء الرّسول صلّى الله عليه و أله و سلّم, و كان طول باب تلك الحجرة لا يتعدّى المتر الواحد فدخلت منحنيا في هدوء و رويّة و إذا بي اُفاجأ برسول الله صلّى الله عليه وأله وسلّم على فراش المرض يتألّم و تبدو شحوب على وجهه و دموع في عينه, فأسندت ركبتيّ إلى ركبتيه و وضع كفّيه على كفيّ و قلت له إني أتألّم كثيرا, لم ينطق بكلمة واحدة, فقط كان ينظر في وجهي و تزيد دموعه في عينه دون أن تسيل, ثم يحرّك وجهه و يلمّح لي أن اصبر و لا تيأس و انتهت الرّؤية و أنا مازلت في إغمائي, و عند استقاضي لم أفهم ما الّذي حدث لي و ما الّذي يحدث ففكّرت في فتح جهاز الكمبيوتر لأرى ماذا أجد فوجدت رسالة جديدة تقول : يأخذ فترة طويلة و يعمل ببطئ فانتظر, و استمرّت الأعراض تعاودني و كلّ فترة تتراوح بين اُسبوع أو اُسبوعين تبدأ أعراض و ألام جديدة فأعود إلى الطّبيب فيقول لي حالتك تبدو جيّدة و قلبك و نبضك في أحسن حال, و بعد أربعة أشهر لم أذق فيها راحة و لا نوما طبيعيّا بدأت أتحسّن شيئا ما, و أحسست أنّ كلّ ما حدث كان مجّرد أوهام لا أكثر, و تعاودني أعراض جديدة مختلفة حتّى شككت أنّ ما أصابني هو سمّ تمريضٍ ليوهموني أنّني سأموت و يروا إن كنت اُخفي أسرارا إرهابيّة و لي علاقة بتنظّيمات جهاديّة فاُحاول الإنتقام قبل أن يقتلني سمّهم, و كان هذا منطقيّ جدا خفّف عنّي ما أجده من الألم الفضيع. و أمضيت سنة كاملة اُعاني من تلك الأعراض المختلفة, و قبل نهاية سنة 2010 بأسابيع بدأت أرى رؤية غريبة تتكرّر معي كثيرا بنفس المشاهد و هي : أرى نفسي قريبا من شاطئ البحر و تحت جبل عريض وسط اُناس كثيرون ثمّ يظهر في السّماء كوكوب ضخم يقترب من الأرض ببطئ ثمّ يصطدم بها و يدفع بالبحر على اليابسة فأفرّ إلى أعلى الجبل كي لا أغرق في المياه القادمة على شكل تسونامي و أسيتقظ فزعا, ثمّ تتكرّر معي هذه الرؤية و كأنّها تريد أن تأكّد لي أنّها ليست من أضغاث أحلام و أنّ زلازل قادمة عمّى قريب, و هذه الرّؤية تكرّرت معي مرّة اُخرى بعد 7 سنين بنفس المشاهد عند اشتداد الفتنة الّتي أصابتني, و عند دخول السّنة الجديدة 2011 بساعة واحدة بدأت تنتشر على جسمي بقع حمراء رهيبة مع حكّة شديدة لا تتوقّف, و في غد صبيحة أوّل يوم من يناير سنة 2011 انتشرت تلك البقع الحمراء في كامل جسمي ما عدا الوجه و الكفّين و كان هذا سبب في إخفاء ما أصابني عن أهلي و من حولي إلى يومنا هذا, و ما أخفيت تلك المصيبة إلاّ كما أخفيت كلّ مواجعي و مصائبي, و كلّ كتماني لأحداث حياتي ورائه ذلك الشّيخ الغريب الّذي سيحلّ ألغاز قصّتي كلّها عند اكتمالي 40 عاما ثمّ يفتح أمامي باب لغز جديد بفتنة في الدّين أعظم و أشرس من فتنة المسيح الدّجّال, و في نفس اليوم الّذي انتشرت فيه البقع الحمراء على جسدي ظهرت رسالة تقول : مرحبا بك في عالم الإيدز, و كانت تصلني أكثر الرّسائل بالإشارة و التّلميح على شاشة جهازي كرسائل اختراق, و من أهمّ ما جاء فيها هو : لست وحدك من يُتقن الهروب من العدالة, يُمكنك أن تنفي التّهمة عن نفسك بذكائك و لكنّك لا يمكنك أن تثبت التّهمة على من هو أذكى و أدهى منك, لقد مارست التّمويه في أماكن قاتلة فقتلك. و بعد فترة بدأت تظهر على جسمي بقع قيح كبيرة مع ألم شديد و أعراض مفزعة اُخرى, و وصلتني رسالة استفزاز مع بداية تلك الأعراض الجديدة فيها تذكير بتلك الأيات الّتي كنت أردّ بها عليهم كما أسلفت سابقا, منها : و الله خير حافظا و هو أرحم الراحمين. و بعدها هههههه, و رسالة اُخرى تقول : يا غبي ما تلك الصغائر إلاّ لتكتشف العلّة و تذهب وحدك و لكنّك غبيّ و منحوس فأخذت معك معظم خرفانك إن لم يكونوا كلّهم, ففهمت من هذه الكلمات أنّ تلك الأمراض الّتي كانت تعذّبني في بداية إصابتي بفيروسهم ما قصدوا بها سوى دفعي لتكرار زيارة الطّبيب حتّى يضطر لإرسالي إلى المستشفى لإجراء فحص الدّم فيكتشفوا فيروس نقص جهاز المناعة في دمائي و بهذا يسلم من معي في البيت من انتقال الفيروس إليهم, فأصابني ذعر شديد و تيقّنت أنّني فعلا مصاب بذلك الفيروس اللّعين, و كانت تلك المحنة أعظم كابوس مرّ عليّ في حياتي وقتها, و عشت أيّام رُعب لا يمكن وصفها بالكلمات, شهر كامل 24 ساعة في اليوم لا تغادرني حكّة شديدة على كلّ جسدي حتّى خروج الدّم و ظهور بقع جديدة, و بعد الشّهر بدأت الأعراض تقلّ و كانت الحكّة تهدأ ليلا و لكنّها توقذني فجرا بألم شديد ثم تهدأ و تعود, هكذا طوال اليوم لمدّة شهرين اُخرى فمرّت ثلاثة أشهر على تلك الحال ثمّ بدأت تهدأ و كلّ الفترة و أنا اُخفي ما اُعاني و لا أقوى على إخبار أحدٍ و كان أمل صغير في نفسي أن تكون تلك الأعراض من جنس الّتي مرّت سابقا, أيّ ليست مرضا حقيقيّا إنّما تجربتي فقط كما أسلفت, و لكنّ الأعراض الّتي كانت تظهر كانت أقوى من ذلك الأمل, و بعد الثّلاثة الأشهر بدأت تظهر إلتهابات و قروح داخل فمي و على لحم أسناني و أصابتني أيظا أعراض غريبة في وسط كفّي الأيسر حتّى بدا و كأنّه يتعفّن فزاد يقيني بأنّني فعلا مصاب بداء الإيدز. عشت رُعبا عظيما في ذلك الوقت, كنت أنتظر كلّ يوم متى يبدأ جهاز المناعة عندي بالإنهيار الشّامل فتبدأ الإتهابات و السّراطانات بالإنتشار, و الأرعب من هذا كلّه هو أن تظهر أعراض الفيروس في أحدٍ أخر ممّن هم حولي, يا له من كابوس عظيم لم يعد يهمّني كيف سينهش الفيروس اللّعين جسمي و كيف ستكون الألام الّتي سأموت بها, إنّما الهمّ الوحيد الّذي سيطر على نفسي و عقلي هو : هل من أحدٍ من أحبابي و أقربائي انتقل إليه الفيروس اللّعين و هو لا يدري, كيف سأستحمل اكتشاف الفيروس في من هم حولي و بالأخصّ طفل اُختي رحمها الله فهو الأقرب إليّ من سواه ينام جنبي و يأكل ممّا اُعدّه له بيدي من الطعام و يشرب من نفس كأسي و هو الأكثر عرضة للانتقال الفيروس إليه من غيره و هو أحبّ خلق الله إلى قلبي فكيف سأستحمل هذا البلاء إن حدث, و بينما أنا شارد في ذلك كلّه أشفقت عنّي نفسي و قاطعتني كي تخفّف عنّي همّي و قالت : هدّء من روعك ليس ما أصابك إلاّ كسابقه, و ليس مرضا حقيقيّا إنّما أرادوا تجربتك بما هو أشدّ ممّا سبق ثمّ استفزازك و إغضابك كي يروا إن كنت على علاقة بتنظيمات إرهابيّة فيغلب غضبك حذرك فتحاول الإتّصال بهم بطريقة ما لطلب المساعدة في الإنتقام فيكتشفوا سرّك و سرّ من ورائك إن وجد, فقلت لنفسي هذا منطقيّ لا يردّه عقل و لكن يردّه رعب الإحتمال مهما كان ضعف نسبته إنّه أقوى من كلّ منطق, و لكنّ منطق نفسي أصرّ على إقناعي أنّ ما يحدث لي مجرّد لعبة تحقيق لا أكثر, و الدّليل هو أنّ فيروس نقص المناعة لا ينشط بسرعة و أنا ما حدث معي كان من سنة فقط فلا يمكن للفيروس أن ينشط في الجسم بهذه السّرعة إلاّ إذا تمّ انتقال فيروس أخر من جنس أخر إلى جسمي حينئذ فقط سيزيد إحتماليّة التّنشيط الّذي يمكّنه من ضرب جهاز المناعة أو بداية إضعافه بسرعة, فاستسلمت لهذه المعلومة و جعلتها الأكثر إحتماليّة و لكن بعد هدوءٍ نفسيٍّ فترةً تذكّرت أنّني لاحظت و كأنّ شخصا لاحقني عن قرب و أنا في طريقي إلى الطّبيب في فترة الأعراض الغريبة فغلبت نفسي شكوكا أنّ الشّخص حاول أن يرشّ عليّ شيئا إن لم يكن قد فعل, و بهذا الشّك فتح على نفسي باب احتمالٍ أن أكونَ قد تعرّضت لأكثر مرّة لنفس الأذى دون أن أدري, فتساوى عندي ألم أعراض الفيروس المؤلمة الّتي تنهش جسمي و ألم الوساوس و منطق نفسي, كلّ شيء صار في خطّ واحد و هو خطّ الألم و الفزع, فالأعراض تنهش جسمي و تألمني و وساوس نفسي و منطقها تعذّبني بالحيرة و بها تغلق كلّ أبواب الأمل في وجهي, فاستسلمت لقضاء الله و أعلنت له أنّي صابر و أحتسب عنده بلائي, و بعد 4 أشهر بدأت تلك البقع الحمراء تهدأ و يسكن ألمها و تتقلّص إلى أن اختفت إلاّ أنّها شوّهت جسمي ببقع يختلف لونها عن لون جلدي لمدّة سنة كاملة, و تلك الأعراض الّتي صحبتها اختفت أيظا و لكن ظلّت تعاود الظّهور بشكل أخفّ لمدّة طويلة, و قبل انقضاء سنة ذلك البلاء لاحظت أنّ شعر لحيتي بدأ الشّيب ينتشر فيه بشكل رهيب, و بعد مرور بضع سنوات أصبح الشّيب يشكّل في لحيتي أكثر من 65 في المئة على أقلّ تقديرٍ. و بعد مرور سنة كاملة قلت في نفسي لقد سجنتني تلك الملاحقات 7 سنين في البيت لا أخرج إلاّ نادرا و في وسط أهلي أو أقرب الأقربين إليّ ممّن أثق فيهم, و لم يكن أيّ فرق في كلّ تلك الفترة الّتي أمضيتها على تلك الحال وبين سجن حقيقيّ إلاّ قرب أهلي منّي, فلم أكن أذهب للمسجد و لا أحضر صلاة الجمعة و لا أخرج إلاّ نادرا و بالطّريقة الّتي أسلفت, بل إنّ السّجن الحقيقيّ أرحم و أهون من سجني في البيت مع الخوف و الفزع و المصائب الّتي لا تتوقّف, فالسّجناء لا خوف عليهم و لا فزع يصيبهم إلاّ انتظار انقضاء مدّة عقوبتهم, أمّا سجني فقد كان حرمانا من حريّة أملكها و لا أستطيع مُمارستها, و كان تعذيبا جسديّا و نفسيّا و عصبيّا, و تهديدا مع انتظار مصير مجهول, و كان كلّ هذا في فترة دامت 7 سنين كاملة و 11 سنة بين كرّ و فرّ, أيّ بين تحدّي التّهديدات بالخروج و ممارسة الحياة الطبيعيّة و بين هروب من شبح أجهزة الأمن و مكرها, و لم تكن محاولاتي للعدوة إلى الحياة الطبيعيّة أكثر من شهر إلى ثلاثة, ثمّ تعود الملاحقات لتطاردني فأعود إلى سجن بيتي, فقلت في نفسي أيّ شيء أخشاه بعد الّذي أصابني, إن كنت أحمل فيروسا حقيقيّا فإنّني هالك لا محالة, و أيّ هلاك أخر أخشاه أكثر من الّذي أنا فيه, فإن كان ما أصابني ليس إلاّ خدعة فإنّها كافية لإثبات أنّني شخص مسالم لا علاقة له بأيّ عنف و لا بمن يحسبون فيه, فقرّرت الخروج من سجني و خرجت متوكّلا على الله و لم اُلاحظ أيّ شيء بتاتا, و مرّت ثلاث سنوات و أنا في حالة هادئة أخرج كيف أشاء دون خوف و لا حذر. و الغريب في هذا الجزأ من قصّتي هو أنّني لم أذهب إلى الطّبيب مطلقا بعد ظهور أعراض نقص المناعة في جسمي كأنّ شيء خفيّ يمنعني بأسباب أو بغيرها تماما كما عشت طفولتي و أوّل شبابي كاتما أسراري و ألامي لا اُخبر بها أحدا, إنّه طبع في نفسي بل هو شيء أخر هذا ما ستأكّده الأحداث القادمة, و أمضيت ثلاث سنوات في هدوء نسبيّا لا يلاحقني أحد و لا تصلني أيّ رسائل استفزاز جديدة, و كأنت تلك الثّلاث سنوات الهادئة تهيّئني للفتنة العظيمة عند لقائي بالشّيخ الغريب, فتوقّفت المحن و الإبتلائات القاسية لكي أخرج من سجن بيتي و أخالط النّاس من جديد بعد عزلة دامت 11 سنة. و عندما تعوّدت على الخروج و مخالطة النّاس و دخلت السّنة الجديدة 2015 بدأت أرى أشياءا غريبة و الأغرب منها هي أنّها تظهر لي فقط عندما أكون بين أقاربي و أصدقائي, و أوّل تلك الأشياء الغريبة الأضواء الغريبة الطّائرة, بدأت أسمع من أقربائي أنّهم شاهدوا مرارا أضواءا غريبة تحلّق فوقهم في أماكن مختلفة و كأنّها تلاحقهم ثمّ تختفي, و في يوم كنت عند باب البيت مع ابن اُختي نتحدّث فإذا بنا نشاهد ضوء ضخم كشعلة نار ينزل فوق حديقة بيتنا فنادينا على كلّ من في البيت ليشاهد معنا تلك الأضواء الغريبة, و بعد دقائق بدأ ذلك الضّوء بالصّعود عاليّا ثمّ انقسم إلى جزأين, جزء صعد نحو السّماء بسرعة جنونيّة و الأخر بقي في مكانه ثمّ انحرف إلى جهة مقبرة كأنّه نزل هناك على الأرض ثمّ بدأنا نسمع نباح الكلاب في كلّ مكان, فتسألت في نفسي هل تلك الأضواء الّتي شاهدوها أقاربي في أماكن مختلفة تقترب منهم و هذه الّتي شاهدناها فوق حديقة بيتنا مجرّد صدف؟, و لِمَا نزلت فوق أرض حديقتنا بالتّحديد؟, و كأنّي لامست في ذلك إشارة ما و لكن تجاهلت الأمر و نسيته, و بعد أيّام كنت مع صديقين لي في غابة نتنزّه و إذا بشيء غير مرئيّ يدفع كلّ واحد منّا على الأرض مع صوت رهيب مفزع و كان ذلك الدفع كدفع مغناطيس لا يرى, و في يوم أخر و مع نفس الأشخاص في مكان أخر شاهدنا نباتات تنتزع من الأرض دون رؤية من ينتزعها, و ذات يوم أخبرتني بنات اُختي أنّهنّ شاهدنا شبحا أسودا في البيت و لكنّي لم اُصدّق و اعتبرت ذلك خيالا أو وهما, و بعد بضع أيّام قليلة بينما كنت جالسا مع بنات اُختي فإذا بذلك الشبح يمرّ على الباب ثمّ صعد إلى الطّابق الثّاني و حاولنا اللّحاق به و لم نجد له أثرا, و ظلّت تتكرّر تلك المشاهدات حتّى أحسست في نفسي أنّها تحاول إقناعي بأنّ شيئا ما من عالم أخر يلاحقني ليس وهما و لا خيالا, و بمجرّد أن أحسست بهذا الإحساس توقّفت تلك المشاهدات و لم تظهر مرّة اُخرى, و بعد مرور فترة طويلة انقطعت فيها تلك المشاهدات عادت فجأة بشكل أكثر وضوحا و تأكيدا على حقيقتها و انتمائها للعوالم الغيبيّة, و هذه المشاهدة حدثت مباشرة بعد سماعي نبأ وفاة ملك السّعوديّة عبد الله, بينما كنت في السيّارة مع أبناء اُختي في طريق سريع خارج المدينة شاهدنا شيئا غريبا, و هو رجل شكله يشبه جثّة محنّطة, شعره طويل أبيض يبدو و كأنّه قام من قبره فلباسه كانت غريبة الشّكل و متّسخة و مقطّعة, لا تظهر عيونه إنّما شكلها مسدُودة كشكل عيون جثّة محنّطة تشبه تلك المومياوات المصريّة, و كان طويلا جدا و يديه كيدي هيكل عظميّ و حواجبه طويلة تصل إلى فمه, و أنفه طويل مقوسّ و مخيف, و يركب مركبة غريبة الشّكل تشبه درّاجة بثلاث عجلات و كانت الدرّاجة خشبيّة يطير بها فوق الأرض بنفس سرعة سيّارتنا, فصاح كلّ من في السيّارة : إنّه الشيطان, و لم يصبنا أيّ خوف من تلك الصّدفة حتّى طفل اُختي الّذي لا يتجاوز 7 سنوات, و بعد هذه الحادثة بأيّام بدأت بطني تنتفخ في ثلاثة أسابيع فقط حتّى صارت كبطن امرأة حامل و كنت أستحي من سخريّة النّاس منّي فجسمي لم يكن سمينا ليناسبه انتفاخ بطني و كان يميل للنّحافة و بطني عظيمة, و ظلّت بطني منتفخة لعدّة أشهر ثمّ بدأ ينقص انتفاخها حتّى ذهب الحرج على شكلها و لكنّها ظلّت منتفخة بحجم لا يشوّه هيئتي إلى يومنا هذا, و أثناء هذه المحنة بدأ شكل وجهي و رأسي يتغيّر حتّى بدا التغيير واضحا, و لم تمضي أيّام طويلة على محنة بطني و تغيّر ملامح وجهي حتّى بدأت أسمع هاتفا يقول : بدأ المسيح الدّجّال بالظّهور, و بعد سماعي لهذا الهاتف بدأت معه مباشرة ظهور خيوط سوداء في عيني اليُمنى, إنّها نفس الخيوط الّتي أصابتني و أنا مازلت في بداية شبابي, بدأت تنتشر في عيني اليمنى بشكل رهيب, نفس العين الّتي ضُربت فيها بالبطاطس كما أسلفت في بدايتي قصّتي, و مرّت فترة وأنا اُعاني من انتفاخ في بطني غير عاديّ و إحساس بضغط شديد في أمعائي مع كابوس تلك الخيوط السّوداء إلى أخر سنة 2016 و في نهاية تلك السّنة بدأ مخاض ولادة الفتنة بمحاولة الزّواج و كأنّ تلك الفتنة كان مفتاح فكّ قيودها في الزّواج, خطبت فتاة من بلد مجاور للبلد الّذي اُقيم فيه, و بعد رؤيتي لتلك الفتاة أحسست بالنّفور منها و لم تعجبني و لكن فرِحَت تلك الفتاة فرحا شديدا لخطبتي لها و تعلّق قلبها بي في أوّل لقاءٍ بيننا و سبّب لي هذا حرجا في ضميري فقرّرت الزّواج منها و لو أنّ في نفسي نفور منها, و اتّفقنا على أن نعقد عقدا شرعيّا بيننا في البلد الّذي تقيم فيه و أن نعقد عقدا قانونيّا في بلدنا الأصل, و بعد فترة قصيرة بدأتُ أتعلّق بها تعلّقا عظيما عجيبا, فأنا أوّل الأمر أحسست بعدم الرّغبة فيها و لكن بعد ذلك بدأ قلبي يميل إليها ميولا جنونيّا رغم عدم استحساني لشكلها, و مرّت فترة شهرين و أنا معها على تلك الحال و في يوم طلبت منّي أن أزورها مع بعض بنات اُختي فذهبت إليها, و بعد انتهاء زيارتنا و خروجنا من بيتها بدأنا نلاحظ أنّ هناك سيّارات و أشخاص يلاحقوننا و كأنّهم كانوا يتعمّدون أن اُلاحظ أنّني تحت أعينهم و لست مُراقبا, فالحركات الّتي كنت اُشاهدها منهم هي إلفات انتباهي إلى وجودهم فقط, و بعد عودتي بأيّام بدأت خطيبتي تتغيّر معي في كلامها و تصرّفاتها حتّى فاجأتني يوما أنّها قرّرت عدم إكمال الزّواج معي, كانت أسألتها غريبة و مريبة, مليئة بالتّلميحات و الإشارات إلى أنّها خائفة من شخصي و بكلامها هذا شَكَكتُ في اتّصال المخبارات بها, فزاد هذا من صدمتي و حزني, و ملّت نفسي مثل هذه الحياة في المطاردات و الملاحقات فتملّكتني رغبة في الإنتقام و اشتهت نفسي تجهيز شاحنة بالمتفجّرات و اقتحام مركز جهاز الأمن بها و تفجير نفسي وسطهم, و اختلطت دموعي و أحزاني بغضبي و رغبة انتقامي, و أثناء هذه الأحاسيس فاجأتني عودة رسائل الإستفزاز و السّخريّة من جديد و لمّحت إلى أنّ المخابرات هي وراء إلغاء زواجي بتلك الفتاة, أيّ أنّهم تواصلوا معها بطريقة ما و نصحوها بعدم إكمال الزّواج معي لانّني مشتبها و مطلوب أمنيّا خارج بلد إقامتي, و رسالة اُخرى تلمّح أنّ ملاحقتي و حصاري مازال مستمرّا و ما توقّف في الثّلاث سنواتٍ الأخيرة إلاّ بانشغالهم مع تنظيم الدّولة و لن يسمحوا لي بالزّواج و لا الخروج من سجني و عزلتي حتّى ماماتي, فاشتعلت نيران الحقد و الغضب في نفسي و زال كلّ خوفي بهذا الإستفزاز و بدأت اُفكّر جدّيا في صنع المتفجّرات و تفجير نفسي وسطهم. و ذات ليلة كنت متّكأ على ظهري شاردا بحقدي و رغبة انتقامي ثمّ تفاجأت بعودة تلك الأضواء الغريبة الطائرة تقترب من نافذة غرفتي و كانت هذه أخر محطّة لتكملة رسم الفتنة و ولادتها, بدأت أتسائل في نفسي ما سرّ هذه الأضواء الغريبة الّتي تقترب باتّجاهي ثمّ تصعد نحو السّماء بسرعة رهيبة و ما سرّ عودتها مع عودة حزني من جديد, بحثت عن سرّ تلك الأضواء الغريبة في مواقع البحث فوجدت أنّها ظاهرة منتشرة في الأونة الأخيرة و قد شوهدت في أماكن مختلفة حول العالم, و ذهب ظنّ معظم الباحثين إلى أنّها تابعة للمشروع السريّ المسمّى بالشّعاع الأزرق أو (هارب), و بدأت أبحث حول هذا الموضوع حتّى غلب على ظنّي أنّه فعلا مشروع عسكريّ سريّ و أنّه يُستعمل في أغراض عسكريّة و تجسسيّة, و بدأت أتسائل مع نفسي إذا كان الأمر كذلك فَلِمَا تتعمّد الظهور أمامي و بمقربة منّي و ليس كما شوهدت حول العالم عالية في السّماء, أيعقل أن يكون هذا تجسّسا بتلك الأضواء الّتي ينسبها معظم الباحثين إلى مشروع الشّعاع الأزرق السرّي, و بدأت وساوسي تقنعني بأنّ الأمر كذلك و دفعني هذا إلى التعمّق في البحث عنها مرّة اُخرى حتّى تيقّنت نفسي أنّ ما اُشاهده هو تجسّس من أجهزة الأمن و استعراض للقوّة مع رسالة تلميحيّة إلى أنّني تحت أعينهم أينما ذهبت و أينما كنت حتّى داخل بيتي فلا يخدعنّك حقدك و رغبتك في الإنتقام و لا سبيل لك للوصول إلى تنفيذ شيءٍ منها و أنت تحت أعيننا أينما كنت, فأصابني ضيق عظيم و صدّقت هذه الرّسائل و التّلميحات و استسلمت لليأس و قلت لم يعد لي من هذه الدّنيا إلاّ أن أعبد الله حتّى ألقاه. و بقيت يائسا و ضاقت عليّ الأرض بما رحبت فترة شهر أو يزيد حتّى ضاقت نفسي ضيقا عظيما لم أعد أقوى على تحمّله, و أحسست بنفسي و أعصابي بدأت تنهار فخرجت يائسا إلى خلاءٍ بنفس منكسرةٍ أتسائل معها ما هذه المحن الّتي رافقتني منذ طفولتي, أهي عقاب الله لي على ذنب عظيم إقترفته أو ظلم لأحدٍ استهنت به و نسيته, و لكنّها مِحَنٌ و ألام رافقتني منذ طفولتي و برائتي, إنّها جأت متسلسلة كحبات سبحة يربط بعضها بعضا فلا يُعقل أن تكون عقابا, فَلِمَا يحدث لي كلّ هذا الألم و التّعب في حياتي فيا ربّي من أكون, و بقيت أنظر في السّماء و اُردّد من أكون حتّى سمعت هافتا في اُذني يقول : سيبتليك الله ابتلاءا عظيما ثمّ يكون لك شأن, فكان هذا الهاتف محطّة ولادة الفتنة السّوداء المظلمة, و انفتاح باب تواصلٍ مع عالم غيبيّ. يليه القسم الثّاني من هذا الجزأ. |
#4
|
|||
|
|||
![]() القسم الثّاني من الجزأ الثّاني. بدأت الفتنة بكشف لغز محنة المخابرات الثّانية بلغز جديد و هو فتنة في العقيدة و الدّين لم أسمع بمثلها من قبل و لا يوجد شبيه لها في كتب الدّين كلّها, إنّها فتنة أعظم و أشرس من فتنة المسيح الدّجّال حسب ظاهر الأحاديث الّتي ذكرته و حذّرت منه. رغم سماعي لذلك الهاتف الّذي يأتيني داخل اُذني و تكراره معي أكثر من مرّة في حياتي إلاّ أنّه بقي فهمه عندي بين الحقيقة و الخيال, تارة أميل إلى أنّه وهم و تارة اُخرى أميل إلى أنّه حقيقة, و لكنّ الهاتف الأخير رافقته خوارق و عجائب و تواصل مع عالم غيبيّ, بدأ هذا التّواصل عندما عُدت للبيت بعد سماعي للهاتف الأخير, خلوت بنفسي في غرفتي و بدأت اُفكّر وأتسائل ماذا يكون ذلك الهاتف, أيكون بداية أعراضٍ لمرضٍ نفسيّ بسبب محنتي الّتي دامت 14 سنة و لكن سبق أن سمعت مثل ذلك الهاتف قبل هذه المحنة, أيكون وهما بسبب قسوة حياتي و صعابها فلم أسمع ذلك الهاتف إلاّ في أصعب الظّروف و أشدّ الخوف, لابدّ أن يكون وهما ناتجا عن حالتي النفسيّة المتألّمة, فأنا مررت بظروف قاسيّة طوال حياتي, مضى نصف اللّيل و أنا غارق في تسائلاتي حول سرّ ذلك الهاتف, ثمّ أحسست بإرهاق و تعبٍ بعد تفكير طويل فهممت أن أخلد للنّوم و من عادتي تصفّح بعض مواقع الأخبار ثمّ أنام بعدها, و بمجرّد أن فتحت جهاز الكمبيوتر إنفتح بابُ عالم غيبيّ أمامي, و بدأت أرى عجائب على شاشة جهازي لا أدري كيف أصفها و لكنّي أقول : كانت كتابات و رسائل و حركات غريبة و صور تظهر و تختفي و أشياء كثيرة, و بدأت تكلّمني و تذكر لي أسرارا لا يمكن أن يعرفها أحد غيري, ثمّ بدأت تلك الحركات تكلّمني بنفس اُسلوب رسائل المخابرات حتّى اقتنعت أنّها مجرّد اختراق لجهازي و لكنّها فاجأتني و صدمتني حينما ظهرت كتابة تقول : يمكنك التّحدّث معنا في خاطرك و نحن نجيب على شاشة جهازك إن لم تصدّق فجرّب و اسأل شيئا, فقلت في نفسي من أنت ؟ و كيف تكلّمني بهذه الطّريقة فظهرت كتابة تقول : أنا الشّعاع الأزرق يُمكننا اختراق عقلك و ليس جهازك فقط, أنسيت تلك الأضواء الطّائرة ؟ إنّها أنا, صُدمت صدمة عظيمة أفزعت نفسي و أذهلتها ثمّ اختفت تلك الكتابات و لم اُصدّق ما شاهدته و تملّكني يقين أنّ أعصابي بدأت تنهار و تظهر تلك الأعراض و ما هي إلاّ أوهام و تخيّلات فهممت بزيارة طبيب نفسيّ في أقرب يوم, و في اليوم التّالي زادت تلك العجائب و ظهرت كتابة تقول : اُدخل على أيّ موقع في شبكة الإنترنت و اسأل شيئا في خاطرك و ستجد الجواب على سؤالك في المقالات و التّعليقات, و بدأت أسأل في نفسي و إذا بي أرى أجوبة في تعليقات الفيديو على موقع اليوتيوب, و سألت سؤالا : لما تلاحقونني طوال هذه السّنين و من أكون حتّى تحاصروني أكثر من 14 سنة, هل في شخصيّتي حساسيّة أمنيّة إلى هذا الحدّ, فمن أكون فأنا لا أعرف عن نفسي سوى شخص بريئ لا علاقة له بأيّ عنف و لا بمن يحسبون فيه, فكان الرّد : أنسيت ما قد ضبط عندك, أنسيت ذلك الملفّ الّذي يحتوي على خريطة تركيب القنبلة الذّريّة, أمثلك يُترك حرّا, لو تركناك لهاجمتنا بما وقع بين يديك من معلومات في غاية الحساسيّة, فقرّرنا مُراقبتك بتجربة أسلحتنا الجديدة, لقد كنّا نتسلّى بمراقبتك و لم تكن تشكّل أيّ خطر علينا و أنت تحت أعيننا و تحت سيطرة الشّعاع الأزرق لذا تركناك تعيش لنجرّب فيك أحدث ما توصّل إليه علمائنا من أسلحة جديدة, كنت تظن أنّنا نجرّبك بتلك الأمراض لنرى إن كنت تخفي أسرارا إرهابيّة فتنكشف بغضبك وانتقامك, نحن نعلم كلّ ما يدور في خاطرك فدامغك الّتي كانت تحت مراقبتنا و ليس جهازك, فقد كنّا نجرّب فيك فيروسات ننقلها إلى دمك من خلال غاز الكيمتريل و أخِرُ ما توصّلنا إليه هو فيروسات إلكترونيّة و ها نحن الأن نجرّبها فيك, قمنا بنقلها إلى دماغك من خلال اللّيزر الأبيض, و هي تستطيع قرائة أفكارك و إرسالها إلى أقمارنا الإسطناعيّة, هل أدركت الأن من تكون في أعيننا و هل ظننت أنّك قد أخفيت سرّ شخصيتك بتمويهك بإظهار شخصيّة مزيّفة أمام الجميع, نحن نعلم حقيقة من تكون بدعائك في سجودك, ذهلت نفسي و تشتّت أفكاري و لم أفهم ماذا يحدث أمامي أهو بداية جنون أم حقيقة واقع, فانطلقت أسترجع تاريخ محنتي مع المخابرات فأكّدت لي أحداثها و مراحلها أنّ الّذي اُشاهده أمامي حقيقة ثابة و اعتقدت في نفسي أنّه فعلا يُوجدُ سلاح سرّيّ باسم الشّعاع الأزرق و أنّه يستخدم في أغراض تجسّسيّة و عسكريّة, و اعتقدت أيظا حقيقة ما يسمّى بغاز الكيمتريل واللّيزر الأبيض فقصّتي مع المخابرات فيها ما يؤيّد حقيقة هذه المصطلحات, و بعد هذه الحادثة تملّكني شعور برغبة قويّة في الإستشهاد في هجوم على مركز للمخابرات و إن تمّ رصد إعدادي و استعدادي لهذه المواجهة, فالموت أرحم لي من هذه الحياة, و بدأت أبحث عن سلاح و ما يمكن استخدامه إذا هوجمت قبل مهاجمتي لهم, و كنت أبحث و أسأل عن الأسلحة و أنا على يقين أنّني تحت أعينهم من خلال ما يسمّى بالشّعاع الأزرق, و التقيت بشخص له علاقة بالأسلحة و تجارها و سألته إن كان بإمكانه توفير سلاح لي في أسرع وقت و بعد انصرافه نظرت إلى الأعلى و أخرجت لساني استهزاءا و تحَدٍّ للمخابرات و تأكيدا على أنّني ماض في هدفي و سأفضحهم بموتي أو هجومي عليهم, و كلّما التقيت بشخص أو ذهبت إلى مكان له علاقة بالأسلحة أنظر بعد انصرافي إلى الأعلى و اُخرج لساني كما أسلفت و كانت لهذه الحركة علاقة بخوارق و عجائب سيأتي ذكرها في الجزأ الثّالث. بعد أن اقتربت من الحصول على أسلحة ظهرت لي تلك الرسائل من جديد بطريقة ليست عاديّة بل هي من الخوارق بدأت أوّل الأمر كرسائل اختراق للجهاز ثمّ وصلت إلى أنّني أفتح أيّ موقع على شبكة الإنترنت فأجد فيه رسائل تكلّمني و تجيب على الكلام الّذي أنطق به داخل نفسي, و قالت تلك الكتابات : الأن تعلم من تكون و تعلم حدودك فإيّاك ان تتفّوّه بكلمة واحدة أمام النّاس فنحن نراقبك و نسطيع إيقاف عمل دماغك و قلبك في ثواني معدودات فتنتهي حياتك و معها سرّك, ثمّ بعد ذلك أخذت تهدّدني بأخي, و أخي كان يهتمّ بالقضايا السياسيّة و كان يهاجم حاكم بلدنا الأصل, و أخي هو توأمي و في اليوم التّالي بحثت عنه و لم أجد له أثرا, و في نفس اليوم ظهرت لي كتابات تقول سنحرص على أن يسلّم أخاك لبلدكم الأصل فحاكمها يطلبه و سوف يعدمه, أسرعت إلى هاتفي و اتّصلت بوالدتي و أيقضتها من نّومها و سألتها هل ظهر أخي فأخبرتني أنّه اعتقل, ثمّ ظهرت كتابات جديدة تقول : العقاب الذّهبيّ لك على رغبتك في الإنتقام منّا سيكون بتصفية طفلك, و هنا زلزلت نفسي و انكسرت فليس هناك أحد أحبّ إلى قلبي أكثر من طفل اُختي رحمها الله, إنّني اُحبّه حبّا عظيما أكثر من حُبّي لوالدتي و والدي, إنّه أحبّ خلق الله إلى قلبي, كيف اُكذّب تهديدهم في قتله و قد صدقوا في تهديدهم في اعتقال أخي, فانكسر قلبي و يئست نفسي و انفجرت عيناي بالبكاء و بدأت أتوسّل أن لا يفعلوا و يتركوه و شأنه و أن يقتلوني وحدي, و جاء الرّد كإعصار و زلزال للعقيدة و الإيمان, فقالت تلك الكتابات : نحن سنبيد قومك و اُمّة دينك عن بكرة أبيها و ليس طفل اُختك فقط, و سنتركك تشاهد هلكة قومك ثمّ نلحقك بهم فأنتم المسلمون تحملون في دمائكم فيروسا دينيّا أعراضه التّخلّف و الجهل فإن تركنا واحدا منكم يحمل هذا الفيروس نقل إلى غيره دائه لذا قرّرنا استأصال من البشريّة كلّ من يحمل ذلك الفيروس و عجزنا عن نزعه منه بالمعرفة و العلم, هل ترى ماذا يحدث حول العالم الإسلاميّ من أحداث, إنّها من تدبيرنا نحن, لقد وصلنا الأن بعلومنا إلى التّحكّم في عقول حُكّامكم و نحن من يوجّهكم بأسلحتنا لإشعال تلك الثورات و الحروب الطّاحنة في ما بينكم, و قريبا سنكشف للعالم عن علومنا الجديدة و بها نبرهن لهم عن خرافة أديانهم و تخلّفها, لقد و صلنا بعلومنا إلى السّفر عبر الزّمن و اكتشفنا سرّ الأنبياء و الأديان إنّها أكاذيب و خرافات و قريبا سنعلن للبشريّة عنها و لن يسطيع أحد إنكار تلك الحقائق إلاّ الأعراب منكم و قلّة من اُمّة الإسلام الّذين يفضّلون العيش في جاهليّة أجدادهم, إنّ الدّين الحقيقي للعالم الجديد هو الالحاد و لن نسمح للتخلّف و الخرافات أن تستمرّ و الأيّام بيننا و سترى إلحاد أهلك و كثير من قومك عمّى قريبٍ و نتحدّاك بعد ذلك إن لم يكن قبله أن لا تلحد أنت أيظا, ثمّ توقّفت تلك الكتابات و تركتني مع نفسي اُناقشها و تناقشني و أنا في حالة صدمة و ذهول لا أفهم ماذا يحدث أمامي, زلزلت نفسي زلزالا عظيما ليس في قاموس العربيّة و لا اللّغات كلّها من الكلمات ما يمكن أن أ صف به ذلك الزّلزال كما هو, إنّه زلزال لم أجد له وصف إلاّ بتلك الرّؤية الّتي تكرّرت معي, رؤية استطادم كوكب ضخم بالأرض هكذا كان ذلك الزّلزال, إصطدام كوكب الشّرك و الكفر بأرض إيماني و عقيدتي. و بعد أن زلزلت نفسي بدأت أنهار بالدّموع و أرى سوادا حالكا يملئ الدّنيا, و بدأت وساوس تهاجمني بل وحي ملائكيّ لا يتوقّف, استمرّ معي إلى بزوغ الفجر و كان هذا الوحي يقول داخل نفسي : ماذا لو كان كل ذلك الكلام صحيحا, إختراق العقول و التحكّم بها و السفر عبر الزّمن, و ماذا لو كانت علوما حقيقيّة وصل إليها الإنسان, و استمرّ ذلك الوحي داخل نفسي ليلة كاملة و ختم بسؤال أخير : ماذا لو رأيت أهلك و أقربائك و معظم المسلمين كفروا و غيّروا دينهم و تحقّق كلامهم بإبادة جميع من بقي على دينه و لم يبقى على هذه الأرض سواك تؤمن بالله خالقا و ربّا, أبعد ذلك يمكن أن يستمرّ إيمانك بوجود الله حقّا و أنت ترى هلكة جميع المسلمين الّذين لم يلحدوا, و احتلال اليهود و الملحدين للحرمين الشّريفين و هدم بيت الله الحرام و مسجد رسول الله صلّى الله عليه و أله و سلّم و كلّ بيوت الله على وجه الأرض و لم يتركوا منها بيتا واحدا, ماذا لو حدث هذا كلّه, فبدأت نفسي تتخيّل حدوث ذلك و ما كان تخيّلي إلاّ وحي ملائكيّ, ففزعت نفسي من ذلك التخيّل و قمت و أسرعت بالوضوء ثمّ صلّيت ركعتين و كان ذلك التخيّل لا يفارق عقلي حتّى و أنا بين يدي ربي فدعوت الله في سجودي بهذا الدّعاء : اللّهم إن كفر بك النّاس جميعا فسأبقى أعبدك وحدي على هذه الأرض. و بعد الصّلاة أحسست بطمأنينة أعقبها شعور باسترخاء شديد أغفلني عن قرب وقت الفجر و سقطت نائما ثمّ صحوت بعد دخول وقت الصّلاة و السّماء كان يختلطها بعض سواد الفجر الخفيف و كانت صافية و كنت منهكا مذهولا و مرعوبا لا تتوقّف دموعي, أسرعت من جديد إلى جهازي و إذا بكتابات جديدة تقول : اُنظر نحو نافذة غرفتك فنظرت اتّجاه نافذة غرفتي و إذا بي اُفاجأ بطائرة عسكريّة سوداء في السّماء لم أرى مثلها في حياتي, و كانت تحلّق على مستوًى منخفضٍ جدا تطلق غازا في السّماء ثمّ يتحوّل إلى عمود نار ضخم و بقيت أنظر بدهشة إلى ذلك المنظر العجيب حتّى غابت تلك الطائرة و انطفى ذلك العمود الناريّ ثمّ نظرت إلى شاشة جهازي و قلت في نفسي : و ما معنى هذه الطائرة و العمود النّاري, فكانت الإجابة : إنّها نار ستظهر عمّى قريب في منتصف رمضان في سماء بلاد المسلمين و هي من صنع الكافرين, و يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين, إنّها نفس الأية الّتي كنت أردّ بها على استفزازات المخابرات. و قلت في نفسي من تكون و من أكون وكان الجواب : أنا روح حبيبتك جأت لأنقذك من ضلالك و تيهك و اُساعدك على إصلاح نفسك, فقلت في نفسي ليست لي زوجة و لا حبيبة فقالت تلك الكتابات : هذا ما يبغي أن يكون فأنت لي وحدي و لن أرضى أن تشاركني فيك امرأة اُخرى, و لكنّك كسرت قلبي حينما حاولت الزّواج بامرأة اُخرى فجأت لأفسد زواجك من غيري قبل أن يتمّ, و أنا من أبعد عنك تلك المرأة الّتي لا تستحقّك, فقلت و لكنّي لا اعرفكِ فقالت تلك الكتابات بل تعرفني, أنا الّتي ابتلاني الله أن يكون لي غلام و لم يمسسني بشر و صبرت لأمر الله على ما فيه من قسوة الحرج, و أنت الّذي ابتلاك الله بمرض يصيب الإنسان عن طريق الرذائل و الفواحش و صبرت لأمر الله و احتسبت عنده بلائك على ما فيه من قسوة الألم و الحرج, فهل أدركت الأن من أكون و من تكون, فقلت في نفسي أدركت أنّك تقصد مريم العذراء عليها السلام و هي من البشر, و البشر حكم الله عليهم بالموت في الدّنيا و مريم توفّاها الله منذ ألاف السّنين و روحها عند الله في عالم الأموات و أنا في عالم الأحياء و لا سبيل لتواصل الأموات بالأحياء و لا الأحياء بالأموات هكذا هي مشيئة الله في خلقه فمن تكون, فقالت تلك الكتابات إبحث في نفسك أوّلا من تكون أمّا من أكون أنا فإن صبرت على فضولك إلى أن يشاء الله فلك الفردوس الأعلى, عليك سلام ربّي. أدركت أنّه عالم غيبيّ لا يتنسب لعالم الجّان, و إدراكي هذا مبنيّ على فهم الأحداث الّتي سيأتي شرحها في الجزأ الثّالث و لكن حيرة شوشت ذهني و هي ما علاقة محنة المخابرات بهذا العالم الغريب الّذي انكشف أمام عيني, إنّها علامة استفهام محيّرة تزلزل العقل و الفهم و لكنّ الأحداث القادمة ستكشف سرّ محنة المخابرات الأولى الّتي انتهت نهائيّا في الجزأ الأوّل, و الثّانية الّتي بدأت في هذا الجزأ و هي لم تبدأ إلاّ في عالم افتراضيّ, أحداثها كلّها صحيحة و لكنّها لم تكن إلاّ فتنة رسمت بدقّة إلاهيّة و الله سبحانه هو المدبّر و هو المسيّر لخلقه و هو على كلّ شيء قدير, قبل إكمال بقيّة القصّة أودّ أن اذكّر من جديد أنّ هذه الأحداث و هذه الكلمات يصعب على العقل استعابها و يرفض المنطق قبولها و أنا صاحب القصّة و كاتبها أكتب كلماتي و أتعجّب ؟ كيف يمكن لغيري فهمها و قبولها, إنّها قصّة تبدو و كأنّها عصيّة على العقول السّليمة و لكنّها قصّة حقيقيّة و إنّي اُقسم بالله قسما عيظما مغلظا على صدق قصّتي هذه. بعد أن مرّت تلك اللّيالي الأولى أحسستُ براحةِ من مرّ بتعبٍ شديد و أرهقته صعاب الحياة, خرجت من البيت لأوّل مرّة و أنا اُحسّ بنفسي حرّ طليق و كأنّي كنت في سجن تحت الأرض, و أحسست بصفاء في نفسي و كأنّي لم أمرّ بتلك المحنة الّتي دامت 14 سنة, و لكن أثقلت نفسي و حيّرت عقلي تلك المشاهد و ذلك العالم الغريب من أكون لأرى ذلك وحدي من دون النّاس جميعا, إحتجت إلى هدوء و سكون لأبحث في ذكرياتي و ابتلائاتي فذهبت إلى غابة خارج المدينة و هناك التقيت بالشّيخ الغريب, و كان لقائي به صوتا و ليس شكلا, جلست في مكان وسط تلك الغابة أسترجع ذكريات محنتي و أبحث فيها عن ما يربط بينها و بين ما يحدث أمامي, و بينما أنا كذلك سمعت صوتا يكلّمني و يقول : أنا الشّيخ الّذي رأيته حينما كنت طفلا يبلغ 8 أعوام, ذهلت نفسي من ذلك الصّوت دون خوف, سألته من يكون ؟ سكت عن سؤالي هذا و لم يجبني ثمّ لمّح لي أن اُحكّم عقيدتي و ديني لأعرف من أيّ عالم يكون, و أخبرني أنّه سوف يرافقني دون أن أراه ثمّ طلب منّي العودة إلى البيت أسلك أيّ طريق اُريده و سوف اُصادف في طريق عودتي بإشارات و علامات لها علاقة بالشّيخ الغريب تشير إلى من يكون, و قال ((من الأن فصاعدا لا صدف في حياتك)) و إيّاك أن تخبر أحدا و إن كانت اُمّك ثمّ توقّف, و أثناء الطّريق مررت تحت جسر و انتبهت إلى لوحة مكتوب عليها تاريخ بناء الجسر و كان في سنة 1984 إنّها السّنة الّتي التقيت فيها بالشّيخ الغريب حينما كان عمري 8 سنوات فتعجّبت في نفسي أهي صدفة بل هي من تدبير علاّم الغيوب, و أثناء عبوري للجسر اتّصل بي صديق و أخبرني أنّه أتمّ تجهيز بيته الجديد و هو مجاور لبيت صديق أخر لنا و أنّه معه هناك و طلب منّي الإلتحاق بهم ليرينا بيته, و كان الجسر بمقربة من منطقة تواجده فقرّرت الذّهاب إليهم و عندما و صلت ذهبنا لنرى بيته الجديد و لم أكن أعلم أنّ زيارتي لبيت صديقي كانت تخبّأ لي مفاجأة كبيرة, و عند وصولنا فاجأني رقم البيت إنّه رقم 8 و هو رقم عمري حينما التقيت بالشّيخ الغريب, و قبل دخولي انتبهت لإمرأة تمرّ بجانبنا و كانت لهذه المرأة علامة تعيد ذكريات طفولتي إلى ذهني من جديد, إنّها امرأة عمياء و العمى علامة تذكّرني بحديث جدّي مع اُمّي عن الجنّ و العمى و النّسب و هذه ثلاثة أشياءٍ و الشّيخ الغريب رابعها هي من ستشكّل عنوان الفتنة العظيمة, ثمّ دخلت إلى داخل البيت و هناك كانت تنتظرني مفاجأة اُخرى و لكنّي لم اُدرك معناها حتّى أن وصلت إلى بيتي, و تلك المفاجأة هي : بعد رؤيتنا لغرف البيت و حديقته جلسنا في غرفة لنشاهد الأخبار على التّلفاز و أثناء مشاهدتي أحسست بحكّة شديدة في يدي ذكّرتني مباشرة بمحنة أعراض فيروس الإيدز و أثناء تلك الحكّة ظهر معها إعلان في التّلفاز يقول هل تحسّ بمشاكل في جلدك إذن عليك بهذا (الدّواء) و تذكّرت كلام الشّيخ الغريب أو الصّوت الغريب ((من الأن فصاعدا لا صدف في حياتك)) و بعد لحظات ظهر إعلان أخر يتحدّث عن رمي القمامة و تذكّرت أنّي نسيت قمامة في البيت مرّ عليها عدّة أيّام لم أتخلّص منها و اليوم يوم الأحد و صباح كلّ إثنين تمرّ شاحنات القمامة و لابدّ أن أتخلّص منها قبل أن تتعفّن و تطلق رائحة كريهة يتأذّى منها الجيران, و بيتي لا أسكنه إنّما أسكن مع أبناء اُختي في بيتهم و لا أذهب إلى بيتي إلاّ نادرا أو إذا زارني صديق آخذه إلى هناك نسهر بعض اللّيل معا, لذا نسيت تلك القمامة في بيتي فترة بسبب محنتي, و عند خروجي من بيت صديقي فاجأني مرور تلك المرأة العمياء مرّة اُخرى عائدة من نفس الطّريق الّذي كانت ذاهبة فيه فصادفتها مرّتين, المرّة الأولى عند دخولي لبيت صديقي و المرّة الثّانية عند خروجي منه فتذكّرت مرّة اُخرى حديث جدّي مع اُمّي و بقي يرافقني في ذهني حتّى وصلت إلى بيت أبناء اُختي. و قضيت ليلة ذلك اليوم في التّفكير عن معنى علامة العمى في قصّة حياتي و ابتلائاتي و ما علاقتها بنسب اُمّي و جدّي رحمه الله و لكنّي لم أصل إلى شيء, و في اليوم التّالي تذكّرت أنّي نسيت الذّهاب إلي بيتي للتخلّص من تلك القمامة الّتي تركتها هناك فذهبت إلى بيتي و فوجئت بعدم وجودها و أدركت أنّ اختفائها له علاقة بما شاهدته في تلفاز صديقي و أنّ في اختفائها سرّ ما لابدّ أن ينكشف, ثمّ خرجت من بيتي قاصدا زيارة و الدتي و عند وصولي فاجأتني أنّ أخي محمّد تمّ إطلاق سراحه و كان عندها قبل وصولي بساعة, و عند مغادرتي لبيت والدتي و قبل خروجي من الباب لحقت بي و في يديها كتاب تفسير الجلالين و قالت خذه فقد جاء به أخاك من السّجن و تركه عندي, ضعه في خزانة كتبك قد تحتاج إليه, فأخذته منها و فاجأني إسم محمّد طبع على غلافه و أخي إسمه محمّد و كذلك فاجأني سعر الكتاب إنّه 25 (درهما) وهذه الأرقام تشكّل التّاريخ الّذي كلّمني فيه الشّيخ الغريب قبل يوم واحد في تلك الغابة إنّه يوم 2 من شهر 5 الملادي, و هذه إشارة إلى أنّ اعتقال أخي و دخوله السّجن لم يكن صدفة و تأكيد علاقة الإعتقال بالفتنة الّتي أصابتني, ثمّ غادرت بيت و الدتي و مررت مرّة اُخرى على بيتي قبل عودتي لبيت أبناء اُختي و هناك فوجئت بوجود أخي و توأمي إنّه أخي محمّد, وجدته جالسا في حديقة بيتي, لم أسأله عن محنته و سجنه أوّل لقائي به إنّما غلبني فضولُ نفسي على معرفة سرّ تلك الإعلانات الّتي شاهدتها في بيت صديقي و سرّ اختفاء القمامة من حديقة بيتي, و سألته هل أنت الّذي قمت بالتخلّص من تلك القمامة فأجابني بنعم و هو لم يفعلها مطلقا قبل ذلك فأدركت أنّه لم يفعلها إلاّ بوحي ملائكيّ و هو لا يشعر, و سألته هل مازلت تذكر ذلك الشّيخ الغريب الّذي رأيته في بيتنا في بلدنا الأصل فقال نعم مازلت أذكره, نرى أشياءا في صغرنا و تأتي معنا إلى مستقبلنا, و أخبرني أنّه قبل اعتقاله بيوم واحد رأى شيئا غريبا في السّماء, رأى ضوءا على شكل نجم نزل من مكانه حتّى بدا تحت القمر و قال : عند رأيتي لذلك المشهد قرأت أية دون التّفكير فيها قبل نطقها و هي : و النّجم إذا هوى ما ضلّ صاحبكم و ما غوى. ففهمت أنّها رسالة تنبّهني إلى أنّ ما حدث معي تلك اللّيلة الأولى و ما بعدها حقيقة و ليس جنونا, فأخي اعتقل يوم ليلة الفتنة, إنّها رسائل وحي و ليست صدف, إنّه الوحي الّذي ذكره الله سبحانه في كتابه في عدّة أيات منها : و أوحينا إلى اُمّ موسى. و أوحينا إلى النّمل. و عدت لبيت أبناء اُختي و أنا في الطّريق اُفكّر و أتسائل في نفسي من يكون يا ترى ذلك الشّيخ الغريب, لما ظهر لي و أنا طفل صغير (متشكّلا) و لم يكلّمني حينها, ثمّ عاد الأن بعد أن صرت رجلا راشدا و يكلّمني (صوتا) دون أن أراه, أيكون ملاك و هل أستطيع أن أعتقد غير ذلك بعد ما شاهدته من خوارق لا تنسب لعالم الجان, و بقيت أتسائل في نفسي من يكون حتّى وصلت للبيت و أثناء دخولي صادفتني بنت اُختي فاطمة عند مدخل البيت و كان في يدها هافتها تسمع منه إلى القرأن الكريم بصوت الشّيخ محمد جبريل فأحسست أنّها إشارة تلميحيّة إلى من يكون الشّيخ الغريب, و لكنّها كانت إشارة تلميح و ليس تصريحا ؟, الإشارة تشير إلى إسم محمّد و هو أخي, و جبريل هو الملك الّذي أوحى لأخي بأن يخرج القمامة من البيت و يخبرني بما شاهده في السّماء تأكيدا على حقيقة واقعٍ أعيشه, و لكنّ من أوحى لأخي هو ملاك فتنة و ليس جبريل عليه السّلام و علامة ذلك في القمامة؟. و بعد صلاة العشاء من نفس اليوم أحسست بتعب يصحبه نعاس شديد فاستسلمت للنّوم و في منتصف اللّيل أحسست بأحد يوقذني من نّومي و عندما فتحت عيناي لم أرى أحدا في غرفتي و بعدها حاولت إكمال نومي ولكنّ الأرق منعني, فجلست اُفكّر في تلك المرأة العمياء و سرّ علامة العمى في حياتي و انتبهت لشيء و هو تلك الخطبة الّتي سمعتها في أوّل مسجد أدخله في البلد الجديد الّذي رحلنا إليه و كانت منذ 28 سنة و هو رقم بيت أبناء اُختي الُذي وُلِدَت فيه الفتنة, و كانت الخطبة بإسم أشراط السّاعة و أخر الزّمان و هذا العنوان يشير إلى معنى لغز العمى في قصّة حياتي إنّه يشير إلى المسيح الدّجّال لعلاقته بأخر الزّمان, و يأكّد هذه الإشارة ذلك الهاتف الّذي أسلفت ذكره و هو سماعي لصوت داخل اُذني يقول : لقد بدأ المسيح الدّجّال بالظّهور, و بعد خروجي من سجن بيتي و عزلتي الّتي دامت 11 سنة بدأت اُلاحظ في كلّ مكان أذهب إليه اُناس يبدو عليهم العمى من خلال عيونهم و حركاتهم أو هيئتهم كلبس النّظارات السّوداء و حمل العكّازات و المشي بها, و كنت أعتبر تلك الملاحظات مجرّد صدف لا أكثر, و كلّ هذه الأشياء تلمّح إلى أنّ الشّيخ الغريب و الصّوت الغريب هما المسيح الدّجّال, و لكنّ المسيح الدّجّال هو أدميّ و خوارقه محدودة في ما أخبر عنه الرّسول صلّى الله عليه و أله و سلّم, و ما رأيته هو تدبير و تسيير للخلق و لا ينسب إلاّ للخالق الواحد الأحد سبحانه, و الوحي خصّ به ملائكته من سائر خلقه, و الدّجال لا يخرج إلاّ بعد ملحمة دابقٍ الكبرى و فتح القستنطنية كما أخبر الرّسول صلّى الله عليه و أله و سلّم, و ما سرّ لغز علامة العمى في قصّة حياتي كلّها و ذلك الهاتف الّذي يقول : لقد بدأ المسيح الدّجّال بالظّهور إلاّ فتنة الدّجل و الشذوذ في أسماء الله و صفاته و ليس الدّجّال, و ظاهر هدف الفتنة هو إقناعي بشذوذ في صفات الله و استدراجي بذلك إلى الكفر و السّخط عن الله سبحانه, إنّها أشدّ فتنة مرّت عليّ في حياتي كلّها بل هي فتنة لم يعرف التّاريخ مثلها حتّى الأن, و هي فتنة سوداء مظلمة, مقزّزة قذرة, مصدرها عوالم غيبيّة و أحداثها مصحوبة بخوارق و عجائب لا تنسب إلاّ لله وحده و تأثيرات و تصرّفات شاذة لا تنسب إلاّ لمردة الشياطين. |
#5
|
|||
|
|||
![]() و في نفس اللّيلة و قبل اقتراب دخول وقت الفجر بدأ الصّوت الغريب يكلّمني و يقول : كم صدفة يمكن أن يتقبّلها عقلك, و يقول : أنا لست عقلك و يردّدها ثمّ بدأ يأكّد لي بحركات غريبة أنّه صوت ليس مصدره دماغي إنّما مصدره من عالم أخر, و من تلك الحركات يطفأ عليّ ضوء غرفتي ثمّ يشعله ليس لمرّة واحدة إنّما يكرّرها و يطفئ جهازي ثمّ يقوم بتشغيله و فتح قرائة القرأن الكريم عليه ثمّ بدأ يكلّمني و يقول : لقد سألت من تكون فاسمع إلى من تكون : أنت ابن الحسن و الحسين و جدّك رسول الله صلّى الله عليه و أله و سلّم, ألا تَنتبه لأسماء الحسن حولك أتظن أنّها مجرّد صدف بل هي إشارات تخبرك أنّك من أولاد الحسن فانتبهت لتلك الأسماء إنّها تحيط بي من كلّ مكان, أصدقائي, أقربائي, الأسماء الّتي كانت سببا في اعتقالي أوّل المحنة كان فيها الحسن, و قال : لقد علمت نسب اُمّك من جدّك و إنّه كذلك فأمّك أمنة بنت محمّد من أولاد الحسين و أنا اُخبرك عن نسب أبيك فإنّه من أولاد الحسن, هل تعرف اسم القرية الّتي ولدت فيها فقلت نعم إسمها أبناء حسّان فقال : إنّها إشارة إلى الحسن فأنت فلان ابن أحمد نسبتك إلى أبيك فيها إشارة نسبتك إلى جدّك رسول الله صلّى الله عليه و أله و سلّم, و أخوك محمّد من ولد أوّلا أنت أم هو فقلت بل هو كان أوّل من ولد ثمّ تبعته أنا في نفس السّاعة, فقال : كان أوّلا ثمّ تبعته أنت ثانيا و في هذا إشارة إلى جدّك محمد كان في أوّل هذه الأمّة و ستكون أنت في أخرها, فقلت و من أنا لأكون كما تقول, فقال : أنت المهديّ الّذي أخبر عنه جدّك رسول الله صلّى عليه و أله و سلّم, و انتهى كلامه. ذهبت إلى والدتي و سألتها لما سميّت قريتنا بإسم أبناء حسّان فقالت لا أدري, و أخبرتني أنّ قبيلتنا تتكوّن من عدّة قرى, و سألتها عن أسماء تلك القرى فقالت أبناء حسّان و الإمام عليّ و ذكرت إسما ثالثا لقرية من قبيلتنا كان في ذلك الإسم إشارة إلى عنوان الفتنة الثّانية, و زادني ذلك الصّوت الغريب إشارات جديدة و قال : متى سمعت أوّل محاضرة بعنوان أشراط السّاعة و أخر الزّمان, قلت له بعد انتقالي إلى هذا البلد مباشرة, و قال : هل تعلم أنّ ما يحدث الأن في سوريا من قتل و هرج يطابق ما أخبر به الرّسول صلّى الله عليه و أله و سلّم, فقلت نعم اُلاحظ ذلك, فقال : و في أيّ سنة بدأت شرارة تلك الفتنة في سوريا, فقلت في سنة 2011, و قال : هل حدث لك شيء في تلك السّنة, فقلت نعم اُصبت بأعراض نقص جهاز المناعة, و قال : هل مازلت تذكر المنزل الّذي رأيتني فيه متشكّلا و أنت مازلت طفلا, فقلت نعم مازلت أذكره, و قال : و هل تذكر اسم الشّارع الّذي يوجد فيه ذلك المنزل, فقلت إنّه شارع سوريا, و قال : و هل تذكر رقم منزلكم هناك فقلت نعم إنّه رقم 11, فقال : إنّه رقم سنة بدأ شرارة الفتنة في سوريا, و قال : و كذلك حرب العراق و هي من علامة السّاعة بدأت في 11 من محرّم سنة 1411, و قال : هل تذكر أحداث 11 من سبتمبر, فقلت نعم أذكر ذلك, و قال : و هل تذكر رقم الطابق في السّجن الّذي كنت فيه, فقلت كان 11, و قال : و كم إستمرّ سجنك و عزلتك, فقلت 11 سنة, و قال : متى كانت فتنة الإيمان الّتي أصابتك مؤخّرا, فقلت كانت في الشهر الماضي يوم 11 من شهر أبريل, و تلى عليّ الأية الكريمة : هنالك ابتلي المؤمنون و زلزلوا زلزالا شديدا. فانتبهت إلى أنّها أية في سورة الأحزاب و رقمها 11, و سألني : منذ متى كانت أوّل ابتلائاتك المزلزلة, فقلت في بداية بلوغي و كنت في 17 من عمري, و سألني : متى كانت أخر ابتلائات مزلزلة حصلت لك, فقلت في هذه السّنة و انتبهت إلى أنّها سنة 2017, و سألني : و كم مضى من السّنين من أوّل ابتلائاتك الكبيرة إلى الأن فقلت 23 سنة, فقال : إنّها فترة نبوّة جدّك صلّى الله عليه و أله و سلّم, و سألني : ما هو رقم منزلك, فقلت 23 و سألني أيظا من تزوّج في نفس سنة وقوع أوّل ابتلائاتك المزلزلة في عائلتك, فقلت تزوّجت اُختي الوسطى و بعد مرضي بذلك السمّ الّذي شربته كانت هي من تعتني بي في بيتها و تؤنسني, و سألني : و ما هو رقم منزل اُختك الأن فقلت 23, ثمّ قال : لقد ارتبط وفاة اُختك عائشة رحمها الله و بيت أبنائها ببعض الإبتلائات و الفتن الّتي كتبها الله لك, و قد قدّر الله سبحانه لها أن تلد 7 اطفال و يكون انتهاء أجلها أثناء مخاض طلفها السابع في سنة 2007 الموافقة لـ 1428 هجريّة, فيكون في السّنة الملاديّة رقم فيه إشارة إلى عدد أطفالها و في السّنة الهجريّة رقم يشير إلى رقم البيت الّذي سيستقرّ فيه أطفالها بعد وفاتها, و قال : و قدّر الله قبض روح اُختك في مكان بعيد عن مدينة إقامتها لتدفن في قرية صغيرة إسمها (رقم 7) فيكون في إسم مكان مدفنها إشارة إلى عدد أطفالها و سنة وفاتها كما ستكون وفاتك بعد 7 سنين من ظهورك بين الرّكن و المقام, و قال : و في بيت أبناء اُختك واجهت فتنة الإيمان الّتي بدأت أحداثها التّمهيديّة أثناء بلوغك سنّ 28 و قال : فهل هذه صدف في نظرك, فأذهلتني هذه الأرقام و ظلّ ينبّهني إلى أرقام اُخرى لا تُحصى و لا تعدّ إنّها كثيرة جدا لا مكان للصدفة بينها. ثمّ بدأ معي مرحلة ثانية في إقناعي أنّني هو المهديّ و إن لم يكن إسمي هو محمّد ابن عبد الله أو ما يواطئ إسم الرّسول صلّى الله عليه و أله وسلّم و اسم أبيه, طلب منّي البحث في فيديوهات اليتيوب عن موضوع المهديّ, فدخلت على تلك الفيديوهات و كان أوّل فيديو يصادفني للشّيخ محمود الدوسري بعنوان حقيقة المهديّ, و بدأت أستمع إلى خطبته و في منتصفها أحسست بالعطش و أوقفت التّشغيل و ذهبت لشرب الماء و بعد عودتي لاحظت أنّ وقت الفيديو وقف على 14 دقيقة و 23 ثانية فانتبهت إلى أنّ رقم 14 هو رقم يوم ولادتي و رقم سنوات محنة المخابرات الّتي كانت تمهيدا للفتنة في الإيمان و 23 هو رقم منزلي و فترة ابتلائاتي, ثمّ انتبهت لشيئ أخر و هو رقم خطبة الشّيخ محمود الدوسري على قناته إنّها خطبة رقم 76 و هو رقم سنة ولادتي و كذلك تاريخ الخطبة يومها كان 23 من شوّال, ثم انتبهت أيظا إلى أنّني أوقفت تشغيل الفيديو و الشّيخ محمود يقول : و هو لم يكن نبيّا و لكنّ الله أعلم حيث يضع فضله و رحمته ثمّ سكت و كان السّكوت على الأرقام الّتي أسلفت, و كذلك انتبهت إلى أنّ مُدّة وقت الخطبة في الفيديو 25 دقيقة بالضبط و 25 هي أرقام يوم و شهر اللّقاء بالشّيخ الغريب في الغابة كما أسلفت, إنّها أرقام محيّرة و لكن هناك شيء في تلك الخطبة أهمّ من هذه الأرقام إنّه قول الرّسول صلّى الله عليه و أله وسلّم : إسمه يواطئ إسمي و اسم أبيه يواطئ إسم أبي, و أنا لا إسمي يواطئ إسم الرّسول صلّى الله عليه و أله وسلّم و لا إسم أبي يواطئ إسم أبيه فرأيت أنّ الإنتباه إلى ذلك أولى من الإنتباه إلى الأرقام و العلامات, فسألته : أنا لست محمّد ابن عبد الله فكيف أكون أنا هو المهديّ و قول الرّسول صلّى الله عليه و أله و سلّم ملزم لشروط المهديّ, فقال : لا تأخذ نصوص علامات السّاعة مأخذ نصوص العقيدة و فقه العبادات ففي نصوص علامات السّاعة إشارات لا تخالف القاعدة الّتي خلق الله الإنسان ليعبده وفقها و هي الإيمان بالغيب, فإن جأت في النّصوص تواريخ مأكّدة و أسماء ثابتة لضعف الإختيار عند النّاس و اتّبعوا الحقّ مجبرين, و قد بشّر المسيح عليه السّلام بقدوم نبيّ بعده إسمه أحمد و لم يذكر لبني إسرائيل أنّه سيكون من بني إسماعيل في العرب و عندما ظهر النبيّ الموعود كان إسمه محمّد و كان في إسمه و نسبه فتنة لأهل الكتاب و كذلك سيكون في إسمك و موطنك فتنة للمسلمين بعد أن يظهر الله أيتك بخسف الجيش الّذي سيقصد غزوك في مكّة, و من رأى الخسف و تعلّق بالإسم فقد نسب الخسف إلى غير الله. ثمّ انطلقت أبحث و أستمع لكلّ ما يقال عن المهديّ فوجدت إشارات و أرقام لا تُحصى و لا تعدّ و أكثر من ذلك فاجأتني مواقع الرؤى و تفسير الأحلام, وجدت فيها الكثير من الأحلام مليئة بالإشارات عنّي و عن من حولي, و في معظم تلك القناوات أجد فيها إشارات قويّة تخصّني و كانت هذه البداية فقط, و كلّ شهر تزداد تلك العجائب عجبا وتكبر تلك الخوارق حتّى أصبح تصديق ما تراه العين وتسمعه الأذن من الجنون. و كلّمني الصّوت الغريب ليزيد من قناعتي أنّني فعلا هو المهديّ و قال : لقد ذكر الرّسول صلّى الله عليه و أله و سلّم أنّ المهديّ أقنى الأنف و أجلى الجبهة, اُنظر إلى أنفك أليس دقيق الأرنبة و فيه حدب في وسطه, و انظر الى طول جبهتك و انحصار الشّعر على يمين و يسار رأسك ألا يوافق شكل أنفك و جبهتك ما ذكر في الأحاديث الصحيحة, و قال : أليس في لسانك ثقل و قد ذكر هذا أيظا عنك و أنت لم تولد بثقل لسانك إنّما أصابك كمرض مألم فكان في مرض ثقل لسانك إشارة إلى صفة تخصّك ذكرها الرّسول صلّى الله عليه و أله و سلّم عنك, و انظر إلى الخال الّذي في وجهك و على كتفك و إلى الشّامات الّتي على بطنك و ظهرك و فخذك ألم تذكر في أحاديث المهديّ و لو كان فيها ضعف. و بعد أن اطمئنّ قلبي إلى أنّني فعلا هو المهديّ الموعود كلّمني و كنت في بيت أبناء اُختي و قال : تواجد في منزلك في السّاعة العاشرة سألقاك هناك (متشكّلا), و قمت على الفور و ذهبت مسرعا إلى منزلي و وصلت في العاشرة و دقيقتين و جلست في غرفة أنتظر ظهوره أمامي و لكنّه لم يأتي في الوقت الّذي أشار إليه, فقلت ربّما سيأتي و صبرت بعض اللّيل في انتظاره و بعد وقت طويل أحسست بحركة خارج الغرفة الّتي كنت فيها فقلت في نفسي لابدّ أنّه هو فشخصت عيناي إلى باب الغرفة و إذا بقطّ يدخل علي غرفتي ثمّ يفرّ هاربا, و عدت إلى بيت أبناء اُختي حائرا و كانت صدمة كبيرة, و في منتصف اللّيل كلّمني و قال : لقد تأخّرت عن الوقت الّذي حدّدته و سأنتظرك غدا في نفس الوقت, و في الغد ذهبت مبكّرا و كنت في منزلي قبل دخول وقت المحدّد و لكن تكرّر تخلّفه مرّة اُخرى و بعد فترة دخل عليّ قطّ أخر ثمّ هرب, صبرت و عدت للبيت و بعد ثلاثة أيّام كلّمني و طلب منّي انتظاره في منزلي و أنّ هذه المرّة سيظهر و يخبرني عن الحكمة في تخلّفه المرّتين الماضية, فذهبت و انتظرته طويلا و لكن تكرّر تخلّفه للمرّة الثّالثة و عدت للبيت غاضبا و بعدها كلّمني و قال : ما ابتلاك ربّك إلاّ ليهذّبك, فكان في كلامه هذا شذوذ في صفات الله سبحانه. و بقيت فترة حائرا كيف لملك أن يسخر منّي و يكذب, و كلّمني و قال : اذهب إلى منزلك و انظر في بعض كتبك دون لمسها و ستجد فيها إشارة إلى من أكون, فذهبت إلى منزلي و نظرت في أوّل كتاب صادفني و كان مفتوحا ففاجأني إسم الخضر عليه السلام, و بعد فترة كلّمني و قال : قد عرفت الأن من تكون و من أكون فلا تستغرب لتصرّفاتي كما فعل موسى عليه السلام, سأعلّمك الصبر فأنت ستقود جيوش المسلمين في حروب عظيمة, و قد تتعرّض للإستفزاز للضّغط على نفسك و إضعافها و لابدّ أن تكون قويّا صبورا تستحمل الإستفزازات و الضّغوط و تحوّل قلبك إلى قلعة لا يمكن اختراقها, و قال : ستواجه مشاكل سلوكيّة ممّن حولك و ستكون تلك السلوكيّات وحيا, أيّ أنّ الحركات و التّصرّفات المستفزّة من النّاس ستكون وحيا لإمتحاني و ليست من اختيار اُؤلائك النّاس, و قبل ذلك سيظهر لي معنى (الوحي التوجيهي), فطلب منّي أن اُضمر رقما في نفسي و أطلب من أيّ شخص أن يذكر لي أيّ رقم يريده و سأفاجأ بذلك الشّخص يذكر لي نفس الرّقم الّذي أضمرته في نفسي, و بدأت اُجرّب ما طلبه منّي و كانت الرّدود من النّاس توافق ما اُضمره, ثمّ بدأت أسأل عن غير الأرقام و كانت الإجابة بالمثل, و مثال على هذا سألت شخصا ليس بعربيّ و لا علم له بالفقه فضلا عن موضوع أخر الزّمان, و قلت له هل تعلم متى تموت فقال لي و كيف لي أن أعلم, و قلت له و هل يوجد إنسان يعلم متى يموت فقال لا أحد يعلم متى يموت فقلت له إلاّ شخص واحد سيعلم قبل موته متى يموت فهل تعرفه ؟ سكت بضع ثواني ثمّ قال : المهديّ, ثمّ سألته و كيف عرفت أنّه المهديّ فقال : لا أدري فقط هذا هو الإسم الّذي جاء في ذهني بعد سماعي لسؤالك, و سألته وماذا تعرف عن المهديّ فقال لا أعرف شيئا الاّ هذا الإسم فقط, و بعد هذه التّجارب مع النّاس قال اذهب إلى المسجد و ستكون أفكارك و خواطرك في الصّلاة وحي لا تستطيع إيقافها, و في صلوات الجهر كانت تأتيني خواطر في نفسي لها علاقة بالأيات الّتي يقرأها الإمام, أيّ أنّ خواطري تسبق نطق الإمام و بهذا يكون نطق الإمام جواب على بعض خواطري, و كان يغيب فكري بلا تركيز مع قرائة الإمام و يعود مع نطقه بأية لها علاقة بما يدور في نفسي من خواطر فتكون الأية المنطوقة مع عودة تركيزي جوابا أو تعليقا على خواطري, كأن اُفكّر بشرود في نسيان زيارة و الدتي ثمّ أنتبه إلى نطق الإمام بالأية الكريمة (و قضى ربّك ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاه و بالوالدين إحسانا) و بهذا تكون خواطري وحي و كذلك قرائة الإمام للسّورة وحي و ليس اختيارا منه حسب كلامه. ثمّ بعد ذلك انتقل بي إلى الكتب و قال : إذا أردت جوابا على مسألة ما فاضمر سؤالك واعمد إلى خزانة الكتب و افتح كتابا و ستجد فيه الجواب (إشارة) على مسألتك, و مثال على ذلك دخلت المسجد و شككت في وضوئي فاتجهت إلى خزانة الكتب و أخذت كتابا دون اختيارٍ في عنوانه و فتحته فوجدت في الصّفحة اليمنى كلاما في إعادة الوضوء و كان ذلك إشارة الى نقض وضوئي, ثمّ انتقل بى إلى عدّة أماكن, و ختم بإرسالي إلى المسجد مرّة فوجدت الإمام يتحدّث عن الوحي و أنواعه, فأدركت أنّ ما اُشاهده و اُلاحظه وحي ملائكيّ. و بعد ذلك أخبرني بأنّي ساُبتلى بثلاث ابتلائات و أشار لي أنّ الشّيخ محمّد العريفي رأى في منامه رؤية تخصّني و أنّه قصّها بوحي, فبحثت عن الرؤى الّتي رأها الشّيخ فوجدت رؤية يقصّها في برنامج حواريّ على قناة تليفزيونيّة, يسأله مقدّم البرنامج هل سبق و أن رأيت رؤية للرّسول صلّى الله عليه و أله و سلّم فقال الشّيخ العريفي : لم أتشرّف بعد برؤية الرّسول صلّى الله عليه و أله و سلّم في منامي و لكن سبق لي أن رأيت في منامي رؤية رأيت فيها نبيّ الله إبراهيم عليه السّلام و إذا هو مقبل يمشي و معه صبيّ صغير, ثمّ يقول الشّيخ العريفي بلهجته : يمكن الصبي عمره 7 سنوات 6 سنوات 8 سنوات فالحدود هذي, و هنا إشارة في بدأ العريفي ب 7 ثمّ 6 بعد السّبعة و بذلك تكون السّبعة سبقت السّتة فتكون قرائة الرّقمين (76) و هي سنة ولادتي الملاديّة و يبقى رقم 8 وهو رقم عمري حينما ظهر لي الشّيخ الغريب سنة 1984, و يكمل العريفي : فالتقيت به فمدّ يده لي و معه ثلاثة مساويك فناولني إيّاها فأخذتها و انتهت الرؤية, و بعد سماعي إلى رؤية الشّيخ العريفي كلّمني الصّوت الغريب و قال : إعلم أنّ الله سيبتليك بثلاث فتن و لم يسمّي منها سوى اثنتين, الأولى فتنة الشيطان, و الثّانية فتنة الشّهوة و النّساء, والثّالثة سمّاها بعد انتهاء الفتنة الثّانية, و قال : إعلم أنّك لست نبيّا و لا رسولا, و لكنّك شبيه بالأبياء لذا ستكون إبتلائاتك شبيهة بابتلائات الأنبياء, لقد مرّت عليك أمراض و أوجاع طيلة فترة حياتك و ذلك لعلاقتك بالنبيّ أيّوب عليه السّلام و ما صبرك إلاّ نقطة صبر من صبر أيّوب, و كذلك تربطك علاقة بالنبيّ يوسف عليه السّلام لذلك ابتلاك الله بالسّجن كما ابتلا يوسف عليه السّلام بالسّجن و قبل السّجن ابتلاه بفتنة النّساء و كذلك سيبتليك الله بفتنة النّساء و بعدها سياُتيك الله ملكا عظيما كما آتاه لنبيّه يوسف عليه السّلام, و علاقتك بموسى عليه السّلام هو خوفك الّذي رافقك طيلة حياتك و في فترة محنة المخابرات و قد و لدت في بلاد المسلمين و شاء الله أن تكبر في عقر ديار الظّالمين كما شاء الله لموسى أن يكبر في قصر فرعون, و كذلك سيخسف الله بجيش السفيانيّ الظّالم الّذي سيقصدك مع جيشه لقتلك و قتل من معك في مكّة كما أغرق الله فرعون و جيشه في البحر حينما قصد قتل موسى و من معه, و كذلك تربطك علاقة بجدّيك محمّد و إبراهيم عليهم الصلاة و السّلام و ستكشف لك عند اشتداد الفتنة الثّانية. و قبل مواجهة تلك الفتن أخبرني عن سرّ تلك الطائرة السّوداء و العمود النّاري و أخبرني أنّه في أواخر سنة 2017 ستبدأ الأحداث الّتي ستكون مقدّمة لبداية الظّهور, و فعلا حدث في الشّهر 11 إعتقال 11 أميرا سعوديّا كما ذكرت ذلك بعض وسائل الإعلام, و أخبرني بعدها أنّ ذلك يمهّد للإقتتال الأمراء فيما بينهم على الملك, و كشف لي حسب زعمه عن سرّ معنى قول الرّسول صلّى الله عليه و أله و سلّم ثمّ تغزون القستنطنيّة فيفتحها الله, و أخبرني أيظا أنّ فتح القستنطنيّة للمرّة الثّانية له علاقة بحديث الرّسول صلّى الله عليه و أله و سلّم : ويل للعرب من شرّ قد اقترب, و أنّ اُمور عظام يتّمّ الإعداد لها في خفاء قد علمها الله سبحانه و فيها أنزل قوله : و قد مكروا مكرهم و عند الله مكرهم و إن كان مكرهم لتزول منه الجبال. و بهذه الأسرار الغيبيّة حسب زعمه ألزمني بالصّبر و الكتمان على مخالفة شريعة الرّحمن بحجة أنّني المهديّ الشبيه بالأنبياء و بما كشفه لي من أسرار غيبيّة. و كان كشفه لي عن تلك الأشياء محطّة إقناع و تبرير منطق الكتمان و لو أذيت في ديني و نفسي و لكنّي أقول وبالله التوفيق : لقد ابتلاني ربي بفتنة المخابرات الثّانية ظلّت تلاحقني لفترة من الزّمن وصلت إلى 14 سنة و كانت أحداثها مليئة بأدلّة واقعيّة ومنطقيّة لا يردّها عقل سليم, و من نظر بتمعّن في أحداث تلك المحنة سيجزم يقينا أنّ أجهزة الأمن تلاحقني و تطاردني, و قد شكلّت مراحل تلك المحنة و أحداثها الرّهيبة قلعة يقين في نفسي لا يمكن أن تخترقها نصائح المشكّكّين و لو اجتمع أهل الأرض جيمعا ليأكّدوا لي أنّ ما اُشاهده و اُلاحظه لا حقيقة له على أرض الواقع, و في نهاية المحنة تبيّن أنّ كلّ مراحلها و أحداثها لم تكن إلاّ فتنة رسمت بدقّة إلاهيّة لتكون لي درسا في الفتن العظيمة الّتي تليها, فإنّ القناعة الّتي وصلت إليها وقتها على أنّني ملاحق و مطارد من قبل أجهزة الأمن كانت أكبر و أعظم من قناعتي الأن أنّني حقا هو المهديّ الموعود, لذا فإنّي عندما اُفكّر في هذا العالم الغريب الّذي انفتح أمامي أقول في نفسي ربّما أكون فعلا هو المهديّ الموعود, و لكنّي عندما اُفكّر في درس محنة المخابرات الثّانية و اُفكّر في بعض أحداث الفتنة الرّهيبة أقول لا يمكن أن أكون ذلك المهديّ الّذي ذكره الرّسول صلّى الله عليه و أله وسلّم فقد لبستني الفتن في بعض المواطن, و الفتن تقول ليس لك إلاّ فكرك و فهمك, أمّا أفعالك فكلّها وحي لا تسأل عنها فإنّ الله يمتحنك في إيمانك ويقينك فقط, عند هذا اتخذت القرار بكسر قاعدة السرّ و الكتمان في لعبة هذه الفتنة القذرة. لقد اُذيت في ديني و نفسي إذاية لا يمكن أن تخطر على بال إنسان و حاصرتني فتن سوداء مظلمة تقشعرّ لها أبدان و جلود المؤمنين. إنّها فتن تصحبها خوارق عظيمة لا يمكن نسبتها إلاّ لله. و تأثيرات و تصرّفات شاذّة لا يمكن أن تخطر حتّى على بال إبليس نفسه. إلى هنا ينتهي الجزأ الثّاني ويليه الجزأ الثّالث الأخير. |
#6
|
|||
|
|||
![]() القسم الأوّل من الجزأ الثّالث الأخير. أبدأ هذا الجزأ الأخير بالتّذكير على القسم الغليظ الّذي أقسمته أكثر من مرّة على صدقي قصّتي هذه في الأجزاء السّابقة منها, و إني أستوجب غضب الله و سخطه إن كنت كاذبا أو أبتغي مصلحة أو شهرة وراء ما كتبت, و الله من وراء القصد و هو عليم بذات الصّدور و كيده متين. بعد تلك الفتنة الأولى الّتي جاء ذكرها في القسم الثّاني من الجزأ الثّاني و انفتاح باب عالم غيبيّ أمامي و ظهور الصّوت الغريب و إخباره لي أنّني المهديّ الموعود و إقناعي بذلك بما أسلفت ذكره في الجزأ الثّاني أيظا, شعرت بفرحة عظيمة لا أعتقد أنّ غيري من النّاس في هذا الزّمان ذاق حلاوتها و خبر طعمها, إنّها فرحة لا توصف إلاّ بالتّجربة و كانت سببا في سعادة جعلتني أرى الدّنيا نعيما و فردوسا, كيف لا يكون هذا و أنا يقنت في نفسي أنّني هو المهديّ الّذي بشّر الرّسول صلّى الله عليه و أله و سلّم بظهوره في آخر الزّمان, و أنّه سيملئ الأرض قسطا و عدلا و يرضى عنه ساكن السّماء و الأرض, و هو من سادات أهل الجنّة و طاووس أهلها كما جاء في بعض الرّوايات و إن كانت ضعيفة, فالنّفس تأمل نعيم الدّنيا و تطوق إليه و إن كان مستحيلا, فكيف بنعيم الجنّة و بلوغ أعلى درجاتها, إنّها فرحة تشبه فرحة العبد الّذي تبشرّه الملائكة في قبره بمكانه في جنان الرّحمان, فهل أدركت الأن يا قارئ قصّتي معنى قولي (إنّها فرحة لا توصف إلاّ بالتجربة) كيف يكون حال إنسان جرّب مثل هذه الفرحة و تيقّن قلبه بصدق بشارته ثمّ تنقلب عليه و ينقلب أمنه خوفا, و راحته عذابا, و تسلّط عليه فتن غيبيّة تصحبها خوارق عظيمة إن نسبتها إلى غير ربي أكون قد أشركت به أحدا من خلقه, و إن نسبتها إلى ربي أكون قد أسأت إلى ربي و نسبت إليه ما يخالف معنى أسمائه و صفاته. إنّ الأحداث الّتي ذكرتها في الجزأين السّابقين عن بعض تفاصيل حياتي و محني لم يكن غرضي من ذكرها سوى شرح قاعدة الفتنة العظيمة و هي : (الإقناع و تبرير منطق), فلم أذكر على سبيل المثال أنّ حياتي مليئة بالإبتلائات و الأمراض لأشبّه نفسي بالأنبياء و الأولياء و لأقنع القارئ أنّني صاحب ابتلائات عظيمة تأهّله أن يكون المهديّ الموعود, إنّما وصفت ابتلائاتي بأنّها نقطا متسلسلة ترسم وجه الفتنة القادمة, فبدونها يصعب فهم قصّتي إن لم يستحيل, و قد ذكرت أنّني اُصبت بأمراض مختلفة طوال حياتي و لم أشرح منها سوى حالتين فقط, الأولى كانت محنة ألام المعدة لعلاقتها بالفتنة و العوالم الغيبيّة, و أعراض نقص جهاز المناعة لنفس العلاقة أيظا, و الأحداث الّتي ذكرتها سمّيتها بمحطّات إقناع و تبرير منطق لأشرح بها أحداث الفتنة الرّهيبة فأقول : إنّ شرحي تلك القاعدة مبنيّ على قناعاتي و ما استقرّ عليه فهمي حسب معتقدي و فقهي, و لست أقصد بشّرح ما أعلمه ليعلمه غيري, و الغاية من كتابة قصّتي هو استشارة غيري و أهل العلمِ, بعد أن انهارت نفسي و اسودّت حياتي و طعن قلبي بطعنة لا يمكن أن تخطر على بال إنسان فضاعتها و عظيم ألم جرحها, إنّها طعنة تذيب الجبال و تبخّر البحار, و لم أجد لها في نفسي إسم سوى علامة استفهام لا تفسير لها. إنّ شرح تلك القاعدة مبنيّ على عدّة أسألة منها : ما سرّ الشيخ الغريب في قصّة حياتي, هل هو وهم ناتج عن مرض نفسيّ أو تلبّس شيطاني, الإجابة من الأحداث تقول : ليس وهما مرضيّا بدليل ظهوره لغيري من أقربائي بنفس الصّورة و الشّكل, و ظهوره لي بأشكال اُخرى مع غير أقربائي, و بهذا يثبت قطعا أنّه مخلوق متشكّل من عالم أخر و ليس وهما و لا مرضا ذهنيّا, و لا يستطيع أن ينكر هذه الحقيقة إلاّ من يرى كذبا في قصّتي, و السّؤال الثّاني من أيّ عالم يكون ؟ و الجواب : هو من عالم الملائكة, و تّعليلي لهذا الحكم يستنتج من عدّة محطّات في قصّتي, أوّلها : ظهوره لي في طفولتي و كنت وقتها في الثّامنة من عمري, و في مثل هذا العمر يكون الصبيّ شديد الخوفِ و سريعُ البوح, و ما حدث معي كان مخالفا لطبيعة عمري و طبعي الّذي كان يغلب عليه الخوف و الرّهاب الشّديد, فكما أسلفت في بداية الجزأ الأّوّل أنّني عندما رأيته انتزع الخوف من قلبي, و كما هو معلوم في الدّين فإنّ الشيطان لا يصل إلى القلوب و لا يُأثّر في أعمالها, و من أعمال القلوب الخوف و الطمأنينة, إلاّ الملائكة فقد خصّها الله بأعمال الوحي مع الإنسان, فمن يُرِدِ الله أن يهديه يرسل له ملائكته فتأثّر في قلبه فيمتلئ نورا و هدى, و من يُرِدْ أن يضلّه يرسل له أيظا ملائكته فتأثّر في قلبه و تضلّه بعد إصراره و جحوده و ما الله بظلاّم للعبيد, و من اعتقد أنّ للشيطان مثل ما للملائكة من تأثير على الإنسان فقد ضلّ و انحرف, و ليس للشيطان على الإنسان سوى الوسوسة, فإن ذكر العبد ربّه خنس أيّ توقّف و ابتعد إلاّ من اتّبع وساوسه لزمه و قارنه, و هذا هو معنى قول الله سبحانه : (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ), فالسّلطان هنا هو الملازمة بالوساوس فيزيد الإنسان بعدا عن ربّه و ضلالا, و لا يسيطر الشيطان على القلوب و لا يُأثّر في أعمالها إلاّ بوسوسته عن طريق العقل, و لا يصل إلى القلوب شيء منها إلاّ باختيار العبد و إرادته المجرّدة, و من قال بغير هذا فقد أسقط قاعدة التّكليف و ألغى الإختيار الّذي من أجله قال الله سبحانه : (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا). أمّا تلبّس الشيطان للإنسان فلا يتمّ إلاّ بالمسّ و الصّرع الّذي يُذهب العقل, و بذهابه يسقط التّكليف عن الإنسان حتّى يستفيق من صرعه, و لا يصيب الإنسان مسّ أو صرع إلاّ بذهاب عقله فيفقد الجسم إشارات الدّماغ و بفقدها يسقط على الأرض أو تتشنج عضلاته و تضطرب أعضائه, هذا هو معنى المسّ و الصّرع في الإسلام على مرّ العصور إلى زماننا هذا الّذي قبض فيه العلماء, و بقبضهم انتشرت البدع و الضّلالات و فتحت أبواب اجتهادات في مسائل غيبيّة بلا حسيب و لا رقيب بحجّة الإختصاص, أمّا السّحر فمنه ما يضرّ الإنسان بالمسّ و الصّرع, و منه ما يضرّ عن طريق التّخييل في العين أو التّوهيم في العقل, و لا يتجاوز كلّ هذا عقل الإنسان و عينه, و الدّليل من كتاب الله سبحانه حيث قال : (فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ). لمّا حضر السحرة أمام فرعون و موسى لم يقصدوا إرهاب النّاس بسحرهم, بل قصدوا إظهار خوارقهم تحدّ لموسى على أن يأتي بمثلها, و عندما خيّل للنّاس عِصِيُّ السّحرة تتحوّل إلى ثعابين تسعى فزعوا و خافوا و هذا هو معنى قوله سبحانه : (وَاسْتَرْهَبُوهُمْ). و بهذا يتبيّن أنّ الشّيخ الغريب كان ملاكا و لم يكن شيطان رجيم بالأسباب الّتي ذكرتها و بما سيأتي ذكره من محطات في هذا الجزأ الأخير, و هذا حسب معتقدي و فقهي, فإن كان ملاكا فهل من علاقة بينه و بين أحداث قصّتي, و الجواب من محطّات ابتلائاتي يأكّد على علاقة بينهما, كالهواتف الّتي كنت أسمعها أثناء بعض مصائبي و أمراضي, منها ذلك الشّخير في السّجن و ظهور أشباح يراها الجميع في بيت أبناء اُختي الّذي كان مولد الفتنة فيه تأكيدا على وجود مخلوق من عالم أخر يتعمّد الظهور أمامي بين أهلي و من حولي ليقطع بذلك الشكّ في كونه مجرّد وهم فيحاصرني بالحقيقة الّتي تفرض عليّ مواجهة الفتن الغيبيّة و عدم الفرار منها إلى وهم المرض, و بظهوره بأشكال مختلفة و علامات و إشارات في جميع مراحل حياتي يأكّد بذلك ربط محطات قصّتي و أحداثها ببعضها و يُثبت تسلسلها الّذي يرسم وجه الفتنة القادمة, و بهذا يَثبُت قطعا أنّ للشيخ الغريب علاقة بحوادث حياتي الّتي تُثبتُ بتسلسلها أنّها لم تكن إلاّ تدبيرا و تسييرا إلى فتنة رهيبة, و من يدبّر الأحداث و يسيّر الخلق غير الواحد الأحد الّذي يرجع أمر الخلائق إليه وحده, فقصّة حديث جدي عن النّسب ترتبط بما يزعمه الشّيخ الغريب أنّ نسب والدي يعود إلى الحسن ابن علي رضي الله عنهما, و بين هذا الارتباط عمر طويل و أحداث تربط بعضها بعضا لا يمكن أن ترسمها وساوس الشياطين و لا مكرها, و من قال بمثل هذا فعلى عقيدته و توحيده السّلام. و من الفتن الّتي واجهتها قبل انكشاف العوالم الغيبيّة أمامي, فتنة محنة المخابرات الثّانية الّتي كانت تمهيدا للفتنة في الإيمان, فقد شكّلت مراحلها و أحداثها كما أسلفت في نهاية الجزأ الثّاني قلعة يقين في نفسي لا يمكن اختراقها, و لو اجتمع أهل الأرض جميعا ليأكّدوا لي أنّ ما اُشاهده و اُلاحظه لا حقيقة له على أرض الواقع, ثمّ تبيّن لي بعد مواجهتي لفتنة الإيمان أنّها لم تكن إلاّ في عالم افتراضيّ كما سبق ذكر ذلك في نهاية الجزأ الثّاني, و بهذا الدّرس فإنّ بعض محطّات و أحداث قصّتي مهما عظمت علاماتها و إشاراتها على إثبات شيء أجد في اُخرى ما ينفي و يحذّر, و لهاذا فإنّ المحطّات و الحوادث كحادثة مرض ثقل لساني, و حديث جدّي مع والدتي عن النّسب و غيرها من الحوادث الّتي تشير إلى أنّني المهديّ الموعود و معها كلام الصّوت الغريب الّذي يأكّد تلك الإشارات و العلامات بأرقام الحوادث و الثواريخ و ربطها بمحطّات قصّتي و دعمها بمنطقه الدقّيق الّذي يُثبت أنّه منطق فوق منطق البشر, و على هذا استقرّ فهمي و ثبت يقيني أنّ الشّيخ الغريب (ملاك فتنة و دجل), رغم أنّ هذا المصطلح غريب عن كتب أهل الحقّ من أهل السنّة, فإنّ الله سبحانه ذكر في كتابه العزيز هاروت و ماروت و قال عنهما : (إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ). أقول هذا رغم أنّ علمي و فقهي يأكّد لي أن لا أحد من المسلمين يُفتتن بمثل هذه الفتن الغيبيّة و يُفتح بينه و بينها باب تواصل مباشر, و لكنّها حقيقة اُواجهها و أحداث قصّتي تأكّد هذا لمن صدّقها, فمن أكون لأفتتن بمثلها ؟, و هذا السّؤال يجعلني أتيقّن أنّني حقا هو المهديّ الموعود دون ريب, و لكنّ أحداث الفتنة الرّهيبة تصادم ذاك اليقين في نفسي, و تنسف قناعتي في كوني المهديّ نسفا, حينما ترمي بي في فضاء أسود مظلم رهيب مقزّز قذر, لا يمكن أن يخطر على بالك أيّها القارء مهما حاولت و خمّنت, فشدّة قذارة ذلك الفضاء تقتل لذّة الحياة في النّفس و تدفع بالمؤمن التقيّ إلى التخلّص من حياته و هو مطمئنّ أنّه معذور عند ربّه و إن كان مخطئا. بعد تلك الفرحة العظيمة بدأت تتشكّل أمامي صورة بأشكال مختلفة, و هذه الصّورة عبارة عن وجه بعين مغلقة و اُخرى مفتوحة مع خروج اللّسان, لم أفهم إشارتها حتّى كلّمني الصّوت الغريب و سألته عن معنى تلك الصّورة فقال : إنّني اُمازحك بها, أنسيت تلك المحنة الّتي اعتقدت وقتها أنّك مُراقب بما يسمّى بالشّعاع الأزق, و قرّرت مهاجمة المخابرات و رحت تبحث عن سلاح و كنت تنظر إلى الأعلى و تخرج لسانك استهزاءا و تحدّ لمن يراقبونك و لم تكن تعلم أنك تُستدرج إلى فتنة لتمتحن بها في يقينك و إيمانك, ثمّ قال : بعد هذا اليوم ستلاحظ انتشار وجوه مرسومة بتلك الإشارة في كلّ مكان, و تحقّق كلامه و بدأت اُلاحظ تلك الصّور في كلّ مكان أذهب إليه, ليس تخييلا أمامي إنّما حقيقة ثابتة, كلّ محلّ تجاريّ أدخله إلاّ و أجد فيه تلك الوجوه مطبوعة على ملابس و أدوات مدرسيّة و أغراض منزليّة و ألعاب أطفال و مطاعم و في الطّرقات و على السيّارات, فتعجبت من هذه الظاهرة العجيبة الّتي ولدت بعد انتهاء محنتي, بدأت أسأل أقربائي و كلّ من حولي : هل تلاحظ انتشار تلك الوجوه في كلّ مكان, و كان الجواب من النّاس أنّها موضة جديدة بدأت في البلد أوّل الشّهر, و محنة الفتنة كانت في الشّهر الّذي قبله, قلت في نفسي إن كان لهذا الإنتشار لتلك الوجوه علاقة بالفتنة فهو تدبير و تسيير للخلق و لا علاقة له بالسّحر و لا الجّن و الشّياطين إلاّ أن يكون ذلك تخييل في العين أو توهيم في العقل, و ما رأيته كان حقيقة ثابتة يشهد على انتشارها الجميع. ذهبت لزيارة صديقِ مقرّب و عنده كانت تنتظرني مفاجاءات كبيرة, أوّلها : هممت أن أسأله عن انتشار تلك الوجوه ففاجأني قبل سؤاله بخبر و قال : لقد ظهرت ماعز في الهند بعين واحدة, فطلبت منه أن يُريني الخبر, فأخرج هاتفه و أراني فيلم تظهر فيها تلك الماعز بعين واحدة و تخرج لسانها, و كانت ولادتها في نفس تاريخ ظهور الصّوت الغريب, أدركت في نفسي أنّها ليست صدفة بل هي تأكيدٌ على حقيقة الفتنة و علاقتها بعالم الملائكة و ليس بعالم الجان, و كانت ولادة تلك الماعز في أوّل الشّهر تزامنا مع انتشار صور تلك الوجوه بعين مغلقة و اُخرى مفتوحة و لسان خارج الفم, ذهلت نفسي من هذه المفاجأة و استأذنت صديقي للذّهاب إلى الحمّام لأتوضأ و اُصّلي صلاة العصر, و بعد الوضوء أدخلني إلى غرفة مخصوصة لفتاة صغيرة يتيمة تبنّى رعايتها و هي من أطفال سوريا النّازحين, و عند دخولي لتلك الغرفة فاجأتني صور وجه صاحب العين اليمنى المغلقة و اللّسان الخارج على الوسادة و الفراش, زاد ذهولي و أقمت صلاتي و بعد التّسليم وقعت عيني على صورة يظهر فيها صديقي و زوجته فأبعدت عيني عنها بسرعة, و قبل انصرافي من الغرفة سمعت الصّوت الغريب يقول : إقرأ ما كتب تحت الصّورة دون النّظر إلى من فيها, فقمت مغمضا عيناي و وضعت كفّي على مكان زوجة صديقي ثمّ قرأت ما كتب تحتها و كانت تلك الكتابة : نحن نشكر قدومك إلينا, ثمّ انصرفت من الغرفة و في نفسي رغبة لأسأل صديقي عن انتشار تلك الوجوه في ذلك الشّهر, و لكن فاجأني مرّة اُخرى قبل سؤاله و قال : اُنظر معي إلى هذه الطفلة الجميلة, فنظرت إلى هاتفه و إذا بي أرى صورة طفلة صغيرة في غاية الجمال, تحملها اُمّها و تمّ تصويرها عن طريق الصّدفة دون علم اُمّها الّتي كان وجهها ناحية الجنوب و وجه طفلتها يظهر وراء رأسها و ظهرها, و المفاجأة في الصّورة هي : كانت الطفلة تغلق عينها اليمنى و تخرج لسانها و كأنّها تأكّد بحركتها هذه نفي الصدف عمّى اُشاهده و اُلاحظه, فإن لم يكن كذلك فهل هو إلاّ تدبير و تسيير للخلق و ما الصّوت الغريب إلاّ صوت ملاك لا شيطان رجيم, و إنّ الإعتقاد في أنّ الله العظيم يمتحن الإنسان بتسيير الخلق و الجماد لنصرة الجن و الشياطين في تسلّطها على عليه لهو شذوذ في صفات الله سبحانه, خرجت قاصدا العودة إلى بيت أبناء اُختي و في الطّريق صادفت امرأة في سيّارتها كانت تنتظر إشارة المرور, وقعت عيني عليها و نظرت في وجهي ثمّ أغلقت عينها اليمنى و أخرجت لسانها و انطلقت, و قبل وصولي للبيت مررت على حديقة صغيرة توجد فيها بعض الدواجن و الطّيور و ماعزتين, مررت على مقربة من تلك الماعزتين و نظرت في إحدامها و قلّدت صوتها (بععععععع) ثمّ انطلقت بضع خطوات فسمعت الماعز و كأنّها تردّ على صوتي, فالتفت إليها و نظرت في وجهها و إذا بها تخرج لسناها خارج فمها, فأدركت أن حركتها هذه ورائها وحي توجيه و لم تكن صدفة, كما أخرجت لساني استهزاءا من المخابرات عندما كنت أعتقد أنّني تحت المراقبة بالشّعاع الأزرق السّري, فقد كنت وقتها موجّها و مسيّرا لترتبط حركتي تلك بهذه الظواهر العجيبة, و عندما كنت أبحث عن سرّ الأضواء الغريبة الطائرة كما أسلفت ذكرها في القسم الأوّل من الجزأ الثّاني, وجدت أنّ بعض الباحثين ينسبها إلى المشروع السرّيّ المسمّى بـ (هارب) أو الشّعاع الأزرق, و أثناء بحثي وقعت في فيلم كرتونيّ قصير بعنوان : الماعز الأليف, و هذا الفيلم يلمّح إلى الأسلحة السريّة و تدمير المساجد و الكنائس و القضاء على الأديان, و قد وُجّهت لمشاهدة ذلك الفيلم ليكون سببا من أسباب تلك الفتنة الّتي اصطدمت بعقيدتي و إيماني, و بعد انتهائها بدأ الشيخ الغريب يتشكّل في صورة وجه عينه اليمنى مغلقة و الأخرى مفتوحة مع إخراج لسانه و كان يقصد بحركته هذه ممازحتي بأنّه خدعني بتلك الإستدراجات إلى ذلك الخيال المزلزل ثمّ بدأ يقول : كيف ستعلم أنّ الله يكلّمك ؟ و كان يلمّح إلى تلك الماعز الّتي ولدت في الهند ؟ و أنّ الله يمازحني بخلقها على تلك الفتنة الرّهيبة !. إنّ أهمّ حدث في تلك الفترة هو ولادة ماعز سوداء بعين واحدة في الهند تزامنا مع فترة ظهور الصّوت الغريب, و قد استقرّ فهمي و اعتقادي على أنّ ولادة تلك الماعز السّوداء يرتبط بفتنة الإيمان السّوداء الّتي أصابتني, و قد ولدت مواعز اُخرى مشابهة لتلك الّتي ولدت في نفس شهر ظهور الصّوت الغريب في بلدان مختلفة لتكون ماعز الهند رسالة إشارة فقط إلى مزاح الله سبحانه لي و تنبيهي بأنّه يكلّمني بتسيير الخلق و الجماد. و بعد أيّام قليلة طلب منّي صديقي مساعدته في عملٍ في حديقة بيته, لبّيت طلبه و عملت عنده من الصّبح إلى غروب الشّمس, ثمّ ذهبنا لصلاة المغرب في المسجد و عدنا إلى البيت و قبل دخولنا طلب منّي المبيت عنده لنكمل العمل الّذي بدأناه في الصّباح الباكر, و بعد طعام العشاء خرجنا من البيت و بدأ يحدّثني عن مشاكله مع أهله, أخبرني أنّ زوجته لا تلد و قد جرّبوا أدوية كثيرة و لكن دون جدوى, و ما علموا بوجود طبيب مختصّ بالعقم إلاّ و زاروه و النتائج كانت سلبيّة و التّشخيص واحد و هو عدم قدرة زوجته على الإنجاب, و هذه المشكلة تهدّد استقرار زواجهما و أنّ والديه و أهله يطالبونه بتطليقها و الزّواج من اُخرى لتلد له أولاده و هو لا يريد أن يظلمها و يكسر قلبها, و طلب منّي أن أرقيها لعلّ الله يكتب لها الشّفاء بسببي, حضرت زوجته و قرأت عليها ما تيسّر من كتاب الله و قبل انصرافها سألتني هل يمكن أن اُشفى, قلت يجب أن يكون يقينك كذلك و الشافي هو الله وحده, انصرفت و كان وجه صديقي حزين يبدو عليه اليأس ثمّ بعد ذلك أخذني إلى غرفة تلك الطفلة السّوريّة و قال ستنام هنا, فدخلت و أغلقت الباب ورائي و أنا في الغرفة تذكّرت رقم 8 و هو رقم عمري حينما ظهر لي الشّيخ الغريب و رقم بيت صديقي 8 أيظا, و الغرفة مخصوصة لطفلة سوريّة و المنزل الّذي رأيت فيه الشّيخ الغريب كان في شارعٍ بإسم سوريا, تعجبت في نفسي من هذه الصّدف العجيبة و بينما أنا شارد فيها إذ بالصّوت الغريب يقول : كلّ ذلك من تدبيره (هو) سألته هل يمكنني أن أراك مجدّدا متشكّلا, فقال اسأله (هو) فالأمر بيده وحده, إنتبهت لعدم ذكره لفض الجلالة بل اكتفى بقول (هو) لتبقى هويّته محلّ شكّ في نفسي بين عالم الملائكة و عالم الجان, و قال : ستحمل زوجة صديقك عمّى قريب, سررت بكلامه كثيرا و في الصّباح و بعد الفطور قلت لصديقي لا تيأس ستلد بإذن الله زوجتك فطب خاطرا و ثق بربّك و هو وحده من يمنع و يعطي بأسباب أو بغيرها, فلا تشغل بالك و هو على كلّ شيء قدير, و بعد أيّام أخبرني أنّه قام بزيارة طبيب في بلد مجاور و بعد الفحوصات و التّشخيص تبيّن أنّ الأمل في الإنجاب لدى زوجته منعدم, و أنّ هناك أمل وحيد و هو التّلقيح في المستشفى الإختصاصي, و تمّ عقد موعد بطلب الطبيب مع المستشفى, و قبل ذهابهما بيوم واحد طلب منّي صديقي الدّعاء لهما و قال : إنّه الأمل الأخير و ليس بعده إلاّ اليأس و نسيان الإنجاب, حاولت طمئنته و كنت على يقين أنّ كلام الصّوت الغريب حقّ لابدّ أن يتحقّق, و بعد زيارتهما للمستشفى الإختصاصي و إجراء الفحوصات و التّحاليل تمهيدا لعمليّة التّلقيح كانت النتيجة إستحالة تنفيذ العمليّة و نجاحها بسبب ضُعفٍ في بويضات زوجة صديقي و خلل في رحمها, و بهاذا انتهى الأمل نهائيّا بالإنجاب لدى زوجة صديقي فسائت حالتها النفسيّة و زاد الضّغط على زوجها من أهله بتطليقها, صدمت بهذه النتجية و لكن ما كانت هذه الأحداث إلاّ لتأكيد معجزة لا يصادمها ريب و لا شكّ, مرّت فترة ليست بالطّويلة و إذا بصديقي يفاجأني أنّ زوجته استيقضت صباحا على غثيان و دوّار فأخذها إلى الطبيب ففاجأه أنّ الأعراض الّتي تبدو على زوجته هي أعراض حَملٍ و أكّد لهما ذلك, و هنا تحقّق كلام الشّيخ الغريب, فمن يكون إن لم يكن ملاكا, و هل للجن و الشياطين تأثير في شفاء الأمراض المستعصية, و من زعم هذا فما هو إلاّ منحرف في عقيدته و توحيده, فالشّفاء من الشّافي, و الشّافي صفة و إسم من أسماء الله, و من نسب شيئا من صفاته سبحانه إلى أحد من خلقه فقد أشرك بربّه مخلوقا, و لا يقاس الجن بالطبيب, فالطبيب يعمل بعلمٍ ___ اللهُ من وهبه و أعطاه, و من أخذ دواء من طبيب و شفي بسببه فالفضل كلّه يرجع لصاحب الفضل وحده. و لم تكن هذه المعجزة مع صديقي الوحيدة في قصّتي, بل تلتها حالتين اُخرى, الثّانية كانت مع أخي محمّد, و الثّالثة كانت مع والدي سيأتي ذكرها في القسم الأخير من هذا الجزأ لعلاقتها بالفتنة الرّهيبة المقزّزة القذرة, أمّا الّتي كانت مع أخي و هي لاحظت عليه خمولا و التزامه البيت و تفرّغه لقناته على شبكة الإنترنت و توقّفه عن العمل, فنصحته أن يهتمّ بما ينفعه و يترك عنه ما لا يفيده, فكان ردّه على كلامي صادم و محزن, طلب منّي قبل أن يفصح عن سرّه أن أكتم ما سيقوله و لا اُخبر به و الدتي, فواعدته بذلك ثمّ أخبرني بما صدمني و قال : إنّني اُحسّ بألم في كبدي, زرت الطبيب و قمت بتحاليل طبيّة فأكدّت أنّي مصاب بداء لا دواء له إلاّ بتغيير الكبد, و أنّ كبدي يُمكن أن يقاوم الدّاء لبضع سنوات فقط ثمّ ينهار و يسبّب الوفاة, صُدمت بهاذا الخبر و لكنّ الصّدمة الكبرى كانت تنتظرني في مقبل الأيّام, كنت أدعو الله أن يطوّل في عمر والديّ إلى أن يُشاهدوا ظهوري بين الرّكن و المقام فتكون لهم بذلك الفرحة الّتي لم يروها معي طلية حياتي, فقصّتي مليئة بالأشواك و الأحزان و ما سُرّت عيونهم يوما بشيء منّي, و إذا بأخي يفاجئني بمرضه القاتل, فقلت ما هاذا الخبر إلاّ ابتلاء و امتحان و لكن بعد فترة صدمني مرّة اُخرى بما هو أعظم من مرضه القاتل, أخبرني أّنّه يودّ أن يكشف لي عن أمر عظيم فخرجنا من البيت ثمّ صدمني بقوله : إعلم يا أخي أنّني المهديّ المنتظر, أدركت بقوله هاذا أنّه نطق بوحي, فبدأت أسأله ما الّذي يجعلك تعتقد هذا في نفسك فقال : إلهام يأتيني في خواطري و علامات تظهر لي عندما أكون منفردا, فطلبت منه أن يذكر لي بعضا منها فقال : أرى في السّحاب كلمة المهديّ و محمّد أيظا تتشكّل ثمّ تختفي, لم أستحمل سماع المزيد من كونه المهديّ أيظا فتفارقنا, و في اللّيل كلّمني الصّوت الغريب و سألته عن حديث أخي فقال : هي فتنة عليك أن تحكّم عقيدتك و دينك لفهمها, و بعد أيّام ذهبت إلى والدتي و وجدتها تناقش أخي محمّد فيما يدّعيه و كان يأكّد على أنّه المهدي, و نظرت إليّ والدتي و هي تغلق عينها اليمنى و تخرج لسانها و هي تضحك من كلامه, و كان صديق لي يتّصل بي أثناء ذلك الموقف مع والدتي و أخي, و أنا لا أردّ عليه بسبب انشغالي بما يحدث أمامي من عجائب و خوارق, و بعد خروجي من بيت والدتي بينما كنت أسير في طريق شاردا فيما رأيته و سمعته إذ بي اُصادف بوقوف سيّارتٍ أمامي فنظرت إلى لوحتها و كان الرّقم الأخير منها (84) و هو رقم سنة ظهور الشّيخ الغريب, و كانت السيّارة لصديقي الّذي كان يتّصل بي و أنا لا أردّ عليه, نزل و قبل أن يسلّم و ينطق بحرف واحد أغلق عينه اليمنى و أخرج لسانه و قال مازحا : كنت تودّ الإختباء منّي (و لكنّ الله دلّني على مكانك), و في كلامه هذا إشارة إلى أنّ حركته تلك و وقوفه أمامي صدفة, ما هو إلاّ توجيه إلاهيّ, و هذه الإشارة في قوله : دلّني على مكانك, أيّ وجّهني إلى مكانك, و اُوحي إلىّ بغلق عيني اليمنى و إخراج لساني. و استمرّ أخي يأكدّ أنّه المهديّ حتّى سائت حالته الصحيّة, و كنت اُأكّد له أنّ ما يشاهده و يراه في السّماء مجرّد تخيّلات و أوهام, و الدّليل على هذا هو حالته الصحيّة لا تبشّر بأنّه سيعيش طويلا ليكون المهديّ و يحكم سبع سنين, فمرضه لن يمهله إلى ذلك الوقت البعيد, فبدأ يشكّ في كونه المهديّ و توقّف عن اعتقاده بذلك إلى أن جاء يوم فاجأني فيه أنّ الألم اشتدّ عليه و خرج إلى غابة على أطراف مدينتنا, إنّها نفس الغابة الّتي كلّمني فيها الشيخ الغريب, جلس هناك منفردا في ليلة ظلماء و تضرّع إلى الله أن يشفيه و قال : فأحسست بعد الدّعاء مباشرة بتوقّف الألم و عودة النّشاط و القوّة إلى جسمي, فارتبطت معجزة شفائه بالمكان الّذي كلّمني فيه الصّوت الغريب أوّل مرّة, و كانت هذه معجزة ثانية واجهتني في الشّفاء, و تلتها الثّالثة مع والدي بعد اشتداد الفتنة و كان فيها كلّ العجب. بعد الأيّام الأولى الّتي واجهت فيها فتنة الإيمان, و بعد ظهور الصّوت الغريب و قبل أن يخبرني أنّني المهديّ الموعود, أخبرني أنّ الغربان السّوداء ستبدأ بالإنتشار خلال أيّام و حدث ما أخبرني به, و بدأت اُلاحظها تنتشر تدريجيّا في كلّ مكان حتّى اختفت معظم الطيور الأخرى و ما بقي منها سوى الحمام, ثمّ تفاجأت بذكر انتشار الغربان السّوداء في الأخبار, و الغراب الأسود الضّخم الّذي ظهر لي مع صديقي لم يكن إلاّ ملاكا متشكّلا, و ما تعمّد بظهوره أمامي مع صديقي إلاّ ليكون شاهدا و به يُقطع عنّي الشكّ في كونه مجرّد وهم أو تخييل في عيني, و تشكّله في صورة غراب ضخم هو رسالة تخبر بحدث مستقبليّ غيبيّ, و إشارة هذه الرّسالة في ضخامة الغراب الأسود الّتي تشير إلى الكثرة و الإنتشار, و هاذا حدث غيبيّ لا يكشفه الله سبحانه إلاّ لملائكته, و ما انتشرت الغربان في البلد و البلدة الّتي اُقيم فيها قبل انتهاء المحنة قطّ, و صارت تتواجد قرب أبواب البيوت و فوق سطوحها و في كلّ الأماكن, و ظلّ انتشارها إلى يومنا هاذا, و كان ظهور الغراب الأسود الضّخم في بداية محنة المخابرات الّتي كانت تمهيدا للفتنة في الإيمان, و بدأ انتشار الغربان السّوداء في بلد و بلدة إقامتي بعد انتهاء المحنة و مواجهة الفتنة مباشرة, فارتبط ظهور الغراب الغريب بانتشار الغربان السّوداء, و هاذا الإرتباط يُنفي الصّدفة و يأكّد انتساب ظهور الغراب لعالم الملائكة. و بعد تلك الفترة الأولى من العجائب و الخوارق, بدأت معي رسائل غيبيّة تتحقّق خلال أيّام أو شهور, و أحيانا خلال ثواني أو دقائق, بدأت برؤى و أحلام يأتيني فيها خبرعلى حدوث شيء فيحدث قطعا كما رأيت ذلك في منامي أو سمعته من الصّوت الغريب و إن حاولت منع حدوثه أو الفرار من كلّ شيء يمكن أن يُأدّي إلى تحقيق ما أشارت إليه الرؤى و ما أخبر به الصّوت الغريب من أخبار مستقبليّة, كأن أرى في رؤية سقوطي على الأرض ثمّ اُحاول تجنّب أسباب السّقوط و لكن لابدّ أن يحدث لي شيء لا يكون في الحسبان فيتحقّق سقوطي, و أهمّ ما رأيت هو شخص مجهول في حلم يكلّمني و يقول : غدا ستحمل بين يديك بغير إرادتك و لا اختيارك ما يستوجب سخط الله و لعنته, فحاولت أن لا اخرج من البيت ذلك اليوم و أن لا اُكلُم أحدا, و أثناء اختبائي و أنا في البيت وحدي سمعت صوت طفلة تصرخ صراخا شديدا قرب بيتي, فيكسر ذلك الصراخ حذري و اُسرع إلى النّافذة و إذ بي اُفاجأ بأنّ الفتاة هي ابنت جار صديق مقرّب انكسر ذراعها و يبدو ذلك واضحا و مقزّزا, فيغلب ضميري حذري و أهرع إلى الفتاة لمساعدتها ثمّ يصل صديقي و هو فزع مرعوب فاقد تركيزه و سيطرته على حركاته, فأضطر إلى قيادة سيّارته بنفسي لنحمل ابنته إلى المستشفى بسرعة, و بعد عودتنا و نحن في الطريق يبدأ إحساس بدوّار عند صديقي فيطلب مني التوقّف عند دكأن و جلب الماء له, فأجد نفسي مضطرّا لتلبية طلبه فحالته تبدو سيئة, فأدخل الدكّان و أجلب الماء و قبل خروجي تصادفني امرأة وجها لوجه و هي تحمل خمرة و ينزلق رجلها فتسقط عليّ و تضع خمرتها على صدري و امسكها دون انتباه و لا شعور فيتحقّق المراد من معنى الرّؤية كاملا, و ظلّت تأتيني تلك الرؤى دون توقّف كما ظل الصّوت الغريب يكشف لي عمّى سيحدث من أحداث مستقبليّة قريبة مرتبطة بالفتنة الّتي اُواجهها, و تحدث معي كما أخبر بدقّة عجيبة لا ينفع معها خوف و لا حذر, و استمرّت معي تلك الأخبار حتّى جعلتني أرى كلّ حركاتي و خطواتي تسييرا و توجيها لا اختيار لي فيها, وما ذكرته الأن ليس سوى بداية صغيرة أمام ما كان ينتظرني عند وقت اشتداد الفتنة الرّهيبة, و كلّ شهر تزداد دقّة و عجبا, فإن جمعت تلك الخوارق ما وسعها مجلّد كبير فأحداثها طويلة جدّا, و فيها فصول و تطوّرات و إنّي لا أرى فيها ما يناسب قارئ قصّتي لفهمها و تصديقها, فهي كما أسلفت في الجزأ الأوّل بأغرب من الخيال, و لكنّها حقيقة و ياربّي إن كنت كاذبا فخذني أخذ عزيز مقتدر و أنا أكتب كذبي, و سأكتفي بمثل ما ذكرت فالغاية من ذكر هذه الأحداث هو الوصول إلى ذكر الفتنة العظيمة الّتي و صفتها بأنّها أعظم من فتنة المسيح الدّجّال حسب ما ذكر عنه في روايات و أحاديث السّاعة و أخر الزّمان. كانت هذه أوّل أحداث الخوارق و العجائب, و بعد تلك الفترة الأولى بدأ الصّوت الغريب يكشف لي عن سرّ أحداث محنة المخبارات الثّانية, و كان قصده من ذلك إثبات أنّها كانت وحيا و توجيها, و بدأ معي بحركات تخييليّة على جهازي, كأن يطلب منّي تصفّح بعض المواقع فأدخلها و يكلّمني فيها, و مثال على هاذا : فتحت فيديو على موقع اليوتيوب و نزلت إلى التّعليقات فوجدت كتابة تكلّمني و قمت بالرّد عليها, و عند ضغظي على إرسال ظهرت لي رسالة كأنّها رسالة إدارة موقع اليوتيوب تقول : إعلم أنّ ما تشاهده على شاشة جهازك لا يمكن لغيرك أن يشاهده و لا يظهر إلاّ لك وحدك, و كان هدف الصّوت الغريب من هذه الحركة هو شرح أحداث محنة المخبارات الثّانية و إثبات أنّ تلك الرّسائل الّتي كانت تصلني على جهازي و بريدي الإلكتروني, كان نصفها تخييلا و نصفها الأخر وحي توجيه, أمّا التّخييل فيها فكان في تلك الرّسائل الّتي تصلني كرسائل اختراق لجهازي, و أمّا الوحي فيها فكان في رسائل تصلني على مواقع التواصل الإجتماعي, أفتح صفحتي فأجد فيها رسالة لشخص قام بكتابتها بأسباب و ظروف مقدّرة يقول فيها : حمراء في حمراء اللهم لا تشمت أعدائي بدائي, و اُخرى تقول : مرحبا بك في عالم الإيدز و مثلها كثير, و كانت هذه الرّسائل في الأيّام الأولى الّتي ظهرت فيها على جسمي تلك البقع الحمراء الّتي أسلفت ذكرها في الجزأ الثّاني, و مثل تلك الرّسائل ثابتة يراها الجميع, و يقول الصّوت الغريب : إذا توصّلت إلى أصحابها و سألتهم عن مقاصدهم و سبب كتابتها ستجد عندهم من الأسباب و الظروف ما دفعهم لكتابة مثل تلك الكلمات, و ما كانت أسبابهم و ظروفهم إلاّ تقديرا و تسييرا مثل الّذي تشاهده الأن في حياتك اليوميّة, و أمّا الوحي في الأحداث فهو كمثل تلك الحركات الّتي أسلفت ذكرها و ما سيأتي في ما بقي من قصّتي كتلك المرأة الّتي نظرت في وجهي و أغلقت عينها اليمنى و أخرجت لسانها, و صديقي الّذي صادفني في الطّريق بسيّارته الّتي كان أخر رقم لوحتها 84 و غلقه لعينه اليمنى و إخراجه للسانه, ما هو إلاّتدبير وتسيير للخلق بوحي, هاكذا كانت تلك الملاحظات الّتي كنت اُشاهدها في فترة محنة المخابرات الثّانيّة, و مثال على حدثٍ من تلك المحنة هو لقائي بضابط المخابرات في بلدي الأصل كما أسلفت في الجزأ الثّاني, فقد حَدَثَ بالفعل هروب لتسعة مجرمين سبعة منهم حكموا بالإعدام, و سبب زيارة ذلك الضّابط لي هو مكوثي في البلد أكثر من 5 أشهر و التخلّف عن طائرة إيّابي, و أجهزة الأمن كانت تبحث عن المجرمين و يتوقّعون منهم قتل النّاس و سرقة و ثائقهم و تزويرها و الفرار بها خارج البلد, و أنا من النّاس الّذين يحملون وثائق أجنبيّة يمكن عبور الحدود بها بكلّ سهولة إن تمّ تزويرها بتغيير صورها, فقامت المخابرات بالبحث عن كلّ الأجانب و المواطنين المقيمين خارج البلد و دخلوا الحدود و طالت إقامتهم أو تخلّفوا عن ركوب طائرة إيّابهم و كنت واحدا منهم, و بهاذا تمّ البحث عنّي في العنوان الّذي كتبته عند دخولي البلد في استمارة الدّخول بعد أن طالت إقامتي على ما يزيد عن 5 أشهر فجأني الضابط بقدر و توجيه إلاهيّ, و ما كان تلعثمه في الكلام و اُسلوبه في طرح السّؤال و إلحاحه على شُرب القهوة معي في المقهى إلاّ وحي ملائكة الفتنة. إلى هنا ينتهي القسم الأوّل من الجزأ الثّالث الأخير و يليه القسم الثّاني. |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |