لا يعرف الفضل إلا أهله

[زارع المحبة]

لا يعرف الفضل من الناس إلا ذووه : ؟!
روي أن تلميذا لازم شيخه عشر سنين ، علمه فيها العلوم الشرعية من حديث وفقه وتفسير ونحو وبلاغة وتاريخ ، وكان التلميذ من النجباء .
احتاج التلميذ يوما لدخول الحمام ، فمضى إلى الحمام العمومي في البلدة ، ولما هم بالمغادرة تذكر أنه نسي دراهمه في البيت ، فقال للحمامي : تعال أعلمك شيئا من الفقه عوضا عن اجرة الحمام ، قال الحمامي : أريد الدرهم ! لاحاجة لي بالفقه . قال : إذن أعلمك شيئا من التفسير . قال الحمامي : لا حاجة لي بشيء من العلوم هات الدرهم وإلا أخذت نعليك وعدت إلى بيتك حافيا ... فلم يجد التلميذ بدا من ذلك وعاد إلى بيته حانقا كئيبا !!!
في الصباح ذهب التلميذ يشكو إلى شيخه ويقول : أرأيت كل العلوم التي حصلتها على يديك في عشر سنين .. إنها لم تنفعني بشيء ولا بدرهم !
قال الشيخ للتلميذ : لا تحزن سأعطيك هذه السبحة الجميلة لتبيعها في سوق الجمعة ، فإذا بلغ أقصى ثمنه فلا تبع حتى تخبرني !
مضى التلميذ بالسبحة إلى سوق الجمعة الذي يجتمع فيه باعة الأشياء المستعملة والبسيطة ، فلم يدفع له أحد في السبحة أكثر من خمسة دراهم .!!! عاد إلى شيخه الذي قال له : لننتظر إلى الغد ، لعلك تجد من يشتريه منك في سوق التجار بثمن أكثر .
في الغد ذهب التلميذ إلى سوق التجار الكبير ، وعرض السبحة على عدد من التجار الذين أعجبوا بها وبجمال حباتها ، فتنافسوا في الثمن حتى دفع آخرهم خمسمائة درهم ثمنا لها !! عاد التلميذ إلى شيخه فأخبره متعجبا قائلا : السبحةمرغوب بها ، فلنبعها بخمسمائة درهم يا سيدي .
قال الشيخ : ياولدي لا تعجل ... في الغد اذهب بها إلى سوق الصاغة والذهب والجواهر ، وكالعادة لا تبعها حتى تشاورني !
لما وصل التلميذ سوق الصاغة وعرض السبحة على أول الباعة ، إذا به يطير بالسبحة فرحا ، ويتفحصها بدقة واهتمام شديدين ، ثم يقول للتلميذ الذي وقف مشدوها : أشتريها منك بخمسة آلاف درهم ، قال الآخر : هي علي بعشرة آلاف درهم ، واجتمع الصاغة وما زالوا يزيدون حتى وقف السعر على خمسة عشر ألف درهم !
لما عاد التلميذ إلى شبخه متعجبا ، قال له الشيخ الحكيم : أرأيت يا ولدي هذه السبحة لم يعرف قيمتها الحقيقية إلا أهل الذهب والجواهر !!!
لقد زهد في علمك الحمامي فلم يقبل منك شيئا من العلم ولو بدرهم ، بينما أهل العلم كل مسألة عندهم في الفقه أو الحديث أو التفسير أو النحو تساوي الدنيا بما فيها !!!
ملاحظة السبحة هي المسبحة ... وحولها كلام كثير من حيث جواز استعمالها أ وكراهته أو تحريمه