|
|||||||
| ملتقى حراس الفضيلة قسم يهتم ببناء القيم والفضيلة بمجتمعنا الاسلامي بين الشباب المسلم , معاً لإزالة الصدأ عن القلوب ولننعم بعيشة هنية |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#251
|
||||
|
||||
|
حيـــــــــاة الســــــعداء الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر (251) العين: مفهومها وآثارها والوقاية منها وعلاجها روى مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا: «العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين«(1). مفهوم العين: في اللغة: قال الرازي: العين حاسة الرؤية وهي مؤنثة وجمعها أعين، وعيون، وأعيان، وتصغيرها عيينة. ورجل أعين: واسع العين، بيّن العين، والجمع عين، والمرأة عيناء(2). في الاصطلاح: العين: «نظر باستحسان مشوب بحسد من خبيث الطبع يحصل للمنظور منه ضرر»(3). ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ (1) أخرجه مسلم (ص971، رقم 5702) كتاب السلام، باب الطب والمرض والرقى.(2) مختار الصحاح للرازي، 466-467. (3) فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني 10/200.
__________________
|
|
#252
|
||||
|
||||
|
حيـــــــــاة الســــــعداء الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر (252) حقيقة العين والعين حقيقة ثابتة عند جمهور أهل العلم بالأدلة القطعية الثابتة، التي منها: 1- قوله تعالى: {وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ}(1). أي: ليعينوك بأبصارهم ويحسدوك لبغضهم وكراهيتهم لك. 2- قوله تعالى عن يعقوب عليه السلام: {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ}(2). قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: قال ابن عباس ومحمد بن كعب ومجاهد والضحاك وقتادة والسدي وغير واحد، أنه خشي عليهم العين وذلك أنهم كانوا ذوي جمال وهيئة حسنة ومنظر وبهاء فخشي عليهم أن تصيبهم الناس بعيونهم فإن العين حق(3). 3- قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ . مِن شَرِّ مَا خَلَقَ . وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ . وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ . وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}(4). قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}: نفس ابن آدم وعينه(5). 4- قول النبي ﷺ: «العين حق، ولو كان شيء سابَقَ القدرَ سبَقتْه العين«(6). 5- عن أمامة بن سهل بن حُنيف قال: رأى عامر بن ربيعة سهلَ بن حُنيف يغتسل، قال: والله ما رأيتُ كاليوم ولا جِلْدَ مُخبَّأة، قال: فلُبِط سَهْل، فأتى رسولُ الله ﷺ عامرًا، فتغيَّظ عليه وقال: «علامَ يقْتُل أحدُكم أخاه ألا برَّكْتَ؟ اغتسلْ له»، فغسل له عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه، وأطراف رجليه، وداخِلة إزاره في قدح، ثم صبَّ عليه، فراحَ مع الناس«(7). 6- عن عبيد بن رفاعة الزُّرقي أن أسماء بنت عُميس قالت: يا رسول الله، إن بني جعفر تُصيبهم العين أفأسترقي لهم؟ فقال: «نعم، فَلَوْ كان شيءٌ يسبْقُ القضاء لسبَقَتْه العينُ«(8). 7-عن أنس رضي الله عنه أن النبي ﷺ رخّص في الرقية من الحمة والعين والنملة(9). وقد شذّ عن هذا الرأي قوم استنكروا العين وعدّوها ضمن الأوهام والخيالات التي لا حقيقة لها، وهو قول ضعيف مخالف لقول عامة أهل العلم والمعرفة، ولا نفصل في هذا القول إذ الأدلة النصية والعقلية والواقع والحس يشهد بخلافه. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ (1) [القلم: 51](2) [ يوسف: 67](3) تفسير القرآن العظيم لابن كثير، سورة يوسف. (4) سورة الفلق.(5) فتح القدير للشوكاني. سورة الفلق.(6) سبق تخريجه. (7) أخرجه ابن ماجه (ص505، رقم 3509) كتاب الطب، باب العين. ومالك في الموطأ (2/938، رقم 1678) كتاب العين، باب الوضوء من العين. والحديث صحيح.(8) أخرجه الترمذي (ص474، رقم 2062) كتاب الطب، باب ما جاء في الرقية بالمعوذتين. وابن ماجه (ص506، رقم 3510) كتاب الطب، باب من استرقى من العين. وهو حديث حسن.(9) أخرجه مسلم (ص974، رقم 5724) كتاب السلام، باب استحباب الرقية من العين والنحلة والحمّة والنظرة.
__________________
|
|
#253
|
||||
|
||||
|
حيـــــــــاة الســــــعداء الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر (253) تأثير العين اتفق عامة أهل العلم على حقيقة العين وإصابة الإنسان بها، وأن هذا التأثير من الله تعالى أولاً وآخرًا، فلا يضر أحد ولا ينفع في هذا الكون إلا بإذن الله وحده وضمن إرادته، ولكنهم اختلفوا في الكيفية التي تحدث بها العين على أقوال: - فمن قائل أنها تنبعث من النفس الرديئة قوة سمّية تتصل بالمعين فيتضرر على إثرها. - ومنهم من قال إنها جواهر لطيفة غير مرئية تتخلل مسام جسم المعين فيتضرر ويلحق به الأذى. - ومن قائل إنها قوى شيطانية مهيئة عند الحاسد وتخرج إلى المعين وتصيبه إذا كان مكشوفًا وغير محصن بالقرآن والأدعية والأذكار. وكل هذه الأقوال لا تصل إلى القطع، وإنما الذي يصل إلى القطع هو التأثير. ومن الفائدة أن نذكر جزءًا من كلام ابن القيم رحمه الله في هذا الباب فيقول: »ولا ريب أن الله سبحانه خلق في الأجسام والأرواح قوى وطبائع مختلفة، وجعل في كثير منها خواصّ وكيفيات مؤثرة، ولا يمكن لعاقل إنكار تأثير الأرواح في الأجسام، فإنه أمر مشاهد محسوس، وأنت ترى الوجه كيف يحمرُّ حمرة شديدة إذا نظر إليه من يحتشمه ويستحي منه، ويصفرُّ صُفرة شديدة عند نظر من يخافه إليه، وقد شاهد الناس من يسقم من النظر وتضعف قواه، وهذا كله بواسطة تأثير الأرواح، ولشدة ارتباطها بالعين يُنسب الفعل إليها، وليست هي الفاعلة، وإنما التأثير للروح، والأرواح مختلفة في طبائعها وقواها وكيفياتها وخواصها، فروح الحاسد مؤذية للمحسود أذى بيّنًا، ولهذا أمر الله رسوله أن يستعيذ به من شره، وتأثير الحاسد في أذى المحسود أمر لا ينكره إلا من هو خارج عن حقيقة الإنسانية، وهو أصل الإصابة بالعين، فإن النفس الخبيثة الحاسدة تتكيّف بكيفية خبيثة، وتقابل المحسود، فتؤثّر فيه بتلك الخاصية، وأشبه الأشياء بهذا الأفعى، فإن السمّ كامن فيها بالقوة، فإذا قابلت عدوّها، انبعثت منها قوة غضبية، وتكيّفت بكيفية خبيثة مؤذية«(1). ومصدر العين هو نظر العائن وإعجابه وشدة استحسانه أو شدة عداوته وحسده للمعين، كما لا يلزم العين النظر البصري، لأن الأعمى قد يعين الناس ويحصل لهم الضرر والأذى. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ (1) زاد المعاد 4/ 166.
__________________
|
|
#254
|
||||
|
||||
|
حيـــــــــاة الســــــعداء الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر (254) أسباب العين يمكن إرجاع الإصابة بالعين وحدوث الضرر على المعين لسببين اثنين: الأول: شدة العداوة النابعة من الحسد والبغض والحقد، فكثير من الناس يصرفون جلّ أوقاتهم في مراقبة الناس والنظر فيما عندهم من النعم، كالمال، والأولاد، والمنزل، والصحة، والهيئة الحسنة، والوظيفة المميزة، والمكانة بين الناس، وغيرها، وتغيظهم هذه الأحوال لإخوانهم ويحسدونهم عليها، حتى يصل الأمر ببعضهم تمني زوالها، وإحلال الهمّ والحاجة والمرض مكانها، وهذا الشعور النفسي السلبي نحو الآخرين سبب من أسباب إصابة الآخرين بالعين ووقوعهم في آثارها السلبية على جوانب الحياة المختلفة. وقد نهى الإسلام عن الحسد الذي يفضي إلى التنافر والتمزق وانتشار الأمراض النفسية والمشكلات الاجتماعية، والاقتصادية وغيرها، فقال عليه الصلاة والسلام: «لا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا»(1). وحثّ على الحسد في حالتين اثنتين كما قال عليه الصلاة والسلام: «لا تحاسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل والنهار، يقول: لو أوتيت مثل ما أوتي هذا لفعلت كما يفعل. ورجل آتاه الله مالاً ينفقه في حقه، فيقول: لو أوتيت مثل ما أوتي هذا لفعلت كما يفعل»(2). كما أمر الإسلام في المقابل بجميع أسباب الحب والوئام التي تفضي إلى التلاحم والتعاون والبناء والتقدم في المجالات المختلفة، فقال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}(3).وقال عليه الصلاة والسلام: «لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحب لنفسه»(4). الثاني: إعجاب الإنسان بالشيء واستحسانه له من غير أن يبرّك أو يدعو لأخيه المنعم عليه بمزيد من الخير والصحة والعافية، عامل مهم في إصابة الآخرين بالعين وإلحاق الضرر بهم عبر هذا الشعور السلبي، وقد نهى عليه الصلاة والسلام عن ذلك حين أصيب سهل بن حُنيف وقال لعامر بن ربيعة: «علام يقتل أحدكم أخاه، ألا برّكْتَ؟». ومن هنا كان واجبًا على العبد إذا رأى نعمة أو هيئة حسنة على أخيه المسلم أو سمع شيئًا من ذلك أن يبرّك ويدعو له بالخير، لأن كل إنسان في نفسه شيء من الغيرة والحسد، فإنه بهذا الذكر يمسح هذا السواد بشعور طيب ناصع. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أخرجه البخاري (ص1059، رقم 6066) كتاب الأدب، باب: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ﴾.(2) أخرجه البخاري (ص1245، رقم 7232) كتاب التمني، باب تمني القرآن والعلم. (3) [المائدة: 2](4) أخرجه البخاري (ص5، رقم 13) كتاب الإيمان، باب أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
__________________
|
|
#255
|
||||
|
||||
|
حيـــــــــاة الســــــعداء الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر (255) علاقة العين بالجن وقد تكون العين من الجانّ أنفسهم، لحديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي ﷺ رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة، فقال: «استرقوا لها، فإن بها النظرة« (1). قال الحسين بن مسعود الفراء: وقوله: «سفعة» أي: نظرة، يعني: من الجن. يقول: بها عين أصابتها من نظر الجن أنفذ من أسنة الرماح(2). كما ورد عن النبي ﷺ أنه كان يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذتان، فلما نزلتا أخذ بهما وترك ما سواهما(3). ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) أخرجه البخاري (ص1014، رقم 5739) كتاب الطب، باب رقية العين.(2) زاد المعاد 4/ 164. (3) أخرجه الترمذي (ص473، رقم 2058) كتاب الطب، باب الرقية بالمعوذتين.
__________________
|
|
#256
|
||||
|
||||
|
حيـــــــــاة الســــــعداء الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر (256) علاقة العين بالحسد يمكن الإشارة إلى ثلاثة نقاط تشترك فيها العين مع الحسد: الأولى: أن الحسد أعم من العين، لأن الحسد يجلب العين، وهو سبب من أسبابه، وليس كل عين من الحسد، أي أن كل عائن حاسد وليس العكس، وقد جاء الأمر بالاستعاذة مما هو أعظم وأكبر من العين وهو الحسد كما في قوله تعالى: {وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}. الثانية: أن الحسد في معظم حالاته يرافقه الحقد والضغينة في نفس صاحبه، بل يدفعه إلى تمني زوال النعمة منه وابتلائه بالحرمان والمشقة والضنك، أما العين فربما تقع من غير هذه الكراهية وإنما هي نتيجة إعجاب واستحسان. لذا فإن العين قد تقع على أشياء ليس من قبيل الحسد، مثل الذي يعين نفسه، فهو لا يحسدها وإنما العجب بها واستحسانه لها كان سببًا لوقوعها عليه. الثالثة: أن نتيجة الحسد والعين واحدة، وهي وقوع الضرر على المحسود والمعين، بزوال الصحة أو المال أو الأولاد أو الوظيفة وغيرها من النعم المختلفة.
__________________
|
|
#257
|
||||
|
||||
|
حيـــــــــاة الســــــعداء الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر (257) علاقة العين بالأمراض النفسية إن الأثر الذي تتركه العين على الإنسان يتفاوت من حيث نوعه وقوته على النفس والجسم، فقد يكون هذا الأثر ضعيفًا كأن يصاب المعين بمرض خفيف يتعافى منه بسرعة، أو يعان بزوال قليل من المال لا يؤثر على مصالحه وأعماله وتجارته، وغير ذلك من العوارض الخفيفة، وقد يكون هذا الأثر قويًا فينجم عنه أمراض مزمنة أو حالات نفسية معقدة، أو هلاك كبير للأموال، أو ربما تؤدي إلى فقدان الأرواح في بعض الأحيان، وكل ذلك من الأمور التي ترتبط بالعين بشكل مباشر أو غير مباشر. وهذا يعني أن هناك علاقة وطيدة بين العين وكثير من الأمراض النفسية التي يعاني منها المجتمع، لا سيما وقد عرفنا أن للشياطين دورًا في وقوع العين، وأن نظراتهم أنفذ من أسنّة الرماح، فلا يستبعد أبدًا أن يكون هذا المرض النفسي أو ذاك من أثر العين وفعل الشياطين. إضافة إلى ما أخبر به النبي ﷺ من أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. * * * وهذا التفسير يلزم الذين يتعاملون مع الطب النفسي من المختصين وغيرهم أن يضعوا في الحسبان دائمًا هذا الاحتمال، لأن التشخيص دليل على سلامة التعامل مع المرض ووضع العلاج الناجع له، أما استبعاد هذا الاحتمال وربط المرض النفسي بأسباب مادية أو لظروف اجتماعية صرفة، وبالتالي معالجته بالمهدئات والأدوية الطبية وحدها ربما يطيل ذلك من عمر المرض أو يزيد من وطأته على المريض.
__________________
|
|
#258
|
||||
|
||||
|
حيـــــــــاة الســــــعداء الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر (258) الوقاية من العين (1-2) الوقاية خير من العلاج، هذه المقولة تنطبق على جميع شؤون الحياة والحالات التي يمر بها الإنسان سواء كانت مرضية أو غيرها من المشكلات والمصائب، وانطلاقًا من هذا المبدأ فإن ثمّة أمور حددها الشرع للوقاية من العين، ومن أهمها: 1-توحيد الله تعالى، وإفراده بالعبودية والإخلاص فيها بصورة عملية وفق المنهج الذي رسمه لعباده في كتابه وسنة نبيه ﷺ، لأن ذلك يحفظ الإنسان ويحميه من جميع الشرور والمكائد الإنسية والشيطانية، سواء عن طريق العين والحسد أو عن طريق السحر والشعوذة، وهذه حقيقة واضحة في كتابه الله، فقد أقسم الشيطان بإغواء الناس وإيذائهم وصدهم عن الخير والهدى، لكنه استثنى عباد الله الموحدين والمخلصين الذين لا يستطيع السيطرة عليهم، يقول تبارك وتعالى في ذلك الحوار: {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ . وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ . قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ . قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ . إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ . قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ . إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}(1). ثم إن الله تعالى أخبر الأمة بضعف الشيطان وقلة حيلته في قوله: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}(2). 2- الاستعاذة بالله تعالى من العين وأسبابها من الشياطين والحاسدين لقوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ . مِن شَرِّ مَا خَلَقَ . وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ . وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ . وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}(3). فالاستعاذة هنا من شر الشياطين ووساوسهم، ومن شر السحرة والمشعوذين، ومن شرّ الحاسدين وعيونهم. كما يقول جل وعلا: {وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ}(4). وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي ﷺ يعوذ الحسن والحسين ويقول: «إن أباكما كان يعوِّذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة«(5). 3- التوكل على الله تعالى يحفظ العبد من العين، لأن الله تكفل بحفظ المتوكلين وحمايتهم من شرور الشياطين والحاسدين وغيرهم، حيث يقول: {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}(6) ومن كان الله حسبه، فلا يخاف على نفسه وماله من الحسد أو العين. 4- عدم الاشتغال بالحسدة والعائنين، لأن الاشتغال بهم يؤدي إلى التأثر بهم واتباع سلوكهم والوقوع فيما وقعوا فيه من الحسد والحقد على الآخرين. 5- الإحسان إلى الحاسد إذا عُرف، ومساعدته وقضاء حاجته إذا كان معسر الحال، حتى يخرج من صدره الحسد والضغينة نحو الآخرين، لأن الحاجة والفقر الإنسان أحيانًا إلى الحسد والعين، يقول تبارك وتعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}(7). 6- عدم التعرض لما يثير الحسد والغيرة عند الناس، فمن كان ميسور الحال، وعنده من متاع الدنيا ما ليس عند غيره، يجب أن يراعي مشاعر الناس وحاجتهم وفقرهم، فلا يتباهى باللبس الملفت، أو السيارة الفارهة، أو الكماليات النفيسة، وكذلك النساء فلا يتباهين بالحلي الثقيل، والهيئة الثرية، والزينة المفرطة، لأن ذلك من أسباب الحسد والإصابة بالعين. ويلحق بهذا الأمر، الحذر من تزيين الأطفال بصورة ملفتة، أو الخروج بهم من غير القراءة عليهم والدعاء لهم، وفق الهدي النبوي. وهذا لا يعني عدم التمتع بالمال، والنعم الأخرى، التي هي من فضل الله تعالى، ولكن ينبغي الاعتدال في ذلك وعدم التباهي بها، مراعاة لمشاعر الناس وأحوالهم وحرمانهم. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ (1) [ص: 77 – 83](2) [النساء: 76](3) سورة الفلق.(4) [المؤمنون: 97](5) سبق تخريجه.(6) [الطلاق: 3](7) [فصلت: 34]
__________________
|
|
#259
|
||||
|
||||
|
حيـــــــــاة الســــــعداء الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر (259) الوقاية من العين (2-2) 7- تقوى الله تعالى بالطاعات واجتناب معاصيه، في السر والعلن، وفي الشدة والرخاء، فمن حفظ الله تعالى في نفسه، حفظه الله وأعانه على الحركة في الحياة دون خوف أو جزع من العين أو السحر أو الهمزات واللمزات، يقول تبارك وتعالى: {وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}(1)، وقال عليه الصلاة والسلام في وصيته لابن مسعود رضي الله عنه: «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك«(2). والتقوى هي القيام بكل ما أمر الله تعالى به من الطاعات والعبادات، والانتهاء عن كل ما نهى عنه من المنكرات والمعاصي. 8- تجديد التوبة إلى الله تعالى، لأن العين تأتي في لحظات الضعف عند الإنسان، وأثناء الغفلة عن ذكر الله وعند اقتراف المعاصي، لقوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}(3). والتوبة فيه تجديد العهد مع الله تعالى للإقلاع عن الماضي الأسود واستئناف حياة جديدة مليئة بالخير والنشاط والإنتاج. 9- التسمية في مواضعها، عند القيام بأي عمل مهما كان نوعه وشكله، لأنها من أسباب طرد الشياطين وحفظ الإنسان من العين والحسد، والغفلة عن التسمية تعرض الإنسان إلى العين وغيرها من الشرور، يقول عليه الصلاة والسلام: «كل كلام أو أمر ذي بال لا يفتح بذكر الله عز وجل فهو أبتر أو قال أقطع«(4). 10- المحافظة على ما يلي في برنامج اليوم والليلة: أ– قراءة حزب من القرآن الكريم بتأمل وتدبر، ويستحب قراءته في المنزل. ب – الأذكار الصباحية والمسائية، ومنها التعوذات المأثورة عن النبي ﷺ. ج – تعويذ الصبيان وتعويدهم على ذلك، حيث كان عليه الصلاة والسلام يعوّذ الحسن والحسين رضي الله عنهما. د – الأذكار المطلقة التي لا يقيدها وقت أو مكان، لقول النبي ﷺ: «ولا يزال لسانك رطبًا بذكر الله»(5). وكذلك الأذكار المقيدة بأحوال عند الخروج من البيت والدخول فيه وعند دخول دورات المياه، وعند النوم والاستيقاظ، وعند البدء بالطعام أو الشراب، وغيرها من الأحوال والأزمان. هـ- دعاء الله بالحفظ والرعاية، وسؤاله عزّ وجل العافية والمعافاة في الدنيا والآخرة كما كان يفعل النبي ﷺ. 11- تطهير المنزل من الصور والكلاب وجميع وسائل المعصية، حتى تحضر الملائكة وتدعو للإنسان وتحميه من عين الحاسدين وحقد المتربصين، لأن الملائكة لا تدخل البيت الذي فيه مثل هذه المعاصي، يقول عليه الصلاة والسلام: « لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة«. 12- تطهير النفس من أسباب الحسد نحو الآخرين وعدم النظر إلى ما هم فيه بعين حاسدة ونفس رديئة، لأن ذلك من مداخل الشيطان إلى النفس وإغوائها، والواجب على الإنسان إذا أحسّ في نفسه شيئًا من الحسد فليبرّك لأخيه ما عنده ويدعو له بدوام النعمة والعافية. 13- تجنب البدع والخرافات للوقاية من العين، مثل تعليق الحروزات والتمائم والخرق وغيرها من الأمور البدعية التي يعتقد بعض الناس أنها تحميهم من العين وما ينجم عنها من ضرر ومصائب وأمراض. 14– الاستمرار في برنامج الحياة وعدم الاستسلام للأوهام والخوف الذي قد يثيره الجهلة وضعاف النفوس حول العين، حتى تصبح هاجسًا لدى البعض فينعزل عن مجتمعه وينقطع عن عمله ودراسته ووظيفته، بل الواجب الوقوف في وجه هذه الأوهام والتوكل على الله تعالى والمضي في الحياة دون خوف أو كلل أو يأس متمثلاً قوله الله تعالى عن يعقوب عليه السلام: {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}(6). ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ (1) [آل عمران: 120](2) أخرجه الترمذي (ص572، رقم 2516) كتاب صفة القيامة، باب حديث حنظلة... وينظر ما كتبته حول هذا الحديث بعنوان: «حديث: احفظ الله يحفظك رواية ودراية».(3) [الشورى: 30](4) سبق تخريجه.(5) أخرجه الترمذي (ص758، رقم 3435) كتاب الدعوات، باب ما يقول عند الكرب. وابن ماجه (ص541، رقم 3793) كتاب الأدب، باب فضل الذكر. وهو حديث صحيح.
__________________
|
|
#260
|
||||
|
||||
|
حيـــــــــاة الســــــعداء الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر (260) العلاج من العين (1-2) فإذا وقعت العين وأصابت المعين وتضرر منها حسب قوتها، فإن هناك مجموعة من الأمور الواجب اتباعها للشفاء منها والتخفف من وطأتها وتأثيرها على النفس والبدن والأموال، مع ضرورة الاعتقاد بأنه ليس كل مرض عين، أو أن كل مصيبة هي نتيجة حسد أحدهم، وإنما يُجتهد في هذه المسألة حسب أعراض المرض ووقت حدوثه والظروف المحيطة به، ومن ثم اتباع خطوات العلاج والتي نجملها – إضافة إلى ما سبق في الوقاية – فيما يلي: 1- الإيمان بأن كل ما يحدث للإنسان إنما هو بقدر الله، والقبول بهذا الحكم من الله والصبر عليه، الأمر الذي يحرر الإنسان من أغلال الحسرة والتحسف على الماضي، بل يزيده قوة للتعافي من أثر العين، ومن سائر الأمراض والبلاءات، يقول عليه الصلاة والسلام: «عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له«(1). و يقول تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}(2). 2- الاغتسال. والأخذ من الأثر إذا عرف العائن، مثلما أمر عليه الصلاة والسلام في قصة سهل بن حُنيف. وصفة الاغتسال كما قال الزهري: «يؤمر الرجل العائن بقدح، فيُدخل كفّه فيه، فيتمضمض، ثم يمجّه في القدح، ويغسل وجهه في القدح، ثم يدخل يده اليسرى، فيصب على ركبته اليمنى في القدح، ثم يُدخل يده اليمنى، فيُصب على ركبته اليسرى، ثم يغسل داخلة إزاره، ولا يُوضع القدح في الأرض، ثم يُصب على رأس الرجل الذي تصيبه العين من خلفه صبةً واحدة«(3). 3- الرقية الشرعية التي هي علاج لكثير من الأمراض النفسية والعضوية، ومن السحر والعين وغيرها من الأضرار الناجمة عن النفوس الرديئة أو من كيد الشياطين، وقد ورد عن النبي ﷺ أنه كان يرقي المرضى بقوله: «اللهم رب الناس أذهب البأس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقمًا»(4). ثلاث مرات. وجاء في الصحيح أن جبريل عليه السلام رقّى النبي ﷺ بقوله: «بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، باسم الله أرقيك»(5). ثلاث مرات. 4- الدعاء بالشفاء والعافية، لأنه الوسيلة المباشرة مع الله تعالى لكشف الضر وتفريج المصائب، فضلاً عن أن الدعاء يدفع عن الإنسان كثيرًا من المصائب قبل وقوعها، يقول عليه الصلاة والسلام: «إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل«(6). 5- المحافظة على العبادات، وبخاصة الصلوات وأدائها في أوقاتها ومع جماعة المسلمين، فقد أمر الله عباده المؤمنين باللجوء إليها والاستعانة بها على الهموم والخطوب والمصائب والأمراض، فقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}(7)، وكان عليه الصلاة والسلام يقول لبلال: «قم يا بلال فأرحنا بالصلاة»(8)، فالصلاة ملاذ وعلاج لكل ذي همّ وحزن ومرض. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ (1) أخرجه مسلم (ص1295، رقم 7500) كتاب الزهد، باب لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين. ويراجع ما كتبت في هذا البحث عن القضاء والقدر، وكذا عن الصبر.(2) [الإنسان: 30](3) زاد المعاد لابن القيم 4/ 164.(4) سبق تخريجه.(5) أخرجه مسلم (ص970، رقم 2186) كتاب السلام، باب الطب والمرضى والرقى.(6) سبق تخريجه.(7) [البقرة: 153](8) أخرجه أبو داود (ص702، رقم 4986) كتاب الأدب، باب في صلاة العتمة. والنسائي (ص116، رقم 846) كتاب الإمامة، باب الجماعة للفائت من الصلاة. وهو حديث صحيح.
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |