|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
![]() روائع قرآنية(11) د.محمود طباخ الرائعة القرآنية الحاديةَ عشرةَ : قال الله تعالى : ( وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى ) [طه/18] وقال سبحانه ![]() ولنا أن نتساءل عن سبب تسمية العصا بالمنساة في قصة سليمان عليه السلام ، ذلك والله أعلم لما في المنساة من معنى الزيادة وهو النسيء . والسياق في القصة يشير إلى زيادة توهمتها الجن في عُمْر سليمان عليه السلام ، فبقيت تعمل بدأب ونشاط حتى نخرت دويبة الأرض العصا، وخرَّ سليمان ميتاً ، لتتأكد حقيقة أن الجن لا يعلمون الغيب ، وما يدعيه السحرة من خلاف ذلك ، هو تدليس على الناس يجب الحذر منه ) فلما خرّ تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ) ، وسبب آخر لهذا الاختيار أيضاً والله أعلم هو أن في المنسأة بعد لغوي آخر قوّى هذا الاختيار، وهو أن نسّأ الدابة : ساقها وزجرها ، فالمنسأة تُزجر بها الإبل لتسوقها ، فكأن منسأة سليمان هي التي كانت تسوق الجن إلى العمل بثباتها وهو متكئ عليها مع أنه قد فارق الحياة وهي تعمل ، ولوعلمت الجن بموته لتوقفت عن العمل. فلله در القرآن ! ما أدق تعبيره وأروع بلاغته وأنصع بيانه ! إذ يختار لكل سياق اللفظ الذي يناسبه ، وكأنه في اختياراته الرائعة هذه ، يريد أن يغرس في المسلمين قيمة ثمينة ، وهي أنّ على المسلم أن يكون في تعامله مع واقعه مرناً ، فيحسن اختيار ألفاظه وعباراته وشعاراته ولافتاته وتصرفاته حسب كل المستجدات ، مقدماً مصلحة الإسلام والمسلمين على مصلحته الشخصية والحزبية والفئوية ، لكن ليس على حساب الثوابت ، فيكون مدركاً لأبعاد ما يدبر له ، فطناً لكل ما ينسج حوله من خيوط التآمر، حتى ينجو من الفِخاخ التي لا يهدأ الماكرون لحظة من نصبها ليوقعوه فيها ليوفر المسلمون جهودهم في النهضة والبناء والإنماء ، بدل أن تضيع في معارك جانبية مفتعلة ، تأكل طاقاتهم ، وقد تأتي على أخضرهم ويابسهم قبل نضجهم وصلابة عودهم . اللهم هل بلغت ؟ اللهم فاشهد !
__________________
|
#12
|
||||
|
||||
![]() روائع قرآنية(15) د.محمود طباخ الرائعة القرآنية الخامسة عشرة : قال الله تعالى : ( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط .) [ آل عمران /17] لو قيل لأحدنا ما أعظم ما ورد في كتاب الله في فضل العلم والعلماء ؟ لقال : حسب العلم منزلة أنه صفة الله سبحانه ( وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون) [ الأنعام/3 ] وحسبه رفعة أن الله عز وجل امتن به على حبيبه صلى الله عليه وسلم في قوله ![]() ويكفيه إكراماً أنه جل جلاله جعل أهل العلم أهل خشيته في قوله : (إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ) [ فاطر/ 28 ] ويكفيه إجلالاً قوله عز من قائل : ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) [ الزمر /8 ] وقد يضيف أحدهم فيقول : بل يكفيه شرفاً أن يرتقي الكلب إذا تعلم ليصير صيده حلالاً طيباً بعد أن كان نجساً خبيثاً أيام جهله (يسألونك ماذا أُحل لهم قل أُحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مُكَلّبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه) [ المائدة/4 ] هذا كله يذكره أحدنا وقد يغيب عن باله ما هو أعظم من ذلك في تعظيم العلم وتكريم العلماء،وهوما نلحظه في آية (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم) حيث لم يرد فيها ذكر الأنبياء مع من شهدوا بالوحدانية ، فهل لأنهم لم يشهدوا فعلاً وهذا محال ، أم أن فهمنا قصر عن فهم الحقيقة ؟وحقيقة الأمر أن الأنبياء أدرجوا في ثنايا أولي العلم بل هم في طليعة أولي العلم . وبذا يعطي القرآن الكريم أعظم وسام شرف لأهل العلم حين أدرج الله في ثناياهم أنبياءه ورسله . وبذا ينال أهل العلم الربانيّون فقط الذين يهتمون بأمتهم ويعيشون آلامها وآمالها ، ينالون حصانة تجعل من العسير على من ينتسب إلى الإسلام أن يقترب من حماهم بالنيل من شرفهم أو الوقوع في غيبتهم وعرضهم ، كما يحلو للجهلة وأنصاف المتعلمين اليوم من الوقيعة فيهم مالم يسيروا في ركابهم وينضووا تحت لوائهم، بل ويبايعوا وينقادوا لأميرهم. أما علماء سلاطين البغي والجور فقد أسقطوا هم عن أنفسهم حق الحصانة وأصبحوا في حكم من يروّجون لهم بغيهم وظلمهم سواء بسواء (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار) أسأل الله أن يبصرنا في ديننا ، وأن يعجّل بالفرج عن أمتنا إنه أكرم مسؤول وأفضل مجيب . اللهم هل بلغت ؟ اللهم فاشهد !
__________________
|
#13
|
||||
|
||||
![]() روائع قرآنية(16) د.محمود طباخ الرائعة القرآنية السادسة عشرة : قال الله تعالى : ( قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً إلى يوم القيامة مَن إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون ) القصص/71 وقال سبحانه : (قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمداً إلى يوم القيامة مَن إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون ) القصص/75 إن هاتين الآيتين تثير فينا ثلاث قضايا : 1-قضية أن الله وحده هو الفعال المطلق في خلقه دون سواه، ولا يمكن أن يحدث في الكون شيء إلا إذا أراده ، لكن هذا الذي يريده قد لا يرضاه ، كما قال سبحانه : ( ولا يرضى لعباده الكفر) مع أنه أراده . فما على المؤمن إذا ضاقت عليه الدنيا إلا أن يحسن ظنه بربه الذي أمرُه بين الكاف والنون . 2- قضية التحدي الأكبر لمن طغى وتجبر ، مع أنه محكوم بالقوانين الإلهية رغم أنفه ، ولا حيلة له أن يطيل الليل أو أن يمد النهار ولو للحظة واحدة إذا احتاج إليها لعمله أو لنومه و راحته . لكن الحكيم الخبير وحده يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل بحكمة بالغة ، ليعمل الإنسان نهاره ، ويسكن ويرتاح ليله (وجعلنا الليل لباساً وجعلنا النهار معاشاً) فما بال هذا الإنسان يتعامى عن هذه الحقيقة وهذه حاله ، فيتكبر على عباد الله ويتصرف وكأنه الإله ، ولا متصرف في الكون سواه . فما أغباه ؟! 3- ثم تأمل روعة البيان في حسن اختيار كل كلمة في مكانها الذي تعشقه حيث جاءت (أفلا تسمعون) مع (الليلَ سرمداً) لأن طريق الاستدلال للإنسان في الليل هو السمع لا غير . لكن لما كانت الحالة (النهارَ سرمداً) ناسب قوله سبحانه( أفلا تبصرون) لأن آلة الاستدلال في النهار هي البصر ، فناسب. فما أروع البيان في آي القرآن !!
__________________
|
#14
|
||||
|
||||
![]() روائع قرآنية(17) د.محمود طباخ الرائعة القرآنية السابعة عشرة : قال الله تعالى : 1- (رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلاً .) المزمل/9 2- (خلق الإنسان من صلصال كالفخار . وخلق الجان من مارج من نار . فبأي آلاء ربكما تكذبان . رب المشرقين ورب المغربين . فبأي آلاء ربكما تكذبان . مرج البحرين يلتقيان .) الرحمن/14-19 3- (كلا إنا خلقناهم مما يعلمون . فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون .) المعارج / 39 ، 40 4- (رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق إنّا زيّنّا السماء الدنيا بزينة الكواكب) الصافات/5 لدى التأمل في هذه الآيات نجد أربع قضايا : ا- لا تعارض بين الإطلاقات الثلاث : المشرق والمشرقين والمشارق . فهو المشرق باعتبار الجهة ، وهما المشرقان باعتبار بداية أماكن الشروق وانتهائها على امتداد العام . وهي المشارق باعتبار اختلاف الشروق في كل أيام السنة . ولما كان كل شروق يقابله غروب كانت المغارب كذلك . 2- لكن ما يلفت انتباهنا تنوع استعمال المشرق إفراداً وتثنية وجمعاً، وما ذاك إلا لمناسبة السياق ، كما كررنا سابقاً. فحالة الإفراد جاءت لتناسب ما قبلها : ( يأيها المزمل) وما بعدها: (لا إله إلا هو ) ، وحالة التثنية جاءت لتناسب ما قبلها ![]() 3- وما يلفت انتباهنا أكثر وأكثر في الآية الرابعة قضية ذكر المشارق فقط وغياب المغارب في هذا الموطن فقط من القرآن ، وما ذاك والله أعلم إلا لمناسبة ما بعدها : ( إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب) حيث إن الزينة لا يناسبها الغروب وإنما الشروق ، وكل الذين يتحدثون بالتفاؤل وإدخال السرور يتحدثون عن الشروق بلغات مختلفة فتارة ستشرق شمس الحرية ، وأخرى لا بد لليل الظلم والقهر أن ينجلي ، ولا بد للأمل الباسم أن يضيء نهاره وتسطع شمسه. فما أروع البيان في آي القرآن !! 4- ولما كان القرآن يهدي للتي هي أقوم (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) في كل جانب من جوانب الحياة الفاعلة، فما أجمل أن يكون لحروفه وكلماته وعباراته ونَظمه وتوجيهاته ومراعاته لكل مناسب ، أن يكون لها الأثر العظيم في اختيار ألفاظنا وتحديد مواقفنا وسلوكياتنا ، لتكون مناسبة للموقف الذي يواجهنا حرباً وسلماً ومداراة ورخصة وعزيمة ثم ليكون لها بالغ التأثير في مراعاة مشاعر بعضنا وبخاصة أهل العلم والفضل حضروا أو ذكروا، لتتناغم مع جلال الموقف وروعة المشهد فينا ، بحيث تغيب الألفاظ السيئة والتصرفات المشينة إذا. اللهم هل بلغت ؟ اللهم فاشهد !
__________________
|
#15
|
||||
|
||||
![]() روائع قرآنية(17) د.محمود طباخ الرائعة القرآنية الثامنة عشْرة : قال الله تعالى : ( كُتِب عليكم القتال وهو كُره لكم وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) من سورة البقرة / 216 وقال سبحانه : (فإن كرهتموهنَّ فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعلَ الله فيه خيراً كثيراً) النساء / 19 إذا تأملنا هاتين الآيتين فيمكننا أن نتحدث عن ثلاث قضايا: 1-(كُتِب عليكم القتال) أي فُرض ، وال في (القتال) للجنس ، فهو عام لكن عموماً عرفياً ، فهولا يكون إلا للأعداء ، وفي حدود ما شرعه الله ، وليس قتالاً مفتوحاً لشهوة القتال ، كما يحلو لبعض الجهلة اليوم من قتال أهل الإيمان، أوغيرهم من بني الإنسان تحت مسميات ومعتقدات بعيدة عن هدي القرآن. فالقتال لم يأذن به الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ابتداء، ثم أَذن للمظلومين بذلك (أُذِنَ للذين يُقاتَلون بأنهم ظُلموا وإنّ الله على نصرهم لقدير) الحج/39، فهو إذْنٌ للمظلومين بالقتال دون الأمر به ، ثم كان الأمر به ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا) من سورة البقرة /190. فأنت يا شعبنا السوري قد أَذن الله لك بقتال من قاتلوك وعذبوك وقهروك ، ثم جاءك الأمر بوجوب قتال من قاتلوك ، وقد فعلت ما أمرت به ، ولم تكن معتدياً بفعلك هذا ، بل قمت بواجبك المقدس . أسأل الله القادر على نصرك أن يعجل لك بالنصر . 2- (وهو كُرْهٌ لكم ) يتبادر إلى الذهن كيف يأمر الله بما هو مكروه وبغيض ؟ والجواب أنه مع كره النفس للقتال إلا أنه يحمل في طياته الخير العميم إذ بدونه تغيب المصالح وينتشر الفساد في الأرض التي أُمر المؤمنون بإعمارها ( هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها). وما تسلُّط الأعداء اليوم وتكالبهم على المسلمين لاستعبادهم ونهب خيراتهم ، إلا لتقصيرهم بواجب الجهاد والإعداد.لذا كان التعقيب ضرورياً لإزالة هذا اللبس (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم) فعليكم أن تمتثلوا أمر العليم الخبير في قتال عدوكم المعتدي، لأنه سبحانه أعلم بما يصلحكم (والله يعلم وأنتم لا تعلمون) 3- لكن الرائعة التي ننتظر فوق هذا كله هي في أننا وجدنا في آية الطلاق (فإن كرهتموهنَّ فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعلَ الله فيه خيراً كثيراً) ولم يذكر سبحانه الحالة الثانية وهي : وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم ، كما ذكر الحالتين في آية القتال ، وما ذاك والله أعلم إلا لأن الكراهة في آية القتال طبيعية فطرية تحتاج إلى المساواة بين طرفي المعادلة ، بينما في آية الطلاق الكراهة عرضية طارئة تحتاج الى معالجة خاصة ، فالكاره لزوجته ليس بحاجة لأن يذكر له الطرف الآخر من المعادلة ، لأنه كاره وكفى ، وهو يبحث عمن يؤيده على قراره في الطلاق فحسب. لذا وجب تذكيره بالتروي لأن الكراهية الطارئة قد تتبدل أو تكون مبعث خير عميم لم ندركه ( ويجعلَ الله فيه خيراً كثيراً) فما أروع البيان في آي القرآن !!
__________________
|
#16
|
||||
|
||||
![]() روائع قرآنية(19) د.محمود طباخ الرائعة القرآنية التاسعة عشرة : قال الله تعالى ![]() هذه الآية تمثل لنا صورة رائعة لمعركة تدور بين الحق والباطل على مر الزمان ، فالحق والباطل معقولان معنويان استعير لهما ماديان محسوسان، وهما القذف والدمغ ليُظهرا المشهد وكأنه يدور أمام أعيننا، حين نتخيل الحق كجسم قوي عنيف ، يتحول إلى قذائف حارقة خارقة ، تخترق جسم الباطل النحيف الضعيف ، ليرزح تحت وطأة الحق ذليلاً مهيناً بعد أن مَرَّغ أنفه في التراب (فيدمغه) وكأن القذيفة حققت هدفها ، فأصابت الباطل في دماغه فشلته عن الحركة ليعبث به الحق كيفما شاء ، بعد أن كسّر عظام باطله في رأسه المتكبر المتغطرس فحطمها ، ليقول له بعدها ساخراً مستهزئاً ![]() فما أروع البيان في آي القرآن !!
__________________
|
#17
|
||||
|
||||
![]() روائع قرآنية(20) د.محمود طباخ الرائعة القرآنية العشرون : قال الله تعالى : 1- (رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلاً .) المزمل/9 2- (خلق الإنسان من صلصال كالفخار . وخلق الجان من مارج من نار . فبأي آلاء ربكما تكذبان . رب المشرقين ورب المغربين . فبأي آلاء ربكما تكذبان . مرج البحرين يلتقيان .) الرحمن/14-19 3- (كلا إنا خلقناهم مما يعلمون . فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون .) المعارج / 39 ، 40 4- (رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق إنّا زيّنّا السماء الدنيا بزينة الكواكب) الصافات/5 لدى التأمل في هذه الآيات نجد أربع قضايا : ا- لا تعارض بين الإطلاقات الثلاث : المشرق والمشرقين والمشارق . فهو المشرق باعتبار الجهة ، وهما المشرقان باعتبار بداية أماكن الشروق وانتهائها على امتداد العام . وهي المشارق باعتبار اختلاف الشروق في كل أيام السنة . ولما كان كل شروق يقابله غروب كانت المغارب كذلك . 2- لكن ما يلفت انتباهنا تنوع استعمال المشرق إفراداً وتثنية وجمعاً، وما ذاك إلا لمناسبة السياق ، كما كررنا سابقاً. فحالة الإفراد جاءت لتناسب ما قبلها : ( يأيها المزمل) وما بعدها: (لا إله إلا هو ) ، وحالة التثنية جاءت لتناسب ما قبلها ![]() 3- وما يلفت انتباهنا أكثر وأكثر في الآية الرابعة قضية ذكر المشارق فقط وغياب المغارب في هذا الموطن فقط من القرآن ، وما ذاك والله أعلم إلا لمناسبة ما بعدها : ( إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب) حيث إن الزينة لا يناسبها الغروب وإنما الشروق ، وكل الذين يتحدثون بالتفاؤل وإدخال السرور يتحدثون عن الشروق بلغات مختلفة فتارة ستشرق شمس الحرية ، وأخرى لا بد لليل الظلم والقهر أن ينجلي ، ولا بد للأمل الباسم أن يضيء نهاره وتسطع شمسه. فما أروع البيان في آي القرآن !! 4- ولما كان القرآن يهدي للتي هي أقوم (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) في كل جانب من جوانب الحياة الفاعلة، فما أجمل أن يكون لحروفه وكلماته وعباراته ونَظمه وتوجيهاته ومراعاته لكل مناسب ، أن يكون لها الأثر العظيم في اختيار ألفاظنا وتحديد مواقفنا وسلوكياتنا ، لتكون مناسبة للموقف الذي يواجهنا حرباً وسلماً ومداراة ورخصة وعزيمة ثم ليكون لها بالغ التأثير في مراعاة مشاعر بعضنا وبخاصة أهل العلم والفضل حضروا أو ذكروا، لتتناغم مع جلال الموقف وروعة المشهد فينا ، بحيث تغيب الألفاظ السيئة والتصرفات المشينة إذا. اللهم هل بلغت ؟ اللهم فاشهد !
__________________
|
#18
|
||||
|
||||
![]() روائع قرآنية(21) د.محمود طباخ الرائعة القرآنية الحادي والعشرين : قال الله تعالى : ( كُتِب عليكم القتال وهو كُره لكم وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) من سورة البقرة / 216 وقال سبحانه : (فإن كرهتموهنَّ فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعلَ الله فيه خيراً كثيراً) النساء / 19 إذا تأملنا هاتين الآيتين فيمكننا أن نتحدث عن ثلاث قضايا: 1-(كُتِب عليكم القتال) أي فُرض ، وال في (القتال) للجنس ، فهو عام لكن عموماً عرفياً ، فهولا يكون إلا للأعداء ، وفي حدود ما شرعه الله ، وليس قتالاً مفتوحاً لشهوة القتال ، كما يحلو لبعض الجهلة اليوم من قتال أهل الإيمان، أوغيرهم من بني الإنسان تحت مسميات ومعتقدات بعيدة عن هدي القرآن. فالقتال لم يأذن به الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ابتداء، ثم أَذن للمظلومين بذلك (أُذِنَ للذين يُقاتَلون بأنهم ظُلموا وإنّ الله على نصرهم لقدير) الحج/39، فهو إذْنٌ للمظلومين بالقتال دون الأمر به ، ثم كان الأمر به ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا) من سورة البقرة /190. فأنت يا شعبنا السوري قد أَذن الله لك بقتال من قاتلوك وعذبوك وقهروك ، ثم جاءك الأمر بوجوب قتال من قاتلوك ، وقد فعلت ما أمرت به ، ولم تكن معتدياً بفعلك هذا ، بل قمت بواجبك المقدس . أسأل الله القادر على نصرك أن يعجل لك بالنصر . 2- (وهو كُرْهٌ لكم ) يتبادر إلى الذهن كيف يأمر الله بما هو مكروه وبغيض ؟ والجواب أنه مع كره النفس للقتال إلا أنه يحمل في طياته الخير العميم إذ بدونه تغيب المصالح وينتشر الفساد في الأرض التي أُمر المؤمنون بإعمارها ( هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها). وما تسلُّط الأعداء اليوم وتكالبهم على المسلمين لاستعبادهم ونهب خيراتهم ، إلا لتقصيرهم بواجب الجهاد والإعداد.لذا كان التعقيب ضرورياً لإزالة هذا اللبس (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم) فعليكم أن تمتثلوا أمر العليم الخبير في قتال عدوكم المعتدي، لأنه سبحانه أعلم بما يصلحكم (والله يعلم وأنتم لا تعلمون) 3- لكن الرائعة التي ننتظر فوق هذا كله هي في أننا وجدنا في آية الطلاق (فإن كرهتموهنَّ فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعلَ الله فيه خيراً كثيراً) ولم يذكر سبحانه الحالة الثانية وهي : وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم ، كما ذكر الحالتين في آية القتال ، وما ذاك والله أعلم إلا لأن الكراهة في آية القتال طبيعية فطرية تحتاج إلى المساواة بين طرفي المعادلة ، بينما في آية الطلاق الكراهة عرضية طارئة تحتاج الى معالجة خاصة ، فالكاره لزوجته ليس بحاجة لأن يذكر له الطرف الآخر من المعادلة ، لأنه كاره وكفى ، وهو يبحث عمن يؤيده على قراره في الطلاق فحسب. لذا وجب تذكيره بالتروي لأن الكراهية الطارئة قد تتبدل أو تكون مبعث خير عميم لم ندركه ( ويجعلَ الله فيه خيراً كثيراً) فما أروع البيان في آي القرآن !!
__________________
|
#19
|
||||
|
||||
![]() روائع قرآنية(22) د.محمود طباخ الرائعة القرآنية الثاني والعشرون: قال الله تعالى ![]() هذه الآية تمثل لنا صورة رائعة لمعركة تدور بين الحق والباطل على مر الزمان ، فالحق والباطل معقولان معنويان استعير لهما ماديان محسوسان، وهما القذف والدمغ ليُظهرا المشهد وكأنه يدور أمام أعيننا، حين نتخيل الحق كجسم قوي عنيف ، يتحول إلى قذائف حارقة خارقة ، تخترق جسم الباطل النحيف الضعيف ، ليرزح تحت وطأة الحق ذليلاً مهيناً بعد أن مَرَّغ أنفه في التراب (فيدمغه) وكأن القذيفة حققت هدفها ، فأصابت الباطل في دماغه فشلته عن الحركة ليعبث به الحق كيفما شاء ، بعد أن كسّر عظام باطله في رأسه المتكبر المتغطرس فحطمها ، ليقول له بعدها ساخراً مستهزئاً ![]() سيده ليرضى عنه ويعلي شأنه . فما أروع البيان في آي القرآن !!
__________________
|
#20
|
||||
|
||||
![]() روائع قرآنية(23) د.محمود طباخ الرائعة القرآنية الثالثة والعشرون : قال الله تعالى : (ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغَماً كثيراً وسعة ) [النساء / 100] لنا مع هذه الآية وقفتان : 1-(ومن يهاجر) إنها الهجرة إذن ، لكنها الهجرة في سبيل الله حصراً ، ولا يندرج تحتها أي لون من ألوان الهجرة التي تكون لأغراض دنيوية بحتة . لقوله صلى الله عليه وسلم : ((ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه ))البخاري/إيمان-41، ومسلم/إمارة-155، فإذا توفر في الهجرة شرط كونها خالصة لله ، تحقق الجواب بأن يجد المهاجر : 2- (مراغماً كثيراً وسعة) وتستوقفنا (مراغَماً) لِمَ كانت دون سواها ؟ والجواب والله أعلم لما فيها من الأبعاد اللغوية التي ليست لغيرها. جاء في تفسير القرطبي:[المراغم: المتزحزح ..والمتحوَّل...والمهاجَر..والمبتغى للمعيشة] وقيل : المندوحة عما يكره ، وقيل غير ذلك ، لكن المعنى الرائع الذي يشد انتباهنا ويبهرنا هو ما ذكره القرطبي أيضاً [ والمراغم موضع المراغمة ، وهو أن يرغم كل واحد من المتنازعين أنف صاحبه بأن يغلبه على مراده ، فكأن كفار قريش أرغموا أنوف المحبوسين بمكة ، فلو هاجر منهم مهاجر لأرغم أنوف قريش لحصوله في منعة منهم ] فالمهاجر في سبيل الله الذي تخلص من قبضة الطواغيت في دنيانا اليوم مع كثرة العملاء والمخبرين ، وانتشار الحراس المتيقظين قد وجد مندوحة عما يكره ، فمرَّغ أنوف خصومه في التراب وأذلهم مرتين : مرة لأنه خيَّب آمالهم في القبض عليه وسجنه أو قتله ، ومرة لأنه وجد في البلد المضياف من النعمة والرزق والخير ما جعل خصومه الذين فاتهم يتميزون من الغيظ ، فيقلّبون أيديهم ويضربون وجوههم وأدبارهم ، فرغمت بذلك أنوفهم. فسبحان الله ما أروع البيان في القرآن ! الرائعة القرآنية الرابعة والعشرون قال تعالى ![]() الآية ترسم مشاهد رائعة لصورة الحشر المخزية التي يكون عليها المجرمون يوم يحشرون . تتجلى في ثلاثة مواقف : 1-(نحشرهم) الحشر: جمع الناس من مواضع متفرقة ، ولما كان ذلك يستدعي مشيهم عُدّي الحشر بحرف على لتضمينه معنى يمشون. جاء في تفسير النسفي:[وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف يمشون على وجوههم ؟ قال : إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم.] وفي تفسير ابن عاشور : [والمقصود من ذلك الجمع بين التشويه والتعذيب لأن الوجه أرق تحملاً لصلابة الأرض من الرِّجل وهذا جزاء مناسب للجرم لأنهم روجوا الضلالة في صورة الحق، ووسموا الحق بسمات الضلال فكان جزاؤهم أن حولت وجوههم أعضاء مشي عوضاً عن الأرجل.]فتأمل! 2- (عمياً وبكماً وصماً) في هذه الكلمات الثلاث ، وبهذا الترتيب خلافاً لترتيبها في المواضع الأخرى من القرآن حيث كانت (صم بكم عمي) نجد صورة رائعة أخرى تتجلى في هذا الترتيب البديع للكلمات بما يتناسب والسياق ، ذلك أنه لما كان السائر حاجته إلى البصر ليرى طريقه أهم عنده من السمع والكلام ناسب تقدم (عمياً) ، ولما صاروا عمياً صاروا أحوج إلى الكلام ليسألوا عن الطريق لعلهم يهتدون ، فناسب مجيء (بكماً) ليمتنعوا عن الكلام ، ثم جاءت الأقل أهمية وحاجة وهي (صُمّاً) حتى لا يسمعوا شيئاً أبداً ربما يصدر من أي مكان ، حتى يبقوا في غَيهم يعمهون . 3- ثم تأمل (كلما خبت زدناهم سعيراً) والسعير لهب النار، وهنا إشكال وهو أن نار جهنم لا تخبو أي لا يخف لهيبها ، لأنه لو حدث ذلك لخف العذاب على المجرمين من أهل النار، والله يقول (فلا يخفف عنهم العذاب) لكن هذا الإشكال يزول حين نقرأ (زدناهم) وليس زدناها مع أن الحديث عن النار(خبت)، وهذا يعني أن الذي يخبو هو النار المنبعثة من المجرمين المحترقين وقود النار ، فإذا أحرقتهم النار زال اللهب الذي كان متصاعداً من أجسامهم ، فلا يلبثون أن يُعادوا كما كانوا ، فيعود الالتهاب لهم ، فالخبوّ وازدياد الاشتعال بالنسبة إلى أجسادهم لا في أصل النار. وهنا لك أن تتخيل فظاعة المشهد في هذه اللوحة الفنية الأخاذة ، إذ تشدك وتبهرك، وتدفعك أن تصرخ من أعماقك : سبحانك ربي ما أعدلك ! أن صيَّرت المجرمين إلى هذه الحال ، وشفيت صدور المعذبين في الأرض . فما أروع البيان في آي القرآن !
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |