|
الحدث واخبار المسلمين في العالم قسم يعرض آخر الاخبار المحلية والعالمية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
![]() الانتخاب من الشهادة إذا نظرنا إلى نظام كنظام الانتخاب أو التصويت، فهو في نظر الإسلام " شهادة " للمرشح بالصلاحية.. فيجب أن يتوافر في " صاحب الصوت " ما يتوافر في الشاهد من الشروط بأن يكون عدلاً مرضي السيرة، كما قال تعالى : (وأشهدوا ذوي عدل منكم) (الطلاق :2)، (ممن ترضون من الشهداء). (البقرة : 282). ومن شهد لغير صالح بأنه صالح، فقد ارتكب كبيرة شهادة الزور وقد قرنها القرآن بالشرك بالله، إذ قال : (فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور). (الحج : 30). ومن شهد لمرشح بالصلاحية لمجرد أنه قريبه أو ابن بلده، أو لمنفعة شخصية يرتجيها منه، فقد خالف أمر الله تعالى : (وأقيموا الشهادة لله). (الطلاق : 2). ومن تخلف عن أداء واجبه الانتخابي، حتى رسب الكفء الأمين، وفاز بالأغلبية من لا يستحق، ممن لم يتوافر فيه وصف " القوي الأمين " فقد كتم الشهادة أحوج ما تكون الأمة إليها.. وقد قال تعالى : (ولايأب الشهداء إذا ما دعوا) (البقرة : 282) .(ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه). (البقرة : 283). ومثل ذلك يقال في صفات المرشح وشروطه من باب أولى. إننا بإضافة هذه الضوابط والتوجيهات لنظام الانتخاب، نجعله في النهاية نظامًا إسلاميًا، وإن كان في الأصل مقتبسًا من عند غيرنا.
__________________
مدونتي ميدان الحرية والعدالة
|
#12
|
||||
|
||||
![]() حكم الشعب وحكم الله الذي نريد التركيز عليه هنا هو ما نوهنا به في أول الأمر، وهو : جوهر الديمقراطية، فهو بالقطع متفق مع جوهر الإسلام، إذا رجعنا إليه في مصادره الأصلية، واستمددناه من ينابيعه الصافية، من القرآن والسنة، وعمل الراشدين من خلفائه، لا من تاريخ أمراء الجور، وملوك السوء، ولا من فتاوى الهالكين المحترقين من علماء السلاطين، ولا من المخلصين المتعجلين من غير الراسخين. وقول القائل : إن الديمقراطية تعني حكم الشعب بالشعب، ويلزم منها رفض المبدأ القائل : إن الحاكمية لله ـ قول غير مسلم. فليس يلزم من المناداة بالديمقراطية رفض حاكمية الله للبشر، فأكثر الذين ينادون بالديمقراطية لا يخطر هذا ببالهم، وإنما الذي يعنونه ويحرصون عليه هو رفض الديكتاتورية المتسلطة، رفض حكم المستبدين بأمر الشعوب من سلاطين الجور والجبروت. أجل كل من يعني هؤلاء من الديمقراطية أن يختار الشعب حكامه كما يريد، وأن يحاسبهم على تصرفاتهم، وأن يرفض أوامرهم إذا خالفوا دستور الأمة، .وبعبارة إسلامية : إذا أمروا بمعصية، وأن يكون له الحق في عزلهم إذا انحرفوا وجاروا، ولم يستجيبوا لنصح أو تحذير.
__________________
مدونتي ميدان الحرية والعدالة
|
#13
|
||||
|
||||
![]() المراد بمبدأ الحاكمية لله وأحب أن أنبه هنا على أن مبدأ " الحاكمية لله" مبدأ إسلامي أصيل، قرره جميع الأصوليين في مباحثهم عن " الحكم الشرعي"، وعن "الحاكم " فقد اتفقوا على أن " الحاكم" هو الله تعالى، والنبي مبلغ عنه، فالله تعالى هو الذي يأمر وينهى، ويحلل ويحرم، ويحكم ويشرع. وقول الخوارج :" لا حكم إلا لله " قول صادق في نفسه، حق في ذاته، ولكن الذي أنكر عليهم هو وضعهم الكلمة، في غير موضعها، واستدلالهم بها على رفض تحكيم البشر في النزاع، وهو مخالف لنص القرآن الذي قرر التحكيم في أكثر من موضع، ومن أشهرها التحكيم بين الزوجين إن وقع الشقاق بينهما. ولهذا رد أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه- على الخوارج بقوله : " كلمة حق أريد بها باطل " فقد وصف قولهم بأنه " كلمة حق "، ولكن عابهم بأنهم أرادوا بها باطلاً. وكيف لا تكون كلمة حق وهي مأخوذة من صريح القرآن (إن الحكم إلا لله) ؟ (يوسف : 40). فحاكمية الله تعالى للخلق ثابتة بيقين، وهي نوعان : 1 ـ حاكمية كونية قدرية، بمعنى أن الله هو المتصرف في الكون، المدبر لأمره الذي يجري فيه أقداره، ويحكمه بسننه التي لا تتبدل، ما عرف منها وما لم يعرف، وفي مثل هذا جاء قوله تعالى : (أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب) (الرعد : 41)، فالمتبادر هنا أن حكم الله يراد به الحكم الكوني القدري لا التشريعي الأمري. 2ـ حاكمية تشريعية أمرية، وهي حاكمية التكليف والأمر والنهي، والإلزام والتخيير، وهي التي تجلت فيما بعث الله به الرسل، وأنزل الكتب، وبها شرع الشرائع وفرض الفرائض، وأحل الحلال، وحرم الحرام .. وهذه لا يرفضها مسلم رضي بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيًا ورسولاً. والمسلم الذي يدعو إلى الديمقراطية إنما يدعو إليها باعتبارها شكلاً للحكم، يجسد مبادئ الإسلام السياسية في اختيار الحاكم، وإقرار الشورى والنصيحة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومقاومة الجور، ورفض المعصية، وخصوصًا إذا وصلت إلى " كفر بواح" فيه من الله برهان. ومما يؤكد ذلك : أن الدستور ينص ـ مع التمسك بالديمقراطية ـ على أن دين الدولة هو الإسلام، وأن الشريعة الإسلامية هي مصدر القوانين، وهذا تأكيد لحاكمية الله، أي حاكمية شريعته، وأن لها الكلمة العليا. ويمكن إضافة مادة في الدستور صريحة واضحة، إن كل قانون أو نظام يخالف قطعيات الشرع.فهو باطل، وهي في الواقع تأكيد لا تأسيس. لا يلزم ـ إذن ـ من الدعوة إلى الديمقراطية اعتبار حكم الشعب بديلا عن حكم الله، إذ لا تناقض بينهما. ولو كان ذلك لازمًا من لوازم الديمقراطية، فالقول الصحيح لدى المحققين من علماء الإسلام : أن لازم المذاهب ليس بمذهب، وأنه لا يجوز أن يكفر الناس أو يفسقوا أخذًا لهم بلوازم مذاهبهم، فقد لا يلتزمون بهذه اللوازم، بل قد لا يفكرون فيها بالمرة.
__________________
مدونتي ميدان الحرية والعدالة
|
#14
|
||||
|
||||
![]() تحكيم الأكثرية هل ينافي الإسلام؟. من الأدلة عند هذا الفريق من الإسلاميين، على أن الديمقراطية مبدأ مستورد، ولا صلة له بالإسلام : أنها تقوم على تحكيم الأكثرية، واعتبارها صاحب الحق في تنصيب الحكام، وفي تسيير الأمور، وفي ترجيح أحد الأمور المختلف فيها، فالتصويت في الديمقراطية هو الحكم والمرجع، فأي رأي ظفر بالأغلبية المطلقة، أو المقيدة في بعض الأحيان، فهو الرأي النافذ، وربما كان خطأ أو باطلاً. هذا مع أن الإسلام لا يعتد بهذه الوسيلة ولا يرجح الرأي على غيره، لموافقة الأكثرية عليه، بل ينظر إليه في ذاته : أهو صواب أم خطأ؟ فإن كان صوابًا نفذ، وإن لم يكن معه إلا صوت واحد، أو لم يكن معه أحد، وإن كان خطأ رفض، وإن كان معه (99) من الـ(100) ! بل إن نصوص القرآن تدل على أن الأكثرية دائمًا في صف الباطل، وفي جانب الطاغوت.كما في مثل قوله تعالى : (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) (الأنعام : 116)، (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) (يوسف : 103)، وتكررت في القرآن مثل هذه الفواصل القرآنية : (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) (الأعراف : 187)، (بل أكثرهم لا يعقلون) (العنكبوت : 63)، (ولكن أكثر الناس لا يؤمنون) (هود : 17)، (ولكن أكثر الناس لا يشكرون) (البقرة 243). كما دلت على أن أهل الخير والصلاح هم الأقلون عددًا، كما في قوله تعالى : (وقليل من عبادي الشاكرون) (سبأ :13)، (إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم). (ص : 24). وهذا الكلام مردود على قائله وهو قائم على الغلط أو المغالطة. فالمفروض أننا نتحدث عن الديمقراطية في مجتمع مسلم أكثره ممن يعلمون ويعقلون ويؤمنون ويشكرون .ولسنا نتحدث عن مجتمع الجاحدين أو الضالين عن سبيل الله. ثم إن هناك أمورًا لا تدخل مجال التصويت، ولا تعرض لأخذ الأصوات عليها، لأنها من الثوابت التي لا تقبل التغيير، إلا إذا تغير المجتمع ذاته، ولم يعد مسلمًا. فلا مجال للتصويت في قطعيات الشرع، وأساسيات الدين وما علم منه بالضرورة وإنما يكون التصويت في الأمور " الاجتهادية" التي تحتمل أكثر من رأي، ومن شأن الناس أن يختلفوا فيها، مثل اختيار أحد المرشحين لمنصب ما، ولو كان هو منصب رئيس الدولة، ومثل إصدار قوانين لضبط حركة السير والمرور، أو لتنظيم بناء المحلات التجارية أو الصناعية أو المستشفيات، أو غير ذلك مما يدخل فيما يسميه الفقهاء " المصالح المرسلة " ومثل اتخاذ قرار بإعلان الحرب أو عدمها، وبفرض ضرائب معينة أو عدمها، وبإعلان حالة الطوارئ أو لا، وتحديد مدة رئيس الدولة، وجواز تجديد انتخابه أو لا، وإلى أي حد … إلخ. فإذا اختلفت الآراء في هذه القضايا، فهل تترك معلقة أو تحسـم، هل يكون ترجيح بلا مرجح؟ أو لا بد من مرجح؟ إن منطق العقل والشرع والواقع يقول: لا بد من مرجح. والمرجح في حالة الاختلاف هو الكثرة العددية، فإن رأي الاثنين أقرب إلى الصواب من رأي الواحد، وفي الحديث: " إن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد ". (رواه الترمذي في "الفتن"، عن عمر 2166، وقال: حديث حسن صحيح غريب. قال: وقد رُوي هذا من غير وجه عن عمر. رواه الحاكم (1/114) وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي). وقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأبي بكر وعمر: "لو اجتمعتما على مشورة ما خالفتكما". (رواه أحمد عن عبد الله بن غنم الأشعري (4/227) وفي سنده شهر بن وشب، وقال ابن حجر في التقريب: صدوق كثير الإرسال والأوهام. إذ معنى ذلك أن صوتين يرجحان صوتًا واحدًا، وإن كان هو صوت النبي -صلى الله عليه وسلم-، ما دام ذلك بعيدًا عن مجال التشريع والتبليغ عن الله تعالى). كما رأينا -صلى الله عليه وسلم- ينزل على رأي الكثرة في غزوة أحد، ويخرج للقاء المشركين خارج المدينة، وكان رأيه ورأي كبار الصحابة البقاء فيها، والقتال من داخلها في الطرقات. وأوضح من ذلك موقف عمر في قضية الستة أصحاب الشورى، الذين رشحهم للخلافة وأن يختاروا بالأغلبية واحدًا منهم، وعلى الباقي أن يسمعوا ويطيعوا، فإن كانوا ثلاثة في مواجهة ثلاثة، اختاروا مرجحًا من خارجهم وهو عبد الله بن عمر، فإن لم يقبلوه، فالثلاثة الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف. وقد ثبت في الحديث التنويه " بالسواد الأعظم" والأمر باتباعه، والسواد الأعظم يعني جمهور الناس وعامتهم والعدد الأكبر منهم، حديث رُوِي من طرق، بعضها قوي. (الحديث رواه الطبراني مرفوعًا عن أبي أمامة، وفيه: "إن بني إسرائيل تفرقت إحدى وسبعين فرقة - أو قال: اثنتين وسبعين فرقة - وإن هذه الأمة ستزيد على هم فرقة، كلها في النار، إلا السواد الأعظم" المعجم الكبير جـ8 (8035) وذكره الهيثمي في: مجمع الزوائد، وقال: رواه الطبراني ورجاله ثقات 6/233، 234، وفي موضع آخر قال: رواه الطبراني في الأوسط والكبير بنحوه، وفيه أبو غالب وثقه ابن معين وغيره، وبقية رجال الأوسط ثقات، وكذلك أحد إسنادي الكبير (7/258) . ورواه الطبراني وأحمد في المسند موقوفًا على ابن أبي أوفى، قال: "يا بن جهمان عليك بالسواد الأعظم"، قال الهيثمي: ورجال أحمد ثقات 65/232، كما رواه ابن أبي عاصم في السنة عن ابن عمر رقم 80 بلفظ: "ما كان الله ليجمع هذه الأمة على الضلالة أبدًا، ويد الله على الجماعة، فعليكم بالسواد الأعظم، فإنه من شذ شذ في النار" وقال الألباني: إسناده ضعيف. ورواه الحاكم بنحوه من طرق عن المعتمر بن سليمان 1/115، 116 وقال: إن المعتمر أحد أركان الحديث وأئمته فلابد أن يكون له أصل بأحد هذه الأسانيد. ويؤيده اعتداد العلماء برأي الجمهور في الأمور الخلافية، واعتبار ذلك من أسباب ترجيحه، إذا لم يوجد مرجح يعارضه). وقد ذهب الإمام أبو حامد الغزالي في بعض مؤلفاته إلى الترجيح بالكثرة عندما تتساوى وجهتا النظر. (انظر: الشورى وأثرها في الديمقراطية للدكتور عبد الحميد الأنصاري). وقول من قال : إن الترجيح إنما يكون للصواب وإن لم يكن معه أحد، وأما الخطأ فيرفض ولو كان معه (99 من المائة)، إنما يصدق في الأمور التي نص عليها الشرع نصًا ثابتًا صريحًا يقطع النزاع، ولا يحتمل الخلاف، أو يقبل المعارضة وهذا قليل جدًا .. وهو الذي قيل فيه : الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك. أما القضايا الاجتهادية، مما لا نص فيه، أو ما فيه نص يحتمل أكثر من تفسير، أو يوجد له معارض مثله أو أقوى منه، فلا مناص من اللجوء إلى مرجح يحسم به الخلاف والتصويت وسيلة لذلك عرفها البشر، وارتضاها العقلاء، ومنهم المسلمون، ولم يوجد في الشرع ما يمنع منها، بل وجد في النصوص والسوابق ما يؤيدها
__________________
مدونتي ميدان الحرية والعدالة
|
#15
|
||||
|
||||
![]() الاستبداد السياسي المسبب الأول لما أصاب الأمة قديمًا وحديثا إن أول ما أصاب الأمة الإسلامية في تاريخها هو التفريط في قاعدة الشورى، وتحول "الخلافة الراشدة "إلى مُلك عضوض" سماه بعض الصحابة "كسروية" أو "قيصرية" أي أن عدوى الاستبداد الإمبراطوري انتقلت إلى المسلمين من الممالك التي أورثهم الله إياها، وكان عليهم أن يتخذوا منهم عبرة، وأن يجتنبوا من المعاصي والرذائل ما كان سببًا في زوال دولتهم. وما أصاب الإسلام وأمته ودعوته في العصر الحديث إلا من جراء الحكم الاستبدادي المتسلط على الناس بسيف المعز وذهبه، وما عطلت الشريعة، ولا فرضت العلمانية، وألزم الناس بالتغريب إلا بالقهر والجبروت، واستخدام الحديد والنار، ولم تضرب الدعوة الإسلامية والحركة الإسلامية، ولم ينكل بدعاتها وأبنائها، ويشرد بهم كل مشرد، إلا تحت وطأة الحكم الاستبدادي السافر حينا، والمقنع أحيانًا بأغلفة من دعاوى الديمقراطية الزائفة، الذي تأمره القوى المعادية للإسلام جهرًا، أو توجهه من وراء ستار
__________________
مدونتي ميدان الحرية والعدالة
|
#16
|
||||
|
||||
![]() الحرية السياسية أول ما نحتاج إليه لم ينتعش الإسلام، ولم تنتشر دعوته، ولم تبرز صحوته، وتعل صيحته، إلا من خلال ما يتاح له من حرية محدودة، يجد فيها الفرصة ليتجاوب مع فطر الناس التي تترقبه، وليُسمِعَ الآذان التي طال شوقها إليه، وليقنعَ العقول التي تهفو إليه. إن المعركة الأولى للدعوة الإسلامية والصحوة الإسلامية والحركة الإسلامية في عصرنا هي معركة الحرية، فيجب على كل الغيورين على الإسلام أن يقفوا صفًا واحدًا للدعوة إليها، والدفاع عنها، فلا غنى عنها ولا بديل لها. ويهمني أن أؤكد أنني لست من المولعين باستخدام الكلمات الأجنبية الأصل "كالديمقراطية ونحوها" للتعبير عن معان إسلامية. ولكن إذا شاع المصطلح واستخدمه الناس، فلن نُصِمَّ سمعنا عنه، بل علينا أن نعرف المراد منه إذا أطلق، حتى لا نفهمه على غير حقيقته، أو نحمله ما لا يحتمله، أو ما لا يريده الناطقون به، والمتحدثون عنه، وهنا يكون حكمنا عليه حكمًا سليمًا متزنًا، ولا يضيرنا أن اللفظ جاء من عند غيرنا، فإن مدار الحكم ليس على الأسماء والعناوين، بل على المسميات والمضامين. وكثير من الإسلاميين يطالبون بالديمقراطية شكلاً للحكم، وضمانًا للحريات، وصمامًا للأمان من طغيان الحاكم، على أن تكون ديمقراطية حقيقية تمثل إرادة الأمة، لا إرادة الحاكم الفرد وجماعته المنتفعين به.فليس يكفي رفع شعار الديمقراطية في حين تزهق روحها، بالسجون تفتح، وبالسياط تُلهب، وبأحكام الطوارئ تلاحق كل ذي رأي حر، وكل من يقول للحاكم : لم ؟ بله أن يقول : لا. وأنا من المطالبين بالديمقراطية بوصفها الوسيلة الميسورة، والمنضبطة، لتحقيق هدفنا في الحياة الكريمة التي نستطيع فيها أن ندعو إلى الله وإلى الإسلام، كما نؤمن به، دون أن يزج بنا في ظلمات المعتقلات، أو تنصب لنا أعواد المشانق. الشورى ملزمة وليست مجرد معلمة. بقى أن أذكر أن بعض العلماء، لا زالوا يقولون إلى اليوم : إن الشورى معلمة لا ملزمة، وأن على الحاكم أن يستشير، وليس عليه أن يلتزم برأي أهل الشورى ـ أهل الحل والعقد. وقد رددت على هذا في مقام آخر، مبينًا أن الشورى لا معنى لها، إذا كان الحاكم يستشير ثم يفعل ما يحلو له، وما تزينّه له بطانته، ضاربًا برأي أهل الشورى عرض الحائط، وكيف يسمَّى هؤلاء "أهل الحل والعقد" كما عرفوا في تراثنا، وهم في الواقع لا يحلون ولا يعقدون ؟ ! وقد ذكر ابن كثير في تفسيره نقلاً عن ابن مردويه عن علي رضي الله عنه أنه سئل عن العزم في قوله تعالى : (وشــاورهم في الأمـر فإذا عزمت فتوكـل على اللـه) (آل عمران: 159) فقال: مشاورة أهل الرأي ثم اتباعهم. وإذا كان في المسألة رأيان، فإن ما أصاب أمتنا ـ ولا يزال يصيبها إلى اليوم ـ من وراء الاستبداد، يؤيد الرأي القائل بإلزامية الشورى. ومهما يكن من خلاف، فإذا رأت الأمة أو جماعة منها أن تأخذ برأي الإلزام في الشورى، فإن الخلاف يرتفع، ويصبح الالتزام بما اتفق عليه واجبًا شرعًا، فإن المسلمين عند شروطهم، فإذا اختير رئيس أو أمير على هذا الأساس وهذا الشرط، فلا يجوز له أن ينقض هذا العقد، ويأخذ بالرأي الآخر، فإن المسلمين على شروطهم، والوفاء بالعهد فريضة. وحين عرض على سيدنا على ـ رضي الله عنه ـ أن يبايعوه على الكتاب والسنة وعمل الشيخين ـ أبي بكر وعمر ـ قبله، رفض هذا ـ أعني الالتزام بعمل الشيخين ـ لأنه إذا قبله يجب أن يلتزم به. وبهذا تقترب الشورى الإسلامية من روح الديمقراطية، وإن شئت قلت: يقترب جوهر الديمقراطية من روح الشورى الإسلامية. والحمد لله رب العالمين.
__________________
مدونتي ميدان الحرية والعدالة
|
#17
|
||||
|
||||
![]() تعليق الاستاذ عصام تلميه علي الديمقراطيه وراي الشيخ القرضاوي الإجابة:يقول الأستاذ عصام تليمة الباحث الشرعي وعضو فريق الاستشارات: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد؛ فان الديمقراطيه هذه يندرج تحتها عدة محاور: * المحور الأول: حول استيراد الوسائل من غير المسلمين، ومدى جواز ذلك. * المحور الثاني: العبرة بالأسماء أم بالمسميات. * المحور الثالث: مدى تعدد وجوه الحق في القضية الواحدة، وتعدد وجهات النظر. * المحور الرابع: سعة الصدر نحو المخالف. * أما المحور الأول، وهو حول استيراد الوسائل من غير المسلمين: فالإسلام يا أخي يفرّق بين أمرين عند استيرادنا من غير المسلمين، يفرق بين: المبادئ؛ والوسائل. فهو يرحب بكل وسيلة جديدة تعيننا على أداء حياتنا ورسالتنا، وقد حدث هذا الأمر في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، إذ استورد النبي صلى الله عليه وسلم فكرة (حفر الخندق) في غزوة الأحزاب من بلاد فارس، وهم عُبّاد النار "المجوس"، حينما أشار عليه بهذه المشورة سلمان الفارسي رضي الله عنه، وقال: إننا في فارس كنا إذا حوصرنا خَنْدَقْنا، فاستحسن النبي صلى الله عليه وسلم الفكرة ونفذها، وشارك في تنفيذها بنفسه، فحفر مع أصحابه خندقا حول المدينة، ليحمي به أطرافها من الغزو الخارجي. وكذلك استفاد المسلمون في حياتهم في عهد الخلفاء الراشدين، من وسائل غير المسلمين مما لا يؤثر على معتقداتهم، مثل (الدواوين) التي أنشأها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وظلت بالرومية إلى أن عربها عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي المعروف. أما ما يمنعه الإسلام من الاستيراد من الغير، فهو: المبادئ التي تخالف مبادئ الإسلام، أو الأمور التي تغزو المسلم في عقيدته ومسلماته. ولا شك أن الديمقراطية شيء مستحدث عند الغربيين، ويقصد به إرساء مبدأ الحرية، وحرية الاختيار والتعبير، وإن اتفق هذا المبدأ مع مبدأ إسلامي أعم منه وأشمل وأضبط، وهو مبدأ الشورى، ولذلك قال الشيخ القرضاوي ومن أقروا بمشروعية الديمقراطية، قالوا: إن جوهر الديمقراطية يتفق مع الإسلام، ولم يقولوا بأن الديمقراطية كلها إسلامية، بل جوهرها، وجوهر الديمقراطية هو: "حرية التعبير والاختيار". ثم لو كانت العلة الاستيراد فقط يا أخي، فهذا معناه: أننا سنلغي كل مقومات الحياة من حياتنا، فما من شيء في حياتنا إلا وقد استورد، وذلك لأننا تخلفنا.. تخلفنا في مجال الصناعات والتقنيات، وكذلك في مجال تطبيق المبادئ، فقد رأينا بلادًا ينام شعبها في البرد الشديد أياما في الشوارع اعتراضًا على انتخابات شكوا في أن فيها شبهة تزوير!! ونحن تزور الانتخابات في بلادنا ولا نحرك ساكنا، فلا نحن تكلمنا باسم الشورى والحرية، ولا نحن تحركنا أو تكلمنا باسم الديمقراطية المستوردة، إنما صمتنا صمت أهل القبور، وإن كان أهل القبور أرقى منا منزلة، فسكوتهم أمرٌ قدري ألزمهم الله به، أما سكوتنا فسكوت شيطاني نأثم به. يقول الشيخ الغزالي رحمه الله: "نظرت في يدي فوجدت ساعتي من سويسرا، ونظرت إلى ثوبي فوجدته مصنوعا في الصين، ونظرت إلى نظارتي فوجدتها مصنوعة في إيطاليا، ونظرت ونظرت… فرأيت كل ما أستخدمه من خارج وطني، فسألت نفسي: أين أمتي من جسدي وحياتي؟!". * أما المحور الثاني، وهو: هل العبرة بالاسم أم بالمسمى؟: والذي نراه: أن العبرة بالمسميات، ولا تعنينا الأسماء، وأن نأخذ الحد المتفق عليه من الفكرة أو الوسيلة، وهذا المبدأ أقره ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عندما جاءه نصارى "تغلب"، وقالوا: نحن نأنف من كلمة (الجزية) فخذ منا ما تأخذونه من المسلمين العرب كزكاةٍ وأكثر، ولا تسمونها جزية، فما كان من عمر رضي الله عنه إلا أن قال قولته الشهيرة في ذلك: "هؤلاء قوم حمقى، رضوا بالمسمى ورفضوا الاسم". والغريب: أن ينكر بعض إخواننا من الإسلاميين الديمقراطية ويصرون على الشورى كاملة، في الوقت الذي يحرم فيه الإسلاميون من أقل درجات التعبير والحرية، فماذا لو قبلنا بالحد الأدنى الذي يوصلنا إلى تطبيق مبدأ الشورى الكامل، فهل الأفضل أن لا نقيم الشورى، ولا نستفيد بآليات الديمقراطية؟! ورحم الله شيخنا الغزالي حينما اشتبك أحدهم معه في قضية لا تحتاج إلى هذه المعركة التي أدار رحاها، وشهر لها سيفه، فرد عليه الشيخ طيّب الله ثراه قائلا: "إن الإسلام السياسي استهلك شعوبنا من أمد بعيد، ولم نسمع لهؤلاء نواحا على حرية موءودة، ولا بكاء على شورى مفقودة، إن صمتهم حيث يجب الصياح، وصياحهم حيث يجب الصمت يجعلني أزهد في رؤيتهم والاستماع إليهم، ويجعلني أدعو الله أن يريح الإسلام من علومهم ودعاواهم" وراجع في ذلك كتابه "قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة" ص166. ط. دار الشروق. * أما المحور الثالث، وهو: مدى تعدد وجوه الحق في القضية الواحدة، وتعدد وجهات النظر: إن المسلّمات في الإسلام قليلة، وهي القضايا التي تسمى بقضايا الإجماع، أما بقية القضايا الفقهية، وما يعد من فروع العقيدة، فكلها قضايا اختلفت فيها وجهات النظر، حسب دليل كل من الفريقين إن لم يكونوا أكثر من فريقين، وذلك لتغير الأفهام والأدلة من حيث ثبوتها ومن حيث فهمها ودرايتها. فهل ما يقوله العالِم أو الفئة من الفئات هو الحق الذي لا حق غيره؟!! هذا ما لم يقل به أحد، فلم يقل أحد من العلماء: إن رأيي هو الحق الذي لا حق غيره، ويحجر بذلك على غيره بألا يجتهد.. نعم، هو يعتقد في قرارة نفسه بأن رأيه صواب، ولكنه لا ينفي الصواب عن غيره، وفي ذلك يقول الشافعي رضي الله عنه: "رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب". وهذه قضية كبيرة ناقشها علماء الأصول وفقهاء المذاهب، ولا أريد أن أطيل على الأخ القارئ فيها، ويكفيه أن يكون عنده سعة صدر، وتقبل لآراء الآخرين، وأن الإسلام دين عظيم، ومن عظمته أن نبيه صلى الله عليه وسلم قال: (من اجتهد فأصاب فله أجران، ومن اجتهد فأخطأ له أجر واحد)، أي أن صاحب الاجتهاد والرأي مأجور في كلتا الحالتين. فهل من اعتقد رأيا من الرأيين -من قال: بأن الديمقراطية كفر، وليست من الإسلام؛ أو من قال: إن جوهر الديمقراطية يتفق مع الإسلام-، هل لأحدهما أن ينكر على الآخر ويعنف، أم من المفترض أن يتعامل كل مع الجميع بسعة الصدر والتسامح، ويكون بينهما النصح بالرفق واللين، وعدم تجريح كل منهما في الآخر؟ وبخاصة أن علماءنا قالوا: "لا إنكار في المسائل المختلف فيها". وأقف هنا وقفة مع القارئ مع هذه النقطة لأنها هامة في مسائل الخلاف، ولذلك أنقل إلى القارئ الكريم بعض أقوالهم في قضية الإنكار في المسائل المختلف فيها: - ذكر الإمام الغزالي في كتاب "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" في "الإحياء"، في أركان "الحسبة": "أن يكون المنكر المُحْتَسَبُ فيه منكرا معلوما بغير اجتهاد، فكل ما هو محل الاجتهاد، فلا حسبة فيه، فليس للحنفي أن ينكر على الشافعي أكله الضبع ومتروك التسمية، ولا للشافعي أن ينكر على الحنفي نكاحه بغير ولي، وشربه النبيذ الذي ليس بمسكر، وجلوسه في دار أخذها بشفعة الجوار، ونحو ذلك". - وقال الإمام النووي في شرح صحيح الإمام مسلم: "أما المختلف فيه، فلا إنكار فيه؛ لأن على أحد المذهبين: كل مجتهد مصيب، وهذا هو المختار عند كثير من المحققين، أو أكثرهم، وعلى المذهب الآخر: المصيب واحد، والمخطئ غير متعين لنا، والإثم مرفوع عنه، بل نقول: هو مأجور أجرا واحدا، كما صح في الحديث". فما كان من الآراء مستندا إلى مذهب من المذاهب الاجتهادية المعتبرة عند الأمة، أو إلى صحابي أو تابعي أو إمام معتد به، فلا حرج على من أخذ به، ولا يجوز الإنكار عليه. إنما يجوز إبداء الرأي المخالف بطريقة علمية موضوعية، بعيدة عن الطعن في الآخرين، والتجريح لهم، بل مجرد تعريض بالرأي الآخر، وإرشاد إليه، مع التزام الحكمة والموعظة الحسنة، والحفاظ على المودة، والبعد عن الغلظة والخشونة والحدة، التي لا ينبغي أن يحملها الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، إلا لمن خرق أمرا مجمعا عليه بيقين، مقطوعا به عند العلماء. ولذا قال ابن تيمية: "إن هذه المسائل الاجتهادية لا تنكر باليد، وليس لأحد أن يلزم الناس باتباعه فيها، ولكن يتكلم فيها بالحجج العلمية، فمن تبين له صحة أحد القولين تبعه، ومن قلد أهل القول الآخر فلا إنكار عليه". * المحور الرابع، سعة الصدر نحو المخالف: فلابد عند قضايا الخلاف هذه أن تتسع صدورنا لآراء الآخرين، ولا نضيق بها، ونحجر عليها، أو نلغيها ونصادرها، فلقد تعايش المسلمون في ظل وجود مذاهب أربعة، بل ثمانية، وكان ذلك في ظل وجود خلافة للمسلمين، وقت العافية والقوة والتمكين، فمما لا شك فيه أنه في وقت التفرق الضعف مطلوب التسامح وسعة الصدر أكثر. ويمكنك أخي أن ترجع إلى هذه المراجع ففيها كثير فائدة في هذا الموضوع : - "فقه الائتلاف" للشيخ المرحوم محمود الخازندار. - "كيف نتعامل مع التراث والتمذهب والاختلاف؟"، و"الصحوة الإسلامية بين الاختلاف المشروع والتفرق المذموم" للدكتور يوسف القرضاوي. - "الألفة بين المسلمين" لابن حزم، بتحقيق الشيخ عبد الفتاح أبي غدة رحمه الله. - رسالة "رفع الملام عن الأئمة الأعلام" لشيخ الإسلام ابن تيمية. والله تعالى أعلم.
__________________
مدونتي ميدان الحرية والعدالة
|
#18
|
|||
|
|||
![]() سلام.....كما قلت اخي الكريم ان الديمقراطية تعني ان يختار الشعب من يحكمهم اليس كذلك؟يعني الاغلبية؟واريد ان اضيف شغلة بسيطة ان بعض الدول التي تتغنى بالديمقراطية متل الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي هم يريدون الديقراطية على مقاسها وعلى مقاس من يلتف حولها ويحقق لها مصالحها وهي سبب معاناة الشعب الفلسطيني.......شكرا اخي الكريم
__________________
![]() آإلحــــبـ"مآإبـــہ" خۈف ډآإمـَـــ آإلۈفـــــــآإء حـے ll
|
#19
|
||||
|
||||
![]() اخى فارس اللواء لماذا تشغل نفسك بامور مفروغ منها ومن الحكم فيها لماذا تجهد نفسك فى اتباع زلات العلماء وتتبع سقطهم هل انت متبع للاسلام حقا ام انك تريد اسلاما على هواك انت ومن على شاكلتك فاتقى الله ولا تتبع الهوى فتضل عن سبيل الله واعلم ان من تتبع رخص العلماء تزندق حكم الإسلام في الديمقراطية والتعددية الحزبية ـ مناقشة بيان وزع للإخوان المسلمين حول الديمقراطية: وفي بيان وزع للإخوان المسلمين، يقولون فيه [1]: ـ الإخوان المسلمون يرون الناس جميعاً حملة خير ..! التعليق:[ بما في ذلك اليهود والنصارى، والشيوعيين، وجميع أحزاب الكفر والردة والزندقة .. لأن قولهم" الناس جميعاً " يشمل جميع هؤلاء وغيرهم .. فتأمل! ]. ـ ونحن الإخوان المسلمون نقول دائماً: إننا دعاة ولسنا قضاة، ولذا لا نفكر ساعة من زمان في إكراه أحد على غير معتقده أو ما يدين به ..! التعليق:[ إنها نفس حرية الاعتقاد والتدين التي تنادي بها الديمقراطية الكافرة، ولتي تتضمن وتشمل حرية ارتداد المسلمين عن دينهم ولو شاؤوا ..ثم هم دائما دعاة وليسوا قضاة، لا يحكمون على الأشياء بحكم الله، لأن هذا ليس من اختصاصهم ولا من دعوتهم، فهم يقولون هذا حق وهذا باطل، أما هذا محق وهذا مبطل، وهذا كافر وهذا مؤمن، فهذا ليس من اختصاصهم ولا اهتماماتهم، ولا يجوز الاشتغال به .. فتأمل !] . ـ وموقفنا من إخواننا المسيحيين في مصر والعالم العربي، موقف واضح وقديم ومعروف، لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وهم شركاء في الوطن، وأخوة في الكفاح الوطني الطويل، لهم كل حقوق المواطن المادي منها والمعنوي، المدني منها والسياسي، والبِر بهم والتعاون معهم على الخير فرائض إسلامية، لا يملك مسلم أن يستخف بها أو يتهاون في أخذ نفسه بأحكامها، ومن قال غير ذلك فنحن برآء منه ومما يقول ويفعل..! التعليق:[ نقول: هنيئاً لكم أخوتكم للنصارى الصليبين ..ثم هنيئاً لكم ذلك الوثن الكبير الذي أسميتموه الوطن، الذي توالون وتعادون فيه، وتقسمون الحقوق والواجبات على أساس الانتماء إليه، فالنصارى لهم كامل الحقوق المادية منها والمعنوية، المدني منهـا والسياسي ما داموا ينتمون إلى الوطن ..! قال تعالى:{يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين} المائدة:51. وقال تعالى:{ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيراً منهم فاسقون} المائدة:81. فدلت الآية الأولى أن متوليهم هو منهم، ودلت الآية هنا أن متوليهم لا يكون مؤمناً.. ثم لماذا هذا الموقف من إخوانكم النصارى في مصر والعالم العربي دون النصارى في بقية البلدان، أم أن الانتماء القومي والوطني يستدعي منكم هذا الموقف ..؟! إذاً أعلنوها دعوة عصبية قومية كغيركم من القوميين والعلمانيين من دون أن تتستروا بالدعوة إلى الإسلام ..! أما عن مقولتهم الآثمة عن الحقوق الوطنية، والأخوة الوطنية، وعقد المساواة على أساس الانتماء الوطني، وغير ذلك من الاطلاقات الشركية، نكتفي في أن ننقل لهم ماذا يقول علماء عصرهم فيمن يقول مقولتهم المشينة تلك .. جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: أن من لم يفرق بين اليهود والنصارى وسائر الكفرة وبين المسلمين إلا بالـوطن، وجعل أحكامهم واحدة فهو كافر [2]. أما براءهم ممن يخالفهم على ما قرروه من باطل، فهذا يقتضي منهم البراء من أهل التوحيد وجميع المسلمين الذين يدينون دين الحق ..لكن لا عجب، فإن موالاتهم للظالمين الكافرين من لوازمه وشروطه البراء من الموحدين المؤمنين، فإن القلب لا يجتمع فيه موالاة الشيء وضده في آنٍ واحد ..وهذا ما أرادوا إظهاره !]. ـ إن ساسة العالم وأصحاب الرأي فيه يرفعون هذه الأيام شعار " التعددية "، وضرورة التسليم باختلاف رؤى الناس ومناهجهم في الفكر والعمل .. والإسلام منذ بدأ الوحي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعتبر اختلاف الناس حقيقة كونية وإنسانية، ويقيم نظامه السياسي والاجتماعي والثقافي على أساس هذا الاختلاف والتنوع .. والتعددية في منطلق الإسلام تقتضي الاعتراف بالآخر كما تقتضي الاستعداد النفسي والعقلي للأخذ عن هذا الآخر فيما يجري على يديه من حق وخير ومصلحة ..! التعليق:[ تأمل كيف أقروا التعددية بالمفهوم الديمقراطي، ثم كيف ألبسوا هذه التعددية – زوراً وباطلاً – ثوب الإسلام والدين، يفترون على الله الكذب وهم يعلمون، وإنهم – والله – قالوا كما قال المشركون من قبل وأشد، كما في قوله تعالى:{وإذا فعلوا فاحشةً قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن اللهَ لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون} الأعراف:28 . إن الله تعالى لا يأمر بالأحزاب العلمانية، ولا بحريتها، ولا بجواز الاعتراف بها وبشرعيتها، وإن الذين ينسبون هذا الباطل الأكبر إلى دين الله تعالى، ويعدونه مما أوحى الله به على رسوله وأمر به، لهم أشد جرماً وأظهر كذباً من أولئك الذين ينسبون جواز ارتكاب الفواحش إلى دين الله وإلى أمره سبحانه . ومن قبل سمعنا من رجل يعد من كبراء القوم – في إحدى ندواتهم ومؤتمراتهم المصورة – يصرح بملء فيه وبكل وقاحة وجرأة على الله تعالى، بأن الديمقراطية وحي من السماء .. فتأمل!!] [3]. ـ وإنما ترجع شرعية الحكم في مجتمع المسلمين إلى قيامه على رضا الناس واختيارهم ..! التعليق:[ وإن اختاروا الكفر والإلحاد .. أليست هذه هي عين الديمقراطية التي تقرر مبدأ حكم الشعب واختياره ..؟! ]. ـ وإذا كان للشورى معناها الخاص في نظر الإسلام فإنها تلتقي في الجوهر مع نظام الديمقراطي الذي يضع زمام الأمور في يد أغلبية الناس دون أن يحيف بحق الأقليات في أن يكون لها رأي وموقف .. وأن يكون لها حق مشروع في الدفاع عن هذا الرأي والدعوة إلى ذلك الموقف ..! التعليق:[ قولهم أن الشورى تلتقي في الجوهر مع النظام الديمقراطي .. هو قول باطل ومردود، وهو من قبيل إلباس الحق بالباطل وهم يعلمون، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك .. أما إقرارهم لمبدأ حكم الأكثرية أو الأغلبية – أياً كانت عقيدة وهوية هذه الأغلبية – أليس هو نفس ما تقرره الديمقراطية الكافرة من اعتبار حكم الأغلبية لا غير .. ثم تأمل لهذه الأقلية – أيّاً كانت هويتها وكان رأيها وموقفها ولو كان الكفر ذاته – لها كامل الحق في الدفاع عن هذا الرأي والدعوة إلى ذلك الموقف .. ؟! ]. ـ يرى الإخوان المسلمون في المعارضة السياسية المنظمة عاصماً من استعداء الأغلبية وطغيانها، وذلك إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى، وبذلك تكون المعارضة السياسية جزءاً من البناء السياسي، وليست خروجاً عليه أو تهديداً لاستقراره ووحدته! التعليق:[ أليست هذه نفس فلسفة ونظرة الديمقراطية عندما تتحدث عن مسوغات وجود الأحزاب المعارضة .. ثم هي معارضة سياسية أيّاً كان نوعها وانتماؤها، وكانت عقيدتها وهويتها، ولو كانت من قبيل معارضة مسيلمة الكذاب لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه- .. فالمعارضة السياسية ساحتها واسعة، وكلمة مطاطة فهي تسع لجميع الأطراف والاتجاهات، والتيارات ..! ]. ـ لقد أعلن الإخوان المسلمون عشرات المرات خلال السنوات الماضية أنهم يخوضون الحياة السياسية ملتزمين بالوسائل الشرعية والأساليب السلمية وحدها .. مؤمنين بأن ضمير الأمة ووعي أبنائها هما في نهاية الأمر الحكَم العادل بين التيارات الفكرية والسياسية التي تتنافس تنافساً شريفاً في ظل الدستور والقانون ..! [4]. التعليق:[ الحكَم العادل الذي يحكم على الأفكار والاتجاهات، والسياسات هو الله تعالى وحده، وليس ضمير الأمة ولا وعي أبنائها .. قال تعالى:{إن الحكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه} ، وقال:{إن الحكم إلا لله عليه توكلت}، وقال:{وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله} ، وقال:{له الحكم وإليه ترجعون}، وقال:{قل أفغير الله أبتغي حكماً وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلاً} . وفي الحديث، فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:" إن اللهَ هو الحَكَمُ، وإليه الحُكْمُ " [5]. وغيرها كثير من الآيات والنصوص التي تدل على أن الحاكمية لله تعالى وحده، وأن حكمه -جل جلاله- هو العدل المطلق، وما سواه فحكمه الباطل ولو اجتمعت عليه كثرة الجماهير.. ثم تأمل هذا التحاكم منهم الشريف، والاحترام الرفيع للدستور والقانون الجاهليين، اللذين يعتبران في دين الله تعالى طاغوت يجب الكفر والبراء منه، كما قال تعالى:{أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقومٍ يوقنون} . ونحن هنا لم نرد أن نتوسع في الرد على شبهات ومزالق القوم، وإنما هي كلمات وإشارات سريعة على قدر ما يسمح به المقام، أردنا منها بيان كذب القوم ودجلهم على الناس عندما يقولون: نحن إذ نطالب بالديمقراطية فإننا نطالب بالديمقراطية التي لا تتعارض مع تعاليم الإسلام وأحكامه، ولا تخالفه في شيء ..!]. ونحو ذلك ما ذُكر على لسان المرشد العام للإخوان المسلمين محمد حامد أبو النصر، عندما وُجه إليه السؤال التالي: البعض يتهم الإخوان بأنهم أعداء للديمقراطية، ويعادون التعدد الحزبي، فما هي وجهة نظركم في هذا الاتهام ؟ جواب: الذي يقول ذلك لا يعرف الإخوان إنما يلقي التهم عليهم من بعيد، نحن مع الديمقراطية بكل أبعادها وبمعناها الكامل والشامل، ولا نعترض على تعدد الأحزاب، فالشعب هو الذي يحكم على الأفكار والأشخاص ..!! [6]. قلت: معاذ الله أن يكون الشعب هو الذي يحكم على دين الله تعالى وشرعه..! {والله يحكم لا معقب لحكمه} الرعد:41.{إن الله يحكم ما يريد} المائدة:1. وبعد، أتريد أيها القارئ أكثر دلالة من هذا الكلام، بأن القوم عندما يطالبون بالديمقراطية إنما هم يطالبون بها بمفهومها الشامل والكامل لجميع معانيها، وأبعادها الشركية التي تناقض وتضاد دين الله تعالى الذي ارتضاه لعباده . ولولا خشية الإطالة وحدوث السآمة للقارئ لسودنا عشرات الصفحات من أقوال مشايخ الديمقراطية البرلمانيين، التي تدل على أنهم فُتنوا بالديمقراطية – بمعانيها وأبعادها الشركية – وأُشربوا حبها، كما فُتن من قبلهم بنو إسرائيل بالعجل وأُشربوا حبه في قلوبهم ..! [1] بيان للناس من الإخوان المسلمين، الصادر في 2 مايو 1995.نشرته جريدة الشعب في 2 من ذي الحجة،1415هـ . [2] السؤال الثالث من الفتوى برقم 6310،1/145 . [3] من يتأمل ما يصدر عن الإخوان المسلمين المعاصرين من أدبيات، ونشرات، وتصريحات يجد أنهم قد فرطوا بكثير من ثوابت وأصول هذا الدين، مما يفقدهم المبرر الشرعي لوجودهم، كما يمنع الناس من الانتماء إليهم أو تكثير سوادهم في شيء، ورصيد الجماعة القديم لا يبرر لها بحال ممارسة الكفر أو الترويج له كما هو ظاهر في أدبياتهم ونشراتهم، على سبيل المثال لا الحصر ما نشروه في مجلتهم الدعوة تحت عنوان لافتة من شعر لأحمد مطر، قوله: وإذا ما حصلوا في الانتخابات على أعظم نسبة .. زعموا أن لهم حقاً .. بأن يستلموا الحكم ..كأن الحكم لعبة .. الأصوليون آذونا كثيراً .. وافتروا جداً .. ولم يبقوا على الدولة هيبة .. فبحق الأب والابن وروح القدس .. وكريشنا وبوذا ويهوذا .. تب على دولتنا منهم، ولا تقبل لهم يا رب توبة !! انتهى . فتأمل، فهم يذكرون هذا الكفر والشرك البواح في واحة ولافتة شعرية، وفي أشهر مجلة مـن مجلاتهم الناطقة باسمهم، على وجه الاستحسان والإعجاب، من دون أي تعليق أو تعقيب يتبرأون فيه مما ورد من كفر وشرك .. فهم حتى إثبات الولد والشريك لله -عز وجل- لم يعد يثيرهم أو يلفت انتباههم !! انظر مجلة الدعوة، العدد 39 – 29 يوليو 1995 م . [4] إلى هنا انتهى الاقتباس من البيان المذكور. [5] صحيح سنن أبي داود:4145. [6] مجلة العالم، برقم 123، 21 حزيران، 1986 م.
__________________
![]() قال ابن عقيل رحمه الله: "إذا أردت أن تعلم محلَّ الإسلام من أهل الزمان ، فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع ، ولا ضجيجهم بلبيك على عرصات عرفات .ـ وإنما انظر على مواطأتهم أعداء الشريعه |
#20
|
||||
|
||||
![]() _ الديمقراطية دين . يُنكر علينا المخالفون من الإسلاميين البرلمانيين الديمقراطيين تسميتنا للديمقراطية بأنها دين، وأن من اعتقدها وتبناها من المسلمين، ودعا إليها هو في دين الديمقراطية وليس في دين الإسلام، فلزمنا البيان، وأن نرد القوم إلى مفهوم الدين في نظر الإسلام، ليدركوا في أي دين هم، وهل الديمقراطية تستحق هذا الإطلاق ولوصف أم لا ..؟ جاء في لسان العرب معنى كلمة الدين: الديَّان من أسماء الله -عز وجل- ، معناه الحكم القاضي .. والديان القهار؛ وهو فعَّال من دان الناس أي قهرهم على الطاعة . يقال دنتهم فدانوا أي قهرتهم فأطاعوا .. وفي حديث أبي طالب قال له -عليه السلام- :" أريد من قريش كلمة تدين لهم بها العرب " أي تطيعهم وتخضع لهم . والدين: الجزاء والمكافأة .. ويوم الدين: يوم الجزاء . والدين: الطاعة، وقد دنته، ودنت له أي أطعته .. والدين: العادة والشأن .. وفي الحديث:" الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والأحمق من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله "، قال أبو عبيد: قوله " دان نفسه " أي أذلها واستعبدها، وقيل: حاسبها .. والدين لله من هذا إنما هو طاعته والتعبد له، ودانه ديناً أي أذله واستعبده، يقال: دِنتُه فدان .. وفي التنزيل العزيز:{ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك}، قال قتادة:في قضاء الملك . والدين: الحال . والدين: ما يتدين به الرجل . والدين: السلطان . والدين: الورع. والدين: القهر . والدين: المعصية . والدين: الطاعة . وفي حديث الحج:" كانت قريش ومن دان بدينهم " أي اتبعهم في دينهم ووافقهم عليه [1] . قال تعالى:{وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله} الأنفال:39. قال ابن تيمية رحمه الله: والدين هو الطاعة، فإذا كان بعض الدين لله وبعضه لغير الله، وجب القتال حتى يكون الدين كله لله . وقال: الدين مصدر، والمصدر يُضاف إلى الفاعل والمفعول، يقال دان فلان فلاناً، إذا عبده وأطاعه، كما يقال دانه إذا أذله، فالعبد يدين لله أي يعبده ويطيعه، فإذا أُضيف الدين إلى العبد فلأنه العابد المطيع، وإذا أضيف إلى الله فلأنه المعبود المطاع [2]. وقال تعالى:{أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله} الشورى:21. وقال تعالى:{لكم دينكم ولي دين} الكافرون:6 . قال المودودي: المراد بالدين في جميع هذه الآيات هو القانون والحدود، والشرع والطريقة، والنظام الفكري والعملي الذي يتقيد به الإنسان، فإن كانت السلطة التي يستند إليها المرء لاتباعه قانوناً من القوانين، أو نظاماً من النظم سلطة الله تعالى، فالمرء لا شك في دين الله -عز وجل- ، وأما إن كانت تلك السلطة سلطة ملك من الملوك، فالمرء في دين الملك، وإن كانت سلطة المشايخ والقسوس فهو في دينهم . وكذلك إن كانت تلك السلطة سلطة العائلة أو العشيرة، أو جماهير الأمة، لا جرم هو في دين هؤلاء . وفي قوله تعالى:{وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد} غافر:26. قال رحمه الله: وبملاحظة جميع ما ورد في القرآن من تفاصيل لقصة موسى -عليه السلام- وفرعون، لا يبقى من شك في أن كلمة الدين لم ترد في تلك الآيات بمعنى النحلة والديانة فحسب، أريد بها الدولة ونظام المدينة أيضاً، فكان مما يخشاه فرعون ويعلنه: أنه إن نجح موسى -عليه السلام- في دعوته، فإن الدولة ستزول وإن نظام الحياة القائم على حاكمية الفراعنة والقوانين والتقاليد الرائجة سيقتلع من أصله [3]. وعليه ومن خلال ما تقدم من ذكر للمبادئ والأسس التي تقوم عليها الديمقراطية، فإننا ندرك يقيناً بأن الديمقراطية دين قائم بذاته، تدخل في معنى ومسمى الدين بكل ما تعني كلمة الدين من معنى؛ إذ هي طريقة في الحكم والحياة، لها تفسيرها وتصورها الخاص عن الوجود، تخضع لنظم وقوانين وأحكام لا بد لمعتقديها ومتبنيها من الدخول فيها، والتزامها وتنفيذها . فالديمقراطية لها طرقها وأنظمتها الخاصة والمتباينة كل التباين عن هدي الإسلام؛ فهي طريقة خاصة في الحياة، وفي التعامل والتعايش، وفي علاقة الجنسين بعضهما مع بعض، وفي الحكم والسياسة، وفي القانون والقضاء، وفي الشؤون الاقتصادية والاجتماعية، وفي التربية والتعليم، حتى ممارسة الشعائر التعبدية لها نظرتها الخاصة بذلك ..وهذا هو الدين، وإذا لم يكن هذا دين فأي شيء يُسمى دين ؟! وعليه فإننا نقول: الديمقراطية تدخل في معنى الدين لغة واصطلاحاً، ومن يتدين بدين الديمقراطية مثله مثل من يتدين باليهودية، أو النصرانية، أو المجوسية أو غيرها من النحل والأديان، ولا فرق بينها حيث كلها تجتمع على تقرير عبادة العباد للعباد – وإن اختلفت الصور والأشكال – وعلى دخول العباد في دين العباد وجور الأديان، وليس في دين الله تعالى . وهؤلاء الذين ينكرون علينا تسميتنا للديمقراطية بالدين، عليهم أن يقرؤوا القرآن من جديد، ويتفقهوا في التوحيد، ويراجعوا المفاهيم والمبادئ الأساسية لدين الله تعالى، هو خير لهم وأحسن .. ومما يؤكد أن الديمقراطية دين، أن الغرب الصليبي الديمقراطي لم يعد يريد من المسلمين – على طريقة المبشرين الأوائل – أن يدخلوا في الديانة النصرانية، فهي غاية وجدوها صعبة المنال والتحقيق، وإنما يريد منهم أن يدخلوا في دينه الجديد؛ وهو دين الديمقراطية، لما يتحقق لهم – عن طريقه – من المكاسب والمغانم ما لم يتحقق لهم عن طريق التدين بدين الكنيسة، لذا نراهم يوالون ويعادون، ويُسالمون ويحاربون على الديمقراطية وأنظمتها، فمن دخل في دينهم الديمقراطية والوه وسالموه وأكرموه أيما إكرام، ورضوا عنه، ومن أبى وعصى عادوه، وحاربوه، وقاطعوه ..! صدق الله العظيم:{ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير} البقرة:120. وقال تعالى:{يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين . بل الله مولاكم وهو خير الناصرين} 149-150 . [1] انظر لسان العرب:13/166. [2] الفتاوى:28/544و15/158. [3] انظر كتاب المصطلحات الأربعة في القرآن، ص125.
__________________
![]() قال ابن عقيل رحمه الله: "إذا أردت أن تعلم محلَّ الإسلام من أهل الزمان ، فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع ، ولا ضجيجهم بلبيك على عرصات عرفات .ـ وإنما انظر على مواطأتهم أعداء الشريعه |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |