|
الملتقى العام ملتقى عام يهتم بكافة المواضيع |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() الاحتفال بيوم المرأة: تغيير ثقافة .. ؟؟ في كل القضايا الكبرى، كقضية محنة المرأة العربية عبر التاريخ وفي الحاضر، هناك جانب مركزي أساسي تدور من حوله العديد من الجوانب الفرعية والهامشيًّة. وما لم يتمٌّ التوجه للتعامل أولاً مع المدخل المحوري للقضية فان الموضوع يظلٌّ دائراً حول نفسه عبر القرون. في إعتقادي أن في قلب المشكلة تكمن القراءة الفقهية الجامدة المتخلفة لنصوص ومقاصد الشًّريعة الإسلامية بالنسبة لموضوع المرأة. فأمام الآيات القرآنية الواضحة من مثل قوله تعالى: 'يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم'، وقوله: 'إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو انثى، بعضكم من بعض'، وقوله: 'والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض'، وقول الرسول (ص): 'النساء شقائق الرجال'، وغير ذلك كثير، والتي جميعها تؤكًّد المساواة بين الذكر والانثى في الخلق والكرامة الإنسانية والمسؤولية الدينيًّة والحقوق الإنسانية الكبرى والأمر بالمعروف والنهًّي عن المنكر، كما تؤكٍّد التضامن وتعطي وزناً معنوياً أكبر للمرأة في قول الرسول (ص) الشهير: 'الجنة تحت أقدام الأمهات'. ولقد كتب الكثير الكثير عن الفهم القاصر الجامد لما جاء به القرآن الكريم، وعن الأحاديث النبوية الموضوعة من قبل من لاضمير لهم ولاحياء عندهم، وعن الاسرائيليات التي دخلت ساحة الإسلام الفقهية. وحاول الكثيرون التذكير بأن المقاصد الكبرى للإسلام، القائمة على القسط والعدل والمساواة والرُّحمة والأخوًّة والخلق من نفس واحدة وموازين التقوى والعمل الصالح إلخ ...، هي التي يجب أن تٌّحكُّم، وأن في الفقه الإسلامي مدرسة ساطعة هي مدرسة المقاصد الكبرى التي أسُّسها فقهاء ومفكرون إسلاميون كبار، لكُّن دون جدوى، إذ ظلًّت المدرسة الفقهية الجامدة، الحاملة للكثير من العادات البدوية البدائية، المتأثُّرة بكثير من ثقافات الأمم المختلفة التي دخلت الإسلام ومعها الكثير من تراثها السُّابق الرُّجعي المتخلٍّف الذُّكوري في انحيازاته، ظلُّت هي المسيطرة على السًّاحة الفقهية الإسلامية. ومع أن الكثير من المحاولات الفردية قد بذلت لتنقية الفقه الإسلامي من تلك الرواسب، ولتبيان الإختلاط المفجع بين الأحاديث النبويه الصحيحة التي لا تخالف روح الإسلام ولامقاصد قرآنه الكبرى ولا العقل الإنساني العادل المنطقي، وبين الأحاديث الموضوعة أو الملفًّقة التي تخالف روح الإسلام وسماحته... بالرغم من كل تلك المحاولات إلاُ أن تلك الجهود ظلُّت فردية غير قادرة على كسر الحلقة الجهنميًّة التي بنيت عبر القرون. فمثل مشكلة كبيرة معقُّدة، كالمشكلة التي نحن بصددها، تحتاج إلى مؤسٌّسات فقهية بحثيُّة متكاملة في تكويناتها، متناغمة في أهدافها، متعاونه فيما بينها. بناء مؤسسات فقهية جديدة تضمٌّ علماء الدين الموضوعيين غير الخاضعين لهذه الجهة أو تلك وغير الخائفين من جموع الجاهلين هنا أو هناك، كما تضٌّم علماء في حقول المعرفة الإنسانية والاجتماعية والنفسية والصحية والعلوم الطبيعية لتخرج بنتائج تزيل ماعلق بساحة الفقه المتعلق بالمرأة وتدمجه مع الفقه المتعلق بالرجل ليصبح فقهاً ينظر إلى كليهما من خلال معايير الكرامة الإنسانية والعدل والحقوق البشرية العالمية والمساواة في تلك الحقوق والواجبات وينهي مرحلة الظلام الظالمة التي عاشتها المرأة العربية المسلمة باسم دين عظيم جاء ليخرج البشر من الظلمات إلى النور. اذا لم يحلًّ ذلك الجانب المركزي فى موضوع التعامل مع المرأة، فان الإصلاحات الفرعية أو المؤقًّتة لن تفعل أكثر من تضميد هذا الجرح أو تسكين ذلك الوجع. بثقافة متخلًّفة ظالمة راسخة في المجتمع، مسيطرة على عقل ووجدان أفراد ذلك المجتمع، تصبح أحاديث الإصلاح والتغيير تماثل ضرب الرأس في الجدار ودون جدوى. إذا كانت الأمة العربية تريد الاحتفال بيوم المرأة العالمي دون كذب على النفس وضحك على الذُّقون، فلتبدأ بتغيير ثقافة لا يمكن أن يرضاها الله الحق الرحيم، ولا يمكن أن يقرًّها القرآن العظيم، ولا يقبلها العقل السليم.
__________________
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |