|
|||||||
| ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
من قال إنك لا تكسب الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني إن الحمد لله، نحمَده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضل له، ومَن يُضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وقيُّوم السماوات والأرَضين، أَرسَل رُسله حُجةً على العالمين؛ ليحيى مَن حيَّ عن بيِّنة، ويَهلِك مَن هلَك عن بيِّنة، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله البشير النذير والسراج المنير، ترك أُمته على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فصلوات ربي وسلامه عليه، ما تعاقب الليل والنهار، وصلوات ربي وسلامه عليه ما ذكره الذاكرون الأبرار، وصلوات ربي وسلامه عليه، ما غفَل عن ذكره الغافلون، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثرَه، واستنَّ بسنته إلى يوم الدين. أما بعد: فعباد الله، اتقوا الله وأطيعوه، وابتدروا أمره ولا تعصوه، واعلموا أن خير دنياكم وآخراكم بتقوى الله تبارك وتعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا﴾ [الطلاق: 4، 5]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الأنفال: 29]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 70، 71]. عباد الله، نعيش في زمن يَعُج بالمتغيرات، لمحاولة خطف ديننا وهُويتنا، فالواجب مدافعة الشر والباطل، وبث الحق والخير. واليوم أبعث برسالة عتبٍ لكل مسلمٍ مُحبٍّ للخير، كان حريصًا على نفع الناس، كان حريصًا على تعليم الناس وإرشادهم، ثم تراجَع عن دعوته ونُصحه، وأتساءل: أهو فتور بعده نشاط متجدِّد، فهذه طبيعة البشر؟ أم هي مغالبة الباطل والتشاؤم بانتصارهم على الحق؟ فبئس ما ظننت! وبئس ما تصوَّرت! وأعجب من هذا وذاك من يُعلن الاستسلام ويقول: ماذا كسبنا؟ انظُر إلى الناس وأحوالهم، فيجعله مبررًا للكسل والقعود عن الواجب، وهذا قصورٌ بيِّنٌ في الحكم، ومخالفٌ للقاعدة القرآنية في باب الدعوة ﴿إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ﴾ [الشورى: 48]. وهذا لا يعني مراجعة وسائل الدعوة ونجاحها من عدمها بمقاييس تطوُّر الأداء؛ حتى يكثر النفع، إن من اليسر في شريعة الإسلام أن الله لم يتعبَّدنا بأعداد المهتدين، بل بإقامة الشرع والدين، واتباع سيد المرسلين في نهج الدعوة، وبلاغ الدين، فمن الأنبياء وهم سادات الدعاة من يأتي يوم القيامة وحيدًا ليس معه أحد؛ كما صحَّ بذلك الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. أيها المربي الغالي، والأب المشفق، والمحب لدينه وأمته، من قال: إنك لا تكسب وأنت تقوم بواجب الدعوة، وبهذا تقوم الدعوة نفسها، وتُقام الحجة على الناس، فيُعظَّمُ اللهُ تبارك وتعالى في نفس الداعية ومَن يسمعه؛ ليكون في ذلك إنذارًا للناس عن مخالفة أمر الله، وبشارة لمن استجاب لأمر ربِّه جل وعلا. أَهمِس في أُذنك وأقول: أين رحمتك بالناس؟ ألم تسمَع حبيبك صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم اغفر لأمتي، اللهم اغفر لقومي، فإنهم لا يعلمون". أيها المربي، ألست تعلم أن أعظم المكاسب من القيام بواجب التوجيه والنصح، وبث الإيجابية في المجتمع - أن هذا من أهم أسباب ثباتك أنت واستقامتك على شرع الله. إن القيام بواجب الدعوة من أهم أسباب الثبات للإنسان نفسه، واستقامته على شرع الله جل وعلا، من قال: إنك لا تكسب وأنت بقيامك بالدعوة نفسها تحقِّق عبودية لا يوفَّق لها كثيرٌ من الناس، ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [يوسف: 108]. وإلى المغترِّ بلغة الأرقام، فيقول: إن النصح لا ينفع إلا إذا استفاد الناس، وتغيَّرت أحوالهم، أقول لك: ليس بالضرورة أن يأتي الناس الذين انتفعوا بتوجيهك ليُخبروك، فقد يحجب الله عنك أمثال هذه الكلمات، ولا يُطلعك على هذه المكاسب رحمةً بك؛ حتى لا تُعجب بنفسك، وتغترَّ، فكم من كلمات ومواعظَ وتوجيهاتٍ لا تزال تغذي إيمانك والتزامك بأمر ربك؛ من أبٍ مشفق، وأم حنونٍ، ومعلم مربٍّ ناصح. من قال: إنك لا تكسب وأنت ترى هذه الوسائط الإلكترونية المعاصرة التي تنقل علمك ودعوتك في شتى بقاع الأرض، بل ربما استفاد الناس بعد رحيلك في هذه الحياة، وتأمل أحوال قرَّاء رحلوا من عشرات السنين، وتسجيلاتهم تملأ الدنيا، وعلماء ما تزال أنفاسهم بين الناس حية وعلمَهم، وتذكَّر قول ربك على الدوام: ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾ [يس: 12]. من قال: إنك لا تكسب وأنت تؤدي شكر نعمة الإسلام والعلم والدعوة إلى الرحيم الرحمن جل جلاله. من قال: إنك لا تكسب يا داعي الخير وأنت تُثبت نفسك بما تُلقيه بالعلم والخير للناس، قال أبو حازم: "إني لأعظ وما أرى للموعظة موضع، وما أُريد بذلك إلا نفسي". من قال: إنك لا تكسب وأنك لا تدري في أي مُستمعيك وطلابك البركة، فقد يُحمل عنك علمًا، ثم ينشر في الخلق نشرًا، تراه أعظم ما يُثقل ميزانك يوم القيامة، فيا تُرى من الذي أثَّر في أعلام أهل الإسلام من الصحب الكرام والتابعين لهم بإحسان، قد ينبهر الناس من علم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وابن القيم، ومجدد الدعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب، وعلمائنا الأحياء منهم والأموات، وما سألنا أنفسنا: مَن الذي أثَّر في هؤلاء؟ بل من الذي أثر في مجتمعاتنا؟ من الذي نقل العلم جيلًا بعد جيل؟ من الذي أثر في هؤلاء؟ ربما طوى التاريخ أخبارهم، ولم تُعرف أسماؤهم، ولكن أقول بقول عمر رضي الله عنه: "وما يضيرهم ألا يعرفهم عمر، ما دام أن الله يَعرفهم". من قال: إنك لا تكسب وأنك تعلم أن الثبات على الدعوة هو بحد ذاته دعوة، والثبات على المنهج رسالة تناقَلتها الأمة جيلًا بعد جيل، وقرنًا بعد قرن. وأخيرًا أقول: من قال: إنك لا تكسب وأنت تُبرئ ذمَّتك بالبلاغ، ومن مَعرة السؤال حين تقف بين يدي الله جل وعلا: ﴿وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [الأعراف: 164]. إلى كل قادرٍ على نفع نفسه ودينه وبلده في شتى المجالات، أسهِم في رُقي المجتمع، فهذا بلدنا ونحن مسؤولون، فأخلِص في التعليم والتوجيه، فلا تنقصنا قدرات، فكم هم المتخرجون من التخصصات الشرعية؟ أين دورهم؟ وأين المتخصصون في المجالات الاستشارية؟ أين دورهم؟ واعلم أنك إنما تقدِّم لنفسك، ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المزمل: 20]. الخطبة الثانية الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشانه، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارَك عليه، وعلى آله وصحبه، ومَن اقتفى أثره إلى يوم الدين.أما بعد: فعباد الله، مسؤولية تحملناها جميعًا، فأعدوا للسؤال جوابًا، وللجواب صوابًا، واعلموا أنكم أمام ربكم موقوفون، ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الحجر: 92، 93]. ماذا سيحفظ عنك ولدك؟ وماذا سيحفظ عنك جارُك؟ وماذا سيحفظ عنك طالبك؟ وماذا سيحفَظ عنك أهلُك وخِلانُك وجيرانُك؟ هذا زمن الغرس، فماذا أنتم غارسون؟ اللهم اجعَلنا معظِّمين لأمرك، مُؤتمرين به، واجعلنا معظِّمين لِما نَهيت عنه منتهين عنه. اللهم أعنَّا على ذِكرك وشكرك وحُسن عبادتك، اللهم أعنَّا على ذكرك وشكرك وحُسن عبادتك، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى - أن تُعز الإسلام والمسلمين، وأن تذل الشرك والمشركين، وأن تدمِّر أعداء الدين، وأن تنصُر مَن نصر الدين، وأن تَخذل مَن خذَله، وأن توالي من والاه بقوَّتك يا جبار السماوات والأرض. اللهم آمنَّا في أوطاننا، وأصلِح آمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفِّق ولاةَ أمرنا لما تُحب وترضى، وخُذ بنواصيهم للبر والتقوى. اللهم مَن أرادنا وأراد دينَنا وأمنَنا وشبابَنا ونساءَنا بسوءٍ وفتنةٍ، اللهم اجعَل كيدَه في نحره، واجعل تدبيرَه دمارَه يا سميع الدعاء. اللهم كنْ لإخواننا المرابطين على الحدود، وجازِهم خيرَ الجزاء، اللهم اقبَل مَن مات منهم، واخلُفهم في أهليهم يا رب العالمين. اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، واجمع كلمتهم على ما يُرضيك يا رب العالمين، اللهم بواسع رحمتك وجُودك وإحسانك يا ذ الجلال والإكرام، اجعَل اجتماعنا هذا اجتماعًا مرحومًا، وتفرُّقنا من بعده تفرقًا معصومًا. اللهم اغفِر للمسلمين والمسلمات، المؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا، وجازِهم عنا خيرَ الجزاء، اللهم من كان منهم حيًّا، فأطِل عمرَه، وأصلح عمله، وارزُقنا برَّه ورضاه، ومَن سبق للآخرة، فارْحَمه رحمةً مِن عندك تُغنيهم عن رحمة من سواك. اللهم ارحم المسلمين والمسلمات، اللهم اغفر لأموات المسلمين الذين شهِدوا لك بالوحدانية ولنبيك بالرسالة، اللهم جازِهم بالحسنات إحسانًا، وبالسيئات عفوًا وغفرانًا يا رب العالمين. اللهم احفَظنا بحفظك، واكْلأنا برعايتك، ووفِّقنا لهداك، واجعَل عملنا في رضاك. اللهم أصلِحنا وأصلح ذريتنا وأزواجنا وإخواننا وأخواتنا، ومَن لهم حقٌّ علينا يا رب العالمين. اللهم ثبِّتنا على قولك الثابت في الحياة الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين، اللهم كن لإخواننا المسلمين في كل مكان، اللهم كنْ لهم بالشام وكل مكان يا رب العالمين. اللهم إنا نسألك بأنك أنت الصمد، تَصمد إليك الخلائق في حوائجها، لكل واحد منا حاجة لا يعلمها إلا أنت، اللهم بواسع جُودك ورحمتك وعظيمِ عطائك، اقضِ لكل واحد منا حاجتَه يا أرحم الراحمين. اللهم اغفِر لنا في جمعتنا هذه أجمعين يا أرحم الراحمين، اللهم اغفِر لآبائنا وأمهاتنا، وجازِهم عنا خيرَ ما جزيتَ والدًا عن والده، اللهم كان منهم حيًّا فأَطِل عُمرَه وأَصلِح عملَه، وارزُقنا برَّه ورضاه، ومن كان منهم ميتًا فارحَمه برحمتك التي وسِعت كلَّ شيء، وجميع أموات المسلمين يا أرحم الراحمين. ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (* وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الصافات: 180 - 182]، وصلِّ الله وسلِّم وبارِك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |