|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() سِلْسِلَةُ شَرح الأَربَعِينَ النَّوَويَّةِ عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت الحديث 39: «إن الله تجاوز لي عن أمتي...» عناصر الخطبة: • رواية الحديث. • المعنى الإجمالي للحديث. • المستفادات من الحديث والربط بالواقع. الخطبةالأولى: إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. أعاذني الله وإياكم من النار. عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» [1]. عباد الله، هذا الحديث له أهمية عظيمة؛ لأنه من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، اشتمل على فوائد وأمور مهمة، تبين رحمة الله بعباده وفضله عليهم بالتجاوز عنهم حال الخطأ والنسيان والإكراه، والحديث عمدة الفقهاء في أمور كثيرة سنقف على بعضها. فما هي بعض الفوائد التي نستفيدها من هذا الحديث؟ نستفيد من الحديث لواقعنا ما يلي: 1- تجليات رحمة الله بعباده: وهذه الرحمة تتجلى في تجاوز الله عن عباده وعدم مؤاخذتهم فيما يلي: - حال الخطأ: الخطأ ما يقع فيه الإنسان دون قصد أو إرادة، بمعنى أنه لم يتعمد؛ قال تعالى: ﴿ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 5]، وقال تعالى: ﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة: 286]. وله أمثلة كثيرة منها: عدم مؤاخذة القاضي أو الحاكم أو المجتهد إذا اجتهد في نازلة أو حكم ثم أخطأ، قال صلى الله عليه وسلم: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر" [2]. فالمخطئ يؤجر على اجتهاده؛ لأنه عبادة، ولا يؤجر على الخطأ، بل يوضع عنه الإثم فقط، وهذا في حق من تولى الحكم والاجتهاد، وله أهلية لذلك، أما المتطفلون على أحكام الشريعة بدعوى الاجتهاد، وليسوا من أهل العلم، فعليهم الوزر. ومنها: قصة الصحابي الجليل (عامر بن الأكوع) في غزوة خيبر، لما تبارز مع مشرك، فرجعت ضربته على نفسه فمات، فقال بعض الصحابة: إن عامرًا قتل نفسه فبطل وحبط عمله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كذب (أي: أخطأ) من قالها، إن له لأجرين اثنين"[3]. ورفع الإثم والحرج عن المخطئ لا يعني أنه لا تترتب عليه الأحكام، فمن أفطر في رمضان خطأً بأن أكل أو شرب- مثلًا- وهو يظن بقاء الليل فتسحر، أو ظن غروب الشمس فأفطر، ثم بانَ خطؤه، وهو لم يتعمد ذلك، فجمهور أهل العلم ألزموه بالقضاء. ومن قتل مؤمنًا خطأً له أحكامه المذكورة في قوله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 92]. - حال النسيان: والنسيان أيضًا غير مؤاخذ عليه؛ قال تعالى: ﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة: 286]، فإذا نسي الإنسان واجبًا أو محرمًا، فلا إثم عليه، ولكن إذا تذكر وجب عليه المبادرة إلى فعله أو تركه؛ فمن صلَّى بدون وضوء نسيانًا عليه الإعادة، ومن نسي صلاةً صلاها متى ما ذكرها، ومن أكل أو شرب ناسيًا وهو صائم، عليه أن يكمل صومه، وأن يلفظ ما في فَمِه بمجرد التذكُّر، وسواء أكل مرةً واحدةً أو تعدَّدت المرات؛ فصومه صحيح، قال صلى الله عليه وسلم: «من أكل ناسيًا، وهو صائم، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه»[4]. لكن مالكًا- رحمه الله- فرَّق بين صوم رمضان وصوم النافلة، فمن نسي فأكل في رمضان فإنه يقضي دون النافلة [5]. - حال الإكراه: فمن أكره على فعل شيء لا يريده، فلا إثم عليه في هذه الحالة، قال تعالى: ﴿ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ﴾ [النحل: 106]. والآية الكريمة نزلت في عمَّار بن ياسر، فعن محمد بن عمار بن ياسر، عن أبيه رضي الله عنه، قال: «أخذ المشركون عمَّار بن ياسر، فلم يتركوه حتى سبَّ النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر آلهتهم بخير، ثم تركوه، فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما وراءك؟ قال: شرٌّ يا رسول الله؛ ما تركت حتى نلت منك، وذكرت آلهتهم بخير، قال: كيف تجد قلبك؟ قال: مطمئنًّا بالإيمان، قال: إن عادوا فعُدْ"[6]. فهنا عمَّار بن ياسر أُكْرِه على سَبِّ النبي صلى الله عليه وسلم فلم يؤاخذ على فعله، بخلاف الذين يسبُّونه أو ينشرون رسومًا مسيئةً له مختارين. فمن أكره أو أكرهت على الزنا، أو شرب الخمر، أو قول محرم، وغيرها من المحرمات، فلا حرج ولا إثم ولا حد ولا كفارة عليه- ما دام قلبه يكره ذلك- بخلاف من أكره على قتل غيره فلا يحل له ذلك بحال، ولو أدَّى امتناعه إلى أن يقتل. فاللهم فقهنا في ديننا وزدنا علمًا. وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين. الخطبة الثانية: الحمد لله وكفى، وصلى الله وسلم على عبده المصطفى، وآله وصحبه ومن لآثارهم اقتفى، أما بعد: عباد الله، من المستفادات في هذا الحديث أيضًا: 2- واجبنا تجاه رحمة الله: عدم المؤاخذة مظهر من مظاهر رحمة الله والتخفيف على عباده، ويجب علينا تجاه هذه الرحمة أمران: عدم التهاون: لا يعني عدم المؤاخذة حال الخطأ والنسيان والإكراه أن نتهاون أو أن ندعي ادعاءً كاذبًا أننا نسينا أو أخطأنا أو أكرهنا، فالله عز وجل مطلع على قلب كل واحد منا، وسيجازيه على ما في قلبه من الصدق أو الكذب، قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن إنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»[7]. كما أنه ليس ذريعةً للتساهل في الأمور الشرعية. فعلى سبيل المثال: من أخطأ في توقيت الإمساك أو الإفطار في رمضان بناءً على خلل في ضبط ساعة الهاتف، أو الساعة اليدوية، فعليه بالمبادرة لإصلاح الخلل حتى لا يسقط في نفس الخطأ مرةً أخرى. ومن ينسى كثيرًا ويتهاون في أوقات الصلوات فعليه أن يستعين بالرفقة الطيبة أو بالتطبيقات على هاتفه المعينة له على التذكُّر، وهكذا. شكر الله: فنعم الله الحسية والمعنوية تستوجب منا الشكر، قال تعالى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7]، فالشكر يبعث على المزيد، وكفر النعم يستوجب الحرمان والعقاب. فوجب شكر الله على نعمة التخفيف على هذه الأمة، التي رفع الله عنها الكثير من التشديدات التي كانت في الأمم قبلنا. نقرأ في الدعاء الذي ختمت به سورة البقرة، قوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 286]. فاللهم لك الحمد على نعمك، لا نُحْصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، فاجعلنا لك من الشاكرين. آمين. (تتمة الدعاء). [1] رواه البيهقي في السنن الكبرى، رقم: 15094. وانظر: صحيح الجامع الصغير وزيادته للألباني، رقم: 1731. [2] رواه البخاري، رقم: 7352. [3] رواه البخاري، رقم: 6891. [4] رواه البخاري، برقم: 6669. [5] انظر: الكافي في فقه أهل المدينة، ابن عبدالبر: 1/343. [6] رواه الحاكم في المستدرك، برقم: 3362. [7] صحيح الجامع، برقم: 1862.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |