مواقيت الصلوات - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         فوائد الصيام.. كيف تنعش صحتك لشهر كامل؟ يوميا فى رمضاننننن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 19 - عددالزوار : 21 )           »          طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الذكاء الاصطناعي والاقتصاد المغربي: ثورة رقمية في خدمة التنمية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة العملية التعليمية: تحليل معمق للتطبيقات في التعلي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الجغرافيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          صحابة منسيون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 7525 )           »          مواقيت الصلوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 2583 )           »          تلقي الركبان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الجامع لغزوات نبينا صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 14 )           »          الحديث السابع: تفسير الحياء من الإيمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30-08-2025, 10:41 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,847
الدولة : Egypt
افتراضي مواقيت الصلوات

مواقيت الصلوات

الْفَرْعُ الْأَوَّلُ: وَقْتُ الظُّهْرِ

يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف

قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله: [فَوَقْتُ الظُّهْرِ مِنَ الزَّوَالِ إِلَى مُسَاوَاةِ الشَّيْءِ فَيْئَهُ بَعْدَ فَيْءِ الزَّوَالِ. وَتَعْجِيلُهَا أَفْضَلُ، إِلَّا فِي شِدَّةِ حَرٍّ، وَلَوْ صَلَّى وَحَدَهُ، أَوْ مَعَ غَيْمٍ لِمَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً. وَيَلِيهِ وَقْتُ الْعَصْرِ إِلَى مَصِيرِ الْفَيْءِ مِثْلَيْهِ بَعْدَ فَيْءِ الزَّوَالِ، وَالضَّرُورَةُ إِلَى غُرُوبِهَا، وَيُسَنُّ تَعْجِيلُهَا. وَيَلِيهِ وَقْتُ الْمَغْرِب إِلَى مَغِيبِ الْحُمْرَةِ، وَيُسَنُّ تَعْجِيلُهَا إِلَّا لَيْلَةَ جَمَعٍ لِمَنْ قَصَدَهَا مُحْرِمًا. وَيَلِيهِ وَقْتُ الْعِشَاءِ إِلَى الْفَجْرِ الثَّانِي، وَهُوَ: الْبَيَاضُ الْمُعْتَرِضُ. وَتَأْخِيرُهَا إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَفْضَلُ إِنْ سَهُلَ. وَيَلِيهِ وَقْتُ الْفَجْر إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَتَعْجِيلُهَا أَفْضَلُ].



هُنَا شَرَعَ الْمُؤَلِّفُ رحمه الله فِي تَفْصِيلِ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ.


وَسَيَكُونُ الْكَلَامُ فِي فُرُوعٍ:
الْفَرْعُ الْأَوَّلُ: وَقْتُ الظُّهْرِ:
وَالْكَلَام هُنَا فِي مَسَائِل:
الْمَسْأَلَةُ الأُوْلَى: وَقْتُ الظُّهْرِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً:
وَهَذِهِ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (فَوَقْتُ الظُّهْرِ مِنَ الزَّوَالِ إِلَى مُسَاوَاةِ الشَّيْءِ فَيْئَهُ بَعْدَ فَيْءِ الزَّوَالِ). أَي: يَبْدَأُ وَقْتُ الظُّهْرِ: مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ - أَي: زَوَالَهَا إِلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ - إِلَى أنْ يَصِيرَ ظلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ بَعْدَ فَيْءِ الظِّلِّ، وَيَسْتَمِرُّ وَقْتُهَا إِلَى مُسَاوَاةِ الشَّيْءِ الشَّاخِصِ - أَي: الْوَاقِفِ - فَيْئَهُ - أَي: ظِلَّهُ - بَعْدَ فَيْءِ الزَّوَالِ، أَي: بَعْدَ الظِّلِّ الَّذِي زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ.


قَالَ ابْنُ عُثَيْمِيْنَ رحمه الله: " فَقَوْلُهُ: (مُسَاوَاةُ الشَّيْءِ فَيْئَهُ بَعْدَ فَيْءِ الزَّوَالِ) وَذَلِكَ أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا طَلَعْتْ صَارَ لِلشَّاخِصِ ظِلٌّ نَحْو الْمَغْرِبِ ـ وَالشَّاخِصُ الشَّيْءُ الْمُرْتَفِعُ ـ ثُمَّ لَا يَزَالُ هَذَا الظِلُّ يَنْقُصُ بِقَدْرِ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ فِي الْأُفُقِ حَتَّى يَتَوَقَّفَ عَنِ النَّقْصِ ، فَإِذَا تَوقَّفَ عَنِ النَّقْصِ، ثُمَّ زَادَ بَعْدَ تَوقُّف النَّقْصِ وَلَوْ شَعْرَةً وَاحِدَةً، فَهَذَا هُوَ الزَّوَالُ، وَبِهِ يَدْخُلُ وَقْتُ الظُّهْرِ"[1].


وَقَالَ أَيْضًا: "أَمَّا عَلَامَةُ الزَّوَالِ بِالسَّاعَةِ؛ فَاقْسِمْ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَى غُرُوبِهَا نِصْفَيْنِ، وَهَذَا هُوَ الزَّوَالُ؛ فَإِذَا قدَّرْنَا أَنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ فِي السَّاعَةِ السَّادِسَةِ، وَتَغِيبُ فِي السَّاعَةِ السَّادِسَةِ؛ فَالزَّوَالُ فِي الثَّانِيَةِ عَشْرَةَ"[2].


أَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ مِنَ الزَّوَالِ، وَيَسْتَمِرُّ إِلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ:
- فَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه -وَقَدْ سَبَقَ- وَفِيَهِ: «وَقْتُ الظُّهْرِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، وَكَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ، مَا لَمْ يَحْضُرِ الْعَصْرُ»[3]، وَهُوَ نَصٌّ صَرِيحٌ.


- وَحَدِيثُ جَابِرٍ رضي الله عنه فِي إِمَامَةِ جِبْرِيلَ عليه السلام لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي يَوْمَيْنِ؛ حَيْثُ جَاءَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَقَالَ: «قُمْ فَصْلِّ، فَصَلَّى الظُّهْرَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ جَاءَهُ فِي الْغَدِ لِلظُّهْرِ، فَقَالَ: قُمْ فَصْلِّ، فَصَلَّى الظُّهْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي: مَا بَيْنَ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ وَقْتٌ».


وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَنَّ الإِمَامَ الْبُخَارِيُّ قَالَ: "أَصَحُّ شَيْءٍ فِي الْمَوَاقِيتِ: حَدِيثُ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "[4].


الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: تَفْضِيل تَقْدِيم صَلَاة الظُّهْر:
وَهَذِهِ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَتَعْجِيلُهَا أَفْضَل).


وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ:
- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ [البقرة: 148]، وَأَمْثَالُهَا مِنَ الْآيَاتِ.


- وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَال: «سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الصَّلاَةُ لِمِيقَاتِهَا»[5]، وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِلَفْظِ: «سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا»[6].


- وَلِأَنَّ الْمُبَادَرَةَ بِالصَّلَاةِ وَتَعْجِيلَهَا أَسْرَعُ إِلَى إِبْرَاءِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَدْرِي مَاذَا يَعْرِضُ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ.
فَائِدَةٌ:
وَتَحْصُلُ فَضِيلَةُ التَّعْجِيلِ: بِالتَّأهُّبِ أَوَّلَ الْوَقْتِ، قَالَهُ فِي (الرَّوْضِ)[7] ؛ فَتُدْرَكُ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَمَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ: بِالِاشْتِغَالِ بِأَسْبَابِ الصَّلَاةِ؛ كَطَهَارَةٍ وَأَذَانٍ وَسَتْرٍ وَنَحْوهِ[8].


الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: تَأْخِير الصَّلَاة فِي شدَّة الحرِّ:
وَهَذِهِ ذَكَرهَا بِقَوْلِهِ: (إلَّا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ).


قَالَ الْبُهُوتِيُّ فِي (الرَّوْضِ): "فَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إِلَى أَنْ يَنْكَسِرَ"[9].


قَالَ ابْنُ قَاسَمٍ رحمه الله: "يَعْنِي: الحرَّ، وَيَتَّسِع الظِّلّ فِي الْحِيطَان"[10].


وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ:
- حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: «إِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ[11].


- وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَال: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَأَرَادَ المُؤَذِّنُ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلظُّهْرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَبْرِدْ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ، فَقَالَ لَهُ: أَبْرِدْ؛ حَتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُولِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ[12].


قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ رحمه الله: "قَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ: الْإِبْرَادُ: أَنْ يُؤَخِّرَ الصَّلَاةَ قَلِيلًا بِقَدْرِ مَا يَحْصُلُ لِلْحِيطَانِ فَيْءٌ يَمْشِي فِيْهِ الْقَاصِدُ إِلَى الصَّلَاةِ؛ فَيُصَلِّي فِي آخَرِ أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَلَا يُجَاوِزُ بِالْإِبْرَادِ نِصْفَ الْوَقْتِ"[13].


وهناك رَأْي آخَر: وَهُوَ أَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْإِبْرَادُ: هُوَ أَنْ يَكُونَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ مُضَافًا إِلَيْهِ فَيْءُ الزَّوَالِ، يَعْنِي: أَنَّهُ قُرْبُ صَلَاةِ الْعَصْرِ.


وَنَصَرَ هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ عُثَيْمِيْنَ رحمه الله، وَقَالَ: "أَصَحُّ شَيْءٍ أَنْ يَكُونَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ مُضَافًا إِلَيْهِ فَيْءُ الزَّوَالِ، يَعْنِي: أَنَّهُ قُرْبُ صَلَاةِ الْعَصْرِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْإِبْرَادُ، أَمَّا مَا كَانَ النَّاسُ يَفْعَلُونَهُ مِنْ قَبْلُ، حَيْثُ يُصَلُّونَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمسِ بِنَحْو نِصْفِ سَاعَةٍ أَوْ سَاعَةٍ، ثُمَّ يَقُولُونَ: هَذَا إِبْرَادٌ. فَلَيْسَ هَذَا إِبْرَادًا! هَذَا إِحْرَارٌ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ أَنَّ الْحَرَّ يَكُونُ أَشَدَّ مَا يَكُونُ بَعْدَ الزَّوالِ بِنَحْوِ سَاعَةٍ. فَإِذَا قَدَّرنا مَثَلاً أَنَّ الشَّمسَ فِي أَيَّامِ الصَّيفِ تَزُولُ عَلَى السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ عَشْرَةِ، وَأَنَّ الْعَصْرَ عَلَى السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ وَالنّصفِ تَقْرِيبًا، فَيَكُونُ الْإِبْرَادُ إِلَى السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ تَقْرِيباً"[14].


فَائِدَةٌ: الْحِكْمَةُ مِنَ الْإِبْرَادِ:
قَالَ ابْنُ رَجَبٍ رحمه الله: "وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِه أُمِرَ بِالْإِبْرَاد: فَمِنْهُم مِنْ قَالَ: هُوَ حُصُولُ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاة؛ فَإِنَّ الصَّلَاة فِي شِدَّةِ الْحَرِّ كَالصَّلَاةِ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ تَتُوقُ نَفْسُهُ إِلَيْهِ، وَكَصَلَاةِ مَنْ يُدَافِعُ الْأَخْبَثَيْنِ، فَإِنَّ النُّفُوسَ حِينَئِذٍ تَتُوقُ إِلَى الْقَيْلُولَةِ وَالرَّاحَةِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ يُصَلِّي وَحَدَهُ أَوْ فِي جَمَاعَةٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَال: هُوَ خَشْيَةُ الْمَشَقَّةِ عَلَى مَنْ بَعُدَ مِنَ الْمَسْجِدِ بِمَشْيِه فِي الْحَرِّ، وَعَلَى هَذَا فَيَخْتَصُّ الْإِبْرَادُ بِالصَّلَاةِ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَةِ الَّتِي تُقْصَدُ مِنَ الْأَمْكِنَةِ الْمُتَبَاعِدَةِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ وَقْتُ تَنَفُّسِ جَهَنَّمَ"[15].


الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: هَلْ تُؤخَّرُ صَلَاةُ الظُّهْرِ مُطْلَقًا أَمْ لِمَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً فَقَطْ؟
وَهَذِهِ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَلَوْ صَلَّى وَحَدَهُ). أَي: تُؤخَّرُ الصَّلَاةُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ لِشَدَّةِ الْحَرِّ مُطْلَقًا، هَذَا مَا قرَّرَهُ الْمُؤَلِّفُ رحمه الله.


وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ عَلَى قَوْلِينِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهَا تَؤَخَّرُ لِشَدَّةِ الْحَرِّ مُطْلَقًا.


وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ رحمه الله، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ[16]، وَاخْتَارَهُ ابْنُ قُدَامَةَ فِي (الْمُغْنِي)، وَرَجَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ[17].


وَاسْتَدَلُّوا بظَاهِرِ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ»[18]، وَهَذَا عامٌّ، وَالْأَخْذُ بِهِ أَوْلَى.


قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رحمه الله: "أَهْلُ الْحَدِيثِ يَسْتَحِبُّونَ الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فِي الْجُمْلَةِ؛ إلَّا حَيْثُ يَكُونُ فِي التَّأْخِيرِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ؛ كَمَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ؛ فَيَسْتَحِبُّونَ تَأْخِيرَ الظُّهْرِ فِي الْحَرِّ مُطْلَقًا؛ سَوَاءٌكَانُوامُجْتَمِعِينَأَوْمُتَفَرِّقِينَ، وَيَسْتَحِبُّونَ تَأْخِيرَ الْعِشَاءِ مَا لَمْ يَشُقَّ، وَبِكُلِّ ذَلِكَ جَاءَتِ السُّنَنُ الصَّحِيحَةُ الَّتِي لَا دَافِعَ لَهَا، وَكُلٌّ مِنَ الْفُقَهَاءِ يُوَافِقُهُمْ فِي الْبَعْضِ أَوِ الْأَغْلَبِ"[19].


الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا تُؤخَّرُ لِمَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً فَقَطْ.


وَهَذَا أَحَدَ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ؛ كَابْنِ قُدَامَةَ فِي (الْمُقْنِعِ)، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَقَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ[20].


قَالُوا: لِأَنَّ التَّأْخِيرَ إِنَّمَا يُسْتَحَبُّ لِيَنْكَسِرَ الْحَرُّ، وَيَتَّسِعَ فَيْئُ الْحِيطَانِ، وَيَكْثُرَ السَّعْيُ إِلَى الْجَمَاعَةِ، وَأَمَّا مَنْ لَا يُصَلِّي فِي جَمَاعَةٍ: فَلَا حَاجَةَ بِه إِلَى التَّأْخِيرِ[21].


الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: حُكْمُ تَأْخِيرِ الظُّهْرِ مَع وُجُودِ الْغَيْمِ:
وَهَذِهِ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (أَوْ مَعَ غَيْمٍ لِمَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً). "أَي: وَيُسْتَحَبُ تَأْخِيرُ الظُّهْرِ مَعَ وُجُودِ غَيْمٍ إِلَى قَرِيْبِ وَقْتِ الْعَصْرِ لِمَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً؛ لِأَنَّهُ وَقْتٌ يُخَافُ فِيْه الْمَطَرُ وَالرِّيحُ؛ فَطَلَبَ الْأَسْهَلَ بِالْخُرُوجِ لَهُمَا مَعًا"[22].


وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا مَع وُجُودِ الْغَيْمِ لِمَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً فَقَطْ.


وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ[23].


الْقَوْلُ الثَّانِي: يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا مَع وُجُودِ الْغَيْمِ؛ سَوَاء صَلَّى جَمَاعَةً أَوْ مُنْفَرِدًا.


وَهَذَا قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، قَالَ الْمِرْدَاوِيُّ فِي (الْإِنْصَافِ): "قَالَ الْمَجْدُ فِي (شَرْحِهِ): ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ: أَنَّ الْمُنْفَرِدَ كَالْمُصَلِّي جَمَاعَةً...، قُلْتُ: وَهَذَا ضَعِيفٌ"[24].


الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهَا لَا تُؤَخَّرُ فِي غَيْرِ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْغَيْمِ.


وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ[25]، حَيْثُ قَالَ في المغني: "مَتَى غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ دُخُولُ الْوَقْتِ بِاجْتِهَادِهِ: اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّعْجِيلُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ أَحْمَدَ رحمه الله إِنَّمَا أَرَادَ تَأْخِيرَ الظُّهْرِ لِيَتَيَقَّنَ دُخُولَ وَقْتِهَا، وَلَا يُصَلِّي مَعَ الشَّكِّ"[26].


وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ: الْقَوْلُ الثَّالِثُ؛ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْمُبَادَرَةِ بِالظُّهْرِ عِنْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا فِي غَيْرِ شِدَّةِ الْحَرِّ.


تَنْبِيهٌ: الأوقات التي يستحب فيها تعجيل الظهر:
قَالَ فِي (الْإِنْصَافِ): "يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي مَسْأَلَةِ الحَرِّ الشَّدِيدِ وَالْغَيْمِ: الْجُمُعَةُ؛ فَإِنَّهَا لَا تَؤخَّرُ لِذَلِكَ، وَيُسْتَحَبُ تَعْجِيلُهَا مُطْلَقًا؛ قَالَهُ الْأَصْحَابُ"[27]. وَقَالَ ابْنُ قَاسَمٍ رحمه الله: "فَلا يُؤَخِّرُهَا فِي حَرٍّ أَوْ غَيْمٍ إِجْمَاعًا؛ لِحَدِيثِ: «مَا كُنَّا نَقِيلُ، وَلَا نَتَغَدَّى إِلَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ»[28]"[29].

[1] الشرح الممتع (2/ 101، 102).

[2] الشرح الممتع (2/ 102).

[3] تقدم تخريجه.

[4] تقدم تخريجه.

[5] أخرجه أحمد (4313)، والترمذي (1898)، وصححه ابن حبان (1475)، والحاكم (676).

[6] صحيح البخاري (527)، صحيح مسلم (85).

[7] الروض المربع (ص68).

[8] ينظر: المجموع، للنووي (3/ 58)، وحاشية الروض المربع (1/ 468).

[9] الروض المربع (ص69).

[10] حاشية الروض المربع (1/ 469).

[11] أخرجه البخاري (536)، ومسلم (615).

[12] صحيح البخاري (539).

[13] حاشية الروض المربع (1/ 469)، وينظر: المجموع، للنووي (3/ 59).

[14] الشرح الممتع (2/ 104، 105).

[15] فتح الباري، لابن رجب (4/ 240، 241).

[16] ينظر: درر الحكام (1/ 52)، والبيان والتحصيل (18/ 170)، والإنصاف، للمرداوي (3/ 134).

[17] ينظر: سنن الترمذي (1/ 227)، والأوسط، لابن المنذر (2/ 361)، والمغني، لابن قدامة (1/ 282).

[18] تقدم تخريجه.

[19] مجموع الفتاوى (22/ 76).

[20] ينظر: الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 43)، وحاشية العدوي (1/ 245)، والأم، للشافعي (1/ 91)، والإنصاف، للمرداوي (3/ 133).

[21] قال ابن عبد الهادي كما في حاشية ابن قائد على منتهى الإرادات (1/ 150): "إذا كان ممن لا تجب عليه الجماعة أو يعذر بتركها؛ أما لو وَجد من لا عذر له جماعة أول الوقت فقط: تعيَّن عليه فعلها مع الجماعةـ ولا يؤخرها".

[22] حاشية الروض المربع، لابن قاسم (1/ 470).

[23] ينظر: النوادر والزيادات (1/ 157)، والإنصاف، للمرداوي (3/ 138).

[24] الإنصاف، للمرداوي (3/ 140).

[25] ينظر: المجموع، للنووي (3/ 54)، والإنصاف، للمرداوي (3/ 138، 139).

[26] ينظر: المغني، لابن قدامة (1/ 283).

[27] الإنصاف، للمرداوي (3/ 140).

[28] أخرجه البخاري (6248)، ومسلم (859)، من حديث سهل رضي الله عنه.

[29] حاشية الروض المربع، لابن قاسم (1/ 470).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 06-09-2025 الساعة 02:03 PM.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 06-09-2025, 02:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,847
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مواقيت الصلوات

مواقيت الصلوات

يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف


الْفَرْعُ الثَّانِي: وَقْتُ صَلَاةِ الْعَصْرِ


وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَيَلِيه وَقْتُ الْعَصْرِ إِلَى مَصِيرِ الْفَيْءِ مِثْلَيْهِ بَعْدَ فَيْءِ الزَّوَالِ، وَالضَّرُورَةُ إِلَى غُرُوبِهَا، وَيُسَنُّ تَعْجِيلُهَا). أَي: وَيَلِيْ وَقْتَ الظُّهْرِ: وَقْتُ الْعَصْرِ.


وَالْكَلَامُ هُنَا فِي مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الأُوْلَى: هَلْ بَيْنَ وَقْتِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَاصِلٌ أَوِ اشْتِرَاكٌ؟


وَهَذِهِ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَيَلِيهِ). أَي: وَيْلِي وَقْتَ الظُّهْرِ وَقْتُ الْعَصْر مُبَاشَرَةً؛ فَيَبْدَأ وَقْتُ الْعَصْرِ مِنْ خُرُوجِ وَقْتِ الظُّهْرِ، وَذَلِك إِذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُبَعْدَ فَيْءِ الزَّوَالِ.


وَهُنَا مَسْأَلتَانِ:
الْأَوْلَى: هَلْ بَيْنَ وَقْتِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَقْتٌ فَاصِلٌ؟
فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى قَوْلِينِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ وَقْتِ الظُّهْر وَوَقْتِ الْعَصْرِ فَاصِلٌ.


وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ[1].


الْقَوْلُ الثَّانِي: أنَّ هُنَاكَ فَاصِلًا بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ.


وَهَذَا مَذْهَبُ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ، وَقَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ[2].


الثَّانِيةُ: هَلْ بَيْنَ وَقْتِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَقْتٌ مُشْتَرَكٌ؟
فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى قَوْلِينِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَيْس بَيْنَهُمَا اشْتِرَاكٌ.
وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ[3].


الْقَوْلُ الثَّانِي: أنَّ هُنَاكَ وَقْتًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِقَدْرِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ.


وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ، وَقَوْلُ بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ[4].


وَالصَّحِيحُ مِنْ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ: أنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ يَلِي وَقْتَ الظُّهْرِ مِنْ غَيْرِ انْفِصَالٍ وَلَا اشْتِرَاكٍ؛ فَإِذَا خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ: دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ.


الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: وَقْتُ انْتِهَاءِ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ لِصَلَاة الْعَصْرِ:
وَهَذِهِ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (إِلَى مَصِيرِ الْفَيْءِ مِثْلَيْهِ بَعْدَ فَيْءِ الزَّوَال). أَيْ: أَنَّ وَقْتَ الِاخْتِيَارِ لِصَلَاةِ الْعَصْرِ يَنْتَهِي إِذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ بَعْدَ فَيْءِ الزَّوَالِ، وَهَذَا مَا قرَّرَهُ الْمُؤَلِّفُ رحمه الله.


وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ عَلَى قَوْلِينِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْوَقْتَ الْمُخْتَارَ لِصَلَاةِ الْعَصْرِ: يَنْتَهِي إِذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ بَعْدَ فَيْءِ الزَّوَالِ.


وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَهُوَ قَوْل جُمْهُور الْعُلَمَاء [5].


وَقَدِ اسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ؛ فَصَلَّى بِي الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ: صَلَّى بِي الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلُّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، وَقَال: الْوَقْتُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ»[6].


الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْوَقْتَ الْمُخْتَارَ لِصَلَاةِ الْعَصْرِ: يَسْتَمِرُّ مَا لَمْ تَصْفَرُّ الشَّمْسُ.


وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنِ الْإِمَامِِ أَحْمَدَ، اخْتَارَهَا الْمُوَفَّقُ، وَالشَّارِحُ، وَالْمَجْدُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ[7].


وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: «وَوَقْتُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ»[8]، وَهَذَا الْحَدِيثُ مُتَأخِّرٌ عَنِ الْأَوَّلِ؛ فَيَتَعَيَّنُ الْعَمَلُ بِهِ.


الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: وَقْتُ الضَّرُورَةِ لِصَلَاةِ الْعَصْرِ:
وَهَذِهِ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَالضَّرُورَةُ إِلَى غُرُوبِهَا). أَي: أَنَّ وَقْتَ الضَّرُورَةِ يَكُونُ إِذَا اصفرَّتِ الشَّمْسُ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: «وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ العَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَدْرَكَ العَصْرَ»[9].


فَإِذَا صَلَّى الْإِنْسَانُ الْعَصْرَ فِي هَذَا الْوَقْتِ؛ فَلَهُ حَالَتَانِ[10]:
الْحَالَةُ الأُوْلَى: أَنْ يَكُونَ مُتَعَمِّدًا، وَهَذَا يَكُونُ قَدْ أَدْرَكَ الْوَقْتَ مَعَ الْإِثْمِ؛ لِقَوْلِهِ علبه الصلاة والسلام: «تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ، يَجْلِسُ يَرْقُبُ الشَّمْسَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ، قَامَ فَنَقَرَهَا أَرْبَعًا، لَا يَذْكُرُ اللهَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا»[11].


الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ نَاسِيًا أَوْ نَائِمًا، وَهَذَا يَكُونُ قَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ، وَصَلَّاهَا أَدَاءً.


الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: مَشْرُوعِيَّةُ تَعْجِيلِ صَلَاةِ الْعَصْرِ:
وَهَذِهِ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَيَسُنُّ تَعْجِيلُهَا). وَهَذَا لِعُمُومِ الأدِلَّةِ.


وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ:
مَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه: «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَهُ عَنْ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ... - وَفِيَهِ - ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْعَصْرِ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ»[12].


ولِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه: أَنَّهُ سُئِلَ: «كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي المَكْتُوبَةَ؟... - وَفِيَهِ - وَيُصَلِّي العَصْرَ، ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُنَا إِلَى أَهْلِهِ فِي أَقْصَى المَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ»[13]، أَي: بَيْضَاءَ، قَوِيَّةَ الْحَرَارَةِ.


فَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ: مَا يَدَلُّ عَلَى الْمُسَارَعَةِ بِالْعَصْرِ، وَأَنَّهُ يُسَنُّ تَعْجِيلُهَا.

[1] ينظر: شرح مختصر الطحاوي، للجصاص (1/ 493)، والكافي في فقه أهل المدينة (1/ 190)، والمجموع، للنووي (3/ 21)، والإنصاف، للمرداوي (3/ 142).

[2] ينظر: تحفة الفقهاء (1/ 100)، والإنصاف، للمرداوي (3/ 142).

[3] ينظر: القوانين الفقهية (ص 34)، والمجموع، للنووي (3/ 21)، والإنصاف، للمرداوي (3/ 142).

[4] ينظر: حاشية العدوي (1/ 246)، والإنصاف، للمرداوي (3/ 142).

[5] ينظر: مراقي الفلاح (ص72)، ومواهب الجليل (1/ 389)، والحاوي الكبير (2/ 18)، والمغني، لابن قدامة (1/ 273).

[6] تقدم تخريجه.

[7] ينظر: مواهب الجليل (1/ 389)، والمغني، لابن قدامة (1/ 273).

[8] أخرجه مسلم (612).

[9] أخرجه البخاري (579)، ومسلم (608).

[10] ينظر: صلاة المؤمن، لسعيد القحطاني (1/ 167).

[11] أخرجه مسلم (622).

[12] صحيح مسلم (613).

[13] صحيح البخاري (599)، صحيح مسلم (647).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13-09-2025, 02:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,847
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مواقيت الصلوات

مواقيت الصلوات

يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف


الْفَرْعُ الثَّالِثُ: وَقْتُ الْمَغْرِبِ


وَهَذَا ذَكَرَه بِقَوْلِهِ: (وَيَلِيه: وَقْتُ الْمَغْرِبِ إِلَى مَغِيبِ الْحُمْرَةِ، وَيُسَنُّ تَعْجِيلُهَا؛ إلَّا لَيْلَةُ جَمْعٍ لِمَنْ قَصَدَهَا مُحْرِمًا).


وَالْكَلَامُ هُنَا فِي مَسْأَلَتَيْنِ:
الْمَسْأَلَةُ الأُوْلَى: وَقْتُ الْمَغْرِبِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً:
وَهَذِه ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَيَلِيهِ: وَقْتُ الْمَغْرِبِ إِلَى مَغِيبِ الْحُمْرَةِ)أَي: يَلِيْ وَقْتَ صَلَاةِ الْعَصْرِ: وَقْتُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، بِدُونَ فَاصِلٍ، وَبِدُونِ اشْتِرَاكٍ بَيْنَهُمَا فِي الْوَقْتِ؛ فَوَقْتُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ: مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى غُرُوبِ الشَّفَقِ الْأَحْمَرِ؛ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَوَقْتُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبِ الشَّفَقُ» أَخْرَجَه مُسْلِمٌ[1].


الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَشْرُوعِيَّةُ تَعْجِيلِ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ:
وَهَذِهِ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَيَسُنُّ تَعْجِيلُهَا).
وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ:
حَدِيثُ جَابِر رضي الله عنه: «كَانَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ، وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ نَقِيَّةٌ، وَالْمَغْرِبَ إِذَا وَجَبَتْ» أَخْرَجَه مُسْلِم[2].


وَحَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه قَال: «كُنَّا نُصَلِّي المَغْرِبَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فَيَنْصَرِفُ أَحَدُنَا وَإِنَّهُ لَيُبْصِرُ مَوَاقِعَ نَبْلِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ[3].


وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «صَلُّوا قَبْلَ صَلاَةِ المَغْرِبِ، قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: لِمَنْ شَاءَ؛ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً»[4].


فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ: تَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ التَّبْكِيرُ بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ بَعْدَ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ عَقِبَ الْأَذَانَ.


وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفُ رحمه الله: (إلَّا لَيْلَة جَمَع لِمَنْ قَصَدَهَا محرمًا)؛ أَيْ: يُشْرَعُ تَأْخِيرُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ لَيْلَةُ جَمْعٍ. وَالْمُرَادُ بِهَا: مُزْدَلِفَةُ، وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ[5].


قَالَ ابْنُ تَيْميَّةُرحمه الله: "فَإِنَّ الْجَمْعَ بمزدلفة إنَّمَا الْمَشْرُوعُ فِيهِ تَأْخِيرُ الْمَغْرِبِ إلَى وَقْتِ الْعِشَاءِ بِالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ وَاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ"[6].


وَدَلِيلُ ذَلِكَ: حَدِيثُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: «دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَةَ، فَنَزَلَ الشِّعْبَ، فَبَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَلَمْ يُسْبِغِ الوُضُوءَ، فَقُلْتُ لَهُ: الصَّلاَةُ؟ فَقَالَ: الصَّلاَةُ أَمَامَكَ، فَجَاءَ المُزْدَلِفَةَ، فَتَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَصَلَّى المَغْرِبَ، ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ، فَصَلَّى وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا»[7].


قال النوويرحمه الله: "وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصَّلَاةُ أَمَامَكَ» فَفِيهِ أَنَّ السُّنَّةَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ تَأْخِيرُ الْمَغْرِبِ إِلَى الْعِشَاءِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْمُزْدَلِفَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ"[8].

[1] صحيح مسلم (612).

[2] صحيح مسلم (646).

[3] أخرجه البخاري (599)، ومسلم (637).

[4] أخرجه البخاري (1183، 7368).

[5] ينظر: الاختيار لتعليل المختار (1/ 151)، الشرح الكبير للدردير (2/ 44)، المجموع للنووي (8/ 133).

[6] مجموع الفتاوى (24/ 57).

[7] أخرجه البخاري (1672) واللفظ له، ومسلم (1280).

[8] شرح النووي على مسلم (9/ 26).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم اليوم, 12:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,847
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مواقيت الصلوات



[مواقيت الصلوات]

يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
الْفَرْعُ الرَّابِعُ: وَقْتُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ


وَهَذَا ذَكَرَه بِقَوْلِه: (وَيَلِيه: وَقْتُ الْعِشَاءِ إِلَى الْفَجْرِ الثَّانِي، وَهُوَ: الْبَيَاضُ الْمُعْتَرِضُ، وَتَأْخِيرُهَا إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَفْضَلُ إِنْ سَهُلَ).

وَالْكَلَام هُنَا فِي مَسَائِل:
الْمَسْأَلَةُ الأُوْلَى: وَقْتُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ الْمُخْتَارُ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً:
يَبْدَأ وَقْتُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ - أَي: وَقْتُ الِاخْتِيَارِ - مِنْ غُرُوبِ الشَّفَقِ الْأَحْمَرِ، وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ[1].


وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي آخَر وَقْتِ الْعِشَاءِ الْمُخْتَارِ عَلَى قَوْلِينِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يَمْتَدُّ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ.
وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ[2].


الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَمْتَدُّ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ.
وَهَذَا رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَقَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْقَدِيمُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ[3].

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْوَقْتُ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ؛ هَلْ هُو وَقْتُ ضَرُورَةٍ أَو جَوَاز ٍ؟
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ إِذَا ذَهَبَ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ بَقِيَ وَقْتُ الضَّرُورَةِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي.
وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ[4].


الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ إِذَا ذَهَبَ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ بَقِيَ وَقْتُ الْجَوَازِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي.
وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ[5].


الْقَوْلُ الثَّالِث: أَنَّهُ إِذَا ذَهَبَ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ خَرَجَ وَقْتُ الْعِشَاءِ، وَيَأْثَمُ بِتَرْكِهَا، وَتَصِيرُ قَضَاءً.
وَهَذَا قَوْلٌ لِبَعْضِ الْحَنَابِلَةِ، وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ[6].

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: مَتَى يَنْتَهِي وَقْتُ الْعِشَاءِ؟
وَهَذِهِ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَقْتُ الْعِشَاءِ إِلَى الْفَجْرِ الثَّانِي، وَهُوَ الْبَيَاضُ الْمُعْتَرِضُ).
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي انْتِهَاءِ وَقْتِ الْعِشَاءِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يَنْتَهِي بِطُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي، وَهُوَ: الْبَيَاضُ الْمُعْتَرِضُ وَلَا ظُلْمَةَ بَعْدَهُ.
وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ[7].


وَاسْتَدلُّوا بِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةَ الْأُخْرَى، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ[8].


الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَنْتَهِي بِذَهَابِ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ.
قَالَ فِي (الْإِنْصَافِ): "وَقِيلَ: يَخْرجُ الوقْتُ مُطْلقًابِخُرُوجِ وَقْتِالْاخْتِيارِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الخَرَقِيِّ، وَأَحَدُ الاحْتِمالَيْنِ لِابْنِ عَبْدُوسٍ"[9]، وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ[10].


وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْقَوْلُ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ؛ لِتَعَلُّقِهِ بِانْتِهَاءِ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ.


الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَنْتَهِي بِذَهَابِ نِصْفِ اللَّيْلِ.
وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ حَزْمٍ، وَاخْتِيَارُ ابْنِ سَعْدِيٍّ وَابْنِ عُثَيْمِيْنَ[11]رحمهم الله، وَهُوَ الْحَقُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ؛ لِمَا يَلِي:
أَوَّلًا: أَنَّهُ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ، قَالَ اللَّهُ تبارك وتعالى: ﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴾ [الإسراء: 78]، وَجْهُ الدَّلَالَةِ: أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ مِنْ دُلُوكِ الشَّمْسِ، أَي: زَوَالَهَا، (إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ)، وَهُوَ: اشْتِدَادُ ظُلْمَتِهِ، وَذَلِكَ مُنْتَصِفَهُ، ثُمَّ فَصَّلَ صَلَاةَ الْفَجْرِ بِقَوْلِهِ: ﴿ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ﴾ [الإسراء: 78]؛ لِعَدَمِ اتِّصَالِهَا بِمَا قَبْلهَا، وَلَا بِمَا بَعْدَهَا؛ فَإِنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ النِّصْفَ الآَخَرَ مِنَ اللَّيْلِ، وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الظُّهْرِ النِّصْفَ الْأَوَّلَ مِنَ النَّهَارِ، وَعَبَّرَ عَنْهَا بـ: الْقُرْآنِ؛ لِإِطَالَةِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا.


ثَانيًا: حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَوَقْتُ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ»[12].


ثالثًا: حَدِيث جَابِر رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «جَاءَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: قُمْ فَصَلِّهْ...، ثُمَّ جَاءَهُ الْعِشَاءَ، فَقَالَ: قُمْ فَصَلِّهْ، فَصَلَّى حِينَ غَابَ الشَّفَقُ...، ثُمَّ جَاءَهُ مِنَ الْغَدِ... ثُمَّ جَاءَ لِلْعِشَاءِ حِينَ ذَهَبَ نِصْفُ اللَّيْلِ - أَوْ قَالَ: ثُلُثُ اللَّيْلِ - فَصَلَّى الْعِشَاءَ»[13].


وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه الَّذِي فِيْهِ: «أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ»؛ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ: إِنَّ آخِرَ وَقْتِ الْعِشَاءِ طُلُوعُ الْفَجْرِ الثَّانِي؛ فَلَيْسَ فِيْهِ دَلَالَةٌ عَلَى مَا ذَهَبُوا إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ، بَلْ هُوَ مَخْصُوصٌ بِالْإِجْمَاعِ بِعَدَمِ امْتِدَادِ وَقْتِ صَلَاةِ الْفَجْرِ إِلَى صَلَاةِ الظُّهْر[14]؛ فَكَذَا يَخُصُّ هُنَا؛ فَإِذَا تبَيَّنَ أنَّ حَدِيثَ أَبِي قتادةَ رضي الله عنه لَيْسَ فِيْهِ دَلَالَةٌ؛ فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ لِلأَدِلَّةِ الْأُخْرَى، وَهِيَ تَدلُّ كُلُّهَا عَلَى أنَّ وَقْتَ الْعِشَاءِ يَنْتَهِي عِنْدَ مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ[15].



الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: مَشْرُوعِيَّةُ تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ إِنْ سَهُلَ:
وَهَذِهِ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَتَأْخِيرُهَا إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَفْضَلُ إِنْ سَهُلَ).


وَمِنْ أَدِلَّتِهِمْ:
- حَدِيثُ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: «كَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ العِشَاءَ» مُتَّفَق عَلَيْهِ[16].


- وحَدِيثُ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «أَعْتَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ حَتَّى ذَهَبَ عَامَّةُ اللَّيْلِ، وَحَتَّى نَامَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى، فَقَالَ: إِنَّهُ لَوَقْتُهَا لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي»، وَفِي رِوَايَةٍ: «فَلَمْ يَخْرُجْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ» أَخْرَجَه مُسْلِمٌ[17].


فَهَذِهِ أدِلَّةٌ صَرِيحَةٌ وَاضِحَةٌ تَدَلُّ عَلَى أَنَّ تَأْخِيرَهَا إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ: أَفْضَلُ.


وَلَكِنْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ رحمه الله: (إِنْ سَهْلُ)؛ فَإِنْ شَقَّ التَّأْخِيرُ وَلَوْ عَلَى بَعْضِ الْمَأْمُومِينَ؛ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلِينِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: يُكْرَهُ.
وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَاخْتِيَارُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ[18].


الْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يُكْرَهُ[19].
قَالَ فِي (الْإِنْصَاف): "وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحِ، وَصَاحِبِ (الْفُرُوع)، وَغَيْرِهِمْ، وَقَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْأَصْحَابِ: هَلْ يُسْتَحَبُّ التَّأْخِيرُ مُطْلَقًا، أَوْ يُرَاعَى حَالُ الْمَأْمُومِينَ حَيْثُ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِم؟ فِيْه رِوَايَتَانِ؛ فَحَكَوْا الْخِلَافَ مُطْلَقًا"[20].



فَائِدَةٌ:
ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: «كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا، وَالحَدِيثَ بَعْدَهَا»[21].

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الأُوْلَى: حُكْمُ النَّوْمِ قَبْلَ الْعِشَاء:
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي النَّوْمِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ عَلَى قَوْلِينِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: يُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ مُطْلَقًا.
وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنَ المَذْهَبِ، وَالشَّافِعِيَّةِ[22].


الْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُوقِظَهُ.
وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَجَزَمَ بِه فِي الْجَامِعِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ[23]، وَمَا هُوَ بِبَعِيدٍ.



الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: حُكْمُ الْحَدِيثِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ:
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْحَدِيثِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ عَلَى قَوْلِينِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: يُكْرَهُ الْحَدِيثُ بَعْدَهَا إِلَّا فِي أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ شُغْلٍ، أَوْ شَيْءٍ يَسِيرٍ، وَالْأَصَحُّ: أَوْ مَعَ أَهْلٍ.
وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ[24].


الْقَوْلُ الثَّانِي: يُكْرَهُ مَعَ أَهْلٍ.
وَهَذَا قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ[25].


[1] ينظر: المغني، لابن قدامة (1/ 277)، والمجموع، للنووي (3/ 38).

[2] ينظر: مواهب الجليل (1/ 398)، والمجموع، للنووي (3/ 39)، والإنصاف، للمرداوي (3/ 158).

[3] ينظر: مواهب الجليل (1/ 398)، والمجموع، للنووي (3/ 39)، والإنصاف، للمرداوي (3/ 158، 159).

[4] ينظر: الفواكه الدواني (1/ 169)، والمجموع، للنووي (3/ 39)، والإنصاف، للمرداوي (3/ 160).

[5] ينظر: المجموع، للنووي (3/ 39)، والإنصاف، للمرداوي (3/ 160).

[6] ينظر: المجموع، للنووي (3/ 39)، والإنصاف، للمرداوي (3/ 161).

[7] ينظر: البناية شرح الهداية (2/ 29)، والمجموع، للنووي (3/ 39)، والمغني، لابن قدامة (1/ 279).

[8] صحيح مسلم (681).

[9] الإنصاف، للمرداوي (3/ 161).

[10] ينظر: المجموع، للنووي (3/ 39).

[11] ينظر: المحلى بالآثار (2/ 198)، ومنهج السالكين (ص 53)، والشرح الممتع (2/ 114).

[12] أخرجه مسلم (612).

[13] تقدم تخريجه.

[14] ينظر: التمهيد (8/ 74).

[15] ينظر: الشرح الممتع (2/ 114).

[16] أخرجه البخاري (547)، ومسلم (647)، وقد تقدم تخريج جزء منه.

[17] صحيح مسلم (638).

[18] ينظر: شرح مسلم، للنووي (5/ 138)، وفتح الباري، لابن حجر (2/ 48)، والإنصاف، للمرداوي (3/ 163).

[19] ينظر: الفروع، لابن مفلح (1/ 432).

[20] ينظر: الإنصاف، للمرداوي (3/ 163).

[21] صحيح البخاري (547)، صحيح مسلم (647).

[22] ينظر: المجموع، للنووي (3/ 42)، والإنصاف، للمرداوي (3/ 165).

[23] ينظر: تبيين الحقائق (1/ 84)، والفواكه الدواني (1/ 169)، والإنصاف، للمرداوي (3/ 165).

[24] ينظر: حاشية العدوي (1/ 251)، ومغني المحتاج (1/ 304)، والإنصاف، للمرداوي (3/ 165).

[25] ينظر: الإنصاف، للمرداوي (3/ 165).






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 19 ( الأعضاء 0 والزوار 19)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 130.32 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 127.24 كيلو بايت... تم توفير 3.09 كيلو بايت...بمعدل (2.37%)]