|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#10
|
||||
|
||||
![]() دروس من قصص القرآن الكريم .. قصة إسحاق -عليه السلا م-
يقول الله -تعالى- في كتابه الكريم {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ، وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ} (الصافات: 113)، إن نبي الله إسحاق هو الابن الأصغر لنبي الله إبراهيم من زوجه سارة، وقد ذكر اسمه في القرآن الكريم سبع عشرة مرة، ومدحه الله بأوصاف منها: أنه غلام عليم، قال -تعالى-: {وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ} (الذاريات: 28)، والعليم هو كثير العلم، فبينما أثنى الله -تعالى- على الابن الأكبر إسماعيل -عليه السلام- بالحِلم فقال: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} (الصافات: 101)، أي كثير الحلم، وهو ضبط النفس عند الغضب وعدم التسرع في العقوبة؛ فإنه مدح إسحاق بكثرة علمه، وذلك للإشارة إلى أن كل ولد منهما ورث عن أبيه صفة من الصفات التي تميز بها. فإسحاق -عليه السلام- لكثرة التصاقه بأبيه لإقامته معه في فلسطين، كان الأوفر حظا في التعلم منه، والنهل من معين علومه، الدينية والدنيوية، أما إسماعيل -عليه السلام- فقد ورث عن أبيه الحلم، وهو أعظم صفات إبراهيم -عليه السلام-، تلك الصفة التي بلغ فيها الغاية والكمال البشري، حتى إنه لكمال حلمه لم يفكر أن يدعو على قومه حين هموا بإلقائه في النار، فكذلك إسماعيل؛ إذ سبق في علم الله -تعالى- أنه سيمر في حياته بمحن وابتلاءات، فقد جعل الله -عز وجل- فيه ملكة الحلم، فكل من إسحاق وإسماعيل كان حليما وعليما، لكن كلا منهما كان مميزاً بما وصف به على التعين أكثر من سائر الصفات. الثناء عليه في القرآن كما مدح الله -تعالى- إسحاق في القرآن بأنه عليم، فقد مدحه كذلك بأنه من أولي الأيدي والأبصار، قال -تعالى-: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45) إِنَّا أَخْلَصْنَاهُم بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46) وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ} (ص)، روى الطبري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (أُولِي الأيْدِي) أي: أولي القوّة والعبادة، والأبْصَارِ يعني: الفقه في الدين، ومن المصطفين الأخيار، الذين اصطفاهم الله بحمل رسالة التذكير بالدار الآخرة والعمل لها، كما مدح الله -تعالى- إسحاق أيضاً فقال: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ (72) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} (الأنبياء). معجزة الميلاد الكريم لقد جاء في كتب التاريخ أن إبراهيم رزق بإسحاق -عليهما السلام- على كبر، حين بلغ عمره المائة أو يزيد بينما كانت زوجته سارة لا تلد، وهي أيضاً عجوز بلغت التسعين من العمر، ولقد قص الله -تعالى- علينا خبر ميلاد إسحاق -عليه السلام- في سور هود والحجر والذاريات، فقال -سبحانه-: {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} (هود: 69)، فقد كان إبراهيم -عليه السلام- موسوماً بعظيم الخصال ومنها الكرم، فحين حيَّاْهُ ضيوفه بالسلام بالاسم منصوباً رد عليهم به مرفوعاً {قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ}؛ لأن الرفع أفضل من النصب، وما أبطأ إبراهيم -عليه السلام- وما تأخر عن إكرامهم، بل بمجرد أن انتهى من رد التحية عليهم، أسرع إلى أهله فجهز للغرباء طعام الضيافة. فعل ذلك مع رُسل الله وهو لا يعلم أنهم ملائكة لا تأكل ولا تشرب، فجاء بعجل حنيذ، أي صغير من البقر سمينٍ مشوي على الحجارة المحماة في حفرة من الأرض، قال العلماء لا يقال حنيذ لشيء إلا إذا شوي بهذه الطريقة، {فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَة} (هود: 70) شعر بالخوف والفزع منهم، واستهجن تركهم للطعام، حين رأى أيديهم لا تمتد إلى الطعام الذي قدمه لهم؛ لأن امتناع الضيف عن الأكل من طعام مضيفه دون سبب مقنع يُشعر بأن هذا الضيف ينوى شرا به، هنا وحين بدا للملائكة ما يجول في خاطر إبراهيم -عليه السلام-، وما يظهر عليه من استنكار وفزع، وقد صرح لهم بذلك {قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ} (الحجر: 52)، فأفصحوا له عن حقيقتهم {قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ مُجرِمين} (الحجر: 58). فذكروا له أنهم رسل الله، وأنهم نزلوا لمهمتين، هما: إهلاك قوم لوط، والتبشير بميلاد إسحاق -عليه السلام-؛ ولأن السيدة سارة كانت قريبة من مكان الضيوف تشارك زوجها في أعمال الضيافة، فإنها سمعت ما ذكروه له، فأصابها التعجب والذهول، وذكرت أن هناك ثلاثة أسباب منطقية تحول دون ذلك، هي كبر سن زوجها، وكبر سنها، وكونها عقيما لم تسبق لها الولادة وقد انقطع عنها الطمث، فكيف سيحصل الولد؟!، لذلك دخلت عليهم وقد علمت أنهم ملائكة وقد اختلجتها مشاعر متباينة، خليط من الفرح والخوف والدهشة، فمرة تضحك، ومرة تضرب على جبينها من شدة التعجب، دخلت وهي تقول بصوت عال: {يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ} (هود: 72)، فأزالوا عنها الخوف من حصول ذلك، وبينوا لها أن الذي قدر ذلك هو الحكيم العليم، وأنها لن تلد فقط، ولكنها ستلد، وستربي وليدها حتى يكبر، ويتزوج، وينجب ولداً، بل وقد سمى الله لها ولدها إسحاق وسمى حفيدها لها كذلك يعقوب، ودعت الملائكة لها ولهم بالرحمة والبركة {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} (هود: 73). أهم الدروس المستفادة من القصة
وقفة مهمة لم يأت في القرآن والسنة عن قصة إسحاق -عليه السلام- شيء بعد حادثة البُشرى، مما يدل على أن حياته كانت حياة هادئة، رغم أنه رسول، حمل رسالة أبيه إبراهيم من بعده إلى أهل كنعان، التي هي الآن فلسطين، ولبنان، والأجزاء الغربية من سورية والأردن، لكنه لم يُذكر عنه أنه واجه متاعب في دعوته، وفي هذا من الدروس أن القرآن لا يذكر لنا من قصص الأنبياء إلا ما كان فيه العظة، ويدفع إلى الصبر والتعلم؛ ولذلك لم يذكر لنا كل قصصهم، ولا كل أسمائهم، فمنهم من ذكر قصصه باستفاضة، كإبراهيم ويوسف وموسى، وعيسى، ومنهم من ذكر من قصصه موقفا أو موقفين كإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويونس وشعيب وداود وسليمان وأيوب وزكريا ويحيا، ومنهم من ذكر باسمه فقط ولم يذكر عنه شيء كإدريس واليسع وذا الكفل. ذكر الأنبياء في القرآن ولا يذكر القرآن نبيا من الأنبياء لمجرد الذكر والثناء، فكل الأنبياء لو كان هذا هو القصد جديرون بأن يُذكروا في القرآن الكريم، فالذين ذكروا في القرآن عددهم خمسة وعشرون فحسب، والأنبياء فوق هذا العدد بكثير، قال -تعالى-: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} (فاطر: 24)، إنما الذين ذكروا في القرآن الكريم هم من كان:
اعداد: الشيخ: محمد محمود محمد
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |