شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14651 - عددالزوار : 1018092 )           »          ميزة جديدة من أبل لإنقاذ مستخدميها على الطريق.. اعرف التفاصيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          واتساب يطرح ميزة جديدة تمكنك من إضافة إشارة لأصحابك في "الاستوري" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          مايكروسوفت تطلق ميزة الردود النصية السريعة على رسائلك باستخدام الذكاء الاصطناعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          بدون شبكة Wi-Fi.. ميزة تنقذ مستخدمى أيفون من أعطال السيارات المفاجئة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          تحديث جديد لثريدز يسمح للمستخدمين رؤية تفاصيل متابعيهم وتفاعلاتهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          واتساب يعلن عن ميزات جديدة لمكالمات الفيديو.. كيف تعمل؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          أجهزة الإنترنت اللاسلكية معرضة لخطر الهجمات الإلكترونية.. كيفية التحقق من الراوتر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          مايكروسوفت تستخدم الذكاء الاصطناعي لإصلاح الأخطاء: إليك ما تفعله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          لو مفيش شبكة أو Wi-Fi .. ميزة جديدة بهواتف أبل لإرسال الـSMS فى الطوارئ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-06-2025, 07:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,486
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [387]
الحلقة (419)



شرح سنن أبي داود [387]
جاء الإسلام بكل ما يدعو إلى الألفة، وحرم كل ما هو سبب للفرقة والبغضاء؛ ولذلك جعل الإسلام للمعاملات المالية أحكاماً حكيمة رحيمة، وسد بهذه الأحكام كل طرق الخصام والبغضاء، فنهى عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، ونهى عن بيع السنين، ونهى عن بيع الغرر.



بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها



شرح حديث (نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها.
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، نهى البائع والمشتري) ] .
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله: باب في بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، وحكمه أنه غير جائز، وقد جاءت الأحاديث بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما قال: (نهى رسول الله عليه الصلاة والسلام عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها نهى البائع والمشتري) وذلك لأن بيعها قبل أن يبدو صلاحها عرضة لأن يحصل فيها أضرار أو أخطار، ولا تحصل من ورائها الاستفادة.
ويشرع بيعها عندما تبدأ الاستفادة منها، وذلك بأن يطيب أكلها، ويحصل احمرارها واصفرارها، وأما قبل بدو صلاحها فلا يجوز بيعها، إلا إذا كان البيع قبل بدو الصلاح فيه مصلحة، كأن يؤكل على تلك الحال، أو يقطع ويستفاد منه، فلا بأس بهذا؛ لأن المقصود من المنع كونه يشتريه ويتركه على رءوس النخل، ويأكله شيئاً فشيئاً، فهذا لا يجوز إلا بعد بدو الصلاح.



تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها)
قوله: [حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي] .
عبد الله بن مسلمة القعنبي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.
[عن مالك] .
مالك بن أنس، الإمام المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع] .
نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر] .
ابن عمر رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا الإسناد رباعي من أعلى الأسانيد عند أبي داود.



شرح حديث (نهى عن بيع النخل حتى يزهو)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا ابن علية عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع النخل حتى يزهو، وعن السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة، نهى البائع والمشتري) ] .
أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله إلا أن فيه بيان أن الوقت الذي يجوز بيع الثمر فيه أن يزهو، والزهو هو الطيب، يعني حتى يطيب أكله حين يحمر أو يصفر وفيه أيضاً زيادة أنه نهى عن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة، يعني: إذا استوى وهو في سنبله يجوز بيعه؛ لأنه عند ذلك يكون قد طاب، وجاء وقت الاستفادة منه.
قوله: [(نهى البائع والمشتري)] .
يعني أن النهي لكل منهما، فالإثم يكون على الجميع إذا خولف النهي؛ لأنهم قد نهوا جميعاً، ونهي البائع من أجل ألا يكون عرضة إلى أن يأكل مال أخيه بالباطل؛ لأنه إذا باعه قبل أن يبدو صلاحه، وحصل في الثمر مضرة، فيكون قد أكل ماله بالباطل، وأيضاً نهى المشتري لئلا يضيع ماله.
وأحياناً يؤخذ التمر من النخل، ثم يدفن حتى يستوي، ثم يخرج فيباع، وهذا فيه تدليس على الناس، وشراؤه قبل أن يبدو صلاحه لا يجوز إلا بشرط القطع، فإذا قطع يؤتى به كما هو، وأما كونه يدفن ويحصل بسبب دفنه أنه يتغير، ثم يؤتى به على أنه زهو، فهذا فيه تدليس.



تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن بيع النخل حتى يزهو)
قوله: [حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي] .
عبد الله بن محمد النفيلي، ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[حدثنا ابن علية] .
هو إسماعيل بن إبراهيم بن علية، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أيوب] .
أيوب بن أبي تميمة السختياني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع عن ابن عمر] .
مر ذكرهما.



شرح حديث (نهى عن بيع الغنائم حتى تقسم)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا حفص بن عمر النمري حدثنا شعبة عن يزيد بن خمير عن مولى لقريش عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن بيع الغنائم حتى تقسم، وعن بيع النخل حتى تحرز من كل عارض، وأن يصلي الرجل بغير حزام) ] .
أورد أبو داود حديث أبي هريرة: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغنائم حتى تقسم) ؛ لأن الغنائم قبل قسمتها حق مشاع، وليس نصيب كل مقاتل متميزاً؛ لأن كل قطعة من الغنائم يشتركون فيها كلهم، فإذا قسمت عرف كل نصيبه فتصرف فيه، فمن باع قبل أن يعرف نصيبه فمعناه أنه يبيع شيئاً لم يكن ملكه له خالصاً، بل هو مشترك، مثل الذي له أرض بينه وبين شخص آخر، فلا يجوز له أن يبيعها؛ لأنه لا يملكها كلها، وإنما حقه مشاع فيها، ولم يتميز، وإذا ميز حقه، وأخذ كل واحد نصيبه، فله أن يتصرف في ملكه كيف يشاء.
والغنائم هي التي تحصل في الجهاد في سبيل الله، وقسمتها في الخمس المصارف التي ذكرها الله، فأربعة أخماسها تكون للغانمين، وليس لأحد منهم أن يتصرف في شيء منها حتى يعرف حقه فيتصرف فيه.
قوله: [(وعن بيع النخل حتى تحرز من كل عارض)] .
إذا كان المقصود به بدو الصلاح فقط، فقد جاء ما يدل عليه في الأحاديث السابقة.
قوله: [(وأن يصلي الرجل بغير حزام)] لعل المراد أن يجعل حزاماً على الإزار، ولكن إذا أحكم شد الإزار وأمن سقوطه فإنه يحصل به المقصود وإن لم يكن عليه حزام.



تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن بيع الغنائم حتى تقسم)
قوله: [حدثنا حفص بن عمر النمري] .
حفص بن عمر النمري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي.
[عن شعبة] .
شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يزيد بن خمير] .
يزيد بن خمير وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[عن مولى لقريش] .
وهو مبهم.
[عن أبي هريرة] .
أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأكثر أصحابة حديثاً.
والحديث فيه هذا الرجل المبهم، وهو علة الحديث، وبه يكون الحديث غير صحيح.



شرح حديث (نهى أن تباع الثمرة حتى تفتح)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو بكر محمد بن خلاد الباهلي حدثنا يحيى بن سعيد عن سليم بن حيان قال: أخبرنا سعيد بن مينا قال: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن تباع الثمرة حتى تفتح، قيل: وما تفتح؟ قال: تحمار وتصفار ويؤكل منها) ] .
أورد أبو داود حديث جابر رضي الله عنه، وفيه توضيح بدو الصلاح، قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تباع الثمرة حتى تفتح، قيل: وما تفتح؟ قال: تحمار وتصفار) يعني: تحصل حمرتها وصفرتها ويطيب أكلها، فعلامة حسن مأكلها وطيبها كونها تحمر وتصفر، والمراد ثمر النخل فإنه يكون أصفر وأحمر.
قوله: [(ويؤكل منها)] .
يعني: يطيب أكلها.



تراجم رجال إسناد حديث (نهى أن تباع الثمرة حتى تفتح)
قوله: [حدثنا أبو بكر محمد بن خلاد الباهلي] .
ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة، وهو عم أبي عمرو محمد بن خلاد الباهلي.
[حدثنا يحيى بن سعيد] .
يحيى بن سعيد القطان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سليم بن حيان] .
سليم بن حيان وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وسليم ليس في رجال الكتب الستة من يقال له: سليم بفتح السين إلا هو، ومن سواه يقال له: سُليم، وهم كثيرون.
[أخبرنا سعيد بن مينا] .
سعيد بن مينا ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي.
[عن جابر بن عبد الله] .
جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.



شرح حديث (نهى عن بيع العنب حتى يسود)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي حدثنا أبو الوليد عن حماد بن سلمة عن حميد عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (نهى عن بيع العنب حتى يسود، وعن بيع الحب حتى يشتد) ] .
أورد أبو داود حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى عن بيع العنب حتى يسود) يعني: حتى يطيب ويتغير لونه إلى السواد إذا كان يتغير بالاسوداد، وأما إذا كان يتغير بدون اسوداد كما هو الحال في بعض العنب فالمقصود أن يطيب أكله، وإذا كان يستفاد منه قبل طيب الأكل، وهو أن يؤكل حصرماً، فيجوز بيعه قبل أن ينضج، ولا يترك على الشجر، وإنما يقطع ويستفاد منه بالأكل أو البيع.
وإذا حصل البيع قبل بدو الصلاح بدون شرط القطع فالبيع فاسد، فيرجع للمشتري نقوده حتى وإن تلف الثمر أو الزرع، لأن البيع لم ينعقد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك مطلقاً سواء كان بشرط أو بدون شرط.
قوله: [(وعن بيع الحب حتى يشتد)] .
يعني: يشتد في سنبله، بمعنى أنه يستوي وتؤمن عاهاته مثل ما مر في الحديث السابق: (حتى يبيض) .



تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن بيع العنب حتى يسود)
قوله: [حدثنا الحسن بن علي] .
الحسن بن علي الحلواني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي.
[حدثنا أبو الوليد] .
هو هشام بن عبد الملك الطيالسي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حماد بن سلمة] .
حماد بن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن.
[عن حميد] .
حميد بن أبي حميد الطويل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس] .
أنس بن مالك رضي الله عنه، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.



شرح حديث (لا تبتاعوا الثمرة حتى يبدو صلاحها)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عنبسة بن خالد حدثني يونس سألت أبا الزناد عن بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه وما ذكر في ذلك، فقال: كان عروة بن الزبير يحدث عن سهل بن أبي حثمة عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه قال: (كان الناس يتبايعون الثمار قبل أن يبدو صلاحها، فإذا جذ الناس وحضر تقاضيهم قال المبتاع: قد أصاب الثمر الدمانة وأصابه قشام وأصابها مراض -عاهات يحتجون بها- فلما كثرت خصومتهم عند النبي صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كالمشورة يشير بها: فإما لا فلا تتبايعوا الثمرة حتى يبدو صلاحها.
لكثرة خصومتهم واختلافهم) ] .
أورد أبو داود حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه، وفيه بيان السبب في تحريم بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، وهو أنهم كانوا يشترونها قبل أن تزهو من أجل أن يبقوها حتى تزهو ويستفيدوا منها، فيحصل لها أمراض قبل بدو صلاحها، فعندما يأتون للتقاضي والاستيفاء يقول المشتري: حصل لها كذا، وحصل لها كذا، وحصل لها كذا، فكثرت خصوماتهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم نهاهم عن ذلك البيع ما دام يؤدي إلى هذه الخصومات، فلا يجوز البيع إلا بعد بدو الصلاح.
قوله: [(فإذا جذ الناس وحضر تقاضيهم، قال المبتاع: قد أصاب الثمر الدمان)] .
يعني: إذا جاء صاحب الحق يطالب بحقه فالمشتري -وهو المبتاع- يبدأ يتعلل ويقول: حصل كذا، وحصل كذا، وأريد أن تسقط عني كذا، أو أنت لا تستحق كذا وكذا، فكثرت الخصومات، فعند ذلك نهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار قبل بدو الصلاح.
والدمان والقشام والمراض هي أنواع من الأمراض.
قوله: [(عاهات يحتجون بها)] .
هذا يرجع لهذه الثلاثة الأمراض، وكذلك لغيرها من العاهات.
يحتجون بها أي: يتعللون بها من أجل أن يطرح لهم شيء من القيمة.
قوله: [(فلما كثرت خصوماتهم عند النبي صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كالمشورة يشير بها)] .
يعني: يشير عليهم؛ لأن هذا البيع يترتب عليه هذه الخصومات والأضرار.
قوله: [(فإما لا فلا تتبايعوا الثمرة حتى يبدو صلاحها).
يعني: ما دام الأمر كذلك، وهو حصول الخصومات والتنازع فلا تبيعوا الثمار حتى يحصل بدو الصلاح، وبذلك تسلمون من هذه الخصومات والمنازعات.
والأصل في النهي أنه للتحريم، وذلك لما يترتب على هذا البيع من الخلاف والتنازع.



تراجم رجال إسناد حديث (لا تتبايعوا الثمرة حتى يبدو صلاحها)
قوله: [حدثنا أحمد بن صالح] .
أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.
[حدثنا عنبسة بن خالد] .
عنبسة بن خالد صدوق، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[حدثني يونس] .
يونس بن يزيد الأيلي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الزناد] .
هو عبد الله بن ذكوان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عروة] .
عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سهل بن أبي حثمة] .
سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه، وهو صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن زيد بن ثابت] .
زيد بن ثابت رضي الله عنه وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.



شرح حديث (نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه ولا يباع إلا بالدينار والدرهم)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني حدثنا سفيان عن ابن جريج عن عطاء عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: (نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه، ولا يباع إلا بالدينار أو بالدرهم إلا العرايا) ] .
أورد أبو داود حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم: (نهى عن بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه) ، وهذا قد تقدم.
قال: (ولا يباع إلا بالدينار والدرهم) يعني: أنه لا يباع بتمر من جنسه، لأن هذا هو المزابنة التي مر النهي عنها، ثم قال: (إلا العرايا) فهي مستثناة، فيجوز أن يباع ما في رءوس النخل بتمر يدفع مقدماً عند الاتفاق لمالك النخل، والذين اشتروا النخلات يستفيدون منها شيئاً فشيئاً، وتجوز العرايا في حدود أقل من خمسة أوسق كما مر.
والأصل في المزابنة أنها لا تجوز، ولا يباع الجنس بجنسه فيها إلا العرايا، وأما لو بيع بغير الدراهم والدنانير كأن يقول مثلاً: بعني هذا الحائط بسيارة، فلا بأس؛ لأن السيارة ليست من جنسه، فلا يدخلهما الربا، لكن إذا باعه من جنسه يدخله الربا.



تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه ولا يباع إلا بالدينار والدرهم)
قوله: [حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني] .
إسحاق بن إسماعيل الطالقاني ثقة، أخرج له أبو داود.
[حدثنا سفيان] .
سفيان بن عيينة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن جريج] .
عبد الملك بن جريج المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء] .
عطاء بن أبي رباح المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن جابر] .
جابر رضي الله عنه مر ذكره.
وفي هذا الإسناد ثلاثة من الرجال مكيون، وهم: سفيان بن عيينة وابن جريج وعطاء بن أبي رباح.



بيع السنين



شرح حديث (نهى عن بيع السنين)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في بيع السنين.
حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين قالا: حدثنا سفيان عن حميد الأعرج عن سليمان بن عتيق عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (نهى عن بيع السنين، ووضع الجوائح) ] .
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة (باب بيع السنين) والمقصود بالسنين أن يبيع ثمر النخل لمدة ثلاث سنوات أو خمس سنوات أو سنتين، وذلك لا يجوز؛ لأنه بيع شيء غير موجود، ولا يجوز أن يباع الثمر إلا إذا وجد وبدا صلاحه، وقبل بدو الصلاح لا يجوز بيعه.
إذاً: بيع السنين أن يتفق صاحب النخل أن يبيع ثمرات هذه النخلات لآخر لمدة ثلاث سنوات بكذا إما جملة أو لكل سنة، فهذا لا يجوز؛ لأن الثمر لا يجوز بيعه إلا إذا وجد وبدا صلاحه.
وجاء في بعض الروايات (نهى عن المعاومة) يعني: الأعوام.
قوله: [(ووضع الجوائح)] .
يعني: إذا بيع الثمر بعد بدو الصلاح، وحصلت له جائحة، فإنها موضوعة، ويتحملها المالك وليس المشتري، وجاء في بعض الروايات: (بم يأخذ أحدكم مال أخيه؟) يعني: أنت بعته على أن يستفيد منه، ثم حصل شيء يمنعه من الاستفادة، فبأي حق يأخذ أحدكم مال أخيه؟! إذاً: المقصود بوضع الجوائح أن الثمر الذي أصيب بعد بدو صلاحه يرجع فيه على المالك الذي باعه بقدر ما نقص منه بسبب الجائحة، وهذا إن كان النقص جزئياً، وإن كان كلياً فإنه يرجع عليه بكل ما دفع له.



تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن بيع السنين)
قوله: [حدثنا أحمد بن حنبل] .
أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه المحدث، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ويحيى بن معين] .
يحيى بن معين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان] .
سفيان بن عيينة، مر ذكره.
[عن حميد الأعرج] .
حميد الأعرج، ليس به بأس -بمعنى صدوق- أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سليمان بن عتيق] .
سليمان بن عتيق وهو صدوق، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
[عن جابر بن عبد الله] .
جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، وقد مر ذكره.



مذهب أهل المدينة في الجوائح
[قال أبو داود: لم يصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الثلث شيء، وهو رأي أهل المدينة] .
مذهب أهل المدينة أن الذي يوضع من الجوائح إذا كان أكثر من الثلث، فإن كان أقل من الثلث فلا توضع الجائحة، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح مطلقاً من غير أن يفصل بين ما يكون أقل من الثلث أو أكثر.
وبعض أهل العلم قال: الأمر بوضع الجوائح للاستحباب، لكن الذي يظهر لي أنه للوجوب؛ لأنه قال: (بأي شيء يأخذ أحدكم مال أخيه؟) وهذا يدل على أن أخذه حرام.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29-06-2025, 03:54 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,486
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [391]
الحلقة (423)



شرح سنن أبي داود [391]
الإجارة لها أحكام كثيرة، وبعض أنواع الإجارة صحيحة وبعضها غير صحيحة، ومعرفة أحكامها من المهمات؛ فإنه لا يخلو الإنسان -غالباً- أن يكون أجيراً أو مؤجراً.
وللإجارة والبيع أحكام؛ فمنها الجائز، ومنها المحرم.




الإجارة




شرح حديث عبادة (علمت ناساً من أهل الصفة الكتاب والقرآن فأهدى إلي رجل منهم قوساً)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [كتاب الإجارة.
باب في كسب المعلم.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع وحميد بن عبد الرحمن الرؤاسي عن مغيرة بن زياد عن عبادة بن نسي عن الأسود بن ثعلبة عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: (علمت ناساً من أهل الصفة الكتاب والقرآن، فأهدى إلي رجل منهم قوساً فقلت: ليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله عز وجل، لآتين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلأسألنه، فأتيته فقلت: يا رسول الله! رجل أهدى إلي قوساً ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن، وليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله، فقال: إن كنت تحب أن تطوق طوقاً من نار فاقبلها) .
حدثنا عمرو بن عثمان وكثير بن عبيد قالا: حدثنا بقية قال: حدثني بشر بن عبد الله بن يسار قال عمرو: وحدثني عبادة بن نسي عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه نحو هذا الخبر، والأول أتم، (فقلت: ما ترى فيها يا رسول الله؟ فقال: جمرة بين كتفيك تقلدتها أو تعلقتها) ] .
أورد أبو داود كتاب الإجارة، وقد مر كتاب البيوع، والبيوع يتعلق ببيع الأعيان، ويكون على الدوام والتأبيد، بمعنى أن الإنسان يبيع السلعة ويأخذ ثمنها، والمشتري يأخذ السلعة ويملكها باستمرار، لا ترجع إلى المالك، بل من اشترى -مثلاً- أرضاً فإنها تبقى في ملكه حتى تخرج من ملكه ببيع أو إرث أو غير ذلك، أما الإجارة فهي تعتبر بمثابة بيع المنافع، ولا بد فيها من التحديد بمدة معينة، ولا يجوز أن يكون الأجل مجهولاً، بل لا بد أن يكون الأجل معلوماً، لمدة سنة أو لمدة سنتين، وكلما انتهت السنة -مثلاً- إما أن يجدد العقد وإما أن يترك أحدهما تجديده، وفي أثناء المدة ليس لأحد منهما أن يفسخ العقد؛ لأنه عقد لازم من الطرفين، فليس للمالك أن يخرج المستأجر قبل انتهاء المدة، وليس للمستأجر أن يخرج ويقول: استلم أرضك أو استلم عمارتك، أنا لا أريد أن أستمر؛ لأنه عقد لازم، ولا يتم الفسخ في أثناء المدة إلا برضا الطرفين، فالإجارة عقد على المنافع، والمنافع توجد شيئاً فشيئاً.
والعلماء متفقون على جواز الإجارة، ولم يخالف فيها إلا ابن علية والأصم، وابن علية هو إبراهيم بن إسماعيل، كما قال عنه الذهبي في الميزان: جهمي هالك، وأبو بكر بن كيسان الأصم معتزلي، فهما من المبتدعة، وكلامهما وجوده مثل عدمه.
ثم كيف تكون الإجارة ممنوعة أو محرمة، والحال أنه لا يستغني أحد عنها، لأنه لا يستطيع الإنسان أن يملك كل شيء، وأن يكون عارفاً لكل مهنة، فلا يحتاج إلى أن يستأجر كهربائياً أو يستأجر سباكاً؟ هذا شيء غير معقول وغير صحيح، والمسألة مجمع عليها، ولم يخالف فيها إلا هذان المبتدعان.
أورد أبو داود باب كسب المعلم، يعني كون المعلم يأخذ أجرة على تعليمه، هل له ذلك أو ليس له ذلك؟ العلماء اختلفوا في هذا، فمنهم من قال: إن المعلم لا يأخذ الأجرة، ولكنه يأخذ الجعل الذي يوضع له في بيت المال أو في أوقاف المسلمين على من يعمل أعمال القربات مثل تعليم العلم النافع وتعليم القرآن، فيأخذ الجعل ولا يأخذ الأجرة، ولا يقال: إنه أجير، ولكن يقال: إنه يعمل عملاً طيباً، ويأخذ الجعل الذي خصص في بيت المال أو في أوقاف المسلمين أو من أهل حي أو أهل قرية.
ومن العلماء من قال: إن أخذ الأجرة على التعليم جائزة، ويستدلون بقصة الذي رقى اللديغ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله) ، قالوا: فهذا يدل على جواز الإجارة على تعليم القرآن.
وكذلك أيضاً قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (زوجتك على ما معك من القرآن) ، فقد جعل المهر تعليمها سوراً من القرآن.
ولا شك أن على معلم القرآن أن يريد القربة والثواب، وإذا أخذ الشيء الذي جعل له فقد أخذ شيئاً من الثواب المعجل له في الدنيا قبل الآخرة، ولكن لا ينبغي أن تكون القرب كالمهن الأخرى، فلا يفعل القربة إلا بشيء معلوم، فقد نقل الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه في كتاب آداب المشي إلى الصلاة أنه قيل للإمام أحمد: إن رجلاً يقول: أصلي بكم رمضان بكذا وكذا درهماً فقال: أسأل الله العافية! ومن يصلي خلف هذا؟! يعني: أن هذا همه الدنيا، ولا يعمل إلا للدنيا، لكن إذا كانت هناك أموال في بيت المال أو أوقاف مخصصة لمن يقوم بهذا العمل المشروع الذي هو قربة إلى الله عز وجل، أو اتفق أناس فيما بينهم على أنهم يطلبون من أحد المعلمين أن يعلم أولادهم، ويجعلون له جعلاً يعطونه إياه في مقابل تعليمه؛ فهذا لا شك أنه سائغ وجائز.
أورد أبو داود حديث عبادة بن الصامت من طريقين، وفيه أنه علم بعض أهل الصفة الكتابة والقرآن، وأنه أهدى له قوساً، فأخذه وتردد في قبوله وفي حله له، فجاء يستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال له: (جمرة من نار بين كتفيك) ، وفي اللفظ الآخر: (إن أحببت أن تطوق بها طوقاً من نار فاقبلها) .
وهذا يدل على تحريم أخذ الأجرة على تعليم القرآن، وقال بعض أهل العلم في التوفيق بين هذا وبين ما جاء في جواز أخذ الأجرة: يحمل هذا الحديث على ما إذا كان متعيناً عليه أنه يعلم القرآن، وليس هناك أحد غيره يقوم بهذا العمل، فإنه يقوم به في غير مقابل، أما إن كان غير متعين عليه فله أن يأخذ الأجرة.
ومنهم من قال: إذا كان فعله على سبيل الاحتساب فليس له أن يأخذ عليه شيئاً، وأما إذا كان في نيته أنه إذا أعطي شيئاً في مقابل عمله فإنه سيأخذه، فإن ذلك لا بأس به، ويكون حديث عبادة بن الصامت محمولاً على أنه فعل أمراً مشروعاً متبرعاً متطوعاً ثم أخذ عليه شيئاً مقابل تطوعه، وأما الأجرة على الرقية فسيأتي ذكرها في الباب الذي بعد هذا.




تراجم رجال إسناد حديث (علمت ناساً من أهل الصفة الكتاب والقرآن فأهدى إلي رجل منهم قوساً)
قوله: [حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة] .
أبو بكر بن أبي شيبة هو عبد الله بن محمد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[حدثنا وكيع] .
وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وحميد بن عبد الرحمن الرؤاسي] .
حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مغيرة بن زياد] .
صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب السنن.
[عن عبادة بن نسي] .
عبادة بن نسي وهو ثقة أخرج له أصحاب السنن.
[عن الأسود بن ثعلبة] .
الأسود بن ثعلبة وهو مجهول، أخرج له أبو داود وابن ماجة.
[عن عبادة بن الصامت] .
عبادة بن الصامت رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والحديث فيه مجهول، ولكن الطريق الثاني يشهد له ويؤيده ويقويه.
قوله: [حدثنا عمرو بن عثمان] .
عمرو بن عثمان هو ابن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي وهو صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[وكثير بن عبيد] .
كثير بن عبيد ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[حدثنا بقية] .
بقية بن الوليد وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[حدثني بشر بن عبد الله بن يسار] .
بشر بن عبد الله بن يسار وهو صدوق، أخرج له أبو داود.
[قال عمرو: وحدثني عبادة بن نسي] .
عمرو هو عمرو بن عثمان.
وقوله: وحدثني عبادة بن نسي يدل على أنه أخبره بهذا وبغيره؛ لأن هذه العبارة: (وأخبرني) تدل على أنه يوجد شيء محذوف، بدليل واو العطف، وهم يلتزمون الإتيان بها في الأسانيد من أجل دلالتها على أن هناك شيئاً آخر معطوفاً على هذا، بخلاف ما إذا كانت الرواية بدون عطف، فإنه يقول: أخبرني بدون واو.
[عبادة بن نسي] .
مر ذكره.
[عن جنادة بن أبي أمية] .
جنادة بن أبي أمية تابعي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبادة بن الصامت] .
مر ذكره.




كسب الأطباء




شرح حديث (من أين علمتم أنها رقية)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في كسب الأطباء.
حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (أن رهطاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلقوا في سفرة سافروها، فنزلوا بحي من أحياء العرب فاستضافوهم، فأبوا أن يضيفوهم، قال: فلدغ سيد ذلك الحي، فشفوا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا بكم لعل أن يكون عند بعضهم شيء ينفع صاحبكم، فقال بعضهم: إن سيدنا لدغ، فشفينا له بكل شيء فلا ينفعه شيء، فهل عند أحد منكم شيء يشفي صاحبنا؟ يعني: رقية، فقال رجل من القوم: إني لأرقي، ولكن استضفناكم فأبيتم أن تضيفونا، ما أنا براق حتى تجعلوا لي جعلاً، فجعلوا له قطيعاً من الشاء، فأتاه فقرأ عليه بأم الكتاب ويتفل حتى برأ كأنما أنشط من عقال، فأوفاهم جعلهم الذي صالحوه عليه، فقالوا: اقتسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنستأمره، فغدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له، فقال: رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: من أين علمتم أنها رقية؟! أحسنتم واضربوا لي معكم بسهم) ] .
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي كسب الأطباء يعني: أنه مباح وسائغ، وكون الطبيب يأخذ أجرة على تطبيبه وعلاجه لا بأس بذلك؛ لأنه بذل جهداً وعملاً، وأخذه الأجرة مقابل ذلك سائغ، وليس من قبيل التعليم؛ لأن الهداية ما تعرف إلا بالقرآن والسنة، وأما العلاج فإنه يأتي من طرق متعددة، فإنه ما أنزل الله داء إلا وأنزل له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله.
أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أنهم كانوا في سفر مع جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمروا بحي من العرب فاستضافوهم فلم يضيفوهم يعني: ما أعطوهم حق الضيافة وما قدموا لهم الضيافة، فكانوا قريبين منهم، فلدغت سيدهم دابة من ذوات السموم (حية أو عقرب) فبحثوا عن كل شيء يعالجونه به فما حصل شفاؤه، وبقي على تألمه وتأثره وتضرره، فقال بعضهم: لو أنكم رأيتم هؤلاء الذين نزلوا بكم عسى أن يكون معهم شيء يشفي، فجاءوا إليهم وقالوا لهم: هل عندكم من شيء يشفي، فقد فعلنا كل ما نستطيع من أجل شفاء سيدنا مما أصابه فلم نجد شيئاً، فلعل أن يكون عندكم رقية؟ فقال بعضهم: إني لراق، ولكننا استضفناكم فلم تضيفونا، فلست براق حتى تجعلوا لي جعلاً، فجعلوا له قطيعاً من الغنم، فقرأ عليه فاتحة الكتاب، فقام كأنما أنشط من عقال، يعني قام كأنه ما حصل به أي شيء، وشفي تماماً.
وأصل كلمة (أنشط من عقال) أن البعير يعقل بعقال في يده، وإذا أريد أن يقوم من أجل استخدامه والاستفادة منه بالركوب أو الحمل عليه؛ فك عقاله الذي كان يمنعه من القيام، فإذا فك عقاله قام بسرعة، وهذا الشخص مثل البعير الذي ربطت يده في العقال، وكان يحاول أن يقوم فلا يتمكن، فعندما فك العقال قام بسرعة، فهذا عندما قرأ عليه شفي.
فأعطوهم المقدار الذي اتفقوا معهم عليه، وقد كان الاتفاق مع الراقي، ولكنه صار لهم جميعاً، وهذا من مكارم الأخلاق ومن محاسن العادات، حيث إن الرفقة يشتركون في هذه الأجرة، ولا يختص بها الراقي وحده عن رفاقه وأصحابه.
ولما أرادوا أن يأكلوا ترددوا، لأن هذه الغنم مقابل قراءة، فخشوا أن يكون ذلك ممنوعاً، فذهبوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وسألوه وقال: (أحسنتم، اضربوا لي معكم بسهم) ، ويريد بذلك أن تطييب خواطرهم، وليس ذلك رغبة في أن يكون له نصيب مما حصلوا، لكنه لما رآهم مترددين متوقفين أراد أن يطيب خواطرهم بأن يشاركهم في الأكل من هذا الشيء الذي هم متوقفون فيه، حتى يطمئنوا إلى أن هذا الذي حصلوه حلال، وهذا الذي حصل لهم مقابل علاج، وليس مقابل تعليم؛ لأن التعليم فيه الهداية، والهداية لا تكون إلا بطريق القرآن والسنة، وأما العلاج فيكون بطريق القرآن وغير القرآن، ولهذا قال: (كسب الأطباء) ؛ لأن هذا يعتبر من قبيل الطب؛ لأنه عالجه وبرأ من اللدغة بهذا العلاج، فدل على أن أخذ الطبيب للأجرة جائز، وليس هو من قبيل التعليم؛ لأن التعليم فيه الهداية وفيه الخروج من الظلمات إلى النور وفيه سعادة الدنيا والآخرة، وأما هذا فليس فيه إلا الشفاء من المرض، والعلاج يكون بالقرآن وبغير القرآن، ولكن الهداية لا سبيل إليها إلا عن طريق الكتاب والسنة، وهو الوحي الذي جاء به رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وقد قيل: إن الذي رقى هو أبو سعيد رضي الله عنه، ولكنه أبهم نفسه، والراوي قد يبهم نفسه، ولا بأس بهذا، وهو صادق في قوله: (قال رجل من القوم) ، فهو من القوم.
قوله: [فأوفوهم جعلهم الذي صالحوه عليه، فقالوا: اقتسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا] .
المراد أنهم يقتسمون هذا الجعل، وإن كان الذي رقى واحداً، وكونه يشترك ورفقته في هذا الجعل من مكارم الأخلاق.
قوله: [فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنستأمره] هذا يدلنا على ما كان عليه أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام من التورع ومن الرجوع إلى النبي عليه الصلاة والسلام في معرفة الأحكام الشرعية.
قوله: [فغدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أين علمتم أنها رقية؟! أحسنتم، واضربوا لي معكم بسهم) ] .
قال هذا تطييباً لخواطرهم، حتى لا يكون في نفوسهم شيء وتردد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم -وهو سيد الخلق- سيأكل من هذا الشيء الذي حصلوه، ويشاركهم فيه.




تراجم رجال إسناد حديث (من أين علمتم أنها رقية)
قوله: [حدثنا مسدد] .
مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا أبو عوانة] .
هو الوضاح بن عبد الله اليشكري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي بشر] .
هو جعفر بن إياس بن أبي وحشية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي المتوكل] .
أبو المتوكل الناجي هو علي بن داود ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سعيد] .
هو سعد بن مالك بن سنان، أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.




شرح حديث (من أين علمتم أنها رقية) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أخيه معبد بن سيرين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بهذا الحديث] .
أورد المصنف طريقاً آخر لهذا الحديث، ولم يسق المتن، وأحال إلى متن الرواية السابقة.
قوله: [حدثنا الحسن بن علي] .
الحسن بن علي الحلواني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي.
[حدثنا يزيد بن هارون] .
يزيد بن هارون الواسطي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا هشام بن حسان] .
هشام بن حسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن سيرين] .
محمد بن سيرين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أخيه معبد بن سيرين] .
معبد بن سيرين وهو ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[عن أبي سعيد] .
مر ذكره.




شرح حديث (كل فلعمري لمن أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن عبد الله بن أبي السفر عن الشعبي عن خارجة بن الصلت عن عمه رضي الله عنه: (أنه مر بقوم فأتوه فقالوا: إنك جئت من عند هذا الرجل بخير، فارق لنا هذا الرجل، فأتوه برجل معتوه في القيود، فرقاه بأم القرآن ثلاثة أيام غدوة وعشية، وكلما ختمها جمع بزاقه ثم تفل، فكأنما أنشط من عقال! فأعطوه شيئاً فأتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فذكره له، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: كل؛ فلعمري لمن أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق) ] .
أورد أبو داود حديث عم خارجة بن الصلت وهو علاقة بن سحار، وأنه مر بأناس وفيهم رجل معتوه مقيد، فطلبوا منه أن يرقيه، فرقاه بفاتحة الكتاب، فكان يقرأ ثم يتفل عليه، وبعدما قرأ عليه شفي، فأعطوه جعلاً، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: (كل؛ فلعمري من أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق) .
وقوله: (لعمري) هذه من الصيغ المؤكدة، وليست قسماً، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يستعمل هذا كما في هذا الحديث، وعائشة رضي الله عنها كانت تستعمل هذا كما جاء عنها أنها قالت: لعمري ما أتم الله عمرة من لم يطف بين الصفا والمروة، وكذلك يستعمله العلماء من أهل السنة، فهو ليس من ألفاظ القسم، وإنما هو من ألفاظ تأكيد الكلام، والشيخ حماد الأنصاري رحمه الله كتب في هذا بحثاً، وهو منشور في مجلة الجامعة بعنوان (لعمري) .




تراجم رجال إسناد حديث (كل لعمري من أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق)
قوله: [حدثنا عبيد الله بن معاذ] .
عبيد الله بن معاذ العنبري ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[حدثنا أبي] .
معاذ بن معاذ العنبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة] .
شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن أبي السفر] .
عبد الله بن أبي السفر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن خارجة بن الصلت] .
خارجة بن الصلت وهو مقبول أخرج له أبو داود والنسائي.
[عن عمه] .
هو علاقة بن سحار، وهو صحابي، أخرج له أبو داود والنسائي.




الأسئلة




حكم الرقية للكافر
السؤال هل هذا الذي رقي في حديث الرقية كان كافراً؟ وهل تنفع رقية الكافر مع عدم إيمانه بالقرآن؟
الجواب لا أدري هل كان كافراً أو مسلماً، لكن الرقية هي علاج، وقد يشفي الله الكافر بهذا العلاج.




حكم التخصص لرقية المرض
السؤال الآن بعض المقرئين يتخصص لرقية المرض، ويفتح له عيادة لذلك أو في بيته، فما الحكم؟
الجواب نفع الناس طيب، ولكن ليس بهذا التوسع وبهذا الابتذال الذي قد حصل، فهذا التوسع غير جيد، حتى أن بعضهم بسبب كثرة المتعالجين عنده يقرأ على عدة أشخاص! فهذا لا وجه له، وكونه يبيع الماء المرقي هذا توسع غير جيد.




الحكمة من الخرص
السؤال لماذا يخرصون النخل ولا ينتظرون اجتناءه ثم يكال ويقسم بالنصف؟
الجواب لأن النخل يؤكل رطباً، ويستفاد منه وهو رطب، وفيه الزكاة، فمن أجل أن تعرف مقدار الزكاة فيه يخرص، فالذي يقوم على النخل يأكل منه ما يشاء، ولكنه يضمن نصيب المالك من المقدار الذي خرص، وكذلك مقدار الزكاة من المقدار الذي خرص.
إذاً: يترتب على الخرص فائدتان: الأولى: أن صاحب الحق يعرف مقدار ما يستحقه.
الثانية: أن العامل يتصرف في الثمرة ببيعها وهي رطبة ويأكل ويهدي ويتصدق ويتصرف، ولكنه ضامن للمقدار الذي يستحقه الطرف الثاني، وكذلك الزكاة.
والزكاة تخرج من رأس المال الذي حزر كله.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 220.25 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 218.09 كيلو بايت... تم توفير 2.17 كيلو بايت...بمعدل (0.98%)]