دور الزكاة في تحقيق التنمية والانتعاش الاقتصاديين للبلدان الإسلامية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حال السلف في الاهتمام بالصف الأول وتكبيرة الإحرام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          حكم إصدار صكوك المقارضة، وتداولها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          أخطاء في الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 79 )           »          إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 144 )           »          شرح حديث: أصبت السنة وأجزأتك صلاتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 110 )           »          شرح حديث جابر:إن من أحبكم إلي ... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 79 )           »          حكم هجر أهل البدع وترك مجالستهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 114 )           »          وبشر المؤمنين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 107 )           »          حديث: إني كنت ألبس هذا الخاتم وأجعل فصه من داخل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 70 )           »          ابن جبرين يحدثنا عن الموت وقبض الروح! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 102 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-02-2024, 12:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,181
الدولة : Egypt
افتراضي دور الزكاة في تحقيق التنمية والانتعاش الاقتصاديين للبلدان الإسلامية

دور الزكاة في تحقيق التنمية والانتعاش الاقتصاديين للبلدان الإسلامية
د. عبدالله محمد قادر جبرائيل

الزكاة هي الركن الثالث من الأركان الخمسة للدين الإسلامي الحنيف، المتضمن: النطق بالشهادتين، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت إن استطاع إليه سبيلًا، وهي فريضة مالية، تتمثل بأقدار معلومة من أموال معينة مخصصة إلى مصارف معينة، وهي واجبة بالقرآن والسنة، وإجماع الفقهاء، والزكاة فريضة على كل مسلم مَلَكَ نصابًا من ماله، بشروط فرضها الله تعالى في كتابه الكريم؛ بقوله جل جلاله: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة: 110]، ففرض الله الزكاة، وجعلها ركنًا من أركان الإسلام، فمن منع الزكاة جاحدًا لفرضها كَفَرَ، ويجب على الإمام محاربته وقتاله، كما فعل الخليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه، عندما حارب أهل الردة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث كان فيهم من ينكر وجوب الزكاة ويجحدها، ومن منعها بخلًا مع إقراره بها أثِمَ وأُخذت منه كرهًا، والمزكِّي هو الشخص الذي تجب في ماله الزكاة، ويشترط أن يكون مسلمًا، ولا يشترط فيه البلوغ أو العقل، ويشترط لوجوب الزكاة شرطان أساسيان[1]:
1- ملك المسلم مالًا يبلغ نصابًا، وهو الحد الأدنى الذي تجب فيه الزكاة، ويختلف بحسب نوع المال.

2- مُضِيُّ حَوْلٍ (سنة قمرية) على ملكه للمال الذي تجب فيه الزكاة.

أما زكاة الفطر فهي نوع آخر من أنواع الزكاة، ومستقلة وغير تابعة لأي منها، وتختلف عنها كونها تُؤخَذ من المسلمين ذكرًا وأنثى، صغارًا وكبارًا، من دون الفرق فيما بينهم، وحكمتها تطهير الصائمين من اللغو والرفث أثناء الصيام في شهر رمضان، وكذلك لتكون عونًا للفقراء والمحتاجين على شراء احتياجات العيد؛ ليشاركوا المسلمين فرحتهم.

ولما كان شهر رمضان هو خير الشهور وأفضلها، فهو موسم الطاعات وتربية النفوس وتهذيبها، فقد شُرعت فيه عبادات لم تُشرع في غيره من شهور السنة، كزكاة الفطر التي ارتبطت بهذا الشهر دون غيره، وهذه الزكاة صدقة تجب بالفطر من رمضان، وأُضيفت الزكاة إلى الفِطْرِ؛ لأنها سبب وجوبها.

وزكاة الفطر مرتبطة بانتهاء عبادة عظيمة هي صوم شهر رمضان المبارك، فُرضت لتطهير نفسِ مَن صام رمضان من اللغو؛ وهو ما لا ينعقد عليه القلب من القول، ومن الرفث؛ وهو الفحش من الكلام، والحكمة الأخرى هي توفير الطعام للمسكين في يوم العيد؛ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الصيام ليس من الأكل والشرب فقط، إنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابَّك أحد أو جهِل عليك، فقل: إني صائم))؛ [أخرجه ابن حبان (8/255، رقم الحديث: 3479)].

القواعد العامة في الزكاة[2]:
هناك مجموعة كبيرة من القواعد تحكم الأموال الزكوية وفي نصابها وشروطها؛ منها ما يلي:
1- الأموال الزكوية يجب أن تكون ملكًا للإنسان:
من شروط الأموال الزكوية هي تميُّز الثروة بتمام الملكية فيها، ويقصد بها تمام ملكيتي المنفعة والرقبة في آنٍ واحد.

ففي منظور الاقتصاد الإسلامي: إن الملك الحقيقي هو لله تعالى فقط؛ يقول الله عز وجل: ﴿ وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ﴾ [النور: 33]، فالمال ليس مال الإنسان، وإنما مال الله تعالى، أما أنتم فـمستخلفون فيه؛ يقول الله عز وجل: ﴿ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ﴾ [الحديد: 7]، لذلك فأنتم تتصرفون بحسب إرادة المالك الحقيقي، وهو الله سبحانه وتعالى.

وهذه النظرة للاقتصاد الإسلامي تختلف جذريًّا عن نظرة النظم الاقتصادية الوضعية للملكية؛ ففي النظام الاشتراكي تكون الملكية للدولة، وفي النظام الرأسمالي تكون الملكية للفرد، أما في الإسلام فالملكية لله سبحانه وتعالى، ففي النظام الاشتراكي تفعل الدولة ما تشاء تصرفًا مطلقًا، والفرد ليس له ملكية خاصة استثمارية، وفي النظام الرأسمالي يتصرف الفرد في رأس ماله تصرفًا مطلقًا غير مقيد، أما في الاقتصاد الإسلامي؛ فالمال مال الله تعالى، ولذلك لا بد أن يكون التصرف بحسب ما أمر به مالك المال الحقيقي، ومالكه الحقيقي هو الله تبارك وتعالى.

إن الإنسان في منظور الاقتصاد الإسلامي يستطيع أن يتصرف في المال الذي استخلفه الله تعالى فيه إنتاجًا واستهلاكًا، واستثمارًا وادخارًا، وهبة وتوريثًا، وغيرها من الأحكام الشرعية، وإذا امتلك كل هذه الحقوق في ملكية الله تعالى وبأمر الله، فإن الله يلزمه بتقييدات وشروط عديدة عند تصرفه بهذه الأموال، وكذلك يُوجِب عليه أحكامًا وقواعدَ عديدة يجب عليه الالتزام بها وتطبيقها عند تصرفه وتعامله بهذه الأموال، من أحد هذه الأحكام هو وجوب التزامه بأحكام الصدقات الواجبة، ومن ضمنها الزكاة.

2- إن الزكاة تجب في المال النامي: والمال النامي نوعان؛ هما:
أ- مالٌ نامٍ بطبيعته: المال الذي يعتبر ناميًا بطبيعته هو الذهب والفضة والنقود، فيجب أن يزُكي سواء أستثمر أم لم تستثمر، فمن استثمره زكَّاه، ومن لم يستثمره وجب عليه أن يزكيه أيضًا، فلو أن أحدًا ادخر مالًا ثم استثمره أو عطله، ولم يستثمره، يجب عليه أن يزكي هذا المال في كلتا الحالتين، ولو أن أحدًا اكتنز مالًا بنيَّةِ عدم تزكيته، فإنه يعتبر آثمًا عند الله تعالى، ويجب أن يتراجع عن موقفه هذا، ويجب عليه أن يؤدي زكاة ماله؛ لأنه إن لم يفعل هذا فإنه يشمله قول الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [التوبة: 34]، وأموال اليتامى أيضًا تشملها الزكاة؛ لذلك أمرنا الإسلام بأن نتاجر فيها حتى لا تأكلها الصدقة؛ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتجروا في أموال اليتامى، لا تأكلها الزكاة))؛ [أخرجه الطبراني في الأوسط (4/264)، رقم الحديث: 4152]، وقول النبي عليه الصلاة والسلام: ((ابتغوا في مال اليتامى، لا تستهلكها الصدقة))؛ [أخرجه البيهقي (4/107)، رقم الحديث: 7130]؛ ابتغوا: اطلبوا بجدٍّ واجتهاد، والمعنى: اجتهدوا في الاتِّجار في أموال اليتامى حتى لا تأكلها الصدقة؛ [جمع الجوامع للإمام السيوطي، شرح حديث رقم: 104]، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((احفظوا اليتامى في أموالهم لا تأكلها الزكاة))؛ [أخرجه الدارقطني (2/110)].

ب- مال غير نامٍ بطبيعته يمتلكه الإنسان: هناك أموال غير نامٍ لدى الإنسان يمتلكه ويقتنيه لأغراضه الشخصية، ولحاجاته الخاصة، ولأفراد عائلته؛ مثل: بيت السكنى، السيارة الشخصية، أثاث وأمتعة البيت؛ كالكراسي والثلاجة، والمبردة والمواعين والملابس، كل هذه الأشياء وما شابهها ليست مُعَدَّةً للتنمية، وما دامت غير معدة للنَّماء فلا زكاة فيها.

الخلاصة: كل مال أو ثروة قابلة للنماء طبيعة؛ كالمزروعات والثمار، والنقود ورؤوس الأموال، وأموال التجارة، فإنها يجب أن تُزكَّى سواء أستثمر أم لم تستثمر، وكل مال أو ثروة غير قابلة للنماء طبيعة، فلا زكاة فيها.

3- تُؤخَذ الزكاة من الأغنياء فتُرد على الفقراء: والدليل على هذا هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حينما بعثه إلى اليمن: ((أعْلِمْهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم، تُؤخَذ من أغنيائهم، وتُرَد على فقرائهم))؛ [صحيح البخاري، رقم الحديث: 1331]؛ أي: صدقة أهل اليمن تُرَدُّ على فقرائهم، وقد أنكر الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه على معاذ بن جبل رضي الله عنه، حينما بعث إليه ثلث صدقة الناس وقال له: "لم أبعثْكَ جابيًا، ولا آخُذ جزية، ولكن بعثتك لتأخذ من أغنياء الناس، فتردها على فقرائهم، فقال معاذ: ما بعثتُ إليك، وأنا أجد أحدًا يأخذه مني"؛ [أبو عبيد، 1388هـ/ 784].

الفقير: هو الذي لا يجد تمامَ كفايته، وله الصفات الآتية:
لا يجد المسكن.
لا يجد الملبس.
لا يجد المأكل.
لا يجد المشرب.
إذا أراد أن يتزوج لا يجد المال؛ لكي يتزوج به.

هذا الفقير يمكن أن يرفع مستويات معيشته بالزكاة، بل يمكن أن يخرج من حالة الفقر، ويحول إلى رجل غنيٍّ يقوم بإعطاء الزكاة للآخرين؛ يقول رسول صلى الله عليه وسلم: ((من ولِيَ لنا عملًا ولم يكن له زوجة، فليتخذ زوجة ومن لم يكن له خادم، فليتخذ خادمًا أو ليس له مسكن، فليتخذ مسكنًا أو دابة، فليتخذ دابة، فمن أصاب سوى ذلك، فهو غالٍ أو سارق))؛ [أخرجه الإمام أحمد، رقم الحديث: 18044].

وفي رواية أخرى: ((من كان لنا عاملًا، فلم يكن له زوجة، فليكتسب زوجة، فإن لم يكن له خادم، فليكتسب خادمًا، فإن لم يكن له مسكن، فليكتسب مسكنًا، من اتخذ غير ذلك، فهو غالٍ أو سارق))؛ [أخرجه أبو داود، رقم الحديث: 2945].

إن الاقتصاد الإسلامي يضمن للفرد المسلم تمام الكفاية:
مِن الفقهاء مَن يقول: يُعطَون تمام الكفاية لمدة حَولٍ، ومنهم من يقول: يعطون تمام الكفاية مدة عمره.

ولذلك فإن حكمة الزكاة في الإسلام هي: إكرام الفقير، ومحاربة الفقر، وإغناء الفقير، والتقليل من عدد الفقراء، وتحويل الفقير الذي يستحق الزكاة إلى غنيٍّ يعطي الزكاة فيما بعد، وبكل ذلك يتحول المجتمع الإسلامي من مجتمع فيه كثير من الفقراء إلى مجتمع فيه كثير من الأغنياء والْمُوسرين.

4- إن الضريبة لا تغني عن الزكاة:
تُعرَف الضريبة الوضعية بأنها: اقتطاع نقدي جبري تجريه الدولة على موارد الوحدات الاقتصادية المختلفة، بقصد تغطية الأعباء العامة، وتوزيع هذه الأعباء بين الوحدات المذكورة طبقًا لمقدرتها التكليفية[3]، أو هي مبلغ من النقود تفرضه الدولة على الأشخاص، ويستحصل منهم بصورة إجبارية بصفة نهائية دون مقابل معين؛ وذلك لغرض استخدامها في تحقيق منفعة عامة[4].

أما الزكاة شرعًا فهي حصة مقدَّرة من المال فرضها الله تعالى في أموال المسلمين لثمانية أصناف من فئات المجتمع الإسلامي، حدده في القرآن الكريم؛ لذلك فهي مقدار مخصوص من المال، مخصوص لطائفة مخصوصة، ومن ثَمَّ فإن هناك اختلافًا كبيرًا بين كل من فريضة الزكاة الشرعية، وبين الضرائب الوضعية التي تفرضها الدولة في الاقتصاديات الوضعية.

هنا نبين أوجه الاختلاف بين كل من الزكاة والضرائب في الاقتصاديات الوضعية وكالتالي:
أوجه الاختلاف بينهما:
الزكاة في الاقتصاد الإسلامي
الضرائب في الاقتصاديات الوضعية
1- هي الركن الثالث من أركان الإسلام الخمس، وليست من وضع البشر.
1- هي من وضع البشر، ومن مميزات الاقتصاد الوضعي.
2- عبادة مالية للمسلمين، وتتميز بالسمات الأخلاقية والوازع الديني.
2- فريضة مالية ليست لها علاقة بالجوانب الأخلاقية أو الوازع الديني.
3-تزكِّي أنفس المسلمين وتطهر أموالهم وتبعدهم من الشحِّ والبخل والرذيلة.
3- إنها تستهدف أهدافًا مالية بحتة لا تتعلق بالجوانب المالية والأخلاقية.
4- فُرضت كتكليف شرعي؛ لأجل تزكية النفوس، وتطهير الأموال.
-هي عبادة مالية، تستهدف تحقيق التكافل الاجتماعي والاقتصادي في المجتمعات الإسلامية.
-نابع من الشريعة الإسلامية، فرضها الله تعالى بنصوص قطعية من القرآن والسنة، وليس للبشر الحق في التدخل فيها ازديادًا أو نقصانًا؛ لأنها فريضة مالية إلهية على أموال المسلمين فقط.
4- ابتكرتها نظريات معينة استخدمت كحجج لأخذها؛ مثل: نظرية المنفعة التي هي القيام بالمنافع العامة بأموال الضرائب المجباة، ونظرية سيادة الدولة، ومفادها ضرورة وجود الدولة سياسيًّا واجتماعيًّا، مما يتطلب تحمُّل الأعباء المالية التي تحتاجها الدولة حينئذٍ للقيام بهذه المهام.
5-عقوبة عدم إعطائها أخروية، إلا أن إمام المسلمين في المجتمعات الإسلامية يقوم بمحاربة ممتنعيها، كما فعله الخليفة الراشد الأول أبو بكر الصديق رضي الله عنه، عندما حارب أهل الردة.
5- تتراوح عقوبة ممتنعيها بين الحبس والإجبار على الدفع مع الغرامة.
6-تشمل المسلمين فقط.
6- تشمل المسلم وغير المسلم.
7- تُؤخَذ فقط من الأموال الطيبة والطاهرة.
7-تُؤخَذ من جميع الأموال، سواء كانت طيبة أم خبيثة.
8- تتصف بعضها بالدورية الحولية (أي بالسنوية)، والبعض الآخر بوقت الحصاد.
8- بعض منها لا تتصف بالدورية.
9- مقاديرها - أي نسبها - محددة بنصوص قطعية من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
9- مقاديرها غير محددة ومتغيرة، تتسم في بعض منها بالتصاعد مثل ضرائب الدخل.
10- ثابتة النسب والوعاء (النصاب).
10- تختلف وعاءها ونسبها من بلد وظروف لآخر.
11-تُصرَف فقط لثمانية أصناف من فئات المجتمع الإسلامي.
11- تدخل الميزانية العامة لتُصرف فيما بعد كنفقات عامة على المجالات الاقتصادية التي تحددها الدولة أو الاقتصاد الوضعي.
12-لا تنقل الزكاة من منطقة جغرافية لأخرى، إلا في الحالات الضرورية، أو عند وجود مسوغ شرعي لذلك.
12- تنقل إلى الميزانية العامة للدولة لتُصرف فيما بعد على المجالات أو الأقاليم التي تحددها الدولة وفق خططها الاقتصادية.
13- دافعوها من المسلمين لا يعتبرونها تكاليف استثمارية لاستثماراتهم؛ لذلك لا يقومون بنقل أعبائها على المستهلكين على شكل رفع الأسعار أو غيرها.
13- يعتبرها المستثمرون تكاليف استثمارية على استثماراتهم؛ لذلك يقومون بنقل أعبائها على المستهلكين - أي المواطنين - على شكل رفع أسعار السلع والخدمات المنتجة أو المعروضة من قِبَلِهم.

مما مرَّ نعلم أن هناك اختلافاتٍ جوهرية وأساسية بين كل من الزكاة والضرائب الوضعية، بل ومن الخطأ الفادح اعتبار الزكاة ضريبة؛ لأن الضرائب الوضعية شيء، والزكاة شيء آخر، وبينهما فروق واختلافات كثيرة وجوهرية.

وإن الضرائب الوضعية التي تفرضها الدولة على المواطنين المسلمين في البلدان الإسلامية ذات الاقتصاديات الوضعية لا يمكن اعتبارها زكاةً؛ لأن الزكاة - نشأةً وفريضةً وتكوينًا - تختلف عن الضرائب الوضعية وبشكل جذري، والذي يدفع الضرائب للأنظمة الاقتصادية الوضعية في البلدان الإسلامية وغيرها لا يجوز له اعتبارها زكاة؛ لأن هناك اختلافات جذرية وأساسية فيما بين كل منهما، وأن الضرائب الوضعية لا تُسقِط الزكاة عن الأغنياء والْمُوسِرين من المسلمين.

5- لا ثني ولا تكرار في الزكاة في الحول والحصاد والسبب الواحد:
هذه القاعدة تعني ما يلي:
أ- مرور سنة – حول - قمرية كاملة على ملكية النصاب[5]: فلا زكاة في المال مهما بلغ، إلا بعد مرور عام هجري واحد كامل عليه؛ وذلك بدليل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول))؛ [سنن أبي داود، رقم الحديث: 1573]، ويُستثنى من هذا الشرط الزروعُ والثمار والدفائن، فلا يشترط الحول لوجوب الزكاة في هذه الأموال، بل تجب فيها فور تحصيلها أو الحصول عليها.

ب- إن المال لا يُزكَّى في الحول الواحد أكثر من مرة؛ لأن الزكاة تُفرض مرةً واحدةً فقط في الحول الواحد.

ت- لا يزكَّى المال مرتين بسببين مختلفين: فعلى سبيل المثال إن الماشية - أي النعم من الشاة والبقر والإبل - الْمُعَدَّة للتجارة من قِبَلِ صاحبها يُزكَّى مرة واحدة فقط عند انتهاء الحول (سنة قمرية واحدة) عليها؛ لأنها أصبحت كسائر عروض التجارة، ويخرج منها زكاة الأموال الجارية؛ أي (2,5%) من قيمتها، ولا يخرج عنها زكاة الماشية، وهذا يعني أن تاجر الماشية هذه لا يزكي في آن واحد زكاة الماشية وزكاة التجارة في الماشية ذاتها، بل يزكي منها مرةً واحدةً فقط زكاة عروض التجارة.

وكذلك فإن المزروعات والثمار يزكَّى منها مرة واحدة فقط عند حصادها وبشروطها الشرعية الخاصة، حتى ولو أعدها صاحبها للتجارة أو لأي غرض آخر؛ لأن المال يفرض عليها الزكاة مرة واحدة فقط، ولا يجوز الازدياد على المرة الواحدة.

ج- لا يوجد هناك ربط بين الضريبة الوضعية والزكاة: لذلك إذا خضع مال معين للضريبة الوضعية، فإن هذا لا يُعفيه عن الزكاة؛ لأن الضريبة والزكاة شيئان منفصلان ومختلفان؛ لذلك نقول: يمكن أن يحدث الجمع بين الزكاة والضريبة في المال الواحد في المجتمعات الإسلامية التي يحكمها الاقتصاد الوضعي، ولكن لا يمكن الجمع بين زكاتين في مال واحد في أي مجتمع إسلامي، سواء حكمه الاقتصاد الإسلامي أو الاقتصاد الوضعي.

6- لا تسقط الزكاة الواجبة بالتقادُم:
فمن وجبت الزكاة في ماله ولم يخرجها لأكثر من حول، فإن ذمته لا تبرأ إلا بإخراج كل ما وجب عليه، وهذا ما يتوضح من النصوص الفقهية التالية:
إذا أخَّر المالك إخراج الزكاة يترتب على ذلك أمران اثنان:
الأول: الإثم؛ إذ هو في حكم من يحبس مال الفقراء عنده دون موجب، وهو حرام، ويُستثنى من ذلك ما إذا أخَّرها لانتظار قريب أو جار أو من هو أحوج من الحاضرين، شريطة ألَّا يتضرر الحاضرون بهذا التأخير ضررًا بليغًا، ويزداد جوعهم وعوزهم، فيأثم عند ذلك مطلقًا.

الثاني: الضمان؛ أي: ينتقل حق الفقراء والمستحقين من التعلق بعين المال إلى التعلق بذمة المالك، فتصبح ذمته مشغولة بحقهم، حتى وإن تَلَفَ جميع ماله؛ ذلك لأنه قصر بسبب التأخير الذي لم يكن له فيه عذر، فيتحمل مسؤولية تقصيره، حفظًا لمصلحة المستحقين، حتى ولو كان تأخيره لانتظار من ذكر آنفًا[6].

متى تخرج زكاة الدَّين؟
أ- إذا كان الدَّين حالًّا، وكان الدائن قادرًا على أخذه من المدين، بأن كان المدين مليئًا يجد ما يفي به دينه، وجب على الدائن إخراج زكاته فور وجوبها وإن لم يقبضه؛ لأنه في حكم المال الذي تحت يده، فهو كالوديعة في يد المدين، يقدر على أخذه والتصرف فيه.

ب- إن كان الدين حالًّا، وكان الدائن غير قادر على أخذه لعُسْرِ المدين أو إنكاره له، ولا بينة للدائن عليه، فلا يجب على الدائن إخراج زكاته في الحال؛ لأنه غير قادر على أخذه والتصرف فيه. وإنما يُحسب ويُحفظ فترة بقائه في ذمة المدين، فإذا قبضه زكَّاه عما مضى عليه من السنين.

لأن زكاته كل سنة لزِمَتْه وثبتت في ذمته، كَمَالِ الغائب عنـه، فوجب عليه وفاؤها حين قبضه له.

ج- كذلك إذا كان الدَّين مؤجَّلًا، فإنه لا يجب عليه إخراج الزكاة حتى يحل الأجل، فإذا حل الأجل وقبضه - أو لم يقبضه، وكان قادرًا على قبضه - زكَّاه عما مضى من السنين، وإن حلَّ الأجل ولم يقبضه، وكان غير قادر على قبضه، انتظر، فإذا قبضه زكَّاه عما مضى من السنين[7].

القواعد العامة لزكاة المال:
يجب أن يمر على المال عام هجري قمري كامل.

لا بد أن يتحقق في المال الخاضع للزكاة النماء والزيادة، وبذلك لا تخضع الأصول الثابتة والأشياء التي تستخدم للاستعمال الشخصي للزكاة.

يجب أن يبلغ المال النصاب.

يجوز ضم الثروة النقدية إلى صافي وعاء عروض التجارة، ويكون لها نِصَابٌ واحد.

يتم تقويم عروض التجارة وعناصر الثروة النقدية لأغراض الزكاة على أساس القيمة الجارية لها وقت حلول الزكاة.

ونستطيع أن نبين الدور الهام والفعالة للزكاة في تحقيق الانتعاش والتنمية الاقتصاديين في النظام الاقتصاد الإسلامي وعبر النقاط التالية:
1- دور الزكاة في علاج مشكلة الفقر والقضاء عليها:
للزكاة دور أساسي في القضاء على الفقر، وفي التقليل من مستوياتها، وهذا ما يتبين من النقاط التالية:
مساهمة الزكاة في تحويل الفقراء القادرين على العمل إلى منتجين من خلال مساهمتها في تمويل المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر لصالح الفقراء والمساكين.

مساهمتها في ازدياد القوة الشرائية للنقود بنقلها إلى الفقراء الذين ينفقونها على الضروريات والحاجيات، بدلًا من أن ينفقها الأغنياء على الكماليات؛ لأن الغنيَّ تكون لديه منفعة الوحدة الحدية الأخيرة للدخل أقل من منفعة الوحدة الحدية الأخيرة للدخل لدى الفقير؛ لهذا فإن نقل عدد من الوحدات النقدية من دَخْلِ الغَنِيِّ عبر الزكاة إلى الفقير سوف تسبب كسبًا للفقير بها أكثر من نقصان الغني لها.

2- دور الزكاة في إعادة توزيع الدخل والثروة:
يعالج الاقتصاد الإسلامي مسألة اختلال التوزيع في الدخول بين الأفراد بواسطة الزكاة، فيعمل من خلالها على تضييق الفجوة بين الطبقات الغنية، والطبقات الفقيرة، ولا شك أن الزكاة ليست هي الوسيلة الوحيدة لإعادة توزيع الدخل، والثروة بين أفراد المجتمع الإسلامي؛ لأن الشريعة الإسلامية أردفتها – أتبعتها - بوسائل عديدة أخرى؛ منها: الميراث، والفيء، والغنائم، والصدقات، والأوقاف، والكفَّارات، والأضاحي، وزكاة الفطر، فهذه الوسائل جنبًا إلى جنب وبدرجات مختلفة تعمل على إعادة توزيع الدخل والثروة.

والاقتصاد الإسلامي هو النظام الوحيد الذي يملك كل هذه الوسائل التي تتصف بالاستمرار، وتهدف إلى إشباع حاجات الفقراء في المجتمع لإعادة توزيع الدخل والثروة بين أفراد المجتمع، أما الأنظمة الاقتصادية الوضعية، فلا تملك هذه الوسائل لإعادة التوزيع هذه، وتظل تعاني من مشاكل التفاوت والصراع الطبقي في نظامها الاجتماعي والاقتصادي، وأن أفضل ما وصلت إليها هذه الأنظمة في هذا الشأن هي الضرائب الوضعية المتنوعة، التي فرضتها على أفراد مجتمعاتها لتقليل الفوارق تلك، أو تقديم إعانات عينية ونقدية وعلى مستويات محدودة لإشباع حاجات الفقراء، وهي أدوات لا تتميز بما تتميز به الزكاة من الاستمرار، وغزارة حصيلتها، ووضوح أهدافها.

ومن أسباب نجاح الزكاة كوسيلة من وسائل إعادة توزيع الدخل والثروة:
فرضها على جميع الأموال النامية، البالغة للنصاب، مما يجعلها وسيلة اقتصادية ومالية تتسم بالشمول وباتساع قاعدة تطبيقها.

تكرارها سنويًّا: وهذا يجعل الزكاة أداة دائمة لإعادة توزيع الدخل والثروة.

3- دور الزكاة في تخصيص الموارد الاقتصادية:
الزكاة في حقيقتها الاقتصادية هي اقتطاع مالي - أو من مال - بلغ نصابًا، سواء أكان هذا المال مستثمرًا أو مدخرًا، عينًا أو نقدًا، وحال عليه الحول أو استفاد منه صاحبه؛ كالزروع والثمار عند حصادها، أو المعدن والرِّكاز عند استخراجه، ويتم توزيع هذا المال المقتطع على ثمانية فئات مختلفة من المجتمع الإسلامي حددتها القرآن الكريم؛ يقول الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 60]، وللزكاة آثار مباشرة وغير مباشرة على الاستهلاك والادخار والاستثمار، كمتغيرات أساسية تؤثر في توزيع وتخصيص الموارد الاقتصادية بين الاستخدامات المختلفة؛ كما يتبين فيما يلي:
أ- أثر الزكاة على الاستهلاك:
الزكاة مدفوعات تحويلية من الأغنياء إلى فئات محددة من المجتمع الإسلامي، منهم الفقراء والمساكين والمعوزون، والمعلوم أن الفقراء والمساكين ذوو ميول حدية عالية نحو الاستهلاك، أما الأغنياء فهم ذوو ميول حدية منخفضة نحو الاستهلاك، والزكاة تعمل على زيادة الطلب الاستهلاكي في المجتمع؛ لأنها تُؤخَذ من الفئات ذات الميل الحدي المنخفض للاستهلاك، وتُعطى للفئات ذات الميل الحدي المرتفع للاستهلاك، وهذه الزيادة في الاستهلاك تؤدي إلى ازدياد حجم الموارد الموجهة نحو الاستهلاك، وخاصة منها السلع الضرورية في الاقتصاد القومي، ولأن الزكاة يدفعها الأغنياء للفقراء الذين ميلهم الحدي للادخار منخفض، فإن الأثر النهائي يكون زيادة الاستهلاك الكلي في الاقتصاد، ومن ثم ازدياد الرفاهية العامة للطبقات المحتاجة، ومن ثم زيادة الإنتاج ثم تحسن المستوى الغذائي والخدماتي والصحي، وبشكل عام لدى هذه الطبقات، وبالتالي زيادة الادخار، ومن ثَمَّ زيادة الدخل القومي؛ لكونه يتكون من الاستهلاك والادخار أو الاستثمار، وهذا التحليل يبين لنا أن الزكاة تؤدي إلى ازدياد الدخل القومي.

ب- أثر الزكاة على الاستثمار:
تساهم الزكاة في الاستثمار من خلال توفير آلات وأدوات الإنتاج للفقراء والمساكين، ورفع الكفاءة الإنتاجية للعنصر البشري، كما تؤدي الزكاة إلى حثِّ أصحاب رؤوس الأموال على استثمارها، حتى يكون إخراج الزكاة من العائد لا من أصل رأس المال.

4- دور الزكاة في محاربة الاكتناز:
الزكاة مفروضة على كل مال نامٍ، ولأن الأموال قد خُلِقت لتُعين العباد على عبادة الله وتنفيذ أوامره، بتعمير الأرض عن طريق استثمارها في النشاطات الاقتصادية، فإن الاكتناز يؤدي إلى تسرب الموارد الاقتصادية عن هذه النشاطات وبقائها عاطلة، وبالتالي انخفاض مستوى الدخل، ثم انخفاض مستوى الادخار، وانخفاض مستوى الاستثمار، وبالأخير انخفاض مستوى الدخل القومي في البلد الإسلامي؛ لذلك فإن الزكاة تمارس دورًا هامًّا في محاربة الاكتناز من خلال إيجاب الزكاة في المال النامي؛ حيث إن إخراجها منه - والذي لم يستثمره صاحبه - يصبح ضغطًا مدمرًا للاكتناز؛ لأن الزكاة تؤدي إلى القضاء على الأموال المكتنزة خلال فترة محددة، وبإخراج الزكاة منها يزداد الاستهلاك، ومن ثَمَّ الإنتاج، ومن ثَمَّ الاستثمار، وبالأخير ازدياد الناتج المحلي الإجمالي، ثم ازدياد الناتج القومي، ثم ازدياد الدخل القومي[8] في البلد الإسلامي.

5- دور الزكاة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي:
إن إيرادات الدولة مرتبطة بعوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية عديدة، مما يعرضها بشكل دائم للتقلبات في حجم حصيلاتها، مما يؤدي إلى حدوث التقلبات في الدخول العامة لأفراد المجتمع، وتبعًا لذلك فإن إيرادات الزكاة أيضًا تتعرض لهذه التقلبات، ففي حالات الركود والانكماش الاقتصاديين ينخفض الدخل، ومن ثَمَّ ينخفض حصيلة الزكاة، أما في حالات الانتعاش والرواج الاقتصاديين، فإن الدخول تزداد، وتبعًا لها فإن حصيلة الزكاة تزداد أيضًا.

ففي كلتا الحالتين فإن الزكاة التي تتوزع على أفراد المجتمع الإسلامي، وخاصة منهم الفقراء والمساكين، تؤدي إلى تفعيل النشاطات الاقتصادية، ولكن بنسب متفاوتة فيما بينهما، ومن ثم خروج الاقتصاد الوطني من حالات الجمود أو الركود أو الانكماش، والتوجه نحو التنشيط الأكثر للاقتصاد الوطني في حالات الرواج والانتعاش الاقتصادي.

إن تأثير الزكاة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي في كلتا الحالتين هو على التحليل التالي:
أ- حالات الانكماش والكساد الاقتصادي: في هذه الحالات تؤدي الزكاة إلى ازدياد دخول أفراد المجتمع، ويتبعها ازدياد الطلب الكلي الفعَّال في الاقتصاد، ومن ثَمَّ ازدياد العرض الكلي من خلال ازدياد الإنتاج الكلي، وبعده ازدياد الأرباح الكلية لدى المؤسسات الإنتاجية والمنتجين بشكل عام، ويترتب على هذا ازدياد الأموال الخاضعة للزكاة، الذي يؤدي بدوره إلى زيادة حصيلة الزكاة. وباستمرار الزكاة في كافة أيام السنة تزداد حصيلة الزكاة للمرة الثانية والثالثة، وبأعداد مضاعفة أخرى من غير توقف، ولا شك أن هذه الحركة التضاعفية المستمرة في الاقتصاد تؤدي إلى ازدياد التشغيل الكلي، وإتاحة المزيد من فرص العمل التي تستوعب جزءًا كبيرًا من القوى العاملة العاطلة، فتتجه مشكلة البطالة نحو الانخفاض والانعدام، وفي النهاية ونتيجة لهذه التطورات المتتالية الإيجابية، فإن عدد الأفراد المستحقين للزكاة تتجه نحو الانخفاض.

ب- حالات الانتعاش والرواج الاقتصاديين: في هذه الحالات تزداد إيرادات الزكاة مما يؤدي إلى ازدياد الطلب الكلي الفعال على السلع والخدمات المنتَجة، وعلى العمل في نفس الوقت في الاقتصاد الوطني، الذي يؤدي ازدياد الإنتاج الكلي، ومن ثم ازدياد العرض الكلي، ثم ازدياد الدخول الكلية لأفراد المجتمع الإسلامي، وانخفاض مستويات البطالة، وتبعًا لها ازدياد إيرادات الزكاة في حركة مستمرة في الاقتصاد الوطني للمرة الثانية والثالثة، وهكذا.

أما أثر الزكاة على الاستقرار الاقتصادي، فإنه يكون في اتجاهين:
الأول: إن حصيلة الزكاة الموزَّعة على الفقراء والمساكين ترفع من الدخول النقدية لهاتين الطبقتين، فيزداد طلبهم الاستهلاكي، فيتحرك الاستثمار نحو الازدياد، فيتحرك العرض (الإنتاج) نحو الازدياد لمقابلة الطلب الجديد، فيقود هذا إلى زيادة العمالة، ثم التشغيل التام للموارد الاقتصادية، والمحافظة على استقرار الأسعار، ويتحقق التوازن بين عرض السلع والخدمات المنتَجة والطلب عليها، ويزداد التشغيل مرة أخرى، وتزيد تبعًا لذلك فرص العمل الجديدة، مما يعني التطور والاستقرار الأكثر للاقتصاد الوطني، ثم كسر الحلقة المفرغة التخلفية التي تعاني منها البلدان النامية، ثم التوجه المستمر نحو التنمية والتطور الاقتصاديين.

الثاني: هذا الجانب يتعلق بدافعي الزكاة فَهُمْ في كافة الأحوال سواء كانت كسادًا أو رواجًا مضطرون لاستثمار أموالهم، ودفعها إلى مجالات الإنتاج كي لا تتناقص بفعل الزكاة، ويساهم هذا السلوك الدفاعي من قِبَلِ أصحاب رؤوس الأموال إلى ازدياد الاستثمارات الكلية في البلد الإسلامي، ثم ازدياد العرض الكلي من خلال ازدياد الإنتاج الكلي، ثم الوصول إلى التشغيل التام، ثم التوازن بين عرض السلع والخدمات المنتَجة والطلب عليها، ثم ازدياد التشغيل مرة أخرى، ثم ظهور فرص عمل جديدة، ثم استمرار هذه الحالة التوازنية، ثم تحقيق التطور والاستقرار الأكثر والمستديم لاقتصاد البلد الإسلامي، ثم كسر الحلقة المفرغة التخلفية التي تعاني منها البلدان النامية، ثم التوجه المستمر نحو التنمية والتطور الاقتصاديين.

[1] موقع: شبكة ابن مريم الإسلامية، كيف تحسب الزكاة بنفســـك:
https://www.ebnmaryam.com/vb/showthread.php?t=178370

[2] د. علي السالوس، التطبيق المعاصر للزكاة، 1429 هـ/ 2008 م، بتصرف وتنظيم من قبل الباحث: رابط الموضوع:
http://www.alukah.net/sharia/0/1928/#ixzz4HRhAUPfK

[3] د. طاهر موسى عبد، د. زهير جواد الفتال، اقتصاديات المالية العامة، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، الجامعة المستنصرية، مطبعة جامعة بغداد، 1406هـ/ 1985م، ص125.

[4] هشام محمد صفوت العمري، اقتصاديات المالية العامة والسياسة المالية، كلية الإدارة والاقتصاد، جامعة بغداد، 1406هـ/ 1986م.


[5] الدكتور مصطفى الخِنْ، والدكتور مصطفى البُغا، وعلي الشربجي، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي، المجلد الأول، في العبادات وملحقاتها، المصدر السابق، ص277.

[6] الدكتور مصطفى الخِنْ، والدكتور مصطفى البُغا، وعلي الشربجي، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي، المجلد الأول، في العبادات وملحقاتها، دار القلم، دمشق، ط13، 1433هـ/ 2012، ص313، 314.

[7] نفس المصدر، ص 328، 329.

[8] يقصد بكلمة القومي هنا الأمة الإسلامية أو المجتمع الإسلامي في بلد إسلامي معين؛ [كاتب المقالة].


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 75.70 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 74.03 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.21%)]