|
الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
حقائق خلق الجبال في القرآن الكريم
حقائق خلق الجبال في القرآن الكريم د. حسني حمدان الدسوقي حمامة 1- حقائق مدهشة: ليس بوسع أي عالم منصف من علماء الجيولوجيا أو الجغرافيا، إلا أن يشهد أن القرآن الذي هو دستور المسلمين حق، حينما يتدبر إشارات القرآن عن خلق الجبال. ففي القرآن الكريم نجد أدق وصف للجبال، ونجد أيضا الكثير من الحقائق عن الجبال التي لم يكتشفها العلماء إلا في القرن العشرين. وحديث القرآن عن الجبال يشير إلى أقدم الجبال، وأطوار نشأتها، وينتهي بالإخبار بمآل الجبال بين يدي الساعة. فتلك أقدم الجبال جعلها الله رواسي للأرض من فوقها لتثبيت الأرض وحفظها من الاضطراب. والجبال بصفة عامة تعمل على إتزان الأرض، ومن ثم كانت الجبال أوتادا تثبت الأرض. حقا الجبال خلق عظيم، ولعظم شأنها حث القرآن على التفكر فيها، حيث يقول عز وجل: ﴿ أ َفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَت * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ﴾ [الغاشية: 17 – 20]. والجبال تقرن في آيات القرآن مع السماء والأرض، يقول تعالى: ﴿ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا ﴾ [مريم: 90: 91]. والجبال كالكائن الحي تنفعل وتخر هدًّا من هول جريمة ادعاء الولد إلى الله، بل إنها أشفقت من حمل الأمانة؛ يقول تعالى: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72]. الجبال الشم الرواسي تشارك المخلوقات في سجودها وتسبيحها للخالق عز وجل ومع ذلك يستنكف الكثير من الناس أن يشاركونها في سجودها لله؛ يقول تبارك تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء ﴾ [الحج: 18]. وتسبيح الجبال شيء لا يدركه العقل البشري. وقد تفضل الله على عبده داود فجعل الجبال تسبح معه، يقول تعالى: ﴿ اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ ﴾ [ص: 17 – 18]. ويقول تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ﴾ [سبأ: 10]. وفي الوقت الذي كان فيه داود شاكرًا لأنعم ربه، جحدت عاد نعمة ربهم الذي سخر لهم الجبال ينحتون منها البيوت بحذق ومهارة؛ يقول تعالى: ﴿ وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ ﴾ [الحجر: 82 – 83]. جبال تخشع وجبال تسبح وجبال تسجد للخاق، وفى الآخرة تنسف، وتكون هباء منثورا وعهنا منفوشا وتبس بسا. والجبال منظومة كونية يرد ذكرها في القرآن بصيغة الجمع، فإذا ما وردت الكلمة بصيغة المفرد " جبل " فإنها تحمل إيحاءً مخصوصا، فهي جبال شهدت مع ابراهيم عليه السلام كيف يحي الله الموتى، أو جبل دُك في الأرض حينما تجلى الله له، أو جبل يخشع ويتصدع من حمل الأمانة، أو جبل ينتق فوق بني اسرائيل ليأخذوا ما آتاهم الله بقوة، أو جبل يعتقد ابن نوح جهلًا منه أنه يعصمه من الغرق. [ البقرة: 260، الأعراف: 143، 171، هود: 43، الحشر: 21]. وفي القرآن إشارة علمية شغلت العلماء قديما وحديثا حول وظيفة الجبال وما معنى أنها رواسي، وعلى أي شيء ترسو، وحقيقة الجبال الأوتاد، وما هي العلاقة بين شموخ الجبال وتصريف الرياح وإنزال المطر وطبيعة العلاقة بين مد الأرض وانقاصها من الأطراف والرواسي، وهل الجبال تتحرك في الدنيا. ولسوف نوضح تلك الاشارات ليتبين لنا سبق القرآن في كشف ظواهر الجبال ونشير إلى مآل الجبال في الآخرة. ولسوف نفصل الحديث في النقاط التالية: 2 - الإشارات العلمية: وفيما يلي بيان العطاءات العلمية لآيات الجبال في القرآن الكريم: 1- كلمات تهدي وآيات تكشف: أ- الكلمات الهاديات: رواسي، رواسي شامخات، الجبال أوتاد. ألقى فيها رواسي، جعل فيها رواسي، نَصْب الجبال، مد الأرض، تميد الأرض، الجبال أكنان، جُدَد بيض وحمر مختلف ألوانها، غرابيب سود، تسيير الجبال. دك الجبال، نسف الجبال، قاع صفصف، تسيير الجبال. الجبال كالعهن، الجبال كالعهن المنفوش، الجبال كثيب مهيل. ب- الآيات الكاشفات: 1- الرواسي الأصيلة: ﴿ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ ﴾[فصلت: 10]. 2- الرواسي بين الجعل والإلقاء: ﴿ وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ [الأنبياء: 31]. {وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [النحل: 15]. 3- مرور الجبال: يقول تعالى: ﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النمل: 88]. 4- وتدية الجبال: يقول تعالى: ﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا ﴾ [النبأ: 7]. أقدم الجبال: والجدير بالذكر أن الرواسي الأصيلة في الأرض جعلت فيها من مادة الأرض من خلال نشاط داخلها صيَّرها رواسي، ولهذا لا يفهم " مِن فَوْقِهَا " على أنها أنزلت من السماء. 3- نصب الجبال: يقول تعالى في وصف أمواج الطوفان في عهد نبي الله نوح: ﴿ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ ﴾ [هود: 42]. وحقًّا توجد الجبال المنثنية التي مظهرها أمواج شكل (1-33). (شكل 1-33): جبال كالموج، جبال منثنية ولا تبرز فجأة، بل يستغرق تكوين الجبال ونصبها ملاليين السنين عبر رحلة شاقة ضاربة في أعماق الزمان. وفى أثناء تلك الفترات تتراكم الرواسب ثم يعتريها التشوه والتصدع ثم ترفع الجبال. وقد تنصب الجبال بأن تصطدم قارة بقارة أخرى. وإليك على سبيل المثال قصة نصب سلاسل جبال الهيمالايا (شكل 1-34)، فالهند كانت تقع على الحافة الجنوبية لبحر قديم لا وجود له اليوم اسمه بحر التيثى (Tethyan Ocean) بينما كانت تقع التبت عند الحافة الشمالية لذلك البحر العظيم، كان ذلك منذ قرابة المائة مليون سنة. وقطعت الهند مسافة حوالي 1500 كم في أثناء زحزحتها باتجاه آسيا. إلى أن أتى وقت اختفى البحر وابتلعه جوف الأرض، وجاءت لحظة التصادم المحتومة وعند نطاق التصادم دكت الهند دكا، وسحقت التبت سحقا، ركبت الأخيرة فوق الهند، وحينئذ نصبت جبال الهيمالايا. حقا إنها أشبه بقيامة صغرى تعلو فيها قارة فوق قارة. والأعجب أن تبرز الجبال من رحم المحيط، وجبال عمان الشمالية خير مثال على ذلك (شكل:14)، فحول العاصمة مسقط يمكن أن ترى قاع بحر قديم قد ألقى على اليابسة، نتيجة تصادم قاع ذلك البحر بيابسة العربية، وامتطى قاع البحر سطح الأرض. وأثناء التصادم ذلك التصادم المريع نقلت جبال من أماكنها بالكامل لمئات الكيلو مترات (شكل 1-34). وتنشأ جبال وتنصب تنصب من جراء تصادم قارة بقارة مجاورة، أو قارة وفاع بحر، أو قاع بحر ينطبق من منتصفه، وأيضا من رحم البحر المشقوق من منتصفه، أو القارة المنشطرة، وما أوتينا من العلم إلا قليلا. وتبقى كلمات القرآن حافزًا للعقل البشري ليبحث في قوله تعالى: " وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ ". ويثبت العلم الحديث أن الجبال تنشأ بفعل حركة قطع الأرض المتجاورات، حيث تتصادم القطع المتجاورة أو تتباعد، ومن تصادمها وتباعدها تبرز سلاسل الجبال، يقول تعالى: " ﴿ وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَل لِّلّهِ الأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَن لَّوْ يَشَاءُ اللّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [الرعد: 31]. هذا وقد أشرنا من قبل إلى تقطيع الأرض ومرور الجبال. (شكل 1-34): نصب جبال الهيمالايا 13 (شكل1-35): نشأة جبال عمان يقول تعالى: ﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا ﴾ [النبأ: 6-7]. يبدو للعيان أن الجبال ظاهريًّا تشبه الوتد، ولكن ما اكتشف حديثًا يجزم بأن الجبال أوتاد. فلنأخذ جبال الهيمالايا على سبيل المثال حيث تعلو قمتها ثمانية كيلو مترات وبضع مئات الأمتار عن سطح البحر. والمدهش أن المسح الجيولوجي أثبت أن قاعدة الهيمالايا تضرب لمسافة 65 كيلو مترًا تقريبا في جوف الأرض حيث تطفو الجبال في وشاح الأرض اللدن وبصفة عامة فإن الجزء المختفي من الجبال تحت السطح يعادل على الأقل ثمانية أضعاف الجزء البارزفوق سطح الأرض. حقيقة وتدية الجبال لم يعرفها بشر عند نزول القرآن، ولا حتى بعد نزوله، بقرابة ألف عام. حقا إنه الوحي الذي أخبر محمد بذلك في قرآن يتلى إلى يوم القيامة. ويؤكد علم الجيوفيزياء أن تضاريس الأرض بما فيها الجبال تؤثر على توزيعات الجاذبية الأرضية. والجزء البارز من الجبال له وظيفةتساعد في الإمساك بما فوقه؛ وبينما االجزء المغمور في الأرض له وظيفة تعمل على تثبيت الأرض. ومن روعة النص القرآني أن ( أوتادًا ) تشير إلى وظيفة الأوتاد، وأيضا اختلاف ماهية الأوتاد سواء في الأبعاد أو المكونات أو العمق وفقا لاختلاف أنواع الجبال. شكل (1- 36): الجبال أوتاد: جذور سلاسل الجبال أضعاف أضعاف ارتفاع جبالها. يستخدم الفعل "جعل" في خمس آيات قرآنية، وفي أربعة آيات أخرى ستعمل الفعل "ألقى"، وذلك عند الحديث عن رواسي الأرض (جدول1-1). ومن اللافت للنظر أن الكلمة ترد دائما بدون ألف ولام " رواسي "، وذلك لحكمة، فالرواسي يختلف عددها من زمن إلى زمن. وتشكل الجبال العمود الفقري لقارات العالم قديما وحديثا لتحفظحفظ الأرض لئلا تميد. وتوجد علالقة قوية بين مد الأرض وإلقاء وجعل الرواسي. والقرآن وهو يتحدث عن جعل الرواسي في الأرض يذكر في موضع واحد أن هناك رواسي من فوقها. وفي جميع الآيات الخمس يذكر الرواسي في الأرض إلا في موضع واحد، يذكر فيه أن الرواسي للأرض " وجعل لها رواسي ". وتلك هي مواضع ذكر جعل وإلقاء: الرواسي: وتعلو الجبال عما حولها، فالجبل يعلو فوق الأرض بما لا يقل عن 300 متر فوق مستوى سطح البحر. وبحسب مادة الجبل، هناك جبال يتكون أصل صخورها من صهير ( مجما ) يصعد من جوف الأرض ، وفي أثناء صعوده يبرد ويتبلور. وإذا ما تكونت الصخور على أعماق من سطح الأرض سميت بالصخور الجوفية لأنها تتكون على أعماق كبيرة تحت السطح، أما إذا شق الصهير طريقه للسطح فعند برودته يتجمد ليكون الصخور البركانية وتنشأ منه الجبال البركانية وغيرها من الأشكال. والمختفي تحت السطح يبرز على السطح نتيجة حركات ترفعه أو عوامل تزيل ما علاه من مادة الأرض والصخور، فالجبال التي بمكة المكرمة مثلا من ذلك النوع، وقيل أن أقدم موضع في الأرض هو الكعبة المشرفة بيت الله الحرام، ثم دُحيَت الأرض من تحته، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما. جدول 1-1: العلاقة بين مد الأرض والواسى شكل-16: التلازم بين مد الأرض والرواسي في آيات القرآن الكريم. شكل (1-37) توزيع سلاسل الجبال فى العالم. الجبال واتزان الأرض: توازن مدهش أبدعه الخالق في الأرض، حيث جعل الغلاف الصخري للأرض يطفو فوق غلافه اللدن المسمى بالغلاف الطيع (الأثينوسفير)، لأن كثافة الغلاف الأول أقل من كثافة الغلاف الثاني، لهذا تطفو القارات وقيعان البحار على وشاح الأرض كما يطفو جبل الجليد فوق الماء، و تضرب القارات جذورها في وشاح الأرض (شكل:1- 38). ويلاحظ أن الجذور أسفل سلاسل الجبال أكثر عمقا من الجذور تحت المناطق المستوية. هذا ما اكتشفه العلم، ولكن القرآن الكريم سجل ذلك قبل العلم بأكثر من ألف سنة حيث يقول الحق " وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا " وبالتأكيد لفظ الوتد لا يعدله في الدقة اللفظ العلمي الجذر، وكلام الله لا يستطيع البشر الإتيان بمثله. وتشير كلمة "رواسى" في حد ذاتها إلى أن الأرض تطفو على نطاق تحتها توجد به الصخر في حالة سائلة (Mobile). ويتأكد ذلك في قوله تعالى: ﴿ وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا ﴾ وتلك إشارة علمية قرآنية أثبتها العلم الحديث. فالغلاف الصخري ( Lithospher ) الذي يشمل القشرة وآخر جزء من الوشاح، والذي يبلغ سمكه 100 كم يرتكز على الغلاف الطيّع أو غلاف المور. والغلاف الطيع يمتد من قاعدة الغلاف الصخري عند عمق 100 كم، حتى عمق 350 كم بسمك قدره 250 كم، ويشبه في مظهره أسفلت الطريق في يوم صائف. وهذا الغلاف الأخير رقيق تحت المحيطات وسميك تحت القارات وتقوم الجبال بضبط اتزان الأرض، فتبرز الجبال حينما يخف الثقل على سطح الأرض، فعلى سبيل المثال أدى تكوين الغطاء الجليدي إلى هبوط الإقليم الإسكندنافي ببطء أثناء العصر الجليدي، ثم بدأ الإقليم يرتفع بعد ذوبان هذا الغطاء الجليدي منذ 10.000 سنة، وما يزال الإقليم يحاول الوصول إلى حالة التوازن حيث ترتفع الأرض بمعدل 1 سم في السنة. وأيضا تمر الجبال بدورة طويلة من التآكل، وتنقل مكوناتها فتترسب في الأماكن المجاورة، فتضغط على قشرة الأرض حتى تعيد التوازن مرة أخرى. ويؤدي الضغط إلى سريان مادة الوشاح اللينة باتجاه قاعدة ( وتد ) الجبال فترفعها. ويستمر تآكل الجبال من قمتها ورفعها من قاعدتها حتى ينكشف الجزء الذي كان مختفيا ويتآكل وتصبح الجبال قاعا صفصفا. والأرض متزنة اتزانا عجيبا، وتتوزع الجبال على الأرض بنظام عجيب يجعل الأرض لا تميد بأهلها. شكل (1-388): الرواسى واتزان الأرض: تحفظ الرواسى الأرض من أن تميد. يقول تعالى: ﴿ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ﴾ [فاطر: 27]. شكل1-39: جدد الجبال. شكل1-40: جدد الجبال في الصخور الرسوبية المتطبقة. شكل 1-41: الجدد ممثلة بالسدود والقواطع. شكل1-42: العلاقة بين ألوان الجبال وتركيب الصهارة التي تتكون منها الصخور. يقول تعالى: ﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النمل: 88]. هذه الآية فهما المفسرون على أنها من علامات الساعة، باعتبار أن سير الجبال علامة من العلامات التي تسبق الساعة. وأيضا لأن تلك الآية تقع بين آيتين تتحدثان عن مشهد من مشاهد يوم القيامة (النمل: 87 –89). والحقيقة أن القرآن الكريم حينما تحدث كما سنرى فيما بعد عن مآل الجبال يوم القيامة ستخدم ألفاظ صريحة لا تحتمل التأويل حيث ذكر أن الجبال في الآخرة تسير سيرا، وتنسف نسفا، وتدك دكا، إلخ. أما هذه الآية هنا فتشير إلى مرور الجبال، وتتحدث عن جبال يحسبها المرء جامدة، بينما جبال الآخرة ليست جامدة بل كثيب مهيل وعهن منفوش.. إلخ (شكل1-43). شكل (1-43): مرور الجبال
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |