|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() عدم تقدير الأبناء لتضحية الأم أ. مروة يوسف عاشور السؤال: ♦ الملخص: سيدة مطلقة لديها طفلة عمرها 8 سنوات، تشكو من عدم تقديرها لأمها ولتضحياتها مِن أجلها. ♦ التفاصيل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا أُمٌّ لطفلتَينِ؛ الأولى 8 سنوات، والثانية 5 سنوات، مُنفَصِلة عن زوجي منذ 4 سنوات، ووالدهما يَزورهما مِن آنٍ لآخر. ابنتي الكُبرى ذات طبيعةٍ مُعقَّدة قليلًا؛ فهي طيبةُ القلب، لكنها حسَّاسة، ومُتقلِّبة المزاج، وكثيرًا ما تجرحني بكلماتٍ وأفعال لا تقصدها؛ فيُسبِّب هذا لي إزعاجًا، مع أني نذرتُ حياتي لها ولأختِها، ورفضتُ كثيرًا مِن طلبات الزواج، مع أنَّ عمري ثلاثون عامًا! والحمدُ لله، أرعاهما وأُنْفِق عليهما محاولةً تعويضهما عن أبيهما. أحسُّ أنَّ لدى ابنتي الكبرى عدمَ تقدير لأيِّ شيءٍ أفعله لها أو لأختها، فهي لا تقول هذا بشكل صريحٍ؛ مما يضطرني لأنْ أعاقبَ الكبيرة، وأحرمها مِن بعضِ الأمور؛ فيزداد حزنُها، خاصةً عندما ترى أختَها الصُّغرى تتمتَّع بهذا الشيء الذي حُرمتْ منه؛ فتشعر بالحرمان والقهر، ولا تفهم أنَّ أختَها لم تُذنِبْ. شَرَحتُ لها كثيرًا، وبيَّنْتُ لها أنني أُحبُّ أن تُشعرني بسرورها مما أفعلُه لهما، وأن مِن الأدب شُكرَ مَن أحسن، لكنها تُهمِل مشاعري حين تتكلَّم، وهذا يُحيِّرني، ويجعلني غيرَ قادرةٍ على معرفة الطريقة التي يجب أن أتعامَل بها معها، فهل هي مراهقة مبكرة؟ أو هو شعور بفَقْد الأب؟ أو هو نوع مِن الانتقام مني؟ أو هذه تصرُّفات طفلة لا تعي؟ الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أيتها الأم العَطوف، حياكِ اللهُ، وأَقَرَّ عينكِ بصلاح بنياتكِ، وجعلهنَّ صالحاتٍ مُصلحات، اللهم آمين. مؤلمٌ أن تبذلَ الأم مِن الجهد ما تحبس أنفاسها حتى تتمَّه؛ ثم لا تجد مِن التقدير والعرفان ما كانتْ تصبو إليه نفسُها، ولا تسمع من عِبارات الشُّكر والمديح ما يَهفُو إليه قلبُها، ولكن عمن نتحدَّث هُنا يا عزيزتي؟ عن فتاةٍ لم تتجاوَز الثامنة؟! عن طفلةٍ لا تعي مِن دُنياها إلا الحَلوى المُلوَّنة، واللُّعَب المُبهجة، والضحكات البريئة، والصراحة التي قد يرفضها البعضُ؟! عزيزتي، عالَم الأطفال عالَمٌ جميل، مليءٌ بالمشاعر، مُفعَمٌ بالعواطف، بيد أنه لا يَعرف الذوقيَّات، ولا يُدرك كيف يغلف الكلمات لتناسِب أذواق مُحبيه، فكثيرًا ما يُخطئ في التعبير عما يُريد، لكنه لا يُبالي؛ لأنه يعلم أنَّ مَن يحبُّه سيتفهَّم غَرَضه. مِن أكبر الأخطاء التي يقع فيها الوالدُ أو الوالدة: أن يُبالغَ في التضحية مِن أجل الأبناء! نعم، نذرتِ حياتكِ لهما، ولكن هل ترين أن تحرمَ الأمُّ حقوقها وجمال حياتها عن نفسها مِن أجل الأبناء؟ عن سلمان رضي الله عنه قال: "إنَّ لربِّكَ عليك حقًّا، وإنَّ لِنَفسكَ عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعْطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّهُ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذَكَرَ له ذلك، فقال: ((صَدَقَ سلمان))؛ رواه البخاري. والفطرة تدعو إلى الاعتِدال والتوسُّط في كلِّ شؤون الحياة، ومِن أول آثار تلك التضحية أنَّ الوالدَ أو الوالدة أو حتى الزوجة إنْ ضَحَّتْ مِن أجل زوجها، يبقى في انتظار ردِّ ذلك العرفان، والاعتراف بتقديره، في حين يغفل الطرف الآخر الكثير مِن ذلك الحقِّ الذي قد يراه حقًّا مُكتسبًا لا يحتاج حتى للتفوُّه بكلمة: شكرًا! فالحلُّ يا عزيزتي في الاعتِدال، نعم ما زالت الفتاةُ صغيرةً حتى ننتظرَ منها القدرةَ على التعبير، والاعتراف بالشُّكر، أو تقدير عملكِ، ولكن أحمد الله أن أثرتِ تلك الفكرة قبل أن تكبرَ الفتياتُ وأنتِ تصنعين بينك وبينهنَّ فجوةً يَصعُب رتْقُها، وبُعدًا نفسيًّا لا يُمكن تقريبُه. ثم تذكري قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى ﴾ [البقرة: 264]، واعلمي أنَّ تضحية الأب أو الأم لا يُمكن أن تُقَدَّر، وسعادتها في رؤية أبنائها في خير وصلاح، وأن يرزقها الله برَّهم. مبدأُ الثواب والعقاب ثابتٌ في الشرع، وناجح تربويًّا، إلا أنَّ المبالَغة فيه قد تُوغِرُ صُدور الإخوة، وتُسبِّب العداوةَ بينهما، لذلك أقترح أن تحرميها مِن أمورٍ غير مشتركة مع أختها؛ حتى لا يظهرَ الأمرُ كمقارنةٍ بينهما، ولا تستشعر تفضيلها عليها؛ كأن تحرميها اللعب مؤقتاً في وقتٍ لا تلعب فيه أختها، أو تمنعي عنها لعبة لا تلعب بها أختها، ونحو ذلك مما لا يضعها في مقارنةٍ مع أختها؛ حيث يصعُب عليها الفصل بين أخطائها وسلوكك مع أختها التي لم تُخطئ. واسمحي لي أن أُذكركِ وكل أُمٍّ ألَّا تبالغَ في طلب المثالية من الأبناء؛ فطلَبُ ذلك قد يُولِّد في أنفسهم نفورًا لكلِّ ما هو مثالي، ويُربِّي في أنفسهم تمرُّدًا على التصرُّف الصحيح بوجهٍ عامٍّ، ومع والديهم بشكلٍ خاصٍّ. وضِّحي لها أنكِ تتقبَّلين أخطاءها في بعض الأحيان، وأنها بَشَرٌ مسموح لها بارتكاب الخطأ إن لم تُصِرّ عليه، أفْهِمِيها أنَّ العلاقة بينكما أكبر مِن حقكِ وحقها، وماذا عليكِ وماذا عليها، ولكنها علاقة متينة مَبنية على أساس قويٍّ مِن المحبة والصداقة، والإخلاص والتفاهم، ولن يَتَسَنَّى لكِ ذلك إلا بالتغاضي عن الهفوات، وتجنُّب التقريع، وتفهُّم سلوكها، وتعبيرها الخاص عن شكركِ، ولو لم يكنْ بالكلمات، وكثيرًا ما يكون التعبيرُ بالفعل أصدق وأبلغ مِن الكلمات. ولا تنسَي الدعاء لهما بالصلاح والتوفيق في الدنيا والآخرة والله الموفِّق، وهو الهادي إلى سواء السبيل
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |