|
ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() المعاني الطريفة: المعاني الطريفة كانت واحدة من السمات التي رآها أبو منصور الثعالبي بارزةً في شعر الخباز البلدي، وهو أمر واضح في نصوصه، ومثال ذلك: إذا استثقلتَ أو أبغضت خَلقًا ![]() وسرَّك بُعْدُه حتى التنادِ ![]() فشرِّدْه بقرضِ دُرَيهماتٍ ![]() فإن القرضَ داعيةُ البعادِ ![]() ويروى: ...................... ♦♦♦ فإن القرضَ داعية الفسادِ ويروى أيضًا: ...................... ♦♦♦ فإن القرض مقراضُ الودادِ ويبدو أن أبا منصور الثعالبي كان معجبًا جدًّا بهذين البيتين، فقد استشهد بهما في الكثير من كتبه، وقال في "اللطائف والظرائف": "إن هذا من أحسن ما قيل في هذا الباب"[5]؛ أي: باب الدَّين، وقال في "خاص الخاص": "إنها من غرر أمثاله الزاخرة"[6]. وحقًّا هي فكرة عجيبة، فمن يستثقل أحدًا ويريد أن يرتاح من ظله، فعليه أن يقرضه بعض المال، فهو مَن سيتحاشى اللقاء ويتهرب منه؛ خوفًا من رد القرض. ومن معانيه الطريفة قوله: نُكبت في ثغري وشعري وما ![]() نفسيَ في صبري بمنكوبهْ ![]() إذا دنت بيضاءُ مكروهةٌ ![]() مني نأتْ بيضاءُ محبوبهْ ![]() هو هنا يشتكي من كبر السن، وآثاره التي كان أشدها على نفسه سقوط أسنانه وشيب رأسه، ثم يستخدم المقابلة التي تصوِّر شدة غمِّه بالشيب، فكل شعرة بيضاء تقترب منه، تبتعد بسببها امرأة محبوبة بيضاء، وكما نرى فإن الصورتين المتقابلتين هنا أظهرتا المعنى، وعبَّرت عن المشاعر بقوة وطرافة. ومن شعره قوله: ووردةٍ تحكي بسبقِ الوردِ ![]() طليعة تسرعت من جندِ ![]() قد ضمَّها في الغصن قرص البردِ ![]() ضم فم لقُبلةٍ من بُعْدِ ![]() اعتمد الشاعر هنا في صياغة المعنى الطريف على التشبيه، فالوردة التي جذبت إليها الشاعر حين رآها سبقت جميع الورود، تبدو مثل الطليعة التي تسبق الجند، وهو لا يكتفي بهذه الصورة بل يراها وقد ضم قرص البرد لها في الغصن مثل ضم الفم للقبلة من بعد، وهي صورة ترسم على وجه المتلقي ابتسامة، كما تثير في نفسه الإعجاب من قدرة الشاعر ليس فقط على التقاط صور تتكئ على التشابه الشكلي؛ وإنما أيضًا من اقتناصه للصورة التي تبعث الدهشة بطرافتها. تنوع الصور: للخباز صور يجمع فيها بين الطبيعة والخمر، وفي هذه الصور يحرص على أن يجعل المتلقي يشاركه بكل حواسه في إحساسه بجمال اللحظة التي يعيشها، فيتابع بين المرئي والمسموع، والمشموم والملموس والمذاق؛ مثل قوله: ذرى شجرٍ للطير فيه تشاجرٌ ![]() كأنَّ صنوف النورِ فيه جواهرُ ![]() كأن نسيم الروض في جنباته ![]() لخالخُ فيما بيننا وزرائرُ ![]() كأن القمارى والبلابل حولها ![]() قيانٌ وأوراق الغصون ستائرُ ![]() شربنا على ذاك الترنمِ قهوةً ![]() كأن على حافَاتها الدرُّ دائرُ ![]() فالجمال هنا يحيط باللحظة ليبرز تألُّقها في أشكال عدة تمنح الراحةَ والمتعة والسعادة لكل الحواس. وهذه بعض أبرز سمات نصوص ذلك الشاعر البارع، الذي لا نعرف الكثير عن حياته، كما لم يصلنا الكثيرُ من شعره. [1] أبو منصور الثعالبي: يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر، تحقيق: مفيد محمد قميحة، بيروت: دار الكتب العلمية، 1983م، ج2 ص244. [2] السابق: ج2 ص 244. [3] د. محمد علي محمد، الصورة التشبيهية في شعر الخباز البلدي، مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق: المجلد (87) الجزء ج2، ص452. [4] ديوان ابن الرومي، شرح أحمد حسن بسج، بيروت: دار الكتب العلمية، ج2 ص 394. [5] الثعالبي: اللطائف والظرائف، بيروت: دار المناهل، ج1 ص249. [6] خاص الخاص، تحقيق حسن الأمين، بيروت: دار مكتبة الحياة، ص142.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |