|
ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() علَيكَ، مع الشَّوقِ الّذِي لا يُفارِقُ[13] ![]() وَمَا مِن شَكٍّ أنَّ حُبَّ جَمِيلٍ لِبُثَينةَ حُبٌّ عَفِيفٌ طاهِرٌ، وإنْ كانَ بَعضُ النَّاسِ يَشُكُّ فِي ذلِكَ، أو حتَّى بَعضُ الدَّارِسينَ المحدَثِينَ، لكنَّ واقِعَهُ يُثبِتُ غَيرَ ذلِكَ فَهُوَ صَاحِبُ عِفَّةٍ وطُهرٍ، كَما أنَّها كانَتْ أَيضَاً عَفِيفةً طاهِرةً، أحبَّتْ جِمِيلاً بِصِدقٍ كما عَشِقَها بحرارةٍ وصِدقٍ كذلِكَ، فَقَالَ: لا والَّذِي تَسجُدُ الجِباهُ لَهُ ![]() ما لِي بِما دُونَ ثَوبِها خَبَرُ ![]() ولا بِفِيها، ولا هَمَمْتُ بِهِ ![]() ما كانَ إلَّا الحَدِيثُ والنَّظَرُ[14] ![]() وعلَى الرُّغمِ مِن هَدرِ وَالِي تَيمَاءَ دَمَهُ إلَّا أنَّهُ ما زالَ يَتغَزَّلُ بِبُثَينَةَ، وَيِحُبِّها حُبَّاً شَدِيداً مَلَكَ علَيهِ لبَّهُ وَعَقلَهُ، فهُوَ فِي حَالةٍ لا تَستَقِيمُ فِيهَا حَياتُهُ إِلَّا بِلِقائِها مَهمَا كَلَّفَهُ ذلِك، وأنَّ دَمَهُ لا يُساوِي شَيئاً مُقَابِلَ حُبِّهِ لَهَا، فَمَهْدُ حُبِّهِ وَادِي القُرى يُلبِّي دَعوتَهُ مَتَى نَادَاهُ، ولَو كَانَتِ الحَبِيبَةُ فِي تَيماءَ لَتَبِعَها، فَحُبُّهُ قَدِيمٌ ولا تُغيِّرُهُ التَّهدِيدَاتُ، أَو البُعدُ أو غَيرُ ذلِكَ، فَقَالَ فِي ذلِكَ: أَتَانِيَ عَن مَروانَ، بِالغَيبِ، أنَّهُ ![]() مُقِيدٌ دَمِي، أو قَاطِعٌ لِسانِيَا ![]() فَفي العِيسِ مَنجَاةٌ، وفِي الأَرضِ مَذهَبٌ ![]() إذا نَحنُ رَفَّعْنا لَهُنَّ المثَانِيَا ![]() أَقُولُ لِداعِي الحُبِّ، والحِجرُ بَينَنا، ![]() ووادِي القُرى: لَبَّيكَ لَمَّا دَعانِيَا ![]() وقَالُوا: بِهِ داءٌ عَيَاءٌ أَصابَهُ ![]() وقَدْ عَلِمَتْ نَفسِي مَكانَ دَوائِيَا ![]() وَظَاهِرةُ المَقطُوعةِ الغَزليَّةِ العُذريَّةِ عِندَ جَميلٍ تَكادُ تَكُونُ لَوحَةً فَنيَّةً بَدِيعةً تَنبُضُ فِيهَا أَلوانُ الحُبِّ وَالحَياةِ، فَهِيَ تُعَالِجُ مَعَانِيَ الشَّوقِ واللَّهفةِ، والوَفاءِ الصَّادقِ، والودِّ الصَّافِي الَّذِي لا يُخالِطُهُ شَيءٌ آخرُ، فَهُوَ يَعِيشُ لِحَبِيبَتِهِ، وهِيَ تَعِيشُ لَهُ، وَفِي ذلِكَ يَقُولُ: أَمضرُوبَةٌ لَيلَى علَى أنْ أزُورُها ![]() ومَتَّخِذٌ ذَنبَاً لَهَا أنْ تَرانِيَا ![]() هِيَ السِّحرُ، إلَّا أنَّ للسِّحرِ رُقيَةٌ، ![]() وإنِّيَ لا أُلفِي لَهَا، الدَّهرَ، رَاقِيَا ![]() أُحِبُّ الأَيامَى، إذْ بُثَينَةُ أيِّمٌ، ![]() وأَحبَبْتُ، لَمَّا أَنْ غَنَيْتِ، الغَوانِيَا ![]() أُحِبُّ مِن الأسماءِ ما وافَقَ اسمَها، ![]() وأشبَهَهُ، أو كانَ مِنهُ مُدانِيَا ![]() وَدِدْتُ، علَى حُبِّ الحَياةِ، لَو انَّها ![]() يُزادُ لَهَا في عُمرِها، مِن حَيَاتِيَا ![]() وأَخبَرْتُمانِي أنَّ تَيماءَ مَنزِلٌ ![]() للَيلَى، إذا ما الصَّيفُ ألقَى المراسِيَا ![]() ويرى الدكتور شكري فيصل: أنَّ الغَزلَ العُذريَّ يَنطبِعُ بهذِهِ الطَّوابِعِ العَامَّةِ: 1- بَسَاطةُ مَعانِي الحُبِّ الَّذِي يُعبِّرُ به، ويَنهَبُ عواطِفَهُ. 2- الصِّدقُ النفسيُّ، فَقَد يَصدُرُ الحبُّ عن صاحبِهِ تَدفُّقِ الماءِ من اليَنبُوعِ إضافة إلَى الصِّدقِ الفَنِيِّ، حيثُ يُعبِّرُ الشَّاعِرُ عن حبِّهِ دونَ زَيفٍ. 3- وَحدَةُ الغَرضِ والاتِجاهِ، بحيثُ يَنشغِلُ المحبُّ بِمَحبوبَتِهِ ولا يَتَجاوزُهُ بل يَستَغرِقُ فِيهِ. 4- الأُسلُوبُ المباشَرُ، حيثُ يتَّجِهُ الشَّاعِرُ إلَى الحُبِّ وَحدَهُ دُونَ التِواء. 5- العِفَّةُ فِي التَّعبِيرِ، وطُهرُ القَولِ، وعدمُ التَّطرُّق إلَى المغرَياتِ الجِنسيَّةِ. 6- تَصوِيرُ حالةِ اليَأسِ الَّتِي يَعِيشُها الشَّاعِرُ بِسببِ أَسرِ المحبُوبةِ لَهُ. 7- الصَّفاءُ والإشراقُ، حيثُ يتطابقُ عُمقُ الحبِّ معَ قوَّةِ اللُّغةِ الشِّعريَّةِ وجَزالتِها خاتِمةٌ: وأَخِيراً فإنَّ الغَزلَ كانَ مَوجُوداً فِي العَصرِ الجَاهِلِيِّ، وكانَ مَعرُوفاً لَدَى الشُّعراءِ الجاهِليِّينَ ولكِنَّهُ يُسَاقُ فِي أثناءِ التَّطرُّقِ لِلأغراضِ الشِّعريَّةِ الأُخرَى، كَالمَديحِ والفَخرِ والهِجاءِ. وفِي العَهدِ الأُمويِّ وفِي بِيئةِ الحِجازِ تَجِدُ بَعضَ الشُّعراءِ قد قَصَرُوا شِعرَهُم وحياتَهُم علَى الغَزلِ العُذرِيِّ وَحدَهُ، ولم يَتَّجِهُوا نَحوَ الفُنُونِ الشِّعريَّةِ الأُخرَى إلَّا قَلِيلاً، ممَّا أدَّى إلَى انتِشارِ هذا النَّوعِ الشِّعريِّ عِندَهُم انتِشَاراً واسِعاً، وَانطبَعَ بِطابِع حَيَاتِهِم اليَوميَّةِ واكتَسَبَ خَصائِصَ جَدِيدةً لم تَكُنْ مَوجُودةً فِي غَزلِ الشُّعراءِ الجاهِليِّينَ وقَد اشتُهِرَ غيرَ شاعِرٍ في الجِنسِ الأدبِيِّ الرَّائِدِ، وعرفوا بهذا الفنِّ الشِّعريِّ، وجميلُ بُثَينَةَ واحِدٌ مِن أشهرِ أولئِكَ وأَحسنُهُم شِعراً وأطيبُهُم طَبعاً وأَثراً. مصادر البحث: 1- اتجاهات الشعر في العصر الأموي د. صلاح الدين الهادي، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1986م. 2- تطور الغزل بين الجاهليّة والإسلام د. شكري فيصل، دار العلم للملايين، بيروت، 1985م. 3- ديوان جميل بثينة. جمع وتحقيق: د. حسين نصار، دار مصر للطباعة، 1956م. 4- الغزل في العصر الجاهلي د. أحمد محمد الحوفي، دار نهضة مصر، القاهرة، 1972م. 5- العصر الإسلامي :شوقي ضيف، دار المعارف، القاهرة، 1960م. [1] ديوان جميل بثينة. جمع وتحقيق: د. حسين نصار، دار مصر للطباعة. ص6 [2] الغزل في العصر الجاهلي د. أحمد محمد الحوفي، دار نهضة مصر، القاهرة، 1972م، ص 164. [3] تطور الغزل بين الجاهليّة والإسلام د. شكري فيصل، دار العلم للملايين، بيروت، 1986م، ص 283. [4] اتجاهات الشعر في العصر الأموي د. صلاح الدين الهادي، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1986م، ص 432. [5] ديوان جميل ص27. [6] العصر الإسلامي :شوقي ضيف، دار المعارف، القاهرة، 1960م، ص 368. [7] ديوان جميل ص 27. [8] ديوان جميل ص27. [9] العصر الإسلامي ص177. [10] ديوان جميل ص 40-41. [11] ديوان جميل ص 46. [12] ديوان جميل ص53. [13] الديوان ص 94. [14] ديوان جميل ص70.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |