بين تأخُّر زواجي وبكاء أمي، ماذا أفعل؟! - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         بين سبات الرابعة وهدير السابعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          إنسان آخر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          أخلاق لم تكن حتي في الجاهلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الملل الزوجي.. الخراب الصامت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          سلوكيات غير صحيحة سائدة في حياتنا الأسرية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 4729 )           »          صفحات مطوية من القضية الفلسطينية قبل قيام دولة إسرائيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 26 - عددالزوار : 8551 )           »          قناديل على الدرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 28 - عددالزوار : 7972 )           »          الجمل الندية من ألقاب المسائل الفقهية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 15 )           »          الحافزية في المؤسسة الوقفية وتحسين الأداء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          الغفور الرحيم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 135 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى مشكلات وحلول
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-11-2021, 07:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,728
الدولة : Egypt
افتراضي بين تأخُّر زواجي وبكاء أمي، ماذا أفعل؟!

بين تأخُّر زواجي وبكاء أمي، ماذا أفعل؟!
أ. عائشة الحكمي


السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إخواني الأفاضل، أنا فتاة على قدْرٍ من الجمال، طيِّبة، لا أحب الشكوى لأحد؛ لعلمي أن الشكوى لغير لله مذلة.

مُشكلتي أنَّ كثيرًا ممن أعرف عندما يُقابلونني يقولون لي: لماذا أنتِ بهذا الجمال، ولم تتزوجي إلى الآن؟!
تعبتُ نفسيًّا، ومِن كثرة هذا السؤال هَجَرتُ صديقاتي، فلا أحب هذا السؤال! فالله قد كتب لي الرزق قبل خلْقِ السموات والأرض، وأعلم أنه لن يأخذَه غيري، فأنا مؤمنةٌ وراضِيَة بقضاء الله - سبحانه وتعالى - وأعلم أن رزقي لن يأخذه غيري، لكني أشعر بالنقص عندما أسمع هذا السؤال مِن صديقاتي! ثم لما أجيب أجد إحداهن تدعو لي، وكأن بي نقصًا، أو كأنني فقدتُ عزيزًا، فإذا كُتِب لي الزواج فخير، وإن لم يكتب لي أيضًا فهو خير.
عندما تسمع أمي أخبار زواج صديقاتي تبكي بكاءً شديدًا! فأحاول أن أخففَ عنها، فأخبرها أنَّ هذا ليس بيدنا، فتبكي وتقول: أريد أن أراك عروسة قبل أن أموت! فأبكي أنا الأخرى، وأجلس وحْدي في انهيارٍ شديدٍ من البكاء!

انصحوني، ماذا أفعل؟!


الجواب
بسم الله الموفق للصواب
وهو المستعان

فأمَّا الرضا بالقضاء فهو مِن علامات المخبتين الصادقين في المحبة؛ فمتى امتلأت القلوب بمحبة مولاها، رضيت بكلِّ ما يقضيه عليها من مؤلم وملائم؛ "شرح حديث لبيك اللهم لبيك"؛ ابن رجب.
أيتها العزيزة، يقول ابن عبدربِّه في "العقد": "ولا سبيل إلى السلامة مِن ألسنة العامة، إذ كان رضا جملتها، وموافقة جماعتها، من المعجز الذي لا يُدرَك، والممتنع الذي لا يُملك".
يقول ابن حَزْم - رحمه الله - في "الأخلاق والسير": "بابٌ عظيمٌ من أبواب العقل والراحة, وهو طَرْح المبالاة بكلام الناس, واستعمال المبالاة بكلام الخالق - عزَّ وجل - بل هذا باب العقل كله, والراحة كلها, ومَن قدر أنه يسلم من طعن الناس وعيبهم؛ فهو مجنون"، فليقل من شاء ما شاء، فإنما يسألون عن أقدار الله، والسائل عن أسباب القدر فإنما يعترض على الله المقدِّر - سبحانه - الذي ﴿ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ﴾ [الرعد: 41]، مَن ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾ [الأنبياء: 23]، "فلا يُسأل عما يفعل؛ لكمال حكمته وعلمِه، ووُقُوع أفعاله على وفق المصلحة والرحمة والحكمة"؛ "مفتاح دار السعادة"؛ لابن القيِّم، "وهم دائبًا يسألون ربهم، لم فعلتَ كذا؟ كأنهم لم يقرؤوا هذه الآية! نعوذ بالله مِن الخذلان"؛ "الإحكام"؛ لابن حزم.
أمَّا إحساسكِ بالنقص؛ لأن أحدهم قد دعا لك بالزواج والزوج الصالح، فها هنا ثغرة تُنْبئ عن نقصٍ حقيقي في الرضا بالقدَر! وما كلُّ مَن قال: "أنا راضٍ بالقدر" فهو على الحقيقة راضٍ بالقدر خيرِه وشره! والإيمان بالقدر والرضا بعد القضاء إن لم يظهرا في أفعالكِ، فلا عبرة بكلِّ ما تقولين وتكتبين! ومع احترامي لحرصكِ البالغ على إظهار رضاكِ بالقَدَر، وتكرار هذا القول غير مرة، إلَّا أن أفعالكِ وظاهر أعمالكِ يخالفان كل أقوالكِ، وزعمكِ بأن قلبك راضٍ بالقدر! فهَجْر صديقاتكِ بسبب سؤالهنَّ عنْ عدم زواجكِ، وشُعوركِ بالنقص عندما يدعو لكِ أحدُهم بالزواج، وبكاؤكِ، ومعاقبة أهلكِ بالتقصير في خدمة البيت، كلُّ ذلك اعتراضٌ ضمني على القدر! و"الصراطُ المستقيم هو أمورٌ باطنة في القلب؛ مِن اعتقادات، وإرادات، وغير ذلك، وأمورٌ ظاهرة مِن أقوالٍ، أو أفعال قد تكون عبادات، وقد تكون أيضًا عادات في الطعام واللباس، والنكاح والمسكن، والاجتماع والافتراق، والسفر والإقامة، والركوب وغير ذلك، وهذه الأمور الباطنة والظاهرة بينهما ارتباطٌ ومناسبة، فإنَّ ما يقوم بالقلب من الشعور والحال، يوجب أمورًا ظاهرة، وما يقوم بالظاهر مِن سائر الأعمال، يوجب للقلب شعورًا وأحوالًا"؛ كما يقول شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله تعالى ورضي عنه - في كتابه: "اقتضاء الصراط المستقيم".
ومِن أهمِّ علامات الرضا بالقدَر: سكونُ النفس وطمأنينتها، لا اضطرابها وقلقها، كهذا الحال الذي أنت عليه اليوم! وقد قال ابن القيِّم - رحمه الله تعالى ورَضِي عنه - في "مدارج السالكين": "الرضا ينزل عليه السكينة التي لا أنفع له منها، ومتى نزلتْ عليه السكينة استقام، وصلحتْ أحواله، وصلح بالُه، والسخط يبعده منها بحسب قلَّته وكثرته، وإذا ترحلتْ عنه السكينةُ ترحل عنه السرور، والأمن، والدَّعَة، والراحة، وطيب العيش، فمِن أعظم نِعَم الله على عبده: تنزُّل السكينة عليه، ومن أعظم أسبابها: الرضا عنه في جميع الحالات".
وقد قرأتُ في "مجموع الفتاوى"؛ لشيخ الإسلام، كلمةً محكمةً، غاية في فَهم المقصود بالرضا، تختصر كلَّ ما أريد أن أقولَه لك، قالها في شرح إنكار الجنيد على الشبلي حين قال في حضرته: لا حول ولا قوة إلا بالله":
"قال الشبلي بين يدي الجنيد: "لا حول ولا قوة إلا بالله"، فقال الجنيد: "قولك ذا ضيق صدرٍ! وضيق الصدر لترك الرضا بالقضاء"، فإن هذا مِن أحسن الكلام، وكان الجنيد - رضي الله عنه - سيد الطائفة، ومِن أحسنهم تعليمًا وتأديبًا وتقويمًا - وذلك أن هذه الكلمة كلمة استعانةٍ؛ لا كلمة استرجاعٍ، وكثيرٌ مِن الناس يقولها عند المصائب بمنزلة الاسترجاع، ويقولها جزعًا لا صبرًا، فالجنيدُ أنكر على الشبلي حاله في سبب قوله لها؛ إذ كانتْ حالًا ينافي الرضا، ولو قالها على الوجه المشروع لم ينكرْ عليه".
هذا في حقِّ مَن يقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله"! فكيف بمَن يقول ما تقولين؟! وكيف بمَن يَتَسَخَّط على تأخُّر الزواج علانيةً، كما هو حال معظم استشارات تأخُّر الزواج؟! نسأل الله العافية!
إذًا، فعلاجُ مشكلتكِ كامنٌ في صحة اعتقادكِ القلبي، ورضاكِ عنْ ربكِ وأقداره؛ كي لا يحزنكِ بعد اليوم أن يقولَ الناس: "ما لهذه الجميلة لا تتزوَّج؟"، وحتى لا تشعرك الدعوات الطيبات بالستر والزواج بالنقص والصغار!
أدرك جيدًا أن كلام الناس مؤذٍ جدًّا، ومؤلم حقًّا، لكنَّه لا يكون على هذا النحو مِن التأثير على النفسيَّة، إلَّا إذا كان هناك بعضُ الخلل في الرضا بالقدر!
"وفي الجملة: تدبير الحقِّ - عزَّ وجلَّ - لك خيرٌ مِن تدبيرك، وقد يمنعك ما تهوى ابتلاءً، ليبلوَ صبرك، فأرِه الصبر الجميل، ترَ عن قربٍ ما يسر، ومتى نظَّفت طرق الإجابة عن أدران الذنوب، وصبرتَ على ما يقضيه لك، فكل ما يجري أصلح لك، عطاءً كان أو منعًا"؛ "صيد الخاطر"؛ لابن الجوزي.
فلتُري الله - تعالى - جميل صبركِ ورضاكِ، وما عليك بعد ذلك أن يرى الناس أو ترى الألوكة هذا الصبر منكِ وذلك الرضا عن ربكِ.

إِذَا كَانَ رَبِّي عَالمًا بِسَرِيرَتِي
فَمَا النَّاسُ في عَيْنِي بِأَعْظَمَ مِنْ رَبِّي



ولتتذكري أخيرًا أن لردات أفعالنا ومواقفنا من القيل والقال، وكثرة السؤال، أكبرَ الأثر في تحديد مواقف الناس تجاهنا، وتجاه أقدارنا وما كتب الله لنا، ولو تلمَّس الناس في كلامك معاني الرضا بحسن اختيار الله، واليقين بأن تأخر زواجكِ هو محض خير، لم يجرؤ أحدٌ على أن يسألكِ: "لماذا لم تتزوجي؟!"، فردة فعلك وجوابك عن سؤال الناس هو المشكلة، وليس في كلام الناس وأسئلتهم!

والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب، والحمد لله كما هو أهله، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آل محمد، وسلم تسليمًا كثيرًا مؤبدًا.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.11 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.44 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.08%)]