|
ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() والنصيحة: هي الدعاء إلى ما فيه الصلاح، والنهي عما فيه الفساد [31]. وهذا هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي حازت هذه الأمة بسببه الخيرية، قال تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [آل عمران: 110] [32]، واستحقَّت أمة أخرى اللّعن على لسان الأنبياء بسبب تقصيرها فيه، فقال سبحانه: ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المائدة: 78، 79] [33]. وقد دلَّ حديث: (( الدين النصيحة )) على ضرورة الإخلاص حال القيام بهذا الواجب، ففي اللغة: الناصح: الخالص من كل شيء [34]. وبناء عليه ينبغي أن يخلص الناصح في أمره ونهيه، وأن يتحرَّكَ من منطلق الحرص على هداية الآخرين، ومحبة إيصال الخير لهم، ورغبة انتشالهم من الموبقات، وهذا لا يتأتّى إلا إذا كان الناصح متخلِّقاً بأخلاق الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، الذي قال الله تعالى فيه: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128] [35]. وليبتعد الناصح عن الغلظة والمخاشنة، لما يترتَّب على ذلك من النُّفرة وعدم الإفادة من النصيحة، وربما ولّدت الكراهية وأغلقت الباب تماماً دون المنصوح، يقول الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ [آل عمران: 159] [36]. وخير دليل على ضرورة الرِّفق في النصيحة قولُ الله تعالى لموسى وهارون على نبينا وعليهما الصلاة والسلام حين أرسلهما لدعوة فرعون: ﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه: 44] [37] علماً بأنه لا جحود كجحود فرعون؟ ولا عناد يصل إلى عناده؟ ولا معصية تداني كفره؟ قال الإمام النووي: (( وينبغي للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يرفق؛ ليكون أقرب إلى تحصيل المطلوب، فقد قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: من وعظ أخاه سراً فقد نصحه وزانه، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه )) [38]. وقال أيضاً: (( وأما نصيحة عامة المسلمين - وهم من عدا ولاة الأمر - فإرشادهم لمصالحهم في آخرتهم ودنياهم، وكفُّ الأذى عنهم، فيعلِّمُهم ما يجهلونه من دينهم، ويُعِينُهم عليه بالقول والفعل، وسترُ عوراتهم، وسدُّ خَلاتهم، ودفعُ المضارِّ عنهم، وجلبُ المنافع لهم، وأمرُهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر برفقٍ وإخلاص، والشفقةُ عليهم... )) [39]. ولما قال الضَّحّاكُ بن قيس عامَ حجَّ معاويةُ بنُ أبي سفيان رضي الله عنه متمتِّعاً: لا يفعل ذلك إلا مَن جهل أمرَ الله عزَّ وجل، أجابه سعدُ بن أبي وقاص رضي الله عنه: بئس ما قلتَ يا ابن أخي. فقال الضّحّاك: فإنَّ عمر ابن الخطّاب قد نهى عن ذلك. فقال سعد: قد صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصنعناها معه. أخرجه مالك [40]. قال ابن عبد البر: (( وفي إنكار سعدٍ على الضَّحاك قولَه دليلٌ على أن العالم يلزمه إنكارُ ما سمعه من كلِّ قولٍ يضاف به إلى العلم ما ليس بعلم إنكاراً فيه رفقٌ وتؤدة )) [41]. وجاء في رسالة سفيان الثوري إلى عبّاد بن عبّاد: ((... فإن استطعت أن تأمر بخيرٍ في رفقٍ، فإن قُبِل منكَ حمدتَ الله عزَّ وجلَّ، وإن رُدَّ عليك أقبلْتَ على نفسك، فإنَّ لك فيها شغلاً)) [42]. [1] تقدم تخريجه ص 51. [2] مسلم: كتاب الطهارة – باب وجوب استيعاب جميع أجزاء محل الطهارة 1: 215 حديث 31 (243). [3] (( شرح صحيح مسلم )) للنووي 3: 132. [4] البخاري: كتاب العلم – باب من سئل علماً وهو مشتغل في حديثه... (59). [5] (( فتح الباري )) 1: 171. [6] البخاري: كتاب الأذان – باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها... (757)، ومسلم: كتاب الصلاة – باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة...1: 298 حديث 45 (397). [7] (( شرح صحيح مسلم )) 4: 108. [8] البخاري: كتاب العلم – باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخوّلهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا (68)، ومسلم: كتاب صفات المنافقين وأحكامهم – باب الاقتصاد في الموعظة 4: 2172 حديث 82 (2821). [9] (( تحفة الأحوذي )) 8: 121. [10] البخاري: الجمعة – باب من أين تؤتى الجمعة (902). [11] (( فتح الباري )) 2: 449. [12] المعنى: فلما رأيتهم يسكتونني غضبتُ وتغيرتُ لكني صمتُّ. [13] الكَهْر: الانتهار. (( النهاية )) 4: 212. [14] مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة – باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحته 1: 381 حديث 33 (537). [15] (( شرح صحيح مسلم )) 5: 20. [16] البخاري: كتاب النكاح – باب الترغيب في النكاح (5063)، ومسلم: كتاب النكاح – باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه... 2: 1020 حديث 5 (1401). [17] (( فتح الباري )) 9: 7. [18] الأخرق: هو الذي ليس بصانع، ولا يحسن العمل. (( فتح الباري )) 5: 177-178. [19] البخاري: كتاب العتق – باب أي الرقاب أفضل (2518)، ومسلم: كتاب الإيمان – باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال 1: 89 حديث 136 (84). [20] (( فتح الباري )) 5: 178. [21] البخاري: كتاب الصوم – باب إذا جامع في رمضان... (1936)، ومسلم: كتاب الصيام – باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان على الصائم... 2: 781 (1111). [22] (( فتح الباري )) 4: 204. [23] البخاري: كتاب الوضوء – باب صبِّ الماء على البول في المسجد (220). [24] مسلم: كتاب الجمعة – باب حديث التعليم في الخطبة 2: 597 (876). [25] البخاري: كتاب الوضوء – باب صبِّ الماء على البول في المسجد (220). [26] البخاري: كتاب مواقيت الصلاة – باب فضل الصلاة لوقتها (527)، ومسلم: كتاب الإيمان – باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال 1: 90 حديث 139 (85). [27] جاءت هذه الجملة في إحدى روايات الحديث عند مسلم: 1: 89 حديث 137 (85) ومعنى (إرعاء): إبقاء ورفقاً. (( النهاية )) 2: 236. [28] (( شرح صحيح مسلم )) 2: 79. [29] (( فتح الباري )) 2: 14. [30] مسلم: كتاب الإيمان – باب بيان أن الدين النصيحة 1: 74 حديث 95 (55) [31] (( التعريفات )) للجرجاني ص 309. [32] الآية رقم 110 من سورة آل عمران. [33] الآيتان رقم 78 - 79 من سورة المائدة [34] (( المعجم الوسيط )) مادة (ن ص ح). [35] الآية رقم 128من سورة التوبة. [36] الآية رقم 159 من سورة آل عمران. [37] الآية رقم 44 من سورة طه. [38] (( شرح صحيح مسلم )) 2: 24. [39] (( شرح صحيح مسلم )) 2: 39. [40] (( الموطأ )) 1: 344 (60). [41] (( الاستذكار )) 4: 94. [42] (( الجرح والتعديل )) 1: 87.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |