|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() التوحيد في سورة الملك د. أمين الدميري ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الملك: 1]: تبارك: كثُر خيرُه وعمَّ فضلُه، وغمَر العباد بنعمه تفضلًا منه سبحانه من غير سؤال منهم، ولئن سألوه أعطاهم، وسبحانه يرزق من يشاء بغير حساب، ويرزق بالأسباب وبدونها. تبارك الملك المالك: ♦ ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الملك: 1]. ♦ ﴿ لَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ ﴾ [الملك: 2]. ♦ ﴿ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ﴾ [الملك: 3]. ♦ ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا ﴾ [الملك: 15]. ♦ ﴿ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ﴾ [الملك: 23]. ♦ ﴿ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [الملك: 24]. والملك من خصائص الربوبية؛ فهو المالك المتصرف المدبر، المصلح، السيد، ولم يخلق شيئًا عبثًا، وكل شيء عنده بمقدار، فلا تفاوت ولا تباين، بل الكون كله منظومة متكاملة في غاية الإحكام والانسجام: ﴿ مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ ﴾ [الملك: 3]، وإضافة الخلق إلى الرحمن هنا عجيبة، لم يقُل: خلق الله أو خلق الرب، ما يدل على أن رحمته عمت المخلوقات، ووسعت الصنعة والمصنوع، ومن دلائل رحمته: 1- خلق الموت، فالموت رحمة وخير، مع أنه في ظاهره مصيبة وشر، والحقيقة أنه شر جزئي مضمور في الخير الكلي العام؛ إذ ماذا لو كانت الحياة الدنيا حياة بلا موت؟ وماذا لو عاش الإنسان مائة سنة أو أكثر؟ لا شك أنه سيكره الحياة ويتمنى الموت، والموت خير للمؤمن وللكافر على السواء، فقد ورد عن أبي الدرداء قال: (ما من مؤمن إلا والموت خير له، وما من كافر إلا والموت خير له، فمن لم يصدِّقني فإن الله يقول: ﴿ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ ﴾ [آل عمران: 198]، ويقول: ﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [آل عمران: 178]. وفي قوله تعالى: ﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الملك: 2]: بيان لحكمة خلق الموت والحياة، وهي الاختبار والإعداد لما بعد هذه الحياة، وإذا كان المؤمنون يتمنون دخول الجنة، فهل عدم موتهم موتة الدنيا يحقِّق ذلك؟ وهل سيدخلون الجنة إلا إذا ماتوا ثم يبعثون للحياة الباقية الدائمة التي لا موت فيها ولا بعدها؟ إذًا فالموت من لوازم الحياة الدنيا. 2- وإذا دخل أهل الجنة الجنةَ، حمدوا الله تعالى؛ لأنهم ارتاحوا من الهم والحزن والنصب والوصب واللغوب: وقالوا ﴿ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ﴾ [فاطر: 34، 35]، قال بعضهم: النصب: التعب الجسماني وآلام الأمراض، واللغوب: التعب النفسي؛ مِن همٍّ وكرب وضيق نفسٍ، وقلق وتوتر، وهما من لوازم الحياة الدنيا. 3- وكل مخلوق سوف يموت، والموت مخلوق وسيموت، ويبقى الحي الذي لا يموت، وتبقى الحياة الآخرة فتكون حياة بلا موت؛ روى النسائي والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخل أهل الجنة الجنةَ، وأهل النار النار، أتي بالموت فيذبح.. ثم يقال: يا أهل الجنة، خلود بلا موت، ويا أهل النار، خلود بلا موت). 4- خلق السماوات وما فيها من شموس وأقمار، تتجلى فيها دلائل العظمة، كما تتجلى فيها دلائل الرحمة، فموضع الشمس من الأرض حكمة ورحمة، فلو اقتربت قليلًا لاحترق أهل الأرض، ولو ابتعدت قليلًا لتجمدت الكائنات والبحار والأنهار. 5- تذليل الأرض وإعدادها للحياة، وتيسير المعايش، وتقدير الأرزاق للعباد. 6- خلق الحواس للاستمتاع بمظاهر الحياة، فلو لم تكن العين ما كانت نعمة البصر والنظر في محاسن المصنوعات وعجائب المخلوقات: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [النحل: 18]. ثم تكرر ذكر "الرحمن" في قوله تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ ﴾ [الملك: 19]، من الذي أمسكها في جو السماء؟ ومن الذي خلق عظامها مجوفة وغطاها بالريش؟ (يقال: خفيف كالريشة)، ومن الذي هيَّأ لها الطيران والاتزان والحركة والصعود والهبوط وحِدَّة النظر؟ من؟ من الذي علمها النطق (منطق الطير) الذي فهِمه وعلمه الله تعالى داود وسليمان؟ وقد ثبت أن للطير منطقًا، ونطق يعبر به عن نفسه وما يريد، وأن للطيور خاصة الاستشعار عن بُعد، وصفات أخرى لا يعلمها إلا الله، فهي: أمم أمثالنا: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 38]. ومع ذلك فكثير من البشر يجحدون ويكفرون، ويأمنون مكر الله بهم وقدرة الله عليهم: ﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ ﴾ [الملك: 16، 17]، وهو استفهام تهديدي! وكثير من البشر يغالط نفسه، وينكر الحقائق الساطعة، والبراهين الدامغة الدالة على وحدانية الله عز وجل، وتفرُّده بالخلق والرزق والتصريف والتدبير. ﴿ أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ ﴾ [الملك: 20]. ﴿ أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ ﴾ [الملك: 21]. ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الملك: 28]. ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ ﴾ [الملك: 30]. والعيب في الناس أنهم يقفون أمام أفعال الله المعتادة ببلادة، فقد يأتيهم الرزق بلا تعب، ويتمتعون بنعم الله بلا سعي منهم، ويجدون الماء بلا طلب، فلا يشكرون ولا يوحدون!
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |