|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() الربا عن تراض محمد بن جهاد بن أبو شقرة "قال الامام مالك رحمه الله: إنى تصفحت كتاب الله وسنة نبيه فلم أر شيئا أشر من الربا، لأن الله أذن فيه بالحرب. تفسير القرطبي ط: الرسالة 4 / 405" كتاب الأم للشافعي: باب الربا باب الطعام بالطعام أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا عبد الوهاب عن أيوب عن مسلم بن يسار ورجل آخر عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق ولا البر بالبر ولا الشعير بالشعير ولا الملح بالملح إلا سواء بسواء عينا بعين يدا بيد ولكن بيعوا الذهب بالورق والورق بالذهب والبر بالشعير والشعير بالبر والتمر بالملح والملح بالتمر يدا بيد كيف شئتم " قال ونقص أحدهما التمر أو الملح. ( قال الشافعي ): رحمه الله وبهذا نأخذ وهو موافق للأحاديث في الصرف وبهذا تركنا قول من روى أن لا ربا إلا في نسيئة وقلنا الربا من وجهين في النسيئة والنقد وذلك أن الربا منه يكون في النقد بالزيادة في الكيل والوزن ويكون في الدين بزيادة الأجل، وقد يكون مع الأجل زيادة في النقد ( قال ): وبهذا نأخذ والذي حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم الفضل في بعضه على بعضه يدا بيد، الذهب والورق والحنطة والشعير والتمر والملح ( قال ): والذهب والورق مباينان لكل شيء؛ لأنهما أثمان كل شيء ولا يقاس عليهما شيء من الطعام ولا من غيره" الذي يدل عليه النظر الصحيح، وهو الذي عليه عامة العلماء المعاصرين: أن العملات الورقية يجري فيها الربا قياساً على الذهب والفضة. وذلك لأن الشرع حكم بجريان الربا في الذهب والفضة لأنهما أثمان الأشياء، أي: كانا هما العملة التي يتعامل بها الناس قديماً (الدراهم والدنانير) فكانت قيم الأشياء تقدر بالذهب والفضة، وقد حَلَّت هذه الأوراق النقدية محل الذهب والفضة في التداول، فوجب أن يكون لها حكم الذهب والفضة. وقد جاء عن بعض الأئمة والعلماء المتقدمين ما يؤيد هذا. جاء في "المدونة" (3 / 5): " قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَيْت فُلُوسًا بِدَرَاهِمَ فَافْتَرَقْنَا قَبْلَ أَنْ نَتَقَابَضَ قَالَ: لَا يَصْلُحُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَهَذَا فَاسِدٌ، قَالَ لِي مَالِكٌ فِي الْفُلُوسِ: لَا خَيْرَ فِيهَا نَظِرَةً [أي: مع تأجيل القبض] بِالذَّهَبِ وَلَا بِالْوَرِقِ، وَلَوْ أَنَّ النَّاسَ أَجَازُوا بَيْنَهُمْ الْجُلُودَ حَتَّى تَكُونَ لَهَا سِكَّةٌ وَعَيْنٌ لَكَرِهْتُهَا أَنْ تُبَاعَ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ نَظِرَةً. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَيْت خَاتَمَ فِضَّةٍ أَوْ خَاتَمَ ذَهَبٍ أَوْ تِبْرَ ذَهَبٍ بِفُلُوسٍ فَافْتَرَقْنَا قَبْلَ أَنْ نَتَقَابَضَ أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا يَجُوزُ فَلْسٌ بِفَلْسَيْنِ، وَلَا تَجُوزُ الْفُلُوسُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَا بِالدَّنَانِيرِ نَظِرَةً " انتهى. ومعنى هذا: أن الإمام مالك رحمه الله يرى أن الفلوس يجري فيها الربا كالذهب والفضة، لأن الناس صاروا يتعاملون بها وصارت نقداً، بل يرى أن الناس لو تعارفوا على جعل الجلود نقوداً يتعاملون بها لكان لها حكم الذهب والفضة، وهذا يشبه الأوراق النقدية الآن، فصار النقد من ورق، والذي افترضه الإمام مالك أنه يكون من جلود. فسبحان من وفق الإمام إلى هذا المثال! وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وَالْأَظْهَرُ: أَنَّ الْعِلَّةَ فِي تَحْرِيمِ الرِّبَا فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ هُوَ الثمنية؛ كَمَا قَالَهُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، لَا الْوَزْنُ... وَالتَّعْلِيلُ بالثمنية تَعْلِيلٌ بِوَصْفٍ مُنَاسِبٍ؛ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأَثْمَانِ أَنْ تَكُونَ مِعْيَارًا لِلْأَمْوَالِ يَتَوَسَّلُ بِهَا إلَى مَعْرِفَةِ مَقَادِيرِ الْأَمْوَالِ وَلَا يَقْصِدُ الِانْتِفَاعَ بِعَيْنِهَا. فَمَتَى بِيعَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ إلَى أَجَلٍ قُصِدَ بِهَا التِّجَارَةُ الَّتِي تُنَاقِضُ مَقْصُودَ الثمنية " انتهى بتصرف يسير. "مجموع الفتاوى" (29 / 471-472). وقال ابن القيم: " وأما الدراهم والدنانير فقالت طائفة: العلة فيهما كونهما موزونين. وهذا مذهب أحمد في إحدى الروايتين عنه ومذهب أبي حنيفة. وطائفة قالت: العلة فيهما الثمنية. وهذا قول الشافعي ومالك وأحمد في الرواية الأخرى، وهذا هو الصحيح، بل الصواب " انتهى. "إعلام الموقعين" (2/ 156). وجاء في توصيات وفتاوى الندوة الفقهية الأولى لبيت التمويل الكويتي: " أ - تأكيد ما انتهى إليه مجمع الفقه الإسلامي بجدة من أن هذه الأوراق قامت مقام الذهب والفضة في التعامل بيعا وشراء وإبراء وإصداقاً، وبها تقدر الثروات وتدفع المرتبات ولذا تأخذ كل أحكام الذهب والفضة ولا سيما وجوب التناجز [التقابض] في مبادلة بعضها ببعض وتحريم النَّسَاء [التأخير] فيها. ب - كل عملة من العملات جنس قائم بذاته. فلا يجوز ربا الفضل فيها عند العقد أو في نهايته، سواء كانت معدنا أو ورقا إذا بيعت بمثلها، أما إذا بيعت عملة بعملة أخرى فلا يشترط في ذلك إلا التقابض. ج - لا يجوز بيع الذهب بالعملات الورقية ولا شراء الذهب بها إلا يداً بيد" انتهى. وجاء في "أبحاث هيئة كبار العلماء" (1/ 85). • حكمة تحريم الربا في النقدين ليست مقصورة عليهما؛ بل تتعداهما إلى غيرهما من الأثمان كالفلوس والورق النقدي. • علة الربا في النقدين مطلق الثمنية. وهذا القول إحدى الروايات عن الإمام أحمد ومالك وأبي حنيفة. قال أبو بكر من أصحاب أحمد: روى ذلك عن أحمد جماعة، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله وغيرهما من محققي أهل العلم " انتهى. وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: " العملة الورقية منزلة الذهب والفضة في جريان الربا في بيع بعضها ببعض، وفي بيع الذهب والفضة بها " انتهى. "مجموع فتاوى ابن باز" (19/ 158). والخلاصة: أن الشريعة لا تفرق بين المتماثلات، كما أنها لا تجمع بين المختلفات المتضادات، فلما حكمت الشريعة بجريان الربا في الذهب والفضة لأنها أثمان الأشياء، وجب أن يتعدى هذا الحكم إلى كل ما صار ثمناً للأشياء، كالفلوس والأوراق النقدية. ويمكنك مراجعة كتاب: • "فقه المعاملات الحديثة" د. عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان. • "توظيف الأموال بين المشروع والممنوع" د. عبد الله بن محمد الطيار. • "قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي". منقول بتصرفٍ " الربا هو التوصيف العلمي لعمل البنك، ولمعرفة الجانب المدمر للاقتصاد الربوي، الذي لا يتصور البتة موافقته للشرع؛ لأنه من صنع اليهود ونشأ في غير بلاد المسلمين؛ ولذلك لا يتصور عقلاً أن تراعى فيه الحدود الشرعية، فلا عجب ولا غرابة أن يتفق العلماء على أنه من الحرام البيِّن وليس من الشبهات فقط منذ زمن بعيد -إلا من شذَّ منهم- وهو قول جميع المجامع الفقهية، ولجان الفتوى في العالم العربي والإسلامي؛ ومنها مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، ومجمع الفقه الإسلامي الدولي، المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي، الذي يضم علماء (55) دولة، وفيه أكثر من مئة خبير في جميع التخصصات مثل الدكتور على السالوس، والدكتور وهبة الزحيلي وغيرهم من خبراء الاقتصاد والقانون والفقه. و(المجمع الفقهي بمكة المكرمة)، الذي يضم خيرة العلماء والفقهاء في العالم، و(مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا)، و(اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء بالسعودية)، و(هيئة كبار العلماء بالسعودية)، وعلى رأسهم الشيخ "محمد بن إبراهيم"، والشيخ "عبد العزيز بن باز"، و"ابن عثيمين" وغيرهم كثير من علماء الأمة، وإليكم أولاً مجموعة من القرارات المعتمدة: قرار المؤتمر الإسلامي الثاني لمجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة: انعقد المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية، بالقاهرة في شهر المحرم سنة 1385هـ - الموافق مايو 1965م، والذي ضم ممثلين ومندوبين عن خمس وثلاثين دولة إسلامية في عهد العلامة حسن مأمون شيخ الأزهر، وقد قرر المؤتمر بالإجماع بشأن المعاملات المصرفية ما يلي: أولاً: الفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرم، لا فرق في ذلك بين ما يسمى بالقرض الاستهلاكي، وما يسمى بالقرض الإنتاجي؛ لأن نصوص الكتاب والسنة في مجموعها قاطعة في تحريم النوعين. ثانياً: كثير الربا وقليله حرام، كما يشير إلى ذلك الفهم الصحيح في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران:130]. ثالثاً: الإقراض بالربا محرَّم لا تبيحه حاجة ولا ضرورة، والاقتراض بالربا محرم كذلك، ولا يرتفع إثمه إلا إذا دعت إليه الضرورة. رابعاً: أعمال البنوك من الحسابات الجارية، وصرف الشيكات، وخطابات الاعتماد، والكمبيالات الداخلية، التي يقوم عليها العمل بين التُّجَّار والبنوك في الداخل - كل هذا من المعاملات المصرفية الجائزة، وما يؤخذ في نظير هذه الأعمال ليس من الربا. خامساً: الحسابات ذات الأجل، وفتح الاعتماد بفائدة، وسائر أنواع الإقراض نظير فائدة كلها من المعاملات الربوية وهي محرمة. قرار مجمع رابطة العالم الإسلامي، إن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في دورته التاسعة المنعقدة بمبنى رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة في الفترة من يوم السبت 12رجب 1406هـ - إلى يوم السبت 19رجب 1406هـ - قد نظر في موضوع (تفشي المصارف الربوية، وتعامل الناس معها، وعدم توافر البدائل عنها)، قد أثبتت البحوث الاقتصادية الحديثة أن الربا خطر على اقتصاد العالم وسياسته، وأخلاقياته وسلامته، وأنه وراء كثير من الأزمات التي يعانيها العالم، وألا نجاة من ذلك إلا باستئصال هذا الداء الخبيث الذي هو الربا من جسم العالم؛ ومن هنا يقرر المجلس ما يلي: أولاً: يجب على المسلمين كافة أن ينتهوا عما نهى الله تعالى عنه من التعامل بالربا، أخذاً أو عطاءً، والمعاونة عليه بأي صورة من الصور، حتى لا يحل بهم عذاب الله، ولا يأذنوا بحرب من الله ورسوله. ثانياً: ينظر المجلس بعين الارتياح والرضا إلى قيام المصارف الإسلامية، التي هي البديل الشرعي للمصارف الربوية، ويعني بالمصارف الإسلامية: كل مصرف ينص نظامه الأساسي على وجوب الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية الغراء في جميع معاملاته ويُلزم إدارته بوجوب وجود رقابة شرعية مُلزمة. ثالثاً: يحرم على كل مسلم يتيسر له التعامل مع مصرف إسلامي أن يتعامل مع المصارف الربوية في الداخل أو الخارج، إذ لا عذر له في التعامل معها بعد وجود البديل الإسلامي، ويجب عليه أن يستعيض عن الخبيث بالطيب، ويستغني بالحلال عن الحرام. رابعاً: يدعو المجلس المسؤولين في البلاد الإسلامية والقائمين على المصارف الربوية فيها إلى المبادرة الجادة لتطهيرها من رجس الربا؛ استجابة لنداء الله تعالى:﴿ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 278]. خامساً: كل مال جاء عن طريق الفوائد الربوية هو مال حرام شرعاً، لا يجوز أن ينتفع به المسلم -مودع المال- لنفسه أو لأحد ممن يعوله في أي شأن من شؤونه، ويجب أن يصرف في المصالح العامة. قرار مجمع الفقه التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي: إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10 - 16 ربيع الثاني 1406هـ- الموافق 22 - 28 ديسمبر 1985م - قرر ما يلي: أولاً: إن كل زيادة (أو فائدة) على الدَّين الذي حل أجله، وعجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله، وكذلك الزيادة (أو الفائدة) على القرض منذ بداية العقد: هاتان الصورتان رباً محرم شرعاً. ثانياً: إن البديل الذي يضمن السيولة المالية والمساعدة على النشاط الاقتصادي حسب الصورة التي يرتضيها الإسلام - هي التعامل وفقاً للأحكام الشرعية ولاسيما ما صدر عن هيئات الفتوى المعنية بالنظر في جميع أحوال التعامل التي تمارسها المصارف الإسلامية في الواقع العملي. ثالثاً: قرَّر المجمع التأكيد على دعوة الحكومات الإسلامية إلى تشجيع المصارف الإسلامية القائمة، والتمكين لإقامتها في كل بلد إسلامي؛ لتغطي حاجة المسلمين كيلا يعيش المسلم في تناقض بين واقعه ومقتضيات عقيدته. هذا؛ وليُعلم أن ودائع البنوك هي عقد قرض شرعاً - كما تقدم- وقانوناً، وعند علماء الاقتصاد؛ فالمصرف أو البنك: هو مؤسسة تتخصص في إقراض واقتراض النقود، كما في "الموسوعة العربية الميسرة"، وقد اتفق أساتذة الاقتصاد وعلماء القانون وفقهاء الشريعة على هذا التعريف. فالوظيفة الأولى للبنوك هي الاتجار في الديون، بأن تقوم بإقراض ما أودع لديها، أو ما اقترضته من المودعين مقابل زيادة محددة على أصل المال، ووظيفتها الثانية هي: خلق الديون أو الائتمان يعني: إقراض ما لم تملكه بالفعل؛ فتَخْلُق النقود وتقرضها! وذلك بوضع مبلغ معين تحت تصرف شخص ما -فتح الاعتماد- وهو في الحقيقة لن يسحب جميع المبلغ وإنما يأخذ مقداراً منه، أما البنك فيأخذ الربا -الفائدة- على جميع المبلغ المخصص له، والبنك في هذا أسوأ من ربا الجاهلية بكثير. يقول الأستاذ الدكتور عبدالرزاق السنهوري في كتابه (الوسيط في شرح القانون المدني) (5/ 435): "... فالعميل الذي أودع النقود هو المقرض، والمصرف هو المقترض، وقد قدمنا أن هذه وديعة ناقصة وتعتبر قرضاً"، ويقول الدكتور على جمال الدين عوض في كتابه: (عمليات البنوك من الوجهة القانونية): إن الوديعة النقدية المصرفية في صورتها الغالبة تعد قرضاً، وهو ما يتفق مع القانون المصري، حيث تنص المادة 726 منه على ما يأتي: إذا كانت الوديعة مبلغاً من النقود أو أي شيء آخر مما يهلك باستعماله، وكان المودع عنده مأذوناً له في استعماله اعتبر العقد قرضاً. ويأخذ كثير من تشريعات البلاد العربية بهذه القرينة، أي ينص على أن البنك يمتلك النقود المودعة لديه، ويلتزم بمجرد رد مثلها من نفس النوع". منقول بتصرفٍ بقي شبهة أخيرة: يقول زميلنا - عفا الله عنه - أريد أن أتاجر ولا أعرف كيف أدير التجارة ولا أحد غير البنك يتاجر بالمال؟ فالجواب: هذه مغالطة، فإنَّ التجارة باب واسع يمكن دخوله من كل بابٍ وليست التجارة مع البنوك بشيءٍ فإنها - فضلا عن حرمتها - لا تساوي شيئا، وخذ مثالا لذلك: أحد البنوك الجبابرة المشهور بالطغيان وله تصنيف عالمي AA- حسب تصنيف Fitch Rating وكل ما زاد هذا التصنيف زاد البنك ربا ورفعة وبعدًا عن الشرع، يقدم لعملائه عرضا نسبة فائدة (ربا فضل) واحد بالمائة على كل مبلغٍ ومثاله لو وضعت ألف دولار فلك في العام عشرة دولارات، ولو وضعت مليون دولار فلك عشرة آلاف دولار، ولو كنت من أصحاب المليارات فكل مليار تضعه لك به عشرة ملايين دولار، فلا إله إلا الله، على حساب من هذا؟ وقد يُخيِّل لك عزيزي القارئ أن هذا الربح الوافر جيد ونافع، وهو في الحقيقة لا يساوي شيئا مما تستحقه في تعاملك مع البنك فإن البنك يدخل مضاربات تسمي المضاربات السريعة فتربح فيها أضعافا مضاعفة باستخدام أموالك وأموال غيرك من العملاء، فإذا كانت نسبة الربح عند البنك 3% أو 50% فإنه لن يعطيك سوى الواحد بالمائة فقط التي اتفق عليها معك، وبذلك تكون أكلت الربا حرامًا دون أن تنال حقك الكامل! فتأمِّل. واعلم رعاك الله وهداك وأرشدك إلى تقاك أن المسلمين لن يفلحوا طالما تعاملوا مع البنوك الربوية، ولا يقولن بعض الناس نحن نضع راتبنا فقط، فإن البنك يستفيد من ذلك أيضا فتكون لهم شريكا في الربا، وقد قال الله ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة: 2] فأمر بالتقوى والتعاون على الخير وليس الربا خيرا، وقال ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، وأي إثم أعظم من ظلم الناس ومحاربة الله ورسوله؟ ثم هدَّد أنه شديد العقاب لمن لا يخافه ولا يتقيه. فإن قال بعضكم فإن الأمر كذلك فما بال دُولِنا تتعامل بالربا، فنقول له أنهم ظالمون لأنفسهم بذلك وإن الله ماحق باركتهم عاجلا أم آجلا، وليس في عمل الناس ولا الدول حجة على الشرع، بل هم محجوجون بشرع الله، وهذه الدول تسمِّي أنفسها "مدنية" أي قوانينا بعضه شرعي وبعضه فرنسي وبعضه روسي وأمريكي وغير ذلك، فمن أراد لقاء الله طبَّق شرع الله في كل شيءٍ، في البنوك وغيرها، وعلى المسلم أن يتعامل مع البنوك الإسلامية، فإنها وإن كان في بعض معاملاتها خطأ فإنها تبقى خيرًا من الربوية، والمسلم يقدم أدنى المفسدتين عن تعارض المصلحة، فهذا بنك ربوي وآخر إسلامي، والإسلامي أكثر معاملاته صحيحة وبعضها خاطئ بخلاف ذاك الربوي فهو قائم على الباطل، ومثل ذلك كمن قيل له تزوَّج فقال لا أستطيع، فبينما هو متعبٌ من ذلك ذهب فاستمْنّى فهذا إثمٍ ولكنه خيرٌ من وقوعه في الزنا. ونسأل الله أن يمكن لأهل الإسلام أمر رشد يهتدون فيه لتطبيق شرعه. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |