زوجي جاف وعصبي

[ابوالوليد المسلم]

زوجي جاف وعصبي
أ. أمل العنزي





السؤال



♦ ملخص السؤال:

سيدة متزوجة منذ سنوات، مُتْعَبَة نفسيًّا بسبب جفاف زوجها معها، مما أدَّى إلى تناوُلها لعلاجات نفسية ومُهَدِّئات، وتسأل: هل أكمل معه حياتي أو لا؟



♦ تفاصيل السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة كنتُ واثقةً مِن نفسي مُتفائلةً مُحِبَّةً للحياة، بعد زواجي وإنجابي تعرَّضتُ لصدمات ومشكلات زوجية وصحيَّة، وتحولتُ إلى فتاة كئيبة غير واثقة، أشعر أن الجميع أفضل مني، خَجول جدًّا، قلقة متوتِّرة، وصل بي الحال إلى أني أصبتُ بنوبات هلَعٍ ورُعْبٍ، وأصبحتْ حياتي لا تُطاق، ولا أجد طعمًا للحياة.




توجَّهْتُ للطبيب النفسي، وصرف لي السيروكسات، تناولْتُه بالتدريج وتحسَّنت، وعشتُ أفضل أسبوعين في حياتي، واختفى كل شيء لديَّ، وأصبحتُ إنسانة أخرى، ثم عادتْ أعراضُ الاكتئاب مِن جديدٍ، وأنا أتناوَل الدواء منذ ٦ أشهر، وكأن العلاج لم يَعُدْ له مفعولٌ، والآن أشعُر باكتئابٍ شديدٍ وخوفٍ شديدٍ، ورجفةٍ وضيقٍ في التنفُّس، وعصبية شديدة، وحساسية من الضوء والأصوات وزغللة في العين.




أحاول مقاومة هذه الأعراض، وأحاول أن أظهرَ واثقة بنفسي، والكل يراني إيجابية وكأنه ليس بي شيء، لكن من داخلي محطَّمة، وحزينة جدًّا، وغير مستقرة نفسيًّا!




حياتي الزوجية كئيبة، وزوجي جافٌّ، وينتقدني كثيرًا، ويغضب كثيرًا، ولا يقضي وقتًا معي، وأنا لا أحِبُّ النقد ولا العصبية، حتى عندما تتحسَّن حياتي الزوجيه فهذه التصرفات تجعلني أنتكس!




حاورتُ زوجي، واجتَهدتُ كثيرًا لإنجاح حياتنا، ففيه صفات جيدة، فهو طيب ويُنفق عليَّ، وفيه صفات كثيرة حسنة، أسأل الله ألا يَحْرِمَه الأجر.




لكن صفاته الأخرى سيئة ولا تُطاق، وتقتلني بِبُطْء، وبسببها أريد الانفِصال لأحافظَ على راحتي النفسية!




أعلم أن ما بي سببه زوجي، فقد تزَوَّجْتُه صغيرة، وكنتُ كأي فتاة حالمة وهادئة، وأحلم بحياة جميلة، وصُدِمْتُ به، فهو عقلاني وقاسٍ معي جدًّا وجافٌّ، وينتقدني دائمًا، ويُقَلِّل مِن شأني، ويَسْخَر مِن شكلي، ويتهمني بأني لا أُحْسِن التصرف، مع أني جميلة جدًّا وحسنة الخلق، ومع التراكمات وصلتُ إلى الاكتئابِ والمرَضِ النفسيِّ، وزاد مرَضي!




والآن ما الحل في رأيكم؟ هل أكمل العلاج النفسي أو لا؟



هل أنْفَصِل عن زوجي لأرتاح منه؟ أو أكمل معه علمًا بأنه قال: لن أتَغَيَّر!؟


الجواب



بسم الله الرحمن الرحيم



والصلاةُ والسلامُ على سيد الأنبياء والمرسلين، حبيبنا ورسولنا محمد، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم إلى يوم الدين، وعلى آله وصحبه وسلم.




عزيزتي، أشكر ثقتك في شبكة الألوكة، وأتمنى أن نُساعدك على تجاوُز ظروفك التي تَمُرِّين بها، وأسأل الله أن يشفيك شفاءً لا يُغادر سقَمًا.




مِن الأشياءِ الجميلةِ التي ذكرتِها أنك تظهرين أمام الناس واثقةً مِن نفسك وإيجابية، وهذا دليلٌ على أنك بالفعل واثقة من نفسك، ولديك القدرة على أن تُصبحي إيجابيةً في حياتك في كل وقتٍ.




ذكَرْتِ أن مُشكلتَك ومرَضك الذي تعانين منه كله بسبب حياتك الزوجية، والمشكلات والصدمات التي عانيتِ منها، وأن زوجك عقلاني وجافٌّ، وكان يُكثر من نقدك!




وأودُّ أن ألفتَ انتباهك إلى أن هذه الأشياء التي ذكرتِها ليست السبب الحقيقي في مرضك، وما تواجهينه من صعابٍ في حياتك، ولكن السبب الذي أدَّى بك إلى ما أنت عليه هو طريقة تفكيرك، ونظرتك للأمور، وترجمتك للأحداث التي تقع لك.




اقرئي مشكلتك بتأنٍّ، ولاحظي كيف تُرَكِّزين على الجوانب السلبية في حياتك، مما أدَّى بك إلى تضخيم وتهويل لتلك الأحداث.




ذكرتِ أن زوجك رجلٌ طيبٌ يُنفِق عليك، وفيه كثيرٌ مِن الصفات الجيدة، لكنك ركَّزْتِ على سلبياته المُتَمَثِّلة في جفافه العاطفي، رغم أن هذا طبعه، فهو طيبٌ مِن الداخل، لكنه لا يُجيد التعبير عن مشاعره، ولعلك تَتَفَهَّمين شخصيته، فكلُّ إنسان لديه مُمَيِّزات وعيوب، ولا يوجد إنسان كامل، فقد لا يُعَبِّر عن حبِّه لك بالكلام، ولكن بالفعل، يعطيك ما تَطْلُبين، ولا يبخل عليك بشيء، كلُّ هذا تعبيرٌ عن الحبِّ لدى الرجل، فالكثيرُ مِن الرجال يُعَبِّرون عن حبهم لزوجاتهم وأسرتهم بما يُقدمونه لهم، ويبذلونه من أجْلِهم!




انظري إلى إيجابيات زوجك، وقارنيها بسلبياته، فستجدين أنها لا تقارَن، أحضري ورقةً وقلمًا، واكتبي ثلاث مميزات لزوجك، وسجِّلي نتائجها وأثرها على حياتك، واكتبي ثلاث عادات تتمنَّين أن يَتَخَلَّص زوجُك منها، واكتبي نتائجها وآثارها على حياتك.




واحْمَدي الله أنَّ زوجك لا يقوم بالمعاصي مِن تعاطي المخدرات أو الخمور، واحمدي الله أنَّ زوجك ليستْ له علاقات مُحَرَّمة، وغيرها من الأشياء التي تعاني منها كثيرٌ مِن الأُسَر، بينما حماك الله وأسرتك منها.




أتمنى ألا تُفَكِّري في الانفِصال أبدًا، وانظري إلى عواقب الأمور والنتائج المستقبلية عليك وعلى أبنائك المحتملة لو حدث الانفصال لا سَمَح الله.




ركِّزي على سلوكك الإيجابي مع زوجك، ولا تُرَكِّزي على سلوكه السلبي معك، وتذكَّري أن أجمل فترة في حياتك كانت معه، وما هي الأشياء التي جعلتها أجمل، وحاولي أن تعمليها.




اسْتَشْعِري نعمةَ الله عليك في إنجاب الأبناء، وتكوين الأسرة، وقد حُرم منها كثيرٌ من النساء، وتذكَّري أنه ليس هناك حياة كاملة، وأن المشكلات في بعض الأحيان هي مِلْح وبهارات الحياة الزوجية؛ لأنها تعمل على كسر الروتين والمَلَل، وتجديد العلاقة الزوجية.




حبَّذا لو ذهبتِ إلى مُعالِجٍ نفسي للعلاج بالجلسات النفسية، بدلاً من استخدام الأدوية فقط، فكما ذكرتِ أن الأدوية لم تَعُدْ مُجْدِيَةً معك، والسبب أن الأسباب ما زالتْ قائمةً ولم يتم علاجها.




أسأل الله العليَّ العظيم أن يفيضَ عليك مِن عظيم جُودِه ورحمته



وأن يشفيك ويعافيك ويرزقك حياةً هنيئة رغيدة