29-10-2020, 08:30 PM
|
|
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,441
الدولة :
|
|
أنا خلف ستار الأنا
أنا خلف ستار الأنا
رؤوف بن الجودي
لكم هو ثقيل على النفس أن تتكلَّم عن ذاتها، وأن تصف خوالجَها وتبثها للناس، ولو كانت تلك أشياء ترى ويفحصُها غيرنا بدون واسطتنا، لكفتْنا هذا الحمل الثقيل الذي نكابده.. ولكن هيهات، فما لا يكون الواجب إلا به فهو واجب!
وأول ما أبدأ به هو الكلام على ما يثلج صدري ويبعث فيَّ بشر السرور، هو سؤال أحبابي عليَّ، وهذا في زعمي شيء له قيمة وقدر؛ فالأحباب - على كثرة عددهم - معادن كمعادن الذهب والفضة، ولا يستوون، بل يَختلفون على قدر الحب والإخلاص، وليس المقام يسمَح لبسط الكلام في الصداقة والأخوة ومعاني كل منها.
ولقد لاحظتُ أني أسعد بالخير يَنال مَن أُحب كأنه ينالني شخصيًّا، فأفرح لأحبابي على حظِّهم الوافر كأني حظيت وكفيت، وما غبطت أحدًا على مال يكسبه أو مادة يُعطاها بقدر غبطتي أهل العلم والفهم والحكمة على هذه الهِبة وعلى هذا المكتسَب.
لقد عرفت نفسي أول ما عرفتها طموحة من غير إقدام، ومتأهِّبة للخوض من غير عزم، ولقد شتَّتها بين فنون كثيرة، فلا الفنَّ الواحد أخذت، ولا الفنون الأُخَر تركت، فعبتها على أنها عدمت الاختصاص، وبعثرت شتات قوتها في جهات متفرِّقات، ولن أنكر أن هذا أضفى عليَّ ثقافات مختلفات؛ لكن موسوعية، مع اختصاص أحسن بل هو الأمثل.
ولقد اكتشفتُ نقطة ضَعفي ووهني، هو أنني لا أثبت على حال، وإني لأمضي اليوم واليومين ومرات الأسبوع والأسبوعين في شحن قلبي بالعقيدة الساطعة، والأدلة والبراهين القاطعة، على أن يستقيم قلبي ويُزهِر بالإيمان، لكن هيهات هيهات، فلا تَمضي الساعات حتى تتفتَّق أخاديد العصيان، فتبتلِع معين ما جمعت في كل تلك المدة!
ولو شئت أن أختبر صبري وأناتي، فليس لي سوى الكتاب أفتحه بين يديَّ وأجعل حدود بصري في حدود صفحاته، وأتابع سطوره وكلماته؛ وما أن ترجع إليَّ روحي حتى ألقيه جانبًا وأعود لسفاسف الأمور من هذه الدنيا، ولا أتذكره حتى ينساني، ولما أجدد العهد أجد أنَّ آخر عهدي به قد عفى عن الذاكرة ولم يبقَ منه شيء!
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|