كيف نحيا بالقرآن؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وصفات طبيعية لتفتيح منطقة الأنف وتوحيد لون البشرة.. هتحسى بفرق كبير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 54 )           »          7 قطع لتزيين الحمام بأقل تكاليف.. أبرزها الشموع العطرية والنباتات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          طريقة عمل الكريب في البيت بنصف كوب دقيق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          6 نصائح لاختيار الستائر المثالية للصيف.. تمنح الخصوصية وتساعد في التبريد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          مستحضرات العناية بالبشرة مش كفاية.. 4 أسرار لوجه نضر ومشرق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          عصائر طبيعية تعتبر كبسولة النجاح لطلاب الثانوية العامة 2024 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 62 )           »          طريقة عمل البيض باللحم المفرومة.. طبق شهي بأقل المكونات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          4 أشكال لغرف أطفال تناسب جميع الأعمار هتساعدك على الاختيار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          زيت جوز الهند والعسل.. 3 وصفات طبيعية لشفاه نضرة ووردية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          طريقة عمل الدجاج بصلصة الليمون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-10-2020, 01:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,297
الدولة : Egypt
افتراضي كيف نحيا بالقرآن؟

كيف نحيا بالقرآن؟


أ.د. إسماعيل علي محمد




الحمد لله الذي نزَّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، القائل في محكم التنزيل: ﴿ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [المائدة: 15، 16]، سبحانه ضمِن لمن أخذ القرآن ورعاه حق رعايته أن يَسعد في دنياه وأخراه، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبد الله ورسوله، القائل فيما صح عنه: " القرآن حجة لك أو عليك "، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه الذين أقبلوا على كتاب ربهم فقرؤوه وحفظوه، وتدبروه وفهموه، وعمِلوا بما فيه، ودعوا إلى هداه وبلّغوه، فنالوا ثواب الله ورضاه. اللهم ارزقنا حسن التأسي بهم، واجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك، وارضَ عنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

أما بعد؛ فيا أيها الأخوة.. الكرامُ الأحبة:
إن القرآن العظيم شرف أكرمنا الله به، ونعمة أنعم بها علينا، ومنّة أسداها الكريم إلينا، ولسوف يسألنا سبحانه عن القرآن، ماذا عملنا فيه، وهل أدينا واجبنا نحوه أم لا؟
يقول عز مِن قائل: ﴿ لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنبياء: 10].
ويقول جل شأنه: ﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾ [الزخرف: 44].
فنحن لن ننال شرف القرآن وعز القرآن، وكرامة القرآن إلا إذا أدينا واجبنا نحوه، وعندئذٍ يكون القرآن شفاء لنا ورحمة: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ﴾ [الإسراء: 82].

فما واجبنا نحو القرآن الكريم، وكيف نحيا بالقرآن العظيم، أيها الإخوة المسلمون؟
إن واجبنا نحو القرآن الكريم - بإيجاز - يتلخص في أربعة أمور أساسية:
أولها: أن نقرأه ونستمعه، ونحفظه ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا.
وثانيها: أن نتعلمه ونتدبره ونفهمه.
وثالثها: أن نعمل بما فيه فنُحِلَّ حلالَه ونُحرِّمَ حرامَه.
ورابعها: أن نبلِّغه إلى الدنيا، وندعوَ إلى تعاليمه، وننشر هدْيَه في العالمين.

ولنتحدث عن هذه الأمور الأربعة بشيء من التفصيل.
أما عن الأمر الأول وهو تلاوة القرآن واستماعه وحفظه؛ فهذا من الأمور التي يجب أن نحرص عليها ونلازمها ونتمسك بها، وهي من أُولى حقوق القرآن علينا.
ولقد حثنا الله عز وجل على قراءة القرآن واستماعه، ونوّه بفضل من يعملون ذلك، فقال سبحانه: ﴿ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 4]، وقال جل شأنه: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المزمل: 20]، وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأعراف: 204]، وقال جل في علاه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر: 29، 30] .

وقد جاء في السنة النبوية أحاديثُ كثيرةٌ تبين مثوبةَ وفضلَ من يقرءون القرآن، ويستمعونه ويحفظونه.
منها ما أخرجه الترمذي عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الرب تبارك وتعالى: من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أكثر ما أعطي السائلين، قال: وفضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه".
وروى أبو بكر بنُ الأنباريِّ بسنده عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن هذا القرآن مأدبة الله، فتعلموا من مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل الله، وهو النور المبين، والشفاء النافع، عصمةُ من تمسك به، ونجاةُ من اتبعه، لا يعوجّ فيقوّم، ولا يزيغ فيستعتب، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق عن كثرة الرد، فاتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشرَ حسنات، أمَا إني لا أقول: الم حرف، ولا أُلْفِيَنَّ أحدَكم واضعًا إحدى رجليه يَدَع أن يقرأ سورة البقرة، فإن الشيطان يفرّ من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة، وإنّ أصفر البيوت من الخير البيت الصفر من كتاب الله ".

وأخرج أبو داود عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها ".
وروى الترمذيّ عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يجيء القرآن يوم القيامة فيقول: ياربِّ حَلِّه. فيُلبَس تاج الكرامة، ثم يقول: ياربِّ زِدْه. فيُلْبس حُلّةَ الكرامة، ثم يقول: ياربِّ ارْضَ عنه، فيقال له: اقرأْ وارْقَ، ويُزاد بكل آيةٍ حسنة ".
وأخرج الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من استمع إلى آية من كتاب الله كُتب له حسنة مضاعفة، ومن تلاها كانت له نورًا يوم القيامة ".

وروى الشيخان عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن َ مَثَلُ الأُتْرُجّةِ: ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يَقرأ القرآن كمثَل التمرة: لا ريح لها وطعمها حلو، ومَثَل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثَل الريحانة: ريحها طيب وطعمها مُرٌّ، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة: ليس لها ريح وطعمها مُرٌّ ".
وأخرج أبو بكر بنُ الأنباريِّ بسنده عن عليّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قرأ القرآن وتلاه وحفظه أدخله الله الجنة، وشفّعه في عشرة من أهل بيته كلٌّ قد وجبت له النار ".
وقال الليث رحمه الله: ما الرحمة إلى أحد بأسرع منها إلى مستمع القرآن، لقول الله جل ذكره: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأعراف: 204]، ولعل من الله واجبة.

وروى الترمذيُّ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرِب".
والمعنى: لم يحفظ شيئاً من كتاب الله عز وجل.
ومن رحمة الله تعالى - أيها الإخوة - أنه يسّر لعباده تلاوةَ كتابه وحِفظَه وفهمَ معناه، وأعانهم على ذلك، فقال سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾ [القمر: 32]، أي: فهل ممن متذكِّر ومتعِظ.
فالواجب علينا إخوةَ الإيمان أن نحرص على نيل هذا الفضل العظيم والخير العميم، بأن نتلو كتاب الله، ونستمعه، ونَعمُر بحفظه صدورَنا، وننشغل به آناء الليل وآناء النهار، فهذا هو الأمر الأول من واجبنا نحو القرآن.

وأما الأمر الثاني من واجبنا نحو كتاب الله تبارك وتعالى؛ فهو أن نتدبره ونتعلمه، ونتفهّمه.
ذلك أن من حق القرآن علينا - أيها المسلمون - أن نتدبر آياته، ونحاولَ فهم معانيه، وتعلُّمَ أحكامِه وآدابِه، فنتذوقَ حلاوته وعذوبته، ونستشعرَ أُنْسَه، وننتفع بما فيه.
قال تعالى: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29].
وقد نعى الله جل شأنه على أقوام عدمَ تدبُّرِهم لكتابه سبحانه، فقال عزَّ مِن قائل: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 82]، وقال سبحانه: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24].

والتدبر هو التفكر في كلام الله تعالى، للتعرف على ما فيه من المعاني، وتفهم ما يتضمنه من المقاصد، وتعلّم ما فيه من الآداب والتوجيهات، إذ لا تصلح القراءة وحدها، ولا يغني الحفظ بدون تدبر وتعلم، كي يتدرج المسلم في مراقي الكمال والفلاح، ويسموَ إلى رفيع المقامات والدرجات، فيكونَ ممن قال تعالى في شأنهم: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2].

أيها الإخوة المسلمون:
إن للتدبر في القرآن، وتعلمِه ومدارستِه ثوابًا كبيرًا من الله تبارك وتعالى.
فقد روى البخاري عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خيركم من تعلم القرآن وعلمه ".
وأخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكَرَهم الله فيمن عنده ".
وأخرج الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت: ذُكِر رجلٌ عِند رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أوَلَم ترَوْه يتعلم القرآن ".

ولقد ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل في تدبر آيات الله تعالى، والتفكر في مضمون كلامه سبحانه.
روى البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اقرأ عليَّ "، قلت: آقرأ عليك، وعليك أُنزِل؟ قال: " إني أحب أن أسمعه من غيري "، فقرأتُ عليه سورةَ النساء، حتى بلغْتُ: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 41]، قال: " أَمْسِك "، فإذا عيناه تذرفان.
وقد قال العلماء رحمهم الله تعالى: إن بكاء النبيِّ صلى الله عليه وسلم إنما كان لتعظيم ما تضمنته هذه الآية من هول المطلع وشدة الأمر، إذ يؤتَى بالأنبياء شهداءَ على أممهم بالتصديق والتكذيب، ويؤتَى به صلى الله عليه وسلم يوم القيامة شهيدًا على الطائعين والعاصين من أمته.
بل لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يَظهَر أثرُ تأمِّله وتدبره في كلام الله على هيئته صلى الله عليه وسلم ومنظره الشريف، فقد روى الترمذيُّ عن ابن عباس قال: قال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله، قد شِبْتَ! قال: " شيبتْني هودٌ والواقعةُ والمرسلاتُ وعمَّ يتساءلون وإذا الشمس كُوِّرَت "، ففي تدبر هذه السور وتأملها ما يكشف لقلوب العارفين سلطانَ الله وبطشَه فتَذْهلُ منه النفوس، وتشيب منه الرؤوس.

إن الإنسان قد يتدبر آية أو آيات من كتاب الله تعالى، فيفتح له هذا التدبرُ كثيرا من أبواب الخير، ويكون سببًا في ارتقائه إلى حال أرضَى وأحبَّ إلى الله تعالى، وانتقالِه من محيط المعصية إلى محيط الطاعة، بل من محيط الكفر إلى محيط الإيمان.
وقد ذكرت لنا كتب السيرة أن النجاشيَّ رضي الله عنه، حين قرأ عليه جعفر بن أبي طالب سورةَ مريم؛ استمع بتدبرٍ وتفكرٍ جعله يبكي ويقول عن القرآن: هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة، وكان أن آلَ أمرُه إلى الإسلام.
وكذلك كان الحال مع عمر رضي الله عنه، فقد قرأ صحيفةً بها آياتٌ من سورة " طه " بتدبر وتمعّن، فتفجرت ينابيع الخير في نفسه، ورقّ قلبه، وزالت الغِشاوة عن بصيرته، فقال: ما أحسنَ هذا الكلامَ وأكرمَه، ثم مشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلن إسلامه.

ولم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون لهم بإحسان، يكتفون بقراءة القرآن وحفظه، بل كانوا يحرصون على تعلم ما يقرءون ويحفظون، وتدبره وفهمه أولًا بأول، حتى يتهيأوا للعمل بما حفظوا وفهموا.
فقد قال أبو عبد الرحمن السُّلَمِيُّ: حدثنا الذين كانوا يُقْرِئوننا القرآن، كعثمان بنِ عفان وعبدِ الله بن مسعود وغيِرهما: أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعًا.
فعلينا أن نقتدي بهم ونسير على خطاهم، ونكون قريبين من كتاب الله تعالى، حريصين على تدبره، وتدارسه، وفهمه، حتى يمكننا الانتفاع به.

أيها الإخوة الكرام الأحبة:
وأما الأمر الثالث من واجبنا نحو القرآن المجيد، فهو أن نعملَ بما فيه، فنُحِلَّ حلالَه، ونحرِّم حرامَه، ونقيمَ حدودَه، كما أقمنا حروفه.
قال تعالى: ﴿.... فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ﴾ [طه: 123 - 126].

قال ابن عباس رضي الله عنهما: ضَمِن اللهُ تعالى لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه أن لا يضل في الدنيا، ولا يشقى في الآخرة، وتلا هذه الآية.
وعنه أيضًا قال: من قرأ القرآن واتبع ما فيه هداه الله من الضلالة، ووقاه يوم القيامة سوء الحساب، ثم تلا قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي ﴾ أي: ديني وتلاوة كتابي، والعمل بما فيه.

وعن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أخَذ ثلثَ القرآن وعمَل به فقد أخَذ أمْرَ ثلثِ النبوة، ومن أخَذ نصفَ القرآن وعمِل به فقد أخَذ أمْرَ نصفِ النبوة، ومن أخذ القرآن كله فقد أخذ النبوة كلها ".
وروى مسلم عن النواس بن سمعان قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يُؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تَقْدُمهم سورة البقرة وآل عمران تُحاجّان عن صاحبهما ".
وكان السلف يرون أن منزلة قارئِ القرآنِ لا تكتمل إلا إذا عمل به.

لقد كان أبو عبد الرحمن السُّلَمي إذا ختم عليه الخاتِمُ القرآنَ أجلسه بين يديه، ووضع يده على رأسه، وقال له: يا هذا؛ اتق الله، فما أعرف أحدًا خيرًا منك إن عملتَ بالذي علمتَ.
ولا يخفى أنهم - رضوان الله عليهم - كانوا صورة حية، ونماذجَ عملية لكتاب الله تعالى، تتجسد وتتحقق في سلوكهم أوامرُ القرآن ونواهيه، وأحكامُه وتوجيهاتُه.
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إنا صعُب علينا حِفظُ ألفاظِ القرآن، وسهُل علينا العملُ به، وإن مَنْ بعدَنا يسهُل عليهم الحفظُ، ويصعُب عليهم العملُ به.
وعن ابن عمر قال: كان الفاضل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر هذه الأمة لا يحفظ من القرآن إلا السورةَ أو نحوَها، ورُزقوا العمل بالقرآن، وإن آخر هذه الأمة يقرءون القرآن، منهم الصبي والأعمى، ولا يُرزقون العملَ به.

أيها المسلمون:
إن سلفنا لما قرؤوا القرآن وتعلموه، وعملوا بما فيه عزُّّوا وسادوا، وكانوا في عيشة راضية، وكانوا ملء أسماع الدنيا وأبصارها، ونحن الآن في أمس الحاجة إلى أن نأخذَ كتاب الله كما أخذوا، ونتعاملَ معه كما تعاملوا معه، لتنحَلَّ بذلك مشكلاتُنا، ونتخلصَ من أزماتنا، وننهضَ من عثراتنا، فإنه لا خلاص لنا إلا باتباع كتاب الله، والسير على منهاجه، والائتمار بأوامره، والانتهاء عن نواهيه.
أخرج الترمذي عن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ستكون فتن كقطع الليل المظلم "، قلت: يا رسول الله، وما المخرج منها؟ قال: " كتاب الله تبارك وتعالى، فيه نبأ من قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، هو حبل الله المتين، ونوره المبين، والذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا تتشعب معه الآراء، ولا يشبع منه العلماء، ولا يمله الأتقياء، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، وهو الذي لم تنته الجن إذ سمعته أن قالوا: ﴿ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا ﴾ [الجن: 1] ، من علم علمه سبق، ومن قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم ".

أيها المسلمون:
يشيع أعداؤنا أن تمسّكنا بتعاليم القرآن سببٌ في تخلفنا، ويوهموننا أننا إذا أردنا التقدمَ والرقيَّ، فلْننبذ تعاليم القرآن لأنها - في زعمهم - لم تعد تناسب عصرنا، ولْنأخذ بمناهج الغرب التي لا تتمشى مع القرآن.
والحقيقة أن هذا تزوير وتدليس، ونحن نقول لهم:
أين تعاليم القرآن التي طبقها المسلمون اليوم فقادتهم إلى التخلف؟
هل طبق المسلمون توجيهات القرآن في مجال الاقتصاد، بأن حرّموا الربا، وجدّوا في جمع الزكاة، وشجعوا العمل، وكرّموا العاملين، فعاد عليهم ذلك بالتخلف الاقتصادي؟ أم العكس هو الصحيح، وهو أنهم خالفوا توجيهات القرآن فساء اقتصادهم.
هل طبق المسلمون نظام الحدود، وتعاملوا مع الجرائم ومرتكبيها وفق تشريعاتِ الإسلام ونُظُمِه، فأدى هذا إلى عموم الفوضى وانتشار الجريمة؟ أم العكس هو الصحيح، وذلك أنهم تركوا الحدود فساءت أوضاعهم.
أم هل طبقوا تعاليم القرآن في الأخذ بالشورى، والتزموا بتوجيهاته في العلاقة بين الحاكم والمحكوم، ففسدت حياتهم؟ أم أنهم تركوا تلك التوجيهات، فساءت أحوالهم؟!
وقلْ مثل هذا في كثير من النواحي!!

هذا أمر؛ وأمر آخر فإن أعداء الإسلام ليسوا حريصين على تقدمنا ورُقِيّنا، ولو كانوا كذلك لما حجبوا عنا أسرار الصناعات الثقيلة والخفيفة، والعلوم والاختراعات، في الوقت الذي يُصَدِّرون إلينا أحدث ما توصلوا إليه في الأزياء والمساحيق، وأدوات التجميل، ووسائل التبرج، ونحوها.
إنهم لو كانوا يعرفون أن تعاليم القرآن وتشريعات الإسلام تقود إلى التخلف، لعبؤوها في زجاجات وسقوها لنا، ولكل من يريدون السطو عليهم وانتهابَهم من شعوب الأرض، فهم لم يكونوا يومًا من الأيام حريصين على مصلحتنا أبدًا!!
فاتقوا الله عباد الله، وتمسكوا بكتاب ربكم، وأحلوا حلاله، وحرموا حرامه واتبعوا توجيهاته، تسعدوا وتفوزوا وتعزوا في الأولى والآخرة.

أيها الإخوة الكرام الأحبة:
وأما الأمر الرابع من واجبنا نحو القرآن الكريم؛ فهو أن نبلغه وننشر هديه في العالمين.
إن القرآن الكريم كتاب الله عز وجل أنزله للعالمين، فيجب على المسلمين أن يعملوا على تبليغه لكل الدنيا، وينشروا هديه في جميع أنحاء العالم.
قال تعالى: ﴿ ...كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ [إبراهيم: 1، 2].
ورَوَى البخاري عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " بَلِّغوا عني ولو آية، وحدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومَن كذَب عليَّ متعمدا فليتبوأ مَقعدَه من النار ".

لقد سادت المجتمعاتِ البشريةَ - في زماننا هذا خاصة - أنماطٌ عديدةٌ من النظم والتشريعات، اختلفت فيما بينها تبعا لتغاير المجتمعات والبيئات والأزمان.
لكن تلك النظمَ التي وضعها البشر لأنفسهم، وارتضوها لتنظيم حياتهم وتسيير شئونهم؛ ما كانت لتفي بجميع مطالبهم، وتلبّي كل حاجاتهم، وتَرقَى بهم إلى الحياة الطيبة التي يطمح إليها الأفراد والجماعات، ولا غَرْو؛ فهي من وضع الإنسانِ، والإنسانُ مهما أُوتي من العقل والعلم فإن علمه قاصر محدود، كما أن العقل لا ينفك عن التأثّر بالبيئة والظروف، ولذلك قيل: (العقلُ ابنُ بيئتِه)، فالنظم التي يضعها إنما تكون وليدةَ حاجة معينة، وظروف اجتماعية خاصة، كما أنها لا تخلو من الإفراط أو التفريط، أو منهما معا، كما أنها ما تنفك عن القصور، وتظل بحاجة إلى قوة ذاتية تحمل الأفراد والجماعات على الالتزام بها، والخضوع لها، وهي قوة العقيدة، وسلطان الإيمان، وإنّ نظْرةً متأملة في النظم الرأسمالية والشيوعية التي سادت في العصر الحديث، لتُبيِّن صدق ما نقول.
لهذا وغيره كان لابد للناس من شريعة إلهية، تنبثق عنها وتنشأ من خلالها نظمٌ ربانيةٌ، تأخذ بيد البشر - جماعات وفرادى - إلى سبيل الهداية وطريق السعادة، وتجنبهم ما يكتنف النظمَ الوضعيةَ من عيوب وقصور، وتملأ الفراغ الهائل في حياة الناس، وتشفي الإنسانية من أسقامها.

وقد أعلنت كل النظم إفلاسها، وليس غير الإسلام وشريعته، وهدْي القرآن ومنهاجه ملاذا وحصنا للبشرية اليوم، فهو وحده الدين الحق، وعقيدته هي وحدها العقيدة الصحيحة الحية التي لها السلطان الفاعل والأقوى الذي يحمل أتباعَها على فعل الخير، ومجانبة الشر، وشريعته هي وحدها الشريعة الكاملة، التي تستطيع من خلال ما تضمنته من نظم أن تفيَ بحاجات الأفراد والجماعات، وتكفلَ لهم الحياةَ الطيبةَ، والعيشةَ الراضيةَ في الدنيا والآخرة، فعلى المسلمين أن يقدموا ما لديهم من الخير المتمثل في الإسلام وشرائعه ونظمه، إلى العالم الحائر، ويبلغوا كتاب الله الذي تضمن ذلك الخير، ولْيبدأوا بأنفسهم فيلتزموا بشريعة القرآن، وليهتدوا بهديه، ويطبقوا تعاليمه على الوجه الذي شرعه الله وارتضاه.

أيها الإخوة المسلمون:
هكذا عرفنا أن القرآن شرف وكرامة لنا، ونعمة كبرى أنعم الله بها علينا، وأن علينا القيام بواجبنا نحو القرآن حتى ننال خيره، ونحصل على كرامته، ونعِزَّ بعزته في الدنيا والآخرة، ورأينا أن حق القرآن علينا أن نتلوه ونحفظه، ثم نتدبره ونتعلمه ونفهمه، ثم نعمل بما فيه فنحل حلاله ونحرم حرامه، ثم نبلغه وننشر هديه، وندعوَ إلى شريعته في العالمين.

أيها الإخوة المسلمون:
هذا هو طريق الفلاح، ومفتاح السعادة في الدنيا ويوم لقاء الله، فعليكم بالقرآن؛ اقرؤوه، وتدبروه وتعلّموه، وحكِّموه في حياتكم، وبلِّغوه، تسعدوا وتفلحوا، ويَكُنِ القرآن حجة وشفيعًا لكم عند ربكم، وإياكم ومخالفة ذلك، فتشقوا وتضلوا وتَذِلوا وتَهلِكوا، ويكن القرآن حجة عليكم.
عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "القرآن شافعٌ مُشفَّع وماحِلٌ [أي خصمٌ مجادلٌ عن صاحبه] مصدَّق، مَن جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار".
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون.

الخطبة الثانية
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وليُّ الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، إمام المتقين، وهادي الناسِ إلى صراط الله المستقيم، اللهم صلّ وسلِّم وبارك عليه وعلى آله وصحبه التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:
فيا أيها الأخوة الكرام الأحبة: لا يظنّنّ أحد أننا يمكننا أن نستغني بالقرآن عن السنة المطهرة، فإن السنة لا يمكن للمسلمين أن يستغنوا عنها بحال من الأحوال، إذ التعامل مع القرآن الكريم والقيام بواجبنا نحوه - على نحو ما أشرنا - لا يتم إلا بالاستعانة بالسنة المطهرة، لأنها شارحة للقرآن ومبينة له، فهي - كما قال علماؤنا - تفصّل مجمل القرآن، وتقيّد مُطلَقَه، وتخصّص عامَّه، وتوضّح مُبهَمَه، فنحن بحاجة ماسة إلى السنة المشرفة في تعاملنا مع القرآن، والقيام بواجبنا نحوه.

والله أمرنا في القرآن باتباع السنة والتمسك بها فقال سبحانه: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 7]، وقال جل شأنه: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59].
وأخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى "، قالوا: يا رسول الله، ومن يأبى؟! قال: " من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى ".

نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الطائعين لله ورسوله، الملتزمين بالقرآن والسنة، إنه نعم المولى ونعم النصير



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 78.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 76.33 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.15%)]