تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 39 - عددالزوار : 325 )           »          الوقفات الإيمانية مع الأسماء والصفات الإلهية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 87 )           »          مناقشة شبهات التكفيريين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          تكنولوجيا النانو ما لها وما عليها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 469 )           »          الألباني.. إمام الحديث في العصر الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11 - عددالزوار : 5375 )           »          تجديد الإيمان بآيات الرحمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 2815 )           »          نور الفطرة ونار الشهوة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          نصائح وضوابط إصلاحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 65 - عددالزوار : 42442 )           »          بيع وشراء رباع مكة ودورها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          من أخطاء المصلين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 399 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #11  
قديم 11-10-2020, 05:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,207
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

رد التقرب بغير المشروع

وعندنا قاعدة حفظها المؤمنون والمؤمنات، كلمة فاصلة هي قول الرسول صلى الله عليه وسلم، والذي يسمعها ولا يحفظها وما يبالي بها ميت، ولأن يخرج من المسجد خير له. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )، من عمل عملاً ما أمرنا به فهو مردود على صاحبه، لن يعود بأجر ولا مثوبة ولا حسنة أبداً؛ لأننا ما كلفناه، هو الذي اخترع وابتدع وفعل، وهكذا سائر البدع التي استحسنتها العقول الفارغة أو الضالة أو اللاهية البعيدة عن سر هذه الشريعة الإلهية فجعلت البدعة لوجه الله. فهؤلاء قالوا: أحرمنا، فكيف أدخل تحت الباب ويكون فوق رأسي السقف! وهذا تقرب إلى الله، فعلوه تقرباً، إي والله العظيم، ما هو لأجل الرياء ولا السمعة، يريدون رضا الله، لكن لما لم يشرع الله هذا عاتبهم وأبطل به عملهم.

كيفية تقوى الله عز وجل

وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى [البقرة:189]، أي: صاحب البر المتقي.ونعود فنقول: الله جل جلاله بم يتقى عذابه وسخطه، هل بجحافل الجيوش؟ هل بالأموال؟ بالرجال؟ بالعصبيات؟ بما يتقى غضب الله وعذابه؟يتقى فقط بطاعته وطاعة رسوله، لا تعصه فقط، قال: صم فصم، قال: أفطر فأفطر، قال: نم فنم، قال: استيقظ فاستيقظ، هذا الذي يتقى به الله عز وجل، فالبر كله في تقوى الله عز وجل، وصاحب البر هو التقي، أما الفاجر الخارج عن طاعة الله ورسوله فما هو بالمتقي أبداً ولا يستطيع أن يتقي عذاب الله، ولا غضبه ولا سخطه بأي وسيلة من الوسائل إلا بالإسلام له، بأن يسلم قلبه ووجهه لله. يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ [البقرة:189] يا رسولنا هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ [البقرة:189]، يوقتون بها ديونهم وأعمالهم، وميقات للحج بصورة خاصة، إذ الحج عرفة: ( الحج عرفة )، ويوم عرفة هو تاسع ذي الحجة، فلولا هذه الأهلة فكيف سنعرف الحج؟ كيف نعرف الشهر، ونعرف التاسع منه؟ ما نستطيع، مع أن الحج مفروض قبل الإسلام، من يوم أن بنى إبراهيم البيت أمر أن يؤذن في الناس أبيضهم وأصفرهم بالحج.وقوله: وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ [البقرة:189] بر مَنِ اتَّقَى [البقرة:189]، الذي يتقي الله، يخافه، فلا يفجر، ولا يفسق، ولا يخرج عن طاعته، ذاك الذي حصل له النجاة، ذاك الذي اتقى عذاب الله.

معنى قوله تعالى: (وأتوا البيوت من أبوابها)

ثم قال تعالى: وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا [البقرة:189]، هذا كالمثل، من طلب شيئاً ينبغي أن يطلبه من الطريق الذي يحصل منه عادة، وَأْتُوا الْبُيُوتَ [البقرة:189]، من أين؟ مِنْ أَبْوَابِهَا [البقرة:189]، كل من أراد أن يطلب شيئاً جرت سنة الله الحصول عليه يطلبه من ذاك الطريق لا من طريق آخر.رجل أراد أن يصبح غنياً ثرياً، فكيف يطلب الآن الغنى والثروة؟ يجب أن يكدح، وأن يعمل الليل والنهار، وأن يربط على نفسه، من أجل أن يحصل، إذ من هنا تأتي الثروة أو لا؟ وإن قال: أنا آتي بالثروة وأحصل عليها من طريق الإجرام والتلصص والسرقة والاحتيال فهل هذا هو الطريق؟ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا [البقرة:189]، لا تأتوها من ظهورها.أراد أن يشبع، فهل يدخل الطعام من أذنيه أو منخريه؟ لا بد أن يدخله من فمه، وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا [البقرة:189].

معنى قوله تعالى: (واتقوا الله لعلكم تفلحون)

إذاً: وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [البقرة:189]، نقول: هذه (لعل) الإعدادية: لتعدكم التقوى للفلاح، ولو قلنا: (لعل) للترجي فسيبقى العاملون المتقون خائفين دائماً وأبداً، فالتقوى تعدهم للفلاح، هذه سنة الله، فمن أكل شبع، من شرب ارتوى، من اتقى الله عز وجل أفلح. والفلاح يكون دنيوياً وأخروياً، فمن اتقى الله ففعل الأوامر واجتنب النواهي فوالله! ليسعدن في دنياه، فلا وسواس، ولا هواجس، ولا آلام ولا خوف ولا اضطراب أبداً ما دام على منهج الله سائراً، والفلاح الأخري هو المقصود بالذات، فما هو الفلاح في الآخرة؟ أن يبعد عن النار ويدخل الجنة، لآية آل عمران: زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ [آل عمران:185]، آمنا بالله، اجتاز المفازة المهلكة ودخل دار النعيم. وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [البقرة:189]، واتقوا الله -يا عباد الله، أيها المؤمنون- رجاء أن تفلحوا، فمن اتقى الله أفلح؛ لأن المتقي لله ذاك الذي أسلم لله قلبه ووجهه، قلبه لا يتقلب إلا في طلب رضا الله، وجهه لا يلتفت أبداً إلى غير الله، دائماً مع الله، فهذا العبد أفلح.
قراءة في كتاب أيسر التفاسير

شرح الكلمات

نقرأ هذه الآية من الكتاب؛ لنقف على بعض ما فيها من بيان وهدى.قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين: [ شرح الكلمات: الأهلة: جمع هلال، وهو القمر في بداية ظهوره في الثلاثة الأيام الأولى ]، يقال فيه: هلال؛ [ لأن الناس إذا رأوه رفعوا أصواتهم: الهلال .. الهلال.المواقيت: جمع ميقات، الوقت المحدد المعلوم للناس ]، الوقت المحدد المعلوم للناس، فإن كان مطلقاً غير محدد ولا معلوم فهو الوقت، والدنيا كلها وقت واحد من بدايتها إلى نهايتها، لكن الميقات وقت محدد بالشهر أو بالشهور أو بالأعوام.[ إتيان البيوت من ظهورها: أن يتسور الجدار ويدخل البيت تحاشياً أن يدخل من الباب ]، هذه بدعة باطلة لا يثابون عليها.[ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى [البقرة:189]: البر الموصل إلى رضوان الله تعالى بر عبد اتقى الله تعالى بفعل أوامره واجتناب نواهيه ]، فليس البر دخول البيوت من ظهورها، هذه بدعة لا تصح ولا تقبل.[ الفلاح: الفوز، وهو النجاة من النار ودخول الجنة ]، كما قال تعالى: وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ * وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ [الشعراء:90-91]، الجنة تبرز للمتقين كما يبرز القمر، فالجنة أزلفت وأدنيت وقربت للمتقين، وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ [الشعراء:91].أتذكرون كيفية بروز النار؟ أما تذكرون قول الله تعالى من سورة الفجر: وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ [الفجر:23]، جيء بها من أين؟ تجر بسبعين ألف زمام، كل زمام ممسك به سبعون ألف ملك، تجر حتى تبرز ويشاهدها أهل الموقف.إذاً: إياك أن تفهم أن الزمام هذا حبل غليظ صنعته اليابان، نحن علمنا أن أهل النار، أهل الكفر والفجور والظلم والشر كل واحد منهم تدخل فيه سلسلة من فيه وتخرج من دبره طولها سبعون ذراعاً، ما هو بذراع السلطان اليوم، فإذا كان عرض هذا الكافر مائة وخمسة وثلاثين كيلو متر، وضرسه كجبل أحد؛ إذاً: فهذه السلسلة بأي ذراع؟ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ [الحاقة:32]، لم؟ إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ * وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ [الحاقة:33-34].إذاً: برزت الجحيم للغاوين، أزلفت الجنة للمتقين، هذا الموقف والبشرية هائجة مائجة، تنتظر حكم الله فيها، فمن نجاه الله من النار وأدخله الجنة دار الأبرار قيل عنه: فاز فلان ابن فلان، هذا هو الفوز العظيم: النجاة من النار أولاً، ودخول الجنة ثانياً.أما من دخلوا النار ولو خرجوا منها بعد أحقاب من السنين فما فازوا، فإنهم يخرجون منها وقد امتحشوا، أصبحوا كالفحم، ويغسلون في نهر عند باب الجنة يقال له: نهر الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في السيل.وقد يقال: يا شيخ! عرفنا الفلاح أنه النجاة من النار ودخول الجنة، فنريد أن نعرف بم يكون هذا الفلاح؟ ما هي الأدوات؟ ما هي الآلات؟ كيف نحصل عليه؟ الجواب: طاعة الله ورسوله والتقوى هي السبب المورث، يا من يريدون الجنة! إن للجنة سبباً فحققوه وإلا فلا حظ لكم في هذا الأمل أو الطمع، السبب هو التقوى؛ لأنها تزكي نفسك وتطهرها حتى تصبح كأنفس وأرواح أهل السماء في الملكوت الأعلى. وأصحاب الأرواح الخبيثة، العفنة، المنتنة من أوضار الذنوب والآثام؛ أرواحهم كأرواح الشياطين، والله! ما تدخل الجنة وهي كذلك، بل تنزل إلى عالم الخبث والدرن.وهل من شاهد في القرآن على هذه القضية؟ يا أهل القرآن! الأرواح الطاهرة تفتح لها أبواب السماء إلى أن تصل إلى دار السلام، والأرواح الخبيثة المنتنة تخبث بالمعاصي، فالكذبة يكذبها العبد تحول نفسه إلى هذا العفن أو النتن، فإذا لم يبادر إلى غسلها وتنظيفها خسرت. إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا [الأعراف:40]، والذي كذب بآيات القرآن هل صام وصلى؟ هل تجنب الربا والزنا؟ ما آمن، كذب بالآيات. وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا [الأعراف:40]، والمستكبر عنها وإن آمن هل يعمل بها؟ الآن المسلمون استكبروا عن شرع الله وما طبقوه، فهل انتفعوا بالشريعة؟ هل طهرت البلاد؟ هل حصل أمن وإخاء ومودة؟ الجواب: لا؛ لأنهم ما طبقوا.وضربنا مثلاً لنفرق بين المستكبر والمكذب، فقلنا: مريضان في مستشفى، هذا على سرير وهذا على سرير، ففحصوا فقالوا لهما: عليكما أن تستعملا هذه الأدوية بهذا النظام بالساعة كالصلوات الخمس، فالأول قال: أنا لا أومن بهذه الخرافة، أي دواء هذا؟ ما آمن بالدواء ورفضه، فهلك ومات.والثاني: وصفوا له الأدوية وأوقاتها فقال: جزاكم الله خيراً، لكن نفسي ما تقبله، ما عندي قابلية لهذه الأدوية، أنا أعرف أنها نافعة لكن ما هناك انشراح للصدر عندي، فما استعملها فهلك كالأول، فأي فرق بينهما؟ فاليهود والنصارى ما آمنوا بالشريعة الإسلامية، فهلكوا، والمسلمون من يوم أن أعرضوا عنها وتركوها مثلهم، أولئك كفروا وهؤلاء في صورة المستكبرين، يقولون: كيف نطبق قانون الرجعية؟! والواقع يشهد أنه ما في العالم إلا هذا البلد، فكل دولة استقلت تطبق قوانين وشرائع من استعمرها، كأنهم مسحورون، فما تحقق أمن ولا طهر ولا صفاء؛ لأنها سنة الله، فالطعام يشبع، الماء يروي، النار تحرق، الحديد يقطع، سنن لا تتبدل، من لم يطبق شرع الله الذي أنزله لتحقيق الطهر والأمن والصفاء والكمال فوالله! لن يحصل له شيء. إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا [الأعراف:40]، ما لهم؟ لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ [الأعراف:40]، هل الجمل الأورق يدخل في عين الإبرة؟ والإبرة: حديدة رقيقة فيها ثقب تدخل فيها المرأة الخيط وتستخرجه وتخيط الثياب المقطعة، فهل يمكن أن ندخل بعيراً في عين إبرة؟ مستحيل، كذلك مستحيل أن يدخل من كذب بآيات الله واستكبر عنها فخبث بشركه وكفره وفسقه، مستحيل أن يدخل دار السلام، فمن يفتح له أبواب السماء حتى يلج ويدخل؟وقال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10]، لقد قضى الله، لقد حكم الجبار، ولا مراجع لقضائه ولا معقب لحكمه، فقد قال: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10]، هنا تقرير المصير، لا في الأمم المتحدة، يا ابن آدم! يتقرر مصيرك في الدار الآخرة، فإن أنت آمنت واستقمت وجاهدت نفسك والهوى وفعلت ما أمر به وتركت ما نهي عنه فأنت قررت مصيرك إلى الجنة، وإن أعرضت واستكبرت وتجاهلت وجريت وراء الشهوة والهوى والدنيا ولعبت معرضاً عن الله وذكره فأنت قررت مصيرك في العالم الثاني الأسفل.

معنى الآية

قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين: [ معنى الآية الكريمة ]، وهي قوله تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [البقرة:189]قال: [ روي أن بعض الصحابة رضوان الله عليهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلين: ما بال الهلال يبدو دقيقاً، ثم يزيد ثم يعظم ويصبح بدراً ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما كان أول بدئه؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ [البقرة:189] ].قال: [ وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم: هي مواقيت للناس، وعلة بدئها صغيرة، ثم تتكامل، ثم تنقص حتى المحاق: هي أن يعرف الناس بها مواقيتهم التي يؤقتونها لأعمالهم، فبوجود القمر على هذه الأحوال تعرف عدة النساء ]، فالمرأة المعتدة بالموفاة عدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، فلولا الهلال فكيف سنعرف الأشهر؟ قال: [ وتعرف الشهور، فنعرف رمضان ونعرف شهر الحج ووقته، كما نعرف آجال العقود في البيع والإيجار، وسداد الديون وما إلى ذلك ]، فلا بد من هذا القمر بهذه الطريقة.[ وكان الأنصار في الجاهلية إذا أحرم أحدهم بحج أو عمرة وخرج من بيته وأراد أن يدخل لغرض خاص لا يدخل من الباب حتى لا يظله نجف الباب، فيتسور الجدار ويدخل من ظهر البيت لا من بابه، وكانوا يرون هذا طاعة وبراً، فأبطل الله تعالى هذا التعبد الجاهلي بقوله عز وجل: وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ [البقرة:189] بر أهل التقوى والصلاح، وأمرهم أن يأتوا البيوت من أبوابها فقال تعالى: وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا [البقرة:189]، وأمرهم بتقواه عز وجل ليفلحوا في الدنيا والآخرة فقال: وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [البقرة:189] ].

هداية الآية

قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:[هداية الآية الكريمة:من هداية الآية: أولاً: أن يسأل المرء عما ينفعه ويترك السؤال عما لا ينفعه ]، وفي الحديث الصحيح: ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه )، فحين تقوم الآن وتسأل سؤالاً ما يتحقق به أي خير لك ولا للسامعين، فهل يجوز هذا السؤال؟ هو إضاعة للوقت، ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه )، كل ما لا علاقة له بطهره وصفائه أو بكماله لا يلتفت إليه.[ ثانياً: فائدة الشهور القمرية عظيمة؛ إذ بها تعرف كثير من العبادات.ثالثاً: حرمة الابتداع في الدين، ولو كان برغبة في طاعة الله تعالى وحصول الأجر ]؛ لأن المبتدع في الغالب يريد رضا الله والحصول على الأجر، لا يبتدع فقط للفتنة، قد يوجد في الضلال من يبتدعون لفتنة الناس، لكن أغلب الناس يبتدعون رغبة فيما عند الله وحباً فيه.[ رابعاً: الأمر بالتقوى المفضية بالعبد إلى فلاح العبد ونجاته في الدارين ]. معاشر المستمعين والمستمعات! هيا نتأدب مع الله، وقد عرفنا أول أدب: أننا نشكره على آلائه وإنعامه، وإلا فقد أسأنا الأدب مع الله، فهو يطعمنا ويسقينا، يركبنا ويكسونا ويداوينا، خلق الكون كله لنا حتى الجنة والنار، ثم لا نقول: الحمد لله والشكر لله، أي أدب هذا؟ ويا ويل من يسب الله ويشتمه، ويكذبه ويكفر به وهو يأكل ويشرب من رزقه!ثانياً: الحياء عند الميل إلى المعصية، عندما تميل يا عبد الله إلى الكلمة السيئة أو الفعل المحرم فاستح من الله؛ لأنه يراك، ويعلم حالك، وما تقدم على فعله، فأنت بين يديه، فكيف لا تستحي؟ هل يستطيع واحد الآن وهو عاقل أن يكشف عن سوأته ويبول؟ هل يكشف عن فرجه فقط؟إذاً: فيا عبد الله! عندما تميل نفسك إلى معصية اذكر أن الله يراك، فاستح منه، واقطع عملك وقف؛ لأنك بين يديه، كيف يراك وأنت تسرق؟! كيف وأنت بين يديه ترتكب إثماً وهو يراك؟ فمن رزق الحياء من الله فما يستطيع أبداً أن يعصي الله، فقط نحتاج إلى الذكر ونبعد الغفلة، عندما يهم أحدنا بمعصية الله فليذكر الله أنه معه ويراه، فيقف، ولا يقدم عليها.إذاً: الحياء عند الميل إلى معصية الله، عندما تميل النفس وتريد أن تفعل اذكر أن الله تعالى يراك وأنك بين يديه فتستحي منه كما تستحي من الناس، وكنا نعرف كثيراً من الشبيبة يدخنون، لكن ما يستطيع أن يدخن أمام والده، أبداً، بل رأيناهم إذا مروا برجل صالح من أهل العلم أو الصلاح أو كبار السن يطفئون السيجارة حياء، فمثل هذا لو علم أن الله يكره التدخين لأنه يؤذي ملائكته لما دخن، ولكن الجهل هو المصيبة.وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 1,265.86 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 1,264.15 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (0.14%)]