|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ابن عربي والحداثيون .. القاسم المشترك منيرة بنت محمد عميرة يتوافق كثير من حاملي الفكر الحداثي مع أفكار ابن عربي؛ ويتناول معظم هؤلاء المتأثرين من الشباب كلمات وأفكار ابن عربي على شبكة التواصل الاجتماعي (تويتر) بصورة مغرمة به، وتعبير عن حالة إعجاب وانبهار بابن عربي، حتى أطلق عليه بعضهم لقب "أعجوبة العصر"! ومما لفت نظري تقارب ركيزتين في أفكار ابن عربي وأفكار الحداثيين هما: إسقاط المقدس، والنسبية. إسقاط المقدس: يذهب ابن عربي للقول بفكرة (الحلول، والاتحاد)، ومضمون فكرة الحلول هو حلول الله - تعالى عما يقولون - في أجساد بعض الخاصة كالأنبياء، والأولياء، مما يكسبهم بعض الصفات الإلهية، أما فكرة الاتحاد فمضمونها اتحاد الذات الإلهية بالذات الإنسانية دون حلول فيها، وذلك يتسع ليشمل من أهم أقل درجة من الأنبياء، والأولياء.[1] إذن هناك تجاوز للحدود في التعامل مع الله - تعالى -، فابن عربي ينتقل بالمخلوق من منزلة العبد الضعيف المسكين المفتقر لله إلى منزلة المشارك لله، ولن أقول يصل به لمرحلة الألوهية، لكنه يجعل الإنسان المتصوف في منزلة قريبة منها. هذا المعنى في حقيقته كما يتضمن رفع مرتبة العبد إلى مقام الألوهية؛ فإنه كذلك يلغي فكرة التقديس المطلق للذات الإلهية، فطالما أن هذه الذات متحدة بالمخلوق فليس لها تميز مطلق، ومن ثم فالطرفان يحملان ذات القداسة، فلا قداسة لأحدهما على الآخر. الفكر الحداثي وما بعده تميز أيضاً بإسقاط المقدس، لكن بصيغة تنفي وجود الله، وتجعل من الإنسان مركزاً مقدساً بدلاً عنه! ففي مرحلة الحداثة - وما بعدها[2] - لا سلطة إلا للعقل البشري، فلا وجود للوحي والخطاب الرباني؛ إنما هو العقل، الذي يتصف بالتغير، وعدم الثبات، والتأثر بالمحيط. ورغم الفوارق بين الطرفين في منهجية الإسقاط؛ إلا أن المؤدى واحد، فالإنسان يتصرف دون قيد، ويتحرك دون حدود، فهو مصرف ذاته، وقائدها استقلالاً لا تبعاً. النسبية: يرى ابن عربي أن كل ما في الكون حق، ولا يوجد باطل، وهي نظرة انبثقت من عقيدة وحدة الوجود عنده. فـ"الموجود واحد، وهو الله واجب الوجود الأزلي، عين المخلوقات، فكل شيء هو الله، واختلاف الموجودات هو اختلاف في الصور والصفات مع توحد في الذات"[3] في حين يعطي الفكر الحداثي الحق قيمة نسبية، ونظرية النسبية في الحق "نظرية قديمة حديثة، أول من تنسب إليه في تاريخ الفكر الغربي بروتوجراس اليوناني في القرن الخامس قبل الميلاد، ويقول بها مفكرون غربيون معاصرون...، وفحوى هذه النظرية هو أنه ليس هنالك معيار ثابت يميز به بين الحق والباطل، وبين الخير والشر، بل إن هذه الأحكام أحكام نسبية"[4]. إن الفرق بين فكرة وحدة الوجود، ونظرية النسبية؛ أن فكرة وحدة الوجود تقول: أن كل شيء حق، لأنه صورة عن الله، ولا يوجد باطل؛ وفحوى نظرية النسبية وجود حق وباطل، لكن المعيار الذي نتمكن به من التمييز يختلف من شخص لآخر! غير أن مؤدى الفكرتين واحد وهو أنه لا يوجد باطل بإطلاق؛ بل ربما كان الباطل حقاً! فلا إنكار على باطل. من المؤكد وجود اختلاف بين هذين الفكرين، غير أن الفكر الحداثي يسعى لأن يكسو أقواله بسلف له، ومن ثم فهو يبحث ويقمش في تراث أصحاب البدع والأهواء، والتي يمكنها أن تسعفه بمثل هذه الأفكار الضالة، والمفاهيم الهادمة. من هنا يمكن تفسير إعجاب وانبهار شباب الفكر الحداثي بابن عربي، واحتفاء الغرب بشخصيته في وجه من الوجوه. [1] انظر: نظرية الاتصال عند الصوفية في ضوء الإسلام، سارة بنت عبدالمحسن آل سعود، دار المنارة، جدة، ط1/1411ه- 1991م: ص25. [2] سواء كانت امتداداً للحداثة، أو مرحلة لاحقة لها، ومختلفة عنها. [3] نظرية الاتصال عند الصوفية في ضوء الإسلام، ص39. [4] المرجع: النسبية، جعفر شيخ إدريس، مجلة البيان، 1435هـ: ص100.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |