|
|||||||
| ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
|
#1
|
||||
|
||||
|
أخذ الميثاق بالإحسان إلى المساكين قال تعالى: وَالْمَسَاكِينِ [البقرة:83] أخذ على بني إسرائيل العهد والميثاق بالإحسان إلى المساكين.ما هو المسكين؟المسكين هو الذي أذلته الحاجة والمسكنة، فلا يجد غذاء ولا كساء ولا دواء، فهذا ينبغي أن يحسن إليه، فإن لم تجد ما تحسن إليه فعلى الأقل ابتسم في وجهه، ولا ترفع صوتك عليه، ولا تظهر في مظهر أنك متفوق عليه، والقائد الأعظم صلى الله عليه وسلم يقول: ( ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق )، ومن لم يجد ما يتصدق به فالكلمة الطيبة صدقة، فإذا قال المسكين: يا أبتاه! أو يا أباه! أنا جائع فعليك أن تطعمه، فإن لم تجد ما تطعمه فقل له كلمة طيبة ينشرح لها صدره، وتطمئن نفسه، أما أن تدفعه بقوة وتقول له: اذهب ليس عندنا، فهذا خطأ، ونستغفر الله منه، ونتوب إليه.والواجب ألا يشعر المسكين في القرية أو الحي أو المدينة بأن فيه ضعفاً أو أنه يهان أو لا يبالى به، بل يجب أن يحترم كما يحترم الأغنياء.وهذه تعاليم الله لعباده، فإن هم وفوا بهذه العهود كملوا وسعدوا، وإن أعرضوا عنها وأهملوها فحسبهم الذل والعار الذي يلاقونه. أخذ الميثاق بالقول الحسن للناس قال تعالى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا [البقرة:83] هذا بند آخر: قولوا للناس الحسن لا القبح، فإذا ناديت الشخص فقل له: يا أبتاه! إن كان أكبر منك .. يا أخاه! إن كان مساوياً لك .. يا ولدي! أو يا بني! إن كان أصغر منك.أما أن يقول أحدنا: يا أعمش! يا أعرج! يا طويل! يا بدوي! يا كذا! فهذا حرام ولا يجوز! ولا يحل أبداً. بل لا بد وأن تقول الحسنى في القول والعمل لهذا المؤمن.وكلمة (الناس) عامة تشمل حتى الكافر، فهل إذا مر بك كافر وقال: يا فلان! ناولني كأساً أشرب، تقول: يا ملعون! لا أعطيك؟! فهذا لا يجوز أبداً؛ لأن الله قال: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا والكلمة الحسنة هي التي يظهر أثرها في وجه من تتكلم معه.أما الإساءة فهي محرمة، ومن هنا لا ينبغي لا سب ولا شتم، ولا تعيير، ولا تقبيح، ولا سخرية، ولا لمز، ولا همز، فكل هذا محرم عنها في كتاب الله. واقرءوا آخر سورة الحجرات: وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الحجرات:11].وأنتم تسمعون وتعرفون ماذا يحدث في مجتمعاتنا من السخرية والاستهزاء بالفقراء .. بالأغنياء .. بالجهال .. والله بالعلماء! وما سر هذا؟ إنه الجهل، فوالله ما علمناهم، وما ربيناهم، وما ضممناهم إلى حجور الصالحين؛ فكانت النتيجة أن تخرجوا ضائعين تائهين، فلا أدب ولا خلق ولا معرفة. وماذا ترجو من شخص ما جلس طول حياته بين يدي مرب يربيه ليلة من الليالي؟! ماذا تريد أن يكون؟!فإن عرفنا العلة فهيا إذاً من جديد نتربى، فإن قلتم: لا نستطيع، أقول: لم لا تستطيع؟ هل هذا حمل ثقيل لا تطيقه؟ يقولون: لا نستطيع؛ نحن عندنا أعمال، فهذا عنده مصنع، وهذا عنده متجر، وهذا عنده مزرعة، فكيف نعمل؟قلنا: اعمل من صلاة الصبح، فصلِّ الصبح في بيت الرب واحمل فأسك أو مطرقتك أو نقودك وإلى السوق والمزرعة واعمل إلى غروب الشمس، أما يكفي هذا النهار كاملاً؟! فإذا مالت الشمس إلى الغروب غير ثيابك في بيتك، واصحب زوجتك وبناتك وأولادك إلى بيت الرب، واجلسوا، ويجلس لكم ربانيّ ذو علم وحكمة ليعلمكم الكتاب والحكمة ويزكيكم نيابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذلك كل ليلة ولطول العمر.أسألكم بالله: هل هذا فيه مشقة أو تكليف ما يطاق؟!قولوا لي: اليهود .. النصارى .. الملاحدة .. العالم بأسره إذا غابت الشمس تركوا العمل، وذهبوا إلى المقاهي والملاعب، والمراقص، والمقاصف، ودور السينما أم لا؟أما نحن فلسنا مثلهم، والفرق بيننا وبينهم كالذي يريد أن يهبط إلى أسفل الأرض، وآخر يريد أن يطلع إلى أعلى السماء فهل يستويان؟ هذا هبوط بسهولة، فلا يتكلف ولا يجهد نفسه، أطلق نفسك يهبط إلى أعماق الأرض، لكن تطلع كيف تشق الملكوت. فرق كبير أم لا؟!وفرق آخر: المؤمنون أحياء، والكافرون أموات، فهل تكلف الميت أن يسمع ويبصر ويعقل عنك، ويعطي ويأخذ؟! هذا ميت! وأما المؤمن فحي، يسمع ويبصر، ويأخذ ويعطي، لوجود الحياة فيه.فإن قال قائل: لم يكرر الشيخ هذه القضية؟ قد مللناها وسئمنا منها، فهو في كل درس يعيدها؟قلنا: هذا هو سؤالكم؟! هو هذا! وأنا قلت لكم: والله لا سبيل لإنقاذ هذه الأمة وقد غرقت إلا بالعودة إلى منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما كلفناها أن تبني المدارس والكليات! فليس عندها أموال، وما كلفناها أن توقف الفلاحة أو التجارة، فإنها لا تستطيع؛ لأنها ستجوع، وما قلنا هذا أبداً، فقط من المغرب إلى العشاء نرجع إلى الله في بيته، وليس في بيتنا أو بيت أخيك فتقول: لا يتسع لنا، ضايقتمونا! نقول: في بيت الرب جل جلاله، وعظم سلطانه، النساء وراء الستار، والأولاد دونهن، والفحول أمام الكل، وهم يتلقون الكتاب والحكمة، قال الله وقال رسوله، فلا مذهب أبداً، ولا حزب، ولا جماعة، ولا وطنية، بل قال الله يا عباد الله! وقال رسوله يا مؤمن!أسألكم بالله يا من فهمتم عني: هل بعد عامين .. ثلاثة .. أربعة هل يبقى في القرية جاهل أو جاهلة؟والله ما كان أبداً، وإن لم يكتبوا، وإن لم يقرءوا، فهذا العلم لا يتوقف على الكتاب والقراءة، إنما يتوقف على الفهم، والعمل، والتطبيق، فإذا أصبح أهل القرية علماء هل تتصور أن يوجد في القرية من يزني؟ أن يوجد في القرية من يخون ويغش؟ والله لا يوجد، هل يوجد في القرية من يموت جائعاً وهم شباع؟ والله لا يكون. أن يوجد في القرية من يمشي عارياً حافياً وهم منتعلون مكسوون؟ والله لا يكون، فلا يستطيعون أبداً.وفوق ذلك هل يستطيع الإنس أو الجن أن يذلهم أو يقهرهم وهم أولياء الله؟ والله لا يستطيعون. أقسم بالله؛ لأنهم أولياء الله، وليست قضية بركة فقط، إذا استووا على هذا المستوى من الفهم والإدراك والعلم؛ هؤلاء يكونون أقوى الناس طاقات بدنية .. أقوى الناس مالاً .. أقوى الناس عملاً.إذاً: عرفتم لم نكرر هذا القول؟فإن قيل: متى نسكت؟نقول: لما يبلغنا أن الإقليم الفلاني نهض علماؤهم وأخذوا يجمعون النساء والرجال والأطفال في بيوت الرب تعالى من المغرب إلى العشاء، فالدكاكين مغلقة .. المقاهي مغلقة .. العمل وقف، أين الأمة؟ في بيت الرب! ليلة قال الله، وليلة أخرى قال رسول الله، فيحفظون الآية ويتغنون بها، ويدخرونها في نفوسهم، ويحفظون الحديث، ويتلذذون بكلام رسولهم، ويفهمون معنى تلك الحكمة، وتأخذ آثارها تتجلى في منطقهم .. في لباسهم .. في أكلهم .. في شربهم؛ حتى تصحوا الأمة، وما كلفنا هذا شيئاً، ولا نطلب من أهل القرية ريالاً واحداً أبداً، ولا تخافوا!إذاً: لا تلوموا الشيخ: لم يعيد هذا القول ويكرره! ونحن كمن ضاعت دابته، وهو طول عمره ينادي عنها ليحصل عليها! فهل يسكت؟!إذاً: قال: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا [البقرة:83] فيا بني إسرائيل! ويا أبناء الأنبياء وأحفاد المرسلين! قولوا للناس حسناً، ولا تسيئوا إلى البشر، ولا تقولوا البذاء والمنطق السيئ، ولا سخرية ولا كذب.ألسنا نحن أحق بهذا؟ نعم. أمرنا كما أمروا، وآية الحقوق العشرة موجودة في سورة النساء. أخذ الميثاق بإقام الصلاة قال تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ [البقرة:83] يا بني إسرائيل! أقيموا الصلاة، فأُخِذ عليهم عهد من الله في عهد موسى بأن يقيموا الصلاة.وما معنى يقيموا الصلاة؟أي: يؤدونها أداء حسناً صالحاً حتى تنتج لهم الطاقة النورانية، وحتى تولد لهم النور في قلوبهم، وهذا النور إذا كثر يظهر على البصر .. على السمع .. على المنطق .. على اليد .. على الرجل، فيصبح عبد الله كالملك، فلا ينظر إلا حيث يأذن الله له بالنظر، ولا يسمع إلا حيث يأذن الله له بالسماع، ولا يأكل إلا حيث أذن الله له بالأكل، ولا ينطق إلا حيث أذن الله تعالى له أن ينطق، فغشاه النور؛ ولأن أكبر مولد للنور والمعبر عنه بالحسنات هو إقام الصلاة! فأكبر مولد ليس الصيام ولا الحج ولا العمرة، بل إقام الصلاة!وهنا نقول: يا شيخ! إخوانك في الشرق والغرب بعد أن استقلوا من سلطة الكفر وخرج المستعمرون من ديارهم فاستقلوا وكونوا الدويلات: الدولة الباكستانية .. الأفغانية .. الأندونيسية .. الدول العربية، دول! فهل سألوا أهل العلم: نحن الآن استقللنا فعلى أي شيء نقيم هذه الدولة؟ هذه الدولة لله أليست لله؟ نعم، نحن عبيد لله. كيف نقيمها؟ ابعثوا إلى العلماء واسألوهم عرباً أو عجماً؛ فيقول لهم العالم: أنتم الآن استقللتم، وأردتم أن تقيموا دولة، وإن الله عز وجل قد وضع لها أربع دعائم .. أربع ركائز، فأقيموا دولتكم على هذه الدعائم، فإنها تقوى ويشتد أمرها، وتصبح قادرة على إسعادكم، وتطهيركم، ونجاتكم.فهل سألوا؟ دلوني.أقول: دعني من أبنائي الأحداث! أنا أخاطب الكبار ذوي اللحى البيضاء! لما استقل إقليم في الشرق والغرب هل سأل: كيف نقيم دولة الإسلام؟فكوّنا دويلات منهارة، فلا سعادة، ولا طهر، ولا صفاء، ولا مودة، ولا محبة، ولا إخاء، كأننا ما ذقنا طعم الإسلام، ولا تحلينا بحلية الإيمان! ما السبب؟!هل تذكرون دعائم الدولة الإسلامية؟يوجد في القرآن الكريم ستة آلاف ومائتين وأربعين آية، وكل آية هي نور يضيء الظلام، وخذ آية واحدة من هذه تجد فيها دعائم الدولة الإسلامية، وقد جاء من سورة الحج بين الأنبياء والمؤمنون: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ [الحج:1] هذه السورة في وسطها جاء قول الله تعالى: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ [الحج:41] استقلوا أم لا؟ حكموا الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ [الحج:41]. كم قاعدة هذه؟ أربع. (أقاموا الصلاة)؛ لأن إقام الصلاة هو الذي يطهر المجتمع .. هو الذي ينفي الخبث .. هو الذي يبعد المنكر .. هو الذي يشيع المعروف بين المواطنين، أما أي وسيلة أخرى فوالله إنها لا تجدي! ولو توزع على المواطنين يومياً الأموال والله لن تزكيهم ولن تطهرهم! ولن ينتهي الخبث والظلم والشر والفساد، فما هناك عامل إلا أن تقام الصلاة، وإذا أقيمت الصلاة في القرية .. في المدينة .. في الإقليم فنصف الميزانية التي كانت معدة للأمن كلها يستغنى عنها.قالوا: يا شيخ! النصف كثير؟نقول: نعم، والله لأكثر من النصف، ولا نحتاج إلى قوى أمنية أبداً، فكل مؤمن حامي للحمى، وحارس للفضيلة! وذلكم لأن الله المشرع الحكيم طابع الطبائع، وغارز الغرائز، وخالق الأنفس هو الذي قال: وَأَقِمِ الصَّلاةَ لم يا ألله؟! علل! إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45].وكم كررنا هذا وقلنا: هيا بنا نمشي إلى المحافظ أو مدير الشرطة في أي بلد، ونقول له: أعطنا قائمة بأسماء المجرمين في هذا الأسبوع: السارق والساب والشاتم .. فإن أعطانا قائمة أقول له: أقسم بالله! لن نجد بين هؤلاء المجرمين أو الظالمين نسبة (5%) من مقيمي الصلاة، و(95%) من تاركي الصلاة والمصلين، وإلى الآن ما زلنا نطالب وما تحداني واحد، وهذا الكلام قلناه في الشرق والغرب!الله يقول: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45] ونحن نشاهد المقيمين للصلاة ما عصوا الله، ولا فسقوا عن أمر الله، ولا آذوا، ولا اعتدوا، ولا زنوا، ونجد الأذى والاعتداء والعنترية والفساد كله من تاركي الصلاة، والمتهاونين فيها.ماذا تقولون يا أهل الإسلام في قوله تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45] لم لما يستقل إقليم ما يقيم نفسه على إقام الصلاة؟ وهل إقام الصلاة يعوق الأمة من العمل؟!إن الصلاة مقسمة تقسيماً إلهياً: أولاً: صلاة الصبح، هل صلاة الصبح تعوق عن العمل؟والله إنها لتنشط عليه، والله إنها لتساعد عليه، أقسم بالله! لأن الشعب الحي قبل الفجر وهم في يقظة، صلوا الصبح واندفعوا وراء أعمالهم، يشتغلون ساعتين .. ثلاث ساعات، أما الكفار فنائمون، لا يبتدئون العمل إلا في الساعة الثامنة.أما صلاة الظهر ففي الساعة الثانية عشرة وعندها يتوقف العمل، والذين يشتغلون من السادسة حتى الواحدة ليس هؤلاء ببشر، لكن عند الثانية عشرة أو الحادية عشرة يتوقف العمل، فصلاة الظهر تقع في وقت الراحة، فيزدادون قوة.وأما صلاة العصر فيمتحنهم الله بها، فإذا قال المؤذن: الله أكبر! وقف العمل، وأقبلوا على الله واقفين بين يديه، فهذه الطاقة تساوي طاقة الذرة.والمغرب والعشاء وقت الراحة، فلا عمل، والمؤمنون في بيوت ربهم يصلون المغرب والعشاء.فإقام الصلاة فقط يرفع من قيمة الشعب، ويعلي مكانته، ويحقق له الكمالات، ونحن مع الأسف ما أجبرت دولة رعيتها على إقام الصلاة! أخذ الميثاق بإيتاء الزكاة أما جباية الزكاة من المواطنين فما استقلت دولة وأمرت بالزكاة أبداً، بل عوضوا عن الزكاة بالضرائب، والفادحة أنك تعجب للضريبة فأحياناً تجدها نصف المال!لم ما نطالب بالزكاة ليرضى الله أولاً! وفيها بركة أفضل من الضرائب مليون مرة، لأنها طاعة لله، قالوا: لا .. لا .. لا، ليس هناك زكاة. ومعنى هذا: ما تذكروا الله ولا الإسلام.هل وجد في أي بلد رجال تعدهم الحكومة ليأمروا الناس بالمعروف وينهوا عن المنكر ويمشون في الأسواق .. في المقاهي؟ لا، أبداً. فكيف حال دويلاتنا الإسلامية؟!والذي يؤسف له أنه لو ما أوجد الله هذه الدولة على يد عبد العزيز رحمه الله لكنا نُعذر؛ فما عرفنا، لكن والله ما استقل إقليم من إندونيسيا إلى موريتانيا إلا وهو يعرف عن هذه البلاد! وأن الصلاة فيها إجبارية، والزكاة إلزامية، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له رجال في القرى .. في المدن .. في كل مكان، فلم لا نعمل هكذا؟ معاشر المستمعين! متى نعود إلى الله فيعود الله إلينا؟ ما وجدنا حيلة إلا هذه، فهيا بنا: إذا مالت الشمس إلى الغروب نأتي إلى بيوت الله بنسائنا وأطفالنا ونبكي بين يدي الله، وسوف يوجد الله تعالى لنا من يعلمنا الكتاب والحكمة وفي أي مكان، فإذا علم الله رغبتنا، ورأى صدقنا فسوف يهيئ لكل قرية من يعلمهم الكتاب والحكمة. تولي بني إسرائيل مع أخذ المواثيق والعهود عليهم قال تعالى: ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ [البقرة:83] بعد هذا الميثاق في هذه البنود العظيمة رجعتم وراء إلا قليلاً؛ وهذا من حكمة الله، فلا يطلق الحكم العام، إذ يوجد من بني إسرائيل من استقاموا حتى لقوا الله، ولكن العبرة بالأكثرية، فأكثرهم نقض هذه المواد، ورماها وراء ظهره، ومن ثم سلط الله عليهم المحن والرزايا والبلايا، فأذلهم البابليون، وأذلهم الرومان، وفعلوا بهم حتى أصبحوا -والعياذ بالله- أذل الخلق.وكذلك المسلمون لما أعرضوا عن هذه العهود وتولوا، كيف أصبحت حالهم؟ أما استعمرتهم بلجيكا .. فرنسا .. إيطاليا .. وهولندا العجوز استعمرت مائة مليون مسلم! فما الذي فعل بالمسلمين هذا؟الجواب: أعرضوا عن هذه العهود والمواثيق، فتكبروا، وتجاهلوا، وأعرضوا عنها، هكذا إلا القليل، والقليل لا قيمة له؛ لأن الفتنة إذا جاءت عمت، والقليل يدخل الجنة بالبلاء الذي أصابه.قال: وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ [البقرة:83] كما هي حال المسلمين الآن حيث الإعراض، فليس هناك من يفكر أبداً أن يعود إلى الله، وخاصة المسئولين في العالم الإسلامي، فقد أعطوا عرضهم تماماً ولا التفات إلى هذا الدين! سبحان الله! هذه الآيات تنزل في بني إسرائيل لتصبح في يوم من الأيام كأنما نزلت في المسلمين! وهذه هداية القرآن، فالآيات تخاطب اليهود، والقرآن ينزل وهم في المدينة فتكشف الغطاء، وتزيح الستار، وتريهم أسوأ أحوالهم علَّهم يتوبون إلى الله ويرجعون. نعم آمن البعض منهم وأسلم، ودخلوا في رحمة الله، لكن أكثريتهم أعرضت إعراضاً كاملاً.وتمضي القرون، وتصاب أمة الإسلام بما أصيبت به أمة بني إسرائيل، وتصبح الآيات منطبقة على المسلمين بالحرف الواحد! فنتلوها فقط من أجل أن نعرف أننا نحن الذين نقضنا هذه العهود ونكثناها: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا .. [البقرة:83] رجعتم عن هذا النور وعن هذه الهداية إلى الظلام والباطل إلا قليلاً منكم، والحال أنكم معرضون؛ لأن الذي تولى إذا كان قلبه ما زال حياً .. ما زال يفكر في العودة .. ما زال يفكر أن يتوب؛ هذا فيه خير، لكن إذا أعرض تماماً فمعناه: لا يعود إلى الحق والصواب أبداً.والله تعالى أسأل أن ينفعنا وإياكم بما نتلو ونسمع. وصلى الله على نبينا محمد. ![]()
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |