|
|||||||
| ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
|
|
#1
|
||||
|
||||
![]() تفسير القرآن الكريم - للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) تفسير سورة البقرة - (62) الحلقة (69) تفسير سورة البقرة (32) من أسلوب القرآن أنه يجمع بين الترهيب والترغيب، فهو يهدد من كفر، ويحذره عاقبة جحوده، وأن النار هي مصيره، خالداً فيها مخلداً، وبالمقابل يرغب المؤمن بأن له جنة عرضها السماوات والأرض، خالداً مخلداً فيها أبداً، ولكن ذلك لا يكون إلا للمؤمن، الذي حقق الإيمان اعتقاداً وقولاً وعملاً، فلا يضره شك الشاكين، ولا يؤثر فيه جحد الجاحدين. تابع تفسير قوله تعالى: (بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته ...) الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات في أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة. من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً. أما بعد:فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إن السورة ما زالت كعهدنا بها سورة البقرة وآياتها المباركات التي ما زلنا نستعين الله تعالى على تفسيرها وفهم معانيها؛ سائلين الله عز وجل أن يرزقنا الاهتداء بهديها والعمل بها؛ إنه قريب مجيب سميع الدعاء.قراءة تلك الآيات بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ [البقرة:81-83]، إلى آخر ما جاء في هذا السياق القرآني المبارك الكريم.معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! اعلموا -والعلم ينفع- أن الإنس والجن -هذان العالَمان: عالم الإنس وعالم الجن- نسبتهم إلى الله أنه ربهم .. خالقهم .. مدبر حياتهم، فما هناك من يتعزز أو يترفع أو يتسامى بنسبة خاصة عنده إلى الله عز وجل، وفي الحديث: ( كلكم لآدم، وآدم من تراب ). فالله عز وجل يُدخل دار السلام .. الجنة .. دار الأبرار مِن الإنس والجن مَن تهيئوا لذلك، وطلبوه، وعملوا على الحصول عليه، سواء كانوا بيضاً أو سوداً، عرباً أو عجماً، أشرافاً أو أوضاعاً، إنساً أو جناً. ويدخل عالم الشقاء .. النار؛ دار البوار -أعاذنا الله وإياكم منها- مِن الإنس والجن مَن تهيئوا لها، وعملوا لها واستعدوا لدخولها.وها نحن مع أشرف الناس .. مع بني إسرائيل، حيث يقول تعالى لهم بعد ما أبطل دعاواهم ومزاعمهم وجهالاتهم: بَلَى [البقرة:81]، أي: ليس الأمر كما تزعمون أو تدَّعون أو تقولون: إننا لا نعذب بالنار إلا أياماً معدودة، فالقضية أن مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً [البقرة:81]، وكلمة (مَنْ): اسم موصول من ألفاظ العموم، يدخل فيه الذكر والأنثى، والعربي والعجمي، والشريف والوضيع.قال: مَنْ كَسَبَ أي: بنفسه، وقد علمتم سابقاً الكواسب والجوارح السبع التي بها نكتسب ونجترح. فالسيئة هي: كل قول أو عمل أو اعتقاد يحدث السوء في النفس بالظلمة والخبث والعفن والنتن. فذاك هو السوء، والواحدة سيئة.وقوله: مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً ، أي: مع العلم بأنه يكون مريداً لا مكرهاً، مختاراً لا مغالَطاً، فمن كسب سيئة بعمده وإرادته فهذه هي السيئة التي تحدث له المساءة في نفسه، أما مع الإكراه فلا تكون سيئة.ومن كسب سيئة واحدة ثم توالت عليه السيئات واحدة بعد أخرى فقد أحاطت به، وقد مثل لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيفية الإحاطة عند قوله تعالى: بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [المطففين:14]، إذ بين لنا أن العبد المكلف، العاقل، البالغ، المريد، المختار إذا اكتسب سيئة وقعت نكتة سوداء على قلبه، فإن تاب مسحت وصقلت كما تصقل الزجاجة، وإن هو لم يتب وزاد سيئة أخرى وقعت إلى جنب الأولى، وهكذا الثالثة، والرابعة، والخامسة حتى يغطى القلب، وذلكم هو الران الذي قال الله تعالى فيه: بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [المطففين:14]، أي: يكسبونه بجوارجهم: بالسمع .. بالبصر .. باللسان .. باليد .. بالرجل .. بالبطن .. بالفرج.وهذا قضاء الله وحكمه، فلا تقل: أنا ابن الأنبياء .. أنا حفيد أو سليل الأشراف، فكل هذا لا قيمة له؛ إذ هذا الكلام وجهه الله تعالى رداً على مزاعم بني إسرائيل.وقال تعالى بعد ذلك: فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:81]، أي: أهلها الذين تصاحبهم ويصاحبونها أبداً، فلا مفارقة. وقد عرفتم أن نار الآخرة صورتها موجودة في النار التي نوقدها للطبخ والاستدفاء، فهي آية من آيات الله الدالة على النار التي هي عالم الشقاء، ومن غفل أو ما تبين كيف أن ذلك العالم كله جحيم .. كله نار فليرفع رأسه إلى الشمس، الكوكب النهاري المضيء، وليذكر ما قاله أهل العلم من أن كوكب الشمس أكبر من كوكب الأرض بمليون ونصف مليون مرة، فالشمس نار ملتهبة، ومن شدة حرارتها تصل إلينا بالصورة التي تعرفون، ولو جمعنا الإنس والجن -وكنا نقدر على ذلك- ووضعناهم في الشمس فإنهم لا يسدون عشر ما في الشمس، ويبقى ذلك العالم.فهذه هي الأرض قد ملأتنا وملأناها، وحملتنا موزعين فيها، ولو بعث أسلافنا الذين ماتوا لوقفوا في الأرض ووسعتهم!فإذا كانت الشمس لو جمعنا لها البشرية والجن ما سددنا جزءاً منها فكيف بعد ذلك تسألني عن النار أو عن أي عالم آخر؟!وهذا العالم بكواكبه ونجومه وشمسه كله يتبخر، ويصبح سديماً وبخاراً كما كان، وأما الجنة فتكون في الأعلى، ويكون عالم الشقاء في الأسفل.قال تعالى: وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ والجمع: خطيئات، وهذا تنويع: السيئة والخطيئة، فلما يخطئ تحدث المساءة.وقوله: فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ فلم يبق ما يتعزز به المرء من نسب أو شرف أو قوة مالية أو بدنية أو .. أو .. لا، ما هو إلا حكم الله النافذ. تفسير قوله تعالى: (والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون) قال تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [البقرة:82]، ما لهم؟ ما الخبر؟ اخبر عنهم! أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:82]، أولئك هم الأشراف، السامون، الأعلون، وليسوا بالهابطين كأصحاب النار، فأصحاب الجنة هم الذين لا يفارقونها أبداً، وهم فيها خالدون.والرسول صلى الله عليه وسلم يعطينا صورة لندرك حقيقة العالم الآخر فيقول: ( مثل الدنيا في الآخرة كمثل أن يغمس أحدكم أصبعه في اليم فلينظر بم يرجع )، أي: ما هي كمية البلل التي علقت بالأصبع من النيل أو الفرات أو المحيط؟ وما هي نسبة ذلك البلل إلى البحر؟ إنها لا شيء.وبين لنا الله كذلك حال الناس؛ فأخبرنا أن آخر من يدخل الجنة يعطى مثل الدنيا مرتين، وأن هناك من يعطى مثل الدنيا عشر مرات من السابقين، أي: عشرة كواكب. ولا تقل: كيف؟ فإن المجرة كبيرة، وقد تستطيع أن تعد حصباء أو حصى الأرض ولكن لا تستطيع أن تعد الكواكب والمجرات، فقولوا: آمنا بالله!نحن الآن على الأرض بمثابة الجنين في بطن أمه سواء بسواء، ويوم نولد، ونخرج من بطون أمهاتنا هو يوم نفارق الحياة، ونخرج من الأرض، وتغمض العينان ويقال: مات فلان، فينتقل إلى العالم الآخر، ليرى العجب! والآن الدنيا كرحم، ها نحن فيها ما رأينا شيئاً، وما ولدنا بعد، فإذا مات أحدنا - وكلنا يموت- انتقل من هذا الرحم الضيق المنتن إلى عالم لا حد له ولا نهاية، واسمع الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن ما بين كتفي الكافر في النار كما بين مكة وقديد )، فهذا عرض الكافر في جهنم .. في عالم الشقاء المسمى بالنار.ويقول صلى الله عليه وسلم: ( ضرس الكافر في النار كجبل أحد )، كما في صحيح البخاري ، فعرفنا أن ضرس الكافر كجبل أحد! وتعجبنا من حال هذا الكافر أن ضرسه كجبل أحد فكيف بذاته؟! ولما قرأنا قوله صلى الله عليه وسلم: ( ما بين كتفي الكافر في النار كما بين مكة وقديد ) عرفنا أن هذا الضرس يتلاءم مع شخصية وحال الكافر.وإن قلت: كيف أن هذه النار تُبقي عليهم؟قلت: عرفنا ذلك من الحديث السابق فأجسامهم بتلك الحال تأكلها النار خلال الدهر كله، قال تعالى: كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا [النساء:56]، فيحترق جلد الكافر، والجلد الآخر ينبت تحت الاحتراق، وهذه أجسامنا على ضعفها يحترق الجلد الأول، وينبت بعده جلد آخر؛ لأن العذاب في ذلك الجلد.فهل عرفتم إلى أين المصير أو لا؟ وأنه ليس وراء الجنة والنار عالم آخر، فقد انطوى الكون كله ولم يبق إلا عالمان: عالم الشقاء وعالم السعادة. صدق الأنبياء فيما يخبرون به فإن قال قائل: يا شيخ! مَن رأى الجنة ومَن رأى النار؟ فهذه أخبار غيب، فكيف تطمئن قلوبنا، وتسكن نفوسنا؟الجواب: أخبر الرحمن بآلاف الأخبار، فصدق في كل خبر، ولم يوجد خبر واحد أخبر الله به وما صح.وأخبر عن الجنة والنار ولم يبقَ للعاقل أن يقول: كيف؟ أو أن هذا غير ممكن؟!والمخبر هو خالق الصدق وقد أخبر بهذا، والمخبرون عنه هم رسله الذين اصطفاهم وهم في أرحام أمهاتهم بل وهم في أصلاب آبائهم وأجدادهم نطفٌ طاهرة قد أعدهم للإيحاء إلى الناس، وإبلاغهم ما أراد أن يبلغوا به. فهل الرسل يكذبون؟وإذا كنا نكذب الرسل فما بقي من يصدق في البشر، وقد انتهينا وهلكنا، فإذا قال الرسول: إن في السوق الفلاني كذا وكذا فإنه لا يصدق، وإن قال: مات كذا وكذا فلا يصدق، وهنا نكون قد انتهينا وأصبحنا شر الخلق. فلابد من الصدق والتصديق. ورسل الله عددهم ثلاثمائة وأربعة عشر، ما منهم إلا ووصف دار السلام ودار البوار، أفيكون بعد هذا شك وارتياب؟!وأعظم دليل على ذلك موجود في الكتاب الذي تحدى الله به الإنس والجن، وما زال التحدي قائماً إلى الآن أن يأتوا بمثله، فهل استطاع جماعات الأدباء أن يعقدوا المؤتمرات، ويألفوا الكتب ليخرجوا على البشرية بكتاب يضاهون به كتاب الله؟ والله ما كان.وتحدى العرب على أن يأتوا بسورة فقط، فطأطئوا رءوسهم وانحنوا وما رفعوها إلى اليوم؛ ألف وأربعمائة سنة وزيادة، قال تعالى: وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ [البقرة:23]، أي: استعينوا بمن شئتم إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ [البقرة:23-24] فعجلوا قبل أن تلتهمكم. إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن الملكوت الأعلى ومع هذا عندنا الرائد الأعظم صلى الله عليه وسلم .. الرائد الذي ارتاد العالم الأعلى، فمن بيت أم هاني بجوار المسجد الحرام إلى المسجد الحرام إلى زمزم حيث أجريت له أول عملية جراحية للقلب تسمع بها الدنيا، فشق صدره، وغسل قلبه، وحشي بالنور والإيمان والحكمة، فتهيأ لأن يعيش في الملكوت الأعلى لحظات، فأسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، واقرءوا: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا [الإسراء:1]، ومن المسجد الحرام إلى الملكوت الأعلى، والله لقد اخترق السبع السماوات؛ سماء بعد سماء، وانتهى إلى جنة المأوى، واقرءوا لذلك قول الله عز وجل يا أهل القرآن: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى [النجم:1]، تعرفون اليمين والحلف أو لا؟ أو كلكم بربر مثلي؟ هذه صيغة يمين أو لا؟ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى [النجم:1-2]، وصاحبنا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى [النجم:4-9]، هذا جبريل، فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى [النجم:10-13]، مرة أخرى أين؟ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى [النجم:14-18].فصعد إلى السماوات بالبراق، والتقى ببعض الأنبياء والرسل في السماوات، وتحدث معهم.وعاش تلك اللحظات في دار السلام، وذكر أنه رأى قصراً فيه حوراء، فقال: لمن هذه؟ قيل: هذا قصر عمر رضي الله عنه، وهذه حوراه. فما كان منه إلا أن أغمض عينيه، وقال: ( إني ذكرت غيرتك يا عمر ! )، وأنتم أيها الفحول ما زالت الغيرة موجودة أو ماتت؟! فالفحل لا يرضى ولا يقبل أن ينظر فحل آخر إلى امرأته بعينيه، وهذا عمر عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسيته، وعرف غيرته وفحولته، فاستحى أن ينظر إلى تلك الحوراء في ذلك القصر احتراماً لـعمر لما يعرف من غيرته، ( فقال عمر : أعليك يا رسول الله أغار؟! )، أي: أغار منك.أعيد القول: أيها الفحول! زيدوا في طاقات غَيرتكم، ولا تجعلوها كغِيرة النساء، فلا ترض أن يكشف الفحل عن امرأتك إلا في حال الضرر المتأكد للإنقاذ أو التطبيب والعلاج، أما أن تقدمها وهي تمشي معك في الشارع: هذه مدامي .. هذه مدامي! فهذا معناه: أننا أصبحنا شبيهين بالنصارى.فإن قال قائل: ماذا هناك إذا رأى وجهها؟أقول: كيف تقول: ماذا هناك؟! كأنك تقول: هذا ليس فيه شيء، فما سقطت الكواكب، ولا التهمت النار، ولا ولا ..، نعم هناك أعظم شيء وهو أن الله أمرها أن تستر محاسنها، وتغطي وجهها، وأنت تتحدى الله وتكشف له وجهها.فكيف تقول: ماذا هناك! والله طلب منها أن تغض بصرها، وطلب منك أيضاً أن تغض بصرك عن محارم الرجال.وكيف تقول: ماذا هناك! أتبطل شرع الله بكلمة: (ماذا هناك؟) بهذه الكلمة الهاوية الباطلة.وقد مر صلى الله عليه وسلم بالكوثر أيضاً، وهل هناك حوض يسمى الكوثر؟ إي والله، أخبر عنه خالقه واقرءوا: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر:1]، وعدد كيزانه كعدد النجوم، وقال هكذا جبريل في تربته، فأخرجها تربة رائحتها أطيب -والله- من ريح المسك، وهذا الكوثر أعطاه الله للرسول صلى الله عليه وسلم.فإن قال قائل: هل لنا أن نشرب منه؟نقول: نعم إن شاء الله نشرب في حالة نحن أشد فيها ظمأً وعطشاً، في حالة أن نكون من أهل دار السلام. وذلك في عرصات القيامة .. في ساحة فصل القضاء. وهذا الحوض خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، ماؤه أشد بياضاً من اللبن .. وأشد برودة من الثلج.فإن قال قائل: ومن أين هذا الماء؟الجواب: إنه من النهر الذي في الجنة، وفيه مرزابان يصبان في هذا الحوض.وقد بلغنا: أن رجالاً يريدون أن يقدموا على الحوض ليشربوا فتردهم الملائكة، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( أصحابي! فيقولون: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. قال: فأقول: سحقاً سحقاً سحقاً )، فيردون إلى العطش والظمأ في ساحة فصل القضاء.يا معاشر المستمعين والمستمعات! عما قريب تعيشون تلك الأحداث: إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا [غافر:59]، وإننا في آخر أيامها، فانتبهوا! يتبع
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |