تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 39 - عددالزوار : 325 )           »          الوقفات الإيمانية مع الأسماء والصفات الإلهية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 87 )           »          مناقشة شبهات التكفيريين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          تكنولوجيا النانو ما لها وما عليها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 469 )           »          الألباني.. إمام الحديث في العصر الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11 - عددالزوار : 5375 )           »          تجديد الإيمان بآيات الرحمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 2815 )           »          نور الفطرة ونار الشهوة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          نصائح وضوابط إصلاحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 65 - عددالزوار : 42442 )           »          بيع وشراء رباع مكة ودورها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          من أخطاء المصلين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 399 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #11  
قديم 22-08-2020, 05:03 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,207
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة البقرة - (53)
الحلقة (60)




تفسير سورة البقرة (24)

بعد الفعلة الشنعاء التي جاء بها السامري وتابعه عليها بعض بني إسرائيل أمر الله بني إسرائيل بالتوبة، بأن يقتلوا أنفسهم، وبدلاً من المبادرة طلبوا رؤية الله جهرة، حتى يؤمنوا ويصدقوا موسى، فغضب الله عليهم وأنزل صاعقة أماتتهم، ثم بعثهم علّهم يتعظون ويشكرون، ومع هذه بقيت نفوسهم مريضة، إذ رفضوا جهاد أعدائهم فحكم الله عليهم بالتيه أربعين سنة، ومع هذا لم تنقطع نعم الله وأفضاله عليهم.

تابع تفسير قوله تعالى: (وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل ...)

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً، أما بعد:فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات!إن السورة ما زالت كعهدنا بها سورة البقرة، وإن الآيات المباركات التي نستعين الله تعالى على تفسيرها وفهم معانيها، سائلين الله عز وجل أن يرزقنا الاهتداء بهديها والعمل بها، إنه قريب مجيب سميع الدعاء.قراءة تلك الآيات بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [البقرة:54-57] إلى آخر ما جاء في هذا السياق القرآني المبارك الكريم.

اتخاذ بني إسرائيل للعجل إلهاً ومعبوداً

معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات!قول ربنا جل ذكره: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ [البقرة:54] اذكر يا رسولنا أيها المبلغ عنا! يا مصطفانا! اذكر قولة موسى لبني إسرائيل، (وإذ قال موسى لقومه) وهم قطعاً بنو إسرائيل، وماذا قال لهم موسى؟ قال: يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة:54].فصلنا الحادثة سابقاً، وعرفنا أن موسى عليه السلام بعدما نجاه الله مع بني إسرائيل وخرجوا من الديار المصرية ديار فرعون، وأغرق الله فرعون وجيشه، ونزلوا بالساحل ساحل البحر الأحمر.وذكرت لكم لطيفة لا تنسى: لما استقل بنو إسرائيل بم يحكمهم موسى؟ ما هو الدستور؟فقال: انتظروا، لي موعد مع ربي وآتيكم بما أحكمكم به.هنا قلت: استقل لنا كذا وأربعون إقليماً من الاستعمار البريطاني .. الفرنسي .. الإيطالي .. البلجيكي .. الهولندي، وما استطاع إقليم واحد يقول: الحكومة الكافرة خرجت ونحن بم نحكم، فيطلبون دستوراً إسلامياً؛ لأن الشعب مسلم، ولا يساس إلا بالإسلام، فما استطاعوا، ومن صرفهم؟!وقد قلت -وإني على علم-: كان المفروض -لأن الله أوجد هذه الدولة على يد عبد العزيز أيام الاستعمار- أن كل إقليم يستقل على الفور يبعث بوفد ويطالب بالقانون الذي تحكم به هذه البلاد؛ بلاد الحرمين، ولو فعلنا هذا لكنا الآن أمة واحدة، لكن حب الدنيا .. حب الرياسة، والمال، والجاه، والسلطان حجبنا، أما الله جل جلاله فقد أقام الحجة علينا.ولو ما كانت هذه الدولة موجودة، وما سادها أمن وطهر وصفاء، وأقيمت فيها حدود الله لعذرناهم؛ لانعدام من نفزع إليه، ومع هذا كان يجب أن يجتمع علماؤنا ويضعوا دستوراً وقانوناً من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكتب الفقه على المذاهب السليمة الصحيحة الأربعة، لكن ما حصل، فلنذق البلاء والعذاب، وهو بما كسبت أيدينا: وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [النحل:118].ونعود إلى السياق الكريم: لما ذهب موسى إلى مناجاة ربه بجبل الطور من سيناء، هذا الشيطان الآدمي السامري - كما عرفتم- احتال على نساء بني إسرائيل وقال: إن هذا الحلي أكثره عارية من القبطيات، ولا يحل لكن الانتفاع به، فاجمعنه ونحرقه. فلما جمعن الحلي أحرقه وحوله إلى عجل، فصنع منه عجلاً -كما تعرفون الصور والتماثيل- وله خوار، هل الريح تدخل فيه وهو مجوف أو يصوت الشيطان على فمه للفتنة؟ ولا عجب، وقال لهم: هذا إلهكم وإله موسى، وموسى الآن تائه ما عرفه.والعجيب أنهم قبلوا هذا، أكثرهم قبل واستجاب، لم؟ لأنهم أميون .. جهلة، ما عرفوا الطريق، أين تعلموا؟ فعلَّتهم هي الجهل بالله، وإلا كيف يتصورون أن يكون الله في صورة عجل وهم أبناء الأنبياء وأولاد المرسلين؟!إذاً: فعبدوه.أما هارون عليه السلام؛ أخو موسى -وقد نبأه الله وأرسله وهو في مصر- فقد انعزل مع بعض المؤمنين، وأبوا أن يعبدوا معهم العجل، بل هارون بذل ما يمكن أن يبذله في صرفهم عن هذا الباطل، ولكن غلبوه.أما موسى فما زال يناجي ربه حتى أخبره بأننا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ * فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا [طه:85-86]، وصاح وثار ثورة إيمانية حتى أخذ يلبب أخاه هارون بل أخذه من لحيته، قال هارون: يَبْنَؤُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي [طه:94] فاعتذر هارون عليه السلام.

توبة بني إسرائيل

زلت أقدام بني إسرائيل وعبدوا غير الله فارتدوا عن الإسلام، وما حكم الردة في قضاء الله؟ القتل، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من بدل دينه فاقتلوه ) إلا أن رحمة الإسلام تستتيب المرتد ثلاثة أيام، يحبس مع المؤمنين، وتعرض عليه الصلاة .. تعرض عليه عبادة الله، علَّه يرجع، فإن أصر يعدم ويموت كافراً، بلا رحمة له، فإن تاب تقبل توبته.فما هي توبة بني إسرائيل؟أوحى الله إلى موسى أن يقتل من لم يعبد العجل من عبد العجل، واجتمعوا في ساحة عظيمة بالخناجر والسيوف، وأخذ بعضهم يقتل بعضاً. تقول بعض الروايات: حتى قتل منهم سبعون ألفاً.ثم أوحى الله تعالى إلى نبيه موسى: أن قد تمت توبتهم، فلّوح بثوب من ثيابه؛ أعلمهم بانتهاء الحرب.هذه هي توبة الله على بني إسرائيل اللذين عبدوا العجل.واسمعوا قوله تعالى: إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ [البقرة:54] إلهاً تعبدونه فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ [البقرة:54] أي: إلى خالقكم. كيف نتوب؟ قال: فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ [البقرة:54]، وليس هذا من باب الانتحار بأن يقتل كل واحد نفسه، لا، الحقيقة أنهم غمهم سحاب مظلم، أي: الذين ارتكبوا هذه الجريمة، ودخلوا في المعركة، فما يتبين الرجل أخاه ولا أباه، كلهم في ظلام. فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة:54] إي نعم، خير لكم عند ربكم. فلو تركهم على تلك الردة وما آخذهم وماتوا إلى عالم الشقاء والخلود فيه أبداً، ولكن من لطف الله وإحسانه ورحمته أن طهرهم بهذا القتل. فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ [البقرة:54] وذكر البارئ بمعنى: الخالق المصور؛ لينبههم على أن العجل لا يخلق شيئاً، ولا ذبابة، فالذي يُعبد، ويُطرح العبد بين يديه باكياً، خاشعاً، خاضعاً من يحيي ويميت، من يعز ويذل، من يعطي ويمنع. أما صنم، وتمثال، وصورة، وشخص، وقبر كيف يعبده ذو العقل؟! إلا أن الجهل إذا عم عميت القلوب.قال: ففعلتم فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة:54] كثير التوبة، فما تاب إليه أحد ورده قط، رحيم: رحمته انتفع بها كل كائن، وقد جاء في الحديث الصحيح ما علمتم: ( أن الله تعالى قسم الرحمة مائة قسماً، جزأها مائة جزء، فادخر لأوليائه وصالح عباده تسعة وتسعين جزءاً ليوم القيامة، وجزء واحد تتراحم به الخليقة كلها، حتى إن الفرس ترفع حافرها مخافة أن تطأ مهرها )، وأنتم تشاهدون.ومن شاهد الدجاجة كيف تعلم أولادها نقر الحب، ومن شاهد العنز كيف تميل بضرعها إلى جديها و.. و.. و.. يعرف هذه الحقيقة، هذه الرحمة تتراحم بها الخليقة كلها، فهذا الذي ينبغي أن يعبد ويشكر، يحمد ويثنى عليه، يطاع ويهاجر من أجله .. يذكر ولا ينسى، أما الأوهام، والضلالات، والخرافات، والريال، والدينار، والشهوات فهذه تعبد مع الله؟ كيف تستحق العبادة؟!

تفسير قوله تعالى: (وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ...)

قال تعالى: وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى [البقرة:55] اذكر لهؤلاء اليهود حولك يا رسولنا، هذه دعوة الله لهم علَّهم يهتدون .. علَّهم يدخلون في رحمة الله، لكن العناد، والمكابرة، وحب الدنيا، وطلب الرياسة منعهم، قالوا: لا ندخل في الإسلام فنذوب فيه، ولا يبقى لنا كيان ولا وجود، ندخل النار ولا نقبل هذا، ما هو عجب هذا؟!المسلمون ابتعدوا عن شرع الله عناداً، لا يريدون الإسلام يطبق عليهم، وهم أعلم من اليهود.قال: وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً [البقرة:55] أي: ظهوراً بيناً.متى هذا؟لما حصلت الفتنة وانتهت أوحى الله تعالى إلى موسى أن يأتيه بسبعين من خيارهم يعتذرون إلى الله، ويعلنون عن توبتهم، ليتوب عليهم، فاختار موسى من قومه سبعين رجلاً من خيارهم، وذهب بهم إلى جبل الطور، فلما انتهوا إلى مكان المناجاة؛ مناجاة الله لموسى وسمعوه، وسمعوا موسى يناجي ربه قالوا: يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً [البقرة:55] لما كانوا يسمعون كلام الله لموسى وسمعوا قالوا: نريد أن نراه بأعيننا، لا يكفي أن نسمع كلامه، أرنا الله عياناً، مجاهرة، مكاشفة بلا ستار، ظاهراً.إذاً: فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ [البقرة:55] الرسول كان يخاطب في يهود المدينة ولكن هم فئة واحدة، الفرع والأصل واحد، يهودي موجود الآن كالموجود على عهد موسى، أمة كاملة، لم يوجد في العالم أمة لا تخلخلت ولا تضعضعت إلا هم، فلهذا خطاب الآخرين كالأولين، لأنهم يتحملون .. الآخرون يتحملون ذنب الأولين، أصل واحد.فأخذتهم الصاعقة، هذه الصواعق التي تأتي في الأمطار صاعقة شديدة أماتتهم، فمن شدتها صعقوا فماتوا واحداً بعد واحد، وما ماتوا بصيحة واحدة، تمت الصاعقة حتى ماتوا بالتوالي، مات مات مات الكل، ثم بعد أربع وعشرين ساعة أحياهم الله عز وجل.ومع هذا يحتج هؤلاء اليهود بأجدادهم، ويلتزمون بمبادئهم، ويرتبطون بهم، مع هذا الفساد والشر والضعف لو كانوا عقلاء!

تفسير قوله تعالى: (ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون)

قال تعالى: ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ [البقرة:56] بعد نهاية الأربع والعشرين ساعة عادت أرواحهم لهم، وأبدانهم ما فسدت، ناموا، وفي أربع وعشرين ساعة لا يتغير شيء، فعادت الروح من جديد، أخذها ملك الموت وردها.وهذه هل يبقى معها كفر بالله؟ هل يبقى معها عناد ومحاربة لله ورسله؟! عجب بنو آدم! عجب! ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة:56] فهل شكروا؟ أين الشكر؟ رفع الله عنكم البلاء لتشكروا لا لتزدادوا فسقاً وفجوراً.وهذه في الحقيقة لنا، وقلنا غير ما مرة: هذا الكتاب كتاب هداية بشرية لا تنتهي هدايته إلى يوم القيامة حتى يرفعه الله، فالمفروض أن نستفيد من هذه الأحداث إفادة حقيقية، فلا نقرأ فقط: اليهود كانوا كذا وكذا؛ ونحن.. هل نحن على منهج الله؟ مستقيمون على شرع الله؟ من يقول: نعم؟ ولا نسبة واحد في المائة، ولا في الألف في عالمنا الإسلامي، لأننا جهلة، لا أقل ولا أكثر، فالجهل الذي أهلك أولئك يهلك كل من عداهم، والذي يعيش في الظلمة كيف يعيش؟ يتخبط ويتخبط في كل مهاوي الحياة. لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة:56] أي: من أجل أن تشكروا الله عز وجل، أي: تعبدوه بما شرع، بذكره وطاعته، إذ هذا هو الشكر. فالذي لا يعبد الله ما شكر الله.وقد عرفنا والحمد لله أن الشكر هو أن النعمة التي أنعم الله بها عليك أحياك بعد موتك .. عافاك بعد سقمك .. أعطاك بعد منعك، أن تشكر الله: أولاً تعترف بقلبك بأن هذه نعمة الله، ثم تعرب عما في القلب وتترجمه بكلمة: الحمد لله، وتقول من كل أعماق نفسك: الحمد لله.ثالثاً: أن تصرف النعمة في ما من أجله وهبكها وأعطاك إياها.فهل نذكر هذا أو ننسى؟!فما من نعمة إلا ونحن مطالبون بشكرها، حتى نعمة البصر اشكر الله عليها؛ فلا تنظر إلى ما حرم الله عليك، وانظر فيما أحل لك، وأذن لك: لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة:56].



يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 1,573.08 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 1,571.36 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (0.11%)]