|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تميز الإنسان بالوحي سجاد أحمد بن محمد أفضل بعد أن كرم الله الإنسان في تكوينه جسماً وعقلاً وإرادة، وهيأ له الكون للحياة تسخيراً وانقياداً، ما كان لرحمته وفضله أن يتركا الإنسان يتعامل مع هذا الكون وحده، بل كرمه بإرسال الرسل إليه، وإنزال الكتب السماوية عليه، إذ تعامل الإنسان المكرم في ذاته، مع الكون المسخر له، يحدث فيه اضطراب لو أنه اعتمد على العقل وحده، لذا زاد الله تعالى من تكريمه للإنسان، فأرسل له الرسل ليسدده ويوفقه على الطريق الصحيح. فبعث فيهم من أنفسهم برسل يتلون عليهم آياته ويزكونهم ويعلمونهم الكتاب والحكمة، لكي إذا تمسكوا به صلح معادهم ومعاشهم وسهل عليهم إدراكهم، ولهذا أزال علتهم ببعثة الأنبياء، فقال تعالى: ﴿ مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾[1]. ويقول سيد قطب: «على أن هذا التكريم بالوحي والرسل لا ينقص من قيمة العقل، ولا يجعله مهملاً في مجال التلقي عن الوحي وفهم ما يتلقى وإدراك ما من شأنه أن يدركه، بل للعقل في حدود هذا الإطار مهمة ورسالة، لكنه ليس حكماً أخيراً على النص، بل ما دام النص محكماً فالمدلول الصريح له الحكم. وعلى العقل أن يتلقى مقرراته هو من مدلول هذا النص الصريح ويقيم منهجه على أساسه»[2]. وقد بسط القرآن القول في تكريم الله للإنسان بالرسل، رحمة به، وفضلا من الله تعالى. يقول سبحانه وتعالى: ﴿ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾[3]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾[4]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾[5]. ذكر الإمام القرطبي حين فسر قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾[6]. بأن العقل لما لم ينهض بكل المراد من العبد بعثت الرسل وأنزلت الكتب([7])، ومعناه أن ترك الأمر للعقل في كل شيء قد يقلب النعم نقماً، ويحيل اليسر حرجاً، ومما يدل على ذلك قوله تعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ﴾[8]. يقول ابن كثير: «أي اعلموا أن بين أظهركم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظموه ووقروه وتأدبوا معه وانقادوا لأمره، فإنه أعلم بمصالحكم وأشفق عليكم منكم، ورأيه فيكم أتم من رأيكم لأنفسكم، وبين أن رأيهم سخيف بالنسبة إلى مراعاة مصالحهم، فقال تعالى: ﴿ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ ﴾ أي لو أطاعكم في جميع ما تختارونه لأدى ذلك إلى عنتكم وحرجكم[9]. هكذا أرسل الله تعالى الرسل وأنزل الكتب لإصلاح الخلق وإقامة الحجة عليهم، وفي كل هذه المظاهر التي ذكرنا تتجلى صورة الإنسان المكرم بين مخلوقات الله جميعا، كما توضح مركز هذا الإنسان في هذا الكون من قبل مسؤوليته ودوره وهذه هي مناط التكليف والمسؤولية. [1] سورة الإسراء. آية 15. [2] انظر خصائص التصور الإسلامي، سيد قطب، ص: 30، طبعة المنظمات الطلابية، 1978. [3] سورة النساء. آية 165. [4] سورة إبراهيم. آية 4. [5] سورة الحشر. آية 7. [6] سورة الإسراء. آية 70. [7] الجامع الأحكام. لقرطبي، 10/ 294. [8] سورة الحجرات. آية 7. [9] تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، ص: 1745.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |