ترجمة أبو جعفر المخزومي المدني

[ابوالوليد المسلم]

تراجم البدور الثلاثة المتممين للعشرة ورواتهم (1)

البدر الأول: أبو جعفر يزيد بن القعقاع المخزومي المدني


الشيخ أحمد إبراهيم هاني



وعدنا القراء في مقالات سابقة أن نوافيهم بتراجم الثلاثة البدور ورواتهم المتممين للعشرة - فنبدأ بترجمة الإمام الأول.

البدر الأول:
الإمام الأول أبو جعفر يزيد بن القعقاع المخزومي المدني القارئ تابعي مشهور عظيم القدر ويقال اسمه جندب بن فيروز. وقيل فيروز عرض القرآن على مولاه عبد الله بن العباس بن أبي ربيعة وعبد الله بن عباس عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ويقال: إنه قرأ على زيد بن ثابت قال الذهبي ولم يصح: قلت روينا عنهم أنه أتى به إلى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير فمسحت على صدره ودعت له بالبركة وصلى بابن عمر وأقرأ الناس قبل الحرة - والحرة سنة ثلاثة وستون - روى القرآن عنه نافع بن أبي نعيم وسليمان بن مسلم ابن جماز وعيسى بن وردان وأبو عمرو وعبد الرحمن بن زيد بن اسلم وإسماعيل ويعقوب ابناه - وميمونة ابنته - قال يحيى بن معين كان إمام أهل المدينة في القراءة فسمى القارئ لذلك وكان ثقة قليل الحديث: وقال ابن أبي حاتم سألت أبي عنه فقال صالح الحديث وقال يعقوب بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري كان أبو جعفر إمام الناس بالمدينة وقال ابن مجاهد حدثوني عن الأصمعي عن أبي القرقا قال لم يكن أحداً قرأ للسنة من أبي جعفر وكان يقدم في زمانه على عبد الرحمن بن هرمز الأعرج. وقال مالك كان أبو جعفر رجلا صالحا يقرئ الناس بالمدينة قال الذهبي: قرأت على أبي جعفر وقرأت على أحمد بن يزيد الحلواني عن قالون عن عيسى بن وردان عن أبي جعفر، وأقرأها الزبير بن محمد العمري قراءَه عن قالون بإسناده وأقرأها سليمان بن داود الهاشمي عن سليمان بن مسلم عن ابن جماز عن أبي جعفر وأقرأ بها الدوري عن إسماعيل بن جعفر عن أو عن أبي جعفر أو عن رجل عن أبي جعفر: قلت. وقال الأستاذ أبو عبد الله القصاع قراءته قراءة أبي جعفر من روايتي نافع عنه في كتابه المغني وروينا قرأته عنه في كتابه الكامل لأبي القاسم الهذلي وكذلك أقرأ بها أبو عبد الرحمن قتيبة ابن مهران وقرأ بها على إسماعيل بن جعفر وصحت عندنا من طريقه والعجب من يطعن في هذه القراءة أو يجعلها من الشواذ وهي لم تكن شاذة بل متواترة كغيرها من السبع كما بيناه في كتابنا المنجد - وقال سبط الخياط وروى عنه ابن جماز أنه كان يصوم يوماً ويفطر يوماً وهو صوم داود عليه السلام واستمر على ذلك مدة من الزمن - فقال له بعض أصحابه في ذلك فقال إنما فعلت ذلك أروض به نفسي لعبادة الله تعالى - وقرأت بخط الأستاذ أبي عبد الله القصاع أنه كان يصلي في جوف الليل أربع ركعات يقرأ في ركعة بالفاتحة وسورة من طوال المفصل ويدعو فيها لنفسه والمسلمين ولكل من قرأ عليه وقرأ بقراءته بعده وقبله - وقال سليمان بن مسلم شهدت أبا جعفر وقد حضرته الوفاة جاءه أبو حازم الأعرج في مشيخة من جلساته فأكب عليه ومن معه فلم يجبهم فقال شيبة وكان ختنه على ابنة أبي جعفر ألا أريكم عجباً قالوا بلى: فكشف عن صدره فإذا فيه دوارة بيضاء مثل اللبن فقال أبو حازم وأصحابه هذا والله نور القرآن. أخبرنا عمر بن الحسن بقراءته عن علي بن أحمد عن زيد ابن الحسن أنبأنا أبو نوبة أنبأنا ابن هزار أنبأنا عمر الكناني أنبأنا ابن مجاهد حدثني محمد ابن منصور المدني حدثني محمد ابن إسحاق حدثني أبي عن نافع قال لما غسل أبو جعفر بعد وفاته نظروا ما بين نحره إلى فؤاده مثل ورقة المصحف قال فما شك أحد ممن حضر أنه نور القرآن.

مات رضي الله عنه بالمدينة سنة ثلاثين ومائة وقيل اثنين وثلاثين وقيل ست وعشرين أو سبع وعشرين أو ثمان وعشرين وأبعد الهذلي في كامله حيث قال سنة عشرة - قرأه على أحمد بن محمد بن خضر التركي أحمد بن نعمة عن الأنجب بن أبي السعادات أنبأنا ابن مقرب أنبأنا أبو طاهر بن موار أنبأنا ابن الخطاب البزاز أنبأنا أبو فرج النهرواني أنبأنا أبو بكر النقاش حدثنا عبد الله ابن سليمان حدثني أبو الربيع حدثني ابن وهب حدثني زيد عن سليمان بن أبي سليمان العمري قال: رأيت أبا جعفر في المنام على الكعبة فقلت أبا جعفر فقال نعم: أقرئ إخواني السلام وأخبرهم إن الله جعلني من الهداة الأحياء المرزوقين واقرئ أبا حازم السلام وقل له يقول لك أبو جعفر الكيسي فإن الله وملائكته يتراؤون مجلسك بالعشيات: ووجدت بخط أبي عبد الله محمد بن إسرائيل القصاع أن أبا جعفر رئى في المنام بعد وفاته على صومعة حسنة فقال للذي رآه بشر أصحابي وكل من قرأ قراءتي أن الله قد غفر لهم وأجاب فيهم دعوتي ومرهم أن يصلوا هذه الركعات في جوف الليل كيف استطاعوا.

الراوي الأول عن أبي جعفر:
هو عبد الله بن فليح ابو محمد المدني. روى القراءة عرضا عن قالون عن ابن وردان عن ابي جعفر وروى القراءة عنه ابنه محمد.

الراوي الثاني عن أبي جعفر:
هو سليمان بن مسلم بن حجازي وقيل سليمان سالم بن جمازي بالجيم والزاي مع تشديد الميم الربيع الزهري مولاهم المدني مقرئ جليل ضابط عرض على أبي جعفر وشيبة ثم عرض على نافع واقرأ بحرف أبي جعفر ونافع عرض علي إسماعيل بن جعفر وكثيبة بن مهران.

مات بعد السبعين ومائة فيما أحسب.

المصدر: مجلة كنوز الفرقان؛ العددان: (الخامس والسادس)؛ السنة: (الخامسة)، جمادى الأولى والآخرة 1372 هـ