|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
إفشاء السلام
إفشاء السلام الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز الدهيشي الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق وجعل شريعته ناسخة لما قبلها من الشرائع وتعبد بها جميع الخلق، أحمده سبحانه وأشكره وأستغفره وأتوب إليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وألوهيته وما له من صفات الكمال وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وسلم.. أما بعد: فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى والتمسك بسنة الصطفى - صلى الله عليه وسلم - فإنه ما ترك خيرًا إلا دل أمته عليه ولا شرًا إلا حذرها منه، والله تعالى أمركم أن تأخذوا ما جاء به - صلى الله عليه وسلم - وتنتهوا عما نهاكم عنه، قال جل ذكره: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7]، وقال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب: 21] وصح عن أبي ذر - رضي الله عنه - أنه قال "رأيته يأمر بمكارم الأخلاق" وذلك في بيان قصة إسلامه[1]، وسئلت عائشة - رضي الله عنها - عن خلقه - صلى الله عليه وسلم - فقالت: "كان خلقه القرآن"[2]، معنى ذلك أنه تعاليم القرآن كما أمره الله في جميع شئون حياته في أقواله وأفعاله في بيعه وشرائه في نومه ويقظته، وكان - صلى الله عليه وسلم - هينًا لينًا هاديًا مهديًا معلمًا ومرشدًا ودليلًا إلى طريق السعادة في الدنيا والآخرة، وكان حريصًا على هداية الناس وإنقاذهم من ظلمات الجهل إلى نور العلم، ومن خيلاء الكبر والعصبية إلى مرونة الأخلاق والتواضع كما وصفه الله تعالى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128]، أرسله الله رحمة لهذه الأمة: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]، فعلينا معشر المسلمين أن نتمسك بهديه - صلى الله عليه وسلم - في جميع شئون حياتنا لما وصفه الله به، إنه حريص على هدايتنا رؤوف بنا رحيم لنا وبنا، فعليه أفضل الصلاة والسلام، وكان من هديه - صلى الله عليه وسلم - البداءة بالسلام لمن لقيه وعندما يستأذن على أحد في بيته امتثالًا لأمر ربه تبارك وتعالى حيث أمره الله بقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ﴾ [النور: 27] وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول: (أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام)[3]، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: (ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم)[4]، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: (ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا)[5]. وأثنى الله تعالى على عباده الذين إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا، لم يقولوا غيره. والسلام من أسماء الله تعالى، وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول في دبر كل صلاة: (اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام)[6]، وإذا رأى البيت العتيق قال كذلك: (اللهم أنت السلام ومنك السلام حيّنا ربنا بالسلام)[7]، ولما في السلام من الفوائد العظيمة كان يحث عليه ويرغب فيه (لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم)[8] وأمر المسلم أن يرد بأحسن مما حظي به، يقول الله تعالى: ﴿ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ﴾ [النساء: 86]، وصفة السلام أن يقول المسلم (السلام عليكم) ويقول المسلم عليه (وعليكم السلام)، وإن زاد المُسَلِّمُ أو المُسلَّمُ عليه (ورحمة الله وبركاته) فخير وزيادة في الحسنات. ولا يقول أهلًا أو نحوها؛ فإنه لم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في رد السلام غير ذلك، وكان - صلى الله عليه وسلم - يرد السلام على من سلم عليه كائنًا من كان، فإن سلم عليه الكفار أو اليهود يقول: وعليكم، لأنهم يقولون: السَّام عليك يا محمد يريدون الموت مغالطة في السلام وهو - صلى الله عليه وسلم - يعرف ذلك فيهم ولا يزيد على أن يقول: "وعليكم" لحسن خلقه - صلى الله عليه وسلم - وللرد عليهم بمثل ما بدؤوه به، ولا يكفي يا أمة محمد في السلام أن يمر المسلم على من يريد السلام عليه دون تكلم بالسلام، فإن ذلك من فعل اليهود والنصارى وقد حذرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نفعل كفعلهم، يقول - صلى الله عليه وسلم -: (لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع، وتسليم النصارى الإشارة بالأكف)[9]. وكان هديه - صلى الله عليه وسلم - إذا مر بالنساء يقول: السلام عليكم ويشير بيده - صلى الله عليه وسلم - نحوهن لابتعاده عنهن - صلى الله عليه وسلم - وخشية أن لا يسمعن سلامه، وكان يبدأ بالسلام على من عرف ومن لم يعرف، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: (وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف)[10]، أي من المسلمين غير من عرفه كافرًا أو مشركًا أو يهوديًا أو نصرانيًا، وينهى عن بداءة هؤلاء بالسلام ويقول: (إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم)[11]، يعني لا تزيدوا على كلمة وعليكم فإنهم يدعون في سلامهم فردوا عليهم دعاءهم بقولكم: وعليكم. فاتقوا الله عباد الله وحافظوا على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قولًا وعملًا، وقد أخبر - صلى الله عليه وسلم - أنه ما تموت سنة إلا وتخيل مكانها بدعة حتى تموت السنن وتحيا البدع. جعلني الله وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه. والحمد لله رب العالمين. [1] صحيح البخاري ح (3648). [2] مسند الإمام أحمد ح (25855). [3] المستدرك على الصحيحين ح (4283). وقال الحاكم على شرط الصحيحين ولم يخرجاه. [4] صحيح مسلم ح (54). [5] سنن أبي داود ح (5211). [6] صحيح مسلم ح (592). [7] سنن البيهقي الكبرى ح (8997). [8] صحيح مسلم ح (54). [9] سنن الترمذي ح (2695) وقال الترمذي: وإسناده ضعيف. [10] صحيح البخاري (12) ومسلم (39). [11] صحيح البخاري ح (5903) ومسلم (2163).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |