|
|||||||
| ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#3
|
|||
|
|||
|
40-وقال الله مخبرا عن فرعون (قال فمن ربكما يا موسى قال ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى قال فما بال القرون الاولى قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى الذي جعل لكم الارض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لآيات لاولي النهى.منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى) [ طه: 49 - 55 ]. يقول تعالى مخبرا عن فرعون إنه أنكر إثبات الصانع تعالى قائلا (فمن ربكما يا موسى قال ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى) أي هو الذي خلق الخلق وقدر لهم أعمالا وأرزاقا و آجالا * وكتب ذلك عنده في كتابه اللوح المحفوظ ثم هدى كل مخلوق إلى ما قدره له فطابق عمله فيهم على الوجه الذي قدره وعلمه لكمال علمه وقدرته وقدره وهذه الآية كقوله تعالى (سبح اسم ربك الاعلى.الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى) [ الاعلى: 1 - 3 ] أي قدر قدرا وهدى الخلائق إليه .(قال فما بال القرون الاولى) [ طه: 51 ] يقول فرعون لموسى: فإذا كان ربك هو الخالق المقدر الهادي الخلائق لما قدره، وهو بهذه المثابة من أنه لا يستحق العبادة سواه، فلم عبد الاولون غيره وأشركوا به من الكواكب والانداد، ما قد علمت فهلا إهتدى إلى ما ذكرته القرون الاولى (قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى) [ طه: 52 ] أي هم وإن عبدوا غيره فليس ذلك بحجة لك ولا يدل على خلاف ما أقول لانهم جهلة مثلك، كل شئ فعلوه مستطر عليهم في الزبر، من صغير وكبير، وسيجزيهم على ذلك ربي عزوجل ولا يظلم أحدا مثقال ذرة، لان جميع أفعال العباد مكتوبة عنده في كتاب لا يضل عنه شئ ولا ينسى ربي شيئا.ثم ذكر له عظمة الرب وقدرته على خلق الاشياء وجعله الارض مهادا (أي فراشا وقرارا تستقرون عليها.) والسماء سقفا محفوظا وتسخيره السحاب والامطار لرزق العباد ودوابهم وأنعامهم كما قال: (كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لآيات لاولي النهى) [ طه: 54 ] أي لذوي العقول الصحيحة المستقيمة والفطر القويمة غير السقيمة فهو تعالى الخالق الرازق.وكما قال تعالى (يا أيها الناس أعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون.الذي جعل لكم الارض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون) [ البقرة: 21 - 22 ] ولما ذكر أحياء الارض بالمطر واهتزازها بإخراج نباتها فيه نبه به على المعاد فقال (منها) أي من الارض خلقناكم (وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى) كما قال تعالى (كما بدأكم تعودون). 41-قال تعالى (وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الاعلى في السموات والارض وهو العزيز الحكيم) [ الروم: 27 ] ثم قال تعالى (ولقد أريناه آياتنا كلها فكذب وأبى قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى فلنأتينك بسحر مثله فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى.قال موعدكم يوم الزينة وإن يحشر الناس ضحى) [ طه: 56: 58 ]. يخبر تعالى عن شقاء فرعون وكثرة جهله وقلة عقله في تكذيبه بآيات الله واستكباره عن إتباعها وقوله لموسى إن هذا الذي جئت به سحر ونحن نعارضك بمثله ثم طلب من موسى أن يواعده إلى وقت معلوم ومكان معلوم وكان هذا من أكبر مقاصد موسى عليه السلام أن يظهر آيات الله وحججه وبراهينه جهرة بحضرة الناس ولهذا قال (موعدكم يوم الزينة) وكان يوم عيد من أعيادهم ومجتمع لهم (وإن يحشر الناس ضحى) أي من أول النهار في وقت اشتداد ضياء الشمس فيكون الحق أظهر وأجلى ولم يطلب أن يكون ذلك ليلا في ظلام كيما يروج عليهم محالا وباطلا بل طلب أن يكون نهارا جهرة لانه على بصيرة من ربه ويقين أن الله سيظهر كلمته ودينه وإن رغمت أنوف القبط. 42-قال الله تعالى (فتولى فرعون فجمع كيده ثم أتى قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى.قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى فأجمعوا كيدكم ثم أئتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى) [ طه: 60 - 64 ]. يخبر تعالى عن فرعون أنه ذهب فجمع من كان ببلاده من السحرة وكانت بلاد مصر في ذلك الزمان مملوءة سحرة فضلاء، في فنهم غاية، فجمعوا له من كل بلد ومن كل مكان فاجتمع منهم خلق كثير وجم غفير، عن ابن عباس كانوا سبعين رجلا وروى عنه أيضا أنهم كانوا أربعين غلاما من بني إسرائيل أمرهم فرعون أن يذهبوا إلى العرفاء فيتعلموا السحر ولهذا قالوا وما أكرهتنا عليه من السحر وفي هذا نظر. وحضر فرعون وأمراؤه وأهل دولته وأهل بلده عن بكرة أبيهم.وذلك أن فرعون نادى فيهم أن يحضروا هذا الموقف العظيم فخرجوا وهم يقولون (لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين) [ الشعراء: 40 ] .وتقدم موسى عليه السلام إلى السحرة فوعظهم وزجرهم عن تعاطي السحر الباطل الذي فيه معارضة لآيات الله وحججه فقال (ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى فتنازعوا أمرهم بينهم) [ طه: 61 - 62 ] قيل معناه: أنهم : تشاوروا فيما بينهم، فقائل يقول: هذا كلام نبي وليس بساحر، وقائل منهم يقول: بل هو ساحر فالله أعلم * وأسروا التناجي بهذا وغيره (قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما) [ طه: 63 ] يقولون إن هذا وأخاه هرون ساحران عليمان مطبقان متقنان لهذه الصناعة ومرادهم أن يجتمع الناس عليهما ويصولا على الملك وحاشيته ويستأصلاكم عن آخركم ويستأمرا عليكم بهذه الصناعة (فأجمعوا كيدكم ثم اتوا صفا وقد أفلح اليوم من أستعلى) * وإنما قالوا الكلام الاول ليتدبروا ويتواصوا ويأتوا بجميع ما عندهم من المكيدة والمكر والخديعة والسحر والبهتان.وهيهات كذبت والله الظنون واخطأت الآراء.أنى يعارض البهتان.والسحر والهذيان.خوارق العادات التي أجراها الديان.على يدي عبده الكليم.ورسوله الكريم المؤيد بالبرهان الذي يبهر الابصار وتحار فيه العقول والاذهان وقولهم (فأجمعوا كيدكم) أي جميع (أي جميع ما عندكم من كيد وحيلة واعزموا وجدوا واحكموا أمركم) ما عندكم (ثم اتوا صفا) أي جملة واحدة ثم حضوا بعضهم بعضا على التقدم في هذا المقام لان فرعون كان قد وعدهم ومناهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا 43-(قالوا يا موسى إما أن تلقى وإما أن نكون أول من ألقى قال بل القوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى فأوجس في نفسه خيفة موسى.قلنا لا تخف إنك أنت الاعلى وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى) [ طه 65 - 69 ]. لما اصطف السحرة، ووقف موسى وهرون عليهما السلام تجاههم قالوا له: إما أن تلقي قبلنا (في قولهم (إما أن تلقي) فيه أدب تجاه موسى وكان ذلك إشارة إلى - قرب إيمانهم - وأحد أسبابه)، وإما أن نلقي قبلك (قال بل القوا) أنتم وكانوا قد عمدوا إلى حبال يخيل للرائي أنها تسعى باختيارها * فعند ذلك سحروا أعين الناس واسترهبوهم وألقوا حبالهم وعصيهم وهم يقولون (بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون) [ الشعراء: 44 ]. قال الله تعالى (فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاؤا بسحر عظيم) [ الاعراف: 116 ]. 44-وقال تعالى (فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى.فأوجس في نفسه خيفة موسى)أي خاف على الناس أن يفتتنوا بسحرهم ومحالهم قبل أن يلقي ما في يده فإنه لا يضع شيئا قبل أن يؤمر فأوحى الله إليه في الساعة الراهنة (لا تخف إنك أنت الاعلى وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيت أتى) فعند ذلك ألقى موسى عصاه وقال (ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون) [ يونس: 81 - 82 ] وقال تعالى: (وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون * فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين.وألقي السحرة ساجدين.قالوا آمنا برب العالمين.رب موسى وهرون) [ الاعراف: 117 - 122 ]. وذلك أن موسى عليه السلام لما ألقاها صارت حية عظيمة ذات قوائم، فيما ذكره غير واحد من علماء السلف، وعنق عظيم وشكل هائل مزعج بحيث إن الناس انحازوا منها وهربوا سراعا وتأخروا عن مكانها وأقبلت هي على ما ألقوه من الحبال والعصي فجعلت تلقفه واحدا واحدا في أسرع ما يكون من الحركة والناس ينظرون إليها ويتعجبون منها. وأما السحرة فإنهم رأوا ما هالهم وحيرهم في أمرهم واطلعوا على أمر لم يكن في خلدهم ولا بالهم ولا يدخل تحت صناعاتهم وأشغالهم.فعند ذلك وهنالك تحققوا بما عندهم من العلم أن هذا ليس بسحر ولا شعوذة ولا محال ولا خيال ولا زور ولا بهتان ولا ضلال بل حق لا يقدر عليه إلا الحق الذي ابتعث هذا المؤيد به بالحق وكشف الله عن قلوبهم غشاوة الغفلة، وأنارها بما خلق فيها من الهدى وأزاح عنها القسوة، وأنابوا إلى ربهم وخروا له ساجدين، -وقالوا جهرة للحاضرين ولم يخشوا عقوبة ولا بلوى (آمنا برب موسى وهرون) 45-كما قال تعالى (فألقى السحرة سجدا قالوا آمنا برب هرون وموسى قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلاقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولاصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى .قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى.ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى.جنات عدن تجري من تحتها الانهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى): [ طه: 70 - 76 ]. قال سعيد بن جبير وعكرمة وغيرهم لما سجد السحرة رأوا منازلهم وقصورهم في الجنة تهيأ لهم وتزخرف لقدومهم ولهذا لم يلتفتوا إلى تهويل فرعون وتهديده ووعيده.وذلك لان فرعون لما رأى هؤلاء السحرة قد أسلموا واشهروا ذكر موسى وهرون في الناس على هذه الصفة الجميلة، أفزعه ذلك، ورأى أمرا بهره، وأعمى بصيرته وبصره، وكان فيه كيد ومكر وخداع، وصنعة بليغة في الصد عن سبيل الله، فقال مخاطبا للسحرة بحضرة الناس: (آمنتم له قبل أن آذن لكم) [ الاعراف: 123 ] أي هلا شاورتموني فيما صنعتم من الامر الفظيع بحضرة رعيتي ثم تهدد وتوعد وأبرق وأرعد وكذب فأبعد قائلا (إنه لكبيركم الذي علمكم السحر) وقال في الآية الاخرى (إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون) [ الاعراف: 123 ]. وهذا الذي قاله من البهتان [ الذي ] يعلم كل فرد عاقل ما فيه من الكفر والكذب والهذيان بل لا يروج مثله على الصبيان فإن الناس كلهم من أهل دولته وغيرهم يعلمون أن موسى لم يره هؤلاء يوما من الدهر فكيف يكون كبيرهم الذي علمهم السحر * ثم هو لم يجمعهم ولا علم بإجتماعهم حتى كان فرعون هو الذي إستدعاهم واجتباهم من كل فج عميق وواد سحيق ومن حواضر بلاد مصر والاطراف ومن المدن والارياف. 46-قال الله تعالى في سورة الاعراف (ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملائه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين.وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين.حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرائيل قال إن كنت جئت بآية فات بها إن كنت من الصادقين فألقى. عصاه فإذا هي ثعبان مبين.ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين.قال الملا من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم.يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون.قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين.يأتوك بكل ساحر عليم وجاء السحرة فرعون قالوا إن لنا لاجرا إن كنا نحن الغالبين قال نعم وإنكم لمن المقربين قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين.قال القوا فلما ألقوا سحروا أعين الناس وأسترهبوهم وجاؤا بسحر عظيم وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون.فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين.وألقى السحرة ساجدين قالوا آمنا برب العالمين.رب موسى وهرون قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون.لاقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لاصلبنكم أجمعين.قالوا إنا إلى ربنا منقلبون.وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين) [ الاعراف: 103 - 126 ]. وقال تعالى في سورة يونس (ثم بعثنا من بعدهم موسى وهرون إلى فرعون وملائه بآياتنا فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين.فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا إن هذا لسحر مبين.قال موسى أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا ولا يفلح الساحرون.قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الارض وما نحن لكما بمؤمنين.وقال فرعون إئتوني بكل ساحر عليم.فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين.ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون) [ يونس: 75 - 82 ] وقال تعالى في سورة الشعراء (قال لئن اتخذت إلها غيري لاجعلنك من المسجونين.قال أو لو جئتك بشئ مبين.قال فأت به إن كنت من الصادقين.فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين.ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين قال للملا حوله إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون.قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم.فجمع السحرة لميقات يوم معلوم.وقيل للناس هل أنتم مجتمعون.لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين.فلما جاء السحرة قالوا لفرعون إن لنا لاجرا ان كنا نحن الغالبين * قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون.فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون . فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون.فالقى السحرة ساجدين قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهرون * قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلسوف تعلمون.لاقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولاصلبنكم أجمعين.قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين).[ الشعراء: 19 - 51 ]. والمقصود أن فرعون كذب وافترى وكفر غاية الكفر في قوله (إنه لكبيركم الذي علمكم السحر) وأتي ببهتان يعلمه العالمون بل العالمون في قوله (إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون) [ الاعراف: 123 ] وقوله (لاقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف) يعني يقطع اليد اليمني والرجل اليسرى وعكسه (ولاصلبنكم أجمعين) أي ليجعلهم مثلة ونكالا لئلا يقتدي بهم أحد من رعيته وأهل ملته ولهذا قال (ولاصلبنكم في جذوع النخل) أي على جذوع النخل لانها أعلى وأشهر (ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى) يعني في الدنيا (قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات) أي لن نطيعك ونترك ما وقر في قلوبنا من البينات والدلائل القاطعات (والذي فرطنا) وقيل قسم (فاقض ما أنت قاض) أي فافعل ما قدرت عليه (إنما تقضي هذه الحياة الدنيا) أي إنما حكمك علينا في هذه الحياة الدنيا فإذا أنتقلنا منها إلى الدار الآخرة صرنا إلى حكم الذي أسلمنا له واتبعنا رسله (إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى) أي وثوابه خير مما وعدتنا به من الترهيب والترغيب وأبقى أي وأدوم من هذه الدار الفانية وفي الآية الاخرى (قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا) [ الشعراء: 50 - 51 ] أي (: أي الشرك الذي كانوا عليه ) ما جترمناه من المآثم والمحارم (أن كنا أول المؤمنين) أي من القبط، بموسى وهرون عليهما لسلام * وقالوا له أيضا (وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا) أي ليس لنا عندك ذنب إلا إيماننا بما جاءنا به رسولنا، وإتباعنا آيات ربنا لما جاءتنا (ربنا أفرغ علينا صبرا) أي ثبتنا على ما أبتلينا به من عقوبة هذا الجبار العنيد والسلطان الشديد بل الشيطان المريد (وتوفنا مسلمين) وقالوا أيضا يعظونه ويخوفونه بأس ربه العظيم (إنه من يأت ربه مجرما (المراد به المشرك) فان له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى) يقولون له فإياك أن تكون منهم فكان منهم (ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى) أي المنازل العالية (جنات عدن تجري من تحتها الانهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى) فاحرص أن تكون منهم فحالت بينه وبين ذلك الاقدار التي لا تغالب ولا تمانع وحكم العلي العظيم بأن فرعون لعنه الله من أهل الجحيم ليباشر العذاب الاليم يصب من فوق رأسه الحميم * ويقال له على وجه التقريع والتوبيخ وهو المقبوح المنبوح والذميم اللئيم ( ذق إنك أنت العزيز الكريم) [ الدخان: 49 ].والظاهر من هذه السياقات أن فرعون لعنه الله صلبهم وعذبهم رضي الله عنهم. قال عبد الله بن عباس كانوا من أول النهار سحرة صاروا من آخره شهداء بررة * ويؤيد هذا قولهم (ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين). 47-ولما وقع ما وقع من الامر العظيم وهو الغلب الذي غلبته القبط في ذلك الموقف الهائل وأسلم السحرة الذين استنصروا ربهم لم يزدهم ذلك إلا كفرا وعنادا وبعدا عن الحق.قال الله تعالى بعد قصص ما تقدم في سورة الاعراف: (وقال الملا من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الارض ويذرك وآلهتك.قال سنقتل أبناءهم ونستحيى نساءهم وإنا فوقهم قاهرون.قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا ان الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا.قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الارض فينظر كيف تعلمون) [ الاعراف: 127 - 129 ]. يخبر تعالى عن الملا من قوم فرعون وهم الامراء والكبراء أنهم حرضوا ملكهم فرعون على أذية نبي الله موسى عليه السلام ومقابلته بدل التصديق بما جاء به بالكفر والرد والاذى قالوا (أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الارض ويذرك وآلهتك) يعنون - قبحهم الله - أن دعوته إلى عبادة الله وحده لا شريك له والنهي عن عبادة ما سواه فساد بالنسبة إلى إعتقاد القبط لعنهم الله.وقرأ بعضهم (ويذرك وآلهتك) أي وعبادتك ويحتمل شيئين أحدهما ويذر دينك وتقويه القراءة الاخرى.الثاني ويذر أن يعبدك فإنه كان يزعم أنه إله لعنه الله (قال سنقتل أبناءهم ونستحي نساءهم) أي لئلا يكثر مقاتلتهم (وإنا فوقهم قاهرون) أي غالبون (وقال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين) أي إذا هموا هم بأذيتكم والفتك بكم فاستعينوا أنتم بربكم واصبروا على بليتكم (إن الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة لمتقين) أي فكونوا أنتم المتقين لتكون لكم العاقبة كما قال في الآية الاخرى (وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين.فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين.ونجنا برحمتك من القوم الكافرين) [ يونس: 84 - 86 ] |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |