فَضْلُ الْوَقْفِ وَأَثَرُهُ فِي بِنَاءِ الْمُجْتَمَعِ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         ما هي أبرز أسباب تأخر النطق عند الأطفال؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          أعشاب تدر الحليب: تعرف عليها! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          أطعمة خالية من اللاكتوز: قائمة بأفضلها! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          علاج هشاشة العظام بالأكل: هل هو ممكن؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          علاج التجشؤ بالأعشاب: 7 أعشاب فعالة ومجربة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          حمية dna: خطوة نحو تغذية مخصصة لصحتك! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          كيف يتم علاج سوء التغذية؟ دليلك الشامل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          دليلك للأكل الصحي عند الإصابة بالتسمم الغذائي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          7 أطعمة تسبب الغازات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          علاج العصبية: كيف تتحكم بانفعالاتك بعقلانية وهدوء؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-03-2025, 10:21 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,040
الدولة : Egypt
افتراضي فَضْلُ الْوَقْفِ وَأَثَرُهُ فِي بِنَاءِ الْمُجْتَمَعِ

خطبة وزارة الأوقاف – فَضْلُ الْوَقْفِ وَأَثَرُهُ فِي بِنَاءِ الْمُجْتَمَعِ


  • عَرَف الصَّحَابَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فِقْهَ الصَّدَقَةِ وَالْإِحْسَانِ فَوَقَفُوا كَثِيرًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ طَلَبًا لِلْمَغْفِرَةِ وَالرِّضْوَان
  • عَرَفَتِ الْكُوَيْتُ الْوَقْفَ مُنْذُ نَشْأَتِهَا ما يَعْكِسُ التَّكَافُلَ الِاجْتِمَاعِيَّ النَّبِيلَ الَّذِي جُبِلَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْكُوَيْتِ فَكَانَ بِنَاءُ الْمَسَاجِدِ وَتَسْبِيلُ الْمِيَاهِ وَمَدَارِسُ تَحْفِيظِ الْقُرْآنِ وَكَفَالَةُ الْفُقَرَاءِ
جاءت خطبة الجمعة لوزارة الشؤون الإسلامية لهذا الأسبوع 14 من رمضان 1446 هـ - الموافق 14 من مارس2025م، بعنوان: (فَضْلُ الْوَقْفِ وَأَثَرُهُ فِي بِنَاءِ الْمُجْتَمَعِ)، أكدت فيها أن ثَمَّةَ أَمْرٌ لَا يَطْرُقُ بَابَهُ إِلَّا الْمُوَفَّقُونَ، وَلَا يَلِجُ أَسْوَارَهُ إِلَّا الْمُلْهَمُونَ، أَمْرٌ لَا يُدْرِكُ كُنْهَهُ إِلَّا مَنْ أَنَارَ اللهُ بَصِيرَتَهُ وَأَلْهَمَهُ رُشْدَهُ وَهَدَاهُ، أَمْرٌ يَجْنِي الْإِنْسَانُ مِنْهُ الْمَتَاجِرَ وَالْأَرْبَاحَ، وَيَنْهَالُ الثَّوَابُ عَلَيْهِ فِي الغُدُوِّ وَالرَّوَاحِ، فَلَنْ يَنْقَطِعَ عَنْهُ عَمَلُهُ بِذَهَابِ شَخْصِهِ، بِلْ إِنَّ الْأَجْرَ جَارٍ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي قَبْرِهِ.
عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه - يَقُولُ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ - رضي الله عنه - أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} (آل عمران:٩٢ ) قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءُ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ» فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ)، وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ أَمَرَ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، وَقَالَ: «يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا» قَالُوا: لَا وَاللَّهِ لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ)، فَهَنِيئًا لِبَنِي النَّجَّارِ ذَلِكَ الْأَجْرُ وَالثَّوَابُ الَّذِي يَجْرِي لَهُمْ بَعْدَ مَمَاتِهِمْ مِنْ بَرَكَاتِ أَحْبَاسِهِمْ وَأَوْقَافِهِمْ، فَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ وَتَالٍ لِلْقُرْآنِ وَعَابِدٍ وَعَاكِفٍ مُنْذُ ذَاكَ الزَّمَانِ!! أُجُورٌ يَعْجِزُ الْإِنْسَانُ عَنْ وَصْفِهَا، وَحَسَنَاتٌ لَا يُمْكِنُ عَدُّهَا وَحَصْرُهَا، وَذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ.
تَحْقِيق مَصَالِحِ الْعِبَادِ
إِنَّ الشَّرِيعَةَ الْإِسْلَامِيَّةَ إِنَّمَا جَاءَتْ لِتَحْقِيقِ مَصَالِحِ الْعِبَادِ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، وَمِنَ الْمَصَالِحِ الَّتِي جَاءَتِ الشَّرِيعَةُ بِهَا: مَبْدَأُ التَّكَافُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ، وَمِمَّا يَتَحَقَّقُ بِهِ هَذَا الْمَبْدَأُ وَيُعَزِّزُهُ: الْوَقْفُ الَّذِي يَسُدُّ الِاحْتِيَاجَاتِ، وَيُعْطِي الْأَمَلَ لِلْمُحْتَاجِ، وَيَرْفَعُ الْمُجْتَمَعَ مِنْ وَهْدَةِ السُّقُوطِ فِي مَسَاوِئِ الْأَخْلَاقِ وَالْأَعْمَالِ، وَيَنْهَضُ بِهِ بِرُوحِ التَّعَاوُنِ وَالتَّكَاتُفِ وَالْأُلْفَةِ وَالتَّعَاضُدِ؛ وَيَنْزِعُ مَا كَمَنَ فِي الصُّدُورِ مِنَ الْأَحْقَادِ، فَالْوَقْفُ يُقَدِّمُ مَنْظُومَةً تَكَافُلِيَّةً وَيَسْمُو بِالْمُجْتَمَعَاتِ الْإِسْلَامِيَّةِ؛ وَلِهَذَا جَاءَتِ الشَّرِيعَةُ بِالْحَثِّ عَلَيْهِ وَالدَّعْوَةِ إِلَيْهِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ). وَإِنَّمَا أَجْرَى عَلَى هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ الثَّوَابَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ، لِوُجُودِ ثَمَرَةِ أَعْمَالِهِمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ كَمَا كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي حَيَاتِهِمْ، وَحَمَلَ الْعُلَمَاءُ الصَّدَقَةَ الْجَارِيَةَ الْوَارِدَةَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهَا الْوَقْفُ، قَالَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: «وَفِيهِ دَلِيلٌ لِصِحَّةِ أَصْلِ الْوَقْفِ وَعَظِيمِ ثَوَابِهِ».
فِقْه الصَّدَقَةِ وَالْإِحْسَانِ
إِنَّ الصَّحَابَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- عَرَفُوا فِقْهَ الصَّدَقَةِ وَالْإِحْسَانِ فَوَقَفُوا كَثِيرًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ طَلَبًا لِلْمَغْفِرَةِ وَالرِّضْوَانِ؛ فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَصَابَ أَرْضًا بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُ بِهِ؟ قَالَ: «إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا» قَالَ: فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ، أَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ، وَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الْفُقَرَاءِ. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ). قَالَ ابْنُ حَجَرٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: «حَدِيثُ عُمَرَ هَذَا أَصْلٌ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْوَقْفِ». وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ - وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحِ - عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ حَزْنٍ الْقُشَيْرِيِّ -رَحِمَهُ اللهُ- قَالَ: «شَهِدْتُ الدَّارَ حِينَ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ عُثْمَانُ فَقَالَ: ائْتُونِي بِصَاحِبَيْكُمُ اللَّذَيْنِ أَلَّبَاكُمْ عَلَيَّ. قَالَ: فَجِيءَ بِهِمَا فَكَأَنَّهُمَا جَمَلَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا حِمَارَانِ، قَالَ: فَأَشْرَفَ عَلَيْهِمْ عُثْمَانُ، فَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ وَالْإِسْلَامِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ يُسْتَعْذَبُ غَيْرَ بِئْرِ رُومَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ يَشْتَرِي بِئْرَ رُومَةَ فَيَجْعَلَ دَلْوَهُ مَعَ دِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ بِخَيْرٍ لَهُ مِنْهَا فِي الْجَنَّةِ»؟ فَاشْتَرَيْتُهَا مِنْ صُلْبِ مَالِي فَأَنْتُمُ الْيَوْمَ تَمْنَعُونِي أَنْ أَشْرَبَ مِنْهَا حَتَّى أَشْرَبَ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ. قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ. فَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ وَالْإِسْلَامِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الْمَسْجِدَ ضَاقَ بِأَهْلِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ يَشْتَرِي بُقْعَةَ آلِ فُلَانٍ فَيَزِيدَهَا فِي الْمَسْجِدِ بِخَيْرٍ لَهُ مِنْهَا فِي الْجَنَّةِ؟ فَاشْتَرَيْتُهَا مِنْ صُلْبِ مَالِي فَأَنْتُمُ الْيَوْمَ تَمْنَعُونِي أَنْ أُصَلِّيَ فِيهَا رَكْعَتَيْنِ«؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ، نَعَمْ، قَالَ جَابِرٌ - رضي الله عنه -: «لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ذُو مَقْدِرَةٍ إِلَّا وَقَفَ».
صُوَر الْوَقْفَ وَأَشْكَاله
إِنَّ الْوَقْفَ لَهُ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ وَأَشْكَالٌ عَدِيدَةٌ، مِنْهَا: بِنَاءُ الْمَسَاجِدِ، وَوَقْفُ مَدَارِسَ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَطِبَاعَةُ الْمُصْحَفِ وَكُتُبِ الْعِلْمِ، وَبِنَاءُ مَرَاكِزَ لِدُورِ الْأَيْتَامِ، وَالْوَقْفُ عَلَى تَفْرِيجِ كُرَبِ الْمُعْسِرِينَ وَالْمَعُوزِينَ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْغَارِمِينَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْوَقْفُ فِي الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ كَبِنَاءِ الْمُسْتَشْفَيَاتِ وَالصَّيْدَلِيَّاتِ الْوَقْفِيَّةِ الْخَيْرِيَّةِ، كَمَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِي مَجَالِ الْإِعْلَامِ الْهَادِفِ وَالدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ بِإِنْشَاءِ الْبَرَامِجِ وَالْقَنَوَاتِ وَغَيْرُهَا كَثِيرٌ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ، يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ» (رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ).
صَفَحَة تَجَلَّلَتْ بِالرَّوْعَةِ وَالْبَهَاء
مَتَى تَأَمَّلَ الْمُسْلِمُ صُوَرَ الْوَقْفِ فِي تَارِيخِنَا الْإِسْلَامِيِّ الْمَجِيدِ وَجَدَ صَفَحَةً تَجَلَّلَتْ بِالرَّوْعَةِ وَالْبَهَاءِ وَتَجَمَّلَتْ بِالنَّضْرَةِ وَالسَّنَاءِ، فَمَا زَالَ الْوَقْفُ فِي نُمُوٍّ وَازْدِهَارٍ بَعْدَ الْعَصْرِ النَّبَوِيِّ حَتَّى الْخِلَافَةِ الرَّاشِدَةِ، فَكَثُرَ الْوَقْفُ عَلَى الدُّورِ وَالْمَسَاجِدِ، وَحُبِسَ الْمَالُ وَالدَّوَابُّ وَالسِّلَاحُ فِي الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَفِي الْعَهْدِ الْأُمَوِيِّ كَثُرَتِ الْأَمْوَالُ الَّتِي تُجْبَى مِنَ الْفُتُوحَاتِ الْإِسْلَامِيَّةِ، فَأَخَذَ الْوَقْفُ طَابَعًا آخَرَ فَلَمْ يَعُدْ قَاصِرًا عَلَى جِهَاتِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، بَلْ تَعَدَّى ذَلِكَ إِلَى بِنَاءِ دُورِ الْعِلْمِ وَالْإِنْفَاقِ عَلَى طُلَّابِ الْعِلْمِ، وَفِي الْعَصْرِ الْعَبَّاسِيِّ أَخَذَ الْوَقْفُ يَسِيرُ عَلَى خُطًى ثَابِتَةٍ وَقَدَمٍ رَاسِخَةٍ فِي تَأْسِيسِ الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ وَوَفْرَةِ الْكِتَابِ وَالْمَكْتَبَاتِ، بَلْ قَدْ نَشَأَتِ الْمَصَحَّاتُ الَّتِي تُعَالِجُ الْمَرْضَى بِالْمَجَّانِ؛ قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: «ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، فِيهَا كَمُلَ بِنَاءُ الْمَدْرَسَةِ الْمُسْتَنْصِرِيَّةِ بِبَغْدَادَ وَلَمْ يُبْنَ مَدْرَسَةٌ قَبْلَهَا مِثْلُهَا، وَوُقِفَتْ عَلَى الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ اثْنَانِ وَسِتُّونَ فَقِيهًا، وَأَرْبَعَةُ مُعِيدِينَ، وَمُدَرِّسٌ لِكُلِّ مَذْهَبٍ، وَشَيْخُ حَدِيثٍ وَقَارِئَانِ وَعَشَرَةُ مُسْتَمِعِينَ، وَشَيْخُ طِبٍّ، وَعَشَرَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَشْتَغِلُونَ بِعِلْمِ الطِّبِّ، وَمَكْتَبٌ لِلْأَيْتَامِ وَقُرِّرَ لِلْجَمِيعِ مِنَ الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَالْحَلْوَى وَالنَّفَقَةِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَافِرَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ». وَفِي عَهْدِ الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ بَلَغَتِ الْأَوْقَافُ أَوْجَ ازْدِهَارِهَا وَقِمَّةَ عَطَائِهَا، مِنْ حَيْثُ حُسْنُ التَّنْظِيمِ وَجَوْدَةِ الْإِدَارَةِ وَسَعَةُ الِانْتِشَارِ، وَفِي الْعَصْرِ الْحَدِيثِ شَهِدَ الْوَقْفُ اهْتِمَامًا مُتَزَايِدًا، وَتَطَوُّرًا هَائِلًا، وَكَمَا أَنَّ الْعَالَمَ تَطَوَّرَ صِنَاعِيًّا فَالْأَوْقَافُ قَدْ تَطَوَّرَتِ اقْتِصَادِيًّا وَاجْتِمَاعِيًّا، مُوَاكِبَةً لِهَذِهِ النَّهْضَةِ الَّتِي عَمَّتِ الْعَالَمَ أَجْمَعَ.
ريادة الكويت في الوقف
إِنَّ دَوْلَتَنَا -الْكُوَيْتُ- قَدْ عَرَفَتِ الْوَقْفَ مُنْذُ نَشْأَتِهَا، مِمَّا يَعْكِسُ التَّكَافُلَ الِاجْتِمَاعِيَّ النَّبِيلَ الَّذِي جُبِلَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْكُوَيْتِ، فَكَانَ بِنَاءُ الْمَسَاجِدِ وَتَسْبِيلُ الْمِيَاهِ، وَمَدَارِسُ تَحْفِيظِ الْقُرْآنِ، وَكَفَالَةُ الْفُقَرَاءِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ مَجَالَاتِ الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ، عَلَى الرَّغْمِ مِنْ شَظَفِ الْعَيْشِ وَقَسْوَةِ الْحَيَاةِ، فَقَدْ كَانَ أَهْلُهَا سَبَّاقِينَ إِلَى فِعْلِ الْخَيْرَاتِ مَقْتَفِينَ أَسْلَافَهُمُ الْأَوَّلِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ؛ فَعَنْ أَبِي مُوسَى - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ)، وَلَا زَالَ الْوَقْفُ يَتَوَسَّعُ حَتَّى اصْطَبَغَ بِصِبْغَةٍ رَسْمِيَّةٍ وَخَرَجَ بِجِهَازٍ حُكُومِيٍّ يَتَمَتَّعُ بِالسِّيَادَةِ وَالِاسْتِقْلَالِيَّةِ، فَكَانَتِ الْأَمَانَةُ الْعَامَّةُ لِلْأَوْقَافِ الَّتِي تُعَدُّ مَعْلَمًا شَامِخًا وَصَرْحًا مُنِيفًا بَاسِقًا، فَقَدْ كَانَتْ وَلَا زَالَتْ قِبْلَةً لِلْمُؤَسَّسَاتِ الْوَقْفِيَّةِ، وَمَقْصِدًا لِلدُّوَلِ الْإِسْلَامِيَّةِ.


اعداد: المحرر الشرعي





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.66 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 54.03 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (2.93%)]