|
ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() نبتة الصّعتر ![]() ...انها الليلة الثالثة،((وبسمة)) لا يغمض لها جفن .. متمددة كلوح من خشب ، و شاخصة الى سقفغرفتها ..و حتى الآن ، لم تعثر على ما يخفف من حزنها الكبير على ابيها الذي استشهد في معركة الشرف ،و تركها وحيدة! كم كانت،و اباها، متعلقا واحدهما بالآخر !هو الذي سماها ((بسمة))، بعد ان فقد زوجته إثر ولادتها. ..و لما كبرت ،اصبحت ، فعلا، لأبيها ،مصدر عزاء و فرح ،كما تمنى لها ان تكون.. خلال سنوات الحرب التي مزقت وطنها الصغير، اعتادت بسمة ان تستقبل اباها المتطوع في المقاومة الوطنية، و تستمع الى اخباره المثيرة حول العمليات التي خرج منها دائما مظفرا، و انزل برجال العدو الخسائر الجسام .. و احيانا، كان يذكر بغصة ، نبا رفيق له استشهد .. اما هو، ابوها، فكان دائما ينحو .. حتى ان الصغيرة باتت على مثل اليقين، بان الموت لا يجسر على ابيها .. فهو قوي وشجاع .. ثم انه ابوها، و ليس لها سواه في هذه القرية .. و في العالم بطوله و عرضه ..و من غير المعقول ان يستشهد!. هكذا كانت بسمة تفكر ، و تروح تجتر افكارها ، ساعة تلو ساعة .. لكن منطق الصغار لا يتعادل مع واقع الحياة، و مع ما يحمل ذلك الواقع من قهر و الم ! فكيف للطفلة القبول بهذا الامر المفجع الذي نزل على راسها كالساعقة؟ كانت جنازة ابيها اشبه بالعرس، لفرط ما اشتهر به من شجاعة و نخوة .. و رجولة، و هي صفاة عالية عاشتها بسمة معه، يوما بعد يوم، و سنة بعد سنة، حتى غدت خبزها اليومي كل شىءتحسبت له .. الا ان تفقده !. وكردّ فعل لهذه الصدمة القاسية، آثرت بسمة الانغلاق على نفسها،كحلزونة في البحر، معتذرة للجيران الذين عرضوا عليها المساعدة بقولها: _ اشكركم .. انما ارجوكم ان تتركوني لوحدي،لأحل مشكلتي بنفسي .. ..و كيف تحجرت دموعها في مآقيها،وهي مستلقية في سريرها، لليلة الثالثة على التوالي، دون حراك!! .. و مع بزوغ الفجر، طرا على بسمة تغيير مفاجىء. ..تملكها شعور قويّ بضرورة الهرب من عزلتها،و الاحتماء في احضان الطبيعة، حيث معالم الربيع منشورة على التلال،ازهار حمراء و صفراء و بيضاء ... مع هذه الخاطرة اندفعت الى الخارج و انطلقت تجري في اتجاه شجرة الصنوبر، طالما تفياتها في اوقات ضيقها، فكان ضيقها لا يلبث ان يتبدد ...فهل يا ترى، تستطيع شجرة الصنوبر اليوم، ان تزحزح جبل الحزن الجاثم على صدرها؟ ..و اثناء جريحها المتواصل،كانت بسمة، تدوس بلا اكتراث، الاعشاب و الازهار التي تعرضت سيرها، حتى اذا بلغت محجتها، ارتمتتحت الصنوبرة و هي تلهث تعبا، و تنشق نسيم الصباح ملء رئيتها ..و تبين لها فجاة ان رائحة معينة فاحت عليها ..و انعشها! انحنت بسمة على نبتة الصعتر البري، و قد سحقت اغصانه الطرية .. و هذا المشهد نبه ابنة الاحد عشر عاما الى حقيقة ممتعة، تتخلص في ان نبتة الصعتر هذه، لم تفح رائحتها، و تنشر طيبها في الجو، الا لانها سحقت .. و لو لم تسحق، لظل في قلبها ! و للتاكد من صحة نظريتها، قطعت بسمة اغصان الصعتر من نبتة بعيدة، و قربتهامن انفها، فاذارائحتها خفيفة.. و لما معستها جيدا باصابعها، فاحت رائحتها الذكية و انعشتها!. فيها لروعة الخاطرة التي لمعت في ذهنها المتوقد ذكاء!لكأنها ادركت سر الهاجس الذي دفع بها الى المغامرة الصباحية!اجل! لقد نجحت نبتة الصعتر في تلقينها درسا، عجز عنه جميع الناس..فما اشبهها هي، الان،..بنبتة صعتر ممعوسة ! و اذا كان في داخلها جوهرطيب،فاحرى به ان يتجلى، و يفوح طيبه على الملأ..والا..فتظل متقوقعة في عزلتها، لا يشعر بها احد، و لا تتفاعل مع مجتمعها و بيئتها، و كانها غير موجودة!. ..بدون تردد، اختارت بسمة طريقها..انها ابنة ابيها الشجاع المقدام، و ستكمل مسيرتها، بعده، كما علمها طوال حياتهما معا.. ![]() على هدهدة هذا القرار الشهم، عادت بسمة الى البيت. في يدها باقة من الصعتر، تشمها بين الحين و الحين، و تخطط لما يجب ان تفعله، مستقبلا، ارضاء لروح والدها الشهيد.. التعديل الأخير تم بواسطة آيـــه ; 08-09-2006 الساعة 02:10 PM. |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
بصمة القبر قصة واقعية | ام نور | ملتقى القصة والعبرة | 14 | 09-04-2009 12:55 AM |
حقائق نعيشها بصمت | منيع البوح | الملتقى العام | 16 | 17-08-2007 12:25 AM |
بسمة لطيفة .......... | أسين | الملتقى الترفيهي | 4 | 12-01-2007 06:32 PM |
بصمة عار | shkkj | الملتقى العام | 2 | 23-12-2006 10:04 PM |
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |