|
الحدث واخبار المسلمين في العالم قسم يعرض آخر الاخبار المحلية والعالمية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() ملاحظات منهجية في قراءة «السلفية الجهادية» (دراسة مقدمة إلى مركز الجزيرة للدراسات) لم تنشر د. أكرم حجازي 6/3/2010 المحتويات أولا: عذرية الظاهرة ومنطق الأطروحة ثانيا: النشأة العقدية للظاهرة ثالثا: عوائق البحث رابعا: تداعيات منهجية سؤال قائمة المصادر والمراجع مقدمة لا شك أن ضربة 11 سبتمبر وحربي العراق وأفغانستان، وما أعقبهما من بروز لظاهرة الجماعات الجهادية في إطار ما اشتهر بتيار « السلفية الجهادية»، مثّل فرصة ثمينة جدا لفهم الظاهرة، ولا شك أيضا أن ما يوصف بالإعلام الجهادي الإلكتروني، وعبر عشرات الشبكات ذات الصلة، قد وضع النقاط على الكثير من الحروف أمام الباحثين والدارسين للاطلاع على حقيقة الخطاب السلفي الجهادي ليس من خلال ما يقدمه الرموز فقط بل، وهو الأهم، من خلال رؤية الرواد والكتاب والعلماء وطلبة العلم والمنظرين وما يطرحونه من مواقف ورؤى وفتاوى وتأصيلات شرعية لقضايا سياسية ودينية طالما مثلت موضع خلاف حتى بين العلماء. وأكثر من ذلك أن هذه الأطروحات، الواقعة في إطار حرب الأفكار، والدائرة في ساحات المنتديات، بين مختلف التيارات الإسلامية، الجهادية وغير الجهادية، كشفت عن بعض مكنونات الظاهرة وكيفية التصدي لها بالبحث. لكن، يبقى الإشكال الرئيس أمام الباحث في استعداده للاضطلاع بمهمة عسيرة للغاية، وفي قدرته على الاستمرار في متابعة مرهقة للظاهرة خاصة فيما تصدره الشبكات أو ما يدور في رحى منتدياتها من حوارات ساخنة وتعبيرات عن مواقف تمثل، ولا ريب، رصيدا معرفيا خاما وهائلا باشتماله على أدق التفاصيل ومختلف التوجهات، ولعل معاينة لبعض كبريات المسائل التي تطرحها السلفية الجهادية لا ينبغي، منهجيا، أن يخرج عن هذه الساحات الحوارية. لكن السؤال: ما هي السمات المميزة للأطروحة السلفية الجهادية؟ وكيف وقع تناولها، منهجيا، من قبل الدارسين؟ أولا: عذرية الظاهرة ومنطق الأطروحة خلافا لما هو شائع، فإننا نقرّ مسبقا أننا لسنا بصدد ظاهرة تقليدية مألوفة بحيث يمكن قراءتها بالقياس على ما سبقها من ظواهر تبدو للوهلة الأولى ذات مواصفات مماثلة، ولعل في هذا بعض العزاء للباحثين الذين عزفت غالبيتهم الساحقة عن محاولة الفهم، فلا الغربيون المعاصرون ولا العرب ولا المسلمون في شتى أنحاء العالم ولا غيرهم أيضا عاشوا مثيلا لها. فما الذي يمكن أن يفهمه عالَم اليوم، وليس الأمس، بمسلميه ونصاراه وبوذييه وهندوسييه وملحديه من أطروحات السلفية الجهادية عن قضية « التوحيد»، مثلا، أو « الراية» أو « الحاكمية» أو «الجهاد» أو « الولاء والبراء» أو « الاعتقاد» أو « الدين» أو « سايكس- بيكو» أو « الوطن» أو « الأيديولوجيا»، شرقيها وغربيها، بينما هو غارق حتى ناصيته في قيم الحداثة والعولمة ولغة السوق وسط ثورات تكنولوجية ورقمية لا سابق لها؟ وكيف يمكن لهذا العالَم أن يفهم الزمن بصيغته الأزلية (الثابت) أو يتوقف عنده قليلا وهو يعيشه بمقتضى الدقيقة والثانية في الواقع (المتغير)؟ بالتأكيد هذه الأطروحات التي ترى في العالَم وكأنه يعيش في « جاهلية» مسلحة بأحدث نظم العلم والمعرفة والتكنولوجيا ليست موضع ترحيب، ولا هي تتمتع بالكثير من المصداقية حتى عند المسلمين من أقران السلفية الجهادية، زيادة على أنها منبوذة. فهي بنظر البعض « مستحيلة التحقق»، و « متطرفة» عند البعض الآخر، و « خارجية» عند ثالث، و « باعثة على الفتن» عند رابع، وسبب رئيس في « تشويه الإسلام» عند خامس، و « مشبوهة» عند سادس و « ضالة» عند سابع و « مجنونة» عندثامن و « إرهابية» عند تاسع ... وهكذا في سلسلة لا تنتهي من التوصيفات المضادة. ولكن هذه التوصيفات لا تختلف كثيرا، بالنسبة للسلفية، عما واجهه محمد بن عبد الوهاب ومن بعده أئمة الدعوة النجدية حين جهروا في دعوتهم إلى تصحيح « التوحيد»، بل أنها لا تختلف عما واجهه الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه في أعقاب حادثة الإسراء والمعراج، فمن صدق حينذاك، غير « قلّة» في مقدمتها الصحابي الجليل أبو بكر، بأن ما وقع كان حقيقة؟ وما الذي يجبر أحدا على أن يصدق أن ما تفعله السلفية اليوم منطقي؟ أو مشروع؟ أو ممكن التحقق؟ هكذا هي عذرية الظاهرة تتسبب دوما، ودون رحمة، بإلقاء المزيد من التساؤلات الغزيرة والمثيرة عن هوية السلفية الجهادية ونشأتها وماهية أطروحاتها؟ ومن يصنع القيادة فيها؟ وبأية شروط؟ ووفق أية آليات؟ ولماذا تحتاج الأمة إلى قيادة؟ وراية؟ ولماذا ترفض السلفية تسليم القيادة لأية جماعة أخرى؟ وما علاقة سايكس - بيكو بنوعية القيادة؟ وما هي مصادر قوتها وجاذبية خطابها؟ وإلى أي مدى يمكن أن يصل فكرها وتفكيرها؟ وأين سيحط رحاله؟ أما لماذا هذا العناء؟ فلأن الظاهرة لم يجر توصيفها، بالدقة المأمولة، حتى الآن، ولما يكون الأمر كذلك فهل بمقدورنا، كباحثين، تحليلها؟ ناهيك عن نقدها؟ الأكيد أن التساؤلات كثيرة وكبيرة، أما الإجابات فقليلة إن لم تكن نادرة أو خاوية إنْ وجدت، والأسوأ أن السلفية الجهادية ذاتها ما زالت تقدم خطابا بلغتها هي لا بلغة العصر ولا بلغة العامة، وخطابا، إذا ما قسناه بلغة العلم، فهو أقرب إلى خطاب النخبة منه إلى خطاب العامة من الناس بمن فيهم المثقفين. فإذا نادت السلفية، مثلا، بـ « محاربة الطاغوت» أسقطته الغالبية حصرا على الحاكم وحده، وعدّه آخرون خروجا على الإمام أو ولي الأمر، وإذا نادت بـ « التوحيد» اتهمت بـ « التكفير»، وإذا دعت إلى محاربة « سايكس – بيكو» رأت فيه العامة والخاصة فتنة ورجعية وخروجا عن التحديث وسنن التغيير، وإذا ربحت معركة وصفوها بـ « الإرهاب» وإذا خسرتها حملوها المسؤولية. ومع كل هذه التناقضات تستمر السلفية الجهادية كظاهرة في تحديها دون أن تلتفت كثيرا لما ينتظرها، وكأنها باتت تؤمن بأنها المسؤولة الوحيدة عن حماية « التوحيد» في زمن غدا فيه « الإيمان والكفر والشرك والردة» مسائل، على الأقل، ملتبسة تتطلب حوارا دوليا بين الأديان لإعادة تعريفها والتفاهم حول ماهياتها. هكذا هي، وبصورة تبعث على الدهشة فعلا حيثما وجدت، في أفغانستان والعراق ولبنان والشيشان والصومال وباكستان ... ، فما من جماعة جهادية أو حركة تحرر سابقة عليها اشتغلت بنفس الطرق والأدوات ماضيا وحاضرا، ولعلنا كنا نسمع ونراقب على الدوام، ولمّا نزلْ، عن محاولات سياسية من جماعات جهادية ووطنية تبدي استعدادها للمفاوضات ولو بشروط بينما لم نقع على أية مبادرات من هذا النوع من قبل السلفية الجهادية، اللهم تلك التي لا تخلو من لغة الإهانة للقوى الغازية وبشروط عسكرية صرفة أو شرعية[1] وكأنها في عز وتمكين ما بعده تمكين. في ختام ندوة عن السلفية الجهادية عقدها المعهد العربي للبحوث والدراسات الإستراتيجية في العاصمة الأردنية (عمان) قلنا فيها بأن السلفية الجهادية، شئنا أم أبينا، باتت فاعلا استراتيجيا على المستوى الدولي[2]؛ تَقدّم مني أحد العاملين في القسم السياسي في السفارة البريطانية مستوضحا عن القول؟ ولافتا انتباهي إلى أنهم (مقاتلي السلفية) مجرد « قلّة»، ومتسائلا: كيف يكونوا فاعلا استراتيجيا؟ فقلت له: هم كذلك، وأنتم حقيقة في ورطة، لأنكم تتعاملون مع الآخرين بمقتضى العقل الوضعي والآلة التكنولوجية وتتناسون أن هؤلاء يتعاملون معكم بمقتضى الشريعة، ويستخرجون خبراتهم ومهاراتهم العسكرية والأمنية وتوجهاتهم السياسية والأيديولوجية من صميم العقيدة الإسلامية والسنة النبوية والتراث الإسلامي وليس من الكليات العسكرية، وبالتالي فمن الطبيعي أن يقاتلونكم، بداية، بوصفهم « قلّة» لا بوصفهم جيوشا جرارة، وإلا فقل لي: من ضربكم في مدريد ولندن وبالي؟ وكم عدد الذين هدموا أبراج مانهاتن؟ ومن يقاتلكم في العراق وأفغانستان والشيشان والصومال؟ ومن يضرب البنى التحتية في الجزيرة العربية؟ ثم هل تعتقد أن كُتابنا ومحللينا وكُتابكم ومحلليكم سيفهمون السلفية ويدركونها عبر ثقافتكم وتقنياتكم المنهجية وأنتم تتعاملون معهم فقط كإرهابيين؟ وكأن المقاربة الأمنية أو العسكرية هي الكفيلة بحل الإشكال؟ ألا تدركون بعدْ أن هذه « القلّة» تتحصن في العقيدة كمرجعية توجه كافة اختياراتها وترسم بواسطتها كل استراتيجياتها؟ وأنكم إنْ استطعتم اصطياد بعضهم عسكريا فلن تستطيعوا كسر ما يعتقدون به؟ الحقيقة أنني شعرت وكأن الرجل فوجئ بإجابتي، رغم أنني لست متأكدا أنه فهم أن « القلّة»، مثلا، في عقل هؤلاء، هي فعلا مفهوم شرعي واسع النطاق وليست مفهوما أمنيا يمكن رده إلى تعبيرات محدودة من نوع « حرب العصابات» أو « الخلايا النائمة» حتى لو تقاطعت معه في الشكل وبعض المضمون. ولو أخذنا نماذج أخرى للتحليل سنصل تقريبا إلى نفس النتائج. فالسلفية مثلا، وهي تسعى لِأنْ تجعل من تحقيق « التوحيد» واقعا غايتها النهائية، لا يمكن لها أن تقيم وزنا يذكر لمعيار « ميزان القوى» في الصراع مع الآخر العدو، ولا يمكن أن تحسب حسابا لما تسميه مثلا الجماعة الإسلامية في مصر بـ « الهدف المستحيل»[1]. ولو كان الأمر يتعلق بتطبيقات عقلانية لَمَا نفذت القاعدة هجمات 11 سبتمبر على أهداف من المفترض أنها مستحيلة حتى على أعتى القوى الدولية، ولَمَا حارب الخليفة الراشد أبو بكر الصديق المرتدين وأنفذ بعث أسامة، وهو الأرق قلبا والأشد عاطفة، في الوقت الذي أصابت فيه الفتنة كبار الصحابة واجتاحت الردة الجزيرة العربية حتى لم يتبق منها سوى المدينة ومكة. نفس الأمر ينطبق على مفاهيم « المقاومة» و « الجهاد» حيث المدخلات الشرعية لكل منهما تختلف عن الآخر، وكذا هو الحال بالضبط بالنسبة للمخرجات. ويمكن ملاحظة الأمر ذاته، أيضا، فيما يتعلق بالموقف من الأيديولوجيات والعقائد الوضعية وهي تتحدث مثلا عن «الوحدة العربية» أو « الوحدة الإسلامية» أو الوحدة الوطنية» كمصطلحات تعمل في نطاق منظومة « سايكس – بيكو» التي صممت أصلا لتعمل بموجب ميكانزمات التفكيك وليس التجميع أو التفريق وليس التوحيد، في حين أن الإسلام يستعمل بدلا من ذلك مفهوم « الاعتصام» الشرعي مرشدا وموجها لجماعة المسلمين. ولأن مدخلات مثل هذه المنظومة الاستعمارية التي تحولت مع الوقت إلى منظومة ثقافية لا يمكن لها أن تنتج مخرجاتها أي شكل من أشكال الوحدة نجد السلفية ترفع شعار « الدم الدم والهدم الهدم» لكل الأبنية القائمة بوصفها نماذج غير شرعية، فضلا عن أنها لا تصلح البتة كأدوات عمل لا للتوحد ولا للتفاهم ولا للتقاسم الوظيفي بين القوى الإسلامية أو بين هذه والقوى العلمانية[2]. إذن لما يكون الصراع مع « طواغيت العرب والعجم» بالمنظور السلفي الجهادي محملا بهذا المنطق من الفهم المغاير لكل ما سبقه، والذي يسعى إلى « الهدم» محليا ونقل المعركة من الهامش إلى المركز[3] بعقلية « اليوم نغزوهم ولا يغزوننا»، وعلى أساس الموقف العقدي بحسب تعبير أسامة بن لادن: « لسنا جامدين ... سندور حيث تدور العقيدة»[4] ؛ فالمعنى أن الوجهة المنهجية في قراءة الظاهرة يشوبها قصور بالغ إن لم تكن أخطاء قاتلة لن تفضي لأية نتائج. [1] كالهدنة التي عرضها بن لادن على العالم الغربي والتي وردت في شريط فيديو بتاريخ 17أو18/2/2006، أو دعوة أبو عمر البغدادي (أمير دولة العراق الإسلامية) للقوات الأمريكية وحلفائها إلى الانسحاب أفرادا دون معداتهم وأسلحتهم الثقيلة من البلاد في خطابه «وقل جاء الحق وزهق الباطل»، تسجيل صوتي، 22/12/2006. [2]أكرم حجازي: « مدخل إلى السلفية الجهادية ومشروعها الجهادي: نموذج العراق»،(عمان – الأردن، المعهد العربي للبحوث والدراسات الإستراتيجية، 11 شباط / فبراير 2008). [3] هذا ما عبر عنه أحد قادة الجماعة الذي يرى بأن القاعدة تؤمن بـ « الهدف المستحيل»، وهو بهذا الموقف إنما يقدم قراءة سياسية وتنظيمية للواقع وليس قراءة عقدية. ناجح إبراهيم، « تنظيم القاعدة: دعوة للمراجعة»، 4/12/2007، موقع الجماعة الإسلامية، http://www.egyptianislamicgroup.com/Public/articles/essay/6/96523334.shtml. [4]أكرم حجازي:« مسائل جوهرية في فكر السلفية الجهادية: من التوحيد إلى صناعة القيادة»، تشرين أول / أكتوبر 2007، موقع الباحث:http://www.almoraqeb.net/main/mobiles-action-show-id-12.htm. [5]عبدالله النفيسي: « أحداث سبتمبر والهزة التاريخية في الفكر الأوروبي والأمريكي»، مجلة العصر الإلكترونية، 10/9/2006. على الشبكة:http://www.alasr.ws/index.cfm?method=home.con&*******ID=8200 [6] أسامة بن لادن: «العلم للعمل- الجزء الثاني»، ( مركز الفجر، مؤسسة «السحاب» التابعة لتنظيم القاعدة، شريط مرئي، 7/9/2006). وهو الشريط الذي بثته «القاعدة» بمناسبة الذكرى الخامسة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، والذي اشتهر بـ «شريط التوثيق لأحداث سبتمبر». يتبع |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |