|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() المَلِكُ - المَالِكُ - المَلِيكُ جل جلاله، وتقدست أسماؤه الشيخ وحيد عبدالسلام بالي عَنَاصِرُ الموْضُوعِ: أولًا: المَلِكُ في اللغةِ العربيةِ. ثانيًا: المَلِكُ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ. ثالثًا: المَلِكُ كَاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ الله. رابعًا: مُلْكٌ لاَ يَنْقُصُ بِالعَطَاءِ. خامسًا: مَالِكُ المُلْكِ. سادسًا: آَثَارُ الإِيمَانِ بِاسمِ الله (المَلِكِ). 1- فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ. 2- السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ تُطِيعُ المَلِكَ سُبْحَانَهُ. 3- التُّرَابُ يُطِيعُ المَلِكَ سُبْحَانَهُ. 4- النَّارُ تُطِيعُ المَلِكَ سُبْحَانَهُ. 5- الأَجْسَادُ تُطِيعُ المَلِكَ سُبْحَانَهُ. سَابِعًا: عُقُوبَةُ المَلِكِ العَدْلِ سُبْحَانَهُ لِلمُلُوكِ الظَّالمِينَ: 1- غَلقُ أَبْوَابِ السَّمَاءِ دُونَ حَاجَتِهِمْ. 2- احْتِجَابُ الله عَنْهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ. 3- المُلُوكُ الظَّلَمَةُ مَغْلُولَةٌ أَيْدِيهِمِ يَومَ القِيَامَةِ. 4- المُلُوكُ الظَّلَمَةُ يُحْرَمُونَ شَفَاعَةَ النَّبِيِّ. 5- المَلِكُ الغَاشُّ لِرَعِيَّتِهِ لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ. 6- المَلِكُ الجَائِرُ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا. 7- النَّهيُ عَنِ التَّسْمِيَةِ بِمَلِكِ المُلُوكِ. ثامنًا: لِكُلِّ مَلِكٍ حِمَىً. تاسعًا: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فِي مُلْكِهِ. عاشرًا: دُعَاءُ الله بِأَسْمَائِهِ (المَلِكِ ـ المَالِكِ ـ المَلِيكِ). النِّيَّاتُ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَحْضِرَهَا الُمحَاضِرُ قَبْلَ إِلْقَاءِ هَذِهِ الُمحَاضَرَةِ أولًا: النِّيَّاتُ العَامَّةُ: 1- يَنْوي القيامَ بتبليغِ الناسِ شَيْئًا مِنْ دِينِ الله امْتِثَالًا لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: « بلِّغُوا عَني ولَوْ آيةً »؛ رواه البخاري. 2- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى ثَوَابِ مَجْلِسِ العِلْمِ [1]. 3- رَجَاءَ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ مَجْلِسِه ذلك مَغْفُورًا لَهُ [2]. 4- يَنْوِي تَكْثِيرَ سَوَادِ المسْلِمِينَ والالتقاءَ بِعِبادِ الله المؤْمِنينَ. 5- يَنْوِي الاعْتِكَافَ فِي المسْجِدِ مُدةَ المحاضرة ـ عِنْدَ مَنْ يَرَى جَوَازَ ذَلِكَ مِنَ الفُقَهَاءِ ـ لَأَنَّ الاعْتِكَافَ هو الانْقِطَاعُ مُدَّةً لله في بيتِ الله. 6- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى أَجْرِ الخُطُوَاتِ إلى المسْجِدِ الذي سَيُلْقِي فيه المحَاضَرَةَ [3]. 7- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى ثَوَابِ انْتِظَارِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، إذا كانَ سَيُلْقِي مُحَاضَرَتَه مثلًا مِنَ المغْرِبِ إلى العِشَاءِ، أَوْ مِنَ العَصْرِ إِلَى الَمغْرِبِ [4]. 8- رَجَاءَ أَنْ يَهْدِي اللهُ بسببِ مُحَاضَرَتِه رَجُلًا، فَيَأْخُذَ مِثْلَ أَجْرِهِ [5]. 9- يَنْوِي إرْشَادَ السَّائِليِنَ، وتَعْلِيمَ المحْتَاجِينَ، مِنْ خِلَالِ الرَّدِّ عَلَى أَسْئِلَةِ المسْتَفْتِينَ [6]. 10- يَنْوِي القِيَامَ بِوَاجِبِ الأمرِ بالمعروفِ، وَالنهيِ عَنِ الُمنْكَرِ ـ بالحِكْمَةِ والموعظةِ الحسنةِ ـ إِنْ وُجِدَ مَا يَقْتَضِي ذلك (4). 11- يَنْوِي طَلَبَ النَّضْرَةِ الَمذْكُورَةِ فِي قولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «نَضَّرَ اللهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَحَفِظَهَا، ثُمَّ أَدَّاهَا إِلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْها»؛ رواه أحمدُ والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ الألبانيُّ في صحيحِ الجامعِ (6766). ثُمَّ قَدْ يَفْتَحِ اللهُ عَلَى الُمحَاضِرِ بِنِيَّات صَالِحَةٍ أُخْرَى فَيَتَضَاعَفُ أَجْرُه لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «إنما لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»؛ مُتَّفَقٌ عَلَيه. ثانيًا: النِّيَّاتُ الخَاصَّةُ: 1- تَنْوِي تَعْرِيفَ المُسْلِمِينَ بِبَعْضِ دِلَالَاتِ اسْمِ الله (المَلِكِ ). 2- تَنْوِي حَثَّ المُسْلِمِينَ عَلَى اسْتِشْعَارِ أَنَّهُمْ يَعِيشُونَ فِي مُلْكِ الله. 3- تَنْوِي رَبْطَ القُلُوبِ بَمَلِكِ المُلُوكِ سُبْحَانَهُ. 4- تَنْوِي لَفْتَ الأَنْظَارِ إِلَى مَظَاهِرِ مُلْكِ الله فِي خَلْقِهِ. 5- تَنْوِي حَثَّ المُسْلِمِينَ عَلَى العَدْلِ وَالرَّحْمَةِ فِيمَنْ مَلَكُوا أُمُورَهُمْ. 6- تَنْوِي تَحْذِيرَ المُسْلِمِينَ مِنَ الظُّلْمِ وَالجَوْرِ. 7- تَنْوِي تَعْظِيمَ القُلُوبِ لِمَلِكِ الُملُوكِ سُبْحَانَهُ. أولًا: المَعْنَى اللُّغَوِي المَلِكُ: مَعْرُوفٌ وَهُوَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ كَالسُّلْطَانِ، وَمُلْكُ الله تَعَالَى وَمَلَكُوتُهُ سُلْطَانُهُ وَعَظَمَتُهُ وَعِزَّتُهُ. والمَلْكُ وَالمَلِكُ وَالَمِليكُ وَالَمالِكُ: ذُو المُلْكِ. قَالَ ابنُ سِيدَه: « المَلْكُ والمُلْكُ والمِلْكُ: احْتِوَاءُ الشَّيءِ وَالقُدْرَةُ عَلَى الاسْتِبْدَادِ بِهِ ». وَتَمَلَّكَهُ: أَيْ مَلَكَهُ قَهْرًا، وَأَمْلَكَهُ الشَّيءَ وَمَلَّكَهَ إِيَّاهُ تَمْلِيكًا جَعَلَهُ مِلْكًا لَهُ، وَأَمْلَكُوهُ: زَوَّجُوهُ، شَبَّهَ الزَّوْجَ بِمَلِكٍ عَلَيْهَا فِي سِيَاسَتِهَا. وَالمَلَكُوتُ مُخْتَصٌّ بِمُلْكِ الله تَعَالَى وَهُوَ مَصْدَرُ مَلَكَ أُدْخِلَتْ فِيهِ التَّاءُ نَحْوَ جَبَرُوتٍ وَرَهَبُوتٍ وَرَحَمُوتٍ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 185]. وَمَلَكْتُ العَجِينَ: شَدَدْتُ عَجْنَهُ أَيْ: قَوِي عَلَيْهِ فَأَجَادَ عَجْنَهُ [7]. ثانيًا: وُرُودُه فِي القُرْآَنِ العَظِيمِ وَرَدَ المَلِكُ فِي القُرْآَنِ خَمْسَ مَرَّاتٍ مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الحشر: 23]، وَقَولُهُ تَعَالَى: ﴿ مَلِكِ النَّاسِ ﴾ [الناس: 2]، وَوَرَدَ الَمالِكُ مَرَّتَينِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 4]، وَقَوْلِهِ: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 26]. وَأَمَّا المَلِيكُ فَلَمْ يَرِدْ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾ [القمر: 54، 55]. ثالثًا: المَعْنَى فِي حَقِّ الله تَعَالَى [8] قَالَ الزَّجَاجُ: « وَقَالَ أَصْحَابُ المَعَانِي: المَلِكُ، النَّافِذُ الأَمْرَ فِي مُلْكِهِ، إِذْ لَيْسَ كُلُّ مَالِكٍ يَنْفَذُ أَمْرُهُ أَوْ تَصَرُّفُهُ فِيمَا يَمْلُكُهُ. فَالَملِكُ أَعَمُّ مِنَ المَالِكِ وَاللهُ تَعَالَى مَالِكُ المَالِكِينَ كُلِّهِم، وَإِنَّما اسْتَفَادُوا التَّصَرُّفَ فِي أَمْلَاكِهِم مِنْ جِهَتِهِ تَعَالَى»؛ اهـ [9]. قَالَ الخَطَّابِيَّ: « المَلِكُ: هُوَ التَّامُ المُلْكِ الجَامِعُ لِأَصْنَافِ المَمْلُوكَاتِ، فَأَمَّا المَالِكُ: فَهُوَ الخَاصُّ بالمُلْكِ » [10]. وَقَالَ اللَّيثُ: « المَلِكُ هُوَ اللهُ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ، مَلِكُ المُلُوكِ، لَهُ المُلْكُ، وَهُوَ مَالِكُ يَوْمِ الدِّينِ وَهُوَ مَلِيكُ الخَلْقِ أَيْ: رَبُّهُم وَمَالِكُهُم » [11]. وَقَالَ ابنُ جَرِيرٍ: « المَلِكُ الَّذِي لَا مَلِكَ فَوْقَهُ وَلَا شَيءَ إِلَّا دُونَهُ » [12]. قَالَ ابنُ كَثِيرٍ: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الحشر: 23]؛ أَيْ: «المَالِكُ لِجَمِيعِ الأَشْيَاءِ المُتَصَرِّفُ فِيهَا بِلَا مُـمَانَعَةِ وَلَا مُدَافَعَةٍ » [13]. وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ ثُبُوتِ المِلْكِيَّةِ المُطْلَقَةِ لله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ لَهُ كَمَالَ التَّصَرُّفِ وَالقُدْرَةِ فِي مُلْكِهِ ظَاهِرٌ جِدًّا فِي القُرْآَنِ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ﴾ [الشورى: 49]. وَقَوْلِهِ: ﴿ قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [الزمر: 44]. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الملك: 1]. وَقَوْلِهِ: ﴿ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الحديد: 2]، فَذَكَرَ مُلْكَهُ العَظِيمَ الشَّاسِعَ ثُمَّ ذَكَرَ قُدْرَتَهُ التَّامَّةَ فِي مُلْكِهِ وَأَنَّهُ لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255]؛ أَيْ: لَا يَثْقُلُ عَلَيْهِ وَلَا يُعْجِزُهُ حِفْظُ هَذَا المُلْكِ العَظِيمِ. وَقَدْ قَالَ الزَّجَّاجُ: « إِنَّ أَصْلَ المُلْكِ فِي الكَلَامِ: الرَّبْطُ والشَّدُّ، يُقَالُ: مَلَكْتُ العَجِينَ أَمْلِكُهُ مُلْكًا، إِذَا شَدَدتُ عَجْنَهُ، وَإِمْلَاكُ المَرْأَةِ مِنْ هَذَا إِنَّمَا هُوَ ربْطُهَا بِالزَّوَاجِ » [14]. وَهَذَا الرَّبْطُ وَالشَّدُّ يَرْجِعُ حَاصِلُهُ إِلَى القُدْرَةِ التَّامَّةِ الكَامِلَةِ. أَمَّا النَّاسُ فَقَدْ تَملِكُ مَعَ العَجْزِ عَنِ التَّصَرُّفِ كَأَنْ يَكُونَ المَالِكُ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا، وَوَلِيِّهِمَا لَا مُلكَ لَهُ مَعَ أَنَّ التَّصَرُّفَ ثَابِتٌ لَهُ. مَسْأَلَةُ: أَيُّهُمَا أَبْلَغُ المَلِكُ أَوِ المَالِكُ؟ قاَلَ الشَّوْكَانِيُّ: « وَقَدِ اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ أَيُّهُمَا أَبْلَغُ مَلِكٌ أَوْ مَالِكٌ؟ فَقِيلَ إِنَّ مَلِكًا أَعَمُّ وَأَبْلَغُ، إِذَا كُلُّ مَلِكٍ مَالِكٌ، وَلَيْسَ كُلُّ مَالِكٍ مَلِكًا، وَلَأَنَّ أَمْرَ المَلِكِ نَافِذٌ عَلَى المَالِكِ فِي مُلْكِهِ حَتَّى لَا يَتَصَرَّفَ إِلَّا عَنْ تَدْبِيرِ المَلِكِ؛ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَالمُبَرِّدُ وَرَجَّحَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ. وَقِيلَ مَالِكُ أَبْلَغُ لَأَنَّهُ يَكُونُ مَالِكًا لِلنَّاسِ وَغَيْرِهِمِ، فَالَمالِكُ أَبْلَغُ فِي مَدْحِ الخَالِقِ مِنْ مَلِكٍ، وَمَلِكٌ أَبْلَغُ فِي مَدْحِ المَخْلُوقِينَ مِنْ مَالِكٍ لَأَنَّ المَالِكَ مِنَ المَخْلُوقِينَ قَدْ يَكُونُ غَيرَ مَلِكٍ، وَإِذَا كَانَ اللهُ تَعَالَى مَالِكًا كَانَ مَلِكًا. واخْتَارَ هَذَا القَاضِي أَبُو بَكْرٍ بِنِ العَرَبِيِّ ». ثُمَّ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ: « وَالحَقُّ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الوَصْفَينِ نَوْعَ أَخَصِّيَّةٍ لَا يُوجَدُ فِي الآخَرِ، فَالَمالِكُ يَقْدِرُ عَلَى مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ المَلِكُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ بِمَا هُوَ مَالِكُ لَهُ بِالبَيْعِ وَالِهبَةِ وَالعِتْقِ وَنحْوَهَا، والَملِكُ يَقْدِرُ عَلَى مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ المَالِكُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ العَائِدَةِ إِلَى تَدْبِيرِ المُلْكِ وَحِيَاطَتِهِ وَرِعَايَةِ مَصَالِحِ الرَّعِيَّةِ، فَالَمالِكُ أَقْوَى مِنَ الَملِكِ فِي بَعْضِ الأُمُورِ، وَالمَلِكُ أَقْوَى مِنَ المَالِكِ فِي بَعْضِ الأُمُورِ، وَالفَرْقُ بَيْنَ الوَصْفَينِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الرَّبِّ سُبْحَانَهُ أَنَّ المَلِكَ صِفَةٌ لِذَاتِهِ وَالمَالِكُ صِفَةٌ لِفِعْلِهِ»؛ اهـ [15]. رابعًا: مُلْكٌ لاَ يَنْقُصُ بِالْعَطَاءِ [16] قَالَ الرَّازِي: « الحُكْمُ الثَّانِي مِنْ أَحْكَامِ كَوْنِهِ مَلِكًا، وَأَنَّهُ مَلِكٌ لَا يُشْبِهُ سَائِرَ المُلُوكِ لَأَنَّهُمْ إِنْ تَصَدَّقُوا بِشَيْءٍ انْتَقَصَ مُلْكَهُمُ، وَقَلَّتْ خَزَائِنُهُمْ، أَمَّا الحَقُّ ـ فَمُلْكُهُ لَا يَنْتَقِصُ بِالعَطَاءِ وَالإِحْسَانِ بَلْ يَزْدَادُ، بَيَانُهُ أَنَّهُ تَعَالَى إِذَا أَعْطَاكَ وَلَدًا لَمْ يَتَوَجَّهْ حُكْمُهُ إِلَّا عَلَى ذَلِكَ الوَلَدِ الوَاحِدِ، أَمَّا لَوْ أَعْطَاكَ عَشْرَةً مِنَ الأَوْلَادِ كَانَ حُكْمُهُ وَتَكْلِيفُهُ لَازِمًا عَلَى الكُلِّ، فَثَبَتَ أَنَّهُ تَعَالَى كُلَّمَا كَانَ أَكْثَرَ عَطَاءً كَانَ أَوْسَعَ مُلْكًا. الحُكْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَحْكَامِ كَوْنِهِ مَلِكًا كَمَالُ الرَّحْمَةِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ آَيَاتٌ إِحْدَاهَا: مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ مِنْ كَوْنِهِ رَبًّا رَحْمَانًا رَحِيمًا وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 3، 4]. وَثَانِيهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾ [الحشر: 22]، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الحشر: 23]، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ كَوْنَهُ قُدُّوسًا عَنِ الظُّلْمِ والجَوْرِ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ كَوْنِهِ سَلَامًا، وَهُوَ الَّذِي سَلَّمَ عِبَادَهُ مِنْ ظُلْمِهِ وَجَوْرِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ كَوْنَهُ مُؤْمِنًا، وَهُوَ الَّذِي يُؤَمَّنُ عَبِيدُهُ مِنْ جَوْرِهِ وَظُلْمِهِ، فَثَبُتَ أَنَّ كَوْنَهُ مَلِكًا لَا يَتِمُّ إِلَّا مَعَ كَمَالِ الرَّحْمَةِ. وَثَالِثِهُا: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا ﴾ [الفرقان: 26]. لَّما أَثْبَتَ لِنَفْسِهِ المُلْكَ أَرْدَفَهُ بِأَنْ وَصَفَ نَفْسَهُ بِكَوْنِهِ رَحْمَانًا، يَعْنِي إِنْ كَانَ ثُبُوتُ المُلْكِ لَهُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ يَدُّلُ عَلَى كَمَالِ القَهْرِ فَكَوْنُهُ رَحْمَانًا يَدُلُّ عَلَى زَوَالِ الخَوْفِ وَحُصُولِ الرَّحْمَةِ. وَرَابِعُهَا: قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى: ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ ﴾ [الناس: 1، 2]. فَذَكَرَ أَوَّلًا كَوْنَهُ رَبًّا لِلنَّاسِ ثُمَّ أَرْدَفَهُ بِكَوْنِهِ مَلِكًا لِلنَّاسِ. وَهَذِهِ الآَيَاتُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ المَلِكَ لَا يَحْسُنُ وَلَا يَكْمُلُ إِلَّا مَعَ الإِحْسَانِ والرَّحْمَةِ، فَيَا أَيَّهُا المُلُوكُ اسْمَعُوا هَذِهِ الآَيَاتِ، وَارْحَمُوا هَؤُلَاءِ المَسَاكِينَ، وَلَا تَطْلُبُوا مَرْتَبَةً زَائِدَةً فِي المُلْكِ عَلَى مُلْكِ الله تَعَالَى»؛ اهـ [17]. خامسًا: مَالِكُ المُلْكِ المَالِكُ فِي اللُّغَةِ اسْمُ فَاعِلٍ فِعْلُهُ مَلَكَ يَمْلُكُ فَهُوَ مَالِكٌ، وَاللهُ تعالى مَالِكُ الأَشْيَاءِ كُلِّهَا وَمُصَرِّفُهَا عَلَى إِرَادَتِهِ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ، لَأَنَّ المَالِكَ لِلشَّيءِ فِي كَلَامِ العَرَبِ هُوَ المُتَصَرِّفُ فِيهِ وَالقَادِرُ عَلَيْهِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ يُغْصَبُ الإِنْسَانُ عَلَى الشَّيْءِ فَلَا يَزُولُ مُلْكُهُ عَنْهُ، قِيلَ لَهُ: لَا يَزُولُ مُلْكُهُ عَنْهُ حُكْمًا وَدِيَانَةً، فَأَمَّا فِي الظَّاهِرِ وَالاسْتِعْمَالِ فَالغَاصِبُ لَهُ مَا هُوَ فِي يَدِهِ يُصَرِّفُهُ كَيْفَ شَاءَ؛ مِنَ اسْتِعْمَالٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إِهْلَاكٍ أَوْ إِصْلَاحٍ، وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ مُخْطِئًا آَثِمًا آَتِيًا مَا هُوَ مَحْظُورٌ عَلَيْهِ بِإِحَالَتِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكِهِ، فَإِنْ رَجَعَ ذَلِكَ الشَّيْءُ عَلَى صَاحِبِهِ قِيلَ: رَجَعَ إِلَى مُلْكِهِ؛ أَيْ إِلَى حَالِهِ الَّتِي كَانَ فِيهَا حَقِيقَةً. وَاللهُ تعالى قَادِرٌ عَلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي خَلَقَهَا وَيَخْلُقُهُا لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ، وَقَدْ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَأَبُو عَمْرو وَابِنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 4] بِغَيْرِ أَلِفٍ، وَقَرَأَ عَاصِمُ والكِسَائِي وَيَعْقُوبُ ﴿ مالك﴾ بِأَلِفٍ، وَقَدْ رُوِيَتْ القِرَاءَتَانِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم [18]. واللهُ تعالى مَالِكُ المُلْكِ، مُلْكُهُ عَنْ أَصَالَةٍ وَاسْتِحْقَاقٍ؛ لَأَنَّهُ الخَالِقُ الحَيُّ القَيُّومُ الوَارِثُ، فَعِلَّةُ اسْتِحْقَاقِ المُلْكِ أَمْرَانِ: الأَوَّلُ: صِنَاعَةُ الشَّيءِ وَإِنْشَاؤهُ وَاْخِتَراعُهُ، فَالعَاقِلُ يَعْلَمُ عَقْلًا أَنَّ المُخْتَرِعَ لَهُ بَرَاءَةُ الاخْتِرَاعِ وَالمُؤَلِّفَ لَهُ حَقُّ الطَّبْعِ والنَّشْرِ، رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ عُمَرَ بِنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: « مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَهً فَهِي لَهُ » [19]، وَيُرْوَى ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عَمْرُو بِنِ عَوْفٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم [20]، وَإِذَا كَانَ مُلُوكُ الدُّنْيَا لَا يُمْكِنُ لِأَحَدِهِمْ أَنْ يُؤَسِّسَ مُلْكَهُ بِجُهْدِهِ مُنْفَرِدًا فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ ظَهِيرٍ أَوْ مُعِينٍ، سَوَاءً مِنْ أَهْلِهِ وَقَرَابَتِهِ، أَوْ حِزْبِهِ وَجَمَاعَتِهِ، أَوْ قَبِيلَتِهِ وَعَشِيرَتِهِ، فَإِنَّ اللهَ تعالى هُوَ المُتَفَرِّدُ بِالمِلْكِيَّةِ حَقِيقَةً، فَلَا أَحَدٌ سَاعَدَهُ فِي إِنْشَاءِ الخَلْقِ أَوْ عَاوَنَهُ عَلَى اسْتِقْرَارِ المُلْكِ، أَوْ يُمْسِكُ السَّمَاءَ مَعَهُ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ، قَالَ ـ: ﴿ وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ﴾ [الأعراف: 154]، وَقَالَ أَيْضًا: ﴿ مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ﴾ [الكهف: 51]، وَعِنْدَ البُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ عُمْرَانَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: « كَانَ اللُه وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ » [21]. الثَّانِي: دَوَامُ الحَيَاةِ فَهُوَ عِلَّةٌ أُخْرَى لاسْتِحْقَاقِ المُلْكِ لَأَنَّهُ يُوجِبُ انْتِقَالِ الِملْكِيَّةِ وَثُبُوتَ التَّمَلُّكِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ مَنْ عَلَى الأَرْضِ مَيِّتٌ فَانٍ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 26، 27]، وَقَالَ أَيْضًا: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 57]، وَلمَّا كَانَتِ الحَيَاةُ وَصْفُ ذَاتٍ لله وَالإِحْيَاءُ وَصْفُ فِعْلِهِ، فَإِنَّ المُلْكَ بِالضَّرُورَةِ سَيَئُولُ إِلَى خَالِقِهِ وَمَالِكِهِ؛ كَمَا قَالَ تعالى: ﴿ يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ [غافر: 16]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [آل عمران: 180]. فَالمُلْكُ لله فِي المُبْتَدَأِ عِنْدَ إِنْشَاءِ الخَلْقِ فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ سِوَاهُ، وَالُملْكُ للهِ فِي المُنْتَهَى عِنْدَ زَوَالِ الأَرْضِ لَأَنَّهُ لَنْ يَبْقَى مَنَ المُلُوكِ سِوَاهُ، وَهُوَ المَلِكُ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ لَا خَالِقَ وَلَا مُدَبِّرَ لِلْكَوْنِ إِلَّا اللهُ، فالمَلِكُ هُوَ المُتَصَرِّفُ بِالأَمْرِ وَالنَّهْيِ فِي مَمْلَكَتِهِ وَهُوَ القَائِمُ بِسِيَاسَةِ خَلْقِهِ، وَمُلْكُهُ هُوَ الحَقُّ الدَائِمُ لَهُ بِدَوَامِ الحَيَاةِ، وَلَّما كَانَ اللهُ تَعَالَى هُوَ المُنْفَرِدُ بِالخَلْقِ وَالتَّدْبِيرِ فَإِنَّهُ يَنْفَرِدُ بِالمُلْكِ وَالتَّقْدِيرِ إِلْزَامًا وَيَنْفَرِدُ أَيْضًا بِأَنَّهُ المَالِكُ المُسْتَحِقُّ لِلْمُلْكِ، قَالَ ابْنُ القَيِّمِ: « الفَرْقُ بَيْنَ المَلِكِ وَالمَالِكِ أَنَّ المَالِكَ هُوَ المُتَصَرِّفُ بِفِعْلِهِ، وَالمَالِكَ هُوَ المُتَصَرِّفُ بِفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ، وَالرَّبُّ تَعَالَى مَالِكُ المُلْكِ فَهُوَ المُتَصَرِّفُ بِفِعْلِهِ وَأَمْرِهِ » [22]، وَيُقْصَدُ أَنَّ مَالِكَ الشَّيْءِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَلِكًا لِوُجُودِ مَنْ يَرْأَسُهُ وَيَمْنَعُ تَصَرُّفَهُ فِي مُلْكِهِ، أَمَّا المَلِكُ الَّذِي لَهُ المِلْكِيَّةُ والمُلْكُ فَلَهُ مُطْلَقُ التَّدْبِيرِ والأَمْرِ. سادسًا: مِنْ آَثَارِ الإِيمَانِ بِاسْمِ الله (المَلِكِ) [23] 1- فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: « لَا مَلِكَ إِلا اللهُ » [24]. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 26]، وَلَا يَمْتَلِكُ أَحَدٌ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ. قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 247]. قَالَ ابْنُ القَيِّمِ: « المَلِكُ الحَقُّ هُوَ الَّذِي يَكُونُ لَهُ الأَمْرُ وَالنَّهْيُ فَيَتَصَّرَفُ فِي خَلْقِهِ بِقَوْلِهِ وَأَمْرِهِ » [25]. قَالَ تعالى: ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [يس: 82]. فَالمَلِكُ الحَقُّ هُوَ اللهُ تعالى فَكُلُّ شَيْءٍ تَحْتَ قَهْرِهِ وَيَحْدُثُ بِقَدَرِهِ وَيَتَحَرَّكُ بِأَمْرِهِ كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيثِ القُدْسِيِّ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: « يَقُولُ اللُه تَعَالَى: أَفْعَلُ مَا أُرِيدُ، عَطَائِي كَلَامٌ، وَعَذَابِي كَلَامٌ، إِنَّمَا أَمْرِي بِشَيءٍ إِذَا أَرَدْتُهُ أَنْ أَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ » [26]، فَقَدْ مَلَكَ اللهُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِهِ وَنَهيِهِ وَفِيمَا يَلِي بَعْضُ الأَمْثِلَةِ عَلَى ذَلِكَ: 2- السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ تُطِيعُ المَلِكَ: عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه ما فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾ [فصلت: 11]، قَالَ لِلسَّمَاءِ: « أَخْرِجِي شَمْسَكِ وَقَمَرَكِ وَنُجُومَكِ »، وَقَالَ لِلأَرْضِ: « شَقِّقِي أَنَهْارَكِ وَأَخْرِجِي ثِمَارَكِ ». فَقَالَتَا: أَتَيْنَا طَائِعِينَ [27]. 3- التُّرَابُ يُطِيعُ المَلِكَ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [آل عمران: 59]. 4- النَّارُ تُطِيعُ المَلِكَ: فَعِنْدَمَا كَسَّرَ الأَصْنَامَ الَّتِي تُعْبَدُ مِنْ دُونِ الله أَرَادَ قَوْمُهُ أَنْ يَحْرِقُوهُ فَلَمَّا أَلْقَوْهُ فِي النَّارِ مَا بَعَثَ اللهُ رَيحًا لِتُطْفِئَهَا وَلَا مَاءً لِتُخْمِدَهَا وَلَا مَلَكًا لِيُخْرِجَ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّمَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ إِلَى النَّارِ فَخَضَعَتْ لِأَمْرِ المَلِكِ الجَبَّارِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ [الأنبياء: 69]. 5- الأَجْسَادُ تُطِيعُ المَلِكَ: لمَّا اعْتَدَى أَصْحَابُ السَّبْتِ وَاحْتَالُوا عَلَى أَمْرِ الله فَاصْطَادُوا يَوْمَ السَّبْتِ عَاقَبَهُمْ اللهُ وَلَكِنْ بِمَ عَاقَبَهُمْ؟ عَاقَبَهُمْ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ، كَلِمَةٍ غَيَّرَتْ حَيَاتَهُمْ وَصُورَتَهُمْ وَآَخِرَتَهُمْ إِلَى أَبْشَعِ حَالٍ، فَأَمَّا صُورَتُهُمْ فَتَحَوَّلَتْ إِلَى صُورَةِ القُرُودِ وَنَهَايَتُهُمْ فِي جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الوِردُ المَوْرُودُ، وَذَلِكَ جَزَاءُ نَاقِضِ العُهُودِ، إِنَّهُمْ اليَهُودُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65) فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 65، 66]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ﴾ [الأعراف: 166]. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |