{وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح صحيح مسلم الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 620 - عددالزوار : 72203 )           »          من مائدة الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11 - عددالزوار : 5138 )           »          علة حديث: ((يخرج عنق من النار يوم القيامة له عينان يبصر بهما وأذنان يسمع بهما)) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الهمزة في قراءة { ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار } بين التحقيق والتسهيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          تفسير قوله تعالى: { أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          معرفة الصحابة لمنزلة القرآن وإدراكهم لمقاصده ومراميه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          تحريم تشبيه الله تبارك وتعالى بخلقه وضرب الأمثال له (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          مناظرة رائعة بين عالم مسلم وملحد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          آية الكرسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          تعظيم الله وتقديره (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 01-10-2023, 10:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,624
الدولة : Egypt
افتراضي {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}

خطبة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية

{وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}

الفرقان


جاءت خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لهذا الأسبوع 13 من ذي القعدة 1444هـ - الموافق 2 مايو 2023م بعنوان: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}، وقد اشتملت الخطبة على عدد من العناصر كان أهمها: أمر الله -جل وعلا- بالأمانة، والْقِيَامَ بِالْأَمَانَةِ وَالِاهْتِمَامَ بِشَأْنِهَا صِفَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، والْخِيَانَةَ مِنْ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ، والْأَمَانَةِ أَصْلٌ فِي جَمِيعِ التَّكَالِيفِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْأَوَامِرِ الرَّبَّانِيَّةِ، الأمانة مِنْ مَقَايِيسِ حَضَارَةِ الْأُمَمِ، وضَيَاعَ الْأَمَانَةِ أَمَارَةٌ عَلَى قُرْبِ السَّاعَةِ، وَخَيْرُ مَنْ يَتِمُّ اخْتِيَارُهُ وَتَقْدِيمُهُ فِي تَوَلِّي شُؤُونِ الْمُسْلِمِينَ وَإِدَارَةِ مَصَالِحِهِمْ.
إِنَّ اللهَ -جل وعلا- أَمَرَ بِأَدَاءِ الْأَمَانَةِ؛ فَقَالَ -تَعَالَى-: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (النساء: 58)، وَنَهَى عَنْ سُلُوكِ سَبِيلِ الْخِيَانَةِ؛ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (الأنفال: 27). وَجَعَلَ سُبْحَانَهُ إِيفَاءَ الْأَمَانَةِ مِنْ أَعْظَمِ دَلَائِلِ الْإِيمَانِ، وَأَجَلِّ صِفَاتِ أَهْلِ الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ؛ فَقَالَ -جل وعلا-: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} (المؤمنون: 8). وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَدْلُولَ الْأَمَانَةِ وَاسِعٌ، وَمَفْهُومَهَا شَاسِعٌ، فَأَعْظَمُهَا وَأَجَلُّهَا أَمَانَةُ التَّكْلِيفِ الَّتِي نَاءَتْ بِحَمْلِهَا السَّمَاوَاتُ الشِّدَادُ، وَالْأَرْضُ الْمِهَادُ، وَالْجِبَالُ الْأَوْتَادُ، وَتَعَهَّدَ بِحَمْلِهَا الْإِنْسَانُ؛ قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } (الأحزاب: 72)؛ فَالْعَبْدُ الْمُوَفَّقُ مَنِ اسْتَشْعَرَ عِظَمَ الْمَسْؤُولِيَّةِ، فَالْتَزَمَ الْأَوَامِرَ، وَاجْتَنَبَ النَّوَاهِيَ وَالزَّوَاجِرَ؛ لِيَحْظَى بِالْفَضْلِ وَالنَّوَالِ، وَيَبْتَعِدَ عَنِ الْعَذَابِ وَالنَّكَالِ.
الْقِيَامُ بِالْأَمَانَةِ صِفَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ
إِنَّ الْقِيَامَ بِالْأَمَانَةِ وَالِاهْتِمَامَ بِشَأْنِهَا صِفَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، وَنَعْتُ الْأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ؛ فَالْأَنْبِيَاءُ وَالْمُرْسَلُونَ- عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- اتَّفَقُوا عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فِي دَعْوَةِ أَقْوَامِهِمْ، فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمْ لِقَوْمِهِ: {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } (الشعراء: 107). وَهِيَ رَايَةُ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَمَارَةُ عِبَادِ اللهِ الْمُتَّقِينَ؛ فَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالْمُؤْمِنِ؟ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ» (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ)، وَالْمُسْلِمُ مَأْمُورٌ بِالْأَمَانَةِ، وَلَوْ قُوبِلَ بِالْخِيَانَةِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ» (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).
الْخِيَانَةُ مِنْ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ
وَقَدْ عَدَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الْخِيَانَةَ مِنْ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ)، بَلْ قَدْ نَفَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الْإِيمَانَ عَنْ صَاحِبِ الْخِيَانَةِ؛ فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: مَا خَطَبَنَا نَبِيُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَّا قَالَ: «لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ» (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).
مُرَاعَاةُ الْأَمَانَةِ أَصْلٌ فِي جَمِيعِ
التَّكَالِيفِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْأَوَامِرِ الرَّبَّانِيَّةِ
إِنَّ مُرَاعَاةَ الْأَمَانَةِ أَصْلٌ فِي جَمِيعِ التَّكَالِيفِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْأَوَامِرِ الرَّبَّانِيَّةِ؛ فَالتَّوْحِيدُ أَمَانَةٌ فِي عُنُقِكَ، لَا يَقْبَلُ اللهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا إِلَّا بِهِ؛ بَلْ هُوَ أَسَاسُ الْأَمَانَةِ، وَأَصْلُ الدِّيَانَةِ، وَالصَّلَاةُ أَمَانَةٌ بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللهِ؛ فَأَنْتَ مُؤْتَمَنٌ عَلَى شُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا وَوَاجِبَاتِهَا، وَالْأَيْمَانُ وَالْعُهُودُ وَالْمَوَاثِيقُ فِي مُعَامَلَةِ الْخَالِقِ وَفِي مُعَامَلَةِ الْخَلْقِ أَمَانَةٌ؛ بَلْ جَوَارِحُكَ وَسَمْعُكَ وَبَصَرُكَ وَلِسَانُكَ أَنْتَ مُؤْتَمَنٌ عَلَيْهَا؛ فَهِيَ نِعْمَةٌ مِنَ اللهِ إِلَيْكَ، وَأَمَانَةٌ مُودَعَةٌ لَدَيْكَ، وَسَوْفَ تُحَاسَبُ أَمَامَ اللهِ أَحَفِظْتَ أَمْ ضَيَّعْتَ؟ قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا } (الإسراء: 36). وَالْوَظِيفَةُ وَالْعَمَلُ الْمَنُوطُ بِكَ أَمَانَةٌ؛ فَيَجِبُ الْقِيَامُ بِحَقِّهَا، وَالْحَذَرُ مِنَ التَّفْرِيطِ بِهَا، وَإِحْسَانُ الزَّوْجَيْنِ بَعْضِهِمَا لِبَعْضٍ مِنَ الْأَمَانَةِ الَّتِي يَجِبُ حِفْظُهَا وَالْقِيَامُ بِحَقِّهَا، وَالْأَوْلَادُ أَمَانَةٌ؛ فَيَجِبُ تَرْبِيَتُهُمْ عَلَى الْفَضِيلَةِ، فَيُسْقَوْنَ بِمَائِهَا، وَيَنْهَلُونَ مِنْ مَعِينِهَا، وَيُتَعَاهَدُونَ بِالنُّصْحِ وَالتَّوْجِيهِ وَالرِّعَايَةِ وَالتَّهْذِيبِ؛ قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } (التحريم: 6).
الأمانة مِنْ مَقَايِيسِ حَضَارَةِ الْأُمَمِ
إِنَّ مِنْ مَقَايِيسِ حَضَارَةِ الْأُمَمِ، وَمِنْ مَعَايِيرِ تَقَدُّمِهَا وَرُقِيِّهَا: نَزَاهَةَ أَفْرَادِهَا، وَأَمَانَةَ أَبْنَائِهَا، فَإِذَا اضْطَرَبَ فِيهَا هَذَا الْأَمْرُ تَصَدَّعَ بُنْيَانُهَا، وَاخْتَلَّ نِظَامُهَا، وَاسْتَشْرَى فَسَادُهَا؛ فَلَا خَيْرَ فِي أُمَّةٍ سَادَهَا الْمَكْرُ وَالْخِيَانَةُ، وَتَشَعَّبَ فِيهَا الْخِدَاعُ وَالْإِضَاعَةُ؛ فَالْأَمَانَةُ عُنْوَانُ الصَّلَاحِ، وَيَنْبُوعُ الْخَيْرِ وَالْفَلَاحِ؛ فَعَنْ حُذَيْفَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثَيْنِ، رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الْآخَرَ: حَدَّثَنَا: «أَنَّ الْأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ»، وَحَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِهَا قَالَ: «يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ، فَتُقْبَضُ الْأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ....، فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ، فَلَا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ، فَيُقَالُ: إِنَّ فِي بَنِي فُلَانٍ رَجُلًا أَمِينًا! وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ: مَا أَعْقَلَهُ وَمَا أَظْرَفَهُ وَمَا أَجْلَدَهُ! وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ).
ضَيَاعَ الْأَمَانَةِ أَمَارَةٌ عَلَى قُرْبِ السَّاعَةِ
إِنَّ ضَيَاعَ الْأَمَانَةِ أَمَارَةٌ عَلَى قُرْبِ السَّاعَةِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم - فِي مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ، جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحَدِّثُ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ لَمْ يَسْمَعْ، حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ قَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ؟» قَالَ:هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَإِذَا ضُيِّعَتِ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ»، قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟ قَالَ: «إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).
استغلال الْمَسْؤُول مَنْصِبَهُ
وَمِنْ تَضْيِيعِ الْأَمَانَةِ: أَنْ يَسْتَغِلَّ الْمَسْؤُولُ مَنْصِبَهُ أَوِ الْمُوَظَّفُ وَظِيفَتَهُ لِجَرِّ نَفْعٍ لِأَجْلِ قَرَابَةٍ أَوْ قَبِيلَةٍ أَوْ حِزْبٍ أَوْ تَيَّارٍ -مُتَنَاسِيًا الْعَدَالَةَ وَالْكَفَاءَةَ-، أَوْ أَنْ يَعْبَثَ بِالْمَالِ الْعَامِّ لِنَفْعِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ تَزَلُّفًا أَوْ مُحَابَاةً، فَهَذَا قَدْ خَانَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ؛ فَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَعْمَلَ عَامِلًا، فَجَاءَهُ الْعَامِلُ حِينَ فَرَغَ مِنْ عَمَلِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ لِي. فَقَالَ لَهُ: «أَفَلَا قَعَدْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ، فَنَظَرْتَ أَيُهْدَى لَكَ أَمْ لَا؟» ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشِيَّةً بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَتَشَهَّدَ وَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، فَمَا بَالُ الْعَامِلِ نَسْتَعْمِلُهُ، فَيَأْتِينَا فَيَقُولُ: هَذَا مِنْ عَمَلِكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ لِي؟! أَفَلَا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَنَظَرَ: هَلْ يُهْدَى لَهُ أَمْ لَا؟ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَغُلُّ أَحَدُكُمْ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا جَاءَ بِهِ لَهُ رُغَاءٌ، وَإِنْ كَانَتْ بَقَرَةً جَاءَ بِهَا لَهَا خُوَارٌ، وَإِنْ كَانَتْ شَاةً جَاءَ بِهَا تَيْعَرُ، فَقَدْ بَلَّغْتُ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ).
خَيْرُ مَنْ يَتِمُّ اخْتِيَارُهُ وَتَقْدِيمُهُ
وَخَيْرُ مَنْ يَتِمُّ اخْتِيَارُهُ وَتَقْدِيمُهُ فِي تَوَلِّي شُؤُونِ الْمُسْلِمِينَ وَإِدَارَةِ مَصَالِحِهِمْ: مَنْ خُبِرَ فِيهِ الْأَمَانَةُ، وَعُرِفَ عَنْهُ الصِّدْقُ وَالدِّيَانَةُ، وَالْحِرْصُ عَلَى الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ لِلْوَطَنِ وَالْمُوَاطِنِينَ؛ قَالَ اللَّهُ -تَعَالَى-: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} (القصص: 26). هَذَا هُوَ الطَّرِيقُ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِي الْوِلَايَاتِ: أَنْ يُخْتَارَ الْقَوِيُّ فِي الْقِيَامِ بِالْأَمْرِ، وَالْأَمِينُ فِي حِفْظِ الشَّيْءِ؛ فَيَجِبُ تَوْلِيَةُ الْأَمْثَلِ فَالْأَمْثَلِ؛ فَإِنَّ صَلَاحَ الْأُمُورِ بِصَلَاحِ الْمُتَوَلِّينَ وَالْمُدَبِّرِينَ لَهَا وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا، وَإِنَّ اخْتِيَارَ الْقَوِيِّ الْأَمِينِ لَيْسَ لِمَصْلَحَةِ النَّاخِبِ وَحْدَهُ بَلْ هُوَ لِمَصْلَحَةِ الْوَطَنِ بِرُمَّتِهِ، كَمَا أَنَّ اخْتِيَارَ الضَّعِيفِ فِي كَفَاءَتِهِ الْخَائِنِ لِأَمَانَتِهِ: هُوَ خِيَانَةٌ لِلْأُمَّةِ بِأَسْرِهَا، وَتَضْيِيعٌ لِلْأَمَانَةِ وَتَكْرِيسٌ لِلْفَسَادِ وَالْخِيَانَةِ.
مِنْ أَعْظَمِ الْخِيَانَةِ
وَمِنْ أَعْظَمِ الْخِيَانَةِ: أَنْ يُخْتَارَ الْمَرْءُ عَلَى أَسَاسٍ فِئَوِيٍّ ضَيِّقٍ أَوْ مَادِّيٍّ بَحْتٍ، بَعِيدًا عَنِ الْكَفَاءَةِ وَالنَّزَاهَةِ، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ خَابَ سَعْيُهُ وَضَلَّ عَمَلُهُ، وَأَفْسَدَ الذِّمَّةَ وَخَانَ الْأُمَّةَ وَضَاعَ أَمَلُهُ، وَأَحَلَّ لَعْنَةَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ؛ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رضي الله عنهمَا- قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ» ( رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ).
الْوَطَنُ أَمَانَةٌ فِي أَعْنَاقِكُمْ
إِنَّ الْوَطَنَ أَمَانَةٌ فِي أَعْنَاقِكُمْ، فَاخْتَارُوا مَنْ يَقُومُ بِحَقِّهِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَأَمَانَتَهُ وَقُوَّتَهُ وَكَفَاءَتَهُ، فَهَذِهِ شَهَادَةٌ سَتُـكْتَبُ، وَتُحَاسَبُونَ عَلَيْهَا؛ فَأَحْسِنُوا الِاخْتِيَارَ لِمَا فِيهِ مَصْلَحَةُ دِينِكُمْ وَدُنْيَاكُمْ، وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 77.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 75.30 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.24%)]