التصور والتصديق في أسلوب الاستفهام - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1174 - عددالزوار : 131444 )           »          3 مراحل لانفصام الشخصية وأهم أعراضها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          متلازمة الشاشات الإلكترونية: كل ما تود معرفته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          ما هي أسباب التعرق الزائد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          أضرار الوجبات السريعة على الأطفال: عواقب يُمكنك تجنبها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          الوقاية من القمل بالقرنفل: أهم الخطوات والنصائح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          علاج جفاف المهبل: حلول طبيّة وطبيعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          الوقاية من القمل في المدارس: دليل شامل للأهل والمعلم! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          الوقاية من التهاب الكبد: 9 خطوات بسيطة لصحة أفضل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الوقاية من الجلطات: دليلك الشامل لصحة أفضل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى الإنشاء
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الإنشاء ملتقى يختص بتلخيص الكتب الاسلامية للحث على القراءة بصورة محببة سهلة ومختصرة بالإضافة الى عرض سير واحداث تاريخية عربية وعالمية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 13-02-2020, 03:58 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,857
الدولة : Egypt
افتراضي التصور والتصديق في أسلوب الاستفهام

التصور والتصديق في أسلوب الاستفهام


قصي سمير العزاوي





دراسة بلاغية لآيات القرآن الكريم


الملخص:
يعد التصور والتصديق من المصطلحات البلاغية البحته، إذ أن علماء النحو لم يذكروا هذين المصطلحين بصورة واضحة وإنما اكتفوا بالإشارة إليهما فقط وأول من أشار إلى هذين المصطلحين عند النحاة سيبويه في باب النسبة والإفراد في الاستفهام. وجاءت التسمية على يد السكاكي في القرن السادس الهجري في كتابه مفتاح العلوم فأخذ كل علوم البلاغة الموجودة في بطون أمهات الكتب اللغوية، ففصلها وشرحها ووسعها فتكونت عنده مصطلحات جديدة فأصبح لزاما عليه أن يسمي المصطلحات حسبما يتطلب المعنى ومن هنا ظهر التصور والتصديق في علم البلاغة.

فالاستفهام التصوري هو عن التردد في تبيين أحد شيئين، فبالاستفهام يعلم انه أحاط العلم بأحدهما لا بعينه سواء كان مسندا، أو مسندا إليهما، أو من متعلقات الإسناد. ويصلح أن يؤتى بعد التصور (أم) المتصلة المعادلة العاطفة لا المنقطعة.

أما الاستفهام التصديقي هو يكون عن نسبة تردد الذهن بين ثبوتها، وانتفائها. وحقه أن يؤتى بعده (أم) المنقطعة لا المتصلة.

ولا يكون الاستفهام لطلب التصور إلا بعد حصول التصديق بأصل النسبة ولعل التصور والتصديق له حضور واضح في القرآن الكريم لما يجسداه من عمق ذهني وإثراء لغوي إذ يهدف المصطلحان إلى تحديد دلالة الاستفهام في الخطاب القرآني فالتصوري يحتاج إلى تعيين الجواب فقط ولا يحتاج إلى إجابة بنفي أو إثبات. أما التصديقي فيتطلب أداة من أدوات الجواب سواء كانت مثبته أو منفية. وبهذا فقد قسم الاستفهام في القرآن إلى قسمين تصوري وتصديقي. وتهدف المقالة إلى إزاحة ما كان يكتنف البحوث من توزيع وتفرق لأقسام الاستفهام ومعانيه، فلمَّ شتاتهم، ونظم ما كان منه من أفكار متناثرة، ونتف مفرقة.

المقدمة:

أجمع العلماء إن أساس التصور والتصديق هو العلم أو الدراية.
والعلم هو إدراك الشيء بحقيقته عند العقل ويظهر هذا المعنى جليا في القرآن الكريم في العديد من الآيات ومن ذلك قوله تعالى ﴿ أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى ﴾ [النجم: 35]. وقوله عز من قائل ﴿ كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمْ ﴾ [التكاثر 5 - 6]. ويكون العلم أما قطعيا وهو اليقين كما ذكر في الآية المباركة أو ظنيا على سبيل المجاز كقوله عز من قائل ﴿ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ ﴾ [الممتحنة 10].

أي: ولو كان علمكم بمستوى الإدراك أو الظن فخذوا بإيمانهن والله أعلم.

ومن العلماء من قسمه إلى نوعين العلم الحضوري، والعلم الحصولي. فان كان تميزه ظهوره عند العقل في الخارج يسم علما حضوريا، وان كان تميزه وحضوره وظهوره عند العقل بصورته الحاصلة له في العقل يسم علما حصوليا، وينقسم العلم أيضا إلى قسمين: هما التصور والتصديق.

ويعد أول من طرق باب التصور والتصديق سيبويه "ولا يحق لمنصف أن يتنكر لجهوده التي قدمها لخدمة البلاغة العربية بدعوى انه لم يذكر لها مصطلحات، وإنما يحق لنا أن نقول إن سيبويه كان حجر الأساس في بناء البلاغة العربية بما ذكره من موضوعات تدخل في علم المعاني كالتقديم والتأخير والاستفهام وكما لم يفته أن يتناول أسرار التراكيب وتأليف الكلمات وصوغ العبارات وإبراز الفرق بين تعبير وآخر، وان اهتمامه لم يكن قاصرا على أواخر الكلمات، وبيان إعرابها وبنائها، وإنما تجاوز ذلك إلى نظم الجملة والجمل" ينظر[1].

أما إمام البلاغيين الشيخ عبد القاهر الجرجاني فقد درس التصور والتصديق على أساس أدوات الاستفهام لفهم يختلف كثيرا عن سيبويه وآراءه حتى قال فيه شوقي ضيف " ونراه يعرض أمثلة كثيرة لصياغات مختلفة مع همزة الاستفهام، تارة يليها فيها الفعل وتارة يليها الاسم، مبينا ما بينها من دقائق بلاغية، ذلك انك إذا سألت شاعرا ( أأنت قلت هذا الشعر؟) مقدما الضمير على الفعل كان الشك في قائل الشعر اهو المخاطب أم غيره. أما الشعر فلا شك فيه وإذا سألته: ( أقلت هذا الشعر؟) كان الشك في الفعل نفسه وهل نظم الشعر حقا أو لم ينظمه.


فالتقديم والتأخير لا يأتيان للاهتمام أو العناية، وإنما يأتيان لتحرير المعاني وضبطها ورتب على ذلك إن هذا السائل يستطيع أن يسأل صاحبهأقلت شعرا قط؟) فيكون كلامه صحيحا مستقيما، ولكن لو سأله (أأنت قلت شعرا قط؟) كان قد أخطا في سؤاله، لأنه جمع فيه بين إثبات الفعل والشك في حدوثه، إذ السؤال مسلط على الشخص لا على فعله، فكان ينبغي أن لا تضيف كلمة (قط). وهذا نفسه يطبق في كل صيغة للاستفهام بالهمزة، فدائما يليها المسؤول عنه سواء في التقرير أو غير التقرير"[2].

ويعد السكاكي أول من ذكر تسميات المصطلحات البلاغية وجعلها في أبواب مستقلة وعلوم منفردة في كتابه مفتاح العلوم الذي جعل فيه النزعة المنطقية والجدلية ذات طابع واضح في أفكاره. فقد أطلق التصور والتصديق كعنوان بلاغي في باب علم المعاني، فطبق هذين المصطلحين بصورة عملية في القرآن الحكيم. ولم يقف التصور والتصديق عند السكاكي فحسب بل تبحر المفسرون والبلاغيون في هذين المصطلحين. أمثال ابن الزملكاني أبو المكارم عبد الواحد بن عبد الكريم (ت 651 هـ) في كتابيه ( التبيان في علم البيان المطلع على إعجاز القرآن) و ( البرهان الكاشف عن إعجاز القرآن ) ينظر[3]. ومن البلاغيين الخطيب القزويني الذي قام بدراسة كتاب السكاكي فصنفه وشرحه شرحا مفصلا مبينا الحجج والعلل في جميع الآراء البلاغية التي تناولها السكاكي.

الاستفهام التصوري عند البلاغيين في القرآن الحكيم:

تصورت الشيء: توهمت صورته فتصور لي. ولا أتصور ما تقول"[4].
" فهو إدراك الماهية" انظر[5]. من غير أن يحكم عليها بنفي أو إثبات"[6].. وقال الغزالي في الماهية "اعلم أن قول القائل في الشيء ما هو" ينظر[7].

والتصور من الناحية البلاغية "هو إدراك المفرد كقولك (أعلي مقيم أم محمد). تعتقد إن السفر حصل في أحدهما ولكنك تطلب تعيينه ولذا يجاب بالتعيين فيقال علي مثلا"[8](5). ونعني بالإدراك هو تعيين أحد طرفين الإسناد أو احد أجزاء الجملة و"تأتي الهمزة متلوة بالمسئول عنه ويذكر له في الغالب معادل بعد (أم) المتصلة وسبب تسميتها بالمتصلة لأنها تأتي بعد همزة التصور"[9].

ومن ذلك قوله تعالى ﴿ قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة 140]. وقوله جل وعلا ﴿ سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ ﴾ [إبراهيم 21]. فهذه الآيتان المباركتان لا تتطلب الإجابة بهما إلا بالتعيين. ولا يحتاج إلى الإجابة بنعم أو لا أو غير ذلك من أدوات الجواب.

وقسم الشيخ المظفر التصور إلى أربعة أقسام "أولا المفرد الذي يتكون من اسم وفعل وحرف وثانيا النسبة في الخبر عند الشك أو توهمها كقولك (المريخ مسكون) وثالثا النسبة في الإنشاء من أمر ونهي وتمن واستفهام فلا تصديق ولا إذعان وأخيرا المركب الناقص كالمضاف والمضاف اليه وغيرها"[10].
والتصور من الناحية البلاغية "هو إدراك المفرد كقولك (أعلي مقيم أم محمد). تعتقد إن السفر حصل في احدهما ولكنك تطلب تعيينه ولذا يجاب بالتعيين فيقال علي مثلا[11].
وفي هذه الحالة "تأتي الهمزة متلوة بالمسؤول عنه ويذكر له في الغالب معادل بعد (أم) المتصلة وسبب تسميتها بالمتصلة لأنها تأتي بعد همزة التصور"[12].

وإن طلب التصور مرجعه إلى تفصيل المجمل أو تفصيل المفصل بالنسبة[13].
فهو إدراك أحد أجزاء الجملة المسند أو المسند إليه أو احد المتعلقات ولكنه يجهل أحد أجزاء البناء[14]. ومن ذلك قوله تعالى ﴿ قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة 140]. وقوله جل وعلا ﴿ سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ ﴾ [ابراهيم 21]. فهذه الآيتان المباركتان لا تتطلب الإجابة بهما إلا بالتعيين.

الاستفهام التصديقي عند البلاغيين في القرآن الحكيم:

التصديقمن "الصدق نقيض الكذب صدقه قبل قوله، وصدقه الحديث أي أنبأه بالصدق"[15]. وعند قولك رجل صديق، أي عنده مصداق ذلك وهو ما يصدقه من دليل[16]. وعرفه المناطقة بأنه "تصور ولكنه تصور يستتبع الحكم وقناعة النفس وتصديقها[17]. أشار الغزالي (ت505هـ) "بأنه بخلاف العلم والمعرفة"[18]. أما اللغويون فلم يبتعدوا عن هذا كثيرا فعبروا "بأنه نسبة الصدق في القلب أو اللسان إلى القائل. وضده الإنكار والتكذيب"[19].

والتصديق اصطلاحا عند أهل البلاغة فهو "إدراك النسبة تستفهم عن حصول الشيء من عدمه"[20]."وفي هذه الحالة يمتنع ذكر المعادل وإذا جاءت (أم) بعد همزة التصديق تكون منقطعة وتكون بمعنى بل"[21]. ويطلب التصديق "تعين الثبوت أو الانتفاء في مقام التردد"[22]. "وذلك عندما يكون السائل عالما بأجزاء الإسناد، ويجهل الحكم أو مضمون الجملة فهو يسأل ليقف على هذا الحكم، فعندما تدخل أدوات الاستفهام على الجملة الخبرية يكون الاستفهام بها عن احد الأمرين أما عن النسبة أي الإسناد أو الحكم المفاد من الجملة ويسمى تصديقا"[23].

ويكثر التصديق في الجمل الفعلية كقولك (أحضر الأمير) تستفهم عن ثبوت النسبة ونفيها وفي هذه الحالة يجاب بلفظه (نعم أو لا)[24]. ومنه قوله تعالى: ﴿ أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى ﴾ [العلق 13]. وقوله عز من قائل ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ﴾ [التين 8]. فالتصديق حول ثبوت النسبة أو عدمها كان قد استفهم الجمل الفعلية في(رأيت، و ليس). ويقل التصديق في الجمل الاسمية نحو (أعلي مسافر)"[25].

ومثال ذلك قوله تعالى: ﴿ أَهَـؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِم ﴾ [المائدة 53]. وقوله تعالى: ﴿ أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى ﴾ [النجم 35].

أما اللغويون فلم يبتعدوا عن هذا كثيرا فعبروا "بأنه نسبة الصدق في القلب أو اللسان إلى القائل. وضده الإنكار والتكذيب"[26].

والتصديق اصطلاحا عند أهل البلاغة فهو "إدراك النسبة تستفهم عن حصول الشيء من عدمه[27] ومما تحسن به الإشارة إن التصور والتصديق يكثر في الأسلوب الاستفهامي فيشمل جميع أدوات الاستفهام ولهذا فقد قسم علماء البلاغة أدوات الاستفهام بحسب طلب المتكلم إلى أدوات تصديقية وأدوات تصوريه وأدوات تحتمل التصور والتصديق.


أقسام أدوات الاستفهام بحسب الطلب:
فقد قسم أهل البلاغة أدوات الاستفهام بحسب الطلب إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول:
ما يستفهم عن التصور والتصديق وهو (همزة الاستفهام) فقط[28].

"أي يستفهم عن المفرد وعن الحكم"[29].
فالمفرد هو التصور والحكم هو التصديق، ومن العلماء من قال أنها لا تتخصص لا بالتصور ولا تختص بالتصديق، والهمزة من هذا النوع[30].

إذ أنها عامة تأتي لطلب التصور وتأتي لطلب التصديق. "فيطلب بالهمزة إدراك النسبة الواقعة بين الطرفين ثبوتا أو نفيا، وذلك إذا كان المتكلم يجهل مضمون الجملة ويتردد في ثبوتها لأمر أو نفيها عن ذلك الأمر"[31].

فالهمزة تطلب احد الأمرين التصور أو التصديق سواء أكان مسندا إليه نحو (أأنت فعلت هذا أم يوسف). أم مسندا نحو (أراغب أنت عن الأمر أم راغب فيه) أم مفعولا نحو (اياي تقصد أم سعيدا) أم حالا نحو (أراكب حضرت أم ماشيا) أم ظرفا نحو (أيوم الخميس قدمت أم يوم الجمعة)"[32].

"فإذا كانت الهمزة لطلب التصديق كان جواب الاستفهام بـ(نعم) أو(لا).

ولا يذكر معها معادل ويليها غالبا الفعل إن وجد"[33] تقول في طلب التصديق بها (أحصل الانطلاق)؟ و (أزيد منطلق)؟ فأنت تطلب تفصيل المسند إليه، وهو المظروف"[34].

والمسؤول عنها بها هو ما يليها، فتقول (أضربت زيدا)؟ إذا كان الشك في الفعل نفسه، وأردت بالاستفهام أن تعلم وجوده، وتقول (أزيدا ضربت)؟ إذا كان الشك في المفعول (من هو)"[35].

ومن ذلك قول الشاعر:

أأترك إن قلت دراهم ♦♦♦ خالد زيارته؟ إني إذا للئيم

فالجواب هنا بالنفي أي (لا) لن اترك زيارته إن قل ماله، لأن السؤال عن التصديق، إذا المتكلم يعرف الفعل ويتصور الفاعل وهو المتكلم نفسه كما يتصور النسبة بين تلك الأجزاء، ولكنه يتساءل أتقع أم لا تقع"[36] فهو إذا "يجهل الحكم أو مضمون الجملة، فهو يسأل ليقف على هذا الحكم"[37] والتصديق بالهمزة ورد في القران الحكيم كثيرا ومنه قوله تعالى ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ ﴾ [الأنعام 46]. فتساؤل الخالق أرأيتم ما فعل الله بهم أم لا. وقوله جل وعلا ﴿ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ ﴾ [الأنعام 30].فالإجابة تصديقية (نعم هذا بالحق) أو (لا ليس بالحق).

" ومن أهم الأمور التي يجب توفرها في (همزة) التصديق إنه لا يجوز ذكر المعادل بعدها ولذا ترى إن الجواب فيها بنعم أو لا "[38]. ومما تحسن الإشارة إليه إن بعض العلماء جعل الهمزة تختص بالتصديق دون التصور وهذا ما نراه جليا في الإيضاح للخطيب القزويني"[39]. وإذا كانت الهمزة للتصور "فإنها تدل على إدراك المفرد نحو أعلي مسافر أم سعيد تعتقد إن السفر من احدهما ولكن تطلب تعيينه ولذا يجاب بالتعيين، فيقال سعيد مثلا. وحكم الهمزة التي لطلب التصور، أن يليها المسؤول عنه بها "[40].

وهمزة الاستفهام عن "التصور يكون عند التردد في تعيين احد الشيئين، فبالاستفهام يعلم انه أحاط بأحدهما لا بعينه مسندين أم مسندا إليهما أم من تعلقات الإسناد ومثال ذلك (أقائم زيد أم قعد) احتمل أن يكون المعنى أي الأمرين كان منه، ويكون استفهاما واحدا لطلب التصور كقوله تعالى: ﴿ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ ﴾ "[ص 75][41].


وقد يأتي طلب التصور بالهمزة في طرف المسند إليه ومثال ذلك "(أدبس في الإناء أم عسل)؟ وفي طرف المسند (أفي الخابية دبسك، ام في الزق)؟ وفي الثاني تطلب تفصيل المسند وهو الظرف"[42]، ومن خلال ذلك إن التصور هو "إدراك احد أجزاء الجملة عندما يكون السائل عالما بالحكم ولكنه يجهل احد أجزاء البناء، ولذلك وجب أن يليها المستفهم عنه ويذكر للمستفهم عنه غالبا أم المتصلة وقد يستغنى عن ذلك المعادل إذا وجد ما يدل عليه ولا يكون جواب الاستفهام عندئذ بنعم أو لا، وإنما يكون بتعيين المستفهم عنه، وقد يستغنى عن المعادل إذا دل عليه دليل كما في قوله تعالى ﴿ قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ ﴾ [الأنبياء 62].

فالسياق وقرائن الأحوال تدل على أن المسؤول عنه هو الفاعل، حيث أشاروا إلى الفعل (هذا) فهو معلوم لهم والمعنى (أأنت فعلت هذا أم غيرك)؟ وقد أجابهم عليه السلام معينا لهم الفاعل على سبيل التهكم ﴿ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ ﴾ "[الأنبياء 63][43].


فإذا يكون "الجواب عنها بتعيين المسؤول عنه من فعل أو فاعل أو غيره، ولا يصح أن يكون الجواب بـ(نعم) أو (لا)"[44].
ويجب أن يكون تعيين المسؤول عنه "موافق لما بعد الهمزة ومن ذلك قوله عز من قائل: ﴿ أَاطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْداً ﴾ [مريم 78]. وقوله: ﴿ قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ ﴾ [البقرة 140].

حيث تجد إن ما بعد (أم) مماثل لما بعد الهمزة ولذا من الخطأ أن تقول (أزيد أكرمت أم أهنت) لتناقض ما بعد الهمزة مع ما بعد أم المتصلة، وهو ليس تناقض في تركيب العبارة فحسب بل تناقض واضطراب في الإدراك والوعي"[45].

وهنالك من الأمثلة ما يصلح للتصور والتصديق معا في باب الاستفهام بالهمزة "فتقول (أمحمد جاء من السفر)؟ فتجعل ذلك تصديقا للسؤال عن الحكم فتكون الإجابة (بنعم) أو (لا) وبنفس الوقت تدل الجملة على التصور فتقول (أمحمد جاء من السفر أم خالد)؟ فدلت الجملة على التصديق تارة ولا يذكر بعدها أم المعادلة، وللتصور تارة أخرى ويجوز ذكر أم المعادلة بعدها. فالتصور والتصديق إنما ترجع إلى اعتبار المتكلم، وقصده، وغرضه من الكلام، وفهم المتكلم له، وقد يسأل عن الحكم وقد يسأل عن المفرد وقد يقصد هذا وذاك"[46].

وبرغم اعتبارات المتكلم وقصده إلا انه "يوجد فرق واضح بين الاستفهام بالهمزة عن التصور والاستفهام بها عن التصديق من وجهين الأول لفظي: وهو إن الاستفهام عن التصور يقع بعده (أم المتصلة) وأما الاستفهام عن التصديق فلا يصلح إلا بعد (أم المنقطعة). والثاني معنوي: هو إن الاستفهام عن التصديق يكون عن نسبة تردد الذهن فيها بين ثبوتها أو نفيها، والاستفهام عن التصور يكون عند التردد في تعيين احد الشيئين"[47].

ووجد للباحث إن الهمزة ليست الحرف الوحيد الذي يدل على التصور والتصديق وإنما يتبعه في ذلك (أم) فإنها تأتي للتصور والتصديق كما الهمزة، فهي تعد من أقوى الحروف تأثيرا على الجملة الاستفهامية بعد الهمزة، وتأتي (أم) متصلة إذا جاءت بعد همزة التصور بمعنى "إن ما بعدها يكون داخلا في حيز الاستفهام السابق عليها. أما إذا جاءت بعد همزة التصديق أو بعد (هل) التصديق تكون أم في حالتين أما في حالة (همزة التصديق، وهل). أو تقدر منقطعة تأتي بمعنى بل التي تكون للإنتقال من كلام إلى آخر لا يمتد تأثير الاستفهام السابق إليه. وبعبارة أخرى يكون الكلام الذي يلي أم المنقطعة خبرا لا إنشائيا"[48].
يتبع






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 107.85 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 106.13 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.60%)]