عِبَرٌ وَفَوَائِدُ مِنْ قِصَّةِ جُرَيْجٍ الْعَابِدِ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         السنة في ليلة العرس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          مسّ الحائض والجُنُب المصحف بِلا حائل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          حُكم التعزية قبل الدفن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          الحلال والحرام في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          السّجود للتلاوة على غير السّجادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الزكاة على العملات القديمة أو الجديدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          إعادة صلاة الجماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          اصطفاف أهل الميت عند باب المقبرة لتلقي التعازي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          مكارم الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12 - عددالزوار : 7848 )           »          الذكاء الاصطناعي في خدمة العلوم الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-01-2025, 09:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,772
الدولة : Egypt
افتراضي عِبَرٌ وَفَوَائِدُ مِنْ قِصَّةِ جُرَيْجٍ الْعَابِدِ

خطبة وزارة الأوقاف – عِبَرٌ وَفَوَائِدُ مِنْ قِصَّةِ جُرَيْجٍ الْعَابِدِ


  • مِنَ فَوَائِدِ قصة جريج جَوَازُ قَطْعِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ لِإِجَابَةِ نِدَاءِ الْوَالِدَيْنِ إِذَا عَلِمَ تَأَذِّيَ الْوَالِدَيْنِ بِالتَّرْكِ
  • إِذَا تَعَرَّفَ الْإِنْسَانُ إِلَى اللَّهِ -تَعَالَى- فِي الرَّخَاءِ عَرَفَهُ اللَّهُ فِي الشِّدَّةِ فَإِنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَانَ عَابِدًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَمَّا وَقَعَ فِي الشِّدَّةِ الْعَظِيمَةِ أَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ الْخُطُوبِ الْجَسِيمَةِ
جاءت خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لهذا الأسبوع 10 من رجب 1446 هـ بعنوان: (عِبَرٌ وَفَوَائِدُ مِنْ قِصَّةِ جُرَيْجٍ الْعَابِدِ)؛ حيث بينت الخطبة أنَّ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ مَلِيءٌ بِالْقَصَصِ وَالْأَخْبَارِ، وَزَاخِرٌ بِالْحِكَمِ وَالْأَحْكَامِ وَالْأَسْرَارِ، وَمَا ذَلِكَ إِلَّا دَعْوَةٌ لِلتَّأَمُّلِ وَالتَّفَكُّرِ، وَوَسِيلَةٌ لِلِاتِّعَاظِ وَالتَّدَبُّرِ، فَفِي الْقَصَصِ عِبَرٌ وَفَوَائِدُ، وَفِي سَرْدِهَا مَنَافِعُ وَعَوَائِدُ، قَالَ اللَّهُ -تَعَالَى-: {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (الأعراف:176)، وَقَالَ -سُبْحَانَهُ-: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ} (يوسف:111)، كما أشارت الخطبة إلى أن السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ قد زَخَرَتِ بِالْقَصَصِ الَّتِي تُؤَثِّرُ فِي الْقُلُوبِ وَتَأْخُذُ بِالْأَلْبَابِ، وَفِيهَا مِنَ الْعِبَرِ وَالْأَحْكَامِ وَالْفَوَائِدِ كَمَا فِي قَصَصِ الْكِتَابِ.
رَوَى الْإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ: عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ، وَكَانَ جُرَيْجٌ رَجُلًا عَابِدًا، فَاتَّخَذَ صَوْمَعَةً، فَكَانَ فِيهَا، فَأَتَتْهُ أُمُّهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، فَقَالَ: يَا رَبِّ! أُمِّي وَصَلَاتِي، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، فَانْصَرَفَتْ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، فَقَالَ: يَا رَبِّ! أُمِّي وَصَلَاتِي، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، فَانْصَرَفَتْ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ! أُمِّي وَصَلَاتِي، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى وُجُوهِ الْمُومِسَاتِ. فَتَذَاكَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ جُرَيْجًا وَعِبَادَتَهُ، وَكَانَتِ امْرَأَةٌ بَغِيٌّ يُتَمَثَّلُ بِحُسْنِهَا، فَقَالَتْ: إِنْ شِئْتُمْ لَأَفْتِنَنَّهُ لَكُمْ، قَالَ: فَتَعَرَّضَتْ لَهُ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا، فَأَتَتْ رَاعِيًا كَانَ يَأْوِي إِلَى صَوْمَعَتِهِ، فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ، فَلَمَّا وَلَدَتْ قَالَتْ: هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ، فَأَتَوْهُ فَاسْتَنْزَلُوهُ وَهَدَمُوا صَوْمَعَتَهُ وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ، فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟ قَالُوا: زَنَيْتَ بِهَذِهِ الْبَغِيِّ، فَوَلَدَتْ مِنْكَ، فَقَالَ: أَيْنَ الصَّبِيُّ؟ فَجَاءُوا بِهِ، فَقَالَ: دَعُونِي حَتَّى أُصَلِّيَ، فَصَلَّى، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَتَى الصَّبِيَّ فَطَعَنَ فِي بَطْنِهِ، وَقَالَ: يَا غُلَامُ، مَنْ أَبُوكَ؟ قَالَ: فُلَانٌ الرَّاعِي، قَالَ: فَأَقْبَلُوا عَلَى جُرَيْجٍ يُقَبِّلُونَهُ وَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ، وَقَالُوا: نَبْنِي لَكَ صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: لَا، أَعِيدُوهَا مِنْ طِينٍ كَمَا كَانَتْ، فَفَعَلُوا. وَبَيْنَا صَبِيٌّ يَرْضَعُ مِنْ أُمِّهِ، فَمَرَّ رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى دَابَّةٍ فَارِهَةٍ، وَشَارَةٍ حَسَنَةٍ، فَقَالَتْ أُمُّهُ: اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَ هَذَا، فَتَرَكَ الثَّدْيَ وَأَقْبَلَ إِلَيْهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ثَدْيِهِ فَجَعَلَ يَرْتَضِعُ». قَالَ: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَحْكِي ارْتِضَاعَهُ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ فِي فَمِهِ، فَجَعَلَ يَمَصُّهَا، قَالَ: «وَمَرُّوا بِجَارِيَةٍ وَهُمْ يَضْرِبُونَهَا وَيَقُولُونَ: زَنَيْتِ، سَرَقْتِ، وَهِيَ تَقُولُ: حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَقَالَتْ أُمُّهُ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهَا، فَتَرَكَ الرَّضَاعَ وَنَظَرَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا، فَهُنَاكَ تَرَاجَعَا الْحَدِيثَ، فَقَالَتْ: حَلْقَى (أَصَابَهُ اللهُ بِوَجَعٍ فِي حَلْقِهِ) مَرَّ رَجُلٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهُ، فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، وَمَرُّوا بِهَذِهِ الْأَمَةِ وَهُمْ يَضْرِبُونَهَا وَيَقُولُونَ زَنَيْتِ، سَرَقْتِ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهَا، فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا، قَالَ: إِنَّ ذَاكَ الرَّجُلَ كَانَ جَبَّارًا، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، وَإِنَّ هَذِهِ يَقُولُونَ لَهَا زَنَيْتِ وَلَمْ تَزْنِ، وَسَرَقْتِ وَلَمْ تَسْرِقْ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا».
أَحْكَامٌ وَعِبَـرٌ وَفَوَائِدُ
تِلْكُمْ قِصَّةُ جُرَيْجٍ الْعَابِدِ، فِيهَا أَحْكَامٌ وَعِبَـرٌ وَفَوَائِدُ، نَتَلَمَّسُهَا فِيهَا، وَنَقِفُ عَلَيْهَا، فَفِي قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: «وَكَانَ جُرَيْجٌ رَجُلًا عَابِدًا، فَاتَّخَذَ صَوْمَعَةً، فَكَانَ فِيهَا» مَشْرُوعِيَّةُ الْعِبَادَةِ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَجَوَازُ الِانْقِطَاعِ لَهَا، إِذَا فَرَغَ الْإِنْسَانُ مِنْ وَاجِبَاتِهِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَب} (الشرح: 7 - 8).
مَشْرُوعِيَّةُ الْعُزْلَةِ
وَمَشْرُوعِيَّةُ الْعُزْلَةِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَالْأَحْوَالِ، فَإِنْ كَانَ فِي مُخَالَطَةِ الْإِنْسَانِ لِغَيْرِهِ مِنَ النَّاسِ فِتْنَةٌ فِي دِينِهِ وَلَا يَسْتَطِيعُ التَّخَلُّصَ إِلَّا بِالْعُزْلَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ» (أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ)، وَإِنْ كَانَ لَا يَتَأَثَّرُ بِفَسَادِ أَهْلِ زَمَانِهِ، وَكَانَ فِي مُخَالَطَتِهِ لَهُمْ تَأْثِيرٌ فِي إِنْكَارِ الْمُنْكَرِ وَإِصْلَاحِ الْفَسَادِ، كَانَتْ مُخَالَطَتُهُ أَوْلَى مِنْ عُزْلَتِهِ، بَلْ رُبَّمَا تَجِبُ الْمُخَالَطَةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، لِأَنَّهَا أَنْفَعُ لِلنَّاسِ وَأَجْدَى لِلدِّينِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنه -مَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ، أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ» (أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ شَاكِرٍ).
جَوَازُ قَطْعِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ
وَمِنَ الْفَوَائِدِ: جَوَازُ قَطْعِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ لِإِجَابَةِ نِدَاءِ الْوَالِدَيْنِ إِذَا عَلِمَ تَأَذِّيَ الْوَالِدَيْنِ بِالتَّرْكِ. أَمَّا الْفَرِيضَةُ فَلَا تُقْطَعُ إِلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ، كَمَا لَوْ رَأَيْتَ شَخْصًا تَخْشَى أَنْ يَقَعَ فِي بِئْرٍ أَوْ فِي بَحْرٍ أَوْ فِي نَارٍ أَوْ نَحْوِهَا.
دُعَاءُ الْوَالِدِ
وَمِنْهَا أَيْضًا: أَنَّ دُعَاءَ الْوَالِدِ إِذَا كَانَ بِحَقٍّ، فَإِنَّهُ حَرِيٌّ بِالْإِجَابَةِ، وَلِهَذَا يَنْبَغِي عَلَى الْمَرْءِ أَنْ يَحْتَرِسَ غَايَةَ الِاحْتِرَاسِ مِنْ دُعَاءِ وَالِدَيْهِ عَلَيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ» (أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ). وَعِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ: «وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ».
صَاحِبُ الصِّدْقِ لَا تَضُرُّهُ الْفِتَنُ
ومِنَ الْفَوَائِدِ وَالْعِبَرِ فِي قِصَّةِ جُرَيْجٍ: أَنَّ صَاحِبَ الصِّدْقِ مَعَ اللَّهِ لَا تَضُرُّهُ الْفِتَنُ، فَقَدْ ذَهَبَتْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ إِلَى جُرَيْجٍ لِتَفْتِنَهُ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا، لِمَا فِيهِ مِنْ قُوَّةِ الْيَقِينِ وَثَبَاتِ الْإِيمَانِ، وَرُسُوخِهِ فِي الْجَنَانِ وَالْأَرْكَانِ، قَالَ حُذَيْفَةُ - رضي الله عنه - سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا (أَيْ: مُتَغَيِّرًا كَالْإِنَاءِ الْمَائِلِ) لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ» (أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ). وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهمَا- يَقُولُ: «صَاحِبُ الْمَعْرُوفِ لَا يَقَعُ، فَإِنْ وَقَعَ وَجَدَ مُتَّكَأً».
تعرف إلى الله في الرخاء
وَمِنَ الْعِبَرِ وَالْفَوَائِدِ: أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا تَعَرَّفَ إِلَى اللَّهِ -تَعَالَى- فِي الرَّخَاءِ، عَرَفَهُ اللَّهُ فِي الشِّدَّةِ، فَإِنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَانَ عَابِدًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَلَمَّا وَقَعَ فِي الشِّدَّةِ الْعَظِيمَةِ، أَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ الْخُطُوبِ الْجَسِيمَةِ، وَاللَّهُ يَجْعَلُ لِأَوْلِيَائِهِ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ بَلَاءٍ عَافِيَةً، قَالَ جَلَّ وَعَلَا: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (الطلاق:2-3) وَإِنَّمَا يَتَأَخَّرُ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، تَهْذِيبًا لَهُمْ وَزِيَادَةً فِي الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ مِنَ الْحَسَنَاتِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ، يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ ... وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا» (أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).
إِثْبَاتُ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ
وَفِي تِلْكَ الْقِصَّةِ أَيْضًا: إِثْبَاتُ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ؛ إِذْ إِنَّ جُرَيْجًا اسْتَنْطَقَ الْمَوْلُودَ فَنَطَقَ، مَعَ كَوْنِ الْعَادَةِ أَنَّهُ لَا يَنْطِقُ، وَلَوْلَا صِحَّةُ رَجَائِهِ وَصِدْقُ تَوَكُّلِهِ بِنُطْقِهِ مَا اسْتَنْطَقَهُ. وَالْإِيمَانُ بِكَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الْإِيمَانِ، دَلَّتْ عَلَيْهِ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَتَوَاتَرَ فِيهِ النَّقْلُ عَنِ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ وَعَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ. وَأَوْلِيَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ الْمُتَّقُونَ، كَمَا قَالَ -سُبْحَانَهُ-: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (يونس:62-63)، فَكُلُّ مُؤْمِنٍ تَقِيٍّ، هُوَ لِلَّهِ -عَزَّوَجَلَّ- وَلِيٌّ. وَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَسَطٌ بَيْنَ مَنْ أَنْكَرُوا وُقُوعَهَا، -فَخَالَفُوا النُّصُوصَ وَكَابَرُوا الْوَاقِعَ- وَبَيْنَ مَنْ غَلَوْا فِي إِثْبَاتِهَا، فَأَثْبَتُوا كَرَامَاتٍ لِلْفَجَرَةِ وَالْفُسَّاقِ وَمَنْ لَيْسُوا مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ، بَلْ مِنْ أَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ، وَاعْتَمَدُوا فِي إِثْبَاتِ ذَلِكَ عَلَى الْحِكَايَاتِ الْمَكْذُوبَةِ، وَالْمَنَامَاتِ الْمَوْهُومَةِ، وَالْخَوَارِقِ الشَّيْطَانِيَّةِ الْمَزْعُومَةِ، فَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ تَوَسَّطُوا فِي مَوْضُوعِ الْكَرَامَاتِ بَيْنَ الْإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ، فَأَثْبَتُوا مِنْهَا مَا أَثْبَتَهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَلَمْ يَغْلُوا فِي أَصْحَابِهَا، وَنَفَوْا مَا خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ مِنَ الدَّجَلِ وَالشَّعْوَذَةِ، وَاعْتَقَدُوا أَنَّهُ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ.


اعداد: المحرر الشرعي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 56.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.13 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.95%)]