الأسباب الجالبة للبركة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13984 - عددالزوار : 746764 )           »          التحذير من فتنة النظر إلى نِعمة الكفار وحسن أثاثهم وجمال صورهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          الموظف القاتل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          النهايات اللائقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          يجب ألا ينسى الناس المآسي في غزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          من عظم أمر الله أذل الله له عظماء خلقه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          التحذير من بغض أهل البيت بسبب بعض الظالمين منهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          التحذير العظيم من إضاعة الصلوات الخمس والتهاون بها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          النَّمَّامُ وَعَمَلُ السَّاحِرِ وَالشَّيْطَانِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          تجاعيد الزمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-03-2025, 11:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 154,293
الدولة : Egypt
افتراضي الأسباب الجالبة للبركة

الأسباب الجالبة للبركة

السيد مراد سلامة

الحمد لله الذي زيَّن قلوبَ أوليائه بأنوار الوفاق، وسقى أسرار أحبائه شرابًا لذيذ المذاق، وألزَم قلوبَ الخائفين الوجلَ والإشفاق، فلا يعلم الإنسان في أي الدواوين كُتب، ولا في أيِّ الفرقين يُساق، فإن سامَح فبفضله، وإن عاقَب فبعدِله، ولا اعتراض على الملك الخلاق.


وأشهد أنْ لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلِّ شيء قدير، شهادة أَعُدُّها من أكبر نِعمه وعطائه، وأَعُدُّها وسيلة إلى يوم لقائه.


يا رب:
يَظُنُّ الناسُ بي خيرًا وإني
أشرُّ الناس إن لم تَعفُ عني
وما لي حيلةٌ إلا رجائي
وجودُك إن عفوتَ وحُسن ظني


وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمدًا عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه، البشير النذير السراج المنير، الذي عمَّ نورُه الأفاق، والنور الذي لا يعترض ضياءَه كسوفٌ ولا مُحاق، الحبيب القريب الذي أُسري به على البراق إلى إن جاوز السَّبع الطِّباق، يا سيدي يا رسول الله.

يا أجمل ما رأتْ قط عينٌ
ويا أكملَ ما ولَدت النساءُ
خُلقت مبرَّأً من كلِّ عيبٍ
كأنَّك خُلقت كما تشاءُ


وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نَهْجه وتمسَّك بسنته، واقتدى بهديه، واتَّبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ونحن معهم يا أرحم الراحمين.


أخي المسلم، أُختي المسلمة، بعد أن وقَفنا على موانع حصول البركة، هيَّا لنتعرف على مفاتيح البركة والأسباب الجالبة لها.


اعلَم زادك الله علمًا أن للبركة أسبابًا إذا حقَّقها المسلم، فُتحت عليه أبواب الخيرات من الأرض والسماوات، وها هي بين يديك مُسفرة تدعو على مَن يشكو قلةَ البركة أن يفوز بها:
أولًا: الإيمان بالله وتحقيق التقوى:
فمن أعظم الأسباب التي تحقق للعبد البركة في كل شيء إن يحقق المسلم الإيمان بالله تعالى، وأن يكون من الذين آمنوا وكانوا يتقون؛ يقول الله تعالى: ﴿ وَلَو أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ﴾[الأعراف:96].

يقول القطَّان - رحمه الله - بركات السماء: تشمل الروحية والمادية، وبركات الأرض الخصب، وما فيها من معادن وخيرات.

بعد أن بيَّن الله أخْذه لأهل القرى الذين كذَّبوا رسُلهم، ذكر هنا لأهل مكةَ ما يكون من إغداقِ النعم لو آمنوا بالرسول، واهتَدوا بهدْيه، واعتبروا بسنَّة الله في الأُمم مِن قبلهم.

لو أن أهل تلك القرى آمنوا بما جاء به أنبياؤهم، وعمِلوا بوصاياهم، وابتعدوا عما حرَّمه الله - لفتحْنا عليهم أنواعًا من بركات السماء والأرض، نِعمًا لا تحصى؛ كالمطر والنبات والثمار والمعادن والأرزاق، والسلامة من الآفات، لكنهم جحدوا وكذَّبوا أولئك الرسل، فأنزلنا بهم عقوبتنا، لِما كانوا يقترفونه من الشرك والمعاصي[1].

ذكر الإمام أحمد في مسنده في ضمن حديث قال: وجدت في خزائن بعض بني أمية حنطة الحبة بقدر نواة التمرة، وهي في صُرَّةٍ مكتوب عليها: كان هذا يَنبُت في زمنٍ مِن العدل، وكثير من هذه الآفات أحدثها الله سبحانه وتعالى بما أحدث العباد من الذنوب، وأخبرني جماعة من شيوخ الصحراء أنهم كانوا يعهدون الثمارَ أكبر مما هي الآن، وكثير من هذه الآفات التي تُصيبها لم يكونوا يعرفونها، وإنما حدثت من قربٍ، وأما تأثير الذنوب في الصور والخلق، فقد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خلَق الله آدم على صورته طُوله ستون ذراعًا، فلما خلقه قال: اذهب فسلِّم على أولئك النفر - وهم نفر من الملائكة جلوس - فاستمِع ما يُحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فذهب فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، قال: فزادوه ورحمة الله، قال: فكل من يدخل الجنة على صورة آدم وطوله ستون ذراعًا، فلم يزل الخلق ينقص بعده حتى الآن[2].

فإذا أراد الله أن يطهِّر الأرض من الظلمة والخونة والفجرة، ويخرج عبدًا من عباده من أهل بيت نبيه، فيملأ الأرض قسطًا كما ملئت جورًا، ويقتل المسيح اليهود والنصارى، ويُقيم الدين الذي بعث الله به رسولَه، وتخرج الأرض بركاتها، وتعود كما كانت، حتى إن العصابة من الناس ليأكلون الرمانة، ويَستظِلُّون بقحفها، ويكون العنقود من العنب وقرَ بعير، ولبن اللقحة الواحدة يكفي الفئام من الناس، وهذا لأن الأرض لَمَّا طهُرت من المعاصي، ظهرت فيها آثارُ البركة من الله تعالى التي مَحَقتها الذنوب والكفر[3].

ثانيًا: شكر الله تعالى على النعم:
اعلَم بارك الله لك وعليك أن من مفاتيح البركة والنماء أن يشكُر العبد ربَّ الأرض والسماء؛ يقول الله تعالى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7].


عن علي أنه قال لرجل من همدان: «إن النعمة موصولة بالشكر، والشكر معلَّق بالمزيد، وهما مقرونان في قرن، فلن ينقطِعَ المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من العبد»[4].


ثالثًا: الاستغفار:
إن من أسباب البركة أن يُكثر المرء من استغفار العزيز الغفار، فإن ذلك يَمنحه من ربه السَّعة في الرزق والبركة فيه؛ يقول خير الرازقين: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا [نوح: 10 - 12].


يقول ابن عطية رحمه الله: يقتضي أن الاستغفار سبب لنزول المطر في كل أُمة.


ورُوي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه استسقى بالناس، فلم يزد على أن استغفر ساعة، ثم انصرف، فقال له قوم: ما رأيناك استسقيت يا أمير المؤمنين، فقال: والله لقد استنزلت المطر بمجادح السماء، ثم قرأ الآية، وسقى رضي الله عنه[5].


وشكا رجل إلى الحسن الجرب، فقال له: استغفر الله، وشكا إليه آخر الفقر، فقال: استغفر إليه، وقال له آخر: ادع الله أن يرزقني ولدًا، فقال له: استغفر الله، فقيل له في ذلك، فنزع بهذه الآية.


قال القاضي أبو محمد: والاستغفار الذي أحال عليه الحسن، ليس هو عندي لفظ الاستغفار فقط، بل الإخلاص والصدق في الأعمال والأقوال، فكذلك كان استغفار عمر رضي الله عنه، ورُوي أن قوم نوح كانوا قد أصابهم قحوط وأزمة، فلذلك بدأهم في وعده بأمر المطر، ثم ثنَّى بالأموال والبنين.


قال قتادة: لأنهم كانوا أهل حب للدنيا، وتعظيم لأمرها، فاستدعاهم إلى الآخرة من الطريق التي يحبونها[6].


عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن لزِم الاستغفار جعل الله له من كل هَمٍّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب[7].


رابعًا: التوكل على الله تعالى:
من أسباب السَّعة في الرزق والبركة فيه أن يتوكَّل العبد على ربه، ثم يأخذ بالأسباب؛ فإن الله تعالى أمرنا بالتوكل عليه، فقال: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران: 122].


والنبي صلى الله عليه وسلم أرشدنا إلى كل خير، وحذَّرنا من كل شرٍّ، ومن الخير الذي دلنا عليه التوكل على الله تعالى؛ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لو أنكم تتوكلون على الله حقَّ توكُّله، لرزَقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا، وتروح بطانًا)[8].


فينبغي للباحث عن البركة أن يتوكَّل على الله سبحانه وتعالى، ثم يتبعه الحركة والسعي من أجل طلب الحلال، فإن الله تعالى أمر السيدة البتول أن تَهُزَّ جذع النخل حتى يتساقط عليها الرطب، ولم يأمرها بالتوكل فقط، بل لابد من الأخذ بالأسباب، فالأخذ بالأسباب أمرٌ واجب، وقد أخذ بعض العلماء من قوله تعالى في هذه الآية الكريمة: ﴿ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ ﴾ [مريم: 25] الآية - أن السعي والتسبب في تحصيل الرزق أمرٌ مأمور به شرعًا، وأنه لا ينافي التوكل على الله جل وعلا، وهذا أمرٌ معلوم من الدين بالضرورة.


خامسًا: الصدق في البيع والشراء:
اعلَموا رحمكم الله أن من أسباب حصول البركة الصدقَ في البيع والشراء، فإن ذلك من أبواب البركة التي غفَل عنها كثيرٌ من التجار، فهم يربحون ولكن لا يجدون لربحهم بركةً، بل هم في هَمٍّ وغَمٍّ وفقرٍ مع كثرة الأرباح، بسبب الكذب في بيعهم وشرائهم، ولقد أوضح النبي الحبيب صلى الله عليه وسلم ذلك، فعن حكيم بن حزام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «البيِّعان بالخيار ما لم يتفرَّقا، أو قال: حتى يتفرَّقا، فإن صدَقا وبيَّنا بُورك لهما في بيعهما، وإن كتَما وكذَبا مُحقت بركة بيعهما»[9].


يقول ابن حجر رحمه الله قوله: (محقت بركة بيعهما): يحتمل أن يكون على ظاهره، وأن شؤم التدليس والكذب وقَع في ذلك العقد، فمحَق بركته، وإن كان الصادق مأجورًا والكاذب مأزورًا، ويحتمل أن يكون ذلك مختصًّا بمن وقع منه التدليس، والعيب دون الآخر، ورجَّحه ابن أبي جمرة، وفي الحديث فضل الصدق والحث عليه، وذم الكذب والحث على منعه، وأنه سببٌ لذَهاب البركة، وأن عمل الآخرة يحصِّل خيري الدنيا والآخرة[10].


سادسًا: البكور في طلب الرزق:
ومن بواعث حصول البركة: البكور في طلب الرزق، ولقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل البكور بالبركة، ودعوة النبي صلى الله عليه وسلم مستجابة عند الله تعالى؛ عن صخر بن وداعة الغامدي الصحابي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهم بارِك لأمتي في بكورها، وكان إذا بعث سرية أو جيشًا بعثهم من أول النهار، وكان صخر تاجرًا، فكان يبعث تجارته من أول النهار، فأثرى وكثُر ماله)[11].

يقول ابن بطال رحمه الله: وإنما خص صلى الله عليه وسلم البكورَ بالدعاء بالبركة فيه من بين سائر الأوقات - والله أعلم - لأنه وقت يقصده الناس بابتداء أعمالهم، وهو وقت نشاط وقيام مِن دَعة، فخصَّه بالدعاء؛ لينال بركة دعوته جميع أمته [12].


عن ابن عمر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بورك لأمتي في بكورها [13]؛ يقول ابن القيم رحمه الله: ومن المكروه عندهم: النوم بين صلاة الصبح وطلوع الشمس، فإنه وقت غنيمة، وللسَّيرِ ذلك الوقت عند السالكين مَزيةٌ عظيمة، حتى لو ساروا طول ليلهم، لم يَسمحوا بالقعود عن السير ذلك الوقت حتى تَطلُع الشمس، فإنه أولُ النهار ومِفتاحه، ووقت نزول الأرزاق، وحصول القَسْم، وحلول البركة، ومنه ينشأ النهار، وينسحب حكمُ جميعه على حكم تلك الحصة، فينبغي أن يكون نومها كنوم المضطر) [14].

[1] تفسير القطان - (ج 2 / ص 63).

[2] أخرجه البخاري ح 3148، ومسلم ح 2841.

[3] الجواب الكافي [جزء 1 - صفحة 43].

[4] الشكر - (ج 1 / ص 19).

[5] مصنف ابن أبي شيبة - (ج 7 / ص 76).

[6] المحرر الوجيز - (ج 6 / ص 425).

[7] قال الألباني: ضعيف، الضعيفة (706)، ضعيف أبي داود (268)، التعليق الرغيب (2 / 268)، ضعيف الجامع (5829).

[8] قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 557: أخرجه أحمد (1 / 30)، والترمذي (2 / 55 -)، والحاكم (4 / 318)، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح".

[9] أخرجه أحمد (3/ 402، 434)، والدارمي (2550)، والبخاري (3/ 83)، ومسلم (5/ 10)، وأبو داود (3459)، والترمذي (1246)، والنسائي (7/ 247).

[10] فتح الباري لابن حجر، (ج 6 / ص 431).

[11] رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي: حديث حسن، وصححه الألباني في صحيح الترغيب ح 1693، وانظر حديث رقم: 1300 في صحيح الجامع.

[12] شرح ابن بطال - (ج 9 / ص 163).

[13] أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط ح 765، وأبو يعلى ح 5281، وقال الألباني: (صحيح)؛ انظر حديث رقم : 2841 في صحيح الجامع.

[14] مدارج السالكين [جزء 1 - صفحة 459].





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-04-2025, 04:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 154,293
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأسباب الجالبة للبركة

الأسباب الجالبة للبركة

السيد مراد سلامة


الحمد لله الذي رسَم في جميع مَصنوعاته على وجوده وكماله دليلًا، الحي العليم السميع البصير الملك الكبير لا يُدركه الوهم، ولا يَحُدُّه الفكر تمثيلًا، تعالى ذو الملك والملكوت، لم يزَل ولا يزال عظيمًا مُقتدرًا جليلًا، تقدَّس ذو العزة والجبروت، فلا تَستطيع الأوهام إليه وصولًا، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحدَه لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلِّ شيء قدير، شهادة أَعُدُّها من أكبر نِعَمِه وعطائه، وأَعُدُّها وسيلة إلى يوم لقائه.

يا رب:
أنا العبدُ الذي كسَب الذنوبَ
وصَدَّتْه المعاصي أن يتوبَا
أنا المضطرُّ أرجو منك عفوًا
ومَن يرجو رضاك فلن يَخيبا
فيا مولاي جود بالعفو وارحَم
عبدًا لم يزَل يشكو الذنوبَا
وسامِح هَفوتي وأَجِبْ دعائي
فإنك لم تزَل أبدًا مُجيبَا


وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمدًا عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، فصلُّوا عليه وسلِّموا تسليمًا، وعلى آله وأصحابه، ومَن سار على نَهْجه، وتمسَّك بسنته، واقتدى بهديه، واتَّبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ونحن معهم يا أرحم الراحمين.

الوفاء بالكيل والميزان:
من الأسباب الجالبة للبركة: الوفاء بالكيل والميزان؛ كما أخبرنا سيد ولد عدنان صلى الله عليه وسلم: إن من بركة الطعام كيلَه؛ عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: كِيلُوا طَعَامَكُمْ يُبَارَكْ لَكُمْ[1].

يقول ابن بطال رحمه الله: الكيل مندوبٌ إليه فيما يُنفقه المرء على عياله، ونَدبُ النبي أمته إليه يدل على البركة فيه.


قال المهلب: ويحتمل المعنى - والله أعلم - أنهم كانوا يأكلون بلا كيلٍ، فيزيدون في الأكل فلا يبلغ لهم الطعام إلى المدة التي كانوا يُقدِّرونها، فقال لهم عليه السلام: «كِيلوا»؛ أي: أخرجوا بكيلٍ معلوم يُبلغكم إلى المدة التي قدَّرتُم، مع ما وضَع الله من البركة في مُد أهل المدينة بدعوته عليه السلام، فإن قيل: فما معنى قول عائشة: «كان عندي شطر شعير، نأكُل منه حتى طال عليَّ، فكِلتُه ففَنِيَ»، وهذا معارضٌ لحديث المقدام؛ قال المهلب: ليس بينهما تعارضٌ بحمد الله، ومعناه: أنها كانت تُخرج قوتَها بغير كيلٍ، وهي متقوِّتة باليسير، فبُورك لها فيه مع بركة النبي الباقية عليها وفي بيتها، فلما كالتْه علِمت المدة التي يبلغ إليها، ففَنِيَ عند انقضائها، لا أن الكيل وُكِّد فيه أن يَفنى[2].


ولقد أمَرنا الرسول الكريم بالكيل حتى تَحُلَّ البركة؛ عن علي رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كِيلوا طعامَكم، فإن البركة في الطعام المكيل[3].

الزكاة والصدقة:
من أسباب البركة والنماء الذي دل عليها ربُّ الأرض والسماء، وسيد الأنبياء - صلى الله عليه وسلم - يقول الله تعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [التوبة: 103]، فالله تعالى عندما فرَض علينا الزكاة، وحثَّنا الرسول صلى الله عليه وسلم على الصدقة، بيَّن لنا الفوائد التي ستعود على المزكي والمتصدق قبل المتصدق عليه، بأننا سنجني من وراء ذلك النماء والبركة، والخير الوفير في الدنيا والآخرة.


والمشاهد المحسوس والواقع الملموس أن الله تعالى يبارك في الأموال التي يُخرج أصحابها الزكاة، وهي في نماء ما أخرجوا زكاة أموالهم، ولِمَ لا والنبي صلى الله عليه وسلم أَقسَم قسمًا حقًّا أن المال لا ينقص بالصدقة؛ عن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث والذي نفسي بيده، إن كنت لحالفًا عليهنَّ، لا ينقص مالٌ من صدقة فتصدَّقوا، ولا يعفو عبدٌ عن مظلمة إلا زادَه الله بها عزًّا يوم القيامة، ولا يَفتح عبدٌ باب مسألة إلا فتَح الله عليه بابَ فقرٍ)[4].


عن أبي كبشة الأنماري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ثلاثة أُقسم عليهنَّ، وأُحدثكم حديثًا فاحفَظوه، قال ما نقَص مالُ عبد من صدقة، ولا ظُلم عبد مظلمة، فصبَر عليها إلا زاده الله عزًّا، ولا فتح عبد بابَ مسألة إلا فتح الله عليه باب فقرٍ، أو كلمة نحوها[5].


تاسعًا: سخاوة النفس وعدم الجشع والطمع:
وهو أن يَطلُب المال بسخاوة نفسٍ دون إشرافٍ ولا إلحاح، فإن الله تعالى يبارك له في ذلك المال؛ عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعطاني ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال: يا حكيم، إن هذا المال خَضِرةٌ حُلوةٌ، فمن أخذه بسخاوة نفسٍ بُورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفسٍ، لم يُبارك له فيه، كالذي يأكل ولا يشبَع، اليد العليا خيرٌ من اليد السفلى، قال حكيم: فقلت: يا رسول الله، والذي بعثَك بالحق لا أرزأُ أحدًا بعدك شيئًا حتى أُفارق الدنيا، فكان أبو بكر رضي الله عنه يدعو حكيمًا إلى العطاء، فيأبى أن يقبَله منه، ثم إن عمر رضي الله عنه دعاه ليُعطيه، فأبى أن يقبل منه شيئًا، فقال عمر: إني أُشهدكم يا معشر المسلمين على حكيم أني أَعرض عليه حقَّه من هذا الفيء، فيأبى أن يأخُذه، فلم يَرزَأْ حكيم أحدًا من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفِّي[6].


وقوله: «فمن أخَذه بسخاوة نفسٍ بورك له فيه»: يدل على أن القناعة وطلب الكفاية والإجمال في الطلب، مقرون بالبركة، وأن من طلب المال بالشره والحرص، فلم يأخُذه من حقه لم يبارك له فيه، وعوقِب بأن حُرم بركة ما جَمَع[7].


الحادي عشر: الاجتماع على الطعام:
من أسباب حدوث وحلول البركة في الطعام: الاجتماع عليه، فعن وحشي بن حرب عن أبيه عن جده أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله، إنا نأكل ولا نشبع، قال: فلعلكم تفترقون، قالوا: نعم، قال: فاجتمِعوا على طعامكم، واذكروا اسم الله عليه، يبارك لكم فيه[8].


عن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: «طَعَامُ الاثْنَيْنِ كافي الثَّلاثَةِ، وَطَعَامُ الثَّلاثَةِ كافي الأرْبَعَةِ»[9].

يقول ابن بطال رحمه الله: يريد أنه ما شبِع منه اثنان يكفي ثلاثة رجال، وما يشبَع منه ثلاثة يكفي أربعة، والكفاية ليست بالشِّبع والاستنباط كما أنها ليست بالغنى والإكثار، ألا ترى قول أبي حازم: ابن آدم، إذا كان ما يكفيك لا يُغنيك، فليس شيء يُغنيك.


وقد رُوي لفظ الترجمة عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن وهب عن ابن لهيعة عن أبي الزبير، عن جابر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: « طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثمانية».


قال المهلب: والمراد بهذه الأحاديث الحض على المكارمة في الأكل والمواساة، والإيثار على النفس الذي مدح الله به أصحابُ نبيه، فقال: ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴾ [الحشر: 9]، ولا يُراد بها معنى التساوي في الأكل والتشاح؛ لأن قوله عليه السلام: «كافي الثلاثة»، دليلٌ على الأثرة التي كانوا يمتدحون بها والتقنُّع بالكفاية، وقد همَّ عمر بن الخطاب في سنة المجاعة أن يجعل مع كل أهل بيت مثلهم، وقال: لن يَهلِك أحدٌ عن نصف قوته.


قال ابن المنذر: وحديث أبي هريرة يدل على أنه يستحب الاجتماع على الطعام، وألا يأكل المرء وحده؛ فإن البركة في ذلك على ما جاء في حديث وحشي عن النب[10].


التسمية عند الأكل:
إن من الآداب التي أرشدنا إليها النبي صلى الله عليه وسلم أن يُسمي العبد عن الطعام، فإن البركة تَحُلُّ فيه؛ عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « إذا دخلتُم بيوتكم، فسلِّموا على أهلها، واذكروا اسم الله، فأن أحدكم إذا سلَّم حين يدخل بيته، وذكر اسم الله على طعامه، يقول الشيطان لأصحابه: لا مبيت لكم ها هنا ولا عشاء، وإذا لم يسلِّم إذا دخل، ولم يذكر اسم الله على طعامه، قال الشيطان لأصحابه: أدركتم المبيت والعشاء»[11].


الخامس عشر: صلة الرحم:
من أسباب البركة والنماء وكثرة الخير والعطاء: صلة الأرحام والإحسان الى ذوي الرحم المسلم، فإن الله تعالى وعد مَن يصل رحمه بالصلة في الدنيا والآخرة؛ عن أَنَس قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ في رِزْقِهِ، أَو يُنْسَأَ لَهُ في أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ»[12].

عن داود بن عيسى قال: مكتوب في التوراة: صلة الرحم، وحُسن الخلق، وبرُّ القرابة، تَعمُر الديار، وتُكثر الأموال، وتَزيد في الآجال وإن كان القوم كفارًا.


يقول بدر الدين العيني - رحمه الله - فإن قلت: الآجال مقدَّرة، وكذا الأرزاق لا تزيد ولا تنقص، فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون، قلت: أُجيب عن هذا بوجهين؛ (أحدهما): أن هذه الزيادة بالبركة في العمر، بسبب التوفيق في الطاعات وصيانته عن الضياع، وحاصله أنها بحسب الكيف لا الكم.


(والثاني): أن الزيادة على حقيقتها، وذلك بالنسبة إلى علم الملك الموكَّل بالعمر، وإلى ما يظهر له في اللوح المحفوظ بالمحو والإثبات فيه، يمحو الله ما يشاء ويُثبت، كما أن عُمر فلان ستون سنة إلا أن يصل رحمه، فإنه يزاد عليه عشرة، وهو سبعون، وقد علِم الله عز وجل بما سيقع له من ذلك، فبالنسبة إلى الله تعالى لا زيادة ولا نقصان، ويقال له: القضاء المبرَم، وإنما يتصور الزيادة بالنسبة إليهم، ويسمى مثله بالقضاء المعلَّق، ويقال: المراد بقاءُ ذكره الجميل بعده، فكأنه لم يَمُت، وهو إما بالعلم الذي ينتفع به، أو الصدقة الجارية، أو الخلف الصالح[13].


عن أبي سلمة قال: اشتكى أبو الرداد الليثي، فعاده عبد الرحمن بن عوف، فقال: خيرُهم وأوصلُهم ما علِمت أبا محمد، فقال عبد الرحمن: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تبارك وتعالى: أنا الله وأنا الرحمن، خَلقت الرحم وشقَقت لها من اسمي، فمن وصَلها وصلتُه، ومَن قطعها بَتَتُّه[14].

[1] أخرجه أحمد (4/ 131)، والبخاري (3/ 88) ح1984.

[2] شرح ابن بطال - (ج 11 / ص 262).

[3] أخرجه ابن النجار وقال الألباني (صحيح)؛ انظر حديث رقم: 4599 في صحيح الجامع.

[4] أخرجه أحمد ح 1584، والطبراني في الصغير ح 2361، وعبد ابن حميد ح 161والشهاب القضاعي
ح763، وصححه الألباني في صحيح الترغيب ح 814.

[5] أخرجه الترمذي ح 2247، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، ح ابن ماجه (4228).

[6] أخرجه الحميدي (553)، وأحمد (3/ 434)، والبخاري (8/ 116)، قال: ومسلم (3/ 94)، والنسائي (5/ 60) والترمذي (2463).

[7] شرح ابن بطال - (ج 6 / ص 48).

[8] قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2 / 272: أخرجه أبو داود ( 2 / 139)، وابن ماجه ( 2 / 307 )، وابن حبان ( 1345)، والحاكم ( 2 / 103)، وأحمد ( 3 / 501 ).

[9] أخرجه مالك «الموطأ» صفحة (578)، والحميدي (1068)، وأحمد (2/ 244)، والبخاري (7/ 92)، ومسلم (6/ 132)، والترمذي (1820)، تحفة الأشراف » (10/ 13804).

[10] شرح ابن بطال، (ج 18 / ص 84).

[11] أخرجه أحمد ح 14202 مسلم ح 3762، وأبو داود ح 3273 وابن ماجه ح 3877.

[12] أخرجه أحمد (2/ 374)، وأخرجه البخاري (8/ 6)، ومسلم (8/ 8)، وفي الأدب المفرد (57)، والترمذي (1979).

[13] عمدة القاري، [جزء 22 - صفحة 91].

[14] أخرجه أحمد ح1571، والترمذي ح 1830، وابن بطة في الإبانة ح 1891، والحاكم ح 7373، والطبراني في الكبير والأوسط ح 3469، وابن حبان في صحيحه ح 444، وقال الألباني (صحيح)؛ انظر حديث رقم: 4314.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 78.63 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 76.47 كيلو بايت... تم توفير 2.17 كيلو بايت...بمعدل (2.76%)]