أسباب شرعية لكسب الرزق - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         أدب السؤال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          السائرون على الطريق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          سَرِيَّة مؤتة اكتشافات جديدة في السجلات التاريخية الرومية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          الفتور في الطاعة ..!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          (وَظَنّوا أَنَّهُم مانِعَتُهُم حُصونُهُم) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          مسالك النفوس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          قلب المؤمن بين الخوف والرجاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          الخوف والرجاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          من الأسباب المعينة على قيام الليل .. مجاهدة النفس على قيام الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          المحتوى القيمي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-06-2021, 04:23 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,892
الدولة : Egypt
افتراضي أسباب شرعية لكسب الرزق

أسباب شرعية لكسب الرزق


خالد سعد الشهري




الْحَمْدُ لِلَّهِ، خَلَقَ الْخَلْقَ فَأَحْصَاهُمْ عَدَدًا، وَقَسَّمَ أَرْزَاقَهُمْ فَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُمْ أَحَدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، كَتَبَ الْآجَالَ وَحَدَّدَ الْأَرْزَاقَ، سُبْحَانَهُ مِنْ إِلَهٍ عَلِيمٍ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْأَمِينُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الْأَطْهَارِ، وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ مَا أَظْلَمَ اللَّيْلُ وَأَضَاءَ النَّهَارُ.
أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، فَرَاقِبُوهُ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].
أَيُّهَا الْعُقَلَاءُ: إِنَّ تَقْسِيمَ الْأَرْزَاقِ بَيْنَ النَّاسِ لَا عَلَاقَةَ لَهُ بِحَسَبٍ وَلَا نَسَبٍ، وَلَا عَقْلٍ وَلَا ذَكَاءٍ، بَلْ يُوَزِّعُ اللَّهُ الْأَرْزَاقَ بَيْنَ الْعِبَادِ لِحِكَمٍ يَعْلَمُهَا سُبْحَانَهُ، فَقَدْ يُعْطِي الْمَجْنُونَ، وَيَحْرِمُ الْعَاقِلَ، وَقَدْ يُعْطِي الْوَضِيعَ وَيَمْنَعُ الْحَسِيبَ.
وَلَوْ كَانَتِ الْأَرْزَاقُ تَجْرِي عَلَى الْحِجَى
هَلَكْنَ إِذَنْ مِنْ جَهْلِهِنَّ الْبَهَائِمُ

وَلَمْ يَجْتَمِعْ شَرْقٌ وَغَرْبٌ لِقَاصِدٍ
وَلَا الْمَجْدُ فِي كَفِّ امْرِئٍ وَالدَّرَاهِمُ

عِبَادَ اللَّهِ: مِنَ الْهُمُومِ الَّتِي انْشَغَلَ بِهَا مُعْظَمُ النَّاسِ فِي هَذَا الزَّمَانِ، هُمُّ طَلَبِ الرِّزْقِ، وَلِلْأَسَفِ هُنَاكَ مَنْ يَسْعَى فِي كَسْبِ الرِّزْقِ دُونَ مُبَالَاةٍ بِمَصَادِرِهِ، أَحَلَالٌ أَمْ حَرَامٌ، وَلِهَذَا -أَيُّهَا النَّاسُ- أَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ الْيَوْمَ عَنْ أَسْبَابٍ شَرْعِيَّةٍ لِكَسْبِ الرِّزْقِ وَزِيَادَتِهِ، وَهِيَ أَسْبَابٌ وَرَدَتْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، مَا عَمِلَ أَحَدٌ بِهَا مُوقِنًا بِوَعْدِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا إِلَّا وَسَّعَ اللَّهُ فِي رِزْقِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ:
أَوَّلًا: مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ لِكَسْبِ الرِّزْقِ وَزِيَادَتِهِ صِلَةُ الْأَرْحَامِ: وَالْإِحْسَانُ إِلَيْهِمْ بِأَنْوَاعِ الْإِحْسَانِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: « مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ؛ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ».
فَيَا مَنْ تَشْكُونَ هَمَّ الرِّزْقِ، وَتَسْعَوْنَ فِي زِيَادَةِ أَمْوَالِكُمْ، عَلَيْكُمْ بِصِلَةِ أَرْحَامِكُمْ؛ فَإِنَّ صِلَةَ الْأَرْحَامِ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ، وَرَحْمَةٌ يَرْحَمُ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ الْوَاصِلِينَ، فَأَدْخِلُوا السُّرُورَ عَلَى الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ، وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ، وَسَائِرِ الْأَرْحَامِ وَالْقَرَابَاتِ، فَمَنْ وَصَلَهُمْ وَصَلَهُ اللَّهُ، وَبَارَكَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَوَسَّعَ لَهُ فِي عَيْشِهِ.
ثَانِياً: تَقْوَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ، وَامْتِثَالُ أَمْرِهِ، وَاجْتِنَابُ نَهْيِهِ، مِنَ الْأَسْبَابِ الْعَظِيمَةِ لِطَلَبِ الرِّزْقِ يَقُولُ سُبْحَانَهُ:﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطَّلَاق: 2-3]. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ﴿ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾؛ أَيْ: "مِنْ جِهَةٍ لَا يَخْطُرُ بِبَالِهِ".
فَالْخَيْرُ -كُلُّ الْخَيْرِ- فِي تَقْوَى اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا، وَلَنْ تَضِيقَ أَرْضُ اللَّهِ عَلَى عَبْدٍ يَتَّقِي اللَّهَ، وَلَنْ يَضِيقَ الْعَيْشُ وَالرِّزْقُ عَلَى مَنِ امْتَلَأَ قَلْبُهُ خَوْفًا مِنَ اللَّهِ، وَلَنْ يُحْرَمَ الرِّزْقَ مَنْ رَاقَبَ اللَّهَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ.

ثَالِثًا: مِنَ الْأَسْبَابِ لِطَلَبَ الْأَرْزَاقِ: هُوَ الِاسْتِغْفَارِ وَالتَّوْبَةُ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْآثَامِ، يَقُولُ الْحَقُّ سُبْحَانَهُ: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10-12].
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: "هَذِهِ الْآيَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاسْتِغْفَارَ يُسْتَنْزَلُ بِهِ الرِّزْقُ وَالْأَمْطَارُ".
وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: "أَيْ: إِذَا تُبْتُمْ وَاسْتَغْفِرْتُمُوهُ وَأَطَعْتُمُوهُ كَثَّرَ الرِّزْقَ عَلَيْكُمْ".
وَاعْلَمُوا -رَعَاكُمُ اللَّهُ- أَنَّ الِاسْتِغْفَارَ الْمَقْصُودَ لَيْسَ بِاللِّسَانِ فَحَسْبُ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُوَافِقَ الْقَلْبُ اللِّسَانَ أَثْنَاءَ الِاسْتِغْفَارِ؛ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: "اسْتِغْفَارُنَا يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِغْفَارٍ".
فَإِذَا مَا اسْتَغْفَرَ الْعَبْدُ ثُمَّ لَمْ يَجِدْ نَتِيجَةً لِاسْتِغْفَارِهِ، وَلَا سَعَةً فِي رِزْقِهِ؛ فَلْيَعْلَمْ أَنَّ الْخَلَلَ فِيهِ لَا فِي غَيْرِهِ، وَلَرُبَّمَا كَانَ وَاقِعًا فِي ذَنْبٍ عَظِيمٍ بِسَبَبِهِ حُرِمَ الرِّزْقَ مِنَ الرَّزَّاقِ الْعَلِيمِ، فَفِي الْحَدِيثِ: « وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ ».
رَابِعًا: مَنْ أَرَادَ حُصُولَ الرِّزْقِ وَالْبَرَكَةِ فِيمَا رُزِقَ؛ فَعَلَيْهِ بِالْإِنْفَاقِ وَالصَّدَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَقُولُ الرَّزَّاقُ الْعَلِيمُ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39] فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: « يَا ابْنَ آدَمَ، أَنْفِقْ، أُنْفِقْ عَلَيْكَ ».
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: « مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا ». وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: « أَنْفِقْ يَا بِلَالُ، وَلَا تَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلَالًا ».
فَيَا مَنْ أَرَدْتُمْ سَعَةَ الرِّزْقِ وَزِيَادَتَهُ، أَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَتَصَدَّقُوا عَلَى الْأَرَامِلِ وَالْمُحْتَاجِينَ، وَأَوْقِفُوا شَيْئًا مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي أَعْطَاكُمْ، وَارْحَمُوا الضُّعَفَاءَ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ.
خَامِسًا: مِنَ الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ لِكَسْبِ الرِّزْقِ هُوَ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ بِقَلْبٍ فَارِغٍ عَمَّا سِوَاهُ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: « إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ، تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلَأْ صَدْرَكَ غِنًى، وَأَسُدَّ فَقْرَكَ، وَإِلَّا تَفْعَلْ مَلَأْتُ يَدَيْكَ شُغْلًا وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ ».
وَالْمَقْصُودُ بِالتَّفَرُّغِ الْمَطْلُوبِ: هُوَ أَنْ يُفَرِّغَ الْعَبْدُ قَلْبَهُ أَثْنَاءَ الْعِبَادَةِ عَمَّا سِوَاهَا؛ فَمَثَلًا: فِي الصَّلَاةِ لَا يَكُونُ مِنَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ بِأَجْسَادِهِمْ وَقُلُوبُهُمْ مَشْغُولَةٌ بِأُمُورِ الدُّنْيَا، وَهَكَذَا فِي بَقِيَّةِ الطَّاعَاتِ وَالْعِبَادَاتِ.
أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُغْنِيَنِي وَإِيَّاكُمْ بِحَلَالِهِ عَنْ حَرَامِهِ، وَبِفَضْلِهِ عَمَّنَ سِوَاهُ، وَأَنْ يَرْزُقَنَا بَرَكَةً فِي الْأَرْزَاقِ وَالْأَمْوَالِ وَالْأَعْمَالِ وَالْأَعْمَارِ، قُلْتُ مَا قُلْتُ، إِنْ صَوَابًا فَمِنَ اللَّهِ، وَإِنْ أَخْطَأْتُ فَمِنْ نَفْسِي وَالشَّيْطَانِ، وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْهُ بَرِيئَانِ.
وَأَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَلِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
♦ ♦ ♦


الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي شَرَعَ الدِّينَ وَيَسَّرَهُ، وَوَعَدَ بِالثَّوَابِ وَكَثَّرَهُ، وَخَلَقَ الْإِنْسَانَ فَقَدَّرَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا مَزِيدًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. أَمَّا بَعْدُ:
أَيُّهَا النَّاسُ: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ قَدْ تَكَفَّلَ بِرِزْقِ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، فَلَمْ يَتْرُكْهُمْ هَمَلًا، بَلْ قَدَّرَ مَقَادِيرَهُمْ وَكَتَبَ أَرْزَاقَهُمْ، وَلَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا؛ فَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «إِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ».

عِبَادَ اللَّهِ: الْأَسْبَابُ الشَّرْعِيَّةُ لِكَسْبِ الرِّزْقِ كَثِيرَةٌ، يَصْعُبُ فِي هَذَا الْمَقَامِ حَصْرُهَا، وَلَكِنْ أَخْتِمُ بِسَبَبٍ عَظِيمٍ يُعَدُّ مِنْ أَهَمِّ الْأَسْبَابِ لِنَيْلِ الْمَطَالِبِ مَهْمَا بَلَغَتْ، وَهَذَا السَّبَبُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ أَحَدٌ إِلَّا وَسَّعَ اللَّهُ فِي رِزْقِهِ، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ؛ إِنَّهُ الدُّعَاءُ، وَسُؤَالُ رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ. فَمَنْ ضَاقَ رِزْقُهُ، وَقَلَّتْ عَلَيْهِ مَصَادِرُهُ، وَمَنْ عَظُمَ عَلَيْهِ الْهَمُّ، وَكَثُرَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، فَلْيَقْرَعْ بَابَ اللَّهِ الَّذِي لَا يَخِيبُ قَارِعُهُ، وَلْيَسْأَلِ اللَّهَ -جَلَّ جَلَالُهُ-، فَهُوَ الْكَرِيمُ الْجَوَادُ الَّذِي مَا وَقَفَ أَحَدٌ بِبَابِهِ فَرَدَّهُ خَائِبًا، وَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ يَا مَنْ أَرَدْتُمْ سَعَةَ الْأَرْزَاقِ، وَأَكْثِرُوا مِنَ الثَّنَاءِ، وَعَظِّمُوا الرَّجَاءَ فِي رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، فَإِنَّ خَزَائِنَ اللَّهِ مَلْأَى، وَهُوَ الْقَائِلُ سُبْحَانَهُ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: «يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَجِنَّكُمْ وَإِنْسَكُمُ، اجْتَمَعُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلُونِي جَمِيعًا فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ؛ لَمْ يَنْقُصْ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا غُمِسَ فِي الْبَحْرِ..».
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا -رَحِمَكُمُ اللَّهُ- عَلَىَ مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ، كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الْأَحْزَاب: 56].
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.72 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.00 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (2.97%)]