لقبول المحل لا بد من تفريغه من ضده - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         "ليبطئن"... كلمة تبطئ اللسان وتفضح النية! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          لطائف من القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 100 )           »          تفسير قوله تعالى: ﴿إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه... ﴾ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3115 - عددالزوار : 469608 )           »          مع سورة المعارج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 7 )           »          من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: أجوبته الإعجازية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          الصفات الفعلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          رعاية الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم وكفايته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          هل أنت راض حقا؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          لقبول المحل لا بد من تفريغه من ضده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم اليوم, 05:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,491
الدولة : Egypt
افتراضي لقبول المحل لا بد من تفريغه من ضده

لقبول المحل لا بد من تفريغه من ضده

إبراهيم الدميجي

الحمد لله وحده، أما بعد:
فلا يجتمع النقيضان ولا يرتفعان جميعًا، فلا اجتماع للضدين، ولا رفع لكليهما، بل لابد من وجود أحدهما، ورفع الآخر المضاد، وكما قيل: التخلية قبل التحلية[1]، وهذا بابٌ عظيم من أبواب الفقه في الدين، وهو لباب البراءة من الشـرك والكفر بالطاغوت أولًا، ثم الشهادة بالتوحيد ثانيًا، وهذا مجتمع في كلمة التوحيد: (لا إله إلا الله)، وفي التنزيل من قول إبراهيم خليل الرحمن: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ [الزخرف: 26، 27]، وقال تعالى: ﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة: 256]، ونحو ذلك.


قال ابن القيم رحمه الله: «قَبول المحل لما يوضَع فيه مشروطٌ بتفريغه من ضده، وهذا كما أنه في الذوات والأعيان، فكذلك هو في الاعتقادات والإرادات، فإذا كان القلب ممتلئًا بالباطل اعتقادًا ومحبة، لم يبق فيه لاعتقاد الحق ومحبته موضعٌ، فكما أن اللسان إذا اشتغل بالتكلم بما لا ينفع، لم يتمكن صاحبه من النطق بما ينفعه، إلا إذا فرَّغ لسانه من النطق بالباطل، وكذلك الجوارح إذا اشتغلت بغير الطاعة، لم يمكن شغلها بالطاعة إلا إذا فرغها من ضدها، فكذلك القلبُ المشغولُ بمحبة غير الله وإرادته، والشوق إليه والأنس به، لا يمكن شغله بمحبة الله وإرادته وحبه، والشوق إلى لقائه؛ إلا بتفريغه من تعلُّقه بغيره، ولا حركة اللسان بذكره والجوارح بخدمته، إلا إذا فرغها من ذكر غيره وخدمته، فإذا امتلأ القلب بالشغل بالمخلوق والعلوم التي لا تنفع، لم يبقَ فيها موضعٌ للشغل بالله ومعرفة أسمائه وصفاته وأحكامه.


وسرُّ ذلك أن إصغاء القلب كإصغاء الأذن، فإذا صغى إلى غير حديث الله، لم يبق فيه إصغاء ولا فَهمٌ لحديثه، كما إذا مال إلى غير محبة الله، لم يبق فيه ميلٌ إلى محبته، فإذا نطق القلب بغير ذكره، لم يبقَ فيه محل للنطق بذكره كاللسان.


ولهذا في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لأن يَمتلئ جوفُ أحدكم قيحًا حتَّى يَرِيَهُ خيرٌ له من أن يَمتلئ شعرًا»[2]، فبيَّن أن الجوف يَمتلئ بالشعر.


فكذلك يمتلئ بالشُّبه، والشكوك، والخيالات، والتقديرات التي لا وجود لها، والعلوم التي لا تنفع، والمفاكهات، والمضحكات، والحكايات ونحوها.


وإذا امتلأ القلب بذلك جاءته حقائق القرآن والعلم الذي به كمالُه وسعادته، فلم تجد فيه فراغًا لها ولا قبولًا، فتعدَّتْهُ وجاوَزته إلى محلٍّ سواه، كما إذا بذلت النصيحة لقلب ملآن مِن ضدِّها، ولا منفذ لها فيه، فإنه لا يَقبَلها ولا تَلِج فيه، لكن تَمر مُجتازةً لا مُستوطنةً، ولذلك قيل:
نَزِّه فؤادك من سوانا تلقَنا
فجَنابُنا حِلٌّ لكل مُنَزَّه
والصبر طِلَّسْمٌ لكنزِ وِصالنا
من حلَّ ذا الطِّلَّسْم فازَ بكَنزه[3]




وقال رحمه الله في موطنٍ آخرَ[4]: «والله سبحانه لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه، فبقدرِ ما يدخل القلب مِن همٍّ وإرادة وحبٍّ، يخرج منه همٌّ وإرادة وحب يُقابله، فهو إناء واحد والأشربة متعددة، فأي شراب ملأه لم يبقَ فيه موضعٌ لغيره، وإنما يمتلئ الإناء بأعلى الأشربة إذا صادَفه خاليًا، فأما إذا صادفه ممتلئًا من غيره، لم يساكنه حتى يخرج ما فيه، ثم يَسكُن موضعَه؛ كما قال بعضهم[5]:
أتاني هواها قبلَ أن أَعرِف الهوى
فصادَف قلبًا خاليًا فتمكَّنا




ففقرُ صاحب هذه الدرجة تفريغُه إناءَه من كل شراب غير شراب المحبة والمعرفة؛ لأن كل شراب مُسكر ولابد، وما أسكَر كثيرُه فقليله حرامٌ، وأين سكر الهوى والدنيا من سكر الخمر؟! وكيف يوضَع شراب التسنيم الذي هو أعلى أشربة المحبين في إناء ملآن بخمر الدنيا والهوى؟! ولا يفيق من سَكره ولا يَستفيق، ولو فارَق هذا السكر القلب لطار بأجنحة الشوق إلى الله والدار الآخرة، ولكن رَضِيَ المسكين بالدُّون، وباع حظَّه مِن قُرب الله ومعرفته وكرامته بأخسِّ الثمن، صفقة خاسرٍ مغبون، فسيَعلم أيَّ حظٍّ أضاع إذا فاز المحبون وخسِر المبطلون، والله المستعان، وعليه التُّكلان، ولا حول ولا قوة إلا به.

[1] وفي صحة هذه العبارة نقاش.
[2] متفق عليه، البخاري (6155)، ومسلم (2257) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[3] الفوائد (ص43).
[4] نقلًا عن إحسان سلوك العبد المملوك، للشيخ عبد الكريم الحميد (ص113)، وانظره في: (طريق الهجرتين) (1/ 38).
[5] وهو مجنون ليلى.








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 50.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 49.09 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.29%)]