|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ثمرات وفضائل حسن الخلق عدنان بن سلمان الدريويش إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد: فأوصيكم - أيها المؤمنون - ونفسي بتقوى الله؛ فهي العصمة من البلايا، والمَنعة من الرزايا؛ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]. يا عباد الله، حُسنُ الخُلُق: هو جماع الخير كله، من أعمال برٍّ ومعاملة للآخرين بالطريقة التي يحب الشخص أن يعاملوه بها، والتي تكون بالطرق المباحة والمشروعة، وبالمعاشرة الحسنة؛ كطلاقة الوجه، ولين الجانب، ومقابلة السيئة بالحسنة؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((اتَّقِ الله حيثما كنتَ، وأتبع السيئة الحسنة تمحُها، وخالِقِ الناس بخلق حسن))؛ [صحيح الترغيب]؛ قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله: "هو خلق فاضل عظيم، أساسه الصبر، والحِلم، والرغبة في مكارم الأخلاق، وآثاره العفو، والصفح عن المسيئين، وإيصال المنافع إلى الخلق أجمعين... وجمع الله سبحانه ذلك في آية واحدة؛ فقال تعالى: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199]". يا عباد الله، جاء في صحيح الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا))، وجاء في صحيح الجامع، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من شيءٍ يُوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق، وإن صاحب حسن الخلق لَيبلغ به درجةَ صاحب الصوم والصلاة)). أيها المسلمون، حسن الخلق يكون مع الله سبحانه مثلما يكون مع الآخرين، فمع الله سبحانه يكون بتصديق ما جاء به في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والرضا بما قدَّر عليه من أقدار الدنيا، وأن يتلقَّاها بدون تضجر ولا حزن ولا أسًى؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 34، 35]. ولحسن الخلق - يا عباد الله - فضائلُ وثمرات؛ منها: أولًا: أنه سبب من أسباب دخول الجنة: قال صلى الله عليه وسلم: ((أنا زعيم ببيت في ربَضِ الجنة لمن ترك المِراء وإن كان محقًّا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسُن خُلقه))؛ [رواه أبو داود]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه: ((سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يُدخل الناس الجنةَ، فقال: تقوى الله، وحسن الخلق، وسُئل عن أكثر ما يدخل الناس النار، فقال: الفمُ والفَرْجُ))؛ [رواه الترمذي]. ثانيًا: أن صاحبه مشهود له بالخيرية: جاء في الصحيحين عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: ((لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشًا، ولا متفحشًا، وكان يقول: إن من خياركم أحسنكم أخلاقًا)). ثالثًا: أنه سبب في محبة الله سبحانه، ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: ﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: 195]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقًا))؛ [رواه الترمذي]. رابعًا: أن صاحبه مشهود له بكمال الإيمان: عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خُلقًا، وخياركم خياركم لنسائهم))؛ [رواه الترمذي]. خامسًا: أنه أثقل شيء في الميزان يوم القيامة: قال صلى الله عليه وسلم: ((ما من شيءٍ أثقل في الميزان من حسن الخلق))؛ [رواه أبو داود]. سادسًا: أنه أفضلُ شيء يُعطاه العبد المسلم: عن أسامة بن شريك رضي الله عنه، قال: ((قالوا: يا رسول الله، ما أفضل ما أُعطي المرء المسلم؟ قال: حسنُ الخلق))؛ [رواه أحمد]. سابعًا: أنه من أسباب رفع الدرجات: قال صلى الله عليه وسلم: ((إن المؤمن يدرك بحسن خلقه درجاتِ قائم الليل صائمِ النهار))؛ [رواه أبو داود]. ثامنًا: أن صاحبه يبارَك له في الديار والأعمار: عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: ((إنه من أُعطي حظه من الرفق، فقد أُعطي حظه من خير الدنيا والآخرة، وصِلة الرحم، وحسنُ الخلق، وحسن الجوار يعمُران الديار، ويزيدان في الأعمار))؛ [رواه أحمد]. نفعني الله وإياكم بهديِ نبيه وبسُنة نبيه صلى الله عليه وسلم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين والمسلمات، من كل خطيئة وإثمٍ، فاستغفروه وتوبوا إليه، إن ربي لغفور رحيم. الخطبة الثانية الحمد لله، خلق فسوَّى، وقدَّر فهدى، وصلى الله وسلم على نبي الرحمة والهدى، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى؛ قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ﴾ [النساء: 1]؛ أما بعد عباد الله:فكما أن لحسن الخلق فضائلَ وثمراتٍ، فإن لسوء الخلق دركاتٍ وظلمات على صاحبها؛ جاء في صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنِيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه، أُخذ من خطاياهم، فطُرحت عليه، ثم طُرح في النار))، وجاء في صحيح الأدب المفرد أنه: ((قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار، وتفعل، وتصدق، وتؤذي جيرانها بلسانها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا خير فيها، هي من أهل النار))؛ [رواه البخاري]. هذا، وصلُّوا وسلِّموا - عباد الله - على نبيكم؛ استجابة لأمر ربكم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ وسلم على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم. اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، واخذل أعداءك أعداء الدين، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، وألِّف بين قلوبهم، واجمع على الحق كلمتهم، ربنا آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقِنا ووالدينا عذاب القبر والنار. عباد الله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]؛ فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |